المشكلة القبرصية.. تفاعلات الجغرافيا والتاريخ

undefined


محمد عبد العاطي
 
قبرص جزيرة صغيرة متنازع تاريخيا على هويتها وتبعيتها بين تركيا واليونان. على أرضها يدور صراع سياسي بين المكونين الرئيسيين لسكان الجزيرة، وهما القبارصة ذوو الأصول اليونانية والقبارصة ذوو الأصول التركية.
 
تتألف الجزيرة القبرصية حاليا من دولتين مستقلتين، إحداهما معترف بها وعضوة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وهي الجمهورية القبرصية وعاصمتها نيقوسيا، ومقامة على 65% من مساحة الجزيرة، والثانية مستقلة لكن غير معترف بها سوى من تركيا وتسمى "جمهورية شمالي قبرص التركية" ومقامة على 35% من بقية مساحة الجزيرة وعاصمتها ليفكوشه.
 
الموقع والمساحة
المساحة الإجمالية للجزيرة هي 9.250 كلم مربعا، منها 3.355 كلم مربعا في الشمال، وهي الجزء الذي أعلن فيه القبارصة الأتراك دولة مستقلة أطلقوا عليها "جمهورية شمالي قبرص التركية" لكن لم تعترف بها أي دولة في العالم سوى تركيا.
 
قبرص التي تعتبر الثالثة بين جزر البحر الأبيض المتوسط من حيث الحجم بعد جزيرتي صقلية وسردينيا، تقع في الشمال الشرقي لهذا البحر المهم في طرق الملاحة الرئيسية العالمية. يفصلها عن الشاطئ الجنوبي التركي 75 كلم، وعن غرب سوريا 105 كلم، وعن مصر 380 كلم، وعن اليونان حوالي ثمانمائة كلم.
 
الطبيعة في قبرص خلابة، جبال خضراء، وشواطئ رملية، وطقس شبه معتدل، ممطر شتاء وجاف صيفا.
 
الموارد والنشاط البشري
قبرص غنية بمواردها الطبيعية فهي بلد زراعي، ويشتغل في الزراعة ثلثا السكان، ومن مزروعاتها الشهيرة الزيتون والليمون والبرتقال والعنب والبطاطا.
 
كما أنها غنية بالمواد المعدنية وبالأخص النحاس والنيكل والكروم، وتشكل المعادن 60% من الصادرت.
 
وفضلا عن كل ذلك فإن قبرص بلد سياحي تمثل فيه السياحة موردا مهما للدخل القومي.
 
السكان
سكان قبرص وفقا لتقديرات الأمم المتحدة عام 2007 حوالي 855 ألف نسمة، والثابت حاليا أن غالبية السكان هم من أصول يونانية، أما نسبة هؤلاء تحديدا فأمر مختلف فيه، إذ يميل كل طرف إلى زيادة تعداده وتقليل تعداد الطرف الآخر، فالقبارصة اليونانيون يقولون إن نسبتهم 80% وإن الأتراك أقل من 20% ويخصصون في إحصائياتهم نسبة صغيرة لبقية الأعراق.
 
بينما القبارصة الأتراك يؤكدون أن نسبتهم تقارب 25% وأن القبارصة اليونانيين 70%، أما بقية الأعراق المتبقية فتشكل 5%.
 
القبارصة اليونانيون مسيحيون ينتمون إلى الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، ويتكلمون اليونانية، أما القبارصة الأتراك فمسلمون سنة، ويتكلمون اللغة التركية، وتعد اللغة الإنجليزية هي اللغة الثانية لكل منهما.
 
عاشت الطائفتان اليونانية والتركية في تسامح أغلب فترات الحكم العثماني التي امتدت لثلاثة قرون (1571 -1878) على الرغم من انعدام القاسم المشترك بينهما، فكلا الطائفتين تختلفان في اللغة والدين والعادات والتقاليد، كما أن طول المعيشة المشتركة لم يتطور إلى الاندماج كما يحدث عادة بالتزاوج أو التحول من دين إلى دين الطرف الآخر، لكن ذلك لم يحدث في قبرص إلا نادرا.
 
وقد بدأت التوترات الاجتماعية في التصاعد بعد ذلك مع نشاط قادة الكنيسة الأرثوذكسية لضم الجزيرة إلى اليونان، واستمرت تلك التوترات حتى أدت لانقسام الجزيرة إلى دولتين كما سيأتي ذكر ذلك لاحقا.
 
