بلا حدود

المسيحية والصهيونية والاختراق الصهيوني للمسيحية

نشأة وانتشار الحركة المسيحية الصهيونية ونجاحها في السيطرة على مراكز القرار الأميركي، موقع فلسطين في مشروع المسيحية الصهيونية، موقف المسيحيين العرب من حركة المسيحية الصهيونية، علاقة المسيحية الصهيونية بالكنائس المسيحية الأخرى، تأثير ونفوذ المسيحية الصهيونية في المجتمع الأميركي، كيفية مواجهة مخططات المسيحية الصهيونية.

مقدم الحلقة:

أحمد منصـور

ضيف الحلقة:

د. محمد السماك: الأمين العام للحوار العربي الإسلامي المسيحي

تاريخ الحلقة:

2002/12/25

– نشأة حركة المسيحية الصهيونية
– أسباب انتشار المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية

– أسباب نجاح المسيحية الصهيونية في السيطرة على مراكز صناعة القرار الأميركي

– موقع فلسطين في مشروع المسيحية الصهيونية

– موقف المسيحيين العرب من حركة المسيحية الصهيونية

– علاقة المسيحية الصهيونية بالكنائس المسيحية الأخرى

– تأثير ونفوذ المسيحية الصهيونية في المجتمع الأميركي

– كيفية مواجهة مخططات المسيحية الصهيونية


undefinedأحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم على الهواء مباشرة من العاصمة اللبنانية بيروت وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود)، وأهنئ المشاهدين من الإخوة المسيحيين بعيد الميلاد المجيد.

موضوع حلقة اليوم حول المسيحية الصهيونية له قصة عجيبة، فقبل حوالي عامين أصدرت الكاتبة الأميركية البارزة (جريس هلسل) كتابها الثاني عن المسيحية الصهيونية تحت عنوان "يد الله". حيث أثار كتابها الأول "النبوءة والسياسة" حينما صدر في الولايات المتحدة عام.. في نهاية الثمانينات ردود فعل واسعة النطاق على اعتبار أنه كان من أبرز الكتب التي فتحت ملف المسيحية الصهيونية من داخلها، حيث كانت (هلسل) أحد أتباعها ثم قررت أن تكشف المسيحيين الصهاينة ومعتقداتهم للعالم ودفعت مقابل ذلك ثمناً باهظاً فيما بعد، حيث اختفى الكتاب بعد صدوره وكانت تُسحب نسخه من الأسواق أولاً بأول وتعرضت هلسل لضغوط صهيونية لازمتها طيلة حياتها، اتصلت على جريس هلسل بعد صدور كتابها الثاني "يد الله" حتى أجري معها حواراً في هذا البرنامج فرحبت وأبلغتني أن المفكر اللبناني البارز محمد السماك الذي ترجم كتابها الأول أرسلت له نسخة من كتابها الثاني ويقوم على ترجمتها للعربية، حيث جئت إلى بيروت بعدها والتقيت بالأستاذ السماك الذي أهداني مشكوراً نسخة من مخطوطة الترجمة التي كان على وشك الانتهاء منها، واتصلت على هلسل التي كنت قد عرفت المزيد عنها وحددنا موعداً لحلقتنا في صيف العام 2001 من لندن، سافرت إلى لندن لعمل الحوار معها مع أعمالٍ أخرى وحينما اتصلت بها لترتيب إجراءات سفرها من واشنطن إلى لندن جاءني صوت زوجها حزيناً على الهاتف وقال لي: آسف، لقد توفيت جريس بالأمس.

لا أنكر أن الحزن ملأ نفسي وقتها، فقد كنت أعرف أنها كانت تصارع مرض السرطان اللعين، ومع ذلك فقد كانت مليئة بالإصرار على أن تقول ما تعتقد به وكنت حريصا على أن يتعرف عليها المشاهد العربي من خلال هذا البرنامج (بلاد حدود) قبل أن تموت، لكن الموت سبقني إليها، وجريس هلسل صحفية وكاتبة أميركية مرموقة تنتمي لإحدى عائلات تكساس العريقة، قامت بتغطية الحرب في فيتنام وعاشت لسنوات في أوروبا وكوريا واليابان وأميركا الجنوبية وفي أعقاب تغطيتها الصحفية المميزة للحملة الانتخابية للرئيس الأميركي الأسبق (ليندون جونسون) اختارها جونسون كاتبة لخطاباته، صدرت لها كتب كثيرة غير أنها تعرضت للاضطهاد والعزلة حينما كشفت حقيقة المسيحية الصهيونية في كتابها "النبوءة والسياسة"، حيث وقفت بعدها مناصرة للحق العربي دون أن يذكرها أحد من العرب حتى بعد مماتها، آملاً أن تكون هذه المقدمة رثاءً متأخراً لها.

أما ضيف حلقة اليوم الأستاذ محمد السماك فكان من أوثق المفكرين العرب علاقة مع هلسل، ترجم لها كتابيها "النبوءة والسياسة" و"يد الله" واهتم بالمسيحية الصهيونية وقضى عدة أشهر في الولايات المتحدة يدرس أفكارها ومبادءها من داخلها ودونها في كتابه "الصهيونية المسيحية".

ولد محمد السماك في بيروت عام 1936، تخرج من الجامعة الأميركية في لبنان عام 57.

عمل في الصحافة وأصدر حتى الآن 18 كتاباً منها: "القرار العربي في الأزمة اللبنانية"، "تبعية الإعلام الحر"، "الإرهاب والعنف السياسي"، "استغلال الدين في الصراعات السياسية" يعمل الآن مستشاراً لرئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، أميناً عاماً للجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار، وأميناً عاماً لفريق الحوار العربي الإسلامي المسيحي. يكتب بشكل دائم في صحف "الأهرام" المصرية و "المستقبل" اللبنانية، و "الاتحاد" الإماراتية.

ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على:

هاتفنا في الدوحة: 009744888873

أو عبر الفاكس هنا في بيروت: 009611986222

أو عبر موقعنا على شبكة الإنترنت: www.aljazeera.net

أستاذ محمد مرحباً بك.

د. محمد السماك: أهلاً بك.

أحمد منصور: رغم أن علاقتي أنا مع جريس هلسل لم تتجاوز عدة مكالمات هاتفية إلا أني لازال صوتها في أذني حينما كان يأتيني ممزوجاً بألمها من المرض، بداية ما هي طبيعة الدور الذي لعبته جريس هلسل في كشف معالم الصهيونية المسيحية؟

د. محمد السماك: هو أول صوت من داخل أميركا، أول صوت إنجيلي يرتفع ضد هذه الحركة، أول صوت مسيحي يكشف حقائق داخلية عن فلسفة هذه الحركة وعن خلفياتها التاريخية، ثم إنها كانت -رحمها الله- من خلال زياراتها المتعددة لفلسطين جاءت في زيارات حج مع هذا الفريق نفسه الذي يسمى نفسه الصهيونية المسيحية وهذا أمر..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هم الذين أطلقوا على أنفسهم هذا المسمى.

د. محمد السماك: هذا الاسم، هم فعلاً هم اللي أطلقوا على أنفسهم و.. وهو اسم ينكره عليهم المسيحيون، يعني يكفي أن أشير إلى أن بدايةً مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي يمثل كل الكنائس في المنطقة العربية أصدر في عام 1985 في يعني.. في البدايات الأولى لهذه.. لهذا.. أصدر بياناً قال فيه.. أدان فيه بشدة بعبارة وأقرأها بالنص البيان 85: "إننا ندين استغلال التوراة واستثمار المشاعر الدينية في محاولة لإضفاء صبغة قدسية على إنشاء إسرائيل ولدمغ سياستها بدمغة شرعية، إن هؤلاء -يتحدث عن الذين يسمون أنفسهم الصهيونيين المسيحيين- لا يعترفون لكنائس الشرق الأوسط بتاريخها وبشهادتها وبرسالتها الخاصة، ويحاولون زرع رؤية لاهوتية غريبة عن ثقافتنا".

هذا ليس كلام صادر عن جهة إسلامية، ليس كلام صادر عن مفكرين أو علماء أو بحاثة، صادر عن مجلس كنائس الشرق الأوسط، عن مجلس كنسي، عن مرجعيات مسيحية دينية، أكثر من ذلك، حتى مؤخراً هذا (جيري فولويل) عندما تعرض..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هذا أحد زعماء المسيحية الصهيونية.

د. محمد السماك: نعم، أحد.. أحد زعماء هذه الحركة.

أحمد منصور: وكتبت عنه هلسل كثيراً وكان هو المرشد لها في زيارتها الأولى لفلسطين.

