بلا حدود - تحديد الشهور العربية -
بلا حدود

تحديد الشهور العربية

تستضيف الحلقة رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلة محمد شوكت، ليتحدث عن خلافات المسلمين حول تحديد بدايات الأشهر الهجرية ونهاياتها، وانعكاساتها على عبادات ملايين المسلمين.

– المعايير والوسائل الصحيحة لرؤية الهلال
– نسبة أخطاء تحديد الأهلّة في العالم العربي

– بين علماء الفلك وعلماء الشريعة

– مواقع وأقمار صناعية ترصد الأهلّة

– مشكلة الشهود وشروط قبول شهادتهم

undefined

أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحييكم على الهواء مباشرةً وأرحّب بكم في حلقةٍ جديدة من برنامج بلا حدود. وأهنّئكم بقرب حلول عامٍ هجريٍّ جديدٍ، لا نعلم حتى الآن متى يتم تحديد بدايته، بسبب الخلافات التي لا تنتهي بين المسلمين حول تحديد بدايات الأشهر الهجرية ونهاياتها. وتكمن الخطورة بأنها ليست مجرّد بدايات ونهايات أشهر ولكنها ترتبط بعبادات مليار وثلاثمائة ألف مسلم وفرائضهم من الصيام والحج والأعياد حتى بلغ حجم الخلاف بين المسلمين أنهم في القطر الواحد يتبعون مواقيت مختلفة، ولعلّ هذا يعكس جانباً من المآسي التي وصلت إليها الأمة. وفي هذه الحلقة نحاول بشكلٍ علميٍّ ممزوجٍ بالرأي الشرعي أن نتحرّى الحقيقة لأمرٍ يهمّ كل مسلمٍ على وجه البسيطة. أما ضيفنا فهو شابٌّ حمل هذا الهمّ واحترفه، ويسعدني دائماً في هذا البرنامج أن أقدّم من آنٍ لآخر، إلى جوار المسؤولين والخبراء وصنّاع القرار، بعض المبدعين من الشباب مثل ضيفنا المهندس محمد شوكت عودة، الذي تخرّج من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن في العام 2002، لكنه احترف علوم الفلك ورصد الأهلّة منذ نعومة أظفاره، فأسس في العام 1998 المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة الذي يضمّ الآن ما يزيد على 300 عضوٍ من العلماء والهواة والمهتمين برصد الأهلّة من معظم الدول العربية. أعدّ برنامج حاسوبي يقوم على حساب مواقيت الصلاة وإمكانية رؤية الهلال وتحديد اتجاه القبلة ومواعيد شروق الشمس وغروب… شروق وغروب القمر من أي مكانٍ في العالم، وهو منشورٌ مع تقويمٍ هجريٍّ عالميٍّ أعدّه وتم تطبيقه من قبل الأردن والجزائر على شبكة الإنترنيت. كما أعدّ معياراً جديداً باسمه لحساب رؤية الهلال ونشره في المجلة الأمريكية المحكّمة Experimental Astronomy في شهر فبراير من العام 2006. شارك في أكثر من عشرة مؤتمرات عالمية حول الفلك وتحديد بداية الأهلّة. وهو عضوٌ مؤسسٌ في الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك. مقرّر الأنشطة في جمعية الإمارات للفلك وعضوٌ في اللجنة الرسمية لإثبات الأهلّة في كلٍّ من الإمارات والأردن. ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على أرقام هواتف البرنامج التي ستظهر تباعاً على الشاشة (9744888873+) أو يكتبوا إلينا عبر موقعنا على شبكة الإنترنيت www.aljazeera.net أخ محمد مرحباً بك، محمد شوكت عودة: أهلاً بك.

المعايير والوسائل الصحيحة لرؤية الهلال

أحمد منصور: البيان الذي صدر عن المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة في 11 من ديسمبر الماضي وقّع عليه حوالي 25 من علماء الفلك ومن المتخصّصين في هذا الموضوع، من الإمارات، من سلطنة عُمان، من قطر، من الكويت، من سورية، من الأردن، من هولندا، من الجزائر، من مصر، من المغرب، من السودان، أكّد باستحالة رؤية الهلال يوم الأحد، أي هلال ذي الحجّة يوم الأحد، وكان من البيانات التي أثارت بلبلة على اعتبار أن السعودية على وجه التحديد وبعض الدول التي تبعتها أعلنت ميلاد أو بداية ذي الحجّة يوم الإثنين وهو ما أثار بلبلة في هذا الموضوع، أدخل الفلكيين مرةً أخرى كما يدخلون دائماً في صراعٍ مع الشرعيين، جعل بعض الدول التي كان لها تقويم مخالف أيضاً تسير على تقويمات مغايرة، ومشكلة ذي الحجّة أنه يرتبط بفريضة أساسية للمسلمين هي فريضة الحج، وبعيد الأضحى أيضاً. ما هي المعايير والوسائل التي يمكن بها رؤية الهلال بشكلٍ صحيح، حتى يمكن تجنّب هذا الصراع وهذه المشكلة الشهرية؟

محمد شوكت عودة: الآن عند الحديث عن تحرّي الهلال ورؤية الهلال، لا بدّ في البداية أن نشير إلى بعض الأساسيات البسيطة حتى يمكننا الخوض في الموضوع فيما بعد. فأولاً، أول مفهوم يهمنا التركيز عليه وهو أن القمر يشرق ويغرب مثل الشمس، لأن هذا هو موضوع أساسي. فكما أن الشمس تشرق صباحاً وتمكث حوالي 12 تقريباً وتغرب في جهة الغرب مساءاً، القمر أيضاً يشرق ويغرب ولكنه يختلف عن الشمس في أنه، أولاً القمر يتأخّر شروقه وغروبه كل يوم بمعدّل 50 دقيقة، بمعنى إذا غرب القمر اليوم الساعة السادسة مساءاً فغداً سيغرب القمر في الساعة السادسة و50 دقيقة. نحن معتادين أن الشمس تتأخّر دقيقة، تبكّر دقيقة أما القمر 50 دقيقة. هذا يعني أن القمر…

أحمد منصور: وهذا معيار ثابت للقمر؟

محمد شوكت عودة: لأ هذا معدّل، نحن نتكلم عن معدّل القيمة، هي تختلف بخطوط العرض، إذا كنا نتحدث عن خطوط العرض بالنسبة لنا في الدول العربية قد تكون أقل مدة حوالي 20 دقيقة وأكبر مدة حوالي ساعة و20 دقيقة..

أحمد منصور: لماذا شروق وغروب الشمس دقيق للغاية؟ ولماذا شروق وغروب القمر فيه معدّل وليس فيه الدقّة؟

محمد شوكت عودة: لأ، حتى الشمس لو تحدثنا عن تأخّر الشمس، لا يمكنني أن أقول لك أن الشمس تتأخّر كل يوم بمقدار مثلاً 20 ثانية، هناك معدّل. كما تلاحظ أحياناً يؤذّن المغرب الساعة السادسة مساءاً، في اليوم التالي قد يؤذّن المغرب الساعة السادسة ودقيقة.

أحمد منصور: لكن هذا معلوم في كلّ يومٍ من هذا العام، في كل يوم هذا معدّل ثابت لا يتغيّر، القمر معدّله يتغيّر.

محمد شوكت عودة: لأ، هو المعدّل 50 دقيقة، هذا هو المعدّل الدائم. ولكن أنت ربما تتحدث عن موعد الغروب أنه يتأخّر بشكل كبير، يعني من الصعب أن يعرف الشخص العادي موعد غروب القمر، لا بدّ من حسابه. طبعاً هذا يرتبط بحركة القمر، والقمر يدور حول الأرض بحركة أسرع مما تبدو للشخص الذي يسير عليها.

