كاتب صحفي ومؤلف مسرحي
الاتجاه المعاكس

التطبيع مع إسرائيل

ما دور النقابات المهنية في عملية التطبيع مع إسرائيل؟ هل هرولة الحكومات نحو التطبيع تعبر عن إرادة شعوبها؟ ما هو الموقف الحقيقي لاتحاد الكتاب والأدباء العرب من التطبيع؟

undefined

undefined

undefined

فيصل القاسم:

تحية طيبة مشاهديَّ الكرام، هل تكون هذه المرة الأخيرة التي نتناول فيها ملف التطبيع بين العرب وإسرائيل، على اعتبار أن السلام بين سوريا وإسرائيل فيما لو تحقق سيجعل من التطبيع أمرًا مفروغًا منه، وتحصيل حاصل؟ أم أن التطبيع سيظل موضوعًا ساخنًا إعلاميًّا وسياسيًّا وثقافيًّا وشعبيًّا على حدٍّ سواء، سلم من سلم، ووقع من وقع؟!

– أليس من المبكر جدًّا الاستشفاء لمناهضي التطبيع، والسير في جنازتهم؟

– أليست معاهدات السلام بين الحكومات شيئًا والسلام والتعايش بين الشعوب هو شيء آخر تمامًا؟

– هل ملامح التطبيع الرسمي مؤشر على تجذره في الوجدان الشعبي، أم أن من يغوص في أعماق الشارع العربي سيكتشف العكس تمامًا؟

– أليس ملف التطبيع مع إسرائيل محكومًا عليه بالفشل؟

– هل يمثل المنتفعون من رجال أعمال وبعض المثقفين نبض الأمة عندما ينخرطون في لعبة التطبيع مع إسرائيل؟

– ألم يتحول المطبعون في العديد من البلدان العربية إلى ثلة من المنبوذين شعبيًّا ونقابيًّا؟

– ألم تثبت التجربتان المصرية والأردنية استحالة التطبيع مع عدو الأمة؟

– هل ما يلزم السياسيَّ يلزم المثقف أو الجماهير؟ أم أن آليات التطبيع تقع أساسًا في أيدي الشعوب، وهي التي تتحكم فيها سلبًا وإيجابًا؟

– أليست حركات السلام العربية بلا شعبية كما اعترف أحد نشطائها؟ لكن في المقابل من قال إن السلام مجرد علاقة عاطفية، أو انفعالية بين أصدقاء وأحباء؟

– ألن تكون المصالح المشتركة أقوى من العواطف والمشاعر الجيَّاشة؟

– أليست المصالح هي التي تضمن علاقات طبيعية بين الدول، لا شبوب بالعواطف بين الناس على طرفي الحدود؟

– أليس التطبيع الحقيقي هو في التجارة والاقتصاد، وفي الأمور التي فيها تبادل حقيقي، وكل ذلك سائر على قدم وساق بين كثير من العرب وإسرائيل؟ لا بل أن التعامل بين إسرائيل وبعض العرب يفوق حجم التعامل بين العرب أنفسهم؟

– ألم يصبح التطبيع نتيجة طبيعية بعد أن تحول الصراع العربي الصهيوني من صراع وجود إلى صراع إقليمي على النفوذ في المنطقة، حتى إنه لم يعد صراع حدود كما يبدو؟

– ألم يتحدث السوريون عن إمكانية تحول الصراع مع إسرائيل إلى تنافس اقتصادي، وثقافي، وحضاري؟

ويتساءل أحدهم ساخرًّا، هل سيعطي المثقفون السوريون لبقية المثقفين العرب درسًّا بليغًّا في التطبيع، وليس من المستبعد أن يتم فصل أي كاتب مضاد للتطبيع من اتحاد الكتاب العرب؟

– هل سيحتل رجال الأعمال السوريون القاعة المجاورة لقاعة المفاوضات، وسيتم إنشاء شركات سورية إسرائيلية بسرعة البرق كما يضيف المتهكم نفسه؟

– أليست هناك دول عربية تنتظر على أحر من الجمر أي بادرة سلام للارتماء في أحضان إسرائيل إن لم تكن قد ارتمت أصلاً؟ ثم إلى متى تستغل النقابات المهنية في بعض الدول العربية تهمة التطبيع لإرهاب خصومها؟

– ألم يتحول التطبيع أحيانًا إلى فزَّاعة يستخدم بموجبها كل أنواع القمع والإرهاب الفكري والثقافي؟

ألا يمكن القول إن الشعب العربي قد يتنفس الصُعداء بعد أن أسدل الستار أو بعد إسدال الستار على الصراع مع إسرائيل، خاصة وأن هذا الصراع استخدم أحيانًا كما يقول البعض ذريعة وحجة مفضوحة من قبل الأنظمة العربية الحاكمة لممارسة أكبر قدر من القمع والقهر والاضطهاد بحق شعوبها، وحرمانها من أبسط حقوقها في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

أسئلة أطرحها على الهواء مباشرةً على الدكتور على عقله عرسان (الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب) ومقره سوريا، وعلى الكاتب المسرحي علي سالم.

للمشاركة في البرنامج يرجو الاتصال بالأرقام التالية:

42/41/888840 فاكس: 311652 .

[فاصل إعلاني]

فيصل القاسم:

علي سالم.. سؤال بسيط، كيف ترى مستقبل التطبيع بين العرب وإسرائيل بعد أن استأنفت المفاوضات السورية الإسرائيلية، وبدأ يعني.. أصبح الجميع منخرطين في السلام أو عملية السلام مع إسرائيل؟

علي سالم:

اسمح لي في البداية أن أوجه التحية للقيادة السورية، التحية والتأييد، لاستئناف مفاوضات السلام، واسمح لي أيضًا أطلب من المثقفين الليبراليين في سوريا مساندة قيادتهم في كل مراحل التفاوض، وكل مراحل تنفيذ السلام من أجل الحصول على سلام دائم وشامل للاستعداد للمعركة الأخطر والأهم التي بتنتظرنا هي الحرية والتنمية الشاملة، أجاوب على حضرتك.. كنا دائمًا بنقول ما فيش حرب من غير مصر، وما فيش سلام من غير سوريا، الصراع المسلح لم يعد مطروحًا في المنطقة لأنه مكلف تمامًا، لا أحد من حكام المنطقة.. الناس بتحارب عشان تلات أسباب الشرف أو ما تظن إنه الشرف، الرعب، المصلحة، لكن في هذا العصر الحديث، بعد نهاية الحرب الباردة.. الحسابات المنطقية دائمًا عند حكام هذه المنطقة لصالح شعوبها، ولصالح نفسها أيضًا، لصالح الاستقرار أنا أعتقد إن ده بداية استقرار حقيقي، ليست لسوريا وحدها بالمنطقة ككل، وبداية تنافس حقيقي في الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام، وهو خطوة جيدة للغاية و..

فيصل القاسم (مقاطعًا):

أما عن مستقبل معارضي التطبيع..

علي سالم (مقاطعًا):

أصل التطبيع.. المجال الحقيقي للتطبيع كما يعتقد ناس كتير قوي مش الثقافة..

فيصل القاسم (مقاطعًا):

ولا العلاقات بين الشعوب.

علي سالم:

يعني العلاقات هي علاقة مصلحة، بين الشعوب هي علاقات مصلحة، فإذا الناس لقت مصلحتها في التعاون مع إسرائيل حتتعاون، إذا ما فيش مصلحة، وعلى فكرة لسنا نطالب أي شخص بعمل علاقات مع إسرائيل ما لم يكن له مصلحة فيها، ابتداءً من هذا، أنا أعتقد إن مجال المصلحة الحقيقي موجود، الحكومات ورجال الأعمال في أول الخطوات، وأعتقد وأتمنى أن ما يحصلش تدمير لمنشآت في الجولان..

فيصل القاسم:

سنأتي على ذلك، دكتور على عُقله عرسان يعني الثقافي والشعبي مستبعد تمامًا من العملية.. يعني يمكن أن نرميه جانبًا بهذه البساطة..

علي سالم:

أنا ما رميتوش يا أستاذ فيصل ولا استبعدته، لا رميته، ولا استبعدته.

فيصل القاسم:

طيب.. طيب..

د. علي عُقله:

أنا أولاً لا أريد أن أكون أقل حماسًا من الأخ علي سالم في تحية القيادة السياسية في سوريا على صلابة موقفها، وتمسكها بالثوابت المبدئية، وإصرارها على استعادة حقها بكرامة، وعلى ربط موضوع استعادة الجولان بالبعد القومي للقضية الفلسطينية، وحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وهذا يُدخلنا إلى الثوابت، والثوابت تعني أن الشعب يدافع صحيح، ويخوض الحروب من أجل الحرية والكرامة، ومن أجل مصالحه، ولكنه يخوضها مرغمًا أحيانًا عندما يفرض عليه العدوان، ويخوضها في كل الأحوال لتحرير أرضه من الاحتلال، ولتحرير إرادته وسيادته من أي انتقاص.

من هذا المنطلق لا أريد أن أوافق الأستاذ علي سالم على الإطلاق في دعوته إلى مستقبل غائم، وغامض، وبعيد، للثقافة والمثقفين في مقاومة التطبيع، ولا أريد أن أوافق على الإطلاق بأن إسرائيل لا تستهدف التطبيع الثقافي، لأنها تستهدف كل أنواع التطبيع، وفي مقدمة ذلك التطبيع الثقافي لأنها اكتشفت بعد (كامب ديفيد) وعشرين سنة، وأيضًا بعد اتفاقيات أخرى أنه ما لم تشكل الثقافة حاضنة لسلام الاستسلام أو لاتفاقيات الإذعان فإن هذا السلام -بين قوسين- سيبقى بيروقراطيًّا، رسميًّا، فوقيًّا، وعلينا أن نعمل نحن أن نبقيه كخيوط العنكبوت، لا يصل إلى وجدان الشعب ولا إلى ذاكرته، ولا يمحو ثوابته، ولا يحوِّل الصراع العربي الصهيوني إلى صراع على حدود أو صراع على مصالح لأن فلسطين وحقوق الشعب العربي الفلسطيني أساس القضية، والقضية ذات بُعد قومي، وكرامة الأمة لا تتجزأ، وأنا أراهن على أحد أصدقاء الأستاذ علي سالم من إسرائيل، أو من الكيان الصهيوني هو (شلومو رايخ) الذي قال في معاريف..

علي سالم (مقاطعًا):

بس ده مش صديقي، رايخ.. ما اعرفوش..

د. علي عُقله (ضاحكًا):

أعتقد أن كل اليهود أصدقائك، يعني الآن حندخل في..

د. علي عُقله:

يا أستاذ علي، ما تدينا فرصة، نمتع المشاهدين، ونقول لهم حقائق..

د. علي عُقله:

هذا ما أريده.. هذا ما أريده.

علي سالم:

مش كده والا إيه؟! مش على كلهم أصدقائي!! أنا أصدقائي هناك اللي عايزين السلام، دول أصدقائي، فأرجوك، إيه.. يعني نخليه برنامج ممتع كده، ونقول فيه حقائق..

د. علي عُقله:

لست أقل حرصًا على هذا منك، ولا أتمسك بغير الحقيقة، وأرجو أن تكون عند مستوى التمسك بها.

علي سالم:

يا رب.. يا رب.. تفضل.

د. علي عُقله:

يقول (شلومو رايخ): ستبقى إسرائيل تركض من نصرٍ إلى نصرٍ نحو هزيمتها، لأن المستقبل لا مجال للتفاوض معه أو تدجينه أو تطبيعه مادامت الأجيال تتناسل، والذاكرة تتوارث، وكذلك أطلال القرى، ونحن حراس الذاكرة، وحراس الوجدان، ومبدئيو الثقافة، وسنذكر الأمة العربية من أقصى الوطن إلى أدناه بأن مئات القرى قد محيت، وأن عشرات المذابح قد ارتكبت، وأن العدو الصهيوني عنصري، ومشروعه يستهدف الأمة العربية، سواء في الجغرافيا أو في مواقع أخرى، وإذا تفاوض العرب على الجغرافيا، فإننا لا نسمح على الإطلاق، ولن يتفاوض حاكم عربي على التاريخ، فالتاريخ لا يتفاوض عليه، والتاريخ هو الكرامة، وهو كل هذا الامتداد العربي منذ عشرة آلاف سنة قبل الميلاد في (أريحا) إلى يوم الناس هذا، هوية عربية لن تنتزع منها إسرائيل، لا بقوة القهر، ولا بقوة الادعاء والأسطورة، تاريخها وكرامتها ومستقبلها، فالمستقبل لنا يا أستاذ على.