د. محمد السماك: صحيح، أخيراً هو أدلى بتصريحات تطاول فيها.

أحمد منصور: على الرسول صلى الله عليه وسلم.

د. محمد السماك: على النبي محمد عليه السلام، فمجلس الكنائس الوطني للمسيح في أميركا أنكر عليه أقواله ووصفها بأنها لا تمت إلى المسيحية بصلة، فالكنائس الأميركية الإنجيلية نفسها داخل الولايات المتحدة لا..، تتأذى من مجرد إعطاء اسم المسيحية لهذه الحركة.

أحمد منصور: طيب ما هو.. ما هي المسيحية الصهيونية إذن؟ ومتى نشأت؟ ومن يقف وراءها؟

[فاصل إعلاني]


نشأة حركة المسيحية الصهيونية

أحمد منصور: ما هي المسيحية الصهيونية؟ ومتى نشأت؟

د. محمد السماك: يعني حتى نفهم أدبيات هذه الحركة يجب أن نفهم الأساس.. النظرية الأساسية للمسيحية من.. من موضوع اليهود، وهي نظرية وضعها القديس أوغسطين تقول في.. تقوم على ثلاثة مبادئ:

المبدأ الأول: أن الأمة اليهودية انتهت بمجيء المسيح.

المبدأ الثاني هو: أن الله طرد اليهود من فلسطين عقاباً لهم على صلب المسيح.

المبدأ الثالث هو: أن النبوءات التي تتحدث عن عودة اليهود قد تحققت بعودتهم من بابل على يد الإمبراطور الفارسي (قورش) وأن هذه الأمور انتهت.

هذا الموقف المبدئي للكنيسة المسيحية بشكل عام، الآن الذي حدث فيما بعد، في عام 1607 نشر لاهوتي يهودي في بريطانيا اسمه (توماس برايتمان) نشر كتاباً يُدعي (أبوكالبسيس أبوكالبسيس) يقول فيه في المبدأ ويفلسف المنطق: أن الله يريد عودة اليهود إلى فلسطين لعبادته من هناك لأنه يحب أن يعبد من هناك، هذا الموضوع رن في أذن بعض المشتغلين في قضايا لاهوتية سياسية، في ذلك الوقت كان اليهود يتعرضون إلى اضطهاد في روسيا القيصرية وفي بعض دول أوروبا الشرقية وكانوا يلجئون إلى أوروبا الغربية.

أحمد منصور: أوروبا..

د. محمد السماك: اليوم كما نعرف، للتخلص من هذه الهجرة قالوا لماذا لا نستعمل هذه النظرية من أجل تحويل الهجرة بدل أن تأتي إلينا نوجههم إلى فلسطين، وبالتالي من خلال هذه النبوءات الدينية.

أحمد منصور: في وقت مبكر يعني.

د. محمد السماك: من ذلك الوقت، فأخذت هذه العملية.. لكن النظرية الدينية الجديدة وجدت من يتلقفها ومن يؤمن بها حقاً، لم تعد مجرد عملية استغلال سياسي، أصبحت هناك مدرسة دينية لاهوتية قائمة عليها منذ ذلك الوقت المبكر، ونجد أنه في عام 1649 لاهوتيان بريطانيان كانا يعيشان في هولندا وجها رسالة إلى الحكومة البريطانية يطلبان فيها أن يكون لبريطانيا شرف نقل اليهود على البواخر البريطانية إلى فلسطين تحقيقاً للإرادة الإلهية بوجوب عودتهم إلى هناك، الآن لماذا عودتهم إلى هناك؟ النظرية قامت على أساس أن للمسيح عودة ثانية، ولهذه العودة شروط لابد من توافرها، المسيح لن يظهر.. لن يعود إلا إلى مجتمع يهودي، ولن يظهر إلا في صهيون، ولذلك فإن.. فإنه تحقيقاً للإرادة الإلهية بتسهيل وتسريع العودة الثانية للمسيح..

أحمد منصور: لابد أن يجتمع اليهود.

د. محمد السماك: لابد من تجميع اليهود، لابد من إقامة صهيون حتى يظهر بينهم.

أحمد منصور: بس دا حتى بيصطدم مع التوراة نفسها.

د. محمد السماك: طبيعي.

أحمد منصور: ويصطدم مع.. مع.. مع معتقدات اليهود أو كثير من اليهود.

د. محمد السماك: لأ، لكن.. لا هم.. هم الحقيقة اللي صار فيه تطوير للنظرية.. تغيير هو في يعني مشهور إنه إنجيل سكوفلد.. (سايلس سكوفلد) اللي هو وضعه في.. بعام 1903.

أحمد منصور: دا إنجيل جديد خالص.

د. محمد السماك: إنجيل.. يعني مش بمعنى الإنجيل الديني، لكن هو الذي يضع الفلسفة التنفيذية لهذه النظرية و.. وأصبح مرجعاً لهذه الحركة، سكوفلد هو الحقيقة أخذ هذه المبادئ عن لاهوتي أيرلندي جاء إلى أميركا وإلى كندا في مطلع.. في أوائل القرن التاسع عشر يُدعى (نيلسون ديربي) فخلافاً لنظرية القديس أوغسطين وضع سكوفلد على أساس مدرسة ديربي..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا مش عايز أغرق في هذه التفصيلات التي لا تهم الناس كثيراً.

د. محمد السماك: لأ.. لا وضع.. وضع نظرية جديدة تقول بأن لله مملكتان.. مملكتين، مملكة على الأرض هي إسرائيل ومملكة في السماء هي الكنيسة، وبالتالي فإن على كل مسيحي أن يعمل على تحقيق الإرادة الإلهية بإقامة مملكته على الأرض، وانطلقت من هنا هذه الحركة.

أحمد منصور: من.. من.. من هذا المنطلق يأتي الدعم المسيحي لهذه الحركة الهائل لإسرائيل.

د. محمد السماك: يعني نسميه مسيحي ليس صحيحاً، يعني هذه الحركة.

أحمد منصور: هم كما أطلقوا على أنفسهم المسيحية الصهيونية.

د. محمد السماك: تماماً ولذلك..

أحمد منصور: طيب أيه علاقتهم بالحركة الصهيونية هنا، مُسمى المسيحية الصهيونية؟

د. محمد السماك: هو مجرد أن تعمل من أجل إقامة صهيون فالذين يعملون على إقامة صهيون هم صهيونيون.

أحمد منصور: أياً كان، ولذلك الصهيونية الآن غير مرتبطة بالديانة اليهودية بقدر ما هي مرتبطة بكل من يعمل من أجل الصهيونية.

د. محمد السماك: تماماً، بمبدأ.. بمبدأ إقامة صهيون الاسم يأتي من هنا، التزام من هنا.


أسباب انتشار المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية

أحمد منصور: لكن لماذا تنشر المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة ولا يوجد لها وجود في أوروبا تقريباً؟

د. محمد السماك: الحقيقة هذا سؤال مهم، لكن يحتاج إلى تفصيل في إجابته

أحمد منصور: باختصار.

د. محمد السماك: أولاً.. أولاً: المجتمع الأميركي مجتمع متدين، الإحصاءات الأخيرة منشورة في مجلة "الإكونيمست" (Economist) العدد الأخير في "الإكونيمست" يقول: إن 14% فقط من الأوروبيين الغربيين يذهبون إلى الكنيسة مرة في الأسبوع، 12% يذهبون في.. من أوروبا الشرقية، في أميركا 47%..

أحمد منصور: يذهبون إلى الكنسية.

د. محمد السماك: إلى الكنيسة مرة في الأسبوع على الأقل.

أحمد منصور: وأنا تعجبت في إعداد الحلقة وقراءتي للكتب إن حجم.. بتجمع أموال هائلة للكنائس والتردد على الكنائس عالي جداً في الولايات المتحدة.

د. محمد السماك: تماماً، لا نسبة عالية من.. أولاً المجتمع.. المجتمع الأميركي، الإنسان الأميركي إنسان طيب متدين ويتأثر في.. في النظريات الدينية، ثم إن المنضوين تحت لواء هذه الحركة ليسوا مجرد أشخاص عاديين، هناك أشخاص عاديين.. طيبين عاديين، لكن هناك أشخاص ينتمون إلى المؤسسة السياسية أعضاء في الكونجرس.

أحمد منصور: من أبرز هؤلاء.

د. محمد السماك: (ريجان) كان أحدهم، ريجان وصل إلى مرحلة أن يقول وهو رئيس الولايات المتحدة أكبر دولة في العالم يقول: إنني أتمنى أن يكرمني الله بأن أضغط على الزر النووي حتى تقع معركة هرمجدون وأعجل بذلك بالعودة الثانية للمسيح.

