كلمة الأردن في مؤتمر القمة

undefinedبسم الله الرحمن الرحيم
صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني رئيس المؤتمر..
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرنا في الأردن قيادة وشعبا وحكومة أن نحظى بشرف استضافة مؤتمر القمة العربية الدوري الأول الذي يشكل خطوة فاعلة تجاه مأسسة العمل العربي المشترك فقد عكس قراركم في قمة القاهرة عقد مؤتمر القمة بشكل دوري. رؤى صادقة وتصميما واضحا على فتح آفاق جديدة للتعاون والتكامل العربي. فالآمال كبيرة والتحديات والمصالح المشتركة تفرض أن نعمل معا لتحقيق أمن الأمة ورخائها واستقرارها فأهلا بكم في بلدكم الثاني أردن الرباط الذي ماانفك يوما يعمل على تحقيق التضامن العربي وحماية مصالح الأمة.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو
يشهد العالم تحولات جذرية لا بد لنا من التعامل معها ضمن منهجية عمل عملية تحفظ حقوقنا وتحمي مصالحنا فهذا عصر التجمعات الكبيرة وآن لنا في العالم العربي أن نحقق التكامل في أطر مؤسسية عملية شفافة تجسد ما يجمعنا من روابط الأخوة والمصير المشترك وتهدف إلى تحقيق الأفضل لإنساننا العربي الذي يرنو إلى الوحدة ويستحق المستقبل المشرق الذي يوفر له فرص الإنجاز والتقدم والتميز. ويبشر مؤتمرنا هذا بالخير إذ يلتئم في إطار توافق قومي على ضرورة تحقيق المزيد من التقارب والتعاون فقد صدمتنا نتائج التجزئة والتفرقة ولا بد من تنقية الأجواء العربية وإزالة الخلافات التي أعاقت مسيرتنا تجاه التكامل والتضامن وبالتالي تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

ولن نستطيع تحقيق مطالبنا المشروعة وحماية حقوقنا القومية إذا لم نتعامل مع بقية دول وأقاليم العالم كمجموعة واحدة متكاملة ومنظمة ضمن أطر تعظم ما بيننا من جوامع وتحترم خصوصيات كل من دولنا. إننا نعيش في عصر العولمة الذي لا يحقق الانعزال فيه إلا التهميش والضعف وقد أصبح العالم بالفعل قرية كونية نشكل نحن جزءا رئيسيا منها ولا بد لنا من أن ننفتح على العالم على أسس تضمن لنا الحضور الذي نستحق على الساحة الدولية وتحفظ هويتنا القومية والثقافية فنحن أمة قدمت مساهمات كبيرة للحضارة الإنسانية ونحن قادرون بإرادتنا وثقافتنا وإرثنا الإنساني والثقافي على أن نتفاعل مع الغير بثقة وإيجابية. وقد آن الآوان لإعادة تقويم آليات التعاون والتنسيق فيما بيننا وصولا إلى أطر تعاون جديدة تعي روح العصر وتوفر لنا سبل التقدم والإنجاز.

ولا شك أن انعقاد قمتنا هذه يشكل بحد ذاته خطوة ناجعة على طريق التكامل المؤسسي المبني على التدرج والتراكمية والذي يحقق تطلعات وطموحات إنساننا العربي. وأمتنا تملك بحمد الله من مقومات الوحدة والإنجاز ما يفوق ما يمتلكه غيرنا من الشعوب التي استطاعت بإرادتها السياسية تحقيق الاندماج بشكل تراكمي تدريجي.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو
يتعرض أهلنا في فلسطين لأبشع أنواع القمع والظلم والممارسات التي تخرق كافة الشرائع الإنسانية والقانون الدولي ووصلت هذه الممارسات إلى حد تكسير العظام وقتل الأطفال واستهداف الشيوخ والنساء وقابلت إسرائيل الحجر بجيشها المدجج بالأسلحة الفتاكة في مواجهة غير متكافئة خلقتها هي على الأرض الفلسطينية.
ونهض الشعب الفلسطيني بكافة فئاته لرفع الظلم واستعادة الحق فأودع ثرى فلسطين منذ انطلاق انتفاضة الأقصى المباركة أكثر من 500 شهيد وخضب ترابها بدماء عشرات الألوف من الجرحى في الوقت الذي تردت فيه الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية إلى مستوى لا يمكن التعايش معه أو القبول به وخلقت إسرائيل حالة من عدم الثقة بإمكانية التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة من خلال خرقها للاتفاقات التي تم التوصل إليها وتنصلها وإنكارها لها وصار التسابق على القمع واستخدام العنف ممارسة يومية للقيادات الإسرائيلية على اختلاف توجهاتها السياسية وانتماءاتها الحزبية.

