بلا حدود

قرار تركيا منع نشر القوات الأميركية

رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أبركان في أول حوار تلفزيوني معه بعد خمس سنوات من الحظر السياسي. الأسباب الحقيقية لرفض البرلمان نشر القوات الأميركية على الأراضي التركية، خفايا المخطط الأميركي للمنطقة وآثاره على تركيا والعراق والدول العربية.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

نجم الدين أربكان: رئيس الوزراء التركي الأسبق

تاريخ الحلقة:

05/03/2003

– أبعاد قرار البرلمان التركي منع القوات الأميركية من الانتشار في الأراضي التركية
– دلالات الديمقراطية في حزب العدالة والتنمية في ظل قرار البرلمان الأخير

– تعهُّدات حزب العدالة والتنمية للقوى الخارجية

– طبيعة المخطط الأميركي في الشرق الأوسط ومدى إدراك الحكومة التركية له

– تقييم أداء الحكومة الحالية في نظر أربكان

– إنجازات حكومة أربكان السابقة في ظل فكرة القومية

– مدى احتمال عودة أربكان لزعامة حزب السعادة

– الحرب الأميركية المحتملة على العراق في نظر أربكان

– الطريق إلى عرقلة الحرب على العراق في نظر أربكان


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم هذا الأسبوع من العاصمة التركية أنقرة، وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود).

ظل نجم الدين أربكان الغائب الحاضر في السياسة التركية طوال السنوات الخمس الماضية التي حُظِر عليه فيها ممارسة أي نشاط سياسي بعدما أجبر عام 1997 على تقديم استقالته من رئاسة الوزراء. وقد جاءت عودة أربكان لممارسة الحياة السياسية قبل حوالي أسبوع من الآن وسط أنواء وعواصف ونذر حرب تمر بها المنطقة وتلعب تركيا دوراً هاماً فيها.

وفي الأسبوع الماضي عكسنا وجهة نظر الحكومة التركية في الأحداث من خلال حوارنا مع وزير الخارجية التركي السيد (يشار ياكيش). وفي هذا الأسبوع نحاول فهم أبعاد الموقف التركي من منظور آخر ووجهة نظر مغايرة لرئيس الوزراء التركي الأسبق السيد (نجم الدين أربكان) وذلك في حواره في أول حوار تلفزيوني معه بعدما رفع الحظر السياسي عنه يوم 23 فبراير الماضي.

درس نجم الدين أربكان الهندسةَ في ألمانيا، ثم عاد إلى تركيا وبدأ نشاطه السياسي عام 1969 كنائب في البرلمان، وفي العام 1970 أسس حزب النظام الوطني، إلا أن الانقلاب العسكري الذي وقع في تركيا عام 1980 حظر نشاط الحزب وحظر العمل السياسي على أربكان وعلى مجموعة أخرى من السياسيين، إلا أن استفتاء العام 1987 أعاد لأربكان حقوقه السياسية ومكَّنه من رئاسة حزب الرفاه الذي كان قد أسس عام 1983. وظلت قوة الرفاه تنمو في الانتخابات البلدية حتى أصبح 65% من الشعب التركي يعيشون في ظل بلديات يحكمها حزب الرفاه، وفي شهر يونيو عام 1996 شكل حزب الرفاه أول حكومة ائتلافية برئاسة نجم الدين أربكان إلا أنها لم تصمد سوى عام واحد فقط حيث تعرضت لضغوط أدت إلى أن يقدم أربكان استقالته. وتم بعد ذلك حل الحزب ومُنع زعيمه نجم الدين أربكان منذ العام 1997 وحتى الثالث والعشرين من فبراير الماضي من ممارسة أي نشاط سياسي، وقد انشق حوالي نصف أعضاء حزبه وشكلوا حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا الآن، فيما شكل الآخرون حزباً جديداً هو حزب السعادة. أستاذ أربكان مرحباً بك.

نجم الدين أربكان: مرحبا.

أبعاد قرار البرلمان التركي منع القوات الأميركية
من الانتشار في الأراضي التركية

أحمد منصور: ما هي في تصوركم أبعاد القرار الذي اتخذه البرلمان التركي يوم السبت الماضي بمنع انتشار القوات الأميركية على الأراضي التركية؟

نجم الدين أربكان: أود أن أعرب عن شكري في البداية لقناة (الجزيرة) الفضائية، وتحياتي الخالصة لكافة العرب المسلمين في العالم الإسلامي وفي أنحاء العالم الذين يتابعون هذا البرنامج.

البرلمان التركي اتخذ قراراً تاريخياً هاماً جداً في الأول من مارس الحالي ورفض البرلمان المذكرة التي كانت تطالب بنشر القوات الأميركية على الأراضي التركية ودون شك فإن هذا الحدث حدث تاريخي ونحن شخصياً نُبدي شكرنا لمجلس الأمة التركي الكبير، لأنه اتخذ قراراً صائباً جداً، لأننا في الشرق الأوسط لا نريد الحرب وإنما نريد السلام، كما نؤمن أيضاً بأن رفض هذه المذكرة أصبح وسيلة على الأقل في تأخير اندلاع الحرب ونتمنى كذلك انتهاز هذه الفرصة لمنع اندلاع الحرب.

أحمد منصور: هل تعتقد أن الحكومة التركية في مأزق حقيقي بعد هذا القرار الذي اتخذه البرلمان؟

نجم الدين أربكان: من البديهي، فإن الحكومة تعرضت لفشل كبير، لأن هناك تبايناً في الأفكار بين المسؤولين ونواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، المسؤولون في هذا الحزب عقدوا ثلاثة اجتماعات داخل الحزب قبل التصويت على المذكرة في المجلس وأصروا على التصويت عليها وبذلوا كل الجهود من أجل إقناع النواب، ولكنهم فشلوا، ولهذا السبب تعرضوا لهزيمة كبيرة، إن هذا النصر هو انتصار للبرلمان التركي وفي الأساس فإن 95% من الشعب التركي كان يعارض هذه المذكرة، والشعب التركي لا يريد الحرب في المنطقة، والبرلمان بما أنه يمثل الشعب اتخذ قراراً صائباً، وهذا القرار أوقع الحكومة في موقف حرج، وعند النظر بكل هذه الأحداث نجد أن الحكومة الآن تحاول إعداد مذكرة أخرى لعرضها على البرلمان، عندما تسألون لماذا يحدث كل ذلك؟ يقال بأنه جرت الانتخابات العامة في تركيا في الثالث من نوفمبر الماضي، وقبل هذه الانتخابات بثلاثة أشهر بدأت الحملات الانتخابية استعداداً لخوض الانتخاب، وفي هذه الأثناء قام مسؤولو حزب العدالة والتنمية الحاليين بكافة الاتصالات مع الجهات الخارجية مع الأميركان، واجتمعوا مع ممثلين من إسرائيل أيضاً، عند إلقاء النظرة على كل هذه الأمور يلاحظ أنه في تلك الفترة تتضاعف قوة قول هؤلاء المسؤولين لهذه الجهات، عليكم تقديم كل المساعدة لنا الآن، وبعد فوزنا وتولينا السلطة نحن أيضاً نضمن سعادتكم، وهذا احتمال قوي، لأن المسؤولين في حزب العدالة والتنمية قطعوا على أنفسهم العهود لهذه الجهات، والآن يحاولون تنفيذ هذه الوعود التي قدموها لأن هذه الوعود تتنافى مع المنافع الوطنية لتركيا ومع مطالب الشعب، وكل هذه المشاكل والصعوبات تنجم من ذلك.

