بلا حدود

الذكرى الأربعون لاستقلال الجزائر

حقيقة استقلال الجزائر، طبيعة الاتهامات التي وجهت لحسين آيت أحمد من خالد نزار، الآثار الاقتصادية لأزمة الجزائر، حاضر الجزائر ومستقبلها بمناسبة الذكرى الأربعين في حوار مباشر مع زعيم القوى الاشتراكية وأبرز القادة التاريخيين للثورة الجزائرية حسين آيت أحمد.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

حسين آيت أحمد: رئيس جبهة القوى الاشتراكية في الجزائر

تاريخ الحلقة:

03/07/2002

– حقيقة استقلال الجزائر
– طبيعة الاتهامات التي وجِّهت لحسين آيت أحمد من خالد نزار

– الآثار الاقتصادية لأزمة الجزائر


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحييكم على الهواء مباشرة من العاصمة الفرنسية باريس وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود). ونعتذر إليكم عن هذا الخلل الفني في الأقمار الاصطناعية الذي أدى إلى تأخُّر الحلقة حتى الآن.

بعد 132 عاماً من الاحتلال الاستيطاني وفي مثل هذا اليوم الثالث من يوليو عام 1962 اعترف الرئيس الفرنسي الأسبق (شارل ديجول) باستقلال الجزائر عن فرنسا، واختير الخامس من يوليو -وهو اليوم الذي يصادف احتلال الفرنسيين للجزائر عام 1830- ليكون يوم ذكرى الاستقلال، ورغم الفرحة العارمة التي اجتاحت الجزائر إبان الاستقلال -حيث قدم الشعب الجزائري خمسة ملايين شهيد خلال 132 عاماً من الجهاد والمقاومة للاحتلال الفرنسي، منهم مليون ونصف المليون شهيد قدمهم بعد اندلاع الثورة عام 1954 إلى الاستقلال عام 1962- رغم ذلك فإن الفرحة لم تكتمل، فسرعان ما دب الصراع بين قادة الثورة وقاد (هواري بو مدين) انقلاباً ضد أول رئيس للجزائر الرئيس (أحمد بن بيلا) عام 1965، وكما عاشت الجزائر أزمة الاحتلال فإنها تعيش منذ استقلالها أزمة الاستقلال.

تساؤلات عديدة حول واقع الجزائر ومستقبلها في الذكرى الأربعين لاستقلالها أطرحها في حلقة اليوم على السيد حسين آيت أحمد (أحد أبرز قادة الثورة الجزائرية).

وُلد حسين آيت أحمد في شهر أغسطس عام 1926.

انضم لحزب الشعب الجزائري عام 1942 وشارك عام 47 في تأسيس الحركة العسكرية السرية للحزب.

ظل مُطارداً من الفرنسيين حتى تمكن من الهروب عام 1951 إلى فرنسا ومنها إلى القاهرة، حيث التحق بمكتب المغرب العربي، وقام بزيارة بورما وباكستان والهند وإندونيسيا للتعريف بقضية بلاده.

كما رأس وفد الجزائر في مؤتمر باندونج الذي عُقد في أبريل عام 1955.

بعد ذلك مثل الثورة الجزائرية في الأمم المتحدة وأصبح ناطقاً باسمها عام 1955، وقد نجح في إدراج القضية الجزائرية على جدول الأمم المتحدة.

كان أحد الزعماء الخمسة الذين اختطفتهم فرنسا في أول عملية قرصنة جوية في التاريخ عام 1956، حيث بقي في سجون فرنسا حتى عام 1962.

حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية عام 1976 من جامعة نانسي في فرنسا ويقود الآن حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارضة.

يتواجد في صفوف المعارضة منذ الاستقلال وحتى الآن.

لمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على هواتفنا في الدوحة: 4888873 (00974)، أو عبر الفاكس هنا في باريس: 53960402 (00331) كما أستقبل مداخلاتكم عبر موقعنا على شبكة الإنترنت:www.aljazeera.net

حقيقة استقلال الجزائر

سيد حسين مرحباً بيك.

حسين آيت أحمد: أهلاً وسهلاً.

أحمد منصور: أعتذر إليك عن هذا الخلل الذي أدى إلى تأخُّر الحلقة.

بعد أربعين عاماً على إعلان استقلال الجزائر، هل حصلت الجزائر حقاً على استقلال حقيقي؟

حسين آيت أحمد: أولاً: أيتها المشاهدات الفضيلة، أيها المشاهدون الأفاضل، أيتها المواطنة.. المواطنات العزيزة، أيها المواطنون الأعزاء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، …….

