العلاقات المغربية الإيرانية استمرار في التحسن

undefined

المغرب بعيد جغرافيا عن إيران لكنه ضمن دائرة الاهتمام المتزايد للسياسة الخارجية الإيرانية بمنطقة المغرب العربي عموما، وقد مرت العلاقة بين الدولتين بمراحل بدءا من التوافق السياسي زمن شاه إيران محمد رضا بهلوي، إلى القطيعة بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، لتتلوها مرحلة انفتاح سياسي في الآونة الأخيرة أثمرت حضورا دبلوماسيا وثقافيا إيرانيا نشيطا في المغرب.

التوافق قبل ثورة إيران
تميزت العلاقة بين المغرب وإيران قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران بنوع من التوافق السياسي بما يعنيه من تمثيل دبلوماسي ارتقى لحدود التنسيق مع المخابرات الإيرانية (السافاك) أحيانا، مع استحضار البعد الشخصي في العلاقة بين الملك الراحل الحسن الثاني وشاه إيران.

ولم تمر مرحلة التوافق تلك دون وجود قضايا كانت تثير ردود أفعال من الجانبين، إلا أن الدولتين حافظتا على علاقتهما مع الاختلاف حول تلك القضايا وأهمها:

  • دعوة الملك الحسن الثاني الشاه إلى تسوية قضية الجزر الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، واعتبارها غير إيرانية، وهو ما كان يثير رد فعل الشاه على ذلك.
  • رفض الشاه التنازل عن صفقة طائرات الفانتوم التي طلبها المغرب من الأميركيين وراهنت  الرباط للحصول عليها على طبيعة العلاقة بين الملك والشاه، وكان الجزء الأكبر من الصفقة قد طلبته إيران.
قطيعة بعد انتصار الثورة
دخلت الدولتان مرحلة القطيعة بعد قيام الثورة في إيران وسقوط نظام الشاه، واتخذ خلالها المغرب موقفا مناقضا للنظام الجديد هناك، ثم انقطعت العلاقة بين البلدين عام 1981 نتيجة إعلان المغرب منح حق اللجوء السياسي للشاه.
 

"
عمل المغرب داخليا على التصدي لكل ما اعتبره محاولات لتصدير الثورة الإيرانية إليه

"

وعمل المغرب داخليا على التصدي لكل ما اعتبره محاولات لتصدير الثورة إليه، يضاف إلى ذلك الموقف الإيراني من قضية الصحراء الداعم لاستقلال الشعب الصحراوي ليزيد من عمق الهوة بين الدولتين.
 

وأثناء الحرب العراقية الإيرانية أبدى الملك الحسن الثاني في مؤتمر القمة العربية الثاني عشر المنعقد بفاس في المغرب عام 1982 استعداده، إلى جانب باقي الدول العربية، تنفيذ التزاماته نحو العراق بموجب معاهدة الدفاع المشترك العربية في حالة عدم استجابة إيران واستمرارها في الحرب.
 
نشاط إيراني في ظل الانفتاح 
عاد التمثيل الدبلوماسي الإيراني إلى المغرب بعد سنوات من القطيعة، وافتتحت السفارة الإيرانية في الرباط عام 1991 لتدخل علاقة الدولتين مرحلة جديدة من الانفتاح السياسي شهدت تغيرا في مواقف إيرانية سابقة خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء، حيث تدعم إيران حاليا تسوية هذا الملف من خلال قرارات الأمم المتحدة، ويقابله إقرار المغرب بحق إيران في استعمال الطاقة النووية في الأغراض السلمية.

وقد أثمرت مرحلة الانفتاح الجديد في عهد الرئيسين الإيرانيين محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد نشاطا دبلوماسيا إيرانيا متزايدا على المستوى السياسي والفكري، وكذلك في الحقل الديني حيث يشارك عدد من علماء الدين الإيرانيين مثل محمد علي التسخيري في الأنشطة والدروس الحسنية التي تعقد منذ أيام الملك الحسن الثاني في شهر رمضان.

