مع هيكل / محمد حسنين هيكل
مع هيكل

هيكل.. طلاسم 67 وظلال ما سبق

يتحدث محمد حسنين هيكل في هذه الحلقة عن ظلال السويس وخاصة وأن كل الأطراف في حرب 1967 كانت محكومة بالقناعات المسبقة التي تعلمتها من درس السويس.

– والله زمن يا سلاحي.. ظلال السويس
– الافتراضات الرئيسية بين من فهم ومن حفظ

– المعلومات الضائعة.. خطة في الظلام

محمد حسنين هيكل
محمد حسنين هيكل

والله زمن يا سلاحي.. ظلال السويس

محمد حسنين هيكل: مساء الخير. أستأذن هذه الليلة في أن أتوقف لبعض الوقت أمام الصور التي مرت كشريط في ذلك الصباح صباح 5 يونيو لأن لهذه الصور دلالتها ومعناها وأهميتها في فهم هذه الحوادث كما توالت فيما بعد، أتوقف أمام صور المطارات المضروبة والطائرات المحطمة في اللحظات الأولى من الضربة الجوية، أتوقف أمام صورة عبد الحكيم عامر وهو في طائرته ذاهبا إلى قاعدة قيادته ثم مفاجأته بأن الضربة ابتدأت، أتوقف أمام صورة عبد الحكيم عامر وهو عائد إلى مطار القاهرة وهو بهيلمان القائد، نائب القائد الأعلى أو القائد الفعلي للقوات العسكرية راجعا إلى مطار القاهرة دون أن يجد طائرة في انتظاره ثم يأخذ سيارة تكسي ويذهب إلى قيادته، أتوقف أمام صورة ما كان يجري من فوضى في هذا المكتب في هذه اللحظة مع رغبة في تماسك الأعصاب توازيها رغبة في عدم مواجهة الحقيقة أو الإطلال عليها بنوع من الإشفاق، ما حدش قادر يتصور اللي جرى، أتوقف أمام جمال عبد الناصر بيحاول يتابع من مكتبه في بيته اللي جرى وهو قلق، أتوقف أمام جمال عبد الناصر ذاهبا إلى مركز القيادة العامة لكي يطل بنفسه على الموقف لأن ما بلغه من تفاصيل سواء عن طريق مكاتب الاتصال مع مكتبه أو بواسطة عمليات الاستقصاء المباشرة اللي هو قام بها وأجراها مع بعض القيادات وبعض القواعد، هو قد هاله ما رأى فذهب إلى مقر القيادة، أتوقف أمام صورة عبد الحكيم عام ولقاء عبد الحكيم عامر مع جمال عبد الناصر وهذه الضربة قد وقعت، وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة القدماء موجودون، أتذكر صورة صدقي محمود وهو موجود عائد بعد هذا المشهد الحزين في الطائرة التي كان يذهب فيها مع عبد الحكيم عامر إلى الجبهة وقد عاد هو إلى مركز قيادته في الجيوشي يحاول أن يتابع الموقف وقد هاله ما رأى، وبدأ يرى شواهد أقنعته أو على الأقل هيأت له أن أميركا كانت موجودة في الصورة، أتوقف أمام هذه الصور كلها لأنه في هذه المشاهد كلها في كلمة قالها جمال عبد الناصر وهو موجود في مركز القيادة هو كان بيلح على عبد الحكيم لكي يطلعه على الصورة كلها لكي يعرف الصورة كلها، وبعد تردد وبعد أخذ ورد وبعد محاولة إخفاء، لم يكن ممكنا إبقاؤها طويلا، ظهرت الصورة لكن ظهر الكشف الأول وفيه أن الخسائر في هذه اللحظة حوالي الساعدة 2,30 بعد الظهر بلغت 117 طائرة في ذلك الوقت، هي زادت بعد كده، لكن جمال عبد الناصر أطل على الصورة وأنا لا أستطيع أن أصف مشهد ما أصابه أو كيف تصرف لكن أستطيع أن أتصوره مما سمعت ولكني لا أستطيع أن أصفه لأنني لم أكن هناك، ولكن الذي حدث أن جمال عبد الناصر يبدو أنه أطل على الصورة وأغمض