الأمراض المستجدة والمنبعثة

يطلق مصطلح الأمراض "المستجدة" والأمراض "المنبعثة" على مجموعة الأمراض التي ظهرت منذ عام 1973، وانتشرت بشكل وبائي أو يهدد بالتحول إلى أوبئة مستقبلا، إذ إنها أمراض "عابرة للقارات".

والأمراض المستجدة هي التي لم تكن معروفة من قبل، أما المنبعثة فهي التي عادت إلى الظهور بعد اختفائها، وبعد ظهور مرض نقص المناعة (الإيدز) عام 1981، وضع تصنيف جديد تابع للأمراض السارية والأوبئة هو مصطلح الأمراض المستجدة والأمراض المنبعثة، ويمثل هذا المصطلح:

  • ظهور أمراض معدية جديدة لم تكن معروفة سابقا مثل الإيدز وسارس.
  • أمراض معدية جديدة نشأت نتيجة لتحول أو تطور مورثات الكائنات المسببة للمرض من جراثيم وفيروسات وغيرها، مثل إنفلونزا الطيور.
  • انتشار أمراض معدية معروفة ومكتشفة سابقا في مناطق جغرافية غير موطنها الأصلي، مثل انتقال مرض حمى الوادي المتصدع من موطنه الأصلي في أفريقيا إلى اليمن والسعودية في آسيا.
  • عودة أمراض معدية قديمة كانت نادرة الحدوث أو بعد استئصالها، وقد تعود أقوى مما كانت عليه نتيجة مقاومة العامل المسبب للمرض للأدوية والمضادات الحيوية المستخدمة والمتاحة أو نتيجة ضعف وانهيار المنظومة الصحية في المجتمع، مثل السل والملاريا واللايشمانيا.

لماذا هي خطرة؟
المسببات والمظاهر
أنواع الأمراض
الأمراض المشتركة
أسباب الظهور
منظمة الصحة والأمراض المستجدة والمنبعثة

لماذا هي خطرة؟ 

وتتمثل خطورتها في قدرة بعضها على الانتشار السريع والتفشي مسببة أوبئة وجائحات، مما يعد خطرا دوليا ويهدد الصحة العامة في دول عدة، لما قد ينتج عنها من خسائر مادية في الأرواح سواء بشرية أو حيوانية، وخسائر في الاقتصاد العالمي، وحالات الذعر والهلع بين البشر.

ويرجع بعض الخبراء والمتخصصين خطورة تلك الأمراض إلى استخدام أحيائها الدقيقة في إنتاج الأسلحة البيولوجية، ومن أهمها الإيبولا، وهانتاه، وماربورغ، والحمى القلاعية، والطاعون، والجدري، والكوليرا، والجمرة الخبيثة.

وأغلب الأمراض المستجدة والمنبعثة لم يتوفر لها علاج حتى اليوم أو لقاح مضاد، مما يجعل السيطرة عليها صعبة جدا.

المسببات والمظاهر 

والكائنات الحية المسببة للأمراض المعدية هي فيروسات وجراثيم، وريكتسيات، وفطريات، وطفيليات، وديدان، وانتقال العدوى يكون بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقد ينشر المصاب العدوى قبل ظهور أعراض المرض عليه، حيث تكون تلك الكائنات موجودة في جسم الإنسان بصورة خفية دون أعراض، ويتم كشفها بالفحوص المخبرية، أو تفاعلات إيجابية لاختبارات جلدية.

