ناصري: حكومة التناوب ساهمت في تدني مستوى المعيشة


undefinedاتصلت الجزيرة نت ببعض الأحزاب السياسية المغربية وطرحت عليهم بعض الأسئلة المتعلقة بالمشهد السياسي المغربي ومعوقات العمل السياسي الحزبي وتصور الحلول لتلك المعوقات وآفاق الخريطة السياسية المغربية في سياق انتخابات 27 سبتمبر/أيلول 2002 التي تعتبر رهانا جوهريا في تاريخ الانتخابات المغربية. ومن بين الأحزاب التي طرحنا عليها الأسئلة حزب الحركة الشعبية.

والحركة الشعبية حزب مغربي قديم حصل على الاعتراف القانوني في فبراير/ شباط 1959 عندما أسسه المحجوبي أحرضان وعبد الكريم الخطيب في سياق الخروج عن هيمنة الحزب الوحيد (حزب الاستقلال الذي كان أشد الأحزاب حضورا في الساحة المغربية يومها). وقد اختلف الزعيمان المؤسسان أحرضان والخطيب عام 1966 فانقسمت الحركة على نفسها، فاحتفظ أحرضان باسم الحزب وخرج الخطيب ليؤسس حزبا جديدا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 1986 انعقد المؤتمر الاستثنائي للحزب الذي أقال المحجوبي أحرضان فأصبح محمد العنصر رئيس الحركة الشعبية. وتأخذ الحركة الشعبية المرتبة الرابعة في مجلس النواب المغربي السابق حيث حصلت على 40 مقعدا في انتخابات 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1997. وتأتي بعد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (57 مقعدا) والاتحاد الدستوري (50 مقعدا) والتجمع الوطني للأحرار (46 مقعدا).

وقد أجاب على أسئلة الجزيرة نت السيد المصطفى ناصري، متحدثا باسم الحركة الشعبية فكان الحوار التالي.


undefinedكيف ترى الحركة الشعبية نفسها وهي تستعد لانتخابات ساخنة يترشح لها 26 حزبا تمثل مختلف التوجهات السياسية المغربية؟


ما يميز هذه الانتخابات في نظرنا هو: حرص الملك على شفافيتها، وكونها تحت إشراف حكومة تناوب توافقي لأول مرة

ناصري: أولا تجب الإشارة إلى أن الحركة الشعبية منذ نشأتها عام 1958 وهي تقوم بتأطير المواطن وتوعيته بحقوقه وواجباته. وعلى هذا الأساس شاركت في جميع الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، أضف إلى ذلك أن أول انتخابات تشريعية برلمانية كانت 1963 وخولت الحركة الشعبية رئاسة مجلس النواب آنذاك. وإذ تخوض الحركة الشعبية غمار استحقاقات 27 سبتمبر الجاري فهذا أمر عادي بالنسبة لمناضلي ومناضلات الحزب الذي يتصدر قائمة الأحزاب الوطنية ضمن الأحزاب التقليدية الكبرى.
وما يميز هذه المرحلة أنها تزامنت مع عهد جديد يقوده صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يحرص على شفافية ونزاهة هذه الانتخابات حتى تنبثق من صناديقها حكومة منسجمة ومسؤولة.
من جهة أخرى فإن هذه الانتخابات ولأول مرة تشرف عليها حكومة سياسية في إطار تناوب توافقي.
والجدير بالذكر أنه بالرغم من التغيير الحاصل على طريقة الاقتراع والانتقال من الاقتراع الأحادي الفردي إلى الاقتراع باللائحة مع أكبر بقية، فإن حزب الحركة الشعبية له ثقة كبيرة في قواعده وهياكله التنظيمية وارتبط برنامجه بالواقع المعاش في خوض معركة هذه الانتخابات بكل إرادة وعزم.


undefinedكيف تقومون تجربة التناوب بوصفكم حزبا من الوفاق يشكل أحد أحزاب المعارضة؟

ناصري: يرى حزب الحركة الشعبية أن التناوب على تسيير الشأن العام تجربة أسس معالمها جلالة المغفور له الحسن الثاني من أجل بناء صرح مغرب ديمقراطي متوازن، وهي التجربة الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي وقد وقع عليها توافق بين جميع مكونات المشهد السياسي.
ويرى حزب الحركة الشعبية أن التجربة مكسب سياسي يجب دعمها والانتقال بها من معطى متوافق عليه إلى تجربة قائمة بذاتها.


undefinedلكن حكومة التناوب وخاصة الاتحاد الاشتراكي يدخل الحملة الانتخابية الراهنة مقدما حصيلته في السنوات الماضية ويريد الاستمرار إذا نجح في مواصلة هذه الحصيلة.