عينيه للحظة وقعد على كرسي قدام مكتب عبد الحكيم عامر وبعدين ضرورات الموقف لا تسمح لأحد أن يظل طويلا في أفكاره ففي عدة ثواني رفع رأسه وبدأ يقول عبارة أنا أعتقد أن لها دلالة، بص باللي موجود حوله وقال لهم يظهر أنها مرة أخرى "والله زمان يا سلاحي". والله زمان يا سلاحي هنا أنا بأعتقد أنها كلمة مفتاح لكل ما جرى لأنه وأنا بأتوقف أمامها لأنه أعتقد أنه باستمرار المفاتيح مهمة من قبل أي حجة ثانية، وأنا هنا أرى أن الكلمة المفتاح قد تكون إذا قاطعت تدفق الواقعة أو إذا أوقفت اتصال السرد فهي في واقع الأمر تعطي كثيرا جدا مما يساعد على ربط وعلى اتصال ما جرى بأكثر مما تقطعه، ويمكن في حد قبلي وحد مهم جدا وهو كينيت لَف الكاتب الشهير في نيويورك تايمز اللي كتب كتابا مهما قوي عن حرب السويس كينيت لف سماه Sues The Twice-Fought War حرب السويس التي حوربت مرتين، لأنه من أخطر الحاجات اللي كانت موجودة في مسار الحرب في اعتقادي هو أن ظلال السويس كانت تلقي بنفسها تلقي بكل ظلالها تلقي بكل تفاصيلها على عقلية كل الناس، واعتقادي أن السويس هنا كانت هي باستمرار الناس وهم بيقرروا ما سوف يفعلونه بيستفيدوا من تجارب ما فعلوه في السابق وما عاشوه في السابق وما جربوه في السابق لكن كل طرف ينظر إليه بشكل أو بآخر وهنا أنا أعتقد أنه لا بد من وقفة أمام.. قبل أن أسير إلى تدفق الحوادث لا بد أن ألفت النظر إلى ظلال السويس إلى الكلمة المفتاح التي كانت موجودة لدى كل الأطراف لأنها أثرت كثيرا جدا في مواقف جميع الأطراف وإن كان كما قلت كل واحد أخذها بطريقته وبمنطقه، عايز أقول إن ده باستمرار كيف تتكون رؤية أي حد إلى موضوع تتشكل معه قناعات له في مواجهة موقف يواجهه؟ قضية ما عرف بالـ concept بالقناعة أو بالتصور في فكرة الحرب قضية خطيرة جدا، بمعنى أنه باستمرار في قضايا الحرب وفي الدخول إلى الحرب أكبر حاجة مهمة هي نظرة كل طرف تصور كل طرف عقيدة كل طرف تجاه ما سوف يواجهه واستعداده على ضوء ما اقتنع به وعلى ضوء قناعات وهذه مسألة لعبت دورا كبيرا جدا ليس فقط عندنا ولكن عند كل الناس، تقريبا كل الناس، أفتكر في دروس الـ concepts على سبيل المثال في دروس القناعات المسبقة والخطيرة التي تؤثر جدا بتصرفات الناس وهي مستولدة بالطبع من التجارب ومن الثقافة ومن المعرفة ومن كل ما شاهدوه وعرفوه، لعبت دورا كبيرا جدا في ظروف ناس غيرنا وأدت إلى نتائج خطيرة جدا، بمعنى فرنسا على سبيل المثال في الحرب العالمية الثانية دخلت إلى الحرب وهي غير مستعدة لها لكنها دخلت وهي متصورة أن إنجلترا مستعدة وفي نفس الوقت إنجلترا كانت متصورة أن الجيش الفرنسي البري مستعد، فرنسا متصورة أن إنجلترا حتبعث قوات زي ما عملت في الحرب اللي فاتت وفعلا بعثت في الحرب الثانية مثلما بعثت به في الحرب العالمية الأولى بعثت قوات كبيرة بقيادة المارشال آيرون سايد لكن إنجلترا كانت متصورة أن الجيش الفرنسي قادر على أن يقف على الصد وقادر على أن جانب خط ماجينو وحياد بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ شمال هذا الخط أن موقفها إذا أرسلت قوات هي