أحمد منصور: إحنا عندنا نموذج لحركة القمر بشكل دقيق، فلو شاهدناه وشرحت بشكل مبسّط للمشاهد حتى يفهم هذا الأمر، يكون أفضل. عندي Graphics رقم واحد، لو يتم البدء في عرضه الآن.

"
عندما تكون الشمس والأرض والقمر على استقامة واحدة يُسمى المَحاق أو الاقتران أو تولد الهلال، والاقتران عكس البدر، البدر يكون القمر فيه كاملا مضيئا، المحاق يكون القمر فيه بأكمله مظلما
"

محمد شوكت عودة: جميل. هذه الرسمة توضّح المصطلح الثاني الذي أريد التأكيد عليه وهو معنى تولّد الهلال، لأنه هذا من أكبر المصطلحات التي تثير إشكالية. نلاحظ الآن كيفية دوار القمر حول الأرض، طبعاً هذه الدورة الواحدة تحتاج إلى 29 يوم و 53 بالمائة. ونلاحظ على اليمين أسفل الشاشة طور القمر الذي نراه من الأرض، والشمس نلاحظ الشمس على اليمين، أشعة الشمس قادمة من اليمين تسقط على القمر وتعكس على الأرض. الآن القمر يتناقص، هذا هو هلال آخر الشهر، يتناقص، يتناقص إلى أن تصبح الشمس والأرض والقمر على استقامة واحدة وهذه المرحلة أو الطور أو الوجه يُسمى المَحَاق. المَحَاق هذه نقطة أساسية، المَحَاق هو يُسمى أيضاً الاقتران ويُسمى أيضاً تولّد الهلال. هذا مصطلح مهم جداً، البعض يعتقد أن تولّد الهلال معناه بداية ظهور الهلال. أبداً تولّد الهلال هو نفسه المَحَاق، هو نفسه الاقتران وهو عكس البدر، البدر القمر يكون كامله مضيء، المحاق يكون القمر كامله مظلم. ويحتاج القمر لأن ينتقل من طور المَحَاق إلى طور الهلال، وهو المطلوب شرعاً رؤيته لبداية الشهر الهجري، من 11 إلى 24 ساعة، لا يوجد رقم ثابت أستطيع القول به، هو رقم يمكن طبعاً معرفته، يعني بحسابات أخرى أعقد من مجرد معرفة عدد الساعات يمكن معرفة متى يصبح القمر هلال. ولكن ككلام بسيط ومعدّل نحن نتكلم ما بين 11 إلى 24 ساعة من بعد الاقتران حتى يصبح القمر في طور الهلال.

أحمد منصور: هذا الاقتران يختلف من دولة إلى أخرى ومن موقع جغرافي إلى آخر.

محمد شوكت عودة: الاقتران هو لحظة عالمية واحدة، قد تحدث الآن ونحن نتكلم، ولكن حدثت الآن، هي بالنسبة، مثلاً في باكستان الآن ربما مثلاً الساعة فيها منتصف الليل، بالنسبة لنا الساعة العاشرة، بالنسبة لغيرنا الآن تغيب الشمس، بالنسبة لغيرنا الآن هو الفجر، ولكن الاقتران أو المحاق أو تولّد الهلال لحظة عالمية واحدة، نوعاً ما، تحدث في لحظة واحدة ولكن تختلف المواقيت في كل دولة.

أحمد منصور: في ظل هذا، كيف يمكن تحرّي ولادة الهلال أو رؤية الهلال بشكل دقيق؟

محمد شوكت عودة: جميل. الآن لتحرّي هلال الشهر الجديد دائماً نبحث عن الهلال في جهة الغرب بعد غروب الشمس، فإن غرب القمر، الآن حتى يمكننا رؤية الهلال لا بدّ من توفر شرطين أساسيين تستحيل الرؤية بانعدام أحدهما..

أحمد منصور: ما هما؟

محمد شوكت عودة: نعم. لو واحد من هذين الشرطين لم يتوفّر تستحيل الرؤية. الأول أن يغيب القمر بعد الشمس، لأننا كما ذكرنا نحن نتحرّى ونبحث عن الهلال بعد غروب الشمس، فإن غاب القمر قبل غروب الشمس، هذا يعني أنه لا يوجد قمر في السماء وبالتالي تستحيل الرؤية. الشرط الثاني أن يحدث الاقتران أو المَحَاق أو ما يسميه البعض تولّد الهلال أن يحدث هذا قبل غروب الشمس لأننا نبحث عن الهلال، واتفقنا أن الهلال هي مرحلة من مراحل القمر تحدث بعد 12 إلى 24 ساعة من المحاق، فإن لم يكن المحاق أو الاقتران قد حدث بعد أصلاً، قبل غروب الشمس فالرؤية مستحيلة. فهذا أول مصطلح نستخدمه كفلكيين عندما نقول استحالة رؤية هلال شهر مثلاً ذي الحجّة، ماذا نعني بمصطلح استحالة الرؤية..

أحمد منصور: هذا ما حدث في رمضان الماضي حينما رفض مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر رؤية أو…

محمد شوكت عودة: في عيد الفطر..

أحمد منصور: في عيد الفطر نعم. في رمضان..

محمد شوكت عودة: لأ، عيد الفطر، رمضان كان كويّس.

أحمد منصور: نعم عفواً في عيد الفطر. حينما رفضوا في متابعة السعوديين حينما بكّروا يوماً في هذا الموضوع ورفضوا وأصرّوا ومصر عيّدت يوم متأخّر عن السعودية..

محمد شوكت عودة: صحيح وهذا حدث في السنة الماضية في رمضان والعيد..

أحمد منصور: في كل سنة، عندنا أزمة سنوية. حينما جئنا نطّلع لأن الأزمة شهرية أيضاً يعني.

محمد شوكت عودة: صحيح. فهذه الرؤية الأولى عن القمر، عندما نقول أن رؤية الهلال مستحيلة هذا هو..

أحمد منصور: يعني حينما يُقال استحالة ولادة الهلال أو ظهور الهلال اليوم..

محمد شوكت عودة: استحالة رؤية الهلال..

أحمد منصور: رؤية الهلال اليوم معناها أن عملية المحاق لا زالت قائمة وبالتالي لا يمكن في ظل المحاق أن ترى الهلال.

محمد شوكت عودة: أكيد الهلال مرحلة تالية للمحاق، فإن لم يكن المحاق قد حدث أصلاً فلا يوجد هلال أو القمر يغيب قبل الشمس، يعني لا يوجد شيء تبحث عنه. طبعاً هناك حالة ثانية اللي هي أن يكون القمر موجود بعد غروب الشمس ولكنه لم يصل بعد إلى مرحلة الهلال. إذاً نحن نتكلم عن حالة مستحيلة هي غروب القمر قبل الشمس، حالية ثانية نسمّيها غير ممكنة بمعنى أن القمر موجود بعد غروب الشمس ولكنه ما زال محاق. والحالة الثالثة هي الممكنة.

أحمد منصور: طيب إحنا عندنا الآن في شهر ذي الحجّة الماضي وقعت إشكالية كبيرة أيضاً في قضية رؤية الهلال وهناك بعض الأشياء التي أعددتها أنت كـ Graphics أيضاً حتى يفهم المشاهد من ورائها وفق المعيار الخاص بك أنت، والذي أيضاً أنا وجدت معايير أخرى متوافقة معه. لو نشرحها للمشاهد شيئاً فشيئاً حتى يفهم طبيعة ما حدث. عندي شكل واحد واثنين حتى لو يتم عرضهم أيضاً على الشاشة، حتى تُرى المناطق التي كان من المستحيل رؤية الهلال فيها والمناطق التي هناك إمكانية فيها.