دلالات الديمقراطية في حزب العدالة والتنمية
في ظل قرار البرلمان الأخير

أحمد منصور: لكن هذه النتيجة جعلت زعيم حزب العدالة والتنمية يفخر بأن حزبه يمارس الديمقراطية على أعلى مستوى، وأنه لأول مرة في تاريخ تركيا يُسمح للنواب بمخالفة زعيم حزبهم؟

نجم الدين أربكان: هذه الأقوال تقال من أجل تبرير الموقف، وفي الأساس فإن المذكرة التي رُفضت هي مذكرة ثانية، في المذكرة الأولى تم طلب الإذن اللازم لقيام الأميركان بتحديث القواعد العسكرية وصيانة بعض المنشآت، وعندما تمت مناقشة هذه المذكرة في البرلمان فإن البرلمان قال بأنه ليس هناك أي مشكلة في القيام بهذه الأعمال في هذه القواعد، وصادق على هذه المذكرة، ولكن بعض النواب الذين صوتوا ضد هذه المذكرة أحيلوا إلى لجنة تأديب من قِبل مسؤولي الحزب، وبالتالي في الحقيقة ليس هناك ديمقراطية داخل الحزب، فالمسؤولون يقومون بإرغام النواب وفرض ما يريدون عليهم، ولكنهم يفشلون بسبب آراء الشعب، على سبيل المثال الآن يتحدثون عن الديمقراطية، بمعنى أنهم يقولون إننا نحترم القرار الذي اتخذه البرلمان، ولهذا السبب عليهم عدم تكرار نفس التصرف وعدم تقديم المذكرة مرة أخرى للبرلمان من أجل التصويت عليها، وهذا هو احترام الديمقراطية، ولكن نرى أنهم يعملون بكل قواهم مع عمل تعديلات بسيطة من أجل عرض المذكرة على البرلمان مرة أخرى للتصويت عليها مع استخدام نفوذهم، ولهذا السبب ليس للموضوع أي علاقة بالديمقراطية، المسؤولون في الحزب، حزب العدالة والتنمية، يفرضون ضغوطهم على النواب، ليس سوى من أجل تنفيذ الوعود التي قطعوها للقوى الخارجية الأجنبية قبل الانتخابات، ومن هنا فإن هذا التصرف هو تصرف غير ديمقراطي.

أحمد منصور: معنى ذلك أنك تتوقع أن أعضاء العدالة والتنمية الذين صوتوا ضد المذكرة سوف يعاقبون من قيادة الحزب على هذا الموقف؟

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: أستاذ أربكان، هل تتوقع أن يعاقب أعضاء العدالة والتنمية الذين عارضوا المذكرة في البرلمان؟

نجم الدين أربكان: لا يتمتع مسؤولو حزب العدالة والتنمية بقوة كافية لمعاقبة هؤلاء النواب، لأن هناك احتمال لاستقالة هؤلاء النواب من الحزب عند تعرضهم لأي عقاب، وعند استقالة هؤلاء من الحزب، فهذا يعني سقوط الحزب من السلطة، وفقده الأغلبية في البرلمان، ولهذا السبب لا يتمتعون بأي قوة لمعاقبة هؤلاء النواب.

أحمد منصور: هل تتوقع إذا عرض المشروع على البرلمان مرة أخرى أن يرفض أيضاً؟

نجم الدين أربكان: من المحتمل أن البرلمان سيرفض مرة أخرى، لأني كما قلت قبل قليل فإن 95% من الشعب يعارض هذه المذكرة، الشعب يريد السلام، والشعب لا يوافق على أي حرب تتنافى مع مصالحه، لأن هذا التحرك العسكري يستهدف تنظيم الشرق الأوسط كله من جديد، وفي الأصل الهدف الأساسي لهذه الحرب هو أمن إسرائيل، وإسرائيل لا تريد وجود أي قوة حولها حتى تشعر بالأمان، عندما أفلست الشيوعية في روسيا، وتمزق الاتحاد السوفياتي أصبح العالم عام 1990 عالماً ذي قطب واحد، وأصبحت أميركا حاكمة وحيدة للعالم، وأميركا تقع تحت تأثير إسرائيل بشكل كبير، تنتهز إسرائيل هذه الفرصة، وتقول: إن عليها تأمين سلامتها، وتنتهج منذ 13 عاماً سياسة دحر القوى الموجودة في جوارها، والجزء الآخر من هذه السياسة أيضاً منح جزيرة قبرص لليونان، ووصول القوات الأميركية إلى القواعد البريطانية الموجودة في جزيرة قبرص، وتأمين الحماية لإسرائيل من الخلف، بالإضافة إلى ذلك تمزيق تركيا، ومن جهة أخرى منح مناطق مختلفة من تركيا للأجانب، يعني هناك محاولات من أجل تنفيذ اتفاقيات "صفر" التي شاهدناها قبل 80 عاماً، ولهذا السبب ما يحدث الآن لا يتعلق بالعراق أو صدام حسين، وإنما المطلوب هو سحق العالم الإسلامي كله، وتمزيق تركيا، وشعبنا يعلم كل هذا علم اليقين بمعلوماته التاريخية، ولهذا السبب لا يريد وقوع الحرب إطلاقاً، وعند عرضهم لهذه المذكرة من جديد في البرلمان فإنها سترفض، بل إنها سترفض بأغلبية كبيرة.

تعهُّدات حزب العدالة والتنمية للقوى الخارجية

أحمد منصور: قلت إنهم تعهدوا قبل الانتخابات بتعهدات ويريدون تطبيقها، من الذي تعهد؟ ولمن؟ وما هي هذه التعهدات التي تعاهدوا بها؟

نجم الدين أربكان: إنني قمت بالإفادة بكل ذلك عن طريق اختصار الدراسات والتحليلات والمعطيات التي ظهرت في تركيا، حيث اتخذ قرار إجراء الانتخابات، وكل الأحزاب كانت في فترة الاستعداد لخوض الانتخابات، ولكن مسؤولي حزب العدالة والتنمية طالبوا بمساعدة القوى الخارجية حتى يساعدوهم في الانتخابات، نحن نعلم أفكارهم ونعرف كذلك قيامهم بمختلف الاتصالات، وبعض أوساط العمل التي تظل تحت تأثير القوى الخارجية، وأيضاً بعض الأجهزة الإعلامية، نحن نعلم كل المساعدات التي قدموها لحزب العدالة والتنمية، وعندما نلقي نظرة على الموضوع من خلال هذه الأشياء المعروفة هناك احتمال بأن القوى الخارجية حاولت بكل إمكانياتها التأثير على نتائج الانتخابات في تركيا، وأنه من غير الممكن التفكير بالعكس، لأن تركيا بلد مهم جداً، وللقوى الخارجية خطط بعيدة المدى تتعلق بالشرق الأوسط، وتولي هذه القوى الاهتمام الكبير للاستفادة من تركيا، وفي الأساس لماذا جرت هذه الانتخابات في هذا الوقت، فقد كان مقرراً لها أن تجرى بعد سنتين، لقد سرق (بولنت أجاويد) وزملاؤه في السلطة مليون مرة، وقالوا إنهم سيجرون هذه الانتخابات في أبريل عام 2004، حكومة أجاويد السابعة والخمسين قبل هذه الحكومة كانت ترفض تلبية طلبات القوى الخارجية في قبرص والعراق والقوى الخارجية وأميركا وإسرائيل، ولهذا السبب حصلت لديهم فكرة تبديل هذه الحكومة بحكومة أخرى موالية لهم، وتم جر تركيا لانتخابات الثالث من نوفمبر، وسبب إجراء الانتخابات قبل سنة ونصف من موعدها هو أن تركيا بلد مهم، والقوى الخارجية لها مخططات بعيدة المدى، وتولي هذه القوى الأهمية للاستفادة من تركيا في تنفيذ هذه المخططات، ولهذا السبب اتخذوا قرار إجراء الانتخابات المبكرة، وبذلوا كل الجهود خلال الانتخابات، والآن يطالبون مقابل ذلك ويقولون: هيا، نفذوا مطالبنا إلا أن الشعب يعارض، ويقول: نحن نطلب السلام، ونعارض تمزيق وإضعاف تركيا، هذا كل ما يحدث الآن في تركيا، وهذا هو الشيء الصعب الذي يقف أمام المسؤولين في حزب العدالة والتنمية رغم المصالح الوطنية، رغم طلب الشعب يواجهون بعض صعوبات إزاء تنفيذ مطالب الشعب.

