مؤسسات التعاون المشترك

يهدف هذا المحور إلى دراسة بعض التنظيمات الدولية الإقليمية العاملة في إطار العلاقات العربية الأفريقية، أو تلك التي تضم في عضويتها دولا عربية وأخرى أفريقية، وذلك بغية تلمس أنسب الأطر التنظيمية لتعزيز التعاون العربي الأفريقي خدمة للمصالح الإستراتيجية والاقتصادية المشتركة للطرفين.

– الأفروعربية
– منظمة الوحدة الأفريقية
– رابطة التعاون الإقليمي لساحل المحيط الهندي
– السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا
– الاتحاد الأفريقي

أولا: الأفروعربية


ويقصد بها مجموعة الآليات التي أنشأتها الدول العربية والأفريقية تحت مظلة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية منذ انعقاد مؤتمر القمة العربي الأفريقي الأول (والأخير) في مارس/آذار 1977 بغية تعزيز العمل الأفريقي الجماعي. وقد أنشأ المؤتمر العديد من الأطر التنظيمية لكي تنهض بمسؤولية العمل العربي الأفريقي وهي:

1-مؤتمر القمة العربي الأفريقي
ويضم قادة جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، وهو الجهاز الأعلى للتعاون العربي الأفريقي الذي يرسم سياسته ويحدد توجهاته العامة، وكان من المفترض أن ينعقد المؤتمر مرة كل ثلاث سنوات، إلا أن ذلك لم يحدث منذ انعقاد مؤتمر القمة الأول بالقاهرة في مارس/آذار 1977.

2-المجلس الوزاري العربي الأفريقي
ويتكون من وزراء خارجية الدول العربية والأفريقية، ويشرف على عمل اللجنة الدائمة للتعاون العربي الأفريقي، ويرفع تقريره إلى مؤتمر القمة العربي الأفريقي، ويجتمع كل 18 شهرا، ولم يجتمع هذا المجلس منذ مارس/آذار 1977.

3-اللجنة الدائمة للتعاون العربي الأفريقي
تتكون اللجنة الدائمة من 24 وزيرا يتم اختيار 12 منهم بواسطة جامعة الدول العربية أو ممثليهم على أن يكونوا على مستوى السفراء على الأقل، كما تضم اللجنة الأمينين العامين للمنظمتين، وتعتبر اللجنة الدائمة القوة المحركة الرئيسية لأعمال التعاون العربي الأفريقي والضامنة لتنفيذه ومراقبة تطوره، وتعقد اللجنة الدائمة اجتماعا عاديا مرتين كل عام في مقر المنظمتين بالتبادل إلا في حالة توجيه دعوى من إحدى الدول الأعضاء، وللجنة أن تعقد اجتماعات غير عادية عند الاقتضاء, وقد عقدت اللجنة أحد عشر اجتماعا عاديا منذ مايو/أيار 1977 حتى أكتوبر/تشرين الأول 1989.

4-لجنة التنسيق للتعاون العربي الأفريقي
تتألف من رئيسي الجانبين العربي والأفريقي في اللجنة الدائمة، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، ومقرري مجموعات العمل المختلفة, إذا رؤيت دعوتهم للمشاركة. وتتولى اللجنة متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن أجهزة التعاون الأفريقي، والتنسيق بين مجموعات العمل المختلفة، ولم تجتمع اللجنة منذ 4/10/1994.

5-المحكمة العربية الأفريقية
على الرغم من أن وثائق مؤتمر القمة قد نصت على أهمية إنشاء هذه المحكمة لتقديم التفسير القانوني ولفض أي نزاع يطرأ في مسيرة التعاون الأفريقي، فإن موضوع إنشاء هذه المحكمة لم يبحث على الإطلاق حتى الوقت الحاضر.

وقد كان لهذا التعثر في مسيرة التعاون العربي الأفريقي الجماعي أسبابه العديدة التي يمكن إيجازها فيما يلي: تدهور أسعار النفط وانتشار الحروب الأهلية في أفريقيا والحرب العراقية الكويتية والحظر المفروض على العراق وليبيا والسودان، وكذلك الخلافات العربية العربية والأفريقية الأفريقية والعربية الأفريقية وانتهاء بالحرب الباردة على النظم السياسية للجانبين وعلى شبكة علاقاتهما وما تطرحه عملية العولمة من تأثيرات شتى.. إلخ. وكل هذه التطورات المحلية والإقليمية والعالمية قد أثرت في الجانبين.