مطمئنة، لكن لما حدث أن هتلر اخترق حياد هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ واستدار حول خط ماجينو حصل على طول أن الجيش الإنجليزي بدأ يجري يحاول ينسحب لأنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية أنه.. أو مخاطر أن الألمان يعزلوه عن قاعدة في إنجلترا فجري إلى دانكرك والجيش الفرنساوي وجد نفسه وكل حساباته وكل الـ concept اللي بنى عليها تصوراته راحت، جانب ده كان في concept عند الفرنساويين الفرنساويين تصورا أن  الولايات المتحدة الأميركية لن تسمح بسقوط فرنسا ولكن غاب عنهم أن أميركا لها سياسة أخرى، أن أميركا لا تمانع أن الإمبراطوريات تضعف إلى أبعد مدى لأنها جاية تطاردهم. في concept آخر وقع فيه هتلر لما تصور أنه يغزو الاتحاد السوفياتي وتصور أن قواته، قوات المارشال فون بوك في ذلك الوقت قادرة أنها تصل إلى موسكو وتحتلها وبالفعل مشيت كما قيل زي الزبدة في السكين إلى أن وصلت إلى أسوار موسكو ولكن هنا حصل حاجة ثانية، ما فوجئ به هتلر وخلافا للـ concept الطبيعية أن روسيا السوفياتية تركت المجال لروسيا الوطنية، الوطنية الروسية خرجت تدافع عن الاتحاد السوفياتي بصرف النظر عن اختلاف العقائد أو عن التباين أو عن غضب من النظام أو أي عتب على النظام بسبب ما فعله ستالين، ولكن هنا كان في مشهد المقاومة الروسية بقيت مهولة، ولكن هتلر حساباته كلها أخطأت لأنه تصور بيواجه النظام الشيوعي فإذا بيواجه الوطنية الروسية أيضا، تصور أن أميركا لم تمانع في أنه يضرب الشيوعية لأن ده الخطر الرأسمالية الأميركية تتركه يضرب الشيوعية اللي في روسيا ولكن لأنه ده عدوها الأساسي ولكنه أخطأ هناك لأن الولايات المتحدة الأميركية كان عندها نظرة أخرى، تريد أن تترك جميع الأطراف ينهكون أنفسهم كما يشاؤون لكي تدخل كالعادة في اللحظة الأخيرة وتسوي الأمور لصالح قوتها ولصالح مطامعها. فيما يتعلق بنا إحنا كان عندنا concept، هذا الـ concept قناعة، قناعة متولدة موجودة عندنا في التخطيط، في قناعة موجودة عن الإسرائيليين موجودة في التخطيط، في قناعة عند الأميركان موجودة في التخطيط، في قناعة عند الإنجليز، عند كل حد، ولكن الكل في حرب سنة 1967 كل الأطراف كانت محكومة بشكل أو بآخر بالـ concept المسبق، بالقناعات المسبقة التي تعلمتها من درس السويس، وبالتالي السويس كانت ظلالها موجودة، لكن كل واحد اختلفت طبائعه في نظرته إلى الدرس وفي ما استخلصه من هذا الدرس. الحاجة.. الإسرائيليون لسوء الحظ سمعوا الدرس وتعلموا العلم، إحنا رأينا الدرس لكننا حفظناه، طريقة ما كان يفعل في المدارس أن الدروس تتصم، تتحفظ بصم، نحن حفظنا، الإسرائيليون فهموا والأميركان استفادوا، استغلوا، في الثلاثة أطراف كل واحد فهم، الإسرائيليون فيما استفادوه من حرب استفادوا فكرة الضربة الجوية وتصوروا أن سلاح الطيران هو عمدة ما هو قادم وأنهم إذا استطاعوا تكرار ما فعله الإنجليز والفرنساويون في حرب سنة 1956 إذاً فهنا سوف يفعلون ما يشاؤوا، لأنه بضربة جوية إذا أمكن الضربة الجوية زي ما عملت سنة 1956 تدمر السلاح الجوي المصري إذاً فقد خلا