طبيعة المخطط الأميركي في الشرق الأوسط
ومدى إدراك الحكومة التركية له

أحمد منصور: ما هي طبيعة المخطط الأميركي للعراق ولدول المنطقة؟

نجم الدين أربكان: هذه المخططات هي مخططات صريحة وواضحة، وهي تتلاءم مع متطلبات إسرائيل، إنها مخططات قديمة يعود ماضيها إلى ما قبل مائة عام، الغاية الرئيسية هي جعل إسرائيل القوى الوحيدة في الشرق الأوسط، ولهذا السبب يقومون الآن بخلق ذريعة من أجل سحق العراق، وهم لن يكتفون بذلك، ومن ثم نسحق إيران والعربية السعودية، ومصر، ونسحق تركيا، ونمزقها، الخطة هذه هي خطة متكاملة، وكل ما نعيشه الآن هو نقطة البداية لهذه المخططات، ويجب معرفة كامل الخطة، وأن ندرك جيداً ما هو القصد منها، ويجب على كل بلدان الشرق الأوسط وكل البلدان الإسلامية وليس تركيا وحدها في هذه المرحلة التاريخية أن تبذل جهوداً كبيرة وعملية إزاءها.

أحمد منصور: هل تدرك الحكومة التركية آثار وأبعاد هذا المخطط الأميركي الذي يدور في المنطقة، والذي يمكن أن تكون هي جزءاً من لعبة تطبيقه؟

[موجز الأخبار]

أحمد منصور: هل تدرك الحكومة التركية آثار وأبعاد المخطط الأميركي الحالي؟

نجم الدين أربكان: نعم، إنهم يعلمون ذلك جيداً، كيف نعرف نحن بأنهم يعرفون ذلك؟ لأنهم من أصدقائنا السابقين، ترعرعوا بيننا، إنهم أشقاؤنا، ولهذا السبب يعلمون جيداً كل هذه المسائل، ولكن مع الأسف لا تكفي هذه المعرفة، مثلما ذكرنا قبل قليل الأحداث والأسباب، إنه من المحتمل ومن أجل فوزهم في الانتخابات ونتيجة لقطعهم بعض الوعود للقوى الخارجية جروا أنفسهم الآن نحو هذا المجرى، ولكن مثلما يلاحظ رغم كل جهود المسؤولين فإن النواب داخل حزب العدالة والتنمية يرفضون ذلك، ورغم كل الضغوط يرفضون والنتيجة مطروحة أمامكم، وهذه النتيجة هي الدليل الواضح لمعرفتهم بكل هذه الحقائق.

أحمد منصور: لكن يمكن للنواب أن يقبلوها الفارق كان ثلاث أصوات فقط، وفي التصويت القادم يستطيعون أن يؤثروا على بعضهم وتقبل في النهاية المذكرة، ماذا لو قُبلت المذكرة في التصويت القادم؟

نجم الدين أربكان: عند التقييم الحقيقي لذلك هناك مائة شخص من مجموع 363 عضواً من أعضاء حزب العدالة والتنمية في البرلمان، ليسوا ثلاثة أشخاص، وإنما مائة شخص رفضوا أفكار مسؤوليهم، بل أصغوا لصوت الشعب والآن في الأيام المقبلة مثلما ذكرت قبل قليل من المحتمل، ونتمنى أيضاً من أجل السلام ومن أجل المصالح الوطنية للشعب إذا تم إحالة هذه المذكرة مرة أخرى للبرلمان، فإنها سترفض، ونحن لدينا القناعة بذلك.

تقييم أداء الحكومة الحالية في نظر أربكان

أحمد منصور: لكن أداء الحكومة الحالية يثير الإعجاب في الشارع التركي وفي الشارع الإسلامي، الكل يشعر أن هذه الحكومة تقف مواقف صلبة، ووقفت موقفا صلبا ضد الولايات المتحدة الأميركية.