ونتيجة لما تقدم بدأت مسيرة التعاون العربي الأفريقي تسلك دروبا أخرى بالالتفاف على الأطر التنظيمية القائمة، ومن أمثلة ذلك:



  • المعرض التجاري العربي الأفريقي
    ففي إطار العمل على دعم التعاون الاقتصادي وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية والأفريقية, وافق كل من مجلس جامعة الدول العربية ومجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية على توصيات اللجنة الدائمة بتنظيم المعرض التجاري العربي الأفريقي.
  • أسبوع رجال الأعمال العرب والأفارقة
    وافق مجلس جامعة الدول العربية ومجلس وزراء منظمة الوحدة الأفريقية على إقامة هذا الأسبوع رغبة في دعم التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين دول المجموعتين العربية والأفريقية.
  • المؤسسة العربية الأفريقية للتمويل والاستثمار
    وقد اقترح إنشاء هذه المؤسسة من جانب الكويت (يونيو/ حزيران 1989), وبعد موافقة لجنة التعاون العربي الأفريقي على إنشائها تحفظت بعض الدول العربية على ذلك فلم تقم المؤسسة.
  • منطقة التجارة التفضيلية العربية الأفريقية
    من أجل تطوير وتنمية التبادل التجاري بين دول المنطقتين تم عقد اجتماع للجنة الدائمة للتعاون العربي الأفريقي بأبيدجان في يوليو/تموز 1990 على مستوى الخبراء، اتفق فيه على مشروع اتفاقية إطارية لإقامة منطقة تجارة تفضيلية عربية أفريقية، وقد عمم مشروع الاتفاقية على الدول العربية والأفريقية لإبداء الرأي والملاحظات حوله، ولم تستكمل ردود الدول على الموضوع.
  • المعهد الثقافي العربي الأفريقي
    أقرت اللجنة الدائمة للتعاون العربي الأفريقي في دورتها السادسة بتونس (مارس/آذار 1983) إنشاء المعهد، وتحددت ميزانية مؤقتة له، وقد كان من المقرر أن يعقد اجتماع ثلاثي للخبراء خلال عام 1996 لبحث موضوعات الميزانية التقديرية، والإعداد لاجتماع المجلس التنفيذي للمعهد، لكن الاجتماع تأجل نظرا لأن الجانب العربي لم يحدد الأسماء التي تمثله في المجلس حتى الوقت الحاضر.
  • المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا (باديا)
    تأسس المصرف بمقتضى قرار صادر عن مؤتمر القمة العربي السادس 1973 بهدف دعم التعاون الاقتصادي والمالي والفني بين الدول العربية والدول الأفريقية. وقد بدأ المصرف نشاطه عام 1975 بالإسهام في تمويل التنمية بالدول الأفريقية عبر تقديم القروض والمعونة الفنية اللازمة للتنمية, وبلغ إجمالي ما خصصه المصرف خلال الفترة من 1975 إلى 2000 حوالي 2298 مليون دولار. وقد شملت عمليات المصرف 42 دولة من مجموع 43 دولة أفريقية جنوب الصحراء وعددا من المنظمات الإقليمية.
  • الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الأفريقية
    قرر مؤتمر القمة العربي السابع في الرباط عام 1974 إنشاء هذا الصندوق بهدف تقديم المعونة الفنية عن طريق توفير المنح التدريبية والدراسات وتقديم الخدمات الاستشارية وتوفير الخبراء. وقد استطاع رغم إمكانياته المالية المحدودة أن يقدم معونات فنية لنحو 43 دولة أفريقية.

ثانيا: منظمة الوحدة الأفريقية


أنشئت المنظمة عام 1963، وضمت عشر دول عربية يعيش فيها غالبية سكان الوطن العربي، وقد سعت المنظمة شأنها شأن المنظمات الدولية العامة إلى تحقيق أهداف القارة الأفريقية في الأمن والتنمية، ونشطت على مدى العقود الأربعة من قيامها في مجال تصفية الاستعمار والعنصرية من القارة حتى انهارت آخر الجيوب العنصرية في القارة عام 1994 متمثلة في النظام العنصري لجنوب أفريقيا، غير أنه ما أن بدأت المنظمة توجه اهتماماتها نحو بذل المزيد من الجهود في مجال تحقيق التنمية الاقتصادية -وهو الهدف الذي أهملته طويلا وتركت أمر رعايته للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة– حتى فوجئت بانفجار العديد من الصراعات الإثنية والحروب الأهلية في القارة وذلك تحت تأثير التغيرات في البيئة الدولية والإقليمية والمحلية. لذا قررت دول القارة إسدال الستار على هذه المنظمة واستبدالها أخرى بها أطلق عليها الاتحاد الأفريقي أعلن عن قيامه رسميا في يوليو/تموز 2002.

