كيف تنظر إلى تسمية سفراء عرب في العراق؟

بدأت بعض الدول العربية بتسمية سفرائها في العراق، خطوة بدأتها دولة الإمارات في الخامس من يوليو/ تموز 2008 بتسمية سفير لها في بلاد الرافدين، وتبعتها مملكة البحرين باتخاذ نفس الخطوة في الثامن من يوليو/ تموز الحالي.

الخطوة الإماراتية جاءت في أعقاب زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى أبو ظبي، وسط ترحيب البيت الأبيض الذي اعتبر أن عراقا آمنا ومزدهرا هو من مصلحة الجميع في المنطقة.

يشار إلى أن الإمارات سحبت أكبر دبلوماسييها من بغداد برتبة قائم بالأعمال في مايو/ أيار 2006، بعد أن اختطفت مجموعة مسلحة دبلوماسيا إماراتيا في العاصمة العراقية، وأفرجت عنه بعد أسبوعين.

فكيف تقيم خطوة الإمارات والبحرين بتعيين سفراء في بغداد؟ وهل يجب على الدول العربية أن تحذو حذو الدولتين؟ وهل تعتقد أن تسمية سفراء في بغداد تعد شرعنة للاحتلال هناك؟

للمشاركة في الاستطلاع .. اضغط هنا

  

شروط المشاركة:

 

– كتابة الاسم والبلد والمهنة.

– الالتزام بموضوع الاستطلاع.

 

  •  استطلعت الجزيرة نت أراء بعض من الكتاب، وهذه أولى المشاركات الواردة من الكتاب، وسيتم نشر أراء بقية الكتاب تباعا.

__________________________________________

 

الدكتور عبد الخالق عبد الله

سياسي أكاديمي- الإمارات العربية المتحدة.

 

هناك اعتبارات وأجندات متصارعة في العراق منها الأجندة الإيرانية التي تريد من العراق بلدا ضعيفا إلى جانب إيران، هذه الأجندة يجب ان تقابلها أجندة عربية تحتضن العراق لإعطاء ضوء بسيط في هذا البلد، ونحن نعتقد أن الوقت قد حان لأن تكون هناك أجندة عربية لتملأ الفراغ الذي وجد في العراق ليقابل الأجندة الإيرانية، ومن هنا تأتي المبادرة الإماراتية التي تريد العراق قويا معافى وستعقبها مبادرات أخرى عربية وخليجية وفق تنسيق عربي.

 

أما ما يخص مسألة شرعنة الاحتلال في العراق فلم تعد الولايات المتحدة هي من يمتلك كل الأوراق في العراق، فبعد مضي 5 سنوات من احتلال العراق أصبحت واشنطن هي الطرف الأضعف في العراق بعد أن فقدت 90% من أوراقها هناك. ومن هنا حان الوقت لأجندة عربية هناك، ومن هنا تأتي المبادرة الإماراتية لتفتح الطريق لمبادرات أخرى.

 

—————————————–

حسن أبو طالب

كاتب ومحلل في الشؤون العربية والدولية- مصر

 

لا شك أن تسمية بلدين عربيين لسفراء لهما فى العراق تعد خطوة ذات دلالة من زاويتين، الاولى أن هذه التسمية تعنى أن هناك قرارا نهائيا من هذه الدولة العربية أو تلك بفتح أبوابها كاملة أمام العراق ولكن دون تسرع فى التطبيق، والثانية أن خطوة من هذا القبيل من دول عربية فى منطقة الخليج على وجه التحديد ستوفر شرعية وقبولا عربيا أكبر للتحركات الحكومية العراقية الساعية إلى جذب بقية العرب مرة اخرى إلى الداخل العراقى.

 

هاتان الدلالتان رغم أهميتهما من الواجب عدم المبالغة فى وزنهما العام، فمن ناحية هناك ضغوط شديدة تمارسها الولايات المتحدة على الدول العربية لكى تفتح سفاراتها فى بغداد. وهو إن حدث فسيقدم دليلا على أن إدارة بوش التى تستعد لمغادرة العراق، أو على الأقل تنظيم الوجود العسكرى الأميركى فيه لفترة طويلة مقبلة لم تفعل ذلك والعراق بعيد على هويته العربية وعلاقاته الإقليمية الطبيعية.

 

هنا علينا أن نلحظ أن الرئيس بوش يريد نوعا من الشرعية العربية لوجود قوات بلاده فى العراق، وهو ما سيحدث تلقائيا إذا فتحت السفارات العربية هناك وفى هذه الآونة تحديدا. والمؤكد أن عددا من الدول العربية الرئيسة تدرك هذه الحاجة الأميركية الماسة، ونظرا لأن علاقاتها ليست على ما يرام مع البيت الأبيض هذه الأيام، فالمرجح أنها لن تستجيب لهذه الأمنية "البوشية" العالية، والمرجح أيضا أن تدخر بعض العواصم العربية عودة سفرائها لبغداد إلى حين وصول رئيس أميركي جديد مطلع العام المقبل.