نجم الدين أربكان: إن الأحداث ستكشف الكثير من الحقائق، الحكومة الحالية أعلنت خلال الانتخابات ثلاثة شعارات فقط، ذكرت بأنها تتبنى الموقف الوطني، أي أنهم استغلوا ذلك كوسيلة لانتسابهم لتجمعنا، وعرضوا على الشعب خدمات الحكومة الرابعة والخمسين التي أسسناها، وقدمنا من خلالها الخدمات الجيدة في عامي 96 و97، الحملة الثانية التي قاموا بها ذكروا خلالها أن حزب السعادة سوف لن يجتاز الحاجز الانتخابي، وإنهم سوف يجتازون هذا الحاجز، وفي حملتهم الدعائية الثالثة قالوا: إذا لم تنتخبونا فإن حزب بايكال -أي اليساريين- سوف يتولون السلطة، نفذوا هذه الدعاية مع الأجهزة الإعلامية طيلة الشهور الثلاثة قبل الانتخابات، فالانتخابات طرحت النتائج المعروفة، وخلال الانتخابات أيضاً ذكروا في القرى بأنهم يعملون منجزاتهم بإيعاز من الخوجة، أي مني، إن غايتنا هي انتخاب الخوجة، أي انتخابي رئيساً للجمهورية، هذه حملتهم الدعائية ونتيجة لهذه النشاطات ظهرت النتائج المعروفة للانتخابات، ولكنهم الآن رغم كونهم الأغلبية في البرلمان ورغم تمتعهم بثلثي الأعضاء، ولهم القدرة على تغيير الدستور، رغم ذلك يتابع الشعب وضعهم منذ ثلاثة أشهر، قبل كل شيء كل منهم له رأي خاص، وهناك فوضى وفراغ في السلطة، لا يعرفون ماذا يريدون، فمسائل تركيا مسائل معروفة، وهناك مسائل اقتصادية، لأن الحكومة السابقة قامت بسحق الشعب، وأغرقت تركيا في الديون الخارجية، الفلاحون والموظفون والفقراء والعمال كانوا يعانون كثيراً، لقد كانت تركيا دخلت في نطاق الكوارث، والأمر الآن يتطلب تحسين الاقتصاد، هذا هو الشيء الأول، الشيء الثاني القوى الخارجية من أجل تنفيذ مخططاتها هناك عالم ذو قطب واحد، ولهذا السبب يريدون تنفيذ مخططاتهم، وتقوم هذه القوى بمضاعفة جهودها على تركيا، ولهذا السبب مسائل السياسة الخارجية اتسمت بأهمية كبيرة، الشيء الثالث من ناحية حقوق الإنسان، لقد حصلت ممارسة بها إجحاف، لذا فإن شعبنا يطالب بتحسين هذا الوضع، على سبيل المثال إغلاق المدارس التي تُخرج الأئمة والخطباء، وتحديد دورات حفظ القرآن، والصعوبات التي تظهر في مجال ارتداء الحجاب، ومسألة معادلة الشهادات للأتراك الذين تلقوا دراساتهم في الدول الإسلامية، فحقوق الإنسان تعرضت لجروح عميقة في فترة الحكومة التي جاءت بعد حكومتنا، شعبنا يريد إصلاح هذه الأشياء، والآن من خلال هذه الخدمات الرئيسية الثلاثة تولى حزب العدالة والتنمية الحكومة منذ ثلاثة أشهر، وبكل قواه أعلن بأن هذه المسائل ليست مسائل هامة.. ولا تدخل في إطار اهتمامهم، فأخروا هذه المسائل، ولم يولوها الأهمية، ومن ناحية السياسة الخارجية ارتكبوا أخطاء كبيرة: قاموا بتنظيم زيارات كثيرة طلبوا فيها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ورغم كل هذه الزيارات لم تُلبَ طلباتهم، وفي نفس الوقت تم استصغار تركيا، وعندما نلقي النظرة على الموضوع الآخر، وهو موضوع الاقتصاد من أجل تحسين الاقتصاد التركي وإشعار المواطنين بالارتياح، نحن بحاجة إلى إضافة مائة مليار دولار للميزانية، نحن في الحكومة الرابعة والخمسين خلال عامي 96 و97 نجحنا خلال ستة شهور بإضافة 35 مليار دولار للميزانية، وهذا يعني 70 مليار دولار في السنة الواحدة، إننا أنقذنا الاقتصاد التركي، وأظهرنا نجاحاً كبيراً ليس له أي مثيل في العالم، ولو ضربنا مثالاً سنقول إن الموظف الذي كان يحصل على مائة دولار بعد ستة أشهر أصبح يحصل على 250، أما الفلاح الذي كان يحصل على مائة، حصل بعد ستة أشهر على 312 دولاراً، أما المتقاعد الذي كان يحصل على مائة حصل على 300 وحتى قد يصل إلى ألف، ليس هناك أي بلد في العالم يتم فيه تأمين هذه النسبة من الرفاهية للناس خلال ستة أشهر، حكومتنا أنجزت كل هذه الأمور دون إضافة أي شيء جديد على الضرائب القائمة، لم تقم بزيادة أسعار السلع، ولم تقم باقتراض الديون من البلاد الخارجية، ونجحت خلال ستة شهور فقط، لأن تركيا تتمتع بالطاقة والإمكانيات الكافية لتنفيذ هذه الأعمال..

أحمد منصور: لماذا انشقوا عليك؟

نجم الدين أربكان: .. لا يكفي وإنما يحتاج إلى البداية والفراسة والدراية، الأصدقاء هؤلاء ترعرعوا عندنا، إنهم خرجوا إلى هذا الطريق، وذكروا بأنهم نفذوا هذه المنتجات مع الخوجة، أي معي، وأن باستطاعتهم عمل نفس الشيء بدون الخوجة، ولكن يلاحظهم الآن، لأن قسماً منهم أصروا على إدراج أسمائهم في طليعة القوائم الانتخابية، ولكن في نظامنا الاستشارة هي الأساس، ومنح الحق للكل هو الأساس، في نظامنا المنافع المادية ليس لها أية قيمة، والشيء الأساسي عندنا هو رضاء الله، ورغم تواجدهم في نظامنا هذا انفصل بعضهم، وارتكبوا الأخطاء، وتسببوا في الانقسام والتفرقة، والآن تظهر مأساة هذه التفرقة، إنهم يظنون أنه عندما يتوفر الماء والدقيق والملح فإن باستطاعتهم صنع الخبز، ولكن كما تعرفون فإن صناعة الخبز تتطلب إضافة الخميرة أيضاً، تتطلب الجوهر، وإذا لم تتوفر لديكم هذه المواد فإنكم لن تستطيعوا صناعة الخبز، الآن مر عليهم ثلاثة أشهر، ولم يضيفوا قرشاً واحداً.

أحمد منصور: ليست كافية ثلاثة أشهر.

نجم الدين أربكان: المصارع يستعرض نفسه عند صعوده إلى الحلبة وكما هو معروف في العالم أجمع، فإن الأيام المائة الأولى لأية حكومة هي أيام هامة للغاية، إننا نجحنا في تحسين كل الأمور خلال ستة أشهر من وجودنا في السلطة، فلماذا فشلوا هم في ذلك؟

أحمد منصور: هم يريدون أن يحققوا من الأميركان الآن يريدون أن يجلبوا الأموال من الأميركان، ويسمحوا للقوات الأميركية تدخل حتى يعيش الشعب التركي في رخاء.

نجم الدين أربكان: نعم.. نعم، إنه وضع مأساوي جداً، لاحظوا بأن السيد الطيب أردوغان صرح بأن البرلمان رفض هذه المذكرة، وفرح الكثير من الناس، ولكن إذا لم يتلق هؤلاء الناس رواتبهم لمدة ثلاثة أشهر وثلاثة أيام سيعلنون ضرورة الموافقة على المذكرة الجديدة والحصول على الأموال من الأميركان، هذه أقوال خاطئة جداً، وتتطلب أخذ العبر منها، وهي لها معنيان:

الأول: أننا نسمح للأميركان فقط بمنحنا المال، ولا يمكن مطلقاً استبدال المصالح الوطنية بالمال، ولا يمكن بيعها مطلقاً.

والثاني: أننا بذلك لا نثق بأنفسنا، ولا نؤمن بحل مشاكلنا الاقتصادية استناداً إلى مصادرنا الوطنية، حلنا الوحيد هو الوفاء بما تطلبه الولايات المتحدة الأميركية والحصول على القروض منها، إن هذا الاعتقاد هو اعتقاد خاطئ، إن عدم إيمانهم بذلك في تأمين الإمكانات هو خطر كبير، هذه هي الحقائق التي تظهر أمامنا في البلاد، ولهذا السبب لا يعرفون شيئاً آخر سوى زيادة الضرائب وزيادة الأسعار على الشعب، لاحظوا أنهم مع تقديم الميزانية وضعوا رزمة ضرائب جديدة بمقدار 16 تريليون ليرة تركية، إن الشعب يشعر بالملل، إنهم يسكبون البنزين على النار وليس الماء، ولهذا السبب فإن النقطة التي وصلت إليها تركيا خلال الشهور الثلاثة الماضية، تشير إلى توجه البلاد نحو الظلام، ولكننا نؤمن بأن شعبنا استطاع عبر التاريخ أن يقوم بإنجازات كبيرة حتى خلال أقسى الفترات العصيبة، وشعبنا سيعرف الطريق الذي سينقله إلى النجاة.

إنجازات حكومة أربكان السابقة في ظل فكرة القومية

أحمد منصور: لكن أستاذ في النهاية.. في النهاية الشعب أعطاهم.. أعطاهم الشعب في النهاية 34%، وأعطى حزبكم 2% فقط، الشعب اختارهم وهم يقولون: نحن واقعيون نخاطب بالخطاب الواقعي وأنتم تخاطبون الناس بالخطاب القديم الذي لم يعد يصلح الآن.