محمد شوكت عودة: هذا الشكل الأول يبيّن لنا إمكانية رؤية هلال شهر ذي الحجّة من مختلف دول العالم يوم الأحد 9 ديسمبر 2007..

أحمد منصور: الذي أُعلن أنه نهاية ذي القعدة.

محمد شوكت عودة: الذي أُعلن أنه تمّت رؤية الهلال فيه. أعلنوا أنه ثبتت رؤية الهلال في يوم الأحد. اللون الأحمر الذي يغطّي تقريباً جميع الشاشة، هي المناطق التي كانت فيها الرؤية مستحيلة، بمعنى أن جميع هذه المناطق…

أحمد منصور: في مرحلة المحاق..

محمد شوكت عودة: لأ، أسوأ. في جميع هذه المناطق غرب فيها القمر قبل غروب الشمس ولم يحدث بعد فيها المحاق، يعني نحن نتحدث عن اجتماع العاملين معاً، غرب القمر قبل الشمس وحدث الاقتران بعد غروب الشمس، يعني اجتمع العاملان معاً وبالتالي كانت الرؤية مستحيلة. ولذلك لم يكن هناك إمكانية إطلاقاً لرؤية الهلال في ذلك اليوم. إذا تسمح لي أستشهد بتقرير مرصد المناخ البحري البريطاني وهو الذي قائم بأعمال مرصد غرينيتش بعدما تمّ إلغاؤه، يعني ما أقرؤه الآن هو موجود على الإنترنيت، بإمكان أي شخص مهتم أن يذهب إلى موقع مرصد المناخ البحري الملكي سيجد أنه مكتوب، وهذه يعني تقرير لإمكانية رؤية الهلال مُعدّ للمسلمين وتحديداً موقع مكة، ونرى فيه مكتوب بشكل واضح في هذا التقرير أن الاقتران أو المحاق قد حدث يوم 9 ديسمبر الساعة الثامنة و40 دقيقة مساءاً، أي بعد غروب الشمس في مكة بثلاث ساعات. التقرير فيما بعد يبيّن إمكانية رؤية الهلال، نُفاجأ أن الأحد غير موجود أصلاً في الجدول، لا يوجد يوم الأحد لأنه….

أحمد منصور: ليس هناك إمكانية على الإطلاق..

محمد شوكت عودة: يعني الكلام غير وارد أن نبحث عن الهلال يوم الأحد أصلاً، هو يبدأ من يوم الإثنين ويبيّن أن يوم الإثنين الرؤية غير ممكنة وهذا صحيح.

أحمد منصور: وبالتالي فإن بداية ذي الحجّة تكون الثلاثاء وليس الإثنين.

محمد شوكت عودة: الثلاثاء نعم.

أحمد منصور: طيب نشوف الخريطة الأخرى أيضاً وبها بيان في اليوم التالي.

محمد شوكت عودة: اليوم التالي نعم. هذه إمكانية رؤية الهلال يوم الإثنين. المناطق.. يعني المناطق الحمراء الآن لا تهمنا هي بعيدة عن عالمنا الإسلامي، ولكن إذا نظرنا إلى اللون الأزرق الذي يغطّي تقريباً معظم العالم العربي والإسلامي. اللون الأزرق يعني رؤية الهلال يوم الإثنين، هذه طبعاً يوم الإثنين، كانت ممكنة باستخدام التليسكوبات فقط وفي حالة صفاء الغلاف الجوي فقط، يعني لا بدّ أن تستخدم تليسكوب ولا بدّ أن يكون الغلاف الجوي نقي جداً. اللون الأخضر في آخر ألوان الشاشة يعني أن الهلال يمكن رؤيته بالعين المجرّدة.

أحمد منصور: يعني فقط في أمريكا الجنوبية كان يمكن رؤية الهلال بالعين المجرّدة في هذا اليوم الإثنين مساء.

محمد شوكت عودة: نعم. ولكن اللون الزهري هو ما بين العين المجرّدة وما بين التليسكوب، لأنه يعني أحياناً إذا كان الغلاف الجوي نقي يمكن أن تراه بالعين المجرّدة.

نسبة أخطاء تحديد الأهلّة في العالم العربي

أحمد منصور: طبعاً وفق هذه الأشياء تحدث أخطاء كثيرة. وهناك دراسات أعدّها فلكيّون في دول عربية كثيرة تبيّن حجم الأخطاء التي تمّت في خلال الخمسين سنة الماضية حتى أنه يكاد المسلمون لم يصوموا يوماً صحيحاً بنسب في بعض الدول تزيد على 90 في المائة، وكذلك أعيادهم لم تكن دقيقة وفق آراء الفلكيين ووفق الدقّة. فاسمح لي نأخذ بعض النماذج يعني شيئاً بعد شيئاً. أجريت أنت دراسة عن الأردن من العام 1954 إلى العام 2007، أعتقد جدولها واضح الآن وتُظهر حجم الأيام التي تمّ تحديدها بشكل خاطئ وفق رأي الفلكيين طبعاً. ولو تشرح بصورة علمية للمشاهدين.

محمد شوكت عودة: الآن هذه الدارسة تبيّن تقويم نسب الخطأ في الأردن بالنسبة لرمضان وشوال وذي الحجة، طبعاً منذ العام 1954 إلى 2007. إذا نظرنا على يسار الشاشة، نجد أن اللون الأحمر يمثّل الحالات التي كانت إمكانية رؤية الهلال فيها مستحيلة عندما أعلنت ثبوت رؤية الهلال، نجد أنه من أصل 56 حالة، 28 من أصل 56 أُعلن ثبوت رؤية الهلال ولم يكن القمر موجود أصلاً في السماء، يعني نحن نتحدث عن نسبة 50 بالمائة. الآن ما تبقّى 41 بالمائة، يعني 23 حالة من أصل 56 حالة 41 بالمائة لم تكن الرؤية ممكنة، يعني كان القمر موجود ولكن رؤيته ليست ممكنة. ما تبقّى لنا هي خمسة حالات فقط من 56 حالة كان القمر فيها موجود ويغيب بعد الشمس ويمكن رؤيته، فنحن نتحدث عن نسب هائلة، يعني نسب أخطاء عالية جداً، 50 بالمائة مستحيلة. لو انتقلنا إلى شوال الوضع أسوأ، واللي هو عيد الفطر يعني. من أصل 56 حالة 34 حالة كان الرؤية مستحيلة، يعني نتحدث عن 61 بالمائة و 32 بالمائة كانت غير ممكنة، ولم يتبق إلا 4 حالات من أصل 56 وهي تمثّل سبعة بالمائة كانت صحيحة.

أحمد منصور: ذو الحجّة.

محمد شوكت عودة: ذو الحجّة كان أفضل نوعاً ما، لأنه ما زال عشر أيام بعد ثبوت إعلان الرؤية وتحدث أحياناً تعديلات فتتحسّن النسبة. نجد أن المستحيلة 38 بالمائة، غير الممكنة 43 بالمائة والممكنة كانت فقط 19 بالمائة.

أحمد منصور: لدينا أيضاً باحث سوري أعدّ دراسة حول الوضع في سورية من 1950 إلى 2001.

محمد شوكت عودة: نعم بالنسبة لسورية نحن نتحدث عن 51 شهر. سنلاحظ أن النسب تقريباً متقاربة، أيضاً في سورية، كانت في رمضان نسبة رؤية يعني أُعلن ثبوت رؤية الهلال ولم يكن الهلال أصلاً موجود، في 59 بالمائة من الحالات في رمضان، في حين أنه كان 33 بالمائة غير ممكنة ولم يتبقَ إلا ثمانية بالمائة، والحال في شوال مشابه للأردن، وذو الحجّة أيضاً مشابه للأردن. ولكن الهدف من هذ الدراسة التي أعدّها زميلنا الفلكي الدكتور حسن بيلاني، التأكيد على أننا نحن لا نصيغ وجهات نظر شخصية. يعني الفلكيون في مختلف دول العالم عندما يجرون دراساتهم تكون تؤيّد بعضها البعض ونصل إلى نفس النتيجة.