أنواع الأمراض 

ومنذ عام 1973 اكتشف أكثر من 30 عاملا ممرضا جديدا، معظمها شديد الإمراضية وقد يسبب الوفاة، ناهيك عن عودة عدد من الأمراض وانبعاثها من جديد، ومن أهم الأمراض المستجدة والمنبعثة:

  1. نقص المناعة المكتسب (الإيدز).
  2. المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس).
  3. إنفلونزا الطيور.
  4. الحميات النزفية: مثل حمى الضنك وحمى الوادي المتصدع، وإيبولا، وماربورغ، والكونغو القرمية النزفية (أو كونغو كريميان)، ولاسا، وحمى كوريا النزفية (هانتاه)، والحمى الصفراء.
  5. الملاريا.
  6. السل.
  7. داء الكلب.
  8. الكوليرا.
  9. اللايشمانيا وخاصة الحشوية (أو الأحشاء الداخلية).
  10. فيروس غرب النيل.
  11. فيروس نيباه.
  12. جنون البقر.

بعض الأمثلة
بعد انخفاض معدلات الإصابة بالسل بشكل كبير عاد إلى الانتشار مخلفا 8 ملايين إصابة سنويا، و3 ملايين حالة وفاة، كما عادت الملاريا للانتشار لتخلف مليون حالة وفاة سنويا.

وظهرت حميات نزفية في غير موطنها الأصلي، مثل ظهور حمى الكونغوقرمية التي سجلت في السودان لأول مرة عام 1970 إضافة إلى ما سجل في العراق وإيران وأفغانستان وباكستان، وانتشرت حمى الوادي المتصدع في مصر عام 1977 وأدت إلى وفاة قرابة 600 مصاب ثم عادت إلى الظهور عام 1993 وعام 2003، وتجاوزت أفريقيا لتظهر في السعودية واليمن عام 2000 وتودي بحياة 187 مصابا.

وظهرت حمى الإيبولا القاتلة في السودان والكونغو لأول مرة عام 1976، وتكررت عدة مرات بعد ذلك، كما حدثت فاشية الطاعون في الهند عام 1994.

وانتقل مرض غرب النيل من موطنه في الشرق الأوسط وبشكل مفاجئ إلى ولاية نيويورك الأميركية عام 1999، وانتشر منها إلى ولايات أخرى وكندا.

وفي عام 2003 ظهر في الصين لأول مرة مرض المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، وانتشر في غضون أشهر إلى دول عدة مخلفا حوالي 800 وفاة، ثم ظهر مرض إنفلونزا الطيور في نفس العام وأدى إلى إعدام ملايين الطيور والدواجن وإصابة 381 شخصا توفي منهم 240 حتى 17 أبريل/نيسان 2008.

الأمراض المشتركة 

ومن المتعارف عليه أن انتقال فيروس من كائن حي إلى آخر أمر نادر، فليس من السهل اختراق الفيروسات حاجز النوع، أي "مضيفها" الذي تنمو وتتطور لديه سواء إنسان أو حيوان أو نبات، ويرجع العلماء السبب إلى تأقلم الفيروس وعدم اجتيازه الحاجز الجيني للنوع، ويستثنى من ذلك داء الكلب الذي ينتقل بين الأنواع بسهولة.

ومن الملاحظ أن معظم الأمراض التي تصيب الإنسان وتصنف على أنها في غاية الخطورة هي أمراض مشتركة، أي أنها حيوانية المنشأ، وذلك لقدرتها على تغيير شكلها والتبدل على المستوى الجيني، مثل مرض غرب النيل، وحمى الوادي المتصدع، والجمرة الخبيثة، وإنفلونزا الطيور.

ويحذر الأطباء ومنظمة الصحة العالمية بشكل خاص من تحول فيروس إنفلونزا الطيور إلى وباء عالمي يودي بحياة الملايين، على غرار جائحة "الإنفلونزا الإسبانية" التي أودت بحياة حوالي 50 مليون شخص عام 1918.

والسبب في هذه التحذيرات هو قدرة فيروس إنفلونزا الطيور على التحور والتأقلم مع مضيف جديد، ويتمثل الخوف في توصل الفيروس إلى التزاوج مع الإنفلونزا البشرية لينتج تركيبة جديدة من الفيروس تستطيع الانتقال من شخص إلى آخر، وقد تكون أشد خطرا، ومن المتوقع أن يكون الانتشار سريعا جدا، وذلك لأن فيروس الإنفلونزا يصيب بالعدوى في مرحلة الحضانة قبل ظهور الأعراض بخلاف مرض سارس.