نجم الدين أربكان: إنكم تعلمون بأن فكرتنا هي الفكرة القومية، الفكرة القومية تعني رفض كل الأفكار المقلدة للغرب وفكرتنا تعني أيضاً ارتباط شعبنا برأيه الخاص وبتقاليده الخاصة ومنافعه الخاصة، آراؤنا وأفكارنا لا تصبح قديمة، وهذا يعني كذلك عدم تغيير كلمة الحق، إذا كنت تؤمن بكلمة الحق فإن آراءك تصبح دائماً آراء صحيحة ولا يمكن أن تتغير عبر الزمن، أما كلامهم فكله كلام فارغ، لاحظوا بأننا نظراً لتمتعنا بهذه الأفكار أصبحنا أكبر حزب في تركيا خلال فترة قصيرة، وقمنا بحل مشاكل تركيا، لو لاحظتم تاريخ تركيا خلال العشرين أو الثلاثين عاماً الأخيرة، أنقذنا تركيا من كوارث شبيهة بكارثة اليوم ثلاث مرات حسناً الاقتصاد قمنا بتنفيذ حملة الصناعات الثقيلة، حققنا النصر في قبرص، وانتهجت تركيا السياسة المؤثرة المستقلة والمشرفة، نحن نجحنا في ضم تركيا إلى المؤتمر الإسلامي فبفضل الفكرة القومية التي نتمتع بها أصبحت لنا الإمكانية لتسجيل هذه الخطوات الكبيرة، فكرتنا القومية هي فكرة لا تصبح قديمة ولا تفقد أهميتها مثل ما ذكرت مسبقاً فإن نتائج الانتخابات الأخيرة ظهرت نتيجة للحملات التي قامت بها القوى الخارجية وهي نتيجة مؤقتة والآن انطفأت وإذا جرت انتخابات عامة جديدة، فسوف تفوز فكرتنا القومية.

أحمد منصور: لكنهم يقولون: نحن الآن في زمن أردوغان وزمن أربكان انتهى.

نجم الدين أربكان: وأنا أقول كذلك بأن زمن الحق لا ينتهي، وهذا غير مرتبط بالأشخاص، فالزمن هو زمن الشخص الذي يكون مرتبطاً بالحق.

أحمد منصور: هم تلاميذك والناس يعتقدون أنهم امتداد لك ولأفكارك وللأحزاب المختلفة التي أسستها، هل معنى ذلك أنهم يسيرون في طريق آخر غير الطريق الذي مشيت فيه طوال الـ 35 عاماً الماضية؟

نجم الدين أربكان: إنهم بالطبع حصلوا على هذه الأصوات بعدما أعلنوا أنهم يمثلون هذه الآراء، ولكن في الحقيقة فإنهم يسيرون في طريق خاطئ لأنهم لا يتمتعون بقابلية التمييز ولا يعرفون ماذا يعملون، يتحركون اليوم ضد المصالح الوطنية ويخدمون بشكل تام مطالب القوى الخارجية، والفكرة القومية لا تقبل كل هذه التصرفات وترفضها، ولهذا السبب نقول بأنهم نعم ترعرعوا بيننا ولكنهم لم يترعرعوا بشكل تام، إنهم انفصلوا عنا قبل النضوج، ولهذا السبب يحتاجون للعودة مرة أخرى واستكمال دروسهم، وهذا هو الاتجاه الذي تشير إليه الأحداث.

أحمد منصور: لو كنت في السلطة كنت ستتحدى الولايات المتحدة الأميركية وترفض دخول قواتها إلى تركيا وتدخل في مواجهة معها؟

نجم الدين أربكان: في عام 74 وعام 87 ومن ثم في عام 95، 96 تولينا الحكم في البلاد، ولهذا السبب نحن لسنا مستجدين وعندما كنا نتولى السلطة لم تستطع الولايات المتحدة الأميركية أن تقدم لنا مثل هذه المقترحات، إننا ودعنا وفود صندوق النقد الدولي بعد أن قدمنا لهم الشاي وقلنا لهم إننا نستطيع نحن أن نقدم لكم المساعدة، ولهذا السبب عند الإيمان بطاقة هذا الشعب هناك طرق ووسائل من أجل حل مشاكل البلاد عن طريق الفكرة القومية، ولا يتطلب ذلك التحرك بشكل مضاد للمصالح الوطنية، وليس هناك أي داعٍ لإشعال كل المنطقة في الشرق الأوسط، وهذا أمر خاطئ جداً.

أحمد منصور: حزب العدالة والتنمية يقول أنه حزب واقعي، والولايات المتحدة قوة لا تُقهر ولابد أن يتعامل معها ولكن هذا الخطاب الذي أنت تتحدث به الآن أصبح خطاباً قديماً لا يصلح للتعامل مع العصر.

نجم الدين أربكان: قبل قليل ذكرت بأن الحق لا يصبح قديماً، الحق هو الصحيح دائماً، ولهذا السبب هذه الأفكار التي يطرحونها خاطئة تماماً وهذا هو الفرق الكبير بيننا وبينهم، هل سنصبح بلداً ندور في فلك الولايات المتحدة الأميركية أم سنكوِّن بلداً مستقلاً يحمي العدالة والسلام؟ وسنصبح بلداً قوياً، الفكرة القومية هي التي تؤمن بذلك، وعندما توليت الحكم نجحت في تحقيق ذلك، الأميركان طلبوا منا عدم دخول قبرص، ولكننا دخلنا وحققنا السلام لقبرص خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة، الشيء الآخر: أننا عندما كنا نتولى السلطة أرغمونا على تقديم قروض لنا، فرفضنا وحسَّنا اقتصادنا بقوتنا الذاتية، وقمنا بتأسيس مجموعة دول الثمانية، وهي نواة كبيرة للبلدان التي تسير في طريق النمو، اجتمعت ثماني دول إسلامية في الخامس عشر من أبريل عام 97، وعدد سكان هذه الدول 800 مليون نسمة شكلت نواة، وهذه النواة هي تأسيس النظام العالمي الجديد، وعندما أبرمنا اتفاقية الدول الثماني مع رؤساء البلدان الثمانية في اسطنبول في الخامس عشر من حزيران.. يونيو عام 97، كنا قد أعدنا أيضاً عقد اجتماع يالطة الثاني بعد عام من هذا الموعد، كل الإنسانية تشعر بالحاجة إلى ذلك، لا يمكن تأمين السلام والطمأنينة على وجه الأرض دون تنفيذ ما ذكرته الآن، يالطة الأولى كانت خاطئة، لأن زعماء الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية (ستالين) و(تشرشل) و(روسفيلد) حاولوا تأسيس العالم الجديد تحت راية القوة فأسسوا منظمة الأمم المتحدة وهي منظمة غير ديمقراطية يتمتعون فيها بحق الكلام وحق الفيتو، لم نجد السلام وفقدنا 50 عاماً، لأنهم تحركوا بفكرة تستند إلى القوة، تمزق الاتحاد السوفيتي بعد ذلك، وأصبحت أميركا القوة الوحيدة في العالم، ومنذ 13 عاماً أيضاً لم نجد السلام، ما هو السبب؟