 

فضلا عن أن عددا من الحكومات العربية الرئيسة أيضا تعتقد أن حكومة المالكى، ومع كل نواياها الطيبة المعلنة بعلاقات عربية طبيعية ومتطورة، لم تقدم ما تم التفاهم عليه سابقا من تأسيس مصالحة وطنية شاملة تضع العراق على طريق التوافق والسلم الأهلى والاستقرار، وبالتالى تبعد الضغوط وتقلل المخاطر عن السفراء العرب إن عادوا فعلا إلى سفارات بلادهم فى بغداد.

 

ومن ناحية ثانية، وهنا مفارقة كبرى، يبرر استمرار الغياب العربى للحكومة العراقية ولكثير من القوى السياسية العراقية ما يعدونه البديل المتاح، أى النفوذ الإيرانى بحكم الجوار والمذهب والحرية الاستخبارية والمعونات الأمنية والعسكرية لهذا الطرف المحلى أو ذاك.

 

ولعل الجانب الإيجابى فى تسمية الإمارات والبحرين والأردن لسفراء لهم فى العراق هو الرسالة الضمنية بأن العرب، أو بعضهم على الأقل مستعدون للتجاوب مع المطالب العراقية، ولكن ليس دفعة واحدة، فهناك الكثير مما يجب عمله من قبل المالكى شخصيا، ومن قبل حكومته أيضا. وعند كل خطوة عراقية ستكون هناك خطوة عربية.

 

_____________________________________

 

الدكتور عبد الله الأشعل

أستاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة

 

لا شك فى أن الإمارات والبحرين وبقية الدول العربية تريد الخير للعراق وتشعر بالأسى لما حل بشعبه ووحدته، بل وتجزع من المستقبل الذى لا يبشر بالكثير من الخير.

 

وعندما تعين الدولتان سفيرين لهما فى بغداد فذلك ينطلق من هذا الهدف النبيل، ولكنى أخشى أن يكون السبب الأكبر هو الضغط الأميركى، إذ لا يخفى أن واشنطن تريد أن يتعايش العرب مع حقيقة جديدة وهى وجود واشنطن بمخطط تقسيم العراق، بحجة أن العراق أصلا قابل للقسمة وأن واشنطن لم تفعل سوى فك اللحمة بين الأكراد والشيعة والسنة، وهى تقوم بعملياتها "النبيلة" لتخليص الشعب العاجز من صدام المستبد، وهى تدرك أن اللحمة قد انفكت فانقسمت الدولة ولم يقف الأثر عند سقوط النظام رغم انعدام أى أساس قانونى لعدوانها على نظام العراق ودولته.

 

فالعراق الآن محتل بقوات متعددة الجنسيات حولها قرار مجلس الأمن رقم 1546 على الورق من قوات محتلة إلى قوات صديقة وتغيرت مهمتها على الورق أيضا من كونها قوات لاحتلال العراق وإسقاط نظامه إلى قوات حليفة مهمتها مساندة الحكومة العراقية "الشرعية المنتخبة انتخابا ديمقراطيا" ضد المسلحين أى المقاومة، علما بأن واشنطن وإسرائيل تعبثان بأمن العراق وتتعاونان مع القوات الحكومية فى الاعتداء على طوائف معينة ومواجهة المقاومة التى تضم كل طوائف الشعب العراقى.

 

وتعتقد واشنطن أن استخدام السفراء العراب وتطبيع العلاقات مع دولة محتلة، وهى سابقة فريدة فى التاريخ، بزعم أنها دولة أعيدت إليها سيادتها طوعا من جانب قوات الاحتلال فى أكبر مسلسل درامى فى تاريخ الصراعات الدولية، سوف يجعل العرب غطاء للمخطط الأميركى.

 

وقد سبق أن شجعت واشنطن العرب والمسلمين على إرسال قوات لمحاربة المقاومة العراقية، ويبدو أنها لا تزال تصر على ذلك، ونأمل ان تصمد الدول العربية على الأقل حتى إجراء الانتخابات الأميركية. ومع كل احترامى لقرار أى دولة عربية بإرسال سفير إلى بغداد، فهى تسهم فى تعزيز المخطط الأميركى ربما رغما عنها وقد يتعرض سفراؤها للاغتيال، كما أن هذا العمل محسوب عليها فى سياق تقييم الموقف العربى الذى كان له أشد الأثر فى تمكين واشنطن بين احتلال العراق، والأولى أن يسعى العرب للقيام بدور عربى حقيقى يتمسك به العراقيون بدلا من ترك العراق تتناهيها الأطماع من كل جانب، وينتظر العرب المهام التى تكلفهم بها واشنطن وفق رؤيتها الصهيونية المدمرة للمنطقة.