أحمد منصور: دا جزء أساسي من معتقدات المسيحية الصهيونية هو إشعال الحروب والتعجيل بالحروب حتى يعني يعجلوا بعودة المسيح، هل معنى ذلك أن هؤلاء يقفون وراء عملية تأجيج الحروب الموجودة في أنحاء متفرقة من العالم وفي منطقة الشرق الأوسط تحديداً؟

د. محمد السماك: هم معنيين بالشرق الأوسط، ولذلك فإن دورهم في.. في المطبخ السياسي الأميركي التأثير على القرار الأميركي فيما يتعلق بالشرق الأوسط تحديداً، حتى أنه أيام ريجان كان (بات روبرتسون) وهو أحد قادة هذه الحركة كان يحضر كل اجتماع يعقده مجلس الأمن القومي الأميركي حتى يأتي قرار المجلس متوافقاً مع النبوءات الدينية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وجريس هلسل –التي ذكرتها في مقدمتك- أشارت إلى هذا الأمر في كتابها الأول "النبوءة والسياسة".

أحمد منصور: نعم، كيف نجح.. كيف نجحت المسيحية الصهيونية من التغلغل في المجتمع الأميركي والهيمنة على مراكز صناعة القرار الأساسية والوصول إلى التأثير بشكل أساسي حتى إنه يقال إن فولويل صديق للرئيس بوش.

د. محمد السماك: صحيح.

أحمد منصور: يعني القس فولويل اللي تطاول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو صديق للرئيس بوش، ويُقال أنه التقى مع بوش بعد تطاوله هذا في بعض المصادر التي نقلت هذه الأشياء، كيف نجحت المسيحية الصهيونية في الهيمنة على مراكز القرار الأساسية في الإدارة الأميركية؟

[موجز الأخبار]


أسباب نجاح المسيحية الصهيونية في السيطرة على مراكز صناعة القرار الأميركي

أحمد منصور: كان سؤالي عن كيف نجحت المسيحية الصهيونية في السيطرة على مراكز صناعة القرار والمراكز الرئيسية في الإدارة الأميركية؟

د. محمد السماك: يعني لابد أن نؤكد بأنها لم تكن هناك سيطرة دائمة على كل الإدارات الأميركية، كانت هناك إدارات أميركية متحررة تماماً من هذه السيطرة

أحمد منصور: مثل؟

د. محمد السماك: مثلاً (جون كيندي)، قد تقول لي إنه كان كاثوليكي، طيب الجنرال (دويت ايزنهاور) هو الذي طلب من إسرائيل تنسحب من.. من سيناء عام 56، الآن بالمقارنة الرئيس (جورج بوش الابن) الحالي لم يستطع أن يحمل إسرائيل على الانسحاب من الضفة الغربية وقد طلب منها ذلك، لكنه تراجع لأنه يقع تحت ضغط هذا اللوبي المتصهين.

أحمد منصور: هو أنا سؤالي هو كيف نجحوا الآن في عهد بوش الابن تحديداً حيث لم يتركوا موقعاً دون أن يتواجد فيه صهيوني أو يهودي أو صهيوني مسيحي؟

د. محمد السماك: يا سيدي، لازم تعرف بأن 40% من الأصوات التي حصل عليها الرئيس بوش في الانتخابات الأخيرة كانت أصوات هؤلاء الجماعة.

أحمد منصور: المسيحيون الصهاينة.

د. محمد السماك: المسيحية الصهيونية، 40% من الأصوات وحصل عليها، وكل العالم تعرف بأنه يعني نجح وكاد أن لا ينجح.

أحمد منصور: بحكم محكمة نجح في النهاية.

د. محمد السماك: هذه الأصوات التي حصل عليها كان يستحيل أن يصل من دونها، ثم إنه من تكساس وهذه الحركة قوية في الجنوب الأميركي أكثر من شماله ومتجذرة هناك، وكان على علاقة معها وهناك، ومعروف إنه الرئيس بوش يعني كان مُدمن على الكحول، لكن عندما تخلى عن هذا الأمر انتقل من الإدمان على الكحول إلى حضن ديني روحاني احتضنه فكانت هذه الحركة.

أحمد منصور: يعني بوش الرئيس الأميركي الحالي..

د. محمد السماك: الابن.

أحمد منصور: الابن.

د. محمد السماك: الابن.

أحمد منصور: احتضن من قِبَل الحركة المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة.

د. محمد السماك: وهذا.. هذا دور (جيري فولويل)، جيري فولويل أقرب المقربين.. مستشاره الأقرب، ولذلك حتى.. حتى المجموعة يعني وزير العدل الأميركي الذي عين في الإدارة هو منهم.

أحمد منصور: ومن أكثرهم يمينية كما قال عضو الكونجرس السابق في هذا البرنامج.

د. محمد السماك: يعني نعم، هو..

أحمد منصور: شارك معنا وقال: وزير العدل الأميركي من أكثر اليمينيين الصهاينة تطرفاً في الإدارة الأميركية.

د. محمد السماك: يعني هو التطرف في هذا الاتجاه، يعني لأنه، يعني أتصور إنه هو يُقيم قداساً يومياً في مكتبه قبل أن يبدأ عمله، ففيه إيمان يعني وليست عملية بالهيمنة، حتى كاتب..

أحمد منصور: أنت قلت لي معلومة خطيرة..

د. محمد السماك: كاتب.. كاتب مقالات يعني كاتب خطاب الرئيس بوش.

أحمد منصور: كاتب خطابات الرئيس بوش.

د. محمد السماك: (مايكل جارسون) هو من أبناء هذه الحركة، ولذلك تجد في.. في خطابات الرئيس بوش بعض العبارات..

أحمد منصور: كنت هأسألك عن العبارات الدينية في خطابات بوش وأنت كتبت مقالاً عنها في "الأهرام".

د. محمد السماك: صحيح.

أحمد منصور: نعم.

د. محمد السماك: يعني موضوع مثلاً عبارة محور الشيطان، المحور الذي يضع فيه إيران والعراق وكوريا الشمالية.

أحمد منصور: محور الشر.

د. محمد السماك: عبارة محور الشر هذه، هذه من العبارات الأساسية التقليدية بأن كل من هم ضد إسرائيل هم في محور الشر.

أحمد منصور: ده في المعتقدات الصهيونية…

د. محمد السماك: في المعتقد اللي عندهم، موضوع استعمل مرة قضية الحروب الصليبية، وهذه من المرجعيتين، استعمل عبارة العدالة المطلقة لمشروع الهجوم على العراق في.. من أجل العدالة المطلقة، وهذه عبارة من عبارات.. من ثوابت العبارات الدينية لدى هذه الحركة بمعنى أن العدالة المطلقة لن تتحقق إلا بالعودة الثانية للمسيح، وأن المسيح عندما يعود هو الذي سيحقق العدالة المطلقة، في هذه العبارات في هذه الأدبيات عم يستعملها مايكل جارسون في عندما يكتب خطاباته للرئيس بوش، ولذلك نجد..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ومايكل جارسون كان قس، يعني كان ماشي في.. في.. في.. تَدَرَّج في الكنيسة الإنجيلية الصهيونية، نعم.

د. محمد السماك: لكن.. لكن الحقيقة.

أحمد منصور: كتبت عنه "الواشنطن بوست" حول نفس الموضوع ونشرتها "الشرق الأوسط" حول نفس القضية ونفس العبارات.

د. محمد السماك: لكن أنا اللي بدي أقول إنه الرئيس بوش ليس أول واحد من هذا النوع، يعني كان (روزفلت) يعني 15% من إدارة روزفلت كانوا يهوداً، وكان أحدهم يعني القاضي (جون جولدشتاين) كعضو مجلس القضاء كان يقول بأن لليهود ثلاثة عوالم، عالم الدنيا، وعالم الآخرة، وعالم روزفلت، بسبب يعني التزامه في.. في هذا، و روزفلت هو الذي مارس ضغطاً على رومانيا في الوقت اللي كانوا عم عم يهجروا اليهود من.. من رومانيا، وقبله.. قبل روزفلت يعني بـ 1891 الرئيس الأميركي الأسبق (هاريسون) أول ضغط أميركي على روسيا.. روسيا القيصرية أول مشكلة في التاريخ ربما في التاريخ الحديث بين موسكو وواشنطن كانت حول موضوع اليهود في.. في روسيا القيصرية، والرئيس هاريسون كان يضغط على موسكو من أجل وقف تهجير اليهود من روسيا، لأنهم كانوا يأتون إلى.. إلى الولايات المتحدة، وهذا.. ولم يكن.. لم يكن اليهود مرغوبين في الولايات المتحدة، ولذلك نشطت الحركة، تحويل الاتجاه من روسيا إلى فلسطين تحت شعار إقامة صهيون وعودة المسيح.