أحمد منصور: نحن نريد أن نفهم عليك.

حسين آيت أحمد: أرسل.. أرسل من (الجزيرة) تحيتي وتمنياتي، أتمنى أن تكون فأل خير لمستقبل بلادنا، يسعدني أن أتوجه إليكم وإليكن اليوم، اللي هو ذكرى حصول.. ذكرى الأربعين حصول الشعب الجزائري على حقه في تقرير المصير، باش ناخدوا العبرة جميعاً ونستخلص الدروس.. تاريخ بلادنا المجيد قبل الاستقلال، لمن الإجرام أن ننسى باللي قيل وأهداف الثورة مازالت صالحة اليوم أكثر من وقت مضى لحل الأزمة الدموية الموجودة الآن ولفتح باب المستقبل، لا يوجد إلا علاج واحد وهو الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الإنسان، أنا ما نؤمن برجل تاريخي مهما كان.. كانت مساهمته في الكفاح، لأن الحرب التحريرية لا يمكن تلخيصها في شخصية واحدة أو في جهاز واحد أو في كتلة واحدة، حتى لو كان هذا الجهاز الجيش، الجيش في الخارج أو في الداخل، فلنتذكر ميزان القوى، نص مليون جندي فرنساوي، بقطع النظر عن الشبكات المتعددة للبوليس والإدارة، سمعت الأخ بوتفليقة يقول: الشعب الجزائري نص منه خاين والنص منه نايم، أستغرب من هذه الوقاحة، وأستغرب كذلك من هذا المنطق اللي ما يقدرش يفسرنا إذن..

أحمد منصور[مقاطعاً]: سيد حسين أنت تتكلم عن رئيس دولة في السلطة، وصفه بهذا الوصف القاسي أعتقد شيء صعب.

حسين آيت أحمد: هنضطر نتفادى هذا.. هذه العبارات، فإنما إحنا حبينا نعرف أيش من العمالقة أو أيش من المخلوقات النووية اللي كان تستطيع تنجي الجزائر وتحرر الجزائر والشعب الجزائري خارج ميدان الكفاح.

أحمد منصور: بعد أربعين سنة من استقلال الجزائر، هل حصلت الجزائر حقاً على استقلالها؟

حسين آيت أحمد: حقاً الجزائر حصلت على استقلالها، وإنما ما شيدتش الدولة المنتظرة، الدولة التي وعدنا بها شعب الجزائر أول نظام بالـ 54، عندما نادينا الشعب للكفاح التحريري ووضحنا الأهداف.. ألا وهي: تأسيس جمهورية ديمقراطية اجتماعية في إطار احترام مبادئ الإسلام، ولكن ظهر بعد أربعين سنة أن لم تكن في الجزائر دولة وإنما هناك زمرة من الجنرالات العسكريين والمخابرات، هم اللي ماسكين زمام الأمور في الخفاء، بدون ما.. ما ياخدوا مسؤوليات، بدون ما يعطوا حساب، ويستعملون المدنيين ومؤسسات مدنية كظاهرة لا قيمة لها، لأن أصحاب القرار هم.. هم العسكريون، فـ (..) أو الجريمة الكبرى اللي وقعت في الجزائر هو أن بمجرد ما اعترفت فرنسا، ما اعترفت الجامعة الدولية للجزائر بحق تقرير المصير فزمرة من الجيش وبعض الشخصيات استحوذوا هذا.. هذا تقرير المصير.

أحمد منصور: منذ أربعين عاماً وليس اليوم..

حسين آيت أحمد: لا في.. في أول استقلال، في أول استقلال، لأن تقرير المصير كان يجب أن يُجسَّم في.. في دستور ولذلك انتخب مجلس تأسيسي يستهدف بنيان أسس الدولة الجديدة، فأنا كنت من الناس اللي يمثلوا الشعب الجزائري في.. في مجلس تأسيسي، إذا بنفس الناس اللي ثاروا على الحكومة المؤقتة الجزائرية، استحوذوا على.. على الدستور، أعني عملوا دستور في قاعات السينما، خارج المجلس التأسيسي، ثم طبعاً عرضوها على.. على المجلس، هذا يعني أن استحوذوا على حق الجزائر لتقرير المصير، من هناك مصدر انزلاق وانحراف الدولة، وغياب الدولة..

أحمد منصور: يعني الدولة غائبة منذ الاستقلال وحتى اليوم؟

حسين آيت أحمد: كانت غائبة شوية بشوية، كانت على كل حال..

