الجنرال محمد ضياء الحق

undefinedمحمد ضياء الحق هو الجنرال الذي طبق الأحكام العرفية للمرة الثالثة في تاريخ باكستان القصير، وهو الابن الثاني لمحمد أكرم المعلم في الجيش.

وكانت حياة ضياء الحق السياسية حافلة على مدار 12 عاما بدأها رئيسا لأركان الجيش في عهد ذو الفقار علي بوتو ثم انقلب عليه وأخذ بزمام السلطة في البلاد وأعطى نفسه صلاحيات كثيرة كانت سببا في إضعاف موقفه أمام الشعب، ثم وافاه الأجل عندما تحطمت طائرة كانت تقله مع عدد من العسكريين الباكستانيين البارزين.

الميلاد والنشأة:
ولد ضياء الحق في 12 أغسطس/ آب 1924 في جالندهار، وكان أبوه يعمل معلما في الجيش. وبعد أن أتم ضياء تعليمه الإلزامي في مدرسة "شملا" الثانوية حصل على شهادة البكالوريوس بامتياز من كلية سانت ستيفن بدلهي.

حياته العسكرية:
جند في الجيش البريطاني عام 1943 وخدم في بورما والملايو وإندونيسيا إبان الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب قرر الالتحاق بسلاح المدرعات، وعند استقلال بلاده انضم إلى الجيش الباكستاني كمعظم الضباط المسلمين العاملين في الجيش البريطاني.

وعندما كان رائدا أتيحت له فرصة الالتحاق بدورة تدريبية في كلية القادة والأركان بالولايات المتحدة الأميركية لمدة عامين (1963-1964)، وأثناء الحرب الهندية الباكستانية عام 1965 عين في منصب مساعد ضابط الإمداد والتموين بفرقة المشاة 101 التي كانت متمركزة في قطاع كيران Kiran. وعين قائدا مركزيا لملتان Multan عام 1975.

حياته السياسية:
في حركة مفاجئة في 1 أبريل/ نيسان 1976 قام رئيس وزراء باكستان ذو الفقار علي بوتو بتعيين ضياء الحق رئيسا لأركان الجيش متجاوزا بذلك خمسة جنرالات أقدم منه في الرتبة، لكن بوتو كان يريد قائدا للقوات المسلحة لا يشكل أي تهديد له فوقع اختياره على ضياء الحق لما كان يعلمه عنه من البساطة ومحافظته على الصلاة وخبرته في لعب الغولف. لكن الأيام أثبتت خطأ بوتو وأثبت ضياء الحق أنه كان أذكى مما كان عليه ظاهره. وعندما بلغ القلق السياسي في باكستان مداه بسبب النزاع بين بوتو وقيادة التحالف الوطني الباكستاني بشأن قضية الانتخابات العامة، اغتنم ضياء الحق الفرصة، وفي 5 يوليو/ تموز 1977 قام بانقلاب أبيض أطاح فيه بحكومة ذو الفقار علي بوتو وفرض الأحكام العرفية في البلاد.

وبعد تقلده منصب المنسق الإداري للقانون العرفي وعد ضياء الحق بإجراء انتخابات المجلس الوطني والإقليمي في غضون 90 يوما وتسليم السلطة لممثلي الأمة. ولكنه أعلن في أكتوبر/ تشرين الأول 1977 تأجيل الانتخابات وقرر البدء في عملية المحاسبة للساسة. وقال في بيان له إنه غير قراره بسبب الإلحاح الشعبي الشديد لمحاسبة القادة السياسيين الذين كانوا متورطين في قضايا التقصير في أداء الواجب في الماضي.

وتشكلت محكمة قضائية لتجريدهم من الأهلية وتم فعلا تنحية الكثير من أعضاء البرلمان السابقين عن المشاركة في العمل السياسي على أي مستوى لمدة سبع سنوات، وتم إصدار تقرير حكومي رسمي انتقد نشاطات حكومة حزب الشعب الباكستاني في ظل حكم ذو الفقار علي بوتو.