لقد اتفقت أمتنا على السلام خيارا استراتيجيا وفق مرجعيات واضحة ترتكز إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية خصوصا قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 و338 إضافة إلى مبدأ الأرض مقابل السلام ولن يتحقق السلام إلا بالالتزام المطلق
بالقرارات الدولية ذات الصلة وبتنفيذ ما تم التوصل إليه من اتفاقات واحترام ما أبرم من معاهدات.

ويدعو الأردن إسرائيل إلى أن تثبت جدية التزامها بالسلام من خلال وقف كافة أشكال التهديد والعدوان تمهيدا لإعادة العملية السلمية إلى مسارها الصحيح. إن قدرنا في الأردن أن نحمل عبئا ثقيلا من تبعات الصراع ونتائجه وقد قبلناه برجولة وصبر عظيمين ووظفنا معظم طاقاتنا وإمكاناتنا لخدمة القضية المركزية في هذا الصراع فشاطرنا الأخوة الفلسطينيين لقمة العيش وحملنا معهم الجراح وأوصلنا صوتهم إلى كل محفل دولي منطلقين في ذلك من حس عميق بالأخوة والمسؤولية القومية والمصير المشترك.

لقد عمل الأردن بكافة قدراته وإمكاناته على رد الهجمة التي يتعرض لها أخوتنا في فلسطين وساندهم وهم يدافعون عن الحق العربي وأعطى الأولوية لدعم السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من استعادة الأرض وتأسيس الدولة المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس. ودعا الأردن إلى تلبية قرار الأمم المتحدة 194 بخصوص حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين ملتزما بما ذهب إليه قرار الوحدة بين الضفتين عام 1950 والذي أكد على المحافظة على كامل الحقوق العربية في فلسطين ويعتبر الأردن حق العودة والتعويض مبدأ ثابتا لحل مشكلة اللاجئين وسيظل يدافع عنه حتى تحقيقه كما يؤكد دعوته إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 237 القاضي بعودة النازحين الفلسطينيين الذين أخرجوا من أرضهم نتيجة عدوان حزيران عام 1967.

إن الأردن الذي تحمل العبء الأكبر لقضية اللاجئين يؤكد من هذا المنبر أن السلم والاستقرار لن يعما في هذه المنطقة ما لم تلبى حقوقه وتؤمن مصالحه وحقوق الدول العربية المضيفة الأخرى ومصالحها وهذا موقف مبدئي ونهائي نريد أن يكون واضحا أمام المجتمع الدولي كله.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو..
إن القدس أصل راسخ من أصول الحقوق الشرعية الفلسطينية والعربية والإسلامية.. الدينية والسياسية والتاريخية.. والأردن يؤمن.. كما تؤمنون أن عودتها إلى هويتها ومكانتها العربية الإسلامية شرط لازم لتحقيق السلام. فالقدس أرض محتلة ينطبق عليها ما ينطبق على سائر الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.. خصوصا قراري مجلس الأمن 242 و 338 وعلى إسرائيل أن تنسحب منها بالإضافة إلى تنفيذ باقي استحقاقات القرارين المذكورين.

ومن هنا فإننا نعيد التأكيد على موقف الأردن الواضح بأن المساس بقضية القدس مساس بالكيان العربي والإسلامي وأن مصير القدس التفاوضي يجب أن لايكون في غير هذا الإطار وقد حرص الأردن.. كما تعلمون.. على عدم حدوث فراغ قانوني في المدينة لذلك تابع مسؤولياته في إدارة المقدسات الإسلامية ورعايتها سواء في باب الإعمار الهاشمي لقبة الصخرة المشرفة.. أو في مجال رعاية أوقافها والقائمين عليها.