فعلى الصعيد السياسي هناك حراك دبلوماسي بين الدولتين عكسته الزيارات المتبادلة على مستوى وزراء الخارجية، بداية من زيارة وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر ولايتي عام 1997 وبعده وزير الخارجية الإيراني السابق كمال خرازي عام 2004، وآخرها زيارة وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي للمغرب، حيث وقعت الدولتان في الخامس من فبراير/شباط 2007 على مذكرة تفاهم تشمل إقامة آليات للمشاورة السياسية بين الدولتين على مستوى وزراء الخارجية.

"
للسفارة الإيرانية في المغرب نشاط من خلال البوابة الثقافية والفكرية لكسب المزيد من الحضور
"
ويقابل ذلك زيارات للرسميين المغاربة آخرها زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي محمد بن عيسى طهران ولقائه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عام 2006.
 

كما أن للسفارة الإيرانية في المغرب نشاطا متواصلا من خلال البوابة الثقافية والفكرية لكسب المزيد من الحضور، ويظهر ذلك من خلال:
  • إقامة المعارض الفنية، كما هو الشأن بالنسبة لمعرض الفنون الإيرانية القرآنية في تطوان شمالي البلاد عام 2004 بإشراف السفارة الإيرانية.
  • معارض اللوحات الفنية والجمالية القرآنية داخل السفارة الإيرانية في الرباط عام 2006.
  • المعرض الدولي للكتاب الذي يشهد حضورا إيرانيا مكثفا على مستوى دور النشر الإيرانية والشخصيات الفكرية والكتب ذات المرجعية الشيعية.
  • اتفاقيات التعاون العلمي بين الجامعات المغربية ونظيراتها في إيران، واستقدام أساتذة إيرانيين لتدريس اللغة الفارسية.
  • دعم السفارة الإيرانية بالمنح المالية عددا من الطلبة المغاربة الذين تشجعهم على الالتحاق بمدينة قم الإيرانية للدراسة.

وقد أثار الحضور الإيراني بعض الجدل في الآونة الأخيرة في بعض المنابر الإعلامية التي تحاول ربط ملف التشيع في المغرب بالدعم والدور الإيراني. وقد صرح وزير الأوقاف المغربي أحمد توفيق بأن الدولة لا تجهل الوجود الشيعي في المغرب.

وأشار بعض المهتمين بالشأن الشيعي في المغرب ضمن تلك المنابر إلى مظاهر التأثر بالخط العقدي والسياسي الإيراني لبعض مكونات الحركة الإسلامية مثل جماعة العدل والإحسان أو بعض من كانوا ينتمون إلى حركة البديل الحضاري.

ويغذي الجدل أيضا بروز عدد من الجمعيات الثقافية الشيعية خصوصا في مدينة مكناس كجمعية الغدير، ووجود عدد من المجلات والدوريات ذات الخط السياسي الشيعي مثل المنهاج، والمنطلق الجديد، والحوار، والمنطلق.

_______________
الجزيرة نت

المصادر: 
1- موقع جريدة الوفاق www.al-vefagh.com
2- www.avmaroc.com موقع البوابة  المغربية 
3- حوار مع مستشار الملك السابق عبد الهادي بوطالب، سنة 2001، عدد 8084  www.asharqalawsat.com
4- موقع جريدة (le matin)  المغربية 
http://www.lematin.ma/Info/Article.asp?id=576 
5- موقع حكومي مغربي  
http://www.pm.gov.ma/ar/detail.aspx?id=733&cat=6&Lg=Fr
6- وكالة الأنباء الإيرانية
http://www.irna.com/ar/news/view/line-26/0606186924180304.htm
7- الشيعة المغاربة بين الولاء لإمارة المؤمنين ولمرجعياتهم الفكرية في الشرق، جريدة الصحيفة المغربية، (أغلقت) عدد 31 سنة 2006.

المصدر : الجزيرة