أحمد منصور: عندنا فلكي سعودي أعدّ دراسة أيضاً عن السعودية من 1961 إلى 2004.

محمد شوكت عودة: نعم هذه الدراسة مهمة أعدّها الفلكي، الباحث الفلكي عدنان قاضي. أي جميل أنه هو فلكي سعودي وقام بتقييم نسب الخطأ، يعني اللي استطاع الحصول عليه، رمضان فقط. نجد أنه من أصل 46 حالة هناك 29 حالة أعلنت السعودية ثبوت رؤية الهلال ولم يكن القمر أصلاً موجود في السماء، يعني نحن نتحدث عن 63 بالمائة حالات مستحيلة، لم يكن أصلاً القمر موجود، و11 حالة من أصل 46، يعني ما يمثّل 24 بالمائة كان القمر موجود ولكنه لا يُرى حتى باستخدام التليسكوبات، ولم يتبقَ إلا ست حالات فقط كان بالفعل يمكن رؤية الهلال في ذلك الوقت.

أحمد منصور: الجزائر أيضاً، هناك فلكي مغربي أعدّ دراسة جيدة عن الفترة من العام 1963 إلى العام 2000 أيضاً.

محمد شوكت عودة: نعم. طبعاً الدكتور نضال قسّوم وكريم ميزين هم أول من عمل هذه الدارسة وكلنا يعني سرنا مسارهم. فمن عام 1963 إلى 2000 في 115 حالة ما بين رمضان وشوال وذي الحجّة، وجدوا أن الحالات المستحيلة في الجزائر هي فقط 20 من أصل 115، أي ما يمثّل 17 بالمائة، نجد الوضع في الجزائر أفضل بكثير منّا نحن عنّا في الدول الشرقية والسبب في ذلك الجزائر عندما يعني.. إحصائية سريعة وجدنا أنه من أصل 66 شهر، الجزائر بدأت الشهر في 42 حالة من أصل 66 بعدنا بيوم أو بيومين، ولذلك نسب الرؤية المستحيلة في الجزائر هي أقل منّا. فإذا كانت الجزائر التي بدأت الشهر بعدنا بيوم أو بيومين كانت نسبة الرؤية المستحيلة 17 بالمائة فمن الطبيعي جداً أن تكون النسب عندنا أعلى..

أحمد منصور: أنا أريد أسألك هنا سؤال عن الجزائر والمغرب على اعتبار أنهما الأبعد في المساحة الجغرافية وأيضاً في خطوط الطول والعرض، وأنت ذكرت أن عملية الولادة هي عملية عالمية تتم في لحظة عالمية بالنسبة للقمر. هل يمكن للدول التي تبعد عن الدول التي تقع في قلب العالم الإسلامي أو قلب العالم العربي مثل السعودية ومصر وهذه الدول أن تتوافق معها ولا يكون معها خلاف في اليوم على اعتبار أن توحيد المطالع… أم أن أيضاً هذه نقطة خلافية؟

"
اختلاف المطالع حقيقة لا يمكن إنكارها، فرؤية الهلال دائما تتحسن كلما اتجهنا إلى الغرب، فمن الطبيعي جداً أن يُتحرّى الهلال في السعودية ولكن عندما نتجه إلى الغرب تصبح الرؤية ممكنة
"

محمد شوكت عودة: اختلاف المطالع هي حقيقة لا يمكن إنكارها، يعني رؤية الهلال دائماً تتحسن كلما اتجهنا إلى الغرب، فمن الطبيعي جداً أن يُتحرّى الهلال في السعودية ومصر مثلاً ولا تراه لا السعودية ولا مصر، ولكن عندما نتجه إلى الغرب، إلى المغرب مثلاً تصبح الرؤية ممكنة وبالتالي يراه المغرب. الآن تبقى…

أحمد منصور: المغرب متقدمة كثيراً في عملية رؤية الهلال ولديها نوع من المراصد المميزة وهناك مشاركات تتم على نطاق واسع وليس مجرد شخص، يجي يحلف وياخد بشت وشوية فلوس، ويقول أنا شفت الهلال.

محمد شوكت عودة: إحنا لأ حتى لا أنسى النقطة، حتى نكون صادقين ولا نظلم أحد، السعودية لا تقدّم مكافآت مالية لمن يشهد برؤية الهلال.

أحمد منصور: إحنا.. أنا ما جبتش سيرة السعودية، إنما بشكل عام يعني.

محمد شوكت عودة: لأ، هذا هو الشيء يعني، حتى نكون منصفين، السعودية لا تقدّم مكافأة.

أحمد منصور: اسمح لي أنا عندي أحد الباحثين السعوديين أيضاً والمميزين في قضية.. الأستاذ خالد الزعاق عضو الاتحاد العربي لعلوم الفلك والفضاء. دكتور خالد، معنا دكتور خالد؟ دكتور خالد تسمعني؟

مشارك: نعم، معك.

أحمد منصور: أرجو أن تخفّض صوت التلفزيون وأن تدلي بدلوك معنا في هذه القضية، على اعتبار أيضاً أن معظم الدول الإسلامية أو كثير منها يرتبط بما تعلنه السعودية لا سيما في رمضان وشوال وذي الحجّة.

مشارك: المشكلة، أستاذ أحمد، التي يعيشها العالم الإسلامي حيال إثبات الشهور الشرعية مشكلة ليست وليدة اليوم بل ذات أصول تاريخية قديمة، وتُعتبر من القضايا الممتدة، فقد كانت تُطرح منذ القدم، إلا أنه في العصر الآني أصبحت تُطرح بقوة وذلك بعد الطور الذي أحرزه العلم باختصاصاته المختلفة، كالإعلام مثلاً وخاصةً علم الفلك الذي قفز قفزات هائلة في القرون الأخيرة بفضل التقدّم في العلوم النظرية التي يقوم عليها كالرياضيات والفيزياء، بحيث صار من الممكن اليوم عمل ما كان في السابق من الأمور التي لا تخطر على بال. وتعتبر مشكلة من المشاكل التوقيتية التي يعاني منها العالم الإسلامي ولا بدّ من حلّها كما حلها النبي صلى الله عليه وسلم، فعند قيام المجتمعات البشرية تصطدم دائماً بضرورة أساسية وملحّة ألا وهي تنظيم المكان والزمان. وعند قيام المجتمع الإسلامي عمل النبي صلى الله عليه وسلم على تنظيم الزمن ووضع المعالم العامة بهداية المجتمع إلى الحلول الأكثر نجاعة لضبطه، فكرّس كون حركة الأفلاك الوسيلة الضابطة للزمن، في كثيرٍ من الآيات الصريحة قال تعالى {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار}[إبراهيم:33]، وقال تعالى {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب..}[يونس:5]. ولم تكن الشمس والقمر ليحتلاّ هذه المكانة الهامة من حياة الإنسان لو لم تكن حركتهما منتظمة قابلة للحساب والتنبؤ، وقد نصّ المولى عزّ وجلّ على ذلك بقوله {الشمس والقمر بحسبان}[الرحمن:5]، فالمولى جلّ وعلاّ لم يفرّق بين الشمس والقمر ولكن قال {الشمس والقمر بحسبان} أي بحسابٍ دقيق لا ينخرم ولو لثانيةٍ واحدة ولو انخرم لتخلّت الأجرام السماوية وقامت الساعة، بدليل قوله تعالى {..ولن تجد لسنة الله تبديلا}[الأحزاب:62]، أي لا تجد لسنة الله تغييراً…

أحمد منصور: وأيضاً {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} [يس:40].