إن القدس التي يتطلع الأردنيون وأمتهم الإسلامية وأخوانهم العرب المسلمون والمسيحيون إلى يوم استعادتها هي مفتاح السلام الدائم والشامل والعادل.. ومن الطبيعي أن نؤكد رفض أمتنا لسائر ادعاءات إسرائيل بالسيادة عليها وسنظل نراها عربية إسلامية.. وعاصمة لدولة فلسطين.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو
لقد قبل العرب خيار السلام انطلاقا من ثوابتهم الإنسانية والحضارية والسياسية واستجابة لتحولات عالمية في إطار إحلال التفاوض محل التصادم إلا إن ذلك لا يمكن أن يجعل مسؤولية تحقيق السلام علينا وحدنا فعلى الطرف الآخر أن لايغفل ما عليه من واجب التقدم نحو السلام بخطى مماثلة وواجب إبداء النوايا الجديدة التي لا تخفي وراءها سياسات التعصب والمراوغة وعليه أن يعلن التزامه بالسلام باعتباره استراتيجية ملزمة له، فالأمن الذي يطلبون، لن يتحقق لهم من خلال القوة وسلب حقوق الآخرين.

من هذا المنطلق، فإن الأردن يؤكد مساندته للأشقاء في سوريا للوصول إلى حقوقهم في أراضيهم وعودة الجولان حتى حدود الرابع من حزيران 1967، كما يثمن موقف الشقيقة سوريا الذي اتسم بالوضوح والعقلانية في تعاملها مع هذه القضية، إذ ظلت سوريا على التزامها بخيار السلام شريطة أن يلتزم الطرف الإسرائيلي بقرارات الشرعية الدولية.

كما يؤكد الأردن مساندته للأشقاء في لبنان وحقهم في استعادة ما بقي من أراضيهم تحت الاحتلال وخاصة مزارع شبعا، ويدعو إلى أن تكف إسرائيل عن جميع الممارسات التي تدفع المنطقة إلى المزيد من التوتر والعنف.

إن السلام الذي تطمح أمتنا إليه، وما تزال تسعى لتحقيقه هو السلام الشامل الذي ترضى به الأجيال وتدافع عنه، وهذا يعني استعادة الحقوق العربية كاملة في فلسطين والجولان السوري المحتل وجنوبي لبنان، ولن تنعم هذه المنطقة بالأمن والاستقرار إذا لم يتحقق ذلك.

وأود أن أضيف في سياق الحديث عن السلام الشامل اعتقادنا الراسخ بأن تدعيم السلم والأمن في منطقتنا يتطلب إخلاءها من سائر أسلحة الدمار الشامل، بحيث تطبق مبادىء الشرعية الدولية في هذا المجال بصورة تشمل إخضاع المنشآت النووية
الإسرائيلية للرقابة الدولية، ودفع إسرائيل للتوقيع على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية.

صاحب الجلالة 
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو 
لقد دفعت الأمة العربية ثمنا باهظا خلال السنوات العشر الماضية نتيجة لأزمة الخليج الناجمة عن احتلال العراق للكويت وقد آن الأوان لتجاوز هذه الأزمة، وفي الوقت الذي نؤكد فيه حرصنا التام على صون وحدة العراق أرضا وشعبا، ودعم استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، فإننا أحرص ما نكون على احترام استقلال دولة الكويت، ووحدة أراضيها وسيادتها ورفض أي تدخل في شؤونها.

إن ما يعانيه العراق الشقيق من حصار وغارات يومية قد أضر بقدراته وعطل تنميته وتقدمه، كما أضر بالمنطقة كلها وعرض استقرارها لمخاطر كبرى ومايزال ونحن نطالب برفع الحصار عن العراق ونطالب بوقف الغارات في منطقتي الحظر الجوي والتي تجري خارج إطار قرارات مجلس الأمن.

إن الحوار الشامل بين العراق والأمم المتحدة يجب أن يشكل الإطار الصحيح لسائر مايتصل بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بحيث يجري هذا الحوار على أسس العدل والموضوعية والالتزام الأمين بالشرعية الدولية . ويتطلب الخروج من هذه الأزمة حل جميع القضايا الإنسانية الناتجة عن الأزمة والحصار بما في ذلك إيجاد حلول عادلة للقضايا المتعلقة بالأسرى والمفقودين الكويتيين والمفقودين العراقيين والسعوديين وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمعايير الإنسانية.