أحمد منصور[مقاطعاً]: يعني بداية سيطرة العسكر على السلطة من البداية، من أول (هواري بو مدين) إلى اليوم والجزائر يحكمها العسكر؟

حسين آيت أحمد: لا، (هواري بو مدين) استنجد.. استعان الأخ (بن بيلا)، لأن (بو مدين) ما كانش معروف لدى الرأي العام الجزائري، فعندما (بن بيلا) أيقظ إلى.. إلى الواقع أن الجيش خطر بالنسبة.. بالنسبة للدولة أو بالنسبة للبلاد، اتصل بيَّ وأنا كنت محكوم عليَّ بالإعدام..

أحمد منصور: صح، لأنك تمردت في العام 94.

حسين آيت أحمد: لا ما تمردتش، كونت حزب آخر..

أحمد منصور: قدت ثورة عسكرية..

حسين آيت أحمد: لا ما كانش.. لا أبداً، هذه.. هذه ما هي إلا.. إلا أسطوانة يستعملها.. استعملوها مسؤولين نظام الحكم، فأسست حزب، ولكن طبعاً كانت الناحية العسكرية لمنطقة القبائل كانت أخدت مسؤوليتها خارج الحزب، على العموم وقع الانقلاب على (بن بيلا) يوم 19 يونيو..

أحمد منصور: 65.

حسين آيت أحمد: 65، تلات أيام بعدما نُشر البيان المشترك في.. في الجرايد بين حزب جبهة التحرير الوطني وحزب القوات الاشتراكية إذن كانت الجزائر خارجة من نظام الحزب الواحد وابتدت يعني.. وكنا أملنا أن التعددية التي موجودة في المجتمع رايحين نعترف بها ونؤيدها.

أحمد منصور: يعني ما.. ما يحدث في الجزائر الآن هو نتاج لسيطرة العسكر على السلطة..

حسين آيت أحمد: طبعاً.. طبعاً.. طبعاً، السلطة..

أحمد منصور: السيطرة الحالية للعسكر..

حسين آيت أحمد: البوليس السياسي.. والبوليس السياسي، لأن هم اللي.. اللي يفكروا واللي يخطوا واللي.. واللي يوجهوا البرامج، هم حقيقة النخبة المفكرة في.. في النظام، أما الجنرالات كما اعترف بها إمبارح جنرال (نزار)، قال: أميين، ..

أحمد منصور: الجنرال (نزار) الآن هناك محكمة في باريس، منذ الأول من يوليو..

حسين آيت أحمد: نعم.. نعم.

أحمد منصور: وتستمر إلى يوم 5 يوليو، وأنا لاحظت خلال اليومين اللي قضيتهم هنا في باريس وكأن الجزائر كلها حُشدت هنا في الذكرى الأربعين للاستقلال، لكي يدلوا بشهادتهم إما مع الحكم وإما ضد الحكم في إحدى محاكم باريس، من المفترض أن تُدلي بشهادتك أنت غداً أيضاً في هذه المحكمة؟

حسين آيت أحمد: لم أدلي بأي تصريح في هذا الشأن.

طبيعة الاتهامات التي وجهت لحسين آيت أحمد من خالد نزار

أحمد منصور: في 24 أبريل 2001 الماضي.. من العام الماضي الجنرال خالد نزار (وزير الدفاع الأسبق) شن عليك حملة، اتهمك فيها بأنك الرجل الذي تتهرب باستمرار من المسؤولية، وأنك رفضت المساهمة في إخراج البلاد من أزمتها، مع أنهم -حسب تصريحه- طلبوا منك عدة مرات ذلك وأنك رجل الإخفاقات أمام مواعيد التاريخ -حسب جملته تحديداً- وأنك لم تقدم لبلادك شيئاً خلال أربعين عاماً من الاستقلال ما ردك على اتهامات (خالد نزار)؟

حسين آيت أحمد: طبعاً لم.. لا أدافع على.. على نفسي، وإنما ما صرح به (نزار) كذب، وقلت.. وكنت في الجزائر عندما صرَّح ذلك وقلت هذا كذب، لأن المشكلة حقيقة قبل إيقاف المسار، قبل فتح الباب إلى.. إلى العنف، قبل القمع على جبهة القوى الإسلامية وقع لقاء بين نزار وأنا، طلب مني اللقاء في.. في الجزائر قبل الدور الثاني، فطبعاً لم أفهم قصد.. اتصاله بي أنا، لم أفهم هدفه، ولكن صور الحالة أنها حقيقة لا يجب أن تُتخذ قرارات قاسية، فعارضت فكرة إيقاف المسار الانتخابي، وقلت إن يمكن معالجة الأزمة معالجة سياسية، لأن لو توقفها فرايحين.. الجزائر رايحة تسقط في دائرة.. في الدائرة الدموية، فإذن هو كان أراد أن يعرض عليَّ أن أكون رئيساً للدولة أو أن أكون عضو من أعضاء..