أحمد منصور: قلت لي معلومة خطيرة في الجزء الأول من البرنامج هو أن مسؤول المسيحية الصهيونية كان يحضر اجتماعات مجلس الأمن القومي الأميركي حتى يضمن إن القرارات التي تصدر تكون متوافقة مع هذه المعتقدات، معنى ذلك إن السياسة الأميركية البعد الديني بيتحكم فيها بشكل أساسي والبعد الصهيوني تحديداً؟

د. محمد السماك: عندما نقول السياسية الأميركية نحدد في الشرق الأوسط.

أحمد منصور: في الشرق الأوسط.

د. محمد السماك: فالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط تتجاوز مصالحها، وتعتبر أن هناك النظرية التي تقول بأن مساعدة إسرائيل والالتزام بها ليس أمراً سياسياً، ولا يقع في إطار حسابات المصالح السياسية أو الاقتصادية، إنه تنفيذ وممارسة عبادية، تنفيذاً لتعاليم إلهية ولذلك هذا الإيمان يجعل صاحب القرار الأميركي مضطراً إلى تجاوز المصالح الأميركية عندما يتخذ قراراً يتعلق بأمن إسرائيل أو مستقبل إسرائيل أو بصراع إسرائيل مع الدول العربية.


موقع فلسطين في مشروع المسيحية الصهيونية

أحمد منصور: أيه موقع فلسطين أو إسرائيل التي تحتل فلسطين الآن في معتقدات المسيحية الصهيونية؟

د. محمد السماك: فلسطين هي.. شوف الحقيقة الموضوع الأساسي بالنسبة لفلسطين هو أن قيام إسرائيل عام 48 اعتبر لدى هذه الحركة المؤشر الأول على من.. من ثلاثة مؤشرات على تحقيق الإرادة الإلهية بالعودة الثانية للمسيح، المؤشر الأول هو قيام إسرائيل في فلسطين، المؤشر الثاني سنة 48، الثاني 67 احتلال القدس، المؤشر الثالث المنتظر هو تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل.

أحمد منصور: يعني هم يقفوا وراء هذا؟

د. محمد السماك: الذي أضرم النار في المسجد الأقصى عام 69 لم يكن يهودياً، كان واحداً من هؤلاء.

أحمد منصور: المسيحيين الصهاينة.

د. محمد السماك: المسيحيين، مسيحي صهيوني، لم يكن يهودياً، هذا يعجلون تحقيق الإرادة الإلهية، ولذلك هم يقفون وراء مشاريع تدمير المسجد الأقصى، وراء محاولات تدميره، محاولات نسفه بالطائرات، جرت محاولة إسرائيل أوقفتها، جرت محاولة لتزنير المسجد الأقصى ونسفه، إسرائيل أوقفتها، لأنه اكتشفتها.

أحمد منصور: كانت المسيحية الصهيونية التي تقف وراءها.

د. محمد السماك: هي التي تقف وراءها، والذي عام 69 الحادث إضرام النار في المسجد الأقصى الذي أدى إلى أول مؤتمر إسلامي عقد في.. في المغرب نتيجة لهذا الحادث قام به أحدهم وهو أسترالي الأصل، ولذلك الإيمان بأن فلسطين هي المكان الذي سيظهر فيه المسيح.

أحمد منصور: جيري فولويل هذا مستشار بوش وأحد زعماء المسيحيين الصهاينة يقول: يجب على المسيحية الصهيونية أن تقوم بتدمير العالم وإشعال الحروب فيه حتى يجد المسيحيين الصهاينة مكاناً لهم في جنة جديدة وعالم جديد، معنى ذلك أن المسيحية الصهيونية هي التي تقف وراء تأجج الحروب في المنطقة ووراء الإعداد للحرب المرتقبة الحالية ضد العراق مثلاً.

د. محمد السماك: هم يؤمنون بحتمية وقوع معركة هرمجدون، وهرمجدون، هي نسبة إلى اسم سهل (مجدُّو) هو الذي يقع بين عسقلان على المتوسط والقدس، نظريتهم تقول بأن أعداء الله الذين هم نحن بنظرهم، وكل من لا يؤمن بالعودة الثانية للمسيح سيقومون بهجوم على إسرائيل، وستقع معركة يصفونها بأنها نووية تدميرية مدمرة يقتل الملايين من الناس فيها وعلى أساس هذه المعركة بعد أن تنتهي ويقتل معظم اليهود ولا يبقى منهم سوى 114 ألف يظهر المسيح بالجسد فوق أرض المعركة، ويُصعِّد إليه المؤمنين به، ثم ينزل هو والمؤمنون إلى الأرض، ويحكم الأرض لمدة ألف عام يسمونها الألفية، حيث تتحقق العدالة المطلقة -التي وردت في إحدى خطابات.. أحد خطابات الرئيس بوش- فهذه المعركة يعني يعتبرون هم يسمونها.. أنا ترجمتها بمعنى الكنيسة التدبيرية، بمعنى أنها تعتقد أو تؤمن بأن كل شيء مدبر، المعركة المصيرية التدميرية للإنسانية من سهل مجدُّو.. هرمجدون هي إرادة إلهية لابد من وقوعها حتى يأتي المسيح، ولذلك تجد أن العقدة الأساسية التي تدور حولها كل نظرية هي العودة الثانية للمسيح، أما مصير الإنسانية مصير البشر، فهذا كله لا قيمة له، طالما أنه يمهد لهذه..

أحمد منصور: لذلك الكل يتساءل، إذا كان القضية حول النفط، كل الدول مسلمة النفط للولايات المتحدة الأميركية، وفجأة اختلقت العراق كسبب لهذه الحرب التي يمكن أن تقع، الكل يقول ما بعد العراق، وأن الحرب لم تقف عند العراق، ويمكن أن.. هل فيه مخططات وأدبيات المسيحية الصهيونية ما يشير إلى ما يتم تخطيطه للمنطقة الآن؟

د. محمد السماك: هم في.. في نظرياتهم الحقيقة تقول بأن سيكون هناك ديكتاتور جبار قوي مسلح حتى أسنانه، ويملك السلاح التدميري سيهجم على إسرائيل لتدميرها، وسيؤدي ذلك إلى وقوع معركة هرمجدون، كانوا في السابق أيام الاتحاد السوفيتي يقولون أن الاتحاد السوفيتي المتحالف مع العرب هو هذا الديكتاتور المنتظر، الآن يقولون عنه أنه هو العراق وصدام حسين، الحقيقة لا توجد للولايات المتحدة أي مشكلة لا بالنسبة لمصالحها الأمنية والاستراتيجية، ولا النفطية، ولا التجارية، ولا السياسية، لا في العراق ولا في أي منطقة عربية.

أحمد منصور: الكل رافع..

د. محمد السماك: ما فيه مشكلة، المشكلة الوحيدة هي أن إسرائيل تعتقد بأن العراق لا يملك أسلحة، يملك الفكر الذي يمكن أن ينتج أسلحة، وهذا تجاوز للخط الأحمر في المنطقة.

أحمد منصور: ولذلك الآن بيتحدثوا عن موضوع العلماء واستجوابهم و..

د. محمد السماك: تمام، يعني نحن كعرب بصورة عامة هيئة التصنيع العسكري العربي التي تم تشكيلها، أين هي؟ فيه خط أحمر ممنوع العرب يتجاوزونه هو القدرة أو المعرفة على إنتاج السلاح، السلاح المتقدم، فالعراق تجاوز هذا الخط الأحمر، ولذلك فإنه معرض الآن لما يتعرض له، وبالتالي هو لا يشكل خطراً على الولايات المتحدة، ولكن إسرائيل تعتقد أنه يمكن أن يشكل خطراً عليها، ولذلك فإن ضرب العراق وتمزيقه إلى دويلات سيكون مدخلاً إلى تمزيق كل المنطقة العربية إلى دويلات، وهذا مشروع ليس جديداً.

أحمد منصور: متى.. هذا المشروع؟

محمد السماك: هذا المشروع منذ الثمانينات، منذ مطلع الثمانينات نشر في إسرائيل، ونشرته.