ثالثا: السوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الأفريقية (كوميسا)


أنشئت هذه السوق عام 1994 وتضم في عضويتها ثلاث دول عربية هي السودان ومصر وجزر القمر، بالإضافة إلى عدد من الدول الأفريقية شرق وجنوب القارة الأفريقية.

إن المنظمة ذات طبيعة اقتصادية بالدرجة الأساسية، وإن إنشاءها جاء استجابة لمعاهدة إنشاء السوق الأفريقية المشتركة باعتبار أن المرحلة الأولى من إنشاء هذه السوق (مدتها خمس سنوات من 1994 إلى 1999) تتطلب إقامة وتدعيم الجماعات الاقتصادية القائمة في القارة.

رابعا: رابطة التعاون الإقليمي لساحل المحيط الهندي (IOR-ARC)

جاء إنشاء هذه الرابطة عام 1977، وتضم 21 دولة هي: أستراليا والهند وكينيا وموريشيوس وعمان وسنغافورة وجنوب أفريقيا وإندونيسيا ومدغشقر وماليزيا وموزمبيق وسيريلانكا وتنزانيا واليمن. كما تم التصديق على برامج العمل وعلى إنشاء هيئتين معاونتين للرابطة هما: منتدى رجال الأعمال لساحل المحيط الهندي (IORAG)، والمجموعة الأكاديمية لساحل المحيط الهندي (IORBF).

وواضح من ميثاق المنظمة أنها تهدف إلى تحقيق التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة من خلال تحسين أوضاع السوق، وتحرير التجارة، وتسهيل انتقال وتدفق السلع والخدمات والاستثمارات بحرية بين دول الرابطة، وذلك في إطار الالتزام بحرية التجارة العالمية على اعتبار أن الرابطة ليست منطقة تجارة تفضيلية. وتعتمد الرابطة مبدأ "الإقليمية المفتوحة" الذي يعنى ببناء الجسور والعلاقات بين دول الرابطة وبقية دول العالم.

ورغم انضمام كل من عمان واليمن إلى هذه الرابطة فإنها لا تصلح إطارا مناسبا لتعزيز التعاون العربي الأفريقي الجماعي المجمل.

إضافة إلى كل ما سبق من منظمات وتشكيلات سياسية واقتصادية مختلفة فهناك على المستوى الثنائي توجد نشاطات واجتماعات غير منتظمة تجري بين رجال الأعمال العرب والأفارقة، كما يتم تنظيم معارض تجارية عربية أفريقية.. إلخ.

غير أنه من الملاحظ أن معظم المعاملات والتفاعلات في ميادين التعاون استقرت تدريجيا على المستوى الثنائي بين الدول العربية والأفريقية وإن ظلت اللافتة والشعار هو التعاون العربي الأفريقي المشترك على مستوى جماعي.

خامسا: الاتحاد الأفريقي

بعد سنتين من مؤتمر سرت بليبيا حيث وقع على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي صدق مؤتمر القمة الأفريقي في دورته الـ38 على إنشاء هذا الاتحاد بديلا عن منظمة الوحدة الأفريقية. وكانت مدينة ديربن بجنوب أفريقيا مقر انعقاد أول قمة لهذا المولود الجديد من 8 إلى 10 يوليو/تموز 2002.

ويحل الاتحاد الأفريقي محل منظمة الوحدة الأفريقية بعد 39 عاما من تأسيسها بأديس أبابا (25 مايو/أيار 1963).

ومنذ عام 1999 ومؤتمرات القمم الأفريقية تتناول فكرة هذه الاتحاد وتحاول أن تضع أسسه.

دوافع الإنشاء:
وضعت قمة منظمة الوحدة الأفريقية المنعقدة بمدينة سرت بليبيا في سبتمبر/أيلول 1999 ست نقاط تشكل دوافع إنشاء الاتحاد الأفريقي، وهي:
1 – جعل منظمة الوحدة الأفريقية أكثر فعالية وأكثر مواكبة للتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية.
2 – أخذ واستلهام مبادئ الوحدة والانتماء الأفريقي التي أسسها الرعيل الأول من الزعماء الأفارقة تجسيدا للتضامن والتلاحم في مجتمع يتجاوز الحدود الضيقة الثقافية والأيدولوجية والعرقية والقومية.
3 – متابعة طريق نضال الشعوب الأفريقية واستكماله حتى يتسنى للقارة أن تعيش كريمة مستقلة حرة في الألفية الجديدة.
4 – معرفة وإدراك كافة التحديات التي تواجه القارة الأفريقية وتعزيز تطلعات شعوبها نحو الاندماج الكلي.
5 – التصدي لهذه التحديات ومعالجة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي على نحو فعال.