الجو ، بقية المعركة تمضي كما يخططون لها، هنا في واحد فهم الدرس في طرف قرأ الدرس وفهم الدرس، عملوا.. باستمرار هو الطيران نقطة قوة في إسرائيل، أنا عايز ألفت النظر أنه أنا مش خبير عسكري ولا حاجة لكن أعتقد في النهاية على رأي حكمة كونفوشيوس الشهيرة جدا وهو أهم فيلسوف في الصين آلاف السنين فاتت، بيقول إن كل معرفة لا تستطيع أن تصل إلى الرجل العادي بحيث يفهمها وبحيث يراها على الأقل قدامه لا تساوي قيمتها، لا تساوي أن تعرف، فأنا من منطق كونفوشيوس بأقرب من موضوعات عسكرية وأنا عارف أنني لست مؤهلا لها ولكن أنا مؤهل لها أو على الأقل أتصور أنني قادر على الاقتراب منها بمنطق كونفوشيوس وهو محاولة فهمها بس بمنطق، محاولة فهمها بالتبسيط وليس بالتسطيح. فالإسرائيليون في ما استفادوه وما أكد لديهم ضرورة الضربة الجوية وأن تكون هي فاتحة العمليات مستفيدة من درس السويس، واقع الأمر هنا حد كان بيرى يتلمس أين مصادر قوته ثم يستعملها وقد فهم الدرس، إسرائيل باستمرار الطيران.. نظرية الأمن الإسرائيلية باستمرار الطيران بيلعب فيها دورا مهما جدا، نظرية الأمن الإسرائيلي قائمة.. كل نظرية أمن في الدنيا قائمة على مجموعة افتراضات تتعلق بموقف وحقائق موقف أي طرف من الأطراف، فيما يتعلق بإسرائيل النقاط الحاكمة في نظرية الأمن الإسرائيلي أنه واحد بلد صغير، نمرة اثنين أنه ما يستطيع أن يحشد من القوات له حجم وبعدين أن بقاء هذه القوات تحت الاحتياط أو تحت التأهب أو تحت الطوارئ لمدة طويلة لا يمكن احتمالها لأنه هو بيأخذ من القوى العاملة في المزارع والمصانع والمستوطنات والإدارات لأن العدد محدود وإذاً فهو يحتاج إلى حرب سريعة جدا، وتحقق له هدف آخر وهو نقل المعركة من أول لحظة من  أرضه إلى أرض الطرف الآخر، إلى طرف الخصم، لأنه هو لا يستطيع تحمل الخسائر بسبب محدودية الأرض، هذه المواصفات كلها تنطبق على الطيران وبالتالي الطيران منذ إنشاء الدولة كان هو النقطة التي اهتم بها كل حد جاء في إسرائيل، الطيران بالتحديد، وعندهم كان الحرب أو عندهم كانت الفرصة أن يأخذوا طيرانات دول أخرى، طيارين تدربوا في دول أخرى، يهود، حتى من أو إنشاء الدولة، واحد زي فايسمان على سبيل المثال كان واحدا من القواد الموجودين الواضحين في الطيران حتى في الحرب العالمية الثانية ضمن الجيش الإنجليزي، ضمن قوات الجيش البريطاني، وكلهم جايين وكلهم قادرين يعملوا سلاح طيران طبقا لمواصفات رؤوها. في الحرب باستمرار في قضية مهمة جدا وهي أن الحرب بالدرجة الأولى أنه كيف يمكن توصيل سلاح طرف إلى طرف آخر واستعماله بسرعة، انتقاء الطيران هو كان آخر صيحة في ذلك الوقت لأنه إحنا ابتدينا البشرية ابتدت بالحرب بالأيدي وبالعصي وإلى آخره ولكن بالتشابك وبعدين لما ظهر القوس والرمح بعدت المسافات بين المتقاتلين، لما ظهرت البندقية والمسدس ابتعدت المسافات أكثر، لما جاء المدفع ابتعدت المسافات أكثر وبقيت قوة النيران أوسع، لما جاءت الطائرة الأفق اتفتح إلى أبعد مدى، لما جاء الصاروخ بقيت قضية ثانية خالص، قضية توصيل قوة النيران من طرف إلى طرف آخر لتحقيق أهداف معركة.