علي سالم:

يعني أنا أعتقد أن كل ده كان خيال المفاوض السوري وهو بيتفاوض، بالتأكيد، بالتأكيد الحكومة السورية لا تقل فهم لتاريخ المنطقة عننا.. واحد اثنين.. ابتدءًا كده إن شاء الله في احتفالات السلام بعد توقيع الاتفاق أنا أطالب الأستاذ علي أن هو يوجه لي دعوة عشان احضر الاحتفالات دي، بوصفه رئيس اتحاد الكتاب..

د. علي عُقله:

لن يكون ذلك، فاتحاد الكتاب خارج هذه المعطيات.

علي سالم:

أقول لحضرتك لو ظللت رئيسًا لاتحاد الكتاب إبعت لي دعوة بس..

فيصل القاسم (مقاطعًا):

ماذا تقصد إذا ستظل رئيس اتحاد الكتاب؟

علي سالم:

والله أقصد حاجة، خلينا واضحين كده يعني ما.. أصل معني الكلام ده، أنا.. يعني هو كلام بتاع زمان.. أنا ماليش دعوة بالحكومات، أنا مثقف، أنا مش ملتزم باللي بتعمله الحكومات، مش ملتزم، هل ستظل؟ هل حتخطب؟ وتقول الكلام ده؟ أي حتفسد، هل ستتولى إثارة معركة الكراهية مرة أخرى؟ هل حتحط بنزين على النار؟ أم حتحتفظ بآرائك لنفسك، وتصنع أو تفعل مثل الفارس القديم، خسرت معركتي، لأصمت وابتعد، ما هو الموقف حاجة من اتنين..

فيصل القاسم:

هل تعتقد أن مناهضي التطبيع قد خسروا المعركة؟ هذا هو السؤال يعني..

علي سالم:

أصلو يعني حكاية التطبيع نفسها نحن عملناها غول وعفريت، فالمتفاوضين وصلوا إلى صيغة أخرى، علاقات سلام طبيعية.

فيصل القاسم:

وهي يعني صيغة أخرى للتطبيع..

علي سالم:

وجيدة.. وجيدة.. هي المسألة إيه يا أستاذ فيصل؟ نحن نتعامل في مرحلة علينا أن نفهم عناصرها، المرحلة دي مرحلة ما بعد سقوط حائط برلين، هذه المرحلة لم يعد على الأرض صراع بين كتلتين، نروح لده شوية، ونروح لده شوية، ما عادش الناس.. لازم تشتغل عشان تاكل، الناس لازم تأخد حقوقها في ظل ثقافة حرب، هذا لن يحدث، وبالتالي التاريخ…و و لآخره.

المطلوب، وبعدين أنا مش عايز أدي لانعدام الهمة طلاء جميل، فيه صراع حضاري بدأ، وبادئ من زمان، هذا هو بداية الاعتراف بالصراع الحضاري، ما تبقاش دولة قد كده تنتج قد كل الدول العربية!! لا، إحن دخلنا في الصراع الحضاري، نحن مش أقل منهم، ومش أقل منهم في توطيد علاقتنا أيضًا بالغرب، مش أقل منهم في حاجة! ولا أحد يطلب من أحد الاستسلام عشان حضرتك قلت: سلَّم من سلَّم، لا ما حدش سلَّم، ماحدش سلَّم، ده مش استسلام ولا تسليم، ده شغل عادي، دي ممارسة لسيادة حكومة على أرضها، وعلى شعبها، وهذه الممارسة بتستشرف وبتقتنع بمصلحة شعبها، فين؟ آجي أنا كمثقف لأسباب ثقافية بحتة، لا أنكرها على أحد، من حق أي مخلوق، ما احبش ده، ما احبش أقعد اتكلم مع ده، الراجل ده خد أرضي، دمر قرى، عمل كذا.. محدش يضرب حد على إيده، التطبيع ده أو العلاقات الطبيعية، بطبيعتها طبيعية، محدش يقول لحد إعمل وما تعملش.. شخص يكره اليهود، وشخص متألم مما حدث، شخص عنده مرارات، شخص عنده أفكار، من حقه، هذا من حقه، لا أنا ولا الدكتور على عقله عرسان مطلوب مننا حاجة في الجيل اللي جاي، نحن خلصنا، اللي جاي حيعمله شبان صغيرين، حيعمله شبان صغيرين .. في سوريا، في الأردن، في مصر، في فلسطين، في إسرائيل، الشبان الصغيرين أقل مرارة مننا، إنما أنا بأقول إيه في أنظمة عربية حتقول لي لا، لا.. اللي تعمله الحكومة حاجة، أنا ليس ماليش دعوة عشان كذا وكذا وكذا.. طب هي الحكومة لما عملت ده ما كانش في خيالها كذا وكذا؟ هي القضية قضية مصلحة البشر، كيف تتحقق مصلحة البشر في هذا الجزء من العالم؟ وإلا حنسيبه للمتطرفين..

د. علي عُقله:

أولاً: أريد أن أؤكد للأستاذ علي سالم أن ما ذهب إليه من إشارات في كلامه ليس مستحبًّا، فنحن لا نفسد، ولا نثير الكراهية والنعرات، ونصبُّ البنزين على النار، ونقوم بدور الفارس القديم المغلوب إذا ما أكدنا لشعبنا حقوقه وثوابته وحقائق الجغرافيا والتاريخ معا، ونحن عندما نؤكد على أن الثقافة الحقيقية التي تبنى ليست ثقافة استسلام، ويراد لها أن تسمى ثقافة سلام، ثقافة السلام يعني أن تقبل بالهزيمة.. يعني أن تقبل بذهاب فلسطين.. يعني أن تخضع لما فرضته القوة، ومنطق القوة، وهذا مرفوض شرعا، وقانونا على المستوى الدولي، وعلى المستوى الإنساني، وعلى المستوى الفكري، صراعنا ليس جزءًا من صراع الدول والكتل، صراعنا متعلق باحتلال أرض ليس هو جزء من الحرب الباردة، ولم نكن موظفين عند ذوي الحرب الباردة، نحن خضعنا لاحتلال، ولقوة طردت شعبنا من أرضه، هذا الصراع يستمر مادامت هذه القضية مثارة وموجودة، أربع ملايين فلسطيني ليسوا وهمًا، خارج أرضهم، أربع ملايين فلسطيني، هذا شعب استُبدل، أو حُل محله شعب أو فئات كانت لها أوطان، وكانت لها ومازالت لها ممتلكات وهويات وجنسيات، وطرد شعب من أرضه، هذا واجب على كل مثقف في العالم، أن يرفض هذه القضية، لا أتكلم بصفتي مثقف عربي أو منتمى أو متعصب لحق عربي، بصفتك المثقف في البشرية، ألا تناصر الضعيف والمظلوم والمقهور والمشرد من وطنه؟! ألا تقف ضد الاحتلال والعدوان والعنصرية؟! أليس كل ما مارسته إسرائيل حتى تصل إلى هذه النتيجة هو عدوان واحتلال وقهر وإعمال لقوة في منطق عنصري؟!

أنا أقول إن صراعنا ليس جزء من الحرب الباردة، وليس صراعًا تقرره الأمم لنا، هو يقرر عندما نحصل على حقوقنا، ثقافة الحرب يا أستاذ علي سالم التي يطيب لك أن تقول إننا ننادي بها هي ثقافة الحقيقة المتصلة بواقعنا.. بمشروعنا المستقبلي.. أرضنا المحتلة.. شعبنا المشرد والمشروع الصهيوني الذي يستهدفنا جميعًا، سواء في حالة الحرب أو في حالة السلم، بمعنى إما زحفًا على الجغرافيا أو هيمنة واقتصاد، ونقل في الثقافة، وتغييب لمنظومات القيم.

أعود لقضية أساسية في مجال التطبيع الذي ينشده العدو ويركز عليه، هو يريد شيء يتصل بنهج التربية، بالتعليم، وهذا ما قلته للأجيال القادمة..

فيصل القاسم[مقاطعا]: سنعود ونواصل بعد موجز الأنباء

[موجز الأنباء]

د. علي عقلة:

الأجيال الذي ذكرها الأستاذ علي سالم.. أنا أود أن أتوقف قليلاً عند نقطة أشار إليها الأستاذ علي سالم تتعلق بموضوع الشباب والمستقبل، لا يوجد في تاريخ الأمم قطيعة بين الأجيال، وإلا ما كانت تكونت هناك هوية ما تكونت هناك شخصية وعادات وتقاليد وميراث وميزات لأمم وشعوب، ولذلك نحن صحيح سوف نغادر، ولكن سيبقى مني ومنك ومن سوانا للأجيال القادمة ما تستطيع أن ترى فيه الدرب، وأن تبحث عن الحقيقة، وأن تتمسك بحقوقها وكرامتها و شخصيتها وهويتها بين الأمم، وإلا إذا قلنا إن هذا الجيل يشكل قطيعة عن الماضي فإنَّا نقول: إن هذه الأمة – بمعنى ما- تشكل قطيعة عن تاريخها وذاكرتها وماضيها وحقوقها، وهذا ما تسعى إليه الصهيونية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية الآن، في تربية أجيال المستقبل بما تسميه، حيث تأخذ خيرة الشباب في معسكرات، كان آخرها معسكر في ولاية (ميين) تحت اسم "بذور السلام" والمشرف على هذا البرنامج والمكون له.. اسمع القائمة يا أستاذ علي سالم في المعسكر الأخير (بريديت كاتس- آدم شابيرو- مركي براون كونت- شارون سبيلبرج) هؤلاء الذين يربون أطفالاً من فلسطين ومصر والأردن والمغرب وإسرائيل واليمن على قيادة الوطن العربي في المستقبل ليكونوا منذ اللحظة التي ينتسبون إليها إلى هذه المنظمة في رعاية الصهيونية لتكون جيل المستقبل.

علينا أن نقول لشبابنا الذين ليسوا في هذه المعسكرات إن لهم حرية ووطن وتاريخ وثقافة وعقيدة، وإنهم يريدون تغيير المناهج التربوية والتعليمية، لاسيما ما يتعلق بالتربية الدينية، والتربية القومية والوطنية، والتاريخ، والجغرافيا لكي تكون للكيان الصهيوني حقائق تاريخية تكتب على عقول شباب وأطفال صغار، هذا لن يكون، لأن هذا الوطن هو وطن العرب والمقدسات التي انتزعت، مقدسات مسيحية وإسلامية، ولن يتغير التاريخ بمجرد رغبة مجموعة من الذين يرون أن القطيعة يجب أن تحدث، وأن أجيالنا يجب أن يربيهم (باراك ونتانياهو وكلينتون).

فيصل القاسم:

علي سالم.. تفضل.

علي سالم:

I’M SORRY، أنا ما قلتش كل ده، أنا ما قلتش كل ده، لكن يعني أنا أريد أن أسأل الدكتور على..

فيصل القاسم:

لا، لا.. كلام.. كلام قوى جدًّا، علي سالم أريد أن ترد عليه، ولا يعني أنت تريد أن تهرب مباشرة تنتقل إلى موضوع آخر.

د. علي عُقله:

أنت قلت الأجيال، فنقلت موضوع الحضارة إلى موضوع آخر.

علي سالم:

أنا قلت، يعني.. هو قال.. يعني سيترك منه جزء للأجيال، وكما أترك للأجيال، نحن موافقين، بس مش حنكون موجودين أنا وهو، هم موجودين يعني.. أستاذ على هل ستشعر بالارتياح إذا فشلت المفاوضات السورية الإسرائيلية؟

د. علي عُقله:

أنا أريد أن أستعيد الجولان بكل الوسائل، وعندما آخذ الجولان، وفي ذروة فرحي سوف أعمل من أجل فلسطين، وأبكي على مستقبلها، وسأناضل من أجل ذلك، هذا ليس..

علي سالم:

بعد أن توقِّع على اتفاقيات..