وبتقاعد فضل الإلهي تقلد ضياء الحق كذلك منصب رئيس باكستان في 16 سبتمبر/ أيلول 1978، وفي غياب وجود برلمان للبلاد قرر ضياء الحق إنشاء نظام بديل. فقد قدم مجلس الشورى عام 1980، وكان معظم أعضاء المجلس من المفكرين وعلماء الدين والصحفيين والاقتصاديين والمهنيين من مجالات الحياة المختلفة. وتتلخص مهمة المجلس في أنه يمثل لجنة مستشارين للرئيس. ولم تكن فكرة هذه المؤسسة بالفكرة السيئة، لكن المشكلة الرئيسية كانت تكمن في أن جميع أعضاء مجلس الشورى البالغ عددهم 284 عضوا يتم تعيينهم من قبل الرئيس ولذا لم يكن هناك مجال للتعددية في الآراء.

وفي أواسط الثمانينيات قرر ضياء الحق الوفاء بوعده لإجراء انتخابات في البلاد، ولكن قبل تسليمه السلطة لممثلي الشعب قرر تأمين منصبه. وأجري استفتاء في ديسمبر/ كانون الأول 1985 ومنحت الجماهير خيار انتخاب أو رفض الجنرال بصفته الرئيس المرتقب لباكستان، وحسب النتائج الرسمية صوت ما يزيد على 95% لصالح ضياء الحق وتم انتخابه رئيسا للبلاد للسنوات الخمس التالية. وبعد انتخابه رئيسا قرر ضياء الحق إجراء انتخابات في مارس/ آذار 1985 على أساس غير حزبي، وقررت معظم الأحزاب السياسية مقاطعة الانتخابات، لكن نتائج الانتخابات بينت أن كثيرا من الذين نجحوا كانوا ينتمون إلى حزب أو آخر.

ولتسهيل الأمر عليه أكثر، رشح الجنرال ضياء الحق رئيسا للوزراء من بين أعضاء المجلس. وبالنسبة لكثيرين كان ترشيحه لمحمد خان جونيجو رئيسا للوزراء لأنه كان يرغب في شخص بسيط في هذا المنصب يأتمر بأمره هو. ولكن قبل تسليم السلطة للحكومة الجديدة أجرى ضياء الحق تعديلات محددة في الدستور وصدق عليها البرلمان قبل رفع حالة الطوارئ عن البلاد. وبموجب هذه التعديلات نصت المادة الثامنة من الدستور على زيادة صلاحيات الرئيس وأن يكون له مطلق السلطة في اتخاذ أي خطوة يراها ملائمة بدعوى حماية الوحدة الوطنية.

وفي بداية عام 1988 راجت بعض الشائعات عن خلاف بين ضياء الحق ورئيس وزرائه، وكان الشعور العام بأن الرئيس الذي كان يتمتع بسلطة مطلقة طوال ثماني سنوات لم يكن مستعدا لمشاركة أي شخص آخر معه فيها.

وأخيرا في 29 مايو/ أيار 1988 حل ضياء الحق المجلس الوطني وأزاح رئيس الوزراء من طريقه، ومرة أخرى بعد 11 عاما وعد ضياء الحق مرة أخرى بإجراء انتخابات خلال 90 يوما.

ومع عودة بينظير بوتو للبلاد وقلق قيادة حزب الرابطة الإسلامية من قرار 29 مايو/ أيار مر ضياء الحق بأصعب موقف في حياته السياسية، وكان خياره الوحيد هو تكرار التاريخ السابق بتأجيل الانتخابات مرة أخرى.

ولكن قبل اتخاذ أي قرار توفي ضياء الحق إثر تفجر طائرته في حادث مدبر قرب بهاولبور في 17 أغسطس/ آب 1988 في رحلة كان يصحبه فيها نخبة من كبار العسكريين الباكستانيين. ورغم مقتل سفير الولايات المتحدة لدى باكستان في الحادث نفسه فإن الكثيرين لا يستبعدون تورط الولايات المتحدة في افتعال الحادث، إذ يعتقدون أن الولايات المتحدة لم تحتمل معارضة باكستان لاتفاق جنيف ومن ثم أزالت أكبر عقبة من طريقها.

وخلال حكمه حاول ضياء الحق ما في وسعه للمحافظة على علاقات مباشرة مع العالم الإسلامي وقام بجهود حثيثة مع دول إسلامية أخرى لإنهاء الحرب بين العراق وإيران. وقد شاركت باكستان في حركة عدم الانحياز في عهد ضياء الحق، وهو الذي حارب بالوكالة في أفغانستان وأنقذ باكستان من حرب مواجهة مع الاتحاد السوفياتي السابق.
_____
المصدر:
المرجع الشامل لتاريخ باكستان السياسي

المصدر : غير معروف