القوات الأجنبية في العراق بعد عامين


undefined

محمد عبد العاطي

تعد القوات الأميركية أهم قوة أجنبية في العراق سواء من ناحية الحجم أو التسليح أو طبيعة المهمات التي تقوم بها، فحجم هذه القوات يتراوح حسب المصادر الرسمية الأميركية بين 135 و 145 ألف جندي، يتركزون بصورة مكثفة في مناطق الوسط والشمال وبعض مناطق الجنوب، بينما توجد هناك أيضا قوات من أكثر من ثلاثين دولة يتجاوز عددها 28 ألف جندي، وقد أعلنت كثير من هذه الدول سحب جنودها خلال العام الثاني من الاحتلال.

"
أثر طول بقاء القوات الأميركية العاملة في العراق والتي كانت مجهزة لمواجهة جيوش قوى عظمى على الكفاءة العسكرية لهذه القوات مما سينعكس سلبا على أداء الجيش الأميركي عالميا
ستيفن بلوم
 قائد الحرس والوطني الأميركي
"

القوات الأميركية بعد عامين
بعد عامين من غزو العراق بدأ الحديث العلني يتزايد عن تأثير البقاء في العراق على الجيش الأميركي بصفة عامة سواء العامل داخل الأراضي العراقية أو المنتشر في أماكن أخرى من العالم.

هذه التأثيرات يمكن اختصارها كما جاءت على لسان الجنرال ستيفن بلوم قائد الحرس الوطني الأميركي أمام جلسة استماع للجنة الشؤون العسكرية بالكونغرس في فبراير/ شباط الماضي في النقاط التالية:

  • ضعف الكفاءة التدريبية لقوات جهزت لمواجهة جيوش دول عظمى فإذا هي وعلى مدى عامين تواجه مجموعات مسلحة من "المتمردين والإرهابيين".
  • لم يعد بإمكان الجيش الأميركي ضمان حسم سريع قليل التكلفة إذا ما دخل في مواجهات مسلحة شاملة على جبهات حساسة أخرى كإيران وكوريا الشمالية، حيث لا يمكنه سحب قواته من العراق ليضمن نجاحه في مثل هذه المواجهات، ولا يمكنه في الوقت نفسه زيادة أعداد جنود الاحتياط حيث أنها قد جاوزت المسموح به ولم يعد هناك المزيد لتحقيق ذلك.
  • يعيش حوالي 70% من الجنود الأميركيين في العراق حالة من التراخي والكسل المصحوب بنوبات من الاكتئاب لطول فترة بقائهم في العراق في ظل بيئة عمل قاسية من ناحية الظروف المناخية والحياتية مما أدى إلى هروب حوالي ستة آلاف جندي من الخدمة.
  • تأثر بهذه الحالة قرابة 70% أيضا من الشباب الأميركي الذين هم في سن التجنيد فأصبحوا زاهدين في الالتحاق بالمؤسسة العسكرية وباتوا ينظرون إليها على أنها ليست المكان الأمثل لتحقيق أحلامهم، وهي حالة مشابهة لما ساد قبل عقود أثناء الحرب على فيتنام.

كذلك تزايد حجم الخسائر الأميركية البشرية والمادية خلال العامين الماضيين، حيث بلغ عدد القتلى بين صفوف الجنود الأميركيين منذ إعلان الرئيس بوش انتهاء العمليات العسكرية في مايو/ أيار 2003 حتى الآن -حسب المصادر الأميركية- 1520 جنديا إلى جانب أكثر من عشرة آلاف جريح.

أما التكاليف المادية فبلغت حصيلتها أرقاما ضخمة تجاوزت منذ بدء الحرب في مارس/ آذار 2003 حتى الآن 270 مليار دولارمنها (150 مليار دولار) تكلفة مباشرة للحرب، والباقي تكلفة غير مباشرة تأخذ في عين الاعتبار حساب تأثير الحرب وتداعياتها على النمو الاقتصادي (3.7% سنويا بدلا من 4.7% لو لم تقم الحرب).

ورغم ذلك فإن واشنطن لم تأت حتى الآن على الحديث عن عزمها الخروج من العراق، لكن بعض القادة العسكريين الأميركيين أعلنوا أن أعداد القوات الأميركية في العراق يمكن تخفيضها بدءا من العام المقبل وبشكل تدريجي يتناسب وتطور عملية إعداد قوات الأمن العراقية.

القوات الأجنبية الأخرى

undefinedتمثل القوات غير الأميركية العاملة ضمن القوة المتعددة الجنسيات في العراق منذ بداية الحرب في 20 مارس/ آذار 2003 حتى مارس/ آذار الماضي حوالي 20% من مجموع القوات الأجنبية الموجودة هناك (بحساب الحد الأعلى لعدد القوات الأميركية وهو 145 ألف جندي). هذه النسبة تتجاوز بقليل 28 ألف جندي يمثلون نحو 25 دولة بعد انسحاب قوات إحدى عشرة دولة خلال العام الثاني من الغزو.