[فاصل إعلاني]

الافتراضات الرئيسية بين من فهم ومن حفظ

محمد حسنين هيكل: الإسرائيليين أدركوا وشافوا بوضوح كده أن نظرية الأمن الإسرائيلي بتاعتهم توحي على الفور تملي على الفور اهتماما غير عادي بالطيران، لما شافوا تجربة الحرب 1956 وقبلها هم موجودين في الحرب العالمية الثانية وشايفين ومتابعين وموجودين كأطراف سواء بالأفراد أو بالفيلق اليهودي أو إلى أخره، فهم فاهمين قوة الطيران، لما شافوا ده للـ 67 وفايسمان استطاع أن يأخذ خطة الحلفاء أو خطة حلفاء تلك الحرب ويطبقها -وهو مشروع طموح جدا لم يكن في مقدور أحد أن يتصوره- وهنا كان الدور الأميركي في الإمداد، في خزانات الوقود الإضافية اللي إدوها وجهزوا الطائرات الإسرائيلية بها، في أشياء كثيرة جدا لكن ده مش موضوع دلوقت، لكن قوة سلاح الطيران هي أولا منطق الطيران منذ البداية كان يناسب نظرية أمن إسرائيل، منطق الطيران في النهاية كان فايسمان أو الجماعة اللي معه واحد زي هود قائد الطيران في المعركة فعلا كانوا أيضا الطيران ماثل في ذهنهم لما جاءت حرب الـ 1956 وشافوا الدور اللي عمله الطيران البريطاني وأخذوا الخطة بدأ يبقى في ضربة الطيران هي الحلم الأكبر، هي من ظلال السويس لكن هنا مش ظلال السويس بالمجرد ولا بالتقليد من ظلال السويس وحده زي ما بيقول فايسمان نفسه قعد يدرب قواته عليها خمس سنوات بلا انقطاع لكي يتأكدوا أنهم يستطيعون أن يجعلوها بهذا المستوى. عندنا في الطرف المصري، في الناحية المصرية أنا بأعتقد وأنا قلت قبل كده، الخطة قاهرة كانت كويسة جدا لكن هي أيضا استفادت من السويس، نظرت، أو ظل السويس كان عليها، فهي على طول والمخططون بيحطوا الخطة بدوا وفي تذكرهم لـ 1956، أول حاجة عملوها، إنجلترا وفرنسا لن تكون في هذه المعركة وبالتالي ضربة الطيران على هذا النطاق وعلى هذا الحجم مستبعدة، في ضربة طيران ولكنها ضربة طيران بالقوة الإسرائيلية كما يتابعونها وكما يعرفونها، هم قدروها في ذلك الوقت بـ 350 طائرة عند وضع الخطة رفعت فيما بعد أثناء المراجعات إلى 300 ثم إلى 350 لكن أحدا لم يتصور أنها حتزيد، بعد كده من المتطوعين وفي ظروف حرب في الظروف الطوارئ من أول 14 مايو لغاية 5 يونيو أنها حتزيد بحوالي 170 متطوعا، جايين طيارين جاهزين بعضهم من كل حتة بعضهم من اللي راح إلى ليبيا وأخذ طيارات هناك وجاء بها إلى هنا، ضرب وتوجه إلى إسرائيل ولكن مواضيع الخطة الخطة في حد ذاتها الخطة قاهرة في حد ذاتها زي ما قلت في حد ذاتها كافية جدا لمواجهة الموقف، لكن هنا على طريقة رؤية ما جرى سنة 1956 والاستفادة منه ولكن مع الأسف الشديد العنصر اللي فات على كل الناس -مش بس واضعي الخطة- أن الدرس كل الدرس لا بد أن يفهم وليس فقط أن يصم، اللي حصل أنه إحنا كما يفعل تلاميذنا حتى الآن أنه المعرف لدينا بالحفظ ويمكن ده ميراث في الفكر الديني من وقت طويل قوي وفي الفكر العربي موجود أنه حفظ النصوص، والحفظ آه ممكن حد يحفظ نصا ويؤديه وبقدرة ولكن حجم المعرفة في رأيي هو بقدر التجاوز بقدر ما أن الناس قادرة تتطلع بالخيار وبالجرأة والجسارة إلى ما وراء ما عرفوه، الدرس مهم جدا ولكن المهم في الدروس ليس حفظها كما هي كحفظ النصوص وإنما هو مع الأسف أقول