الأهمية الإستراتيجية
تحتل قبرص موقعا ذا أهمية إستراتيجية، فهي ملتقى قارات وحضارات ثلاث، أوروبا وآسيا وأفريقيا، الأمر الذي كان له أبعاد إيجابية تمثلت في الثراء الحضاري والتنوع والتلاقح الفكري بين سكانها وشعوب تلك الحضارات، كما أسهم في إنعاش اقتصادها عبر عمليات التبادل التجاري التي كانت تتخذ من موانئ قبرص محطات للتزود بالمؤن اللازمة لمواصلة الرحلات البحرية.
 
لكن هذا الموقع نفسه كان سببا في مشكلات جمة، ومثل عامل اضطراب سياسي مستمر وتهديد أمني دائم، بل إنه أثار أطماع الإمبراطوريات والدول والممالك التاريخية القديمة الكبرى، فسيرت إلى هذه الجزيرة الكثير من الغزوات، وخضعت في فترات تاريخية مختلفة للاحتلال، وكان من ذلك: الغزوات الفرعونية والحثية والأكادية والفينيقية والآشورية والفارسية والقرطاجية والرومانية والبيزنطية والإسلامية والصليبية والعثمانية والإنجليزية.
 
الاحتلال البريطاني
لم يتوقف تأثير أمر الموقع الإستراتيجي عند حد طمع الإمبراطوريات القديمة والدول الكبرى في السيطرة على الجزيرة القبرصية في العصور التاريخية القديمة، ولكن هذا القدر الجغرافي امتد وظل مستمرا حتى الوقت الحاضر.
 
في عام 1878 دخلت بريطانيا قبرص، وفي عام 1925 أعلنوها مستعمرة ملكية، وفي الأربعينيات من القرن العشرين استعملتها بريطانيا نقطة اتصال وتموين لمستعمراتها وقواتها في مصر وفلسطين والعراق والخليج، وأنشأت عليها قاعدتين عسكريتين لا تزالان تعملان في تأمين المصالح البريطانية حتى الآن.
 
قبرص والأمن القومي العربي
القرب الجغرافي لقبرص من سواحل بعض الدول العربية مثل سوريا ولبنان وفلسطين ومصر كان دوما مصدر تهديد للأمن القومي العربي، وخصوصا عندما تسيطر على هذه الجزيرة دول أو إمبراطوريات لها مصالح تتعارض مع مصالح العرب وأمنهم القومي.
 
فبريطانيا على سبيل المثال وبعد تأميم مصر قناة السويس باشرت حربها بالتعاون مع إسرائيل وفرنسا على مصر انطلاقا من هذه الجزيرة، وهي الحرب المعروفة بحرب السويس أو العدوان الثلاثي عام 1956.
 
كما لعبت هذه الجزيرة والقواعد الموجودة عليها دورا في مساعدة إسرائيل في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.
 
واستخدم كذلك ميناء لارناكا القبرصي في تقديم تسهيلات ودعم لوجستي لمشاة البحرية الأميركية والقوات متعددة الجنسيات التي نزلت بيروت عام 1978.
 
وبالإضافة إلى الحروب والعمليات العسكرية سالفة الذكر فإن النشاط الاستخباراتي الإسرائيلي في قبرص والموجه إلى العالم العربي بأساليب وطرق مختلفة أمر بات معروفا.
 
ومن الطرق التي يتبعها الموساد لممارسة أعماله التخفي خلف واجهات الشركات التجارية، التي كثر عددها حتى أصبح في قبرص أكثر من 170 شركة قبرصية يونانية تربطها بإسرائيل علاقات تجارية واسعة ومتعددة ومتشعبة.
 
العلاقة مع تركيا
ترتبط تركيا بقبرص التي لا تبعد عن سواحلها سوى 75 كلم بتاريخ طويل، ففي القرن السادس عشر (1571م) دخل السلطان سليم الثاني قبرص بجيوشه، ونجح في إجلاء البنادقة عن الجزيرة بعد أن ظلوا دوما مصدر تهديد للمصالح العثمانية، وعامل إزعاج لقوافل الحجاج وطرق التجارة عبر شرق البحر الأبيض المتوسط.
 
ومنذ ذاك التاريخ ظلت قبرص تابعة للدولة العثمانية طيلة ثلاثة قرون، شهدت الجزيرة فيها فترات من الاستقرار والازدهار وأخرى من الاضطراب السياسي والاجتماعي وشظف العيش.
 