مشارك: نعم. ولا أظن أحد بمقدوره أن ينكر البلبلة التي نعيشها حيال الطرق المعتمدة..

أحمد منصور: طيب، ما هو المخرج الآن يا دكتور، وأنتم الآن.. أنا لاحظت حينما رجعت إلى الصحافة السعودية وحول معالجتها في الموضوع، صارت الصحافة السعودية أيضاً تطرق الموضوع بقوة وتبرز قضية الخلاف هذه، وقضية التغيير في المواقيت. هناك أزمة كبيرة ستصادف كل المسلمين بعد أيام قليلة هو أنه كل.. حينما رجعت إلى تقويم أم القرى، تقويم الكويت، قطر، مصر، التقويمات كلها تجعل نهاية ذي الحجّة يوم الأربعاء وبداية محرّم يوم الخميس، العام الهجري الجديد، كله في التقويمات سيبدأ يوم الخميس. الآن لو بدأ يوم الخميس، معنى ذلك أن ذي الحجّة سيصبح 31 يوم، فهذا مأزق كبير الآن.

مشارك: جداً جداً، هذه إشكالية يا أستاذ أحمد. العالم الإسلامي يعرف اختلافاً في بداية الأشهر التعبدية وصل في بعض حالاتها إلى أربعة أيام وهذا غير معقول عقلاً وعلماً. فالعالم بأجمع، الكرة الأرضية، تختلف 12 ساعة بالزيادة أو بالنقص، لكن العالم الإسلامي اختلف بأربعة أيام. فإذا قلنا أن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن في ليلة القدر بدليل قوله تعالى {إنا أنزلناه في ليلة القدر}[القدر:1]، ليلة القدر على أي دولة تنطبق، هل هي تنطبق على مصر، هل هي تنطبق على السعودية، هل هي تنطبق على الهند؟ وما شابه ذلك. وكل ذلك بسبب عجزنا، بكل أسف، في التوفيق بين رأي الشرع ورأي العلم.

بين علماء الفلك وعلماء الشريعة

أحمد منصور: اسمح لي يا دكتور، أرجو أن تبقى معي. وأُشرك معي أيضاً الدكتور مسلّم شلتوت نائب رئيس الاتحاد العربي للفضاء والفلك من القاهرة. دكتور، الآن يعني وضعنا أمام المشاهد عدة أشياء، الآن هناك شيء كارثي يواجه مليار و300 ألف مسلم، يتعلّق بعبادات الناس، بصومه، بحجّهم، بأعيادهم. يعني كيف تنظر أيضاً إلى، من خلال أيضاً ما عرضه الدكتور خالد وما عرضه الأخ محمد معنا في الأستوديو، كيف تنظر إلى هذا المأزق وكيفية الخروج منه؟

مشارك: مساء الخير.

أحمد منصور: مسّاك الله بالخير.

مشارك: بالنسبة لهذا المأزق كان مفروض يُتّفق على حلّه في المؤتمر الإسلامي في اسطنبول عام 1978. كانت في لجنة منبثقة من المؤتمر، هذه اللجنة قالت، شرط أن أنا أشوف الهلال هو أولاً لا بدّ أن الهلال يولد قبل غروب الشمس، زي ما قال المهندس محمد عودة، الشرط الثاني لا بدّ أنه يكون القمر يغرب بعد غروب الشمس على الأقل بحوالي عشرين دقيقة حتى يمكن رؤيته. المبدأ ده يمكن هو الماشية عليه تركيا. لكن نأتي للعملية، الاختلاف في الفقهاء وليس في الفلكيين. لأن الحساب الفلكي واحد في جميع بلاد العالم، ونجد أن هناك عدة اتجاهات داخل البلاد العربية….

أحمد منصور: طيب عايز أسألك يا دكتور مسلّم، اسمح لي. الحساب الفلكي واحد في كل دول العالم، ما هي احتمالات الخطأ والزيادة والنقصان في الحسابات الفلكية، هل هي موحدة؟ لا سيما وحينما رجعت إلى بعض المواقع الفلكية، ناسا، غيرها من المواقع، وجدنا بعض الاختلافات في هذا الموضوع.

مشارك: الاختلافات كان مقدارها قد إيه؟

أحمد منصور: بتفرق يوم.

مشارك: لا، لا يمكن أنها تصل إلى يوم. لأن الحساب الفلكي يعتمد على علمين صحيحين، علم الميكانيكا السماوية وعلم الحساب الكروي، وهؤلاء أساس الملاحة الفضائية، واللي قدر الإنسان يوصل بهم للقمر الطبيعي وينزل على السطح بتاعه، وأساس الملاحة الفضائية اللي قدر الإنسان يروح بهم لغاية المريخ.

أحمد منصور: يعني أنا أفهم منك الآن، حتى يكون المشاهد معنا في دقة، مع ما أشرت إليه للمؤتمر الإسلامي اللي عُقد في اسطنبول سنة 1978 ولم يتمخّض عنه شيء، أن القضية الآن هي قرار سياسي بالدرجة الأولى بعدما تم التوصل لكل هذه الأشياء؟

مشارك: أنا أعتقد أنها أيضاً العملية داخل فيها قرار سياسي، لأن إحنا في اتجاهات، زي ما إحنا قلنا، اتجاهات أربعة. بلاد تأخذ بقرار اسطنبول، بلاد تأخذ بأن الحساب الفلكي كمدخل للرؤية الشرعية الصحيحة زي ما يحدث في مصر، ما عدا شهر ذي الحجّة، وبنلاقي أن بلاد بترفض الحساب الفلكي زي المملكة العربية السعودية، ومن هنا تأتي عملية الاختلاف. لكن إذا أرادوا التوحيد، يبقى نرجع تاني لقرار اسطنبول والقرارات المنبثقة عن علماء الشريعة زي الندوة التي كانت أقيمت في جدّة منذ عامين.

أحمد منصور: شكراً لك يا دكتور مسلّم شلتوت نائب رئيس الاتحاد العربي للفضاء والفلك. وأعود للدكتور خالد الزعاق في تعليق أخير. دكتور، القضية الآن هي قضية الرفض الرسمي في المملكة العربية السعودية.. أنتم كعلماء فلك الآن كيف تتعاملون مع علماء الشرع عندكم، ودائماً بينكم حسابات تختلف مع حساباتهم وفي النهاية ما يقرّرونه هو الذي يمشي وهو الذي يسير عليه الناس؟

مشارك: بالنسبة لعلماء الشرع، ليسوا جميعاً على قول.. ليسوا جميعاً يرفضون علم الفلك.

