المحاولات الدولية لحل مشكلة الصحراء الغربية

undefined

إعداد/ قسم البحوث والدراسات *

لم تشرع الأمم المتحدة في البحث عن حل أزمة الصحراء الغربية إلا بعد عقد من الزمن من اندلاع الحرب بين أطراف الأزمة. كانت منظمة الوحدة الأفريقية هي الهيئة التي بادرت إلى إيجاد حل تصالحي منذ اشتعال نار الحرب وخاصة في مؤتمرها التاسع عشر المنعقد بأديس أبابا عام 1983، لكن انسحاب المغرب عام 1984 من المنظمة عندما اعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية عضوا فيها حال دون مساعي المنظمة الأفريقية للوصول إلى أي حل. حينئذ حلت منظمة الأمم المتحدة محل المنظمة الأفريقية وبدأت سلسلة من الإجراءات نتجت عنها في الحصيلة النهائية 5 اقتراحات:

  1. تطبيق الاستفتاء الذي نصت عليه خطة تسوية 1988 ولو من دون اتفاق الجانبين ويؤول في النهاية إلى خيارين إما الانضمام للمغرب وإما الاستقلال عنه.
  2. الحل الثالث المعروف باتفاقية الإطار العام.
  3. تقسيم الصحراء.
  4. إنهاء بعثة الأمم المتحدة نظرا لانعدام التقدم.
  5. الحل الوسط

خطة 1988 أو الاستفتاء المستحيل

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اتخذت قرارها 40/50 في ديسمبر/ كانون الأول 1985 بشأن أزمة الصحراء الذي ينص على تكليف الأمين العام للمنظمة الدولية العمل على إيجاد حل يرضي أطراف النزاع بدءا بوقف إطلاق النار الذي يعتبر حسب القرار شرطا أساسيا لأي عمل سلمي.

وقد طرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة خافيير ديكويلار في صيف 1988 على المغرب والبوليساريو خطة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء. وسيقود هذا التصور في حالة إجراء الاستفتاء إلى أحد خيارين: إما الانضمام إلى المغرب أو الاستقلال عنه. ولقيت خطة ديكويلار نجاحا في البداية تمثل في:

  • قبول الطرفين بالخطة في 30 أغسطس/ آب 1988.
  • الموافقة على وقف إطلاق النار، وقد سكتت المدافع في الإقليم فعليا منذ سبتمبر/ أيلول 1991.
  • إنشاء بعثة الأمم المتحدة المكلفة الاستفتاء في الصحراء الغربية المعروفة اختصارا بـ"المينرسو" بتاريخ 30 أغسطس/ آب 1988 بقرار من مجلس الأمن الدولي يحمل الرقم 690/1991، وطبقا لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم (S/22464). وتنقسم هذه البعثة إلى ثلاثة مكونات: وحدة مدنية ووحدة عسكرية ووحدة أمنية، ويتكون طاقمها من 250 إلى 450 شخصا ما بين مراقب عسكري وشرطي مدني وشخصيات عسكرية ومدنية ومقرها مدينة العيون بالصحراء، وينتمي هؤلاء الأشخاص إلى 25 دولة.

وخلال ثماني سنوات من العمل قدمت بعثة المينرسو جملة من الاقتراحات من ضمنها أن من يحق لهم التصويت في الاستفتاء -إن جرى استفتاء- هم لائحة الصحراويين الذين تم إحصاؤهم من طرف الإدارة الإسبانية عام 1974. وقد قدم المغرب 131 ألف طعن على اللائحة. ولن نصل إلى شهر ديسمبر/ كانون الأول 1999 حتى تعلن المينرسو توقف خطة الاستفتاء الأممية بالصحراء بسبب الخلافات الحادة بين الطرفين على من يحق له التصويت. وعلى ذلك الأساس تم إلغاء الموعد الذي كان مقررا للاستفتاء في الصحراء وهو الـ6 ديسمبر/ كانون الأول 1998.