إن صون أمن منطقة الخليج العربي يتطلب حرصا كاملا على عدم صدور ما يمكن أن يشكل تهديدا لأي من دولها وفي هذا الإطار فإن الأردن يؤكد دعمه لحق دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في السيادة على جزرها الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وفي رفضها لاحتلال إيران لهذه الجزر.. كما يدعم الأردن دولة الإمارات في الخطوات التي تتخذها لاستعادة جزرها الثلاث بالطرق السلمية بما في ذلك إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية، ويدعو جمهورية إيران الإسلامية إلى مقابلة استعداد دولة الإمارات العربية لحل هذه القضية عن طريق المفاوضات المباشرة، بموقف إيجابي، وعلى أساس علاقات حسن الجوار مع العالم العربي وبما يعزز هذه العلاقات ويحفظ استقرار المنطقة.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو
لقد أثبت تطور وقائع قضية لوكربي سلامة موقف ليبيا الشقيقة وحكمة قيادتها وشعبها في التعامل مع هذه القضية والوفاء بالتزاماتها نحوها ويؤكد الأردن اليوم مرة أخرى حق ليبيا الكامل في الإلغاء الفوري لإجراءات الحصار المفروض عليها ورفضه لمحاولات طغيان الاعتبارات السياسية على المسار القانوني لهذه القضية.
كما يعرب الأردن عن تضامنه التام مع السودان في موقفه من العقوبات المفروضة عليه ويؤكد دعمه الكامل لوحدة السودان في وجه أية محاولات لتقسيمه ويرفض أي تدخل خارجي في شؤونه ويجدد التأييد لمبادرة الإيجاد والمبادرة الليبية المصرية ويدعم الاستمرار في إجراء الحوار الوطني الشامل الهادف إلى الحفاظ على هوية السودان وسلامته الإقليمية.

إننا إذ نرحب بمشاركة فخامة الرئيس عبد القاسم صلاد حسن رئيس جمهورية الصومال الديمقراطية في هذه القمة فإننا نعرب عن الأمل بأن يتجاوز هذا القطر العربي الأزمة التي واجهها لفترة طويلة وأن يلقى من أمته ما يحتاجه من دعم وتأييد.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو
لقد أصبح النمو والتقدم الاقتصادي أهم مرتكزات القوة والسيادة والاستقرار في عصر سمته التنافسية بين كتل وتجمعات اقتصادية كبيرة ولقد أضعف تشتتنا الاقتصادي من قدرتنا على ولوج القرن الجديد ونحن نملك مقومات مواجهة تحدياته والإفادة من فرصه.

وقد عملنا مع أشقائنا على بلورة تصور عملي للعمل الاقتصادي العربي على أساس.. أولا .. السير المتدرج نحو خلق بيئة اقتصادية متجانسة من خلال مواءمة الأطر التشريعية والقانونية في مختلف الأقطار العربية بحيث يستطيع قطاع الأعمال العربي ممارسة النشاطات الاقتصادية والمالية وفقا للمعايير ذاتها وبما يكفل تسهيل انسياب السلع والخدمات ورأس المال فيما بينها.

ثانيا.. ربط البنية التحتية الأساسية في قطاعات النقل والمواصلات والاتصالات والطاقة بين الدول العربية في الإقليم الواحد وفيما بين الأقاليم العربية. إن التحرك على هذين المستويين يهيىء الأرضية اللازمة للتعاون الاقتصادي المستمر وللتكامل كما أنه يفتح آفاقا رحبة للإنجاز ضمن أقاليم الوطن العربي وفيما بين هذه الأقاليم ويجعل من الاتفاقات الثنائية والمتعددة عامل تسريع للوصول إلى الأهداف المشتركة ولا يتطلب إنضاج مثل هذا التحرك صيغا معقدة من التمويل أو الإدارة.