أحمد منصور: أنا لاحظت هذا، وجدت علماء أيضاً…

مشارك: نعم. بل هم فريقين منهم من يقبل الحساب الفلكي ومنهم من لا يقبل. لكن أنا لا أتحدث الحقيقة عن هذا، إنما أنا شخصيتي أو وضعي أني أفسّر الظاهرة الكونية تفسيراً علمياً فقط. وأرى أن نوع الخطأ الذي يكثر وقوعه ويسبب هذا الاختلاف هي قبول قول الشاهد برؤية الهلال في الليلة السابقة على سنن الله الجارية التي جعلها المولى سابقةً على وجود الهلال، كمن يتقدم بالشهادة والقمر غير موجود أصلاً استناداً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين "، مع العلم بأن هذا الحديث لا يناقض الاعتماد على الحساب الفلكي في عملية استطلاع الأهلّة والاستفادة منه في فلترة الشهادة، لأن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا أميين في الحساب، بدليل ويؤيّد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم " نحن أمةٌ أميّة لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا " رواه البخاري ومسلم، يعني مرةً 29 ومرةً 30. وقال الحافظ ابن حجر شارحاً هذا الحديث " إنا أمةٌ أميّة لا نكتب ولا نحسب" المراد بالحساب هنا حساب النجوم وتيسيرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك إلا النذر اليسير. فإذاً ربط الصوم بالرؤية البصرية معلّلٌ بعلّةٍ منصوصة وهي حالة الأمية التي كانت تعيشها الأمة الإسلامية حينذاك، ويؤيّد هذا ما ما رواه أهل التفسير أن بعض المسلمين سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما بال الهلال يبدو رقيقاً كالخيط، ثم لا يزال ينمو حتى يصير بدراً ثم ينقص حتى يصير كما كان؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ..}[البقرة:189]، فعدل سبحانه في الجواب عن عين سؤالهم إلى جواب منافع الأهلّة في الدين والحياة، فهذا ما يقدرون على فهمه في ذلك الوقت وهو أجدى وأنفع لهم. فأقول أن المخرج من هذا المأزق هو الجمع بين الأقوال الثلاثة لأن العلماء اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال، منهم من قال نأخذ بالرؤية العيانية المجرّدة ومنهم من قال نأخذ بالرؤية العلمية المجرّدة ومنهم من قال نجمع بين هذا وذاك. يعني إذا وُلد، إذا أجمع علماء الفلك على عدم وجود القمر في الأفق فإننا لا نقبل شهادة أحد، قالوا لأن من شروط الشهادة عدم استحالة المشهود فيه، فإذا تعلّقت الشهادة بمستحيل أو اقترن بها ما يكذّبها فإنها تُطرح، وهذا ما يراه عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله بن منيع، والشيخ سلمان العودة.

أحمد منصور: نعم قرأت ما ذكره، وأيضاً ما رآه علماء مجمع البحوث الإسلامية في مصر أيضاً في رؤية هلال شوال الماضي حينما رفضوا المشاركة في رؤية الهلال على نفس القول، استحالة ولادته. أشكرك كثيراً دكتور خالد على هذا التوضيح العلمي والشرعي في نفس الوقت، الممزوج والذي أوضح أشياء كثيرة للمشاهدين. أنا أعود إليك الآن وعندي قضية الولادة والتتابع، حتى يفهم المشاهد أيضاً، عندي أشياء أخذناها على Naval Observatory، نشاهدها مع المشاهدين حول أطوار القمر المختلفة بعد فاصلٍ قصير. نعود إليكم بعد فاصلٍ قصير لمتابعة الأطوار والتعرّف على موقف موقع علمي أيضاً حول عملية الولادة التي حدثت في شهري ذي الحجّة الحالي ورمضان الماضي، فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

مواقع وأقمار صناعية ترصد الأهلّة

أحمد منصور: أهلاً بكم من جديد، بلا حدود في هذه الحلقة التي نناقش فيها الأزمة الشهرية لكل المسلمين والتي ستتجدد بعد أيام بهلول عامٍ هجريٍّ جديد، حيث أن الجميع في مأزق لأن هذا العام الهجري الحالي سينتهي وفق التقويمات العربية وربما الإسلامية معظمها يوم الأربعاء، وهذا يوافق 31 ذي الحجّة، في الوقت الذي ينتهي فيه شهر ذي الحجّة في يوم الثلاثاء وبالتالي لا أدري أو لا ندري ما الذي سيحدث. كل التقويمات الجديدة التي طُبعت تتحدث عن أن بداية محرّم هي يوم الخميس، لكن وفق التقويمات الآن التي حدثت في هذا الشهر سيلتزم الجميع بأن تكون نهاية ذي الحجّة يوم الثلاثاء ومن ثَمّ بداية محرّم، وسيبدأ العام بخلاف كما هي الوضع دائماً. عندنا من خلال مواقع كثيرة على النت، الآن عالمياً ترصد عملية ولادة القمر وتبيّن أطواره. إحنا رجعنا إلى سبتمبر اللي هو كان فيه شهر رمضان، وإلى ديسمبر اللي كان فيه شهر ذي الحجّة، والآن يمكن أن من خلال موقع StarDate أن نرى الولادة التي رصدها هؤلاء، هنا كانت الولادة يوم 13 لرمضان، 13، 2007.

محمد شوكت عودة: نعم. يعني نحن من خلال هذا الشكل نستطيع أن.. يعني هذا الشكل يبيّن أطوار القمر ونلاحظ أنه من يوم الخميس هي كانت بداية شهر رمضان، نحن بدأنا هلال شهر رمضان أو بدأنا رمضان يوم الخميس، وطبعاً هي هذه رسمة تقريبية وتبيّن أنه يوم الجمعة أصبح الهلال أكبر من ذلك. ولكن أعتقد هناك رسمة تبيّن..

أحمد منصور: في ديسمبر، هذه رسمة ذي الحجة أيضاً.

محمد شوكت عودة: نعم. هذه رسمة ذي الحجّة فهي تبيّن، نحن طبعاً بدأنا يوم الأحد ولكن من خلال هذه الرسمات نلاحظ أن يوم الإثنين هي بداية ظهور الهلال وبالتالي الثلاثاء كان الأول..

أحمد منصور:  واستحالة ولادته يوم الأحد..

محمد شوكت عودة: أي نعم. يوم الأحد كان ما قبل ولادة الهلال وبالتالي لا يمكن رؤيته في ذلك اليوم. طبعاً في عنّا نقطة لا بدّ أنه نؤكّد عليها، نحن في كلامنا عن الحسابات الفلكية لا نريد أن يفهم الناس بأننا نطالب بإلغاء الرؤية، بالعكس تماماً. نحن، يعني هناك فريق من الفلكيين ربما يلغي الرؤية، لكن نحن موقفنا واضح منذ البداية، نحن في المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة نريد الرؤية ونطالب بالرؤية بل أحياناً نحن نطالب بالرؤية أكثر حتى من الفقهاء، نحن كل ما نطالب به، أن لا تُقبل شهادة شخص برؤية الهلال والقمر غير موجود في السماء، هذا كل ما نطالب به باستخدام الحسابات الفلكية مبدئياً على الأقل. المشكلة الحاصلة في العالم الإسلامي أو في بعض دول العالم الإسلامي أنها تقبل شهادة الشهود بأي ظرف من الظروف، حتى لو دلّ العلم والحسابات الفلكية على أن القمر غير موجود في السماء. هذا ما…

أحمد منصور:  على الأقل تُوضع شروط للشهود، دائماً الشهود في كل مكان لهم شروط، هذا.. يعني لا بدّ أن توضع شروط قاسية. يعني نحن في علم الأخبار العادي نقول لا نستوثق من الخبر إلا إذا جاء من مصدرين، يعني هذا في علوم الدنيا، فإذا كانت علوم الدين فينبغي أن توضع شروط دقيقة جداً وموثّقة وأن يكون هناك عدد من الناس وليس مجرّد أشخاص محدودين، عدد من الناس الموثوقين، يعني يمكن وضع ضوابط في هذه القصة، ويمكن أن تكون هناك جهات كثيرة. يعني من بين الأشياء التي.. مثلاً في السعودية هناك ست جهات تقريباً رسمية للرصد ، ومع ذلك بعض الفلكيين يقولون لا يُؤخذ برأينا على الإطلاق في هذا الموضوع، كذلك في بعض الدول الأخرى هناك جهات رصد لا يؤخذ برأيها. أنا أيضاً أتابع من خلال بعض الشخصيات المهتمة محاولة الوصول إلى بعض المخارج لهذه القضية المهمة. معي الدكتور هيمن زين العابدين أستاذ ديناميكا الفضاء في كلية العلوم بجامعة القاهرة. دكتور أيمن، باختصار أيضاً لو تقول لنا ما هو المَخرج، ما هو رأيك في هذه المسألة، المزاوجة بين الفلك وبين الرؤية، يعني ما هو المخرج في تصوّرك؟

مشارك: السلام عليكم.