لأنه لا يمكن تحقيق السلام والعدل بواسطة الغربيين، لأن حضارتهم تستند إلى روما واليونان، وحضارة الرومان واليونانيين هي حضارة متأثرة بالحضارة الفرعونية، وهي حضارات كانت تفضل التعامل بتفوق القوة، وإذا كنتم تفضلون تفوق القوة، سيظهر الظلم ولكن نحن -والحمد لله- شعبنا منذ قرون طويلة كان يعتمد على الحق، وإذا كنتم تفضلون ذلك، فسوق يأتي الحق والسلام على وجه الأرض، والآن نحن بحاجة إلى عالم جديد يقوم على الحق ومبادئه، فالأحداث الجارية هي بمثابة آلام المخاض وهناك ستة شروط لتفوق الحق:

الأول: الاعتماد على السلام وليس الحرب، والثاني: اعتماد الحوار وليس الصراع، والثالث: العدالة وليس الازدواجية، والرابع: التعاون وليس الاحتلال، والخامس: المساواة وليس التكبر، والسادس: حقوق الإنسان. ولهذا السبب يتطلب الأمر تأسيس نظام عالمي جديد يستند على هذه الأسس عبر الدعوة لانعقاد مؤتمر يالطة الثاني العالم ذو القطب الواحد وتفوق القوة وسحق كل من هو موجود في الجوار وهذه الأراضي هي أراضي موعودة، لا يمكن إحلال السلام والطمأنينة على وجه الأرض لهذا السبب قمنا بتأسيس منظمة الدول الثماني كنواة، واليوم يتطلب توحُّد كافة الأقطار الإسلامية، من جهة أخرى هناك أيضاً روسيا والصين والهند والبرازيل، وهي توازي خمسة مليارات إنسان مُستضعف مثلنا، يجب أن تتوحد هذه الدول في إطار هذه الأسس التي تحدثنا عنها، يعني أن الأمر يتطلب جلوس مجموعة الثمانية مع مجموعة السبعة الكبار على مائدة واحدة، والتحاور من أجل تأسيس النظام العالمي الجديد الذي يستند على العدل والسلام، إنه من الممكن بالطبع تنفيذ هذا العمل، لكن ذلك يتطلب الإرادة السياسية والعمل الجاد، نحن نؤمن بأن كل هذه الأحداث ستساهم في تأسيس الإرادة السياسية اللازمة في هذا الاتجاه، البلدان الإسلامية ستشعر بذلك وبالمسؤولية وستصبح بجانب البلدان التي لها أكبر ثقل سكاني، والتي ذكرتها قبل قليل من أجل الحق والعدالة، وبذلك أيضاً سيتحقق التوازن مع التصرفات التي تهدد عالمنا الحاضر، وسوف تتحسن الأمور وسيعم السلام على وجه الأرض، هذا هو الشيء الذي يجب عمله، لا يكفي القول بأننا لا نريد الحرب، لأن الغرب لا يفهم إلا منطق القوة والعقوبات، لذا يجب عليك أن تواجهه بالقوة، لكي تمنعه من التصرفات المجحفة وغير العادلة هذه القوة تتألف من خمسة مليارات إنسان، من خلال القوة الشرائية لهؤلاء الناس، فإن أميركا ستصبح دون قوة إذا أعلن هؤلاء أنهم لن يتعاملوا بالدولار، تتوافر بعض الإمكانات على وجه الأرض من أجل تأمين السلام والطمأنينة، إن تنفيذ ما ذكرناه يتطلب الإرادة السياسية خدمة للإنسانية وحتى خدمة للشعب الأميركي، وسوف يثبت الآن من جراء شن حرب خاطئة ومصطنعة في العراق موت آلاف من الجنود الأميركيين، إنهم بشر من عباد الله، والأمر يتطلب تغيير السياسات الخاطئة هذه، وهذا أمر يجب أن تتولاه البلدان الأعضاء في مجموعة الدول الثمانية، فقد أسسنا هذه المنظمة ومرت خمسة أعوام عليها، ويجب أن تتولى مهمتها، وهذا هو العلاج الصحيح.

أحمد منصور: بعد رفع الحظر السياسي عنك، هل ستعود إلى زعامة حزب السعادة مرة أخرى؟

[فاصل إعلاني]

مدى احتمال عودة أربكان لزعامة حزب السعادة

أحمد منصور: هل ستعود إلى زعامة حزب السعادة بعدما رُفع الحظر عنك؟

نجم الدين أربكان: إن خدمة الشعب والبلاد هي خدمة ليست سهلة، وإن من الطبيعي أن نواجه في هذا الطريق بعض العراقيل، فإن حياتنا هي حياة تُظهِر الخارطة الصريحة لهذه العراقيل عشنا خمسة أعوام بعدما فُرض علينا حظر ممارسة السياسة وعدم الانتماء إلى عضوية أي حزب سياسي، والحمد لله لقد انتهى هذا الحظر، والآن بدأنا نتمتع بحريتنا الكاملة، إن خدمة الإنسانية هي واجب غير مرتبط بالرغبة والطلب، كل شخص يجب أن يعمل وبكل قواه من أجل سعادة الإنسانية والشيء المؤثر هو القوة السياسية، ولهذا السبب على الجميع أن يساهم في النشاطات السياسية التي تستهدف جلب السعادة للبشر، ولهذا السبب أيضاً نحن نؤمن بأن حزب السعادة سوف يجلب السعادة للبشر، وخلال فترة قصيرة سأصبح أولاً كفرد أو كجندي من جنود هذا الحزب، وسوف ألتحق بالحزب وما بعد الالتحاق هو شيء غير هام، المهم هو الانضمام إلى أشقائي المؤمنين السائرين في طريق الحق، لا نستطيع تأخير ذلك وسنسجل هذه الخطوة خلال أسرع وقت ممكن، وسنبذل الجهود مع كل أشقائنا خدمة لسعادة الإنسانية إن شاء الله.

أحمد منصور: أكثر من نصف أعداء.. أعضاء حزب العدالة والتنمية في البرلمان كانوا أعضاء حزبك وهم تلاميذك هل تنوي استقطاب هؤلاء، وخاصة الذين يعارضون (رجب طيب أردغان) الآن لينضموا إلى حزبك مرة أخرى؟

نجم الدين أربكان: هذا اختصاص يتعلق بتقدير الأصدقاء هناك، لقد عملنا مع هؤلاء الأصدقاء لسنوات طويلة وتحت نفس الراية، والآن رأوا ماذا حدث بعد انفصالهم عنا، وأعتقد أن هذه التجربة ستعود بالفائدة إليهم، وبالأساس فإن هناك شعور بآلام التفرقة، وهناك الخير والسعادة في التماسك والوحدة، ولهذا السبب نحن نؤمن بأنه ولو تم ارتكاب خطأ واحد، فإن التوحد من جديد سيكون له الفوائد لأصدقائنا ولبلادنا وللعالم الإسلامي.

أحمد منصور: معنى ذلك أننا ننتظر حدوث انشقاق في حزب العدالة والتنمية وعودة لكثير من أعضائه إلى زعامتك مرة أخرى؟

نجم الدين أربكان: الأحداث هي التي ستظهر ذلك في الأيام المقبلة، وكل شيء مرتبط بمشيئة الله -سبحانه وتعالى- ونحن نتمنى بألا يتمزق الأشخاص الذين يحملون نفس الأفكار وأن يكونوا موحدين أي التوحد تحت راية الحق، والتوحد في خدمة الحق واجتناب التصرفات التي تؤدي إلى الظلم.