وفي هذه القرون زادت معدلات هجرة الأتراك إلى الجزيرة، كما كانت في الوقت نفسه منفى تلجأ إليه السلطات التركية أحيانا لنفي من تشاء من قادة المعارضة التي تعتقد أنها تمثل مصدر تهديد للباب العالي في الأستانة.
 
وبسبب العداء التاريخي والتنافس التقليدي على الموارد الحيوية بين اليونان وتركيا، ونظرا للروابط المتينة دينيا وعرقيا بين القبارصة ذوي الأصول اليونانية ودولة اليونان، ظلت على الدوام قبرص تمثل مصدر تهديد للأمن القومي التركي.
 
فهي فضلا عن قربها الجغرافي (75 كلم) يمكن في حال اتحادها مع اليونان وبسبب الوجود العسكري اليوناني على أرض الجزيرة، وعلى خلفيات الثارات التاريخية القديمة بين اليونان وتركيا، أن تزيد من
الحصار البحري على تركيا وتهدد أمنها وتغلق منافذها البحرية عند مدخل بحر إيجة المؤدي إلى الدردنيل والبوسفور، وكافة الموانئ التركية من إستانبول حتى الإسكندرونة.
 
وهي أخطار تحسب لها تركيا ألف حساب، ويضعها العسكريون الأتراك نصب أعينهم على الرغم من أن البلدين (تركيا واليونان) عضوان في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). 
 
الطريق نحو الاستقلال
مع أوائل الخمسينيات نشأت في قبرص حركة سرية قادتها وكوادرها من القبارصة اليونانيين تسمى أيوكا، كان هدفها الحصول على الاستقلال والاتحاد مع اليونان. دعمت الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان هذه الحركة وأمدتها بالمال والسلاح، وأضفت على أعمالها طابعا مقدسا، ونصبت زعيمها الأسقف مكاريوس رئيسا لأساقفة قبرص، مما أكسب شخصيته طابعا دينيا فضلا عن الطابع القومي الذي اشتهر به.
 
شنت أيوكا حرب عصابات على الاحتلال البريطاني عام 1955، وطالت شظايا تلك الحرب القبارصة الأتراك، مما أدخل البلاد في حالة أشبه بالحرب الأهلية سقط فيها ضحايا كثر من الجانبين.
 
كما شهدت الجزيرة القبرصية هبة شعبية حاولت بريطانيا إخمادها بنفي مكاريوس إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي، لكن الثورة اشتدت مما اضطرها إلى الإفراج عنه في عام 1956، ومهدت الأجواء للدخول في مفاوضات بشأن استقلال الجزيرة القبرصية.
 
وفي مقابل حركة أيوكا السرية نظم القبارصة الأتراك أنفسهم للدفاع عن وجودهم ومصالحهم، واستنهاض الشعب التركي في الأناضول لتقديم الدعم والإسناد لهم، فأسسوا عام 1957 حركة فولفان (البركان) بزعامة رؤوف دنكطاش ثم أعلنت العمل العلني والتخلي عن السرية وأطلقت على نفسها منظمة المقاومة التركية.
 
في مدينة زيورخ بسويسرا اجتمع عام 1959 قادة تركيا واليونان والقبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيون وممثلون عن سلطات الاحتلال البريطاني، للتباحث بشأن استقلال قبرص. وانتهت تلك المفاوضات الطويلة والشاقة بالتوصل إلى منح قبرص الاستقلال، وأعلن بالفعل في السادس عشر من أغسطس/آب 1960 بعد الاتفاق على دستور ينظم شؤون الحكم وإدارة الدولة.
 
وقد اشترطت لندن الالتزام في الدستور القبرصي بمشاركة الأقلية التركية في الحكم، لكن الأخيرة لم تنفذ ما عليها من التزامات بالدقة والقدر اللازمين، فنشب من هنا خلاف لا يزال مستمرا.
 
دستور 1960
كان من أبرز ما نصت عليه اتفاقيات الاستقلال ودستور 1960 منح القبارصة الأتراك 30% من كل شيء تقريبا في الحكم وإدارة الدولة، سواء في الحقائب الوزارية أو في عدد مقاعد البرلمان أو في الوظائف العامة، مقابل منح القبارصة اليونانيين حوالي 70%.
 
كما نص الدستور آنذاك على تعيين نائبا لرئيس الجمهورية من القبارصة الأتراك، واشتراط موافقته على القرارات المهمة المتعلقة بالأمن والدفاع والعلاقات الخارجية.
 