ناصري: حصيلة الحكومة الحالية سلبية جدا، إذ هناك ركود اقتصادي وتراجع في الاستثمارات وتفاقم في ميزان العجز التجاري وتعميق الأزمة الاجتماعية. وهذا ما تترجمه الأرقام والإحصائيات الرسمية عن ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وهجرة الأدمغة.
إن المؤشرات والأرقام تبرهن على أن حكومة التناوب أسهمت في تدني المستوى المعيشي، فكل مغربي من بين خمسة يعيش تحت عتبة الفقر، ونسبة البطالة تجاوزت 20%، من جانب آخر فإن ظواهر اجتماعية أخرى قد تفشت بشكل ملحوظ كالرشوة والزبونية والمحسوبية.


undefinedعُرفت الحركة الشعبية التي زاد على أربعة عقود بكثرة الانشقاقات الداخلية وخروج الأحزاب من معطفها دواما، فكيف تفسرون هذه الظاهرة وما مدى تأثيرها خلال هذا الاستحقاق؟

ناصري: لا بد من الإشارة في البداية إلى أن حزب الحركة الشعبية جاء لمواجهة نظام الحزب الوحيد بالمغرب، وكان من مناصري التعددية الحزبية، وكان وراء صدور ظهير الحريات العامة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1958.
أما مسألة الانشقاقات الحزبية فهي ظاهرة عرفتها مختلف الأحزاب الوطنية وذلك على الرغم مما تسمونه بالانشقاق في صفوف الحركة، فإن الأمر يتعلق باختلافات وانسحابات شخصية لم تمس في العمق السير العادي للحزب، وغالبا ما ينشق أشخاص لهم المصلحة في إضعاف الحزب أو هم مدفوعون من طرف معين.
فخلال أربعة عقود وبالرغم من الانشقاقات، فإن الحزب احتفظ بمكاسبه ورصيده السياسي والتاريخي في مختلف المؤسسات المنتخبة، سواء على المستوى الجماعي أو البرلماني ويحتل دائما المرتبة الثالثة أو الرابعة في المشهد السياسي. وذلك ما يؤكد أن هذه الانشقاقات لا تأثير لها في نتائج الانتخابات ورصيد الحركة الشعبية عموما.
إذا كان المشهد السياسي قد عرف ميلاد العديد من الأحزاب السياسية فإن الحركة الشعبية مؤمنة بضرورة تشكيل تكتلات سياسية كبرى، وهذا ما يترجمه تحالفه الطبيعي والتقليدي مع الحركة الوطنية الشعبية يوم 27 يوليو/تموز 2002 بالرباط.


undefinedتراهن بعض الأحزاب المشكلة للحكومة على نزاهة هذه الانتخابات وشفافيتها فما هو رأيكم؟ وهل تعتقدون أن المجتمع المغربي الذي تغلب الأمية على كثير من شرائحه قادر على استيعاب الأنماط الانتخابية الجديدة؟


تعقيد نمط الاقتراع الجديد والأمية المتفشية بين صفوف المغاربة قد يسهمان في عرقلة عمليات التصويت وكثرة البطاقات اللاغية

ناصري: نرى أن المرحلة الراهنة هي مرحلة أساسية لتوطيد الديمقراطية بالمغرب ودعم أسس دولة الحق والقانون، ونعتبر أن هذه الاستحقاقات مناسبة للوصول إلى التغيير الحقيقي على أساس الشرعية والديمقراطية، وحضورنا في هذه الانتخابات كما في السابق محطة لترسيخ معالم الانتقال الديمقراطي، لذلك ندعو الحكومة إلى الوفاء بالتزاماتها والسهر على نزاهة الانتخابات وشفافيتها.
نحن في الحركة الشعبية متشبثون بضرورة إجراء الانتخابات في جو من الشفافية والنزاهة، لأن المغرب يراهن على نجاحها ليؤكد للعالم حقيقة استقراره الأمني والسياسي.
وفيما يخص الشق الثاني من سؤالكم فإن لنا في الحركة الشعبية في البداية موقفا واضحا إزاء نمط الاقتراع باللائحة على أساس أنه معقد وقد يسهم إلى جانب الأمية في عرقلة عمليات التصويت وكثرة البطاقات الملغاة، لكننا نؤمن بأن المغاربة رغم نسبة الأمية أذكياء، ويعرفون كيف يتعاملون مع طبيعة التصويت الذي أدخلت عليه تعديلات واقتراحات كنا قد أدلينا بها.


undefinedما هي الآفاق التي ستفتحها في نظركم هذه الانتخابات أمام جميع الفعاليات السياسية والمدنية في المغرب؟

ناصري: الآفاق التي تنتظرها الحركة الشعبية من استحقاقات 27 سبتمبر هي حصول التغيير الحقيقي ليأتي بفريق جديد يكون على مستوى التحديات التي تواجه المغرب، وأن يكون الهدف من هذه الانتخابات التي نريدها شفافة ونزيهة لإفراز حكومة قادرة على حل مشاكل المغرب وتجاوز الإكراهات الراهنة وتستجيب لمطالب الشعب المغربي المتمثلة في الرفع من الاستثمار وحل معضلة البطالة بصورة عامة وبطالة حاملي الشهادة بصورة خاصة، وإصلاح الإدارة والقضاء كمدخل أساسي لاستقطاب الاستثمار.
إن هدفنا الإستراتيجي هو بناء مجتمع حداثي أكثر تطورا وتقدما وأكثر ديمقراطية وعدلا دون الانسلاخ عن أصالتنا وقيم هويتنا.

المصدر : غير معروف