من الاستفتاء إلى الحل الثالث

undefinedصدر في 25 يوليو/ تموز 2000 قرار مجلس الأمن رقم 1309 المتضمن للمبادرة الفرنسية الأميركية التي تقترح حلا سياسيا لمشكلة الصحراء، فدعا جيمس بيكر، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المكلف نزاع الصحراء، الطرفين إلى حل تفاوضي يستبعد خطة الاستفتاء. وهذا ما دفع بالأمم المتحدة إلى تقديم "الحل الثالث" أو اتفاق الإطار وينص على أن تمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا موسعا مع البقاء تحت الحكم المغربي في غضون خمس سنوات يمكن بعدها إجراء الاستفتاء. وقد وصف هذا الحل بالثالث لأنه جاء لينضاف إلى خيارين سابقين هما الاستقلال أو الانضمام إلى المغرب اللذان كانا حديث السنوات الماضية. والفرق بين هذا الحل وبين الانضمام إلى المغرب هو أن الحل الثالث يمنح الصحراء استقلالية ذاتية موسعة دون دمجها الكلي في المغرب.
ويقترح مشروع "الاتفاق الثالث" أن تكون الجزائر وموريتانيا بمثابة شاهدتين عليه وفرنسا والولايات المتحدة بمثابة ضامنتين لتعزيز التسوية وتنفيذ الاتفاق. وقد قبل المغرب الحل الثالث ورفضته البوليساريو والجزائر.

التقسيم

يقترح خيار التقسيم وهو الخيار الرابع إعطاء المغرب إقليم الساقية الحمراء (ثلثا الصحراء) وإعطاء البوليساريو إقليم وادي الذهب (الثلث الباقي) حيث تقيم دولتها المستقلة. وهذا الحل الذي صدر حسب بعض المتابعين عن الجزائر لا يرغب فيه المغرب إذ يرى فيه مساسا بسيادته واقتطاعا لجزء من أرضه. ولا ترغب فيه البوليساريو أيضا التي تريد إقليم الصحراء مستقلا بأكمله.

احتمال الانسحاب الأممي

في عام 2000 أجرت الأمم المتحدة تقويما شاملا لتسع سنوات من محاولة تنفيذ مخطط التسوية، وخلص تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير/ شباط 2000 إلى أن كافة الجهود التي بذلت من أجل التوفيق بين الجانبين باءت بالفشل. فصرح كوفي أنان أنه بناء على المشاورات التي أجراها مع مبعوثه إلى الصحراء فإن تنفيذ خطة التسوية تعرقلت سنة بعد أخرى على مدى السنوات التسع الماضية بفعل خلافات أساسية بين الطرفين. ومع استحالة تنظيم الاستفتاء فإن اتفاق الإطار أو الحل الثالث مرفوض من طرف الجزائر والبوليساريو، وكذلك خيار التقسيم كمقترح جزائري مرفوض مسبقا من المغرب. ولذلك يرى أنان أنه أمام الوصول إلى الطريق المسدود يصبح خيار خروج الأمم المتحدة من الأزمة مطروحا، خاصة وأن الأزمة قد كلفت منظمته 1.5 مليار دولار في 11 عاما.

أخيرا.. الحل الوسط

كان آخر قرار اتخذته الأمم المتدة بشأن النزاع الصحراوي يحمل الرقم 1495 وصدر بتاريخ 30 يوليو/ تموز 2003 وقد مدد صلاحية بعثة المينرسو إلى 3 أشهر إضافية أي لغاية 31 أكتوب/تشرين الاول 2003، ويشكل هذا القرار حلا وسطا يجمع بين خطة التسوية التي اقترحها جيمس بيكر كما يدعو إلى مواصلة الجهود مع الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق عام.
ويمتاز هذا القرار بميزات هي:

  • الدعوة إلى حكم ذاتي لسكان إقليم الصحراء لفترة تتراوح ما بين 4 إلى 5 سنوات.
  • الاستفتاء لتحديد مصير سكان الاقليم بعد هذه الفترة.
  • دعوة الأطراف الأربعة المعنية بالأزمة إلى العمل مع الأمم المتحدة وإلى العمل بينهم باتجاه الموافقة على خطة السلام.
  • دعوة جبهة البوليساريو لإطلاق سراح ما تبقى لديها من المحتجزين المغاربة تنفيذا للقانون الإنساني الدولي.

وقد حظي هذا التصور بتأييد الولايات المتحدة وموافقة جبهة البوليساريو والجزائر في حين رفضه المغرب مؤيدا من طرف فرنسا.

مبعوثو الأمم المتحدة في الصحراء

تعاقب على رئاسة بعثة الأمم المتحدة للصحراء (المينرسو) ثلاثة مبعوثين:

  • السويسري جوهانس مانس الذي عينه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كوييار في 29 أبريل/ نيسان 1991.
  • الباكستاني يعقوب خان الذي عينه الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي عام 1992.
  • الأميركي جيمس بيكر الذي عينه الأمين العام الحالي كوفي أنان عام 1997.

_______________
* الجزيرة نت
المصادر
1- أرشيف الجزيرة نت
2 – الموقع الرسمي لبعثة المينرسو
3 – الحل الثالث
4 –  قضية الصحراء الغربية مع الملك محمد السادس

المصدر : الجزيرة