د. علي عُقله:

أوقع، أنا لا أوقع، أنا مثقف، لا أوقع..

علي سالم:

أنت لا توقع لأنك غير مسئول مثلاً، أم إيه؟

د. علي عُقله:

أنا مسئول في مجال آخر.

علي سالم:

مجال آخر..

د. علي عُقله:

نعم.. أعمل من أجله، وهو المستقبل المفتوح.

علي سالم:

إذن ممكن تقول لي ماذا كانت أخطاء الحكومة السورية لما قررت أن تتفاوض من أجل السلام ماذا كانت أخطائها؟

د. علي عُقله:

أنت تحاول أن تجرني إلى موقف، وأنا..

علي سالم:

لا.. ده انا بجرك للحقيقة، ده انا عاوز ارغمك تبقى واقعي..

د. علي عُقله:

وأنا لن أهرب منه.. لن أهرب منه.

د. علي عُقله:

لن أهرب منه.. لن أهرب منه.

علي سالم:

أريد أن أرغمك.. ، لا تقل كلامًا سمعته في سنة 1965م.

د. علي عُقله:

لا هذا الكلام.. يا أستاذ على..

علي سالم:

هذا الكلام يا دكتور على، هذا الكلام أنت تعلم أن صلته بالحقيقة منعدمة، أنا يا أخي مش عاوز.. بالعكس إذا فيه موقف حقيقي للحفاظ على الهوية والحفاظ على الشعب العربي فهو موقفنا إحن، إحن مش عاوزين حد يضحك علينا بكلام كبير..

د. علي عُقله:

أنتم من؟ أنتم من؟

علي سالم:

إحن الليبراليين في هذه المنطقة دي.. آه.

د. علي عُقله:

الليبراليون بأي معنى؟! يعني المرتبطين بالغرب؟!

علي سالم:

الأحرار يا دكتور.

د. علي عُقله:

أو المرتبطين بإسرائيل؟

علي سالم:

لا، الأحرار يا دكتور.

د. علي عُقله:

لا.. الذين يزورون إسرائيل ويشكلون تحالف (كوبنهاجن).

علي سالم:

ونزور أي مكان على الأرض.

د. علي عُقله:

لا يا أخي.

علي سالم:

ونزور أي مكان على الأرض للتخلص من حياة ما عادتش تنفع لمواجهة العصر، فكلمني بوضوح كده.

د. علي عُقله:

نعم..

علي سالم:

هل أنت، يعني أنت، أنت عاوزني أصدق أن-حضرتك- عند التوصل لاتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل الكلام اللي-حضرتك- تقوله.. حتقوله هناك في دمشق؟

د. علي عُقله:

نعم، نعم.. سأقوله في دمشق.

علي سالم:

يعني عاوزني أصدق الكلام ده؟.

د. علي عُقله:

يا أستاذ علي سالم صدق هذا الكلام.

علي سالم:

إزاي؟ لا أنا عاوز افهم، أنت كمثقف مش ملتزم بالدفاع عن قضايا بلدك اللي بتتحملها قيادتك السياسية..

د. علي عُقله (مقاطعًا):

يا أستاذ علي سالم..

علي سالم (مقاطعًا):

لا أنا مش مصدق الكلام ده.

د. علي عُقله:

يا أستاذ على، أنا.. أنا..

علي سالم:

قل لي حاجة أصدقها.

د. علي عُقله:

يا أستاذ علي أنت مسئول عن التطبيع.

علي سالم:

يا دكتور علي، يا دكتور، اسمح لي بالاختلاف، اسمح لنا بالاختلاف.

د. علي عُقله:

تفضل.. تفضل..

علي سالم:

اسمح لنا بالاختلاف، لا انا حضمك لمعسكري، ولا حضرتك حتضمني لمعسكرك.

د. علي عُقله:

نعم، نعم.. أنا لن أمنعك.

علي سالم:

أنت رأيك. ما تزعلش عندما لما يبقى رأيي مختلف عن رأيك..

د. علي عُقله (ضاحكًا):

يا أخي أنا ما زعلت ولا شي.

علي سالم:

أنت رأيك كده، وأنا رأيي كده، حضرتك رأيك أن مشكلتك تتحل بالكلمات.. بالألفاظ، وأنا رأيي، أن مشكلتي تتحل بالشغل، أعمل إيه؟ ده رأيي أنا.

د. علي عُقله:

ماشي، يا أستاذ علي.

علي سالم:

رأيي أن مشكلتنا تتحل بالعمل، وبغيرة حقيقية من عدو سابق أصبح جار، وحارتبط معاه باتفاقيات حتوقع عليها قيادة سياسية، مسئولة قدام التاريخ وقدام ربنا عاللي بتعمله وأجرت ألف حساب للي بتعمله هو.. هو، آه.. OK.. اعتبرني من المثقفين، بس احن عندنا وهم غريب قوي، أن نحن عارفين كل حاجة، وفاهمين كل حاجة، ومقدرين كل حاجة، في حسابات لدولة، في إيرادات لدولة، في إنفاق لدولة، في تعليم لشعب كامل، في متاعب، كل ده قدام رجل السياسة، قدام رجل الدولة، مش عشان كلام كبير.. أيوه، حصل ده كله، كيف حنتصرف إزاي، كيف؟ في ناس أحرار في هذا المجتمع علينا أن نحط إيدنا في إيدهم، ما قلت لكش الكلام ده في وجود نتانياهو، ما قلت لكش الكلام ده..

فيصل القاسم:

طيب. طيب.. دكتور، دكتور.. سأعطيك المجال يعني أنا أريد.. لكن يعني لماذا لا تنظر إلى الخطاب السياسي الدارج الآن في الساحة العربية، سمعنا السوريين يتحدثون الآن عن أن هذا الصراع قد يتحول من صراع أرض إلى صراع ثقافي وحضاري، وسمعت هذه الكلمات بنفسك..

علي سالم:

دكتور علي هو الذي قال نفس الكلام.

فيصل القاسم:

هناك حديث عن تحول الصراع إلى صراع حضاري، وبالتالي أصبح التطبيع تحصيل حاصل.

د. علي عُقله:

أولاً: أنا يعني أريد أن أقول للأستاذ علي سالم بوضوح أن بضاعته أيضًا الكلام، وأن الفعل يبدأ على أرضية الكلام بوضوح، ونحن لا نقدم في الساحة كلامًا فقط، وإنما نبني ونعمل، وبناؤنا وعملنا على الأرض، بين شعبنا ومن أجل مصلحته في المستقبل كما نرى مصلحة شعبنا، فيما يتعلق بموضوع حسابات السياسة، أنا لا أقول إن السياسي ليس مسئولاً عن حسابات دقيقة أمام التاريخ، وأمام الشعب، ولكن أقول في ظل اختلال موازين القوى، وسيطرة قطب وحيد الطرف، وليس هذا عدلاً، ولا عملاً باقيًا في العالم، لا يمكن للمثقف أن يقبل بكل ما يمكن أن ترغم عليه السياسة بأشكال مختلفة، وبالتالي عليه أن يستمر وجدانًا مستمر للسياسيّ الذي وازن بين قضاياه، و..

علي سالم (مقاطعًا):

لا انا ما عارضتكش

د. علي عُقله:

يا أستاذ على أنا لم أقاطعك..

علي سالم:

هذا.. هذا موقفك.

د. علي عُقله:

أنا لم أقاطعك يا أستاذ.

علي سالم:

أنت نفسك عبرت عنه.. وهذا موقفي.

د. علي عُقله:

يا أستاذ.. يا أستاذ.

علي سالم:

أنا لا أرى أن هذا عمل..

د. علي عُقله:

يا أستاذ..

علي سالم:

لست أراه عملاً.

د. علي عُقله:

أنا لم أقاطعك..

علي سالم:

فحضرتك ترى أنني بتاع كلام.. وأنا لست أرى ذلك.

فيصل القاسم:

دقيقة، تفضل، تفضل.

علي سالم:

لا هذا لا ينفع.

د. علي عُقله:

أنا لم أعارض..

علي سالم:

نحن بتنتكلم مع بعض.

د. علي عُقله:

أنا لم أعارضك، ولم أقاطعك.

علي سالم:

نحن قاعدين قعدة نتكلم مع بعض، مش بنخطب في بعض، ده لما يكون في جماهير كتير، حضرتك حتقف لوحدك وتخطب عليهم..

د. علي عُقله:

يا أستاذ، أنا لم أقاطعك..

د. علي عُقله:

يا أستاذ، أنا أقول لك رأيي، ولك أن ترى رأيك، أنا لم أصادر رأيك، ولا كلامك، ولا موقفك، ولكنني اعترضت عليه، وبمعنى أنني رفضته.

علي سالم:

جميل.. جميل..

د. علي عُقله:

من جهتي أنا أقول إن الصراع مع العدو الصهيوني، وأكرر العدو الصهيوني، الذي يبقى عدوًا مادام يحتل أرضي، وليس هذه خطابة، هذه ثمنها شهداء، هذا العدو صراعي معه صراع وجود، بكل الأساليب الممكنة، من السلاح إلى التفوق الحضاري، وأنا لا أقول إن الصراع المستقبلي مع الكيان الصهيوني هو صراع حضاري، لأن ما هو الوجه الحضاري لإسرائيل الذي قدمته؟! هل هو المذابح؟! هل هو (باروخ جولد شتاين)؟! هل هو (بيجين) والمذابح التي ارتكبها؟!

علي سالم:

يعني مش صراع حضاري؟

د. علي عُقله:

نعم؟.

علي سالم:

يعني مش صراع حضاري؟

د. علي عُقله:

لا يا سيدي، في بُعد.. بُعد.

علي سالم:

بُعد؟!

د. علي عُقله:

هناك بُعد تقني، تقدمي، أما الحضاري بمعنى ارتباط الحضارة بالمدنية والأخلاق.

علي سالم:

طب.. طب نشرح للناس بس إيه البُعد الموجود عندهم عشان نتصارع فيه.

د. علي عُقله:

البُعد الموجود في الكيان الصهيوني الآن هو الذي طلبه أو توَّج به (باراك).. طلبه في مفاوضات (شبرد ستاون) صواريخ (توماهوك).. و (كروز) بمسافة 1200 ميل، طائرات (أباتشي) طائرات (F. 16) متقدمة خمسون الآن، وستين إلى عام 2003م، مساعدات في كل المجالات الأمنية والعسكرية، هذا مع الاستعداد النووي، والجيش الذي تبدل صيغته من جيش عددي إلى جيش نوعي بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.

علي سالم:

يعني ما فيش صراع حضاري.

د. علي عُقله:

يا أخي الكريم هذا صراع عسكري، وهيمنة، وصراع وجود، هؤلاء يريدون السيطرة عليك من خلال استعمار عقلك، ومن خلال فرض ما يسمونه السلام، وهو استسلام بصيغته، لأن هذه الأمة لا تقبل أن تنهزم، وتترك فلسطين التي من أجلها ذهبت سيناء، واحتلت القناة، ومن أجلها احتلت الجولان، ومن أجلها يقصف اللبنانيين يوميًّا، ومن أجلها ذهبت القدس، القضية فلسطين وشعب فلسطين، وحق قومي، وليست قضيتك أنت في أن ترى ما ترى، وتترك إرادة شعبك، هل يقبلك عمدة القرية التي أنت منها فيما تقول؟! هل تقبل أن تكون..

علي سالم (مقاطعًا):

مش العمدة.. هي حكومتك وحكومتي..