وكذلك نص الدستور على أن تحتفظ كل من تركيا واليونان بقوات رمزية على الأراضي القبرصية، فتحتفظ اليونان بتسعمائة جندي وتحتفظ تركيا بـ650 جنديا، وتستمر بريطانيا في بسط سلطتها الكاملة على القاعدتين العسكريتين الكبيرتين في منطقتي أكروتيري ودهكيليا، على امتداد الساحل الجنوبي.
 
وفي 31 يوليو/تموز 1960 تم بالفعل انتخاب أعضاء البرلمان، وانتهى الحكم البريطاني للجزيرة في 15 أغسطس/آب 1960، وانتخب الأسقف
مكاريوس أول رئيس لجمهورية قبرص المستقلة، وفي العام التالي انضمت للأمم المتحدة.
 
تعديلات مكاريوس
لم يكد يمر ثلاثة أعوام على استقلال قبرص، حتى تقدم رئيس الجمهورية الأسقف مكاريوس بثلاثة عشر مقترحا بتعديلات على دستور 1960، مدعيا أن هذا الدستور قد شل أداء الحكومة، وأنه أعطى حقوقا أكثر من مما يجب للقبارصة الأتراك، وقال إن من شأن تعديلاته المقترحة تحسين إدارة البلاد.
 
رفض القبارصة الأتراك مقترحات مكاريوس، وقالوا إنها سوف تسلبهم حقوقهم الدستورية وتهدد الضمانات التي منحت لهم بمشاركتهم في حكم وإدارة جزيرتهم، وأيدهم في ذلك القادة الأتراك، واندلعت على إثر ذلك أعمال العنف بين الجانبين، وسقطت أعداد من القتلى والجرحى ودخلت الجزيرة في دوامات من الفوضى، فأرسلت الأمم المتحدة عام 1964 قوات لحفظ السلام ونشطت الجهود الدبلوماسية الدولية لحل الأزمة القبرصية، أو ما بات يعرف إعلاميا باسم المشكلة القبرصية، وقد أثمرت هذه الجهود عن إعادة الهدوء المشوب بالحذر مرة أخرى إلى الجزيرة.
 
كان السلام هذه المرة هشا، وسرعان ما عادت أعمال العنف بين الجانبين إلى الاندلاع مجددا، ودخلت البلاد في أزمة جديدة امتدت طوال الفترة من 1967 حتى 1974، ولم تنفع معها المباحثات التي جرت بين القبارصة الأتراك واليونانيين، وظلت معضلة الدستور قائمة دون حل.
 
الاجتياح التركي
أعيد انتخاب الأسقف مكاريوس رئيسا للجمهورية فترتين (1968 و1973) وظن هذا الثائر والزعيم السياسي والديني أن بقاءه سيطول، لكن الأمور أخذت منحى آخر. 
 
ففي عام 1974 شهدت الجزيرة انقلابا عسكريا ناجحا قاده ضباط من القبارصة اليونانيين تابعين لقوات الحرس الوطني، واستطاعت الإطاحة بحكم الرئيس مكاريوس واضطر إلى الفرار خارج البلاد، وخلفه في الحكم ناشر صحفي يسمى نيكوس سامسون، لكنه قدم استقالته بعد أسبوع واحد من توليه السلطة، ليقود البلاد من بعده رئيس مجلس النواب غلافكوس كلرديس.
 
كانت الدولة التركية تراقب الأوضاع السياسية المضطربة في قبرص عن كثب، واعتقدت أن الوقت قد حان لحسم عسكري ينهي كما تعتقد الصراع الطويل الممتد بين القبارصة الأتراك واليونانيين، فاجتاح في عام 1974 الجيش التركي قبرص، واندلع قتال عنيف بينه وبين القوات المسلحة القبرصية، استطاع فيها الجيش التركي إحراز تقدم عسكري ملموس كان من نتيجته السيطرة على مساحات واسعة شمالي البلاد، وفرار آلاف القبارصة اليونانيين من هناك صوب الجنوب كما فر الآلاف أيضا من القبارصة الأتراك من المناطق الجنوبية باتجاه الشمال، وقد تسبب ذلك في إيجاد مشكلة لاجئين ونازحين وما يصاحبها عادة من معاناة إنسانية.
 