أحمد منصور: أيه معالم هذه المشروع؟

د. محمد السماك: المعالم، كما نشرته مجلة "إيجونيم" -الحقيقة بمعنى الحقيقة بالعبرية- الصادرة عن مؤسسة الدراسات والأبحاث الاستراتيجية الإسرائيلية، يقول: بأن العالم العربي الإسلامي من باكستان حتى المغرب هذا العالم سيبقى مصدراً للمشاكل للعالم، لأن الخريطة السياسية فيه لم تراعِ التنوع الإثني والمذهبي والطائفي، ولذلك فإنه و حتى يستقر العالم وحتى تنتهي المشاكل من هذه المنطقة يجب إعادة النظر في الخريطة السياسية لهذه المنطقة بحيث يكون لكل مجموعة إثنية أو دينية أو مذهبية كيان خاص بها، يعني للبربر كيان، وللأكراد كيان، وللأقباط كيان، ولجنوب السودان كيان، الشيعة فيها

أحمد منصور: وعلى سبيل المثال الخوف في تركيا الآن من موضوع التركمان والأكراد على سبيل المثال.

د. محمد السماك: تركيا لن تنجو لا.. لا تركيا ولا أي دولة إسلامية عربية في كل هذه المنطقة بما في ذلك إيران إلا وتأخذ حصتها من عملية الشرذمة والتقسيم حتى أن العالم العربي -لا سمح الله- قد يبكي على سايكس بيكو، لأن المشروع الجديد هو تقسيم المقسَّم وتجزئة المجزأ إلى دول فتات تكون إسرائيل الأقوى -كدولة دينية عنصرية- تكون الأقوى والمسيطرة على المنطقة، ويتحقق الأمن الاستراتيجي لإسرائيل من خلال إضعاف المنطقة كلها وليس بقوتها الذاتية.

أحمد منصور: يعني ممكن أفهم منك إن في ظل إن إسرائيل هي الدولة الدينية الوحيدة في المنطقة العنصرية الآن تريد أن تتحول المنطقة كلها إلى..

د. محمد السماك: كلها دول.

أحمد منصور: جزئيات عنصرية صغيرة وعرقية.

د. محمد السماك: دينية وعرقية.

أحمد منصور: وهي تكون هي لها السيادة الأولى بالأساس.

د. محمد السماك: هذا المشروع الإسرائيلي، هذا نُشر في مطلع الثمانينات في إسرائيل، حاضر فيه (شارون) نفسه، ونُشرت دراسة في.. في وزارة الدفاع الأميركية في.. في الـ81 حول هذا الموضوع، كيف يمكن هذا المشروع.. كيف يمكن تحقيق هذا المشروع أن يخدم المصالح الاستراتيجية الأميركية في هذه المنطقة.

أحمد منصور: تفتكر مين اللي عمل الدراسة أو نُشرت إزاي لمن يريد أن يطلع؟

د. محمد السماك: لأ هي نُشرت في.. في البنتاجون Survey، ونشرها المستشرق اليهودي المعروف فاتني اسمه الآن الحقيقة، قد أذكره، لكن دراسة الحقيقة تشكل الوجه الآخر وتكمل المشروع الإسرائيلي كما نشر في.. في.. في الثمانينات.

أحمد منصور: يعني الحديث عن العراق ليس إلا مقدمة أو غطاء لعملية تفتيت شاملة تقوم على أبعاد دينية تستند إلى المسيحية الصهيونية بالتعاون مع إسرائيل.

د. محمد السماك: لأنه تركيبة العراق هو دخلوا إلى هذا المشروع من لبنان، والحرب اللبنانية كانت محاولة لتمزيق المنطقة انطلاقاً من لبنان، وكان.

أحمد منصور: يعني كان.. كان الهدف الأساسي هو أن تجزأ لبنان عرقياً ودينياً.

د. محمد السماك: لأ، بسبب التنوع الذي يوجد في لبنان إسلامياً ومسيحياً، فضرب لبنان وتمزيقه كان مدخلاً إلى تمزيق المنطقة، لكن لبنان استعصى على هذا المشروع، واستطاع أن يحافظ على وحدته الوطنية ورغم كل التضحيات التي قدمها، الآن انسحبت إسرائيل من لبنان لكن مشروعها لم ينسحب من المنطقة، المدخل الجديد لهذا المشروع هو العراق بحكم أيضاً تنوعه العرقي والديني والمذهبي، ولذلك الآن الهجمة التي يتعرض لها العراق مشابهة إلى الهجمة التي تعرض لها لبنان، ولكن على نطاق أوسع.


موقف المسيحيين العرب من حركة المسيحية الصهيونية

أحمد منصور: تسمح لي أسمع الرأي المسيحي فيما يتعلق بالمسيحية الصهيونية، معي من قبرص القس الدكتور رياض جرجور (الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط) دكتور رياض.

د.رياض جرجور: آيوه.

أحمد منصور: أرحب بك أولاً، وأسألك: ما هو موقفكم باعتبار المجلس.. مجلس كنائس الشرق الأوسط بيمثل كل الكنائس الموجودة في المنطقة؟ لو تخفض صوت التليفزيون وتتفضل مشكوراً بالإجابة.

د.رياض جرجور: طبعاً الدرجة الأولى أستاذ محمد تحدث بإسهاب عن الموضوع، لكن ليس هناك من كنيسة اسمها الكنيسة التدبيرية، هناك عقيدة هي العقيدة التدبيرية، وهي من أكثر الأنظمة التي لها تأثيراً طبعاً ضمن الكنيسة العالمية اليوم، وهذه العقيدة غير معترف بها بشكل كبير، وتوصف بأنها لا شعورية، لكن من دون شك أثرت بشكل متزايد على افتراضات وتفكير الإنجيليين الأصوليين والخمسينيين بالنسبة لإسرائيل وفلسطين خلال الـ150 سنة اللي فاتت، فالتدبيرية اللي عم يحكي عنها الأستاذ محمد هي نظام لاهوتي، وهي في جميع احتمالات العقيدية الرئيسية يعني..

أحمد منصور[مقاطعاً]: هو حكى عنها يعني مرَّ عليها مروراً سريعاً، ولكن الحديث الأساسي كله حول المسيحية الصهيونية نفسها، ما هو موقفكم -كمسيحيين عرب.. كمجلس كنائس الشرق الأوسط- من المسيحية الصهيونية ومعتقداتها ودعمها المطلق لإسرائيل؟

د.رياض جرجور: طبعاً نحن لا نوافق على ما تقوم به هذه الجماعة، نحن نقول أن هنالك دعم مسيحي لهذه الصهيونية، المبنية على هذا الأساس اللاهوتي، ونحن طبعاً ضد هذه المعتقدات، ولا نوافق عليها إطلاقاً خاصة بأنها تقسم التاريخ إلى سبع حقب زمنية، وتفترض أن هناك فصل بين إسرائيل الذي تعتبره الشعب اليهودي وبين الكنيسة التي هي شعب الله في السماء، وتسعى إلى تفسير الكتاب المقدس دائماً حرفياً، هذه جماعة –ونحن نرفض معتقداتها- تؤمن بأن الأرض هي ملك للشعب اليهودي للأبد، وأن النبوءات المتعلقة برجوع اليهود في الشتات الآن قد تحقق ثانياً، لذلك تريد أن تأتي إلى -ما ذكر الأستاذ محمد- معركة هرمجدون ونحن لا نوافق على ذلك، من هذا المنطلق طبعاً نحن نسعى –كمسيحيين عرب وعلى صعيد مجلس كنائس الشرق الأوسط- إلى مواجهة هذه المجموعات، وطبعاً نواجهها على مستويين.

أحمد منصور: كيف؟

د.رياض جرجور: على المستوى المحلي في الوطن العربي من جهة التوعية عن هذه الجماعة وأهدافها وما تسعى إليه، وطبعاً نسعى إلى أن يعرف العالم جميعاً في الوطن العربي أن هذه الجماعة مبنية على عقيدة نحن لا نمت لها بصلة ولا نوافق عليها، وهي طبعاً باحثها والذي ألهم هذه الحركة هو (جون نيلسون ديربي) الذي سُمي فيما بعد تفسير الكتاب بالتدبيرية، ومع هذا أصدرنا الكتيب عن المسيحية الصهيونية نشرح به أهداف هذه الحركة ونحذر الناس من التعامل معها، هذا من جهة.

ومن جهة ثانية نسعى إلى أن يكون هناك تضامن عربي مسيحي إسلامي، وأن يلتزم المسيحيون العرب بقضايا الوطن العربي مع إخوانهم المسلمين، ومن هنا طبعاً يأتي عملنا في الداخل مع الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي في هذا الموضوع، وقد نظمنا عدة حلقات دراسية وبحثية في موضوع المسيحية الصهيونية، كان آخرها دور الإعلام في مواجهة المسيحية الصهيونية وحُقِّق في بيروت خلال شهر سبتمبر الماضي.