وفي مجال التجارة فإنه في الوقت الذي نرى فيه تحرير التجارة الدولية ومواكبة الدول العربية لهذا التوجه من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أو إبرام اتفاقات الشراكة مع التكتلات الاقتصادية مثل اتفاقات الشراكة الأوروبية/المتوسطية فإن التجارة البينية العربية ماتزال تراوح مكانها وعليه فلا بد من تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وإزالة العقبات أمام تدفق السلع والخدمات بين دولنا.
أما فيما يتعلق بالاستثمارات العربية البينية فهناك حاجة للمواءمة بين تطلع رأس المال العربي إلى إيجاد مجالات استثمارية أمنة وبين حاجة الاقتصادات العربية لجذب الاستثمارات من خلال التوصل لاتفاقات ثنائية وجماعية لحماية الاستثمارات ومنع الازدواج الضريبي وإعطاء القطاع الخاص دورا رئيسيا في الاقتصاد بما في ذلك الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الوطنية منها والمشتركة وتحسين الفرص التمويلية المتاحة له من قبل مؤسسات التمويل وضمان الاستثمار العربي. إن قطاع النقل والمواصلات يشكل عصبا أساسيا للربط بين أقطار الوطن العربي وتسهيل التواصل والتبادل بينها ولا بد من إعطاء هذا القطاع أولوية من خلال تفعيل اتفاقيات النقل العربي وتشجيع إنشاء خط ملاحي يربط بين المشرق والمغرب العربيين وإنشاء خطوط سكك حديدية ومن خلال اعتماد مواصفات موحدة لتنفيذ خط نقل بري عربي بالإضافة إلى فتح المجالات الجوية العربية أمام شركات النقل العربية ومنحها الحرية الخامسة.

أما في مجال الاتصالات فإن تطوير هذا القطاع تلبية للحاجات العربية يتطلب إنشاء البنية التحتية اللازمة لربط شبكات الاتصالات بين الدول العربية. ويحتاج قطاع الطاقة أيضا إلى نظرة شاملة من خلال توسيع مجال عمل منظمة الدول العربية المصدرة للنفط بحيث تضطلع بالتعامل مع هذا القطاع بسائر مكوناته في الدول العربية واستكمال إجراءات الربط الكهربائي داخل الأقاليم العربية وفيما بينها وتشجيع مشاريع مد أنابيب النفط والغاز بين الدول المنتجة والمستهلكة وعلى أسس اقتصادية.
إن التطور الهائل الذي يشهده سوق المال العالمي يستدعي الاتفاق على سياسات مالية تؤدي إلى ربط الأسواق المالية في البلاد العربية.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو
يتطلب السير العملي المتدرج في تطوير العمل العربي في مجمل هذه القطاعات وغيرها تطوير أساليب العمل العربي من خلال وجود إرادة سياسية فاعلة تدعمها جامعة الدول العربية.

ولا بد من إجراء مراجعة شاملة للجامعة ولمؤسسات العمل العربي المشترك كافة بما يكفل إعادة هيكلتها وتطوير أدائها والمواءمة بين عملها وعمل المنظمات والمجالس العربية المتخصصة.

إننا ندرك أن طموحاتنا وآمال شعوبنا في سائر أقطارنا كبيرة وإن تحقيقها يتطلب إيمانا راسخا وإرادة صلبة وعملا مؤسسيا جادا لا تحبطه الصعوبات ولا تحول دونه الفترة الزمنية التي يتطلبها الإنجاز.

صاحب الجلالة
أصحاب الفخامة والسيادة والسمو
إننا إذ نتطلع إلى نجاح أعمال هذه القمة المباركة بإذن الله فإننا نستشرف القمة القادمة بعد عام من لقاء عمان هذا ونرى آفاقا رحبة لعمل عربي مشترك وعصر عربي جديد لا خلاف فيه ولا معاناة.

إن شعوبنا وقد استبشرت خيرا بانعقاد هذه القمة التي تؤسس للقاء الدوري لقادتها لترى فيها الخطوة الأولى لوضع اللبنة الأساسية لعمل عربي مشترك حقيقي يعيد الثقة بالنظام العربي ويكرس مصداقيته ويعزز التضامن باعتباره قاعدة للتعاون والتكامل.
وفقنا الله جميعا إلى ما فيه خير أمتنا (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
___________
المصدر:
الموقع الرسمي للقمة العربية في عمان

المصدر : غير معروف