أحمد منصور: مجلس الرئاسة..

حسين آيت أحمد: مجلس الرياسة لأن..

أحمد منصور[مقاطعاً]: هل عرض عليك تحديداً أن تكون رئيساً للجزائر؟

حسين آيت أحمد: لا مش.. مش بصفة واضحة، وإنما خرجت في.. في الجريدة بالفرنساوي Le soir بقلم (مليكة بو يوسف) اللي هي خاله كان.. كان مؤسس المخابرات، وهي معروفة باتصال مع المخابرات، كتبت مقالة..

أحمد منصور: المخابرات الجزائرية.

حسين آيت أحمد: المخابرات الجزائرية عامي..

أحمد منصور[مقاطعاً]: أي جهاز مخابرات فيهم بالضبط؟

حسين آيت أحمد: العسكرية.. المخابرات العسكرية الـ..

أحمد منصور: الذي يرأسه..

حسين آيت أحمد: في ذلك الوقت (مرباح).

أحمد منصور: قصدي..

حسين آيت أحمد: (قصدي مرباح) الذي أُغتيل.

أحمد منصور: نعم.. نعم.

حسين آيت أحمد: من طرف المخابرات، هذه مسألة أخرى، (فمليكة بو يوسف) عملت مقالة يعني بعنوان ضخم تقول: إن (نزار) عرض الرئاسة على (آيت أحمد) و(آيت أحمد).. و(آيت أحمد) رفض، والحقيقة هذه المقالة جت رد فعل للإشاعات اللي كانت في.. في الشارع تقول: كيف الجيش التجأ إلى (بوضياف) الذي هو بعيد بيعيش في المغرب ولا هو رجل تاريخي قدامه، فبديهي أن رفض.. الرفض لنظام الحكم الاستنجاد بحسين آيت أحمد هي عنصرية لأن قبيلي، فإذن المقالة.. المقالة هي اللي قالت أن طُرح لي مشاركتي في الحكم وإنما أنا كنت رفضت، وقلت يجب أن.. أن نواصل المسيرة الديمقراطية، ويوم.. بعد وعدني.. وعدني أن يرخص..

أحمد منصور: (نزار).

حسين آيت أحمد: (نزار) أن يرخص المظاهرة اللي ناديت إليها، اللي.. ناديت..

أحمد منصور: نعم، التي ناديت أنت إليها.

حسين آيت أحمد: التي ناديت عليها والتي وقعت 2 يناير، فقلت.. قلت: خلي.. خلي الرأي العام الجزائري والعالمي يشعر بأن الجزائر ليس طهران وأن هناك شعب حي، فقال.. وقلت له في.. في.. في الانتخابات التشريعية الأولى، في يونيو.. في يونيو

أحمد منصور: 1990

حسين آيت أحمد: 91

أحمد منصور: 91

حسين آيت أحمد: 91، كنت قررت نعمل مظاهرة، نفس المظاهرة يوم 6 يونيو، ولكن أنتم دخلتم بالدبابات، وطردتم (حمروش) وأعلنتم عن حالة.. حالة..

أحمد منصور: أنا لا أريد، حتى لا ندخل في قصص في الموضوع، الاتهامات التي وجهها إليك (خالد نزار) والذي الآن باريس تشهد وكأن هناك صراع داخل المحكمة بين نظام السلطة، جاء (خالد نزار) من الجزائر ومعه رؤساء وزراء سابقين ووزراء ومسؤولين ليشهدوا معه، فيما احتشد الآخرون في الطرف الآخر ليشهدوا ضد الدولة في الذكرى الـ40 للاستقلال، هل ما يحدث الآن هو صراع بين العسكر الذين يحكمون البلاد وما بين الرجال التاريخيين للثورة، وأنت منهم، وهناك آخرين أيضاً تشهدون في المحكمة وبعضهم شهد؟

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: هل ما يحدث الآن هو صراع بين العسكر -الذين يحكمون قبضتهم على البلاد منذ استقلالها- وبينكم أنتم الذين قدتم الثورة؟ وعندي مرابط عبد القادر (رجل أعمال جزائري) عبر البريد الإلكتروني يسألك: لو كنت رئيساً للجزائر، ما الذي كنت سوف تفعله مع الجنرالات؟

حسين آيت أحمد: أولاً يا أخي في اللقاء المذكور، طلبت من (نزار) أن لا يتدخل إيقاف (…) وعدني بأنه لا يتدخل

أحمد منصور: في الانتخابات.