أسباب الظهور 

يرجع المتخصصون ومنظمة الصحة العالمية أسباب ظهور وانتشار تلك الأمراض إلى أمور عدة منها:

  • سهولة وزيادة حركة التنقل والسفر جوا.
  • اتساع المدن والتضخم السكاني، وعدم الاهتمام بالنظافة في بعض المناطق التي تعاني من التكدس السكاني، مما يساعد على انتشار الأمراض، إضافة إلى تكيف الحشرات الناقلة للأمراض مع البيئة العمرانية.
  • سوء استغلال البيئة، وقطع الغابات والأحراش، واستيطان مناطق لم تكن مأهولة قد تمثل مستودعات طبيعية لأنواع من الجراثيم.
  • التغير المناخي والبيئي الذي يساعد على ظهور وانتشار أمراض في أوقات وأماكن غير متوقعة.
  • انخفاض نسبة المياه الصالحة للشرب، وتأثيرات الانحباس الحراري.
  • اتساع التجارة الدولية، وتغير طرق تحضير وإنتاج الأغذية، واستغلال الأراضي.
  • سوء استخدام الأدوية ومضادات الميكروبات، مما يطور سلالة فيروسية وجرثومية مقاومة للأدوية، وبالتالي فشل الأدوية المتوفرة في العلاج قبل استحداث بديل.
  • استخدام المضادات الحيوية في أغذية الحيوان مما يساعد على تكيف الجراثيم ومقاومتها للأدوية.
  • ضعف وتداعي المنظومة الصحية العالمية، وصرف الاهتمام عن مكافحة الأمراض المعدية.
  • قلة الموارد المالية المخصصة لمواجهة الأمراض الوبائية، وارتفاع كلفتها.
  • الحروب، واستخدام الأسلحة البيولوجية، والمجاعات، وهجرة الملايين.
  • التطور الصناعي والتلوث، والنفايات الكيماوية والنووية.

منظمة الصحة العالمية والأمراض المستجدة والمنبعثة 

تصف منظمة الصحة العالمية الأمراض المستجدة والمنبعثة التي قد تتحول إلى أوبئة بأنها أحد أعظم الأخطار الدولية التي تهدد الأمن العالمي والصحي، لما ينتج عنها من هلع وخوف ووفيات، وتعطيل للاقتصاد.

وتولي المنظمة هذه الأمراض اهتماما كبيرا، وتصنفها على أنها من أهم قضايا الأمن الصحي الدولي، وتذكر أن الأمراض الجديدة ظهرت بوتيرة غير مسبوقة في العقود القليلة الماضية، بمعدل مرض جديد واحد أو أكثر كل عام.

وقامت المنظمة في عامي 1973 و1981 بتنقيح اللوائح الصحية الدولية لعام 1969، وتوسعت فيها عام 2005 لتضيف الأمراض المستجدة والمنبعثة، ووضعت إطارا قانونيا لجمع المعلومات بسرعة عن الطوارئ الصحية التي قد تسبب قلقا دوليا، وتطالب الدول الأعضاء بالتبليغ عن تلك الطوارئ، واستجابة الدول التي حدثت فيها الطوارئ والدول الأخرى ومشغلي النقل الدولي للتدابير المؤقتة التي تصدرها المنظمة.

ووضعت المنظمة إستراتيجية لمواجهة الأمراض المعدية المستجدة وتلك التي بعثت من مرقدها، عن طريق إنشاء "الشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات والاستجابة لمقتضياتها" عام 2000، وهي هيئة للتعاون التقني بين المؤسسات والمراكز المتخصصة والمختبرات حول العالم، للوقاية من هذه الأمراض، والكشف عنها، ومكافحتها، ومنع انتشارها، وإنذار المجتمع الدولي بمخاطرها.

المصدر : الجزيرة