 

والخلاصة أننى أعارض تطبيع العلاقات الدبلوماسية العربية فى ظل الاحتلال وفى ظل حكومة طائفية تأتمر بأمر الاحتلال، وهذا الموقف يقوم على اعتبارات قانونية، لأن العراق محتل مهما قيل غير ذلك، ولا يجوز للدولة المحتلة أن تتبادل العلاقات والبعثات مع غيرها من الدول، فضلا عن الاعتبارات السياسية والإستراتيجية التى تعصم الدول العربية من الخضوع للمخطط الأميركى ضد المصالح العربية.

 

___________________________________

  

أحمد الحاج علي

كاتب وإعلامي- سوريا

 

ما زال الوضع في العراق يشكل أزمة عامة بمستوياتها العراقية الداخلية والعربية والإقليمية والدولية، وهذا يجعل من المواقف نحو العراق حالة متعددة الاتجاهات وكثيرا ما تصل إلى حد التناقض، والمهم في الأمر هو أن تبقى مصلحة العراق من خلال وحدته وسيادته وسرعة الخروج من الأزمة التي تعصف به.

 

المهم أن يبقى الهدف هو الدافع والناظم لأي سلوك سياسي من الأطراف جميعها لا سيما من الأقطار العربية الشقيقة وعلى هذا النحو فإن أولوية إنهاء الاحتلال هي التي تحظى بالاهتمام الكبير والعملية السلمية التي تجري في العراق لا بد أن تتوفر لها شروط بذاتها، الأبرز فيها هو إجراء المصالحة الوطنية والإصرار على الوحدة الوطنية وإعادة بناء المؤسسات بكل أنواعها الرسمية والشعبية والاقتصادية والعسكرية والإدارية.

 

وأنا أعتقد أن الانفتاح على العراق برغم الأزمة القائمة هو مدخل مهم لأي مجهود عربي، فلا يعقل أن يترك العراق وحيدا يتمزق من الداخل ويتلقى الضربات السياسية والعسكرية والأمنية من الخارج، وهذا ما يعني بالمقام الأول العمل الحيوي السياسي من كل الأطراف العربية مع العراق عن طريق الحوار والتفاعل والمشاركة بحمل جزء من المسؤولية القومية، لأن أي تصرف في العراق ينعكس على الإقليم وعلى مجمل أقطار الوطن العربي.

 

وفيما يتصل بإقامة البعثات الدبلوماسية العربية في العراق عن طريق التمثيل الدبلوماسي المشترك فذاك أمر يأخذ أهميته في هذه الفترة، وبالتالي من الضروري أن تفتح البعثات الدبلوماسية العربية في العراق تعبيرا عن دعم السياسات العربية للعراق وتأكيدا على أهمية التفاعل مع الوضع العراقي بما يعني مساعدة الأشقاء وطمأنتهم على مستقبلهم وفتح الفرص أمامهم لكي يصروا على وحدتهم وينجزوا وضعهم الوطني السليم ويدخلوا دورهم التاريخي قوميا وعربيا. 

 

إن التمثيل الدبلوماسي العربي في العراق لا يعني فقط الاعتراف بحقيقة آمال هذا البلد العريق فحسب، بل هو واجب وطني وقومي حتى لا يترك العراق فريسة للتدخلات الخارجية باعتباره يخلو من أي اعتراف رسمي دبلوماسي عربي به.

 

التمثيل الدبلوماسي خطوة إيجابية شريطة أن تحاط بجو آمن سياسيا وأمنيا، وكذلك أن تنتج عن هذه العملية آثارها الإيجابية من خلال الحوار مع كل الأطياف العراقية المسؤولة والرسمية والشعبية، حتى لا يبقى التمثيل الدبلوماسي مجرد بروتوكول عادي لا يقدم ولا يؤخر، ولهذا المعنى فإن التشجيع على أن تفتح السفارات العربية والقنصليات التابعة لها في العراق هو أمر ضروري تؤكده حالة الأزمة الطاحنة في العراق، وتلح عليه أمانة المشاركة القومية العربية للعراق في لحظة عاصفة هي من أصعب اللحظات وأخطرها إذا ما ترك العراق فريدا لا يحظى بالدعم العربي ويترك المجال مفتوحا للتدخل الأجنبي في هذا البلد.

المصدر : الجزيرة