اللي عملوه الإسرائيليون أنه سمع الدرس كما سمعت ورأى ظلال السويس وأحس بها وأثرت في العقائد اللي تصورها الحرب واعتمدتها الحرب كما تأثرت فيها ولكن هو فهم وأنا حفظت وهذا لم يكن كافيا. ولكن في الخطة، الخطة كان موجود فيها وأنا شرحت الخطة ما قبل ولكن أو أصعب حاجة موجودة في اعتقادي كانت موجودة في الخطة هو أنها.. وأنا مستعد أعذر المخططين لأنه هم من وجهة نظرهم أما وقد تصوروا وهنا أنا بأظن أن ده خطأ سياسي مش بس خطأ مخططين بس، لأن كل خطة توضع في الدنيا عندنا وعند غيرنا توضع على أساس اللي بيسموه assumptions الافتراضات الرئيسية في وضع الخطة وهذه مهمة سياسية، السياسة بتقول، العسكرية، التخطيط العسكري، بتقول له الأخطار المتوقعة، أولا التهديد معروف، في نظرية أمن مفهومة، مصادر التهديد معروفة، الحوادث مفهومة، ومتابعتها في ظاهرها معروف، باستمرار القيادة السياسية أو أي سياسة أو سلطة سياسية تعطي للمخططين افتراضاتها الأساسية في مصادر التهديد، هنا على ما أتصور أنه في على مسار ما بين السويس سنة 1956 وما بين السويس سنة على حد تعبير كينيت لف، السويس الثانية السويس مكررة أو السويس، يمكن السويس بالمقلوب كمان، لكن الحوادث التي جرت في ذلك الوقت، من هذا الوقت إلى ذلك الوقت، من السويس الأولى إلى السويس الثانية إذا جاز الافتراض، الصورة تغيرت جدا جدا جدا، أنا في ده أول حاجة استنتجتها أو الناس استنتجوها في ذلك الوقت استنتجوا أن إنجلترا وفرنسا مش موجودين والولايات المتحدة لا يمكن تكون موجودة مباشرة ببساطة لأن هذا يغضب أطرافا عربية أخرى ثم أن الاتحاد السوفياتي، وبالتالي بقى في تصور أنه آه إسرائيل سوف تعطى الوسائل وهي تقوم بالمهمة في حالة الخطر القصوى ولكننا فات في التخطيط أنه لو كنا فهمنا الدرس نقول أنه في طرف سوف يتدخل ويعطي الوسائل ويتصرف بطريقة مختلفة عن.. الخطط لا تكرر نفسها، الحروب لا تكرر نفسها، حفظ الدرس لا يجدي هنا وأعتقد أنه أنا هنا مش بس يعني أنا شفت عددا كبيرا من الناس العسكريين اللي بيتشاركوا في الحرب وأحسست أن ظلال السويس كانت عندهم أيضا بطريقة مغلوطة حتى في رؤيتهم هم للسياسة ودون أن تقول لهم السياسة حاجة، يمكن السياسة قالت لهم إن إنجلترا وفرنسا مش موجودين وده كان واحدا من الافتراضات الموجودة، لكن في حاجات ثانية زادت على هذا أن الناس بتستخلص قناعات ليس فقط مما تعطيه السياسة من افتراضات تتصورها، لكن مما هم رؤوه، أنا أتصور أنه كثير جدا من اللي أنا شفتهم من اللي كانوا مشاركين في حرب 67 كان لديهم قناعات أنه ما فيش حرب وأنها حتتحل بشكل ما سياسي، شافوا قبل كده أزمات وقت الوحدة شافوا أزمات في وقت الثورة في العراق شافوا أزمات كثيرة قوي قامت وبشكل ما السياسة كانت قادرة أن تحلها. أنا فاكر أنه لما رحت أشوف عبد الحكيم عامر في اسطال في قريته في اسطال، فيما بعد بعد الحرب وبعد، وفي الفترة اللي كان فيها هو بيتصرف بشكل أو بآخر وده موضوع ثاني يعني بشكل شوية مزعج يعني، لكن أنا فاكر رحت له وبنتكلم على كيف انتصرنا في الحرب فاكتشفت حاجة غريبة جدا أنه هو أيضا لم يكن متصورا أن الحرب قادمة بهذه الحتمية، تصور، هو قال لي وقتها، قال لي أنا، يعني أنا، هو