أحمد منصور: أما تلاحظ يا دكتور رياض أن صوتكم.. صوتكم منخفض، عندي الدكتور محمد فهمي من مصر يقول: ألا يجدر بالكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية بالشرق الأوسط القيام بدور فاعل تجاه تلك الحركة، وقد يكون ذلك بالقطع أفضل من أي دور من قِبَل أي جهة لها صبغة إسلامية، فيعني صوتكم منخفض في يعني مواجهة المسيحية الصهيونية وبيان حقيقتها ومخاطرها، هل تعتقد أنها بتشكل خطورة عليكم أنتم أيضاً المسيحيين العرب؟

د.رياض جرجور: طبعاً هي تشكل خطورة علينا جميعاً، وأنا أعتقد إنه صوتنا –يعني مع احترامي للأستاذ- هو ليس منخفض، صوتنا عالي جداً، وأهمية صوتنا كمسيحيين عرب لا يكون فقط في الوطن العربي بقدر ما هو في أميركا وفي أوروبا، والذين يتابعون الأحداث اليوم بما نقوم به في أميركا وفي أوروبا يعلمون تماماً أن الموضوع هو ليس أن نقنع جماعتنا هنا، نحن هنا مقتنعون، ونحن كمسيحيون عرب ومسلمون مقتنعون بهذا الموضوع، وضد المسيحية الصهيونية، المهم هو كيف نستطيع أن نعمل في الخارج في أوروبا و في أميركا، ومن هنا أعتقد أن دورنا دور ريادي ولا يستطيع أحد أن ينافسنا في هذا الدور لما نقوم به على عدة مستويات:

الأول: على مستوى الكنائس والهيئات الكنسية في أوروبا وفي أميركا..

الثاني: على مستوى مجالس الكنائس، وبشكل خاص مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس أميركا، والثالث على مستوى عدد من الهيئات، وقد سعينا إلى تأسيس هيئة سُميت "هيئة إنجيليون من أجل فهم أفضل للشرق الأوسط" التي تجمع في كيانها عدة هيئات إنجيلية قريبة من هذه المجموعات لكي تسعى إلى تنويرها وتعريفها بالمسيحية وبالإسلام وبأن هذه الخطة التي تتبعها لدعم إسرائيل ولدعم المصالح الصهيونية هي خاطئة، وعليها أن تغير في مسارها، وطبعاً كان هناك لقاء مهم جداً في بيروت..

أحمد منصور: أشكرك.

د.رياض جرجور: هذه السنة لهذه الهيئة، وحيث أتى ما يقارب من مائة شخص من أميركا ومن أوروبا، وكان لهم عدة لقاءات بما في ذلك زيارات إلى جنوب لبنان ولقاءات مع جماعة حزب الله لكي يتعرفوا على الواقع كما هو، فأنا أعتقد يعني أن.. وأستطيع التحدث بإسهاب عن دور كل من هذه الهيئات التي ذكرت، إن كان على صعيد الكنائس..

أحمد منصور: أشكرك يا دكتور رياض.

د.رياض جرجور: أو الهيئات الكنسية أو المجالس الماسكونية بما تقوم به في.. في هذا الدور، يعني طبعاً..

أحمد منصور [مقاطعاً]: الدكتور رياض جرجور (الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط) ربما أتيح لك المجال في حلقة أخرى نتحدث فيها عن أكثر من موضوع يكون هذا الموضوع في جانب منها، أشكرك شكراً جزيلاً، لك تعليقك أستاذ محمد على ما تفضل به الدكتور رياض؟

د. محمد السماك: أنا الحقيقة كل اللي قاله القسيس الدكتور رياض جرجور تمام وأنا أواكب هذا النشاط وأشترك معه فيها والفريق العربي الحقيقة مدرك لهذا الفريق ونحن.. نعمل مع مجلس كنائس الشرق الأوسط في هذا الإطار، لكن الحقيقة إنه دور المسيحيين العرب هو دور ريادي، وهو هذا الدور يقوم به على أكمل وجه مجلس كنائس الشرق الأوسط، وكما قال ليس فقط في العالم العربي، إنما مع الكنائس.. المجالس الكنسية في العالم، مجلس الكنائس الوطني الأميركي، مجلس الكنائس المسيحي في أميركا في نيويورك، مع مجلس الكنائس العالمي في جنيف، والحقيقة مواقف هذه الهيئات الكنسية كلها مواقف متفهمة أكثر من متفهمة، ملتزمة بعدالة القضية الفلسطينية، وسبق أن أصدرت بيانات مؤيدة للحق الفلسطيني ومتعاطفة مع الفلسطينيين، ونددت بتصريحات (فولويل) و(بات روبرتسون) وغيره، ولذلك نحن علينا دور مهم لا نقوم به، هو الاتصال مع هذه الكنائس في أميركا إن كانت بشكل منفرد، كنائس منفردة أو مجموعة من أجل..

أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هناك سؤال..

د.محمد السماك: قطع الطريق أمام هذه الحركة..


علاقة المسيحية الصهيونية بالكنائس المسيحية الأخرى

أحمد منصور: هناك سؤال هام هو: علاقة المسيحية الصهيونية بالكنائس الأخرى، هل المسيحية الصهيونية لها علاقة بالكنائس المسيحية الأخرى وموقف الكنائس المسيحية أيضاً من التعاون معها في أفكارها؟.. اسمح لي اسمح لي..

د.محمد السماك: ليس لها.. ليس لها علاقة على الإطلاق، بالعكس الكنائس الكاثوليكية الكنائس الأرثوذكسية، الكنائس الإنجيلية على اختلافها كلها لا تتعامل معها وتقاطعها.

أحمد منصور: هو طبعاً هي تقوم.. هي جزء من الكنيسة الإنجيلية في الولايات المتحدة الأميركية..

د.محمد السماك: هي ليست كنيسة الحقيقة، هي فكرة..

أحمد منصور: لها كنائس كثيرة..

د.محمد السماك: تستقطب عندها.. عندها حركات ممكن نتكلم عن.. عن تركيبتها لكنها المؤسسات الشرعية الكنسية الإنجيلية والكاثوليكية والأرثوذكسية الموجودة في الولايات المتحدة لا تتعامل معها ولا تعترف بها.

أحمد منصور: قلت لي 47% الإحصاءات تقول أو 48% من الأميركيين..

د.محمد السماك: 47%

أحمد منصور: يترددون على الكنائس مما يعني أن المجتمع الأميركي هو مجتمع متدين..

د.محمد السماك: متدين بشكل..

أحمد منصور: وملتزم بالواجبات المسيحية، أيه حجم تأثير ونفوذ المسيحية الصهيونية في المجتمع الأميركي؟

[فاصل إعلاني]


تأثير ونفوذ المسيحية الصهيونية في المجتمع الأميركي

أحمد منصور: حجم نفوذ المسيحية الصهيونية في المجتمع الأميركي وتأثيرها فيه؟

د.محمد السماك: أولاً: من حيث العدد، هم يقولون إن عددهم حوالي 40 مليون المنتسبين إلى هذه الحركة، لكن أهمية الموضوع ليست في العدد فقط، إنما في نوعية الناس من عسكريين، دبلوماسيين أعضاء بالكونجرس في الإدارة الأميركية، لكن فوق ذلك كله هذه الحركة تتمتع بنفوذ إعلامي غريب جداً..

أحمد منصور: (جريس هلسل) راصدة عشرات من.. من..

د.محمد السماك: محطات تليفزيونية..

أحمد منصور: المحطات التليفزيونية… أيضاً.

د.محمد السماك: وإذاعات.. وإذاعات، وجامعات مستشفيات، يعني يجمعون بين الخدمة الثقافية التعليمية والخدمة الاجتماعية بنشاطهم، لكن أهم عمل يقومون به.. ولذلك يسمونه في أميركا الكنيسة الإلكترونية electronic church يعتمدون على الإعلام بشكل أساسي وبرامجهم الدينية تستقطب الملايين من الناس، ويذيعون على مدار الساعة ولذلك كيفما فتحت التليفزيون في.. في الولايات المتحدة، فأنت أمام محطتين أو تلاتة أو أربعة في وقت واحد لمبشرين من هؤلاء الناس الذين يطلعون على الناس بنظرياتهم.

أحمد منصور: حتى (فولويل) له برنامج أسبوعي مدته ساعة يطلع فيه على الناس صار له أكتر من عشرين سنة.