تدخل الوسطاء الدوليون في القتال الدائر واستطاعوا التوصل إلى وقف إطلاق النار بين الجانبين القبارصة اليونانيين والجيش التركي، ووافقت الأطراف على عودة الأسقف مكاريوس إلى الحكم أواخر عام 1974، وبقي في منصبه إلى وفاته عام 1977 ليخلفه رئيس مجلس النواب (البرلمان) سباريوس كبريانو.
 
وطوال عامي 1974 و1975 لم يستطع الجانبان التوصل في مباحثاتهما إلى تسوية للأزمة، مما حدا بالقبارصة الأتراك بزعامة رؤوف دنكطاش إلى إعلان المناطق الشمالية القبرصية منطقة حكم ذاتي، وأطلقوا عليها اسم الولايات القبرصية التركية الفدرالية، لكن ذلك لم يكن كافيا لاستقرار الأوضاع.
 
ففي عام 1983 أعلن القبارصة الأتراك تلك المناطق جمهورية مستقلة تحت مسمى "جمهورية شمالي قبرص التركية" ورأسها الزعيم رؤوف دنكطاش وأعلنت الدولة التركية على الفور الاعتراف بها لكنها عجزت حتى الآن عن نيل اعتراف أي دولة أخرى في العالم، كما لم تمنحها الأمم المتحدة عضويتها، وأصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 541 الذي أعلن فيه عدم شرعية هذا الاستقلال ومطالبة القوات التركية بالانسحاب، وظل الجميع يعترف فقط بحكومة قبرصية واحدة لدولة قبرصية واحدة في الجنوب.
 
أحلام الوحدة
بقيت المشكلة القبرصية طوال الـ25 عاما الماضية تراوح مكانها. حكومة في الشمال غير معترف بها سوى من تركيا ووجود عسكري تركي هناك يقدر بنحو ثلاثين ألف جندي.
 
وحكومة أخرى في الجنوب تحظى بالشرعية الدولية، وظل الوحدويون في الجانبين يطالبون بعودة الوحدة إلى الجزيرة المقسمة، وارتفعت أصواتهم بأن الوقت قد حان لتذليل الصعاب ومحاولة تجاوز إحن الماضي.
 
وفي العام 2004 حاولت الأمم المتحدة عبر مقترح تقدم به أمينها العام كوفي أنان توحيد الجزيرة، لكن القبارصة اليونانيين رفضوا ذلك المقترح بينما قبله القبارصة الأتراك. وفي العام نفسه وافق الاتحاد الأوروبي على قبول عضوية قبرص لتصبح إحدى دول الاتحاد.
 
ومع مطلع عام 2008 جرت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في الجمهورية القبرصية وأسفرت عن خروج الرئيس تاسوس بابادوبولوس من السباق، لتخلو الساحة أمام المتنافسين زعيم الحزب الشيوعي القبرصي ديميتريس خريستوفياس ومرشح اليمين يوانيس كاسوليدس.
 
وفي الجولة الثانية التي جرت وقائعها الأحد الرابع والعشرين من فبراير/شباط فاز خريستوفياس، وأعلن عقب فوزه أنه يريد استئناف المحادثات مع القبارصة الأتراك عبر عملية تشرف عليها الأمم المتحدة. وأكد في نشوة النصر أنه سيعمل على "إعادة توحيد الشعب القبرصي وأنه من أجل ذلك يمد يد الصداقة إلى القبارصة الأتراك وإلى زعمائهم".
 
لكن سؤال الوحدة والعيش المشترك الذي حاول القبارصة الإجابة عنه أغلب سنوات القرن الماضي، ورغم وجود الزعيم القبرصي التركي المنادي بتوحيد شطري الجزيرة محمد علي طلعت على رأس جمهورية شمالي قبرص التركية، سيبقى رغم كل ذلك قائما: هل سينجح خريستوفياس وطلعت في ما عجز أسلافهما عن تحقيقه؟
_______________
المصادر:
 
 
 
 
الموسوعة العربية العالمية، الطبعة الثانية 1999، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر، السعودية، حرق القاف، ص 62 إلى ص 64.
 
موسوعة السياسية، الجزء الرابع، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان، بدون سنة طبع، ص 744 إلى ص 758.
 
موسوعة مقاتل من الصحراء، السعودية، دول وأماكن مشهورة، قبرص، وكذلك فصل تطور المشكلة القبرصية نحو الاستقلال.
http://www.moqatel.com/mOKATEL/data/BEHOTH/
siasia-askria4/Seraa/1/Mokatel1_22-5.htm
المصدر : الجزيرة