حسين آيت أحمد: لا يتدخل.. ما يقفش، كل حال ما وافاش بعهده، فالضعف في القادة العسكريين هي عدم شعور بالمسؤولية، القرار السياسي له توابع، عندما أوقفوا المسألة الديمقراطية كانوا.. كان لازم ينتظروا أن تكون ردود فعل، حزب جبهة الإنقاذ طبعاً يجب أن يدافع على نفسه، فمن من المستحيل أن.. أن الإنسان يجترئ يأخذ مسؤولية إيقاف الانتخابات بدون ما يفكر إلى.. إلى التوابع، فأنا أذهب بأنه مجرم، لأن إيقاف المسار..

أحمد منصور: تتهم (خالد نزار)..

حسين آيت أحمد: بأنه مجرم، هو اللي يفتح الباب مع أصحابه إلى.. للحرب القذرة المخفية التي تدور رحاها عشر سنوات ما.. ما فاتش 8 سنين من الحرب.. حرب التحرير التي طوال هذه المدة ضحت الجزائر بمليون ونصف شهيد يزيدون في

أحمد منصور: ربع مليون إلى الآن، ربع مليون قتيل خلال السنوات الماضية من 92 إلى الآن، حسب الإحصاءات، ربع مليون، 250 ألف

حسين آيت أحمد: ربع مليون، نعم.. نعم، ربع مليون، 20 ألف مختطفين والتعذيب يعني مكافحة الإرهاب، هناك خطتين، إما أن.. أن المكافحة تكون في.. في إطار احترام دولة القانون و.. وعدم المساس بالمدنيين، ولكن هذا الاختيار لازم.. يجب أن يكون في.. بأهداف سلم وديمقراطية فهما

أحمد منصور: أنت غداً في المحكمة ستقول أمام القاضي هذا الاتهام لنزار؟

حسين آيت أحمد: ما.. مش عارف، على كل حال هذه نقطة استفهام، إنما ما علمني.. ما علمني التاريخ أن في إيطاليا استطاعوا أن يقضوا على (بلجيتا روسي) بدون المساس بالحريات، بدون مساس للمدنيين، بينما في.. في الأرجنتين والبرازيل وشيلي اللي هم عسكريين ما.. ما همهم وما هم القادة اليوم العسكريين في الجزائر هو البقاء على الحكم، إذن ما كانش لهم حدود في القمع.. في التنكيل، فإحنا جيش.. جيشنا أنا كونت منظمة عسكرية.

أحمد منصور: سنة 47.

حسين آيت أحمد: 47 إلى 49، لأجل إعداد الثورة، لأن كنت شايف أن هناك مغامرين، كان لازم تفكير في.. في الصورة اللي رايحة تأخذ الثورة الجزائرية، فأنا أعتقد أن الآن حان الوقت أن نجلس مع جميع القوى الممثلة، ومع الحكام

أحمد منصور: يعني الآن.

حسين آيت أحمد: حتى نتغلب على.. على الأزمة، أما فيما يخص الجنرالات على كل حال هذا الأمر عمري ما أنا أكون ديكتاتوري، المهم هو.

أحمد منصور [مقاطعاً]: بس أنت بتحملهم المسؤولية الكاملة عما يحدث للشعب الجزائري.

حسين آيت أحمد: المسؤولية الكبرى، المسؤولية على كل حال مسؤولية كاملة، بحيث أنهم إما -كما شهد (الحبيب سعيدية) إما هم اللي قاموا بالمجازر وإما هم اللي

أحمد منصور: دكتور حسن علي اليوسف يقول لك: هل تعتقد أن ما ذكره (الحبيب سعيدية) في كتابه يمثل حقيقة ما يجري في بلد المليون شهيد منذ عشر سنوات؟

حسين آيت أحمد: حقيقة.. حقيقة لأ، أشك فيها

أحمد منصور: يعني غداً، كما تشك حتى في صالح سعيدية.

حسين آيت أحمد: أنا نشوف فيه أنا أشوف.. أشوف فيه عضو من أعضاء الحركة العسكرية السرية اللي كنت أسستها وقدتها مدة سنتين، يعني شوف.. يعني شوف يواجهوا صورة المناضلين الفقراء ولكن التي.. الذين عزموا على تحرير بلادهم.