د.محمد السماك: صحيح، هو نادي السبعمائة اللي يقدمه، وحوالي 5 ملايين مشاهد تقريباً تقدير الذين يستمعون إلى برنامجه، فيعني القوة الإعلامية من المنشورات والمطبوعات من الإذاعات والتليفزيونات، من خلال الاتصال بالناس عبر الخدمات الاجتماعية والتعليمية، ولذلك نجد أن نفوذ هذه الحركة قوي جداً، ولا يمكن الحقيقة، رغم قوته.. لا يمكن اعتباره بأنه قدر محتوم لا نستطيع أن نفعل له شيئاً.

أحمد منصور: نسمع رأي الدكتور القس صفوت البياضي (رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر)، دكتور صفوت مرحباً بك.

د.صفوت البياضي: مرحباً بك، مساء الخير أستاذ أحمد.

أحمد منصور: مساك الله بالخير.

د/ القس صفوت البياضي (رئيس الطائفة الإنجليزية بمصر): أنا سعيد إني أستمع إلى الأستاذ الصديق محمد السماك، وأعتقد إنه يعني خير من يستطيع أن يتحدث في هذا الموضوع وكمان القسيس رياض جرجور (الأمين العام للمجلس الكنسي عن الشرق الأوسط).

د.محمد السماك: شكراً.

أحمد منصور: نشكر..

د.صفوت البياضي: بداية أنا بأشترك معاك أستاذ أحمد في الأسى والألم لوفاة (جريس هلسل) وبأعتقد إن إحنا خسرنا صوت كبير من أصوات مؤثرة ككاتبة مستنيرة مثل هذه السيدة، لكن الأمل في أشخاص كثيرين وهناك أشخاص مسيحيين يكتبون ويقدمون القضية أو العقيدة بأسلوب حقيقي وأسلوب كتابي صحيح، يمكن بأختلف شوية بأقول إنه تعبير المسيحية الصهيونية ليس تعبيراً صحيحاً، لأنه لا توجد هناك مسيحية..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هم اختاروها لنفسهم.

د.صفوت البياضي: أنا بأعتقد إنه يطلق عليهم مسيحيين متصهينيين، لكنها ليست المسيحية، لأنه هم لا يمثلون المسيحية في العالم كله ويمثلون العقيدة المسيحية، لكن يمثلون مدرسة من التبشير…

أحمد منصور [مقاطعاً]: هم بينتموا إلى الكنيسة الإنجيلية أو انسلخوا منها يا سعادة القس، هم انسلخوا من الطائفة دي، أيه الفوارق الأساسية؟ أيه الفوارق الأساسية..

د.صفوت البياضي: العجيب..

أحمد منصور: بين معتقداتهم وبين العقيدة الإنجيلية التي أنت رئيس طائفتها في مصر، وأنت دائماً تتردد على الولايات المتحدة ولك علاقة بالكنيسة الإنجيلية الأميركية قوية؟

د.صفوت البياضي: صحيح، السؤال كويس، لأنه الكنيسة اللي بنسميها الأساسية في أميركا وهي الكنيسة المشيخية اللي إحنا.. يعني أكبر تمثيل لها في الشرق الأوسط في مصر وسوريا ولبنان، الكنيسة المشيخية ترفض هذا التفكير وهذا التفسير رفضاً كاملاً في قيادتها وفي شعبها، والدليل على ذلك حتى في اختيارهم لرئيس الدورة الحالية لرئاسة المحفل العام المشيخي اختاروا لأول مرة قساً من أصل شرق أوسطي ومن فلسطين، القس فهد أبو عقل ودا كان رد صريح وواضح على إنه علشان يُختار واحد فلسطيني ليرأس المحفل العام للكنيسة المشيخية في الدورة السنوية بتاعته علشان يرد على المزاعم اللي بينادي بها البعض، والفكرة الصهيونية أصلها هي فكرة محاولة تعميم فكر الصهيونية، ومش بس في المسيحية، دا فكر للصهيونية…

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني أنتم ككنيسة إنجيلية أنتم تتبرءوا من المسيحية الصهيونية؟

د.صفوت البياضي: طبعاً.. طبعاً ويمكن في.. أنا كتبت بعد ما جيري فولويل قال التعبير السيئ اللي قاله وأعلنت في الصحافة المصرية إن إحنا نرفض هذا التعبير.. هذا.. هذه الإساءة نرفضها تماماً وخاطبنا هذه الكنائس التي تستمع إلى جيري فولويل وأمثاله، إنه نحن لا نستقبل قياداتهم أو زوارهم إذا زاروا بلادنا ما لم يعتذروا ويردوا على هذه الإساءة وبعض الكنائس ردت فعلاً واتصلت وقالت نحن نتبرأ من هذا الفكر ونرفض الإساءة رفضاً كاملاً، ودا يورينا إنه فيه ناس عقلاء في أميركا وفي أوروبا بيردوا على هذه الإساءة، أنا عايز أقول إنه الفكرة هي أصلاً..

أحمد منصور: اتفضل.

د.صفوت البياضي: هي صهيونية عالمية مش بس مسيحية، ويعني جريس هلسل لما اتكلمت كانت بتقول إنه القيادات دي اللي كان بيستضيفها في فلسطين أو في إسرائيل هم القادة السياسيين اللي لهم برامج في إسرائيل هم القادة السياسيين مش القادة الدينيين.

وإنه الفكر دا دخيل علينا ليس مننا، والإشارة يمكن اللي ذكرها الأستاذ محمد السماك عن رفض مجلس الكنائس بالشرق الأوسط، كمان رؤساء كنائس فلسطين رفضوا رفضاً كاملاً هذه التفسيرات الحرفية وقاوموها مقاومة ورفضوا استقبال أي من هذه الكنائس على أرض فلسطين وإن كانت إسرائيل بتستدعيهم وجانب كبير من..

أحمد منصور[مقاطعاً]: أشكرك سعادة.. أشكرك سعادة القس شكراً جزيلاً دكتور القس صفوت البياضي (رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر)، ومادمت قد تطرقت إلى فلسطين، فأنا معي من فلسطين الأب عطا الله حنا من الكنيسة الأرثوذكسية في القدس والأراضي المقدسة، أب عطا الله مرحباً بك.

عطا الله حنا: شكراً لك.

أحمد منصور: موقفكم أنتم في فلسطين من المسيحية الصهيونية والدعم الهائل الذي تقدمه لإسرائيل حتى يقال أن حجم الدعم الذي تقدمه المسيحية الصهيونية لإسرائيل يفوق حجم الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من يهود العالم.

الأب عطا الله حنا (الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية): أولاً أود أن أحييك وأن أحيي الأستاذ الجليل محمد السماك الذي أسهب في حديثه عما يُسمى الحركة المسيحية الصهيونية، نحن في كنيستنا الأرثوذكسية وبشكل عام في الكنيسة المشرقية لا نعترف بشيء اسمه الكنيسة المسيحية الصهيونية، ذلك لأن هنالك تناقضاً كبيراً بين ما تعلمنا إياه المسيحية من قيم روحية وإنسانية وما تقوله الصهيونية من عنصرية ومن احتلال ومن ممارسات على الأرض، ولذلك يجب أن نقول بأن.. بأنه إذا ما كان هنالك شيء مُستهدف من قِبَل هذه الحركات المشبوهة، المستهدف أساساً هو الكنيسة المسيحية المشرقية الهدف الأساسي هو تهميش الموقف المسيحي المشرقي من القضايا العربية والوطنية، إضافة إلى محاولة هذه الجماعات المشبوهة، اقتلاع المسيحيين العرب من جذورهم ومن أصولهم المشرقية العربية، نحن نعتقد.. نحن نعتقد بأن هذه الجماعات هي أدوات مسخرة في خدمة المشروع الصهيوني منذ أن عُقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل وُضع هنالك مخطط صهيوني لاختراق الكنيسة ولاختراق المسيحية ولإبراز المسيحية وكأنها حليف للصهيونية تبرر الاحتلال وتدافع عن الاحتلال وما إلى ذلك، ونحن نؤكد -من خلالكم- بأن ما تدعيه هذه الجماعات من تبريرات ومن دعم للصهيونية وللاحتلال لا علاقة لها بالمسيحية ولا علاقة لها بالإنجيل ولا علاقة لها أصلاً بالكتاب المقدس حتى بالعهد القديم، نحن نرفض..

أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أفهم من كلامك أب عطا الله..