أحمد منصور: هل هناك مفاوضات بينك وبين بعض الأعضاء للانضمام إلى حزبك والانشقاق على أردوغان؟

نجم الدين أربكان: إنهم من إخواننا وهم يتواصلون معنا بشتى الوسائل ويتصلون بنا هاتفياً، ويتمنون لنا أن نؤدي خدمات جليلة لأمتنا بعد رفع الحظر عنا، ولكن حدوث ما ذكرتموه يتعلق بتقدير الله -سبحانه وتعالى- ونتمنى أن يتحقق.

أحمد منصور: أردوغان.. أردوغان يرشح نفسه في الانتخابات يوم 9 مارس هل تريد أيضاً.. هل إذا جاءتك فرصة لكي ترشح نفسك في البرلمان، هل ستعود إلى البرلمان مرة أخرى أيضاً؟

نجم الدين أربكان: بالطبع فإن ما ذكرته أيضاً قبل قليل هو أن العمل من أجل سعادة الإنسانية مع الأشخاص المؤمنين وبالطبع فإن للبرلمان تأثير كبير، لكنه بحاجة إلى توفير الإمكانات القانونية، أي أنه بحاجة إلى إجراء الانتخابات الفرعية من جديد.

الحرب الأميركية المحتملة على العراق في نظر أربكان

أحمد منصور: لو عدت بك إلى قضية الحرب الآن التي تسيطر على هواجس الكثيرين، هل تعتقد أن الحرب حتمية وستقع لا محالة؟

نجم الدين أربكان: هذا يتعلق تماماً بتصرفات الأقطار الإسلامية، فإذا قامت الدول الإسلامية بواجباتها حقاً وتوحدت، وتصرفت من أجل تحقيق ما ذكرناه، فإنه يمكن في هذه الحالة منع اندلاع الحرب، ولكن الأمر يتطلب البدء في تسجيل الخطوات في هذا الاتجاه بكل مسؤولية، وسنرى ذلك خلال الأيام المقبلة، وسنبذل نحن كل طاقتنا، حيث نعمل وسنعمل من أجل الإنسانية جمعاء، ونأمل بأن نؤسس عالماً جديداً، وأن يتحقق السلام وليس الحرب، هذا ما نتمناه ونصبوا إليه.

أحمد منصور: أنت ترى واقع العالم الإسلامي واقع مذري وأميركا تخرج وتدخل كما تريد، لا.. ليس هناك إرادة حرة في مثل هذا الأمر معنى ذلك أن الحرب ستقع، وإذا ستقع الحرب متى ستتوقع حدوثها؟

نجم الدين أربكان: مثل ما ذكرت على الدول الإسلامية أن تقوم بالوفاء بالمهمات التي تقع على عاتقها وبكل مسؤولية، وعندما يتحقق ذلك لن تندلع الحرب، ليس هناك شيء ثابت في أن الحرب سوف تندلع، المسألة مرتبطة -مثلما ذكرت- بقيام الدول الإسلامية بمسؤولياتها وهناك الإمكانات والتدابير المتوفرة من أجل إيقاف الولايات المتحدة الأميركية وعرقلة هذا التصرف الخاطئ والأمر يتطلب اتخاذ هذه الإجراءات بقيادة الدول الإسلامية وبمساعدة من كافة البلدان السائرة في طريق النهوض، وتحقيق ذلك يتطلب العمل، وإن شاء الله ستكلل هذه الأعمال بالنجاح.

أحمد منصور: في حال وقوع الحرب، هل تتوقع أن الأميركيين سوف يتمكنون من إسقاط النظام في العراق بمنتهى السهولة؟ ستكون حرب سهلة؟

نجم الدين أربكان: لا أظن بأن ذلك سيكون سهلاً، ولأن العراق تمتع في الفترة الماضية -وبمساعدة الأميركيين أيضاً- بقدرة عسكرية هائلة، لأنه يريد حماية نفسه، وستواجه أميركا حرباً في منطقة بعيدة عنها، ومثل ما نعرف جميعاً، فإن أضعف ناحية لدى الولايات المتحدة هو عودة ضحاياها في الحرب في نعوش إلى أراضيها، إننا شاهدنا ذلك في فيتنام، لقد تمرد كل الشعب الأميركي بعد وصول الجرحى وجثث الجنود الذين قُتلوا في الحرب، ولهذا السبب فإن هذه الحرب لن تكون سهلة، وإننا بالطبع لا نريدها أن تندلع، ولكن إذا وقعت الحرب فإن أميركا سوف تدفع ثمناً باهظاً وستصبح وسيلة لمأساة كبيرة، نحن نتمنى -من أجل الشعب الأميركي- عدم وقوع مثل هذه الكارثة، لأنهم بشر وعباد لله، ونشعر بالشفقة أيضاً تجاههم، إننا نطالب بمنع نشوب الحرب من أجلهم أيضاً، ولكن إذا اندلعت الحرب وعانى العالم من هذه المأساة، وإذا تأسس في العراق مثلما يذكر الأميركان نظام عسكري فإنهم سيطالبون بتطبيق نفس الأمر على البلدان الأخرى المجاورة للعراق، وفي هذا الوضع ستقوم الولايات المتحدة التي تبشر بالديمقراطية وحقوق الإنسان منذ أكثر من 50 عاماً بإدارة هذه البلدان وإدارة كل العالم بالأنظمة العسكرية، وهذا لا يضيف لأميركا أو الإنسانية مكاسب، وهذه الحرب حرب خاطئة من البداية وحتى النهاية، وأهدافها خاطئة أيضاً، وليس لها أي مبرر، تصرف خاطئ تماماً، ونحتاج إلى الحيلولة دون وقوعه.

أحمد منصور: لكن (جورج بوش) تكلم قبل أيام عن أن النظام الجديد في العراق بعد إسقاط النظام الحالي سيكون نموذجاً لدول المنطقة، هل معنى ذلك أن أميركا تريد تغيير كل الأنظمة الموجودة في المنطقة العربية والإسلامية؟

نجم الدين أربكان: هذه الأفكار التي طرحها بوش خاطئة، وأن ما يتم إعلانه يظهر أن بوش ينتمي إلى طريقة دينية غير سوية، لقد تم تطوير بعض المعتقدات داخل المسيحية من أجل تحقيق المصالح الإسرائيلية، وتنشط هذه المعتقدات بشكل واسع، فبوش مع والده ينتميان إلى هذه المعتقدات المسيحية، ولهذا لا يتحركون بشكل عقلاني، وإنما يتحركون بتعصب ولو تأملتم التعبيرات التي يطلقونها في حديثهم، فإنكم ستجدونها تعبر عن المعتقدات التي تتنافى مع العقلية والفراسة، إن بوش يقول: إنه كُلِّف بالمهام التي يقوم بها، فكيف تم تكليفه؟ إن إيمانه هذا خاطئ، ويقول: بأن معركة (هرمجدون) ستقع بين عامي 2001، 2007 ولا يستند في ذلك إلا على معتقداته الخاطئة في الطريقة التي ينتمي إليها، يقول بوش: إنه يحارب من أجل العدالة أي عدالة؟ إنه يذهب من أجل احتلال أراضي الآخرين، وليس هناك أي علاقة بين العدالة وقتل مئات الآلاف من الناس الأبرياء، ولهذا السبب يجب نصح بوش، لكي يقوم بتعديل معتقداته الخاطئة.