فيصل القاسم:

يا جماعة.. دقيقة، دقيقة.. أستاذ علي سالم، سأعطيك المجال سنعود بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

علي سالم:

هو سألني عمدة بلدنا موافق، قلت له: لا هي حكومته وحكومتي موافقين، باختصار شديد جدًّا التفاوض أو الحرب؟ بالآراء التي تؤدي إلى الحرب دي حاجة، قررت المنطقة لا، لحين التفاوض، وكان خبر جميل للعالم كله، عندما تم استئناف التفاوض السوري الإسرائيلي، سيظل في ناس ضد ده، مش عيب، مش عيب أن الدكتور علي يبقى ضد كل اللي بيحصل ده.. ومش كده وفقط، يرى نفسه مسئولاً، والحكومة الفلسطينية مش مسئولة، حنعمل إيه؟ هو يرى نفسه مسئولاً، هو ومجموعة مثقفين مؤمنين بكده، ماشي طب والحكومة الفلسطينية.. ؟ ما انا عندي حكومة فلسطينية، وحكومة سورية وحكومة مصرية وحكومة قطرية، دول كلهم بيحكمو.. مسئولون أمام شعوبهم، أنا ما اقدرش أقول لا، هذا البعد القومي في هذه الحكاية.. أنا مش موافق عالكلام ده .. خلاص ما توافقش الكلام ده، ما فيش لأي مشكلة، بس.. إيه بقى؟.. ما تبقاش معركته معانا احن، إحن اللي موافقين على الكلام ده، هو معركته مع العدو الصهيوني، يخوضها، يخوض معركته على مستوى المقالات.. وكده يعني، وإنما المعركة الحقيقية اللي بتخوضها الناس، وبخوضها الشعب السوري، هي استرداد الأرض المحتلة، هي فتح آفاق التعاون من أجل زيادة التنمية، قضية الحرية السياسية والاقتصادية، دي القضية اللي بتنتظر الحكومة، والمثقف السوري بشكل عام.

فيصل القاسم:

طيب، تحدثت عن إرادة الجماهير قبل قليل، ماذا كنت تقصد بإرادة الجماهير وإرادة الشعوب..؟

د. علي عُقله:

سآتي على هذا بعد الإشارة إلى موضوع الحكومة الفلسطينية، والتفاوض أم الحرب؟ أنا أقول بوضوح إن اختلال موازيين القوى وضع الحاكم العربي أمام خيار، إما الحرب التي لا يستطيع أن يضمن نتائجها كما يحب أو المفاوضة وهي ستؤدي إلى نوع من الاعتراف، هذا الأمر الذي بني على خلل في موازين القوى، لا يمكن أن يكون أبديًّا، ويلغي إرادة الشعوب، ومن ثم على المثقف أن يكون حارسًا للوعي المعرفي لإرادة الشعوب، وأن يعمل على أن يكون المستقبل..

علي سالم:

ما انت عاوز تضمني

د. علي عُقله:

أنا لم أقاطعك..

علي سالم:

ماهو انت عاوز تضمني تاني، نحن مختلفين..

د. علي عُقله:

أنا لم أقاطعك..

علي سالم:

أنت تقصدني، أنت تقول المثقف الذي هو أنا..

د. علي عُقله:

يا أستاذ علي، أنت لا تشكل المثقفين في الوطن العربي، أنا يحق لي أن أقول كأمين عام لاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب أن لديَّ اتحادات كتّاب في الوطن العربي جميعها ترفض التطبيع مع إسرائيل، وتعمل على أن الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجود، فمن أنت حيال هؤلاء وحيال ما أمثل أنا؟! لا تقاطعني خليني أكمل..

علي سالم:

هو لسه حيكمل يا أستاذ فيصل..

د. علي عُقله:

نعم سأكمل في موضوع قضية الحكومة الفلسطينية غير المسئولة.. نحن بدأنا في سلسلة الانهيار منذ أن قلنا بمسئولية الفلسطينيين أوبعض الفلسطينيين فقط عن حل قضية قومية هي قضية فلسطين، وتنازلنا عن البعد القومي للقضية الذي خضناه منذ بداية القرن، وقلنا بحق تمثيل محصور في سلطة يعترض عليها أربعة ملايين فلسطيني خارج فلسطين، فعن أي سلطة فلسطينية تتكلم؟ وعن أي شرعية إذا كان الشعب العربي الفلسطيني سيبقى خارج أرضه؟ وإذا كانت فلسطين تساوي 5% من فلسطين، وسلطة حكم ذاتي أو سلطة وطنية فلسطينية لا تتمتع حتى الآن بأبعاد سيادة أو قرار مستقل، و.. كل ما تقوم به تحت الرعاية الأمنية للكيان الصهيوني.. يا أستاذ علي القضية تتصل بوعينا للمشكلة حاضرًا ومستقبلاً، وبوعينا أيضًا إلى أننا.. لأننا لسنا أبناء أقطار مجزئة.. هي صيغة اعتراضيه على القومية، وهي التي أضعفتنا، عندما خرجت مصر من صف المواجهة باتفاق (كامب ديفيد) بدأت انهيارات، وعندما تمت (أوسلو) بدأت انهيارات أخرى، وهذا الأمر يجب أن يقف المثقف العربي أيا كان ضده، لأنه فيه الضعف، وفيه نهاية للمثقف وللشعب وللمصالح، الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية لا يسعون وراء سلام بالمعنى الحقيقي للسلام لأنهم يسعون وراء بقاء هذه الأمة كتل متنازعة، لكي يسيطروا عليها جميعًا، وهناك احتلال مباشر للوطن العربي، واحتلال غير مباشر أيضًا في الطريق.

فيصل القاسم:

طيب، سأعطيك المجال علي سالم، عبد الإله المالكي من السعودية، تفضل يا سيدي.

عبد الإله المالكي:

حقيقة يا دكتور يعني أنا لي مداخلة بسيطة.. يعني أرى أن العالم الإسلامي والعربي الآن مهدد باستعمار خطير، يعني غير الذي عهدناه في القرن الماضي، في ظل ما يسمى بالعولمة والإنترنت ومنظمة التجارة العالمية، والأهم ما يسمى بالسلام مع الصهاينة، أو سلام الجبناء.. يعني الحقيقة أن إسرائيل لم تسع للسلام حبًّا في العرب ولا السلام الذي نفهمه، وإنما لعجزها عن تحقيق الهيمنة التي تريدها وحلفاؤها، والشواهد على ذلك كثيرة، وبتحقق حتى الآن ما لم نحققه في هذا المجال.

وقد تحدثت يعني كثيرًا-أنت يا دكتور- عن ذلك في حلقات ماضية من (الاتجاه المعاكس) فالواجب على الشرفاء يعني من المثقفين والإعلاميين ورجال الدين وكل من يعنيه أمر هذه الأمة أن تتخذ اتجاه واضح وصريح، في وجه ما يسمى التطبيع مع إسرائيل، وأن عدو الأمس لن ولن يصير صديق اليوم، بل هو عدو اليوم والغد، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والحقيقة لي سؤال للكاتب علي سالم ماذا جنت مصر والأردن من التطبيع مع إسرائيل حتى الآن؟

فيصل القاسم:

طيب، سأعطيك المجال كي ترد على هذا.. يعني أعني تحدثت كثيرًا في البداية يا سيد علي سالم عن.. يعني إنه يجب أن نترك الأمر للأجيال، طيب نحن لماذا لا ننظر إلى الحاضر، وإلى تجارب.. لننظر إلى بعض التجارب، هل نجح الإسرائيليون في فرض التطبيع على مصر أو على الأردن؟! لماذا تحول المطبعون في الكثير من البلدان العربية إلى ثُلة من المنبوذين؟! هل تستطيع أن تنفي أن المطبعين هم ثُلة من المنبوذين شعبيًّا ونقابيًّا ومهنيًّا؟!

علي سالم:

لا.. لا.. لا…

فيصل القاسم:

كيف.. كيف.. كيف؟

د. علي عُقله:

هذا حقيقي تمامًا.

علي سالم:

غير حقيقي تمامًا، بس هو مطمئن شوية بس هو مش حقيقي، الشارع مالوش دعوة باللي بتقولوه ده كله، هو بقول ماذا جنت مصر؟

فيصل القاسم:

الشارع ليس له علاقة بهذا كله؟

علي سالم:

الشارع، نعم.

د. علي عُقله:

أعوذ بالله.. هذا كلام غير صحيح إطلاقًا.

علي سالم:

عندك في الأساس السياحة الإسرائيلية المصرية شغالة.. في علاقات طبيعية بين 263 مؤسسة مصرية ومؤسسة إسرائيلية، يعني بلاش والنبي نتكلم في أشياء قديمة قوي، ونحاول نستفيد من الوقت هو حكاية إن السياسيّ مرغم، بس احنا مش مرغمين، في نظرة دائمًا يقول لك، هو أرغم على التوقيع على البند الفلاني.. مدخل خطير جدًّا في السياسة، ماحدش بيُرْغم على حاجة، اللي حيمضي على حاجة حينفذها، ماحدش بيرغم على حاجة، ده مش كلام حكومات، ومش كلام ناس مسئولين، ماحدش بيرغم على حاجة، حكاية أن الفلسطينيين ليسوا هم الممثل في الشعب الفلسطيني، لا، الأمة العربية اجتمعت كثير قوي في كذا اجتماع، وقررت أن المنظمة هي المتحدث الرسمي والوحيد، أنا.. نحن عاوزين إيه.. عاوزين نلتزم بأشياء عشان مايبقاش إحن بعيد عن الواقع، لا، دي الحكومة الفلسطينية، الأمة العربية في قراراتها قالت المنظمة دي هي المتحدث الرسمي والوحيد، وعشان كده فشلت مباحثات (مدريد) لأن ما كانوش هم، والعرب ساهموا في إن ده مايحصلش ، وساهموا في فرضها عليهم.. . فيعني إيه؟ نسيب الناس، نديها حقها، دي حكومة فلسطينية، دي حكومة سورية، دي حكومة مصرية، وهكذا..

د. علي عُقله:

هل فشلت مفاوضات (مدريد) أم أنه بني عليها (أوسلو) وبدأت من القرار الوطني الفلسطيني المستقل.

فيصل القاسم:

دقيقة، لكي لا يتحول موضوعنا إلى.. نأخذ الأستاذ أسامة أنور عكاشة الكاتب المعروف من القاهرة.. تفضل يا سيدي.

أسامة أنور عكاشة:

مساء الخير.

فيصل القاسم:

يا أهلاً..

أسامة أنور عكاشة:

أريد في الواقع أن أحيي الدكتور على عقله عرسان، وعايز أتوجه له بالحديث حقيقةً، وأقول له على من تتلو مزاميرك يا داود؟ الكلام المنطقي يا دكتور علي في الخطاب أو في خطاب السادة مدَّعيّ محبة السلام يُرد عليه بخطاب (ديماجوجي) كامل، يقلب الحقائق، ويقفز من فوق أي منطق، يقول لك المسائل مصلحة شخصية وفردية، إنت ليك مصلحة شخصية تعادي اليهود عاديهم، إنما في راجل تاني له مصلحة شخصية في أن يتعامل مع اليهود، المسائل بقت شخصية وفردية وكل واحد يعمل اللي هو عايزه، وبعدين يقول لك المسألة عايزة شغل، إحنا مش عايزين كلام، إحنا بتوع شغل، أي شغل؟ إيه الشغل اللي عملوه السادة رواد التطبيع في بلادهم؟! بيقول لك دلوقت حالاً، لا، لا ده الشارع المصري حاجة تانية خالص، بيستغل أن حضرتك قاعد في سوريا، وما بتجيش مصر، إحنا بقى في مصر، وشايفين الشارع المصري حلو قوي يا أستاذ على عقله عرسان، وأقول لك لغاية دلوقت الفشل الذريع اللي واجهته محاولات التطبيع في مصر، يشهد بفشل منطق السادة بتوع مؤتمر الـ (ماريوت) الذي شكا من البرد في عز صيف القاهرة، وكان قصاده مؤتمر آخر في (شبرد) يقدر الأستاذ علي يكلمك عنه، الحقيقة محاولة تزييف إرادات الشعوب محاولة حمل بنادق الحكومات، وهو بكلمك دلوقت يقول لك: حكومتي وحكومتك، بقى دلوقت أحد مفردات خطابهم أنه هو إيه يحاول يدس بينك وبين حكومتك، عشان تقول كلمة ضد النظام السوري، أنت أنت بتعارض النظام السوري؟! حادبحك، ده منطق الـ(ديماجوجي) الذي يتحدث به الأساتذة المطبعين، هم يقولون لك إيه.. غيروا الكلمة في المباحثات دلوقت بدل تطبيع ديه بقت علاقات طبيعية، يا سلام!! لقد أتى بما لم تأتي به الأوائل، يا أستاذ على عقله عرسان، النقاش له أصول، والنقاش القائم على الحجة، والحجة لا يصلح معهم، لأنه ببساطة يقول لك يا رجل ده كلام قديم، ده كلام منذ 1965م، الكلام.. كلنا قدام، كلنا في نظر الأستاذ علي سالم ننتمي إلى ماضي مندثر.. ماضي متخلف، يقول لك: خليك ليبرالي، الليبرالية مقترنة في نظرهم بالتطبيع، الليبرالية هي حرية الفكر، وحرية الفكر الحقيقية أن تحترم تراث بلدك، الصدام الحضاري الذي بيتكلم عنه الأستاذ علي ليس صدام بين مجموعة متقدمة بعثها المجتمع الغربي إلى الشرق الأوسط، الصراع الحضاري، ونلجأ هنا إلى نظرية المجال الحيوي أن هناك قوى تريد أن تعبر عن نفسها وأن تنتشر، القوة التي زرعت في المنطقة تحت دعاوى توراتية، أسطورية، لا علاقة لها بواقع أو بتاريخ تريد أن تسيطر على مقدرات المنطقة، وإلا لن تعيش السيطرة الحقيقية.. هو ده تحدي المستقبل يا أستاذ علي، ليس مسألة احتلال أرض فقط، وليس مسألة قضية فلسطين فقط، سواء كانت السلطة أو الفلسطينيين اللي في الشتات أو في غيره، المسألة أخطر من كده، المسألة مسألة المستقبل العربي كله، إذا كنا عايزين نتكلم عن المستقبل، الأجيال اللي عايز الأستاذ علي سالم أن يطلعها فاقدة الذاكرة، مالهاش دعوة بتاريخ بلدها، زي هو ما نسي (بحر البقر) عايز أولادنا ينسوا إن كان فيه في يوم من الأيام حركة عربية بترفض الاستسلام، السلام.. لا أحد يكره السلام، وكل إنسان ضد السلام إنسان غير طبيعي، ولكن أي سلام؟! بأي ثمن؟! ليه ما راحش (حافظ الأسد) ومضى في (كامب ديفيد) من عشرين سنة؟! لو كنا حنتكلم عالحكومات بقى، ومش عايزين نأسفن لبعض، ونقول فين الناس أيام (كامب ديفيد)؟! فين الأصوات دي أيام (كامب ديفيد)؟! ما كانوش عارفين لسه إن المسائل حتمشي، للأسف هم مجموعة.. من اللي تصوروا إنهم حيجنو ثمار السلام قبل غيرهم، المن والسلوى.. اللي بيعدوا بيه العرب، لما يحصل إن شاء الله السلام وحنبقى سمن على عسل، واليهود حبايبنا، وأولاد عمنا، وحيجيبو لنا، وحنودي لهم .. المصالح الحالية يا سيدي، هي مصالح مجموعة من التجار، اللي بيتكلم عنهم وبيقول فيهم رجال أعمال هم تجار.. الـ200 ومش عارف كم شركة اللي بيعدهم فيهم تجار أدوات صحية، ولوازم عمارات، دول اللي مصلحتهم مباشرة أنهم يتاجروا مع اليهود، إنما الجسم المصري بأكمله له رأي آخر، أنا لا أدَّعي أنني أمثل الجسم المصري كله، ولكني أدَّعي وأزعم أن الأستاذ علي سالم والقلة اللي معه أصحاب (كوبنهاجن) وأصحاب حركة السلام لا يمثلون في مصر غير أسمائهم فقط، وشكرًا.

فيصل القاسم:

شكرًا جزيلاً، علي سالم، هل أرى دموع في عينك أو هذا من الضوء؟! أعتقد أعتقد من الضوء..

علي سالم (ضاحكًا):

لا معليش، المسألة يعني بقولك (زغردي يالِّي منتش غرمانة).. إحنا مختلفين.. حن مختلفين، هو يقولك ده عايز يُفقد الشعب الذاكرة..! هي المسألة باختصار، مين اللي عايز يشتغل فينا، هم أو نحن؟ إذا تكلمت على صراع حضاري، إذا تكلمت أنك تقف OK، ده عايز يسيطر عليك، آه، أنت حتعمل إيه عشان تمنعه من السيطرة عليك؟ حتكتفي بالكلام الكبير الفخم؟ تكتفي بإنك تشتمني..؟ يعني هي دي المسألة.

فيصل القاسم:

لكن هذا ليس كلامه.. ليس كلامه.

علي سالم:

وماذا بعد..؟ يا جماعة، القضية باختصار.. يقولك إيه بعض تجار أدوات صحية.. هي.. هي.. النظرة القديمة للتاجر أو رجل الأعمال، دي النظرة القديمة، آه أدوات صحية، في أدوات صحية، ده ده هو التطبيع الشعبي، مش البترول، ومش الغاز، أدوات صحية، بيقول لك دي من إسرائيل، دي بكذا، ودي بكذا.. هي مش حيحسم الصدمة الحضارية المطلوبة إلا بتعاون حقيقي، في تنافس حقيقي، دي وجهة نظرنا، ندخل تعاون حقيقي، في تنافس حقيقي، في مدرسة بتقول: لا، نحن نكرههم، هم عاوزين يسيطروا علينا، OK لو أنت ضعيف.. حيسيطر عليك، كيف تقوى؟ هذه هي القضية، كيف تقوى؟ مش صواريخ لأننا أخذنا خلاص خط التفاوض، واخد بال حضرتك؟.. يعني كيف تصبح قويًّا؟ كيف تكون قويًّا؟ بأن تعرف من هم؟ جغرافيتهم، تركيبتهم الداخلية سياسيًّا وسكانيًّا، أم تسكت وتشتم الناس..؟

فيصل القاسم:

يا دكتور علي عقله عرسان أنا أريد أن أسأل، أنا أريد.. أنت ذكرت.. ذكرت أكثر من مرة على إرادة الشعوب ودور المثقف وإلى ما هنالك.. في العالم العربي، أنا أريد أن أسأل سؤالاً بسيطًا، متى كان هناك إرادة للشعوب في العالم العربي؟! متى كان هناك إرادة للمثقفين في العالم العربي؟! الشعوب أو الشعب العربي عبارة عن قطيع تسوقه ثلة من.. يعني أنت تعرف، يعني من المحيط إلى الخليج، لا دور للشعوب هي عبارة عن صفرٍ على الشمال، تدار وتساق كالقطيع، وما هو دور المثقف الذي تتحدث عنه؟! أين هو دور المثقف في العالم العربي؟! المثقف لا يستطيع أن يفعل شيئًا، هو مخصي تمامًا، ثقافيًّا، وفكريًّا، وسياسيًّا، أمام هذه السلطات، وتأتي وتتحدث عن إرادة شعوب وأدوار مثقفين وإلى ما هنالك؟ مبالغة كبيرة!!

د. علي عُقله:

أولاً: أسمح لي أن أتوجه بتحية للأستاذ أسامة أنور عكاشة على ما تفضل به، وهو الصدق والحق ووجدان الشارع في مصر، وأحيي كل الجماعة التي تعمل في هذا الاتجاه، وتصمد منذ عام 1979م حتى الآن وستتابع الطريق، لأنها تعرف من هي مصر، وماذا تريد مصر، ومن هي مصر بالنسبة للأمة العربية، وما هو دورها الرائد وماذا قدمت من تضحيات.. يا دكتور فيصل تمر بالشعوب وتمر بالثقافة مراحل قد لا تكون فيها رائدة ومجلّية، ولكن من الذي قال إن الشعوب لا دور لها؟! من الذي حرر أوطاننا من الاستعمار؟! من الذي قاوم، هل هي حكومات؟! وكانت الحكومة هي حكومة فرنسا مثلاً في سوريا، أو حكومة إنجلترا في مصر!! من الذي قدم التضحيات؟! هل هو في ذلك الفترة المقاوم أم الجندي حيث لم يكن جيش؟! وما الذي حرَّك هؤلاء؟! أليست كلمة وثقافة ومواقف وتاريخ، ووطنية ومشاعر ومنظومات قيم وعقيدة، هذا الكلام لا يصدق على شعبنا الآن.

فيصل القاسم:

لكن أين هو دور الشعوب الآن؟! أين هو دور الشعوب الآن؟! الشعوب.. كل عمليات السلام وكل المعاهدات التي وقعت لا دور للشعوب لا من بعيد، ولا من قريب، في الوقت الذي نرى مثلاً أن إسرائيل تستفتي شعوبها، وتريد أن تأخذ رأيهم إلى ما هنالك.. الشعب العربي مغيب تمامًا، لا دور له لا في هذه المعاهدات، ولا في أي شيء آخر، لا نتحدث عنه إلا في حالات معينة، ونرمي هذا الشعب جانبًا لسنوات عديدة، وفجأة نتحدث عن إرادة شعوب.. أي شعوب.

د. علي عُقله:

أقرك على جزء من كلامك، ولا أقرك على جزءٍ كبيرٍ منه، الذين يقاومون التطبيع الآن على الصعيد الشعبي والثقافي، ألا يمثلون وجدان الشعب حيال حكومات لم تأخذ رأيهم في مجال توقيع اتفاقيات؟! أليس في مصر هذا القطاع موجودا؟! أليس في الأردن موجودا؟! أليس في فلسطين موجودًا؟! أليس هذا القطاع موجود في كل أنحاء الوطن العربي الذي يتعاطف مع هذا التيار؟! تقديم الصورة على هذا النحو لا يشكل تشخيصًا حقيقيًّا وواقعيًّا ودقيقًا للأوضاع العربية.. صحيح هناك إلغاء أو تغييب في حالات معينة ومواقف معينة لإرادة الشعب، ولكن هذا لا يعني أن الشعب غير موجود، وأن هذه الإرادة لابد أن تستيقظ، ولكن من ينير الشمعة؟! من الذي يصدع بالقول؟! إنه المثقف هو المسئول، إلا إذا كان دخل سوق الكلام، وأصبح تاجرًا، وباع رأيه وموقفه في سوق النخاسة..

علي سالم (ضاحكًا):

واسمه علي سالم.

د. علي عُقله:

لا لا، علي سالم أنا أريد أن أذكره بشيء عزيز عليَّ.. علي سالم اللي كان يغني على الممر في سيناء هل هو علي سالم الذي هو أمامي الآن، علي سالم الذي فقد شهداء، هل هو علي سالم الآن؟

علي سالم:

شوف، علي سالم كتب أغنية..

د. علي عُقله:

نعم. نعم..

علي سالم:

أغنية على الممر في الحرب لدفع الناس للصمود بعد الهزيمة، والآن يكتب ألف أغنية على ألف ممر لكي تحصل الناس على حقوقها، بعيدًا عن الكلمات الكبيرة.

د. علي عُقله:

إذا اكتب لفلسطين ليحصل الشعب الفلسطيني على حقه.

علي سالم:

معليش، أشتغل معاه، لكن ما اكتبلوش، أنا أكتب.. أنا باكتب فكاهة معليش..

د. على عُقله (مقاطعًا):

إذن أنت تكتب دعاية لإسرائيل.

علي سالم:

لا مش محتاج.

د. علي عُقله:

الكتاب الذي ظهر.

علي سالم:

لا مش محتاج.

د. علي عُقله:

الكتاب الذي ظهر.

علي سالم:

دعاية مني، مش محتاج.. لا مش محتاج يا سيدي.

د. علي عُقله:

لا، محتاج إلى دعاية في الوطن العربي، وفي الداخل نصر للقيم والثقافة.

علي سالم:

(وحياة أمي) ما في جماهير قدامنا، ما نتكلم عادي..

د. علي عُقله:

أتكلم عادي.. اتفضل..

علي سالم:

أين الجماهير؟ أنت تخطب في ليه؟ اتكلم معايا كده، ماذا هنالك؟

د. علي عُقله:

أنا أتكلم عاديًا، أنا أقول لك كلام واقعي دقيق.

علي سالم:

إذن اتكلم معاياعادي..

د. علي عُقله:

رد عليه.. رد عليه، ما تهربش.

علي سالم:

الإرادة عندما زار السادات (القدس).. صدقني يا أستاذ فيصل..

فيصل القاسم (مقاطعًا):

نتحدث عن إرادة الجماهير..