عطا الله حنا [مستأنفاً]: التحليلات والتفسيرات الصهيونية للعهد القديم ونعتبرها تحليلات سياسية هادفة إلى تبرير الاحتلال، وكما قال قداسة البابا شنودة في محاضرة عقدت مؤخراً: يجب أن يميزوا بين وعد الله ووعد بلفور إنهم احتلوا أرضنا..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هل أفهم منك.. هل أفهم منك الآن.. هل أفهم منك الآن إن فعلاً نجحوا في عملية اختراق للكنيسة؟

عطا الله حنا: لم أسمع السؤال.

أحمد منصور: هل نجحوا في القيام بعملية اختراق للكنيسة؟

عطا الله حنا: حقيقة لم ينجحوا، لم ينجحوا، لأن هنالك موقف واضح من الكنائس الأرثوذكسية ومن الكنائس الكاثوليكية ومن الكنائس الإنجيلية العربية أيضاً، وقد صدرت البيانات وعندنا هنا في القدس بنوع خاص، صدر بيان باسم كافة رؤساء الكنائس المسيحية من أرثوذكسية وكاثوليكية وإنجيلية يندد بالنشاطات المشبوهة التي تقوم بها هذه الجماعات التي تستهدف المسيحية في الصميم وتستهدف الكنائس المشرقية في الصميم، ولذلك إنني أستاء يعني..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أب عطا الله حنا أشكرك شكراً جزيلاً.. أشكرك شكراً جزيلاً. أستاذ محمد من خلال هذا الموقف المسيحي القوي من المسيحية الصهيونية، حجم الخطورة التي تمثلها المسيحية الصهيونية على المنطقة العربية تحديداً؟

د.محمد السماك: هذه الخطورة طالما أن الكنيسة العربية واعية لها وتتصدى لها وهذا أمر حقيقي، تتصدى لها بجميع تنوعاتها، يعني الكنيسة الأرثوذكسية بشكل خاص، الأب عطا الله حنا يعني هو من.. من فلسطين المحتلة، من أسبوع صدر بيان عن هذه الحركة الكنيسة أو الحركة المتصهينة..

أحمد منصور [مقاطعاً]: عندي أحد المسلمين الفلسطينيين يعني متعاطف معه ويقول من نابلس أن الأب عطا الله حنا ربما يكون الوحيد في الكنيسة الذي يقف في مواجهة المسيحية الصهيونية ويطالب بمساعدته ومساندته في الهجمة التي يتعرض لها هو في فلسطين بسبب هذه المواقف..

د.محمد السماك: نعم، هو هذا اللي بدي أشير إله إنه تعرض إلى.. إلى تهجم من هذه.. من هذا الفريق من المسيحيين المتصهينيين، وصدر بيان ضده، ولكن الأب يعني رغم كل مواقفه الجهادية النبيلة التي نقدرها جميعاً والتي تعتبر نموذجاً للفلسطيني العربي المسيحي الذي يشارك بدمه وبمواقفه الفلسطيني العربي المسلم في مقاومة إسرائيل هذا.. هذا الموقف النبيل، ليس وحده في ذلك كل الكنائس في المنطقة تقف هذا الموقف، الكنائس الكاثوليكية بتنوعها، والكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية كلها تقف، لكن المهم ليس مواقفنا هنا في.. في وطننا العربي المهم هو الموقف داخل الولايات المتحدة هناك مجموعات كنسية، وخاصة الكنيسة المشيخية (البريسبيتاريان) هذه من أنبل الكنائس وأكثرها تفهماً وتعاطفاً معنا، وأنا.. وأنا تكلمت..

أحمد منصور [مقاطعاً]: اللي.. يمثلها القس صفوت البياضي.

د.محمد السماك: تكلمت عن موضوع الكنائس الإنجيلية بشكل عام التي تتخذ مواقف علنية وجريئة في دعم الحق العربي، لكن هذه الكنيسة بالذات.. الكنيسة المشيخية تتقدم هذه الكنائس، ولذلك عندنا هناك أرضية مهمة جداً، وقوية جداً داخل المجتمع الأميركي، حتى نتعاون معها مسلمين ومسيحيين في مؤسساتنا كلها، من أجل التصدي لهذه الحركة داخل المجتمع الأميركي، ليست الحركة الصهيونية هذه في الولايات المتحدة قضاءً وقدراً لا نستطيع أن نفعل له شيئاً..


كيفية مواجهة مخططات المسيحية الصهيونية

أحمد منصور: بالضبط هي تركز أو تسيطر على مراكز صناعة القرار الأساسية، كيف يمكن مواجهتها؟

د.محمد السماك: طالما أن هناك المجلس الكنائسي الوطني في أميركا والمجلس الكنائسي الوطني للمسيح في.. في الولايات المتحدة والكنائس الكبرى الموجودة في الولايات المتحدة نستطيع بالتعاون معها أن نقوم بجهد مشترك، بعمل مشترك، وهذا الأمر..

أحمد منصور [مقاطعاً]: هل يمكن إفشال المخطط القائم الآن الذين يقفون وراءه الذي يهدف إلى تفتيت المنطقة كلها وتدميرها؟

د.محمد السماك: يجيب التصدي له من هناك وليس من هنا فقط، هنا.. هناك تضامن إسلامي-مسيحي، في التصدي لهذه الحركة، لكن العمل الأساسي يجب أن يكون داخل الولايات المتحدة وفي المجتمع الغربي أيضاً، وعندنا من القوى المحلية الأميركية المسيحية بشكل خاص التي نستطيع أن نعتمد عليها في هذه العملية..

أحمد منصور [مقاطعاً]: فيه سؤال مهم لأنه ممكن المسلمين.. أحمد سلام مهندس من مصر يقول: المسلمون يؤمنون أيضاً بعودة عيسى عليه السلام، والرسول -صلى الله عليه وسلم- تحدث عن معركة حربية هائلة ستقع بين المسلمين واليهود في النهاية، هل معنى ذلك إن المسيحية الصهيونية تتفق مع الإسلام في بعض الأفكار والمعتقدات؟

د.محمد السماك: هو سيناريو نهاية الزمن والنظريات الدينية موضوع لاهوتي وديني، لكن إحنا نتحدث عن الجانب السياسي والتوظيف السياسي الحربي لبعض المفاهيم العقدية.

أحمد منصور: يعني لا يوجد اتفاق عقائدي الآن بين المسيحية الصهيونية وبعض…

د.محمد السماك: لأ.. أعوذ بالله، حتى اتفاق.. أعوذ بالله.

أحمد منصور: يعني في النهاية كيف ترى مستقبل العالم في ظل هذا النفوذ الهائل للمسيحية الصهيونية الموجودة؟ كيف ترى مستقبل المنطقة؟ كيف ترى تأثير ونفوذ المسيحية الصهيونية ودعمها الهائل لإسرائيل وتأثيره علينا؟

د.محمد السماك: يعني حتى نحدد دعمها لإسرائيل بنعرف إنه جيري فولويل مثلاً هو غير اليهودي الوحيد في العالم الذي حصل من إسرائيل على ميدالية (جابوتنسكي).

أحمد منصور: هذه لا تُمنح إلا لليهود..

د.محمد السماك: إلا لليهود وهو الوحيد الذي حصل عليها، تقديراً لجهوده ومساعيه لإسرائيل، جيري فولويل كان يرافق شارون أثناء غزوه لبنان في دبابته، (بات روبرتسون) كان يرافق الجنرال (ديان) عندما دخل الضفة الغربية..

أحمد منصور: يعني لعب دور حتى عسكري.

د.محمد السماك: لأنه.. يؤمنون بالعمل العسكري ويعتبرون العدوان العسكري..

أحمد منصور: إذا وقفوا في هذا فلا يُستبعد أن يكون لهم الدور الرئيسي والوقوف الرئيسي فيما يمكن أن يحدث للعراق.

د.محمد السماك: طبيعي، لأنه هذا.. هذه هذه عقيدتهم، هذه عقيدتهم، ولذلك أنا لا أستبعد إطلاقاً..

أحمد منصور: أشكرك شكراً جزيلاً يا أستاذ محمد..

د.محمد السماك: أن يدخلوا في هذه الحرب الآن.

أحمد منصور: شكراً جزيلاً لك.

وآمل مشاهدينا الكرام أن نكون قد قدمنا لكم شيئاً حول المسيحية الصهيونية، بعض المشاهدين سألوني عن بعض الكتب، هناك "يد الله" لجريس هلسل و"النبوءة والسياسة" من منشورات دار الشروق، كتاب "البعد الديني في السياسة" الأميركية، للدكتور يوسف الحسن من منشورات مركز دراسات الوحدة العربية، و"الصهيونية المسيحية" للأستاذ محمد السماك وهو من منشورات دار النفائس.

في الختام أنقل لكم تحيات فريقي البرنامج من بيروت والدوحة، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود من بيروت.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.