ومن بين الخمس والعشرين دولة هذه تأتي خمس دول على رأس قائمة القوات غير الأميركية العاملة في العراق التي يزيد عدد قواتها العاملة هناك عن الألف، هذه الدول هي:

الدول التي يزيد عدد قواتها في العراق عن ألف جندي

م

الدولة

عدد القوات

1

المملكة المتحدة

12.400

2

كوريا الجنوبية

3.600

3

إيطاليا

3.169

4

بولندا

1.700

5

أوكرانيا

1.450

واللافت للنظر أن أعداد القوة المتعددة الجنسيات كثيرة التغير سواء بالزيادة أو بالنقصان، فمنذ مارس / آذار 2004 إلى الآن شهدت ساحة الوجود العسكري لهذه القوات التغيرات التالية:

أولا: قوات انسحبت من العراق:
وهي القوات التابعة لإحدى عشرة دولة أعلنت رسميا عن سحب قواتها من العراق وتم ذلك بالفعل.

ثانيا: قوات تعتزم الانسحاب:
وهي قوات خمس دول أعلنت عزمها على الانسحاب، وحدد بعضها تاريخ بدء وانتهاء هذا الانسحاب، بينما اكتفى بعض آخر بتحديد تاريخ البدء وترك تاريخ الانتهاء مفتوحا.

ثالثا: قوات تعتزم تخفيض أعدادها:
والفئة الثالثة هي قوات الدول التي قررت تخفيض أعداد قواتها العاملة في العراق تدريجيا، ويبلغ تعدادها كذلك خمس دول.

رابعا: قوات أعلنت زيادة أعداد قواتها:
وعلى عكس الاتجاه الذي ساد خلال العام الثاني للغزو من رغبة معظم الدول في سحب قواتها أو تخفيض أعدادها، فإن هناك دولا أعلنت عن زيادة أعداد قواتها العاملة في العراق.

قوات الشركات الخاصة

undefinedولا يقتصر الوجود العسكري الأجنبي في العراق على قوات الدول السابقة الذكر، ولكن واقع الحال يشهد نوعا آخر من القوات المسلحة يزيد تعداده عن ثلاثين ألفا وله فعالية كبيرة فيما تشهده الساحة العراقية وبخاصة خلال العام الثاني من الاحتلال.

في الرابع من مايو/ أيار الماضي ذكر وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد أمام لجنة استماع في مجلس الشيوخ "أن بالعراق قوات عسكرية تابعة لشركات خاصة يبلغ تعداد أفرادها ثلاثين ألفا".

وتقدم هذه القوات للجيش الأميركي في العراق خدمات كثيرة بدءا من العمليات القتالية المباشرة والدعم الأمني والاستخباري مرورا بتجهيز البنية التحتية للقواعد العسكرية وانتهاء بتوفير الخدمات الإدارية والتموينية.

وباستثناء شركات قليلة تعاقدت معها مباشرة وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" فإن البقية لا تخضع للمساءلة القانونية، سواء وفقا للقانون العراقي أو للقانون العسكري الأميركي. وقد ساعدها على ذلك البيان الذي أصدره الحاكم الأميركي الأسبق في العراق بول بريمر في يونيو/ حزيران 2003 والذي مدد العمل به في 27 يونيو/ حزيران 2004 والمعروف بـ "الأمر رقم 17" حيث نص على أن "يعفى أفراد هذه الشركات من المساءلة القانونية عن أي مخالفات يرتكبونها أثناء عملهم في العراق، ويسري العمل بهذا الأمر إلى حين تشكيل حكومة عراقية جديدة بعد انتخابات يناير/ كانون الثاني 2005".

ومع طي صفحة العام الثاني للاحتلال بكل ما فيها تبرز في زاوية المشهد الخاص بالقوات الأجنبية الموجودة في العراق علامتان كانتا واضحتين بقوة خلال الأشهر الماضية، أولاهما هو أن هذه القوات تحولت مهامها من تقديم الدعم والإسناد العسكري للجيش الأميركي إلى تقديم الدعم في مجال التدريب العسكري والأمني والإستخباري لقوات الجيش والشرطة وسائر المؤسسات الأمنية العراقية سواء داخل العراق أو خارجه.

وثانيهما يتعلق بدخول قوات أخرى على الخط، لكنها هذه المرة غير تابعة لدولة ما بصورة رسمية ولكنها تابعة لشركات خاصة تعمل خارج إطار المساءلة القانونية، وهو أمر من المتوقع أن تتفاقم المشكلات الناجمة عنه كلما طالت مدة بقاء الاحتلال الأميركي للعراق.

_______________
الجزيرة نت
المصادر:

Warriors for Hire in Iraq, Peter W. Singer, National Security Fellow, Foreign Policy Studies, The Brookings Institution, April 15, 2004

Non-US Forces in Iraq, 15 March 2005, Global Security org

U.S. Moves To Preserve Iraq Coalition Robin Wright and Josh White, Washington Post,Friday, February 25, 2005; Page A01

Two Years Later, Iraq War Drains Military, Heavy Demands Offset Combat Experience, By Ann Scott Tyson, Washington Post Staff Writer Saturday, March 19, 2005

المصدر : الجزيرة