أحمد منصور:  وعليكم السلام ورحمة الله.

مشارك: هو طبعاً أولاً حتى أقسّم القضية إذا كانت حتتقسّم إلى جزئين، أنها قضية فقيهة وقضية فلكية، فأنا في الوقت الحالي شايف أن الأمور وصلت أنه إحنا دلوقت معنا رأي موحّد ما بين الإثنين، إحنا حنأخذ بالحسابات وده رأي الفلك، على أن نطابق عليها الرؤية وده برأي الفقهاء. لكن أنا بس عايز آخذ حتّة صغيّرة جداً، أن الرؤية أصبحت مشكلة صغيّرة أن الناس تاخذ الرؤية أنه هو مين ينشاف، لكن هو ما شافش كويّس، ما شافش في الاتجاه السليم، لم يكن يرى الهلال أصلاً. فده أنا عايز أخلّي الرأي بتاع الرجل اللي حيشوف، لازم يشوف على علم، فلازم يكون مؤهّل لهذه الرؤية. ولو عندي قدرة أن أنا أصوّر هذه.. الهلال في ميلاده الجديد، يعني أنا طبعاً حزين لأن بتُعرض صور ده الوقت، تستخدم المراصد الموجودة في أميركا وفي إنجلترة وفي جنوب أفريقيا، ليه ما يبقاش عندي في الدول العربية والإسلامية مراصد متخصّصة لرصد الهلال تتابعه لحظة بلحظة، ليه ما يكون عندي مشروع قمر صناعي يتابع الموضوع ويرصد ويوصّلنا إلى أنه إحنا يبقى عندنا كمسلمين documented وثائق، حاجات موجودة تتيح لنا الفرصة على التعامل مع هذه الحكاية ودراستها ودراسة الحسابات وكيفية تغييرها، وأنه إحنا نصل مع الفقهاء إلى رأي موحّد، لأنه هي المشكلة أساساً اختلاف ما بين فقهاء وعلماء فلك.

أحمد منصور:  أشكرك يا دكتور، رأيك مهم. وأحب أن أضيف شيء بالنسبة لما ذكرته. هناك مشروعين الآن، هناك مشروع القمر الإسلامي، بترأسه مشروع القمر الإسلامي الصناعي الدكتورة ميرفت عوض وهي أيضاً مديرة لمركز الدراسات واستشارات علوم الفضاء، وهذا المشروع أيضاً هو قمر صناعي يتخصّص في هذا الموضوع، لكن يبدو يبحثون له عن تمويل. لكن أنا وجدت شيئاً آخر هو عالم الفضاء في وكالة الناسا الأمريكية، محمد الأوسط العياري وهو تونسي سيطلق بالفعل في شهر يونيو القادم منظاراً في الفضاء سيقوم بتصوير القمر بشكل دقيق جداً، المشروع يكلّف 30 مليون دولار، سيُطلق من مدينة مارسيليا في يونيو 2008، ومهمة هذا المنظار هو عين إلكترونية متطوّرة تسهّل رؤية الهلال وبالتالي تأكيد دخول الأشهر الهجرية. يحتوي على آلة تصوير ومحرّك وجهاز اتصال مدعوم ببرنامج تكنولوجي متصل بأجهزة كومبيوتر، سيُثبّت في الفضاء ويقوم بمتابعة تحركات الهلال مع غروب الشمس لتحديد موقعه في السماء، ويرسل إشارات ضوئية تتيح لمن يريد التثبّت من الهلال أن ينظر إلى المنطقة المحددة ولا يوجّه بصره إلى مواقع أخرى. وأن هذا المنظار سيمكّن مراكز المراقبة في مناطق مختلفة من العالم من التقاط الصور، أعتقد هذا المشروع ونأمل في وقتها أن نقدّم حلقة لكم متكاملة عنه، ربما يكون حل، صناعة هذا القمر استغرقت عامين وهو على وشك أيضاً أن يُطلق في يونيو القادم. نأمل أن يكون هذا بداية إذا كان هذا يمكن أن يسبب.. ممكن أن يكون هذا مخرج؟

مشكلة الشهود وشروط قبول شهادتهم

محمد شوكت عودة: والله حتى نضع، حتى نعرف الحل الحقيقي للمشكلة، لا بدّ أن نشخّص المشكلة الحقيقية، ما هي مشكلتنا، ما هو سبب هذه الإشكالات التي تحدث؟ نحن ليست مشكلتنا أننا لا نستطيع رؤية الهلال، نحن ليست مشكلتنا أن القمر موجود ونحن غير قادرين على رؤيته وبالتالي يجب أن نطلق قمر صناعي إلى الفضاء حتى يراه أو نحن بحاجة إلى اختراع منظار حتى نراه. المشكلة الحقيقية أن هناك أناس يرون القمر وهو غير موجود، هذه هي المشكلة. الحل…

أحمد منصور:  يرون ما وراء الحجب يا أخي.. تتكشف لهم الحجب.

"
المغرب هي أفضل دولة عربية إسلامية على الإطلاق بتحديد بدايات الأشهر الهجرية
"

محمد شوكت عودة: نعم، بلا حدود. فنحن مشكلتنا، الحل بكل تأكيد، بكل تأكيد لن يكون بإطلاق قمر صناعي، هناك من سيرى القمر قبل القمر الصناعي، ليس باختراع منظار، هناك من سيرى القمر قبل المنظار. الحل، في رأيي، قد يكون أولاً بالاقتداء بالمثال المغربي، المغرب هي أفضل دولة عربية إسلامية على الإطلاق بتحديد بدايات الأشهر الهجرية.

أحمد منصور:  كيف، باختصار؟

محمد شوكت عودة: باختصار. المغرب ترصد الهلال مما يزيد على 200 موقع داخل المملكة المغربية.

أحمد منصور:  من متخصّصين.

محمد شوكت عودة: من لجان رسمية نعم. هذه النقطة المهمة نعم. أولاً 200 موقع ولكن ليسوا من أناس عاديين، هم أناس متخصصين..

أحمد منصور:  كل دولة تستطيع أن تفعل هذا.

محمد شوكت عودة: نعم طبعاً. فلو كان الرصد جماعي، وقُبلت الشهادة من قِبل اللجان المُشكّلة من قِبل الدولة لحُلّت المشكلة. نحن على الرغم من أننا فلكيين قد نقبل بهذا الحل ولا نريد كل الحسابات الفلكية يا أخي. شكّل لجان موزّعة على مختلف مناطق المملكة ولا تقبل شهادة الفرادى، مشكلتنا التي تحدث أن شهادة أشخاص عاديين منفردين تُقبل، طيب هذا الشخص يا أخي ربما متوهّم، ربما رأى كوكباً اعتقده الهلال.

أحمد منصور:  هذا يحدّد مصير مليار و300 ألف مسلم.

محمد شوكت عودة: نعم. هذا الحل الأول. أن يكون هناك رصد جماعي، ومن يريد يا أخي التحرّي، إن كان هناك شخص يريد أن يتحرّى يلتحق بهذه المجموعات ولكن لا يتحرّى لوحده.

أحمد منصور:  اسمح لي آخذ رأي المهندس صخر سيف، رئيس رابطة هواة الفلك في نادي تراث الإمارت. باختصار قل لي أيضاً ما رأيك في هذا الموضوع؟ مهندس صخر؟

مشارك: السلام عليكم.

أحمد منصور:  وعليكم السلام ورحمة الله.

مشارك: أهلاً وسهلاً بك. أشكركم على هذه الدعوة الكريمة. الكلام الذي ذكره المهندس محمد شوكت عودة، نحن بالفعل نعاني من ظاهرة قبول الشهود في شيء لم يُرَ ولا يرى، وكنا قد قدّمنا اقتراحات على أساس أنه لماذا لا تقوم وزارة الأوقاف في الدول الإسلامية بتشكيل لجان، وكان الجواب الذي يُحضر أو الذي قِيل أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يُشكّل لجاناً معيّنة. أقول هذا الكلام صحيح.