الآثار الاقتصادية لأزمة الجزائر

أحمد منصور: أنا في.. في هذه المناسبة هناك شخصيات تاريخية كثيرة من الجزائر كنت أود أن أشركها معي، لكن خذلتني الأقمار الاصطناعية وأخذت حوالي 20 دقيقة من الوقت، اسمح لي أخذ الجانب الاقتصادي في الأزمة الجزائرية مع وزير الاقتصاد الجزائري الأسبق السيد (غازي حيدوسي) معي من باريس، سيد غازي معنا، سيد غازي.

غازي حيدوسي: آلو، عمي آه.. أنا معاكم أيوة.. أنا معكم أيوة.

أحمد منصور: مساك الله بالخير يا دكتور، دكتور يعني الآن بعد 40 عاماً من الاستقلال، الجزائر التي تعتبر من أغنى الدول العربية بمواردها الطبيعية وبالنفط، تعتبر من أكثر الدول العربية، أو ترتيبها هو الثالث من حيث الديون، نصف الشعب الجزائري يعيش تحت.. تحت خط الفقر، سبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر بعد 40 سنة من الاستقلال، باختصار وبالأرقام والاحصاءات لو سمحت، تفضل.

غازي حيدوسي: السلام عليكم، أول شيء يعني أريد أن أحيي بطلنا آيت أحمد حسين في.. بهذه المناسبة، يعني أنا فارح اليوم بأني أقدر أتكلم مباشرة مع.. بعد 40 سنة من الاستقلال مع مناضل من المناضلين الأحرار.

ثاني شيء: في الميدان الاقتصادي جوهر المشكلة.. جوهر الاقتصاد وجوهر الاستثمار هي الثقة، الثقة بتاع المواطن، الثقة بتاع المستثمر، الثقة في النقد، الثقة في البلاد، والثقة تأتي من القانون، والقانون يأتي من الحكم الذي يحكم بالعدل بين المواطنين، ولهذا نرى أن في كل البلدان العربية الديكتاتورية -وهي كثيرة جداً- الاقتصاد جامد، لأن المستثمر العربي والعامل العربي وخاصة الجزائري لم له ثقة في بلاده، ما بنتكلمش عن المستثمر الخارجي الذي يتكلموا عليه ويقولوا أنها فئات سياسية، لأن يأتي المستثمر الخارجي، أتكلم عن المستثمر المواطن، العامل الذي يخرج كل صباح ليريد قوته أو.. أو يتاجر، لم تكن له أي ثقة في التجارة، إذا كانت له أموال إما يخرجها من البلاد، إما يأكلها، إما يبذرها، مش ممكن في بلاد ما فيش قانون، أن هناك استثمار، هذا هو جوهر المشكل وجوهر الأزمة، الأزمة ليست بترولية، قالوا أن الأزمة هي المديونية، وكل الأموال تأتي للخارج وأنا كنت وزير ما كانش عندنا أي أموال في خزينة الدولة، كنا فيه 300 مليون دولار في الـ90 وقت حرب الخليج، 300 مليون دولار كل البلاد كانت أموالنا كلها تأكلها المديونية، لكن الآن 20 مليار دولار في الخزينة وحالة الجزائري أنه منذ الـ93 حتى الآن.

أحمد منصور [مقاطعاً]: معالي الوزير، أنا أسألك، تفضل.

حسين آيت أحمد: أنا أريد أن أضيف أن هناك أقولها بالفرنساوية، ما هوش.. ماهوش……

أحمد منصور: عايزين بالعربية.

حسين آيت أحمد: مجرد "بقشيش"، هي كانت تهديم للاقتصاد، يعني القضاء على الإنتاج الوطني لكي يستورد المواد الغذائية، يستوردوا، كل شيء من الخارج، خصوصاً من.. من فرنسا

أحمد منصور: دا الواقع الآن.

حسين آيت أحمد: هذا هو الواقع.

أحمد منصور: رغم إن الجزائر غنية بمواردها الطبيعية، بثرواتها، بأرضها.

حسين آيت أحمد: ما اكتفاش.. ما اكتفاش، ما شبعوش، يعني هم يختلسوا، هم صراع على الحكم، أنا ما عنديش مشكل مع المؤسسة العسكرية، أنا.. نريد أن أكون معتز بجيش بلادي، ولكن هذا القدر.. ما فياويين، هم ما لهومش اهتمام بالشعب، يعني الفقر اللي.. اللي انتشر في البلاد، لحد إنه نص السكان الجزائريين يعيشون تحت..