علي سالم:

مئات الألوف، مئات الألوف من المصريين راحو استنوه في المطار، إذن في إرادة للشعب المصري فهي إرادة حياة، إحن كسبنا من السلام كتير جدًّا، تمامًا.. سيناء بأكملها تمَّ تعميرها، وإذا حد منصف، ونزل جنوب سيناء سيجد قطعة متجاوزة الإبداع الأوروبي.

فيصل القاسم:

طيب، طيب، كي لا يصبح الكلام عن السلام، خلينا في موضوع التطبيع، كي لا نمتد كثيرًا يعني..

علي سالم:

الـ.. الـ..

فيصل القاسم:

إرادة الشعوب من التطبيع والسلام وإلى ما هنالك..

علي سالم:

يعني الحرب شأن حكومي، والسلام شأن حكومي، خد بال حضرتك، حكاية النقابات دي احن اخترعناها في مصر لسبب شرعي هو إيه؟ اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية كانت بتنقسم لمراحل، منها مرحلة علاقات طبيعية عند الانسحاب من (العريش) إلى (رأس محمد).. خط العريش، رأس محمد، تقوم علاقات طبيعية، وكان الحديث السائد هذه الأيام، أو في تلك الأيام، أن دي آخر خط انسحاب للإسرائيليين، كان يعني هو إيه.. عند انسحاب المرحلة الثانية من العريش لراس محمد، ده آخر حاجة لإسرائيل، وأن يتعمل علاقات طبيعية مع مصر، فالحكومة عملت حسابها اللي قام بالتطبيع هو نقابة الفنانين وبقية النقابات، النقابات خدت قرار، الأستاذ على عقله عرسان يعلم جيدًا، في الشرق الأوسط كل التنظيمات حكومية، هو يعلم ده.

د. علي عُقله:

لاغير دقيق.

علي سالم:

نكمل.. نكمل..

د. علي عُقله:

لا غير دقيق هذا الكلام..

علي سالم:

لا، نكمل يا أستاذ على..

د. علي عُقله:

أكمل، بس هذا الكلام غير صحيح.

علي سالم:

كلها..

د. علي عُقله:

هذا غير صحيح.

علي سالم:

بأقول لحضرتك صحيح هو انا مش سامعيني الناس..؟

د. علي عُقله:

سامعيني وسامعينك، أنا أقول لك غير صحيح أنا مسئول عن اتحادات.

علي سالم:

يا سيدي أنت مسئول عن اتحاد حكومي.

د. علي عُقله:

لا.. لا..

علي سالم:

هو كده حكومي.

د. علي عُقله:

لا. لا يا سيدي، أولاً بمرسوم تشريعي مستقل صادر عن مجلس الشعب، وإذا كنت تعتبر أن كل النقابات في الوطن العربي والاتحادات التي تصدر بأنظمة هي حكومية فأنت تخلط بين الحكومة والدولة، الدولة شيء والحكومة شيء آخر.

علي سالم:

معليش، معليش كان لابد من الحرص.. افرض.. افرض فعلاً ما انسحبوش من العريش إلى رأس محمد، فما كانش يجب أن تحدث علاقات بين الشعب نفسه وبين المثقفين وبين الإسرائيليين، دي كانت وجهة نظر، ومن يوميها ما يلزم الحكوميّ لا يلزم المثقف، وانسحبت إسرائيل..

فيصل القاسم:

طيب وماذا عن الأردن مثلاً، الأردن.. هناك يعني.. انظر إلى الدور الذي تلعبه النقابات في وجه التطبيع والمطبعون في الأردن.. يعني أصبحوا كما في أماكن أخرى ملاحقين، لا أحد يقترب منهم.. منبوذين..

علي سالم:

أستاذ فيصل، أستاذ فيصل المسألة يعني إيه؟ لازم ندي لكل حاجة حقها، لا تتوقع أنك تيجي على ناس اتربت على تعليمات وتعليم لفترة طويلة، اتربت بالخوف والكراهية والفزع، العدو ده حيعمل فينا كذا، وتقول له: خللي علاقتك طبيعية بيه، لابد، عاوزة وقت .. عاوزة وقت لكن القضية الحقيقية، خلق مصلحة للبشر هناك، وخلق مصلحة ليهم هنا، ده الشيء، ده ورقة الضغط الوحيدة عند الحكومات، وأيضًا عاوز أقول، الحرب شأن حكومي، والسلام شأن حكومي، وعندما تعزم حكومة في المنطقة العربية على عمل علاقات طبيعية مع إسرائيل ستكون طبيعية..

د. علي عُقله:

حتى شعبيًّا؟

علي سالم:

ما هو شعبيًّا يعني إيه؟ يعني مثلاً تقول له روح سياحة هناك!! إذا إسرائيل أغلى من أمريكا وأوروبا!! يروح سياحة يعمل إيه..

فيصل القاسم:

طب انظر مثلاً في.. مثلاً يتحدثون.. اتحاد كتاب العرب يرفض أي نوع من التطبيع بالرغم من وجود..

علي سالم:

نستنى لما تتوقع الاتفاقية..

د. علي عُقله:

نستنى يا أستاذ على!!

علي سالم:

نستنى لما تتوقع..

فيصل القاسم:

ماذا تتوقع أنت؟!

د. علي عُقله:

ماذا تتوقع؟!

علي سالم:

الدكتور علي مش عارف باتوقع إيه!!

د. علي عُقله:

لا مش عارف.

علي سالم:

أن اللي ضد التطبيع حيترفد من الاتحاد.

د. علي عُقله:

لا يا سيدي.. لن ترى هذا.. أنت لا تعرف قطار سوريا أبدا، وأرني كيف سيكون هذا.

علي سالم:

أقول لحضرتك إيه.. هذا التفاوض وضع نصب عينه كل التجربة المصرية الأردنية، المصرية الأردنية، إحن في مصر، الحكومة في مصر كانت متحيرة في موضوع التطبيع، ليه؟ لأن أي علاقات طبيعية واضحة كانت تضر بموقف المفاوض السوري، وكانت دايمًا نقول ما نقدرش يا جماعة.. نتكلم معاكم أو نتعاون معاكم بشكل كلي، إلا لما تخرجو من الجولان ومن جنوب لبنان، واخد بال حضرتك، هنا الموقف مختلف تمامًا، هنا حيقول لك: أنا خرجت من هنا ومن هنا، وعملت سلام مع دول باتفاقيات، أنا أتوقع أن كلمة علاقات طبيعية حتبقى طبيعية فعلاً بين السوريين وبين الإسرائيليين..

فيصل القاسم:

حتى شعبيًّا وثقافيًّا و..

علي سالم:

هوينقصنا حاجة واحدة فقط، إذا عاوزين نتكلم نتكلم فيها، لابد فورًا في اللي بيحصل أن تمتد الجسور مرة أخرى على كل المستويات بين السوريين والمصريين، لخوض معركة حضارية حقيقية.

فيصل القاسم:

سأعطيك المجال، إبراهيم العلِّي من الدانمارك.

إبراهيم العلي:

مساء الخير.

فيصل القاسم:

يا هلا..

إبراهيم العلي:

الحقيقة لي مداخلة بسيطة.

فيصل القاسم:

تفضل يا سيدي.

إبراهيم العلي:

ابتداءً لابد أن نحدد من نحن، قبل الدخول في أي موضوع، هل نحن وطنيين أم نحن قوميين أم نحن مسلمين لدينا عقيدة ينبثق عنها نظام، وهذا النظام يتفرع عنه أحكام تعالج كافة القضايا؟! لذلك لابد من معرفة من نحن، ونقعد القواعد قبل أن نتكلم في أي موضوع، حقيقة الأمر واقعنا نحن أنَّا أمة إسلامية، وألاحظ أنكم تتكلمون باسم المسلمين، وهذه كارثة، إذا كان الكلام باسم المسلمين، يعالج المشكلة هذه، مشكلة من مشاكل المسلمين بهذه الطريقة، عمليًّا أن نحن كمسلمين من هذه الأمة نعيش ونرزح تحت أنظمة، هذه الأنظمة كانت صناعة المخابرات الأمريكية أو المخابرات البريطانية، لا يعني الخيانة، ولا يعني أن نستسلم، ولا يعني أن الشعوب يجب أن تقبل بهذه الحلول التي يقال عنها أنها تطبيع مع إسرائيل أو تطبيع مع أمريكا أو مع غيرها.. يجب أن يلاحظ أن هذه الأمة أمة إسلامية، ويجب أن يعمل من أجل.. يجب أن ينصب الكلام على كيفية تغيير الواقع، وليس كيفية التصدي لأهل (كوبنهاجن) لأنه حقيقة الأنظمة هذه التي صنعت هؤلاء الناس من جماعة (كوبنهاجن) هي نفسها التي صنعت أناس آخرين كي يتعاركوا مع بعضهم البعض، وبالتالي تخرج الحكومات سالمة، وبالتالي ليس عليها أية مشكلة ولا يتعرض لها الشعب.

فيصل القاسم:

شكرًا حمادة الفراعنة من الأردن.

حمادة الفراعنة:

دعني لدقيقة واحدة، أولاً: أتحدث عن الجانب السياسي، لدينا ثلاثة مدارس سياسية في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، المدرسة الأولى: المدرسة الكفاحية اللبنانية، وجبهتها المفتوحة الساخنة وعملياتها الاستشهادية ضد المستعمرين الإسرائيليين، ولدينا المدرسة الثانية: المدرسة السورية، وجبهتها الصامدة على الحدود منذ أكثر من عشرين سنة، وتقود صمودًا يستحق الاحترام في التمسك بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من أرض الجولان العربية السورية، وثالثاً: لدينا المدرسة الفلسطينية، وسلطتها الوطنية المنتخبة، وخياراتها السياسية التي تخوض نضالاً شجاعًا باسلاً مزدوجًا على الأرض بوسائل شعبية سلمية، وعلى طاولة المفاوضات بشجاعة قل نظيرها من أجل استرداد الأرض والحقوق والسيادة، ولكن بشكل تدريجي، متعدد المراحل.

الثلاثة مدارس تعمل من أجل استرداد حقوقها، لكن لكل منها وسائلها وظروفها ومعطياتها، هذا الجانب يجب أن يكون واضحًا في لبنان وسوريا وفلسطين، ولذلك لا يستطيع اللبناني أن يدَّعي على السوريين أو السوريين أن يدَّعوا على الفلسطينيين، أن كل طرف فيهم وطني في قضية الآخر أكثر من الآخر، هذه مسألة يجب أن تكون مبدئية وواضحة.

أما في مسألة التطبيع، فأعتقد أن التطبيع مع الإسرائيليين لن يكون سويًّا وطبيعيًّا إلا بسيادة وشيوع الإحساس بإزالة الظلم والقهر والاستعمار الواقع على الشعب الفلسطيني، واسترداد كامل حقوقه في السيادة والحرية والاستقلال، وإقامة دولته الفلسطينية، وعاصمتها القدس العربية الفلسطينية.. التطبيع الشعبي هنالك بالفعل تجربتين، تجربة مصر ومعاهدة (كامب ديفيد)، وتجربة الأردن و (وادي عربة) أعتقد سأتحدث عن الأردن لأنني لا أعرف في مصر أكثر من المصريين، ولكن أتحدث عن بلادي الأردن، في الأردن هنالك رفض للتطبيع السوي مع الإسرائيليين من قبل النقابات والأحزاب لسببين رئيسيين، السبب الأول: لدينا إرث من الثقافة والوعي التربوي السياسي الوطني القومي الديني عمره عشرات السنين، تعلمنا أن هذا العدو، هو العدو الرئيسي لهذه الأمة، لهذا الشعب، لهذه القومية.

السبب الثاني: أن الإجراءات الإسرائيلية المتواصلة في القمع والبطش، وكل الوسائل لا تساعد دعاة السلام الذين يعملون من أجل السلام، وهم يستحقون أيضًا الشجاعة والاحترام، حينما يكونون بواسل في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، ولكن الممارسات الإسرائيلية لم تساعد على ذلك، ولكن مع المستقبل، مع مواصلة استرداد الحقوق لن يكون هؤلاء الذين يرفضون التطبيع السوي مع الإسرائيليين طالما أن الجانب العربي بخياراته بكافة خياراته الرسمية لن يستطيع، الذين يرفضون التطبيع لم يستطيعوا مقاومة حكوماتهم والخيارات السياسية القائمة برفض هذه العملية إلا إذا بقيت هذه الثقافة في وعي الأقلية وليست الأغلبية، طالما أن استرداد الحقوق سيتواصل.