أحمد منصور:  الرسول ما كان يركب طيارات وما كان يركب باصات وما كان.. مليون حاجة، دلوقت الدنيا..

مشارك: ولكن هناك شيء…

أحمد منصور:  يعني يصرّون أن يعيّشونا في القرن الأول الهجري.

مشارك: لأ، نحن لا نقول ذلك ولا نكذّب الشهود بالمناسبة يا أستاذ أحمد منصور، نحن لا نكذّب الشهود ولكن نقول هؤلاء الشهود لا نعدّهم عدول لسبب واحد، لأن مسألة رصد الأهلّة تحتاج إلى شخص عنده نوع من التقنية والفنية في الموضوع، فهنا لا نعدّ الشهود عدول، فيكون أحد شروط قبول الشهادة قد نُقض شرعياً بهذه الطريقة. نحن نعلم في علم الحديث الشريف كان هناك شيوخ كبار أفاضل كانوا يستمطرونهم للسماء لأنهم….

أحمد منصور:  يعني علم الرجال في نقل الحديث هذا علم دقيق جداً، يعني حتى هناك فقهاء لا تُؤخذ بشهادتهم في رواية الحديث، يعني الأمر فيه ضوابط دقيقة. أنا أشكرك كتير مهندس صخر، للأسف الوقت يداهمني. أريد أذهب إلى الجزائر دكتور جمال ميموني مسؤول الدراسات العليا للفيزياء الفلكية في جامعة مينتوري في الجزائر. دكتور جمال وأنتم في الجزائر في أقصى الغرب، كيف تنظرون أيضاً إلى هذه المشكلة، بشكل مختصر لو سمحت؟

مشارك: نعم شكراً. بسم الله الرحمن الرحيم. فعلاً كل الفلكيين يقولون بأنه قد ارتُكب خطأ، يعتبرون أن رؤية الهلال المزعومة يوم الأحد 9 ديسمبر في السعودية كانت مبنية على استحالات مختلفة، وقد ذكر الأخ عودة هذه الاستحالات وجود القمر تحت الأفق عند الرؤية المزعومة، عدم حدوث الاقتران، عدم تكوّن الهلال، فلا أريد الرجوع إليها. ما أريد أن أطرحه هو القضية التالية، قد ارتُكب خطأ بيّن، لكن عدم الاعتراف بارتكاب الخطأ، في تصوري خطأ آخر، بل خطأ قد يكون أفدح. متى التوبة؟ من شروط التوبة النصوحة الاعتراف بالذنوب المرتَكبة والالتزام بعدم الرجوع إليها. مثل في عملية التربية، إذا أخطأ التلميذ في تمارينه فلا يُعقل ألاّ ندلّه على أخطائه تحت عذر أنه….

أحمد منصور:  هناك مناسك يا دكتور أُدّت، يعني سيعود الناس إلى عرفة مرة أخرى، ويعودوا إلى مناسك الحج مرة أخرى؟

مشارك: لأ هذه قضية أخرى، عفا الله عمّا سلف. لا نقول أنه ينبغي إبطال حج ملايين من الناس، لكن من الناحية التربوية، من ناحية سلامة عقل مسلمي هذه الأمة، ينبغي أن نقول بأنه ارتُكب خطأ، والقضية الفقهية طبعاً، إنما الأعمال بالنيات وإن لكل امرئٍ ما نوى. وهنا من يستطيع أن.. لكن نحن الإشكال التالي، نحن الإسلام دين الحق و…. أو قبول الخطأ بالشكل هذا، الذي هو في حق، أراه كجريمة بحق حقائقٍ كونية، في حين أننا، الإسلام يربينا على أننا بني آدم خطّاؤون وخير الخطّائين التوابون.

أحمد منصور:  أشكرك يا دكتور، توجيهك توجيه مهم جداً، دكتور جمال ميموني من جامعة مينتوري في الجزائر. دكتور خالد السبيعي من عضو الجمعية الفلكية الأمريكية من قطر. دكتور خالد، باختصار، هل عندك ما تضيفه فوق ما أضافه هؤلاء المتخصصون جميعاً في هذه المسألة المعقدة، التي يأمل كل مسلم أن يكون هناك مخرجٌ لها؟

مشارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد منصور:  وعليكم السلام ورحمة الله.

مشارك: اللي أقدر أضيفه، أنا أعتقد أن المشكلة فيها جزء، مثل ما الناس كلها تكلمت فيها، فيها جزء علمي وفقهي وسياسي. أنا أعتقد أن الجزء السياسي يأتي هو المفترض على أن نوحّد الرؤية في العالم العربي والإسلامي، أنه المفترض يتم تكوين لجنة، إما تحت مظلة الجامعة العربية، إما تحت مظلة المؤتمر الإسلامي، تكون تقريباً منتصفها علماء فلك وأهل شريعة. وعليه…

أحمد منصور:  أنا أشكرك دكتور خالد… أشكرك، للأسف انتهى الوقت عندي، ولا زال عندي بعض السادة المتخصصين، أعتذر إليكم أيضاً لم يكفني الوقت، أعتذر للمشاهدين الذين لم أتمكن.. ختام في نصف دقيقة للملمة الموضوع، وأنا أكرّر وأقول مرة أخرى قدّمت في هذه الحلقة أحد الشباب أيضاً المهتمين في الموضوع حتى يكون هناك تشجيع لكثير من الشباب لكي يبدعوا في العالم العربي وأن يكون دائماً عندنا أمل. كل الذين شاركوا معنا عبر الهاتف هم من شيوخ وعلماء وكبار علماء الفلك، حرصت أن يكون شاباً في الأستوديو وأن يشاركه هؤلاء أيضاً، حتى يدفع الشيوخ دائماً الشباب إلى أن يبرزوا ما عندهم. أشكرهم جميعاً على مشاركتهم في هذا، وأعطيك المجال في ختام سريع.

محمد شوكت عودة: والله نحن كل ما نطالب به هو أن متّخذي القرار في الدول الإسلامية أن يعودوا نوعاً ما إلى العلم، ألاّ يعلنوا رؤية الهلال، والفلك يؤكّد والعلم يؤكّد أن القمر غير موجود في السماء. نحن مستعدون للجلوس والنقاش، بل نحن نرغب في الجلوس والنقاش مع الفقهاء، نحن نتوسّل إلى المسؤولين أن يجتمعوا معنا، نذهب لهم نتناقش في الموضوع، نقدّم ما لدينا، يقدّموا ما لديهم، يعني لا بدّ من اجتماعات ما بين الفقهاء والمسؤولين والفلكيين حتى يتم تبادل هذه الأفكار.

أحمد منصور:  شكراً جزيلاً محمد شوكت عودة رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة. هناك مواقع آمل أن تظهر سريعاً على الإنترنيت لمن أراد أن يدخل وأن يتعرّف على مزيد من المعلومات حول هذه القضايا.www.icoproject.org، www.hilalsighting.org، http://www.stardate.org شكراً جزيلاً لكم. شكراً لكل العلماء الذين شاركونا من الجزائر، إلى مصر، إلى قطر، إلى الإمارات العربية المتحدة، إلى المملكة العربية السعودية، على ما أدلوا به. كما أشكركم آملين أن نخرج، أو يخرج المسلمون من هذه المآزق التي تتكرر بشكلٍ دائم. وترقّبوا معي ما الذي سيحدث يوم الثلاثاء القادم، هل سيكون ذي الحجّة 31 يوماً، أم سيكون 30 يوماً. هذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.