أحمد منصور: ما هو السؤال المهم، بلد غنية بالموارد الطبيعية وبالنفط وبالغاز، كيف يصل نصف.. يعني من المفترض إن أهل الجزائر يكونوا، أغنى من أهل الخليج، لأن عندهم أرض، عندهم ثروة، عندهم موارد طبيعية، ليس النفط وحده.

حسين آيت أحمد: يا أخي الاختيارات الأولية بعد الاستقلال هي اختيارات استالينية عملوا صناعات ثقيلة، ليش إحنا نعمل.. نعمل

أحمد منصور: يعني عدم وجود خطط اقتصادية واضحة للتنمية.

حسين آيت أحمد: لأ.. كانت واضحة، ولكن كسروا الفلاحة.. كسروا الفلاحة وبالتالي استوردوا الموارد الغذائية ويربحوا بها، يعني ما.. ما هو يعني.

أحمد منصور: مين اللي بيتاجر فيها؟

حسين آيت أحمد: المافيا، يعني

أحمد منصور: الرئيس نفسه بيتكلم عن المافيا، وإحنا مش عارفين مين المافيا يعني أنا قرأت في الصحافة للرئيس

حسين آيت أحمد: هو الغرابة.. هو الغرابة في الجزائر كل واحد مسموح عليه يتهم المافيا ولكن..

أحمد منصور: الرئيس نفسه بيتحدث دائماً عن المافيا وعن مراكز القوى

حسين آيت أحمد: طبعاً.

أحمد منصور: يقول لقد استفحل أمر هؤلاء، الرئيس نفسه بيصفهم بده وإحنا مش عارفين مين المافيا.

حسين آيت أحمد: هو في المعارضة، هو عنده اللهجة الآن، لهجته المعارضة، لأن سمح لكل جزائري أن يتهم المافيا، ولكن

أحمد منصور: مين المافيا دي؟

حسين آيت أحمد: محروم.. محروم عليهم أن.. أن يعطوا اسم.. اسم جنرال أو اسم من المسؤولين عن.. عن الرشوة.

أحمد منصور: معي السيد عبد الحميد مهري (الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني) سيد عبد الحميد مرحباً بيك.

عبد الحميد مهري: مرحباً يا أستاذ أحمد.

أحمد منصور: كيف تنظر إلى بلادك.. إلى الجزائر في الذكرى الـ40 لاستقلالها وفي هذا الواقع الدموي الذي تعيش فيه البلاد، والتي لم تخرج من أزمتها منذ استقلالها عام 62 وحتى الآن؟

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور: معنا السيد عبد الحميد مهري (الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني الجزائرية) معنا على الهاتف، سيد عبد الحميد كيف تنظر إلى واقع بلادك الآن في الذكرى الـ40 لاستقلالها؟

سيد عبد الحميد تسمعني؟

عبد الحميد مهري: آلو، نعم، نعم

أحمد منصور: سيد عبد الحميد.

عبد الحميد مهري: نعم.

أحمد منصور: كيف تنظر إلى واقع الجزائر الآن في الذكرى الـ40 لاستقلالها؟

عبد الحميد مهري: والله -مع الأسف- واقع الجزائر لا يسر، لأن الأزمة مستمرة، وتعصف بالبلاد منذ أكثر من 10 سنوات، ولا شيء في الأفق يوحي بأن هذه الأزمة ستنتهي بصفة جذرية، الواقع إن العنف مازال مستمراً وأن الأجيال التي نشأت بعد الاستقلال أصبحت تعتقد خطأً أن التعلق بماضي مجيد صنعته.. صنعه المجاهدون الذين حصلوا على الاستقلال، أصبح يتناقض مع طموحات الشعب في حكم ديمقراطي حقيقي ونزيه، وأعتقد أن المجاهدين اليوم مسؤولون على تصحيح هذه النظرة لدى الشباب بمواقفهم وسلوكهم الذي يجب أن ينسجم مع مطامح الشعب في وضع حد لهذه الأزمة، وفي إقامة حكم ديمقراطي صحيح.