دعنا نقول بكل صراحة وبكل وضوح أن (محمود درويش) شاعر العرب شاعر فلسطين الكبير.. هذا الرمز الكبير ابن فلسطين، حينما نجد أن الإسرائيلي يرفض التعامل معاه، نجد أن الإسرائيلي لا يقبل بعودته إلى وطنه، لا يمكن لأي مثقف عربي أن يقبل بالتطبيع السوي مع الإسرائيليين طالما أن رمز فلسطين شاعرها الكبير (محمود درويش) لا يعود إلى فلسطين. النقطة الأخيرة: أقول إنني كعربي، كأردني، كفلسطيني، كسوري، كلبناني، كمسلم، كمسيحي أقول: هل أن الإسرائيلي لديه الثقة بإسرائيليته أكثر من ثقتي بعروبتي؟! هل أن اليهودي لديه الثقة بيهوديته أكثر من ثقتي بإسلامي؟! أعتقد.. أعتقد أن المشروع الحضاري، الصراع الحضاري الذي يتحدث عنه علي عقله عرسان، وعلي سالم، أعتقد أن الانتصار سيكون لهذه الأمة، لا يمكن لهذا المشروع الإسرائيلي على الأرض العربية أن يهزم هذه الأمة التي هزمت المشاريع الاستعمارية الكبيرة في تاريخها، ولكنني أقول: يجب أن نملك الثقة بأنفسنا، بتراثنا، بقيمنا، وأن نتعامل مع الإسرائيليين بكل شجاعة معتمدين على مشروعية حقوقنا، وعلى انتمائنا العربي وانتمائنا الإسلامي، وانتمائنا المسيحي، وأن نتعامل معه من موقع القوة والثقة وحضارة عمرها آلاف من السنين، لذلك أعتقد.. الجملة الأخيرة أعتقد جازمًا.. أعتقد جازمًا من موقع تعاملي المتواصل والمستمر مع العديد من القيادات الإسرائيلية، ومن خلال معرفتي وقراءتي للمجتمع الإسرائيلي، أقول: إن الإسرائيليين يرفضون التطبيع، وليس لهم مصلحة في التطبيع مع الجانب الثقافي والسياسي والقومي والإسلامي والمسيحي مع هذه الأمة، لأن هذه الأمة لديها تراث تستحق الحضور والاستمرارية والانتصار كما كان في الماضي سيكون مع المستقبل.

فيصل القاسم:

شكرًا جزيلاً.. دكتور.

د. علي عُقله:

شكرًا جزيلاً، أولاً: إشارة سريعة لما تفضل به الأخ إبراهيم العلِّي.. أنا حقيقة أريد أن أؤكد على تلازم العروبة والإسلام في موضوع التصدي المستقبلي بكل جوانبه.. أنا الذي أمامك خذ دمي، وفرق فيه إن استطعت بين خلية عربية وأخرى مسلمة، ومن ثم لابد على المحافظة على منظومات القيم وعلى العمل بالعلم والإيمان معًا وتطبيقاتهما في كل مجال، على الصعيد المادي والروحي، وهذا الأمر ينبغي ألا يغيب عنا بشكل من الأشكال، أريد أن أتوقف عند تلميحات الأستاذ فراعنة في مجالين، إما تلازم المسار والمصير بين لبنان وسوريا لا يجعل هناك فرقًا ملحوظًا بين جبهة كفاحية مفتوحة، وجبهة تناصرها بالتفريق بين الإرهاب والمقاومة، وتناصر المقاومة ضد الاحتلال ولا تقول بأنها إرهابًا، وتقف بوجه كثير من الدول، وتتعرض لكثير من الضغوط، وهي مدرجة على لائحة الإرهاب الأمريكية لأنها تدعم المقاومة ضد الاحتلال.

في هذا المجال هناك تكامل بين الكفاحين على المسار السوري اللبناني، والمصير الذي تتبناه سوريا ولبنان، انطلاقًا من المقاومة بكل صورها في كل الجبهات، أنا أقول بأنه من الضرورة بمكان أن تتكامل المدرسة الفلسطينية مع ذاتها أي مع بقية شعبها وأن تتكامل مع أمتها، وأن يتوجه الفلسطيني إلى العربي في كل مكان ليقول له: هذه قضيتك، تحمل عبئك فيها، الفلسطيني وحده لن يحرر فلسطين، والقضية متصلة بشعب مقداره أربعة ملايين، غير متاح له العودة، ولا يوجد توطين، ولا بيع وطن، إلا إذا كنا قد تنصلنا من كل ما تتمسك به البشرية من مقومات في هذا المجال.

هناك موضوع (قشرة الموز) التي يدعونا إلى الزحلقة عليها الأستاذ حمادة فراعنة، في موضوع دعوة إلى التطبيع من منطلق إننا نملك ثقافة وحضارة عريقة جدًّا، والإسرائيلي سيخاف منها، فلماذا نمتنع عن التعامل معه تحت سقف التطبيع، لأننا سنتغلب عليه، يا سيدي الكريم، التطبيع نتيجة من نتائج الاعتراف، والاعتراف يعني أنني أعترف بالكيان الصهيوني دولة في أرض فلسطين، ومقابل هذا أسحب الاعتراف من الشعب العربي الفلسطيني بحقه على فلسطين، وعندما أطبع أطبق الاعتراف، وأنا مع الشعب العربي الفلسطيني وحقه التاريخي في فلسطين، ولست مع أي حق لليهود الغجرفي فلسطين، ومن هذا المنطلق أقول إنني لا أخشى على المتنبئ من (كيبالك)، ولا أخشى على ثقافتي من الثقافة التي تكتب بالعبرية، وأقول بأنني أرفض التطبيع لأنني أتمسك بحق الفلسطيني في السيادة على وطنه، لكن كيف ستكون المرحلية التي تقول عنها عندما تعترف لليهودي بهذا الحق وتأخذ 5% فلسطيني شاكرًا، وتقول هذه دولتي واكتفيت، وتوافق على عدم عودة أربعة ملايين فلسطيني، ما هو النضال في هذه الحالة؟! هل سيكون بالإذاعات؟! القضية التي أريد أن أصل في الختام في هذا التعليق عليها أنني لا يمكن على الإطلاق أن أرى في مجرد موقف (محمود درويش) الذي أقدره كشخص هو موقف من القضية ككل، فإذا سمحت، تحت كلامك غدًا، سمح الكيان الصهيوني لمحمود درويش أن يعود، فهل نكف عن التطبيع، لأن القضية انتهت؟! القضية متصلة بحقوق ثابتة ومبدئية وتاريخية..

[موجز الأخبار]

فيصل القاسم:

علي سالم، أريد أن أعود إلى نقطة مهمة جدًّا، وقد قلت: إن التطبيع والسلام والحرب كلها قرارات حكومية بالدرجة الأولى، وبالتالي ما على الشعب إلا أن ينفذ بطريقة أو بأخرى..

علي سالم:

أنا قلت شأن.. شأن حكومي، ليس قرارًا.

فيصل القاسم:

شأن حكومي، ولكن أنا أريد أن أقول العكس تمامًا مثلاً في الأردن، تمكنت النقابات المهنية، وبعض مؤسسات المجتمع المدني من تطويق الثورة التطبيعية مع إسرائيل، وقد لزم هذا الاحتواء فتور رسمي بعد انتقال الحكم في الأردن، سياسة التطبيع التي اتبعها الملك حسين لم تلق شعبية من قبل غالبية الشعب الأردني، ولهذا مثلاً لم يعطها العهد الجديد الأولوية في كتابة التكليف في الحكومة، فقد حلَّ السلام والتطبيع مع إسرائيل في آخر بنود التكليف، لا، بل إن هناك مطالبة عارمة في الأردن من قِبل النواب بإطلاق سراح (أحمد الدقامسة) الذي يعتبر بطلاً في نظر الكثيرين بعد قتل الإسرائيليات هذا من جهة، ومن جهة أخرى في ظل هذه الحساسية الشعبية والحذر الحكومي لجأت الحكومة إلى إخفاء المعلومات الدقيقة عن العلاقات التجارية مع إسرائيل مثلاً.. إذن هذا يأتي في اتجاه معاكس تمامًا لما قلته، كيف ترد؟

علي سالم:

الـ.. الـ.. يعني التغيير المفاجئ عند اللي ما يسمى بالجماهير أو الجموع ده مرفوض، الفكرة الصحيحة تدخل ببطء شديد جدًّا في عقول الجموع، لكن هذا لا يعني الصح أم الخطأ، أنت عاوز تثبت أن الشعوب عندها تنظيماتها اللي بتاخد قرارات، من خمس دقائق، كنت بتثبت أنه مفيش إرادة لأية شعوب، لا هي باختصار شديد جدًّا بعد تراث حكم شمولي في المنطقة، طويل جدا، حنلاحظ أن أي خطوة ديمقراطية.. من حق المرأة مثلاً.. القانون خص المرأة في الأردن بالتحديد أن ماحدش يقتل واحدة ست، ولو تخفف عنه الحكم لأسباب شرفية كما يقولون.. فشل القانون، والقانون في مصر مع المرأة، في احتمال يفشل، مثلاً.. أنا عاوز أقول إيه؟ في دول في المنطقة بتنفذ الديمقراطية والليبرالية بخطوات بسيطة، لكن هناك خصوم لده.. التطرف خصم لده.. في الأردن النقابات ممكن تقول: أنا مش حاطبع، أنا ضد التطبيع، لكن ما انت بتبتز الآخرين بقى..

فيصل القاسم:

هناك عملية ابتزاز.

علي سالم:

ترفد الناس من النقابات، ترفده، وبالتالي ما يشتغلش.. أصلاً النقابة في مجتمع ديمقراطي نقابة مهنية، شغلتها الارتقاء بالمهنة..

فيصل القاسم (مقاطعًا):

وليس.. وليس أن تكون فزّاعة أو..

علي سالم:

أو سياسة، مالكش دعوة بالسياسة، نقابة دي نقابة مهنية لأن حتكون نتيجة ده إيه.. لو في محامي ضحك عليك، ما تعرفش تشتكيه، لأنهم مش فاضيين، بيجمعوا فلوس لأفغانستان، لو في طبيب أخطأ خطأً جسيم في النقابة ما تعرفش تعمل له حاجة، المهنة تقع في ده، المهنة تقع في التمثيل، المهنة تقع في المحاماة، المهنة تقع في الطب، في الهندسة، لأنهم بيشتغلو سياسة، إنما في مجتمع ليبرالي، المهنة.. مش الهروب من المهنة.. الكلام..

فيصل القاسم:

طيب.. طيب.. يا دكتور، أنا.. سؤال أيضًا.

د. علي عُقله:

تفضل.

فيصل القاسم:

في موضوع التأثير الشعبي وإلى ما هنالك في مجمل العملية، لكن هناك من يقول إن التطبيع الحقيقي في واقع الأمر هو التطبيع التجاري والاقتصادي والتبادل الحقيقي للأمور، وإذا نظرنا إلى ذلك نرى أن هذا التبادل جارٍ على قدم وساق بين إسرائيل والبلدان العربية، لا، بل.. يعني هناك ما يتحدث عن تغلغل اقتصادي إسرائيلي جارٍ على قدم وساق، كما قلنا قبل قليل، هذا من جهة، فإذن لم يعد هناك أهمية كبيرة للأشكال الأخرى للتطبيع.

إذا تحدثنا عن موضوع آخر قبل قليل، قبل أن أنساه أيضا، قلت أنت إن ما يلزم الثقافي، أو ما يلزم السياسي لا يلزم الثقافي أو الجماهير، لكن أنا أريد أن أسألك سؤالاً عن واقعة في سوريا، مثلاً أنت في فترة من الفترات في اتحاد الكتاب العرب كنت تعتبر الاتصال بعرب 1948م أو بعرب إسرائيل نوعًا من التطبيع على اعتبار أنهم يتعاملون مع الإسرائيليين إلى ما هنالك، وعندما استقبلت القيادة السورية بعض هؤلاء في سوريا ما كان عليك إلا أن تسير في نفس الخط واستقبلت بعضهم أيضًا، هل تستطيع أن تنكر ذلك؟

د. علي عُقله:

لا سأرد عليه.