التصديق على القانون التأسيسي:
في جمهورية توغو التأمت القمة الأفريقية بمدينة لومي يوم 11 يوليو/تموز 2000 حيث تمت الموافقة على النظام التأسيسي للاتحاد الأفريقي. وقد أقر هذا النظام بعد ذلك في مؤتمر سرت الثاني، وهو مؤتمر استثنائي انعقد في مارس/آذار 2001 وأعلن التوقيع فيه بشكل رسمي على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وذلك حين صدقت عليه 36 دولة عضوا.

أهداف الاتحاد:
يقع القانون التأسيسي في 33 مادة وتحدد مقدمة النص أهداف الاتحاد وهي:

  • تحقيق وحدة وتضامن أكبر بين الشعوب والبلدان الأفريقية.
  • الدفاع عن السيادة والأراضي والاستقلال لكافة الدول الأفريقية.
  • التعجيل بالتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأفريقيا.
  • تعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة الأفريقية.
  • توطيد النظام الديمقراطي ومؤسساته وتعزيز المشاركة الشعبية والحكم السديد.
  • حماية حقوق الإنسان والشعوب وفقا للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وكذلك المواثيق ذات الصلة.
  • تهيئة الظروف الضرورية التي ستمكن القارة من لعب دورها المناسب في الاقتصاد العالمي والمفاوضات بين الدول.
  • الإسراع بتنمية القارة وخاصة عن طريق البحث في مجال العلم والتكنولوجيا.

مبادئ الاتحاد:
تنص المادة الرابعة من القانون التأسيسي على:
– مبدأ المساواة والترابط بين الدول الأعضاء.
– احترام الحدود الموروثة عند الاستقلال.
– إقامة سياسة دفاعية مشتركة.
– منع استخدام القوة أو التهديد بين الأعضاء.
– عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عضو.
– حق الاتحاد في التدخل في شؤون دولة عضو عند وقوع ظروف خطيرة مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
– حق الدول في طلب تدخل الاتحاد لإعادة السلام والأمن.
– احترام قدسية الحياة الإنسانية ورفض الإفلات من العقوبة والأعمال الإرهابية والأنشطة التخريبية.
– رفض وإدانة أي تغيير غير دستوري للحكومات.

الأجهزة الرئيسية:
تتكون أجهزة هذا المولود الجديد من 17 جهازا من أهمها:
– مؤتمر الاتحاد.
-المجلس التنفيذي (وزراء الخارجية).
– برلمان عموم أفريقيا.
– محكمة العدل.
– أمانة الاتحاد.
– لجنة الممثلين الدائمين (السفراء).
– اللجان الفنية المتخصصة.
– المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
– البنك المركزي الأفريقي.
_______________
المصادر:
1- د. إبراهيم نصر الدين، الأطر التنظيمية للتعاون العربي الأفريقي في "العرب وأفريقيا بعد الحرب الباردة"، (القاهرة: مركز دراسات وبحوث الدول النامية، جامعة القاهرة، 2000).
2-سمير حسني، "التعاون العربي الأفريقي"، في ورقة مقدمة لمؤتمر العولمة وأفريقيا، برنامج الدراسات المصرية الأفريقية، (فبراير/شباط 2002).
3- د. شربل زعرور، "التعاون العربي الأفريقي: عقد في التعاون بين بلدان الجنوب 1975-1984" (بيروت: معهد الإنماء العربي، 1989).
4- د. عبد الله الأشعل، "نحو إطار جديد، في ندوة العلاقات العربية الأفريقية"، (طرابلس: جمعية الدعوة الإسلامية، 1968).
5-د. عبد الملك عودة، "العلاقات المصرية الأفريقية"، (الأهرام الاقتصادي, العدد 122, مارس/آذار 1998).
6- "التعاون العربي الأفريقي في العشرين عاما الماضية: من الفرصة التاريخية إلى المأزق التاريخي"، في إجلال رأفت (محرر)، (القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية، جامعة القاهرة، 1994).

المصدر : غير معروف