أحمد منصور: كيف وليست في يدهم أي سلطة أو مسؤولية؟ ومن المسؤول عن الأزمة في تصورك؟

عبد الحميد مهري: والله أسباب الأزمة كثيرة، لكن في الجزائر اليوم أكثر من سبب يعني يقدر يبرر صراع الجزائريين فيما بينهم، والإقصاء.. والإقصاء المتبادل، وفيه أكثر من سبب أيضاً يدعوهم للمصالحة الحقيقية ولعمل جميع.. لبناء مستقبل حقيقي ينسجم مع تضحية الاستقلال، ويبقى الاختيار، والاختيار كان قائماً منذ 92.. منذ 91، بين سياسة لجمع الجزائريين لحل مشاكل البلاد، وبين صراع بين الجزائريين ومازال هذا الاختيار قائماً إلى الآن، وعلينا أن نختار بصراحة وقد يكون..

أحمد منصور [مقاطعاً]: العودة.. نعم، العودة إلى خيار الديمقراطية الذي ترونه، ولكن قضية الهوية الثقافية الآن لدولة عربية مثل الجزائر تثير كثيراً من التساؤلات رئيس الدولة لازال يخطب باللغة الفرنسية حتى الآن لشعب عربي بعد 40 سنة من الاستقلال، أمس كان هناك الجنرال محمد العماري (رئيس أركان الجيش) في لافتة غير مسبوقة خرج في أكثر من ساعة في برنامج تليفزيوني ليتحدث إلى الشعب الجزائري بعد تكهنات بأن هناك تغيرات في السلطة قد تحدث في الجانب العسكري، خطابه كان بالفرنسية أيضاً، هل لازالت الجزائر تبحث عن هويتها الثقافية بعد 40 عاماً من الاستقلال؟

حسين آيت أحمد: على العموم توجيه نظام الحكم وتوجيه التعليم وتوجيه المدرسة ملخبط كما تقولوا في مصر، يعني الأثرياء، مسؤولين نظام الحكم يرسلون أولادهم إلى.. إلى.. باريس، إلى واشنطن، بينما لا يكترسون بحالة المدرسة الجزائرية المدرسة العربية، ولا يعترفون بالأمازيغية، كل شيء يكتب في.. في وزار الدفاع باللغة الفرنسية ثم يُترجم، هم يستغلون شعور الوطن الفرنسي، ولكن من الوراء يتعاملون معه بدون أن يصونوا السيادة الجزائرية. أنا أقول يا أخي هذه من واجبي أن.. أن أُحذَّر الجزئريين والجزائريات، وإخواننا.. أصدقاءنا أنَّ الآن على أبواب الحرب.. حرب ثالثة، كانت حرب التحرير، وعشر سنين حرب اللي.. اللي.. اللي مسؤولين عليها القادة العسكريين، ورايحين الآن..

أحمد منصور [مقاطعاً]: إيه الحرب الثالثة هذه؟

حسين آيت أحمد: الحرب الثالثة هم مشاركين في.. في.. في سياسة طرف واحد الأميركية، بيقولوا أنهم سبقوا العالم كله في محاربة المسلمين المتطرفين، فمثلاً في منطقة القبايل حيث هناك وثبة مواطنيه بيدعوا بأن هناك تيار إسلامي ينتمي إلى.. إلى التيار المعروف.

أحمد منصور: بقيت دقيقة لديَّ أود من خلالها أن تقل لي في نقاط مبسطة ما هو المخرج من هذه الأزمة؟

حسين آيت أحمد: المخرج يا أخي، أنا قلت لنقعد حول مائدة مستديرة مع نظام الحكام، مع ممثليه فندرس كيف يخرج من المأزق، أنا أتذكر كيف.. كيف وضحنا طريقة الكفاح التحريري، كنا أجرنا أن.. لم يكون مجرد إرهاب، لأن الإرهاب لا يجدي يمكن نقضي على..

أحمد منصور: لابد من الحوار والعودة إلى الحوار

حسين آيت أحمد: لا.. لا، لا.. لا، أنا أتكلم

أحمد منصور: لم يعد كثير من الوقت، في نقاط.

حسين آيت أحمد: آه، صح، فالمخرج هو على كل حال الرجوع إلى.. استرجاع للشعب الجزائري وللجزائريين والجزائريات كأفراد حق في تقرير المصير، يجب أن.. أن.. أن نؤسس الجمهورية الثانية، وهذا الشيء راجع للشبان، الشبان اللي الآن في الميدان همَّ اللي رايحين يعملوا الثورة سلمية، ويراهنوا على.. على الجيش أنه يدخل..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أشكرك شكراً جزيلاً، كما أعتذر إليك وأكرر اعتذاري مرة أخرى عن خلل الأقمار الاصطناعية، وأعتذر إلى المشاهدين الذين بقوا على الهاتف، والذين لم أتمكن من أخذ مداخلاتهم عبر الإنترنت.

في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من باريس والدوحة، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود من باريس، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.