أحمد منصور: العرب دعوا في قمتهم الأخيرة صدام حسين للتنحي، هل تعتبر ذلك يمكن أن يكون مخرجاً للأزمة القائمة إذا تنحى صدام حسين؟

نجم الدين أربكان: إننا نعلن منذ 33 عاماً عن مبادئنا ونقول: بأن على الأقطار الإسلامية أن تتضامن، ومن أجل هذا التضامن فإن المؤتمر الإسلامي لا يكفي ويجب أن تصبح هناك منظمة أمم متحدة خاصة بالبلدان الإسلامية وذلك لخدمة الإنسانية جمعاء ولا تقتصر على الدول الإسلامية فقط، فعلى الأقطار الإسلامية أن تقيم تعاوناً وميثاقاً خاصاً لها في مجال الدفاع، ويجب أن تصبح البنية المالية للدول الإسلامية مستقلة، وأن تكون لها وحدة نقدية، إننا نطالب منذ 33 عاماً بإقامة التعاون الثقافي بين الدول الإسلامية، أي إننا ندعم كل خطوات التعاون بين الدول الإسلامية ولهذا قمنا بالعمل على ضم تركيا كعضو تام في منظمة المؤتمر الإسلامي عام 76 وتم ذلك خلال فترة تولينا الحكم وبجهود منا، ومع ذلك يجب الاهتمام بموضوعين، الأول: يجب احترام وحدة أراضي كل الدول الإسلامية والثاني -وهو المهم- قيام البلدان الإسلامية بحل قضاياها الداخلية بنفسها، العراق بلد مسلم، ويجب الحفاظ على وحدة أراضيه، وعلى العراقيين حل مشاكلهم الداخلية، أما التدخل من الخارج فهو تصرف غير صحيح ولهذا السبب فإن التعاون سيكون سهلاً إذا تم مراعاة هذه الأمور، ولهذا السبب أيضاً يجب منع نشوب الحرب وعلى الشعب العراقي أن يحل مشاكله بنفسه.

أحمد منصور: هل تتوقع إن أميركا ستقف عند حد العراق أم يمكن أن تصل إلى دول عربية أخرى؟

نجم الدين أربكان: سوف يتم إزالة كافة القوى الموجودة في محيط إسرائيل ولهذا فإن العراق هو البداية، إيران والعربية السعودية وتركيا سيتم إضعافها من أجل أن تصبح إسرائيل هي البلد المتفوق والمسيطر أيضاً في هذه المنطقة، وهذه هي الأسباب الحقيقية لما يدور، ولهذا السبب تأتي أميركا الآن للعراق، وقد دخلت أفغانستان من قبل، ولن تكتفي بالعراق، وهي تقول الآن: إنها ستحاول السيطرة على إيران أيضاً، هذه هي مسألة السيطرة على العالم، ولكن هذه السيطرة تستند على تفوق القوة وهذه سيطرة خاطئة، ويجب تأسيس النظام العالمي الجديد على أساس تفوق العدل وليس تفوق القوة.

الطريق إلى عرقلة الحرب على العراق في نظر أربكان

أحمد منصور: من الناحية العملية كيف يمكن إفشال المخطط الأميركي الآن في ظل هذا الوضع؟

نجم الدين أربكان: ذكرت قبل قليل أيضاً أنه يجب أن تجتمع منظمة الدول الثماني مع روسيا والصين والهند والبرازيل، ويقولون لأميركا يجب أن تتوقفي، فهذه الدول تمثل 5 مليارات من البشر، وهم يستطيعون القول لأميركا إذا لم تنصاعي فسوف نفرض الحظر على السلع الأميركية مع عدم استعمال الدولار، هناك الكثير من الأعمال بإمكانية هؤلاء البشر القيام بها ضد الولايات المتحدة الأميركية، ولهذا السبب يجب أن تكون هناك الإرادة السياسية، ويجب تنفيذ هذه النشاطات وفق ما ذكرته قبل قليل. وبذلك ستولي أميركا الاهتمام لذلك، وسوف تتجنب ارتكاب الأخطاء.

أحمد منصور: أستاذ، أما تعتقد أن هذا طرح غير واقعي؟

نجم الدين أربكان: هذا مرتبط بالإيمان، كان هناك بعض الجهات ذكرت حينما وحدنا 800 مليون مسلم بأن هذه المبادرة غير واقعية، لكننا أنجزنا ذلك خلال سنة، اليوم روسيا والصين والهند والبرازيل تعارض كلها التصرفات الأميركية، هناك خمسة مليارات من البشر يعارضون أميركا، وكل العالم يريد السلام، إن ما تقوله هو ترجمة طلب المسلمين فقط، إننا لم نقل شيئاً جديداً، الإنسانية هي التي تطلب ذلك، الشيء الهام هو إنجاز ما يطلبه كافة البشر، إنه يتطلب الإيمان والعمل، هناك شرطان: يجب أن تؤمن وأن تعمل، وبهذا الشكل سيساعد الله -سبحانه وتعالى- الذين يعملون في طريق السلام، وفي النهاية يستطيعون منع نشوب الحرب، ولكن يجب أن تؤمنوا وتعملوا في هذا الاتجاه، الإرادة والإيمان والفراسة، معرفة ما الذي ينبغي أن تفعله عندما تتوفر هذه الأمور يمكن منع اندلاع الحرب.

أحمد منصور: هل تتوقع أن تتورط أميركا في العراق إذا قامت الحرب، وأن يحدث لها ما حدث في فيتنام أو الصومال أو التجارب الأخرى لها؟

نجم الدين أربكان: إن أميركا جاءت إلى هذه المنطقة لفرض هيمنتها عليها، وإن ما تصبو إليه هو أمن وسلامة إسرائيل، ولهذا السبب ستتخذ كافة التدابير اللازمة لديمومة هذا الأمن، ويجب ألا يشك أحد في هذا الأمر، هذه هي خطتهم وما يطمحون إليه.

أحمد منصور: أستاذ سؤالي الأخير: كيف تنظر لمستقبل المنطقة في هذه المرحلة في ظل هذا الوضع في ظل الحرب..؟ ما هي سيناريوهات المستقبل المختلفة؟

نجم الدين أربكان: هناك سيناريوهان، الأول: أن تتمكن أميركا من تنفيذ كل مخططاتها وتحتل المنطقة كلها، وليس أفغانستان فقط، العراق، وإيران، والسعودية، وتركيا، ومصر، وتؤسس أنظمة عسكرية فيها، وتحاول السيطرة عليها، هذا السيناريو الأول، أما السيناريو المقابل إذا كانت بلدان المنطقة ترفض هذا، فعليها أن تتخذ التدابير بشكل عقلاني فتمنع وقوع الحرب ويعم السلام ويؤسس على وجه الأرض عالم جديد كما ذكرت من قبل، السلام وليس الحرب، الحوار وليس الصراع، العدالة وليس الازدواجية، التعاون وليس الاحتلال، المساواة وليس التكبر، وعالم يستند إلى حقوق الإنسان هذا هو البديل الثاني، كل أصحاب الرحمة والشفقة الذين يحبون البشرية جمعاء يجب عليهم العمل لصالح السيناريو الثاني الذي ذكرته، وإنه يمكن تحقيقه، ولكن يتطلب الأمر البدء بالخطوات اللازمة بكل إيمان.

أحمد منصور: أستاذ نجم الدين أربكان (رئيس الوزراء التركي الأسبق)، أشكرك شكراً جزيلاً على مشاركتك معنا في هذا البرنامج، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم.

في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من أنقرة والدوحة، وهذا أحمد منصور يحييكم (بلا حدود) من العاصمة التركية أنقرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.