فيصل القاسم:

تفضل.. تفضل.

د. علي عُقله:

أولاً: اسمح لي بنقطة تتعلق بموضوع الحكومة، أنا يعني.. أريد أن أفرق تفريقًا جزئيًّا بين الحكومة والدولة، الحكومة جزء من سلطة في الدولة، سلطة تشريعية، سلطة تنفيذية، وسلطة قضائية، وقد تكون السلطة التنفيذية مسيطرة أكثر من سواها، لكن لا توجد اتفاقية أو معاهدة أو قرار كبير يمس الشعب ما لم يأت إلى السلطة التشريعية، السلطة الحكومية ليست كل شيء، ولذلك أنا أقول بأن خلط الحكومة بالدولة ليس قرارًا، أو ليس توجهًا دقيقًا.

النقطة الثانية: فيما يتعلق بموقف النقابات وممارستها لدورها، النقابات والاتحادات والمنظمات والمؤسسات تعمل وفق أهداف، والأهداف عندما تقر من قبل مجالس الشعب وبمراسيم تصبح جزء من الدولة، وهذه الأهداف لا تستطيع مجالس النقابات أن تتجاوزها، ولذلك عندما ترتبط هذه الأهداف بقضايا قومية ومصيرية، وتمارس النقابات هذا الدور فهي تمارس دورًا مشروعًا، وأنا أحيي كل النقابات..

فيصل القاسم (مقاطعًا):

ولكن هناك من يقول إنها تمارس الإرهاب الفكري، وبدأت يعني.. تهمة التطبيع بدأت تستخدم على عواهنها..

د. علي عُقله:

الذي يمارس الإرهاب الفكري هو من يريد أن يفرض علينا فكر الأقلية حيال فكر الأكثرية.. الجسم الحقيقي للشعب وللثقافة بمفهومها الشامل في الوطن العربي ضد التطبيع وضد الاعتراف بإسرائيل..

فيصل القاسم:

يعني الـ.. لم، لم يصبح التطبيع بأي حال من الأحوال نوعًا من الفزَّاعة بطريقة ما..

د. علي عُقله:

عكس ما يثار علينا أحيانًا من جماعات (كوبنهاجن) والتطبيع وسواها في وسائل الإعلام هو الإرهاب الحقيقي علينا، نحن نمثل وجدان شعبنا، وحينما يتكرر عكس ذلك تستطيع قواعدنا في النقابات والمنظمات أن تغيِّـر، وأن تنهي هذه الـ.. الـ.. هذا الوجود، فيما يتعلق بموضوع تفضلت به هو.. ما يلزم الثقافي وقضية العرب، أنا أولاً لم أكن في يوم من الأيام من الذين كتبوا أو صرحوا بأن عرب الـ (1948م) هم جزء مماثل للعدو الصهيوني، وذلك كان هناك موقف وهامش لي منهم، وأي كلام غير هذا أريد أن أراه بوثيقة، أنا لم أقل هذا، ومن ثم عندما استقبلنا في دمشق (سميح القاسم) ومجموعة من المثقفين استقبلنا العرب الذين صمدوا في أرضهم، وأثبتوا كذبة إسرائيل بأن هناك أرض بلا شعب، واستقبلنا موقفًا مناقضًا لدعاوى الكيان الصهيوني، وعليه فإننا عندما انتقدنا على ذلك كان لنا رد ورأي بأنه لا يجوز أن نعامل رصيدنا في الأرض المحتلة عام 1948م على أنه عدو أو من جسم العدو، هذه نقطة، أما ما يلزم الثقافي والسياسي أنا مازلت أقول أن ما يلزم السياسي لا يلزم الثقافي بالضرورة، الثقافي مؤتمن على ثوابت، ولديه مجالات عمل مختلفة، ولديه المستقبل كله، أما السياسي يعمل في فن الممكن والآن، والقضية مختلفة.

فيصل القاسم:

ويبدو أن علي سالم مقتنع بهذا الكلام.

علي سالم:

مقتنع بإيه بس؟

فيصل القاسم:

معنا الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، مساء الخير.. يا أهلاً.

سميح القاسم:

مساء الخير.. أستاذ فيصل والأخوين العزيزين العلييَّن، ولكل المشاهدين.. أيها الأخوة، أولاً: يجب أن نرد على الفرية التي ترى في الدعوة للصمود والتصدي كأنها دعوة معادية للسلام الذي يجري في بلادنا وفي منطقتنا الآن هو الـ (PACT AMERICANA) السلام الأمريكي، وهو ليس سلامًا بأية حال من الأحوال.

د. علي عُقله:

بارك الله فيك.

سميح القاسم:

هو دعوة للاستسلام للرواية الصهيونية بلا قيد ولا شرط، وهي مسألة مرفوضة رفضًا قاطعًا، ولا يجوز للثقافي أن يستند للسياسي، حين يكون السياسي في صراع قومي تقدمي إنساني، فنحن نقف إلى جانبه دون أن نتخلى عن وجداننا القومي والثقافي والتاريخي، ونرفض محاولة تصوير مقاومة الخضوع لـ (PACT. AMERICAN) بأنها إرهاب وعداء للسلام.

الأمة العربية والحضارة العربية الإسلامية هما من أول من وضع أسس السلام الإنساني القائم على المساواة التامة بين البشر، لا سلام، ولا تطبيع مادام هناك احتلال للأرض، مادام هناك شهداء يسقطون يوميًّا، مادامت هناك بيوت تهدم يوميًّا، مادام هناك قمع عنصري، مادام هناك إرهاب أمريكي إسرائيلي رسمي، مادام هناك توابيت يومية في جنوب لبنان، ومادام هناك احتلال للجولان، ومادام هناك تنكر للحق الأولي للشعب العربي الفلسطيني لاستعادة حقوقه لإقامة دولته في عودة لاجئيه، ليس فقط إلى مناطق السلطة الوطنية، بل إلى مناطق ما يسمى بالـ (1948م) ما لم يعد ابن (حيفا) إلى (حيفا) وابن (يافا) إلى (يافا) وابن (عكا) إلى (عكا) وابن (الراما) إلى (الراما) فلن يكون هناك أي سلام حقيقي، ولكن اسمحوا لي أيضًا نحن المليون عربي فلسطيني تحت الحكم الإسرائيلي نرفض رفضًا قاطعًا الزجَّ بنا في مقولات التطبيع.. هناك تجار وطنية، وطنجيون، يحاولون الزجَّ بنا بالقوة، بالإشاعات الكاذبة، بالتحريض الباطل، بتزوير الحقائق، يحاولون الزجَّ بنا بمقولة التطبيع، من حقنا كعرب كوحدويين أن نزور جميع أرجاء وطننا العربي من المحيط إلى الخليج، نحن لا نرفض فقط الاحتلال الإسرائيلي، نحن نرفض مشروع (سايكس-بيكو) جملة وتفصيلاً، من حقنا التنقل الحر في جميع ربوع وطننا، ونعتز بأننا زرنا القطر العربي السوري، واستقبلنا الكاتب الكبير، والمناضل صديقنا علي عقله عرسان بمثل ما استقبلنا به سيادة الرفيق الرئيس (حافظ الأسد).. نرفض الزجَّ بنا في مقولة التطبيع، نحن ضحايا، ولا يجوز للأم أن تتنكر لابنها الذي تركته في السرير، وغادرته في عام النكبة، وفي الوقت نفسه أيضًا أريد أن أرفض، واسمحوا لي أن أرفض القول بحتمية الصراع بين الثقافي والسياسي، أنا أعتقد أن هناك قدرًا كبيرًا من التنسيق بين الثقافي الثوري والسياسي الثوري، وأنا على يقين من أن وجهة نظر الدكتور علي عقله عرسان والتي نشرناها كاملة في صحيفة (كل العرب) الصادرة بـ (الناصرة) مع طبعًا تعليق سياسي، وجهة النظر هذه في الحقيقة لا يستطيع أي نظام عربي أن يدَّعي أنها خارجة من نطاق التاريخ، هي بنت التاريخ العربي، وإذا كان لنا من إمكانية لمحاولة التنسيق بين الثقافي والسياسي، فذلك أمر جميل وطبيعي، نحن دعاة سلام، نحن دعاة حق، ونحن دعاة ديمقراطية وتنسيق بين الثقافي التقدمي، والسياسي التقدمي، ولا يجوز للثقافي أن يستند بأي حال من الأحوال للسياسي تحت أي ظرف من الظروف، شكرًا.

فيصل القاسم:

دكتور عبد الله النفيسي من الكويت، تفضل.

د/عبد الله النفيسي:

أنا أحب أنتهز هذه الفرصة لأزف للشرفاء في الأمة العربية بولادة المؤتمر الشعبي الخليجي لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني، هذا العمل الشعبي في الكويت يقوده أعضاء في مجلس الأمة الكويتي المنتخب انتخابًا حرًّا نزيهًا مباشرًا من الشعب الكويتي، ويتمثل هؤلاء بالنائب عبد الله النيباري، والنائب دكتور ناصر الصالح والنائب السيد عدنان عبد الصمد والنائب عبد المحسن جمال والدكتور عبد الرزاق الشايجي من كلية الشريعة، وآخرين وآخرين يمثلون إرادة الشعب الكويتي في الخليج لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني في الخليج، هذه واحدة، المسألة الثانية التي أحب أن أبينها في هذا النقاش أني كنت أنا ما بين 1992 إلى 1996م مستشارًا سياسيًّا في مجلس الأمة الكويتي، واستقبلت خلال مهمتي هذه وفدًا من الكونجرس الأمريكي، من لجنة الشئون الخارجية، جاءوا إلينا في الكويت ليعرضوا مشروعًا خطيرًا جدًّا ينبغي أن ننوه عنه لإثراء هذا النقاش.. جاءوا ليقولوا لنا بأن إسرائيل ترفض عودة الفلسطينيين إلى فلسطين، عودة الأربعة ملايين فلسطيني في الخارج إلى أراضيهم، ولذلك إحن عندنا كأمريكا، كولايات متحدة.. ككونجرس أمريكي.. مشروع لتوطين هؤلاء في منطقة الخليج، سؤالي للمطبعين، إذا كان الكيان الصهيوني لا يستطيع أن يطبع علاقاته بالشعب الفلسطيني الذي يسكن في أراضي مشتركة معه، فكيف من الممكن أن يقبل اليهودي التطبيع مع غيره من العرب؟

فيصل القاسم:

طيب الدكتور.. سؤال وجيه جدًّا، وبحاجة للكثير كي تردِّ.. علي سالم، تريد أن تردَّ على هذا الكلام؟

علي سالم:

لا، هو عامل جبهة ضد التطبيع، وعندنا في مصر جبهة ضد التطبيع، كويس قوي، بس أنا يعني ردًّا عليه أنا ما سمعتش حد في الكويت عاوز يعمل علاقات طبيعية، وإلاَّ هو بيستبق الأحداث.. يعني، مرة أخرى.. متطرف.. مكارزم التطرف العائلي واحدة.. المتطرف على كل أنواعه في المنطقة مش حيسمح بمرور عملية السلام، وده بيضاعف من العمل على عبء العمل على الحكومات، وعلى الكتَّاب الليبراليين، والمفكرين الليبراليين.

فيصل القاسم:

طيب.. طيب، علي عقله، وباختصار.

د. علي عُقله:

باختصار شديد،تحية لسميح القاسم ولأهلنا في (مجدل شمس) الذين يجسدون إرادة شعبية سوف تستمر وتتصاعد في كل أنحاء الوطن العربي، باختصار شديد أنا أريد أن أقول إنه لا يوجد صفة متطرف عند من يتمسك بحقه التاريخي والمبدئي، وثوابت أمته، وبالدور الثقافي النقي للفكر والثقافة فهي إنسانية، وهي محررة، وهي حرَّة، وهي مع الشعب، ومع الحقيقة، وهذا ليس تطرفًا، وإنما التطرف هو إرهاب الآخر..

فيصل القاسم:

لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا الكاتب المسرحي علي سالم، والدكتور علي عقله عرسان (الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب) نلتقي مساء الثلاثاء المقبل، فحتى ذلك الحين، ها هو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة، إلى اللقاء.