كان شاف البرقيات التي كانت جاءت من القوني، من محمد القوني في نيويورك عن المهلة التي طلبها يوثانت علشان استكمال المحادثات الدبلوماسية، كان عارف أن زكريا محي الدين رايح واشنطن، كان عارف أن دوبركانفليه نائب الرئيس جاي وبشكل ما تصورت له قناعاته رغم أنه سمع أنه في نوع من الإنذار نوع من التحذير أنه النهارده الحرب، يوم الاثنين 5 يونيو في الغالب في حرب، ضربة جوية، أنا كنت بأسأله كيف يمكن، إزاي عملت أنك أنت ركبت طيارة في هذا الوقت ورحت لسيناء رغم كل هذه الشواهد؟ قال لي الشواهد دي ما كانتش قاطعة في أي حال والحاجات الثانية التي في مقابلها كانت ممكن توحي أن ده مش مظبوط وأنا على أي حال كنت عايز أروح.. لكن بصرف النظر عن ده، اللي بيهمني هنا في ده، أنه من دروس السويس وما بعد السويس، تصورات أن السياسة أن العمل السياسي قادر على أن يحل، تصورات أيضا الاتحاد السوفياتي ممكن يبقى موجود، تصورات أيضا أنه في sanctions في قيود على الأميركان بسبب الموقف العربي، كل ما كان في السويس كل الـ assumptions الأساسية، كل الافتراضات الأساسية التي كان يمكن استنتاجها من حرب السويس أو من  تجربة السويس أو من درس السويس لم تكن موجودة ببساطة في مكانها في أثناء الـ 1967 وكل تصور في التخطيط يبني على أساس سنة 1956 كان يبني على موقف تغير جدا تغير بقسوة ولكن حتى هنا أيضا تجاوز هذا ظلال السويس في تجاوزها في ما ألقته على المخططين وهم يستبعدون الضربة الجوية أظن أنهم لم يقدروا بالقدر الكافي ما هي الأوضاع والظروف التي يمكن أن يحاربوا تحتها إذا تحققت الضربة الجوية الإسرائيلية وبقوة إسرائيل في ظاهر الأمور لأن هذه سوف تخلق أشياء في معنويات القوات على الحرب البرية تؤثر فيهم بأكثر مما يتصور أي حد، لكن الـ assumptions اللي كانت، الافتراضات كلها التي كانت موجودة لدى واضعي الخطط، الخطة قاهر، أظن أنها لم تكن في مكانها، كان ممكن قوي تيجي الضربة الجوية ثم لا تحدث كل هذا الأثر الموجود الذي جرى يعني، لكن ده كان يتطلب عاملين أساسيين، العامل الأول هو عامل المعلومات لأن تدفق المعلومات ممكن قوي يخلي القيادة وهي تراجع خططها حتى في اللحظة الأخيرة تغير افتراضات بنت عليها تصرفات الخطة الأصلية ولكن مع الأسف الشديد هذا التدفق في المعلومات لم يكن موجودا عندنا، المعلومات هنا في قضية الحرب المعلومات ليست قضية بسيطة المعلومات باستمرار قدامنا كل حاجة في أي حرب موجودة قدام الأطراف بمعنى أنه في أزمة موجودة تحذر وفي حشد جيوش ممكن يؤكد لي أنه نحن مقبلون على المعركة وممكن جدا أن تتسرب إلي أشياء حتى في الصحف عن الأهداف المطلوب تحقيقها لكن أستنى باستمرار عنصرا أساسيا جدا بيسميه العسكريون النوايا، أنا بأعرف قوة العدو اللي قدامي وبأعرف حشده وشايف قدامي أنصاره وشايف قدامي تصرفاته والصحف تعطيني معلومات كثيرة قوي ولكن ما حدث بيديني قدرا معينا عما ينوي هذا العدو أن يفعله بهذه القوى التي حشدها، بالضبط عاوز يعمل إيه؟ بالضبط عاوز ينفذ من أين؟ عاوز يضرب من أين؟ عاوز يتصرف إزاي في هذه اللحظة؟ وهنا اللي بيسموه باستمرار كل عسكريين أنه ممكن كل حاجة في الحرب ممكنة ومعروفة إلا حاجة واحدة بس يبقى فيها السر وهي نوايا العدو، ما الذي يريد هذا العدو أن يفعله بالتحديد؟ كيف؟ فيما يتعلق بالخطة قاهرة أنا أظن أنه لو توفر لها المعلومات الكافية كانت أمكن تعديلها ولكن أنا وأنا تابعت، أنا لا أعلم، بأعرف بقدر كافي قوي أنه كان في قصور شديد جدا في المعلومات، برر لي فيما بعد أنه نحن ما كانش عندنا ناس كفاية داخل إسرائيل، برر لي بأن إسرائيل كان عندها وسائل أكثر في الإخفاء وفي التمويه حتى باستعمال صحف الغرب فيما نشرته من أخبار عن المعركة وعن الاستعداد في المعركة، أنا مكسوف أقول وما يليقش يمكن أقول إنه أنا شفت في المسلسلات وقصص في التلفزيون والجرائد عن جواسيس عندنا كانوا موجودين داخل إسرائيل وأنهم بعثوا معلومات وبعضهم رسمت له هالات أنا بأعتقد أنها كانت ضربا من الأوهام، بس اللي أنا عاوز أقوله إنه نحن لم يكن لدينا في الفترة ما بين 1956 لفترة 1967 عميلا واحدا له قيمة داخل إسرائيل، بينما كان لإسرائيل عندنا عشرات العملاء الألمان والصحفيين، أنا يعني في كثير جدا من الصحفيين اللي جاؤوا لنا كانوا في الواقع بيشتغلوا في أماكن أخرى ودي أظهرتها تحقيقات الـ CIA ولكن في ناس تحت غطاء أنهم صحفيون راحوا لسفاراتنا في الخارج وجاؤوا في مصر وقبله مسؤولين وهم في واقع الأمر أنا يعني مكسوف أقول جدا واقعة غريبة جدا، أنا في واحد من السفارة الأميركية في القاهرة عزمته، شفته وعرفته في وقت ما كان موجودا، لوك باتل، أنه السفير باتل، ثم فيما بعد هذا الرجل جاء عندي تكلمت معه وشفته وأخشى أقول تغدى في بيتي وبعدين فيما بعد وأنا بأقرأ الوثائق اكتشفت أن هذا الرجل كان هو الرجل المكلف بترتيب عملية اغتيال لـجمال عبد الناصر، بمعنى بأقول إنه إحنا في تعاملنا مع العالم الخارجي إحنا تعرضنا لاختراقات لم تتعرض لها إسرائيل لكن واحد لم يكن عندنا عملاء أبدا إلا في المسرحيات والمسلسلات ولكن أخشى أقول إنه كثير قوي في وهم اتقال وأنا مش عاوز أسمي أشياء بأسمائها ولكن المخطط المصري وهو يضع خطته كان يضع خطته وهو في ظلام كامل.

[فاصل إعلاني]

المعلومات الضائعة.. خطة في الظلام

محمد حسنين هيكل: الحاجة الثانية اللي كانت ممكن تعوض نقص المعلومات في وضع التخطيط وفي إمكانية الإمساك ببقية التخطيط خصوصا في ظرف عصبي كما حدث بعد الضربة الأولى كان ممكن تبقى الإنذار المبكر لكن الإنذار المبكر مسألة مهمة جدا، هو أنا قدامي إنذارات كافية قوي، قدامي إنذارات في وقت الـ 67 قدامنا إنذارات كافية وكلها بتقول الحرب جاية، كلها بلا مجال للمناقشة بتقول الحرب جاية، ودائما إسرائيل عارف التوقيتات التي حتضرب فيها، معرفة التوقيت مهمة جدا، على سبيل المثال إحنا سنة 1973 كنا عارفين التوقيت اللي حنضرب فيه وبالتالي لم نكن في حاجة إلى إنذار متى تبدأ العمليات لأن المبادأة كانت عندنا، لكن في 67 كان الوضع مختلفا، المبادأة عند العدو ونحن لا نستطيع أن نبدأ بالضربة الأولى يقينا، لأنه ده الموقف اللي واجهته إسرائيل برضه في سنة 1973 لأن غولدا مائير لأسباب أخرى طويلة جدا مش وقتها دلوقت عرفوا قبلها بشوية أنه في ضربة وحتى اللي قال لهم أو الجاسوس اللي قال لهم في ذلك الوقت قال لهم إن الضربة هي الساعة السادسة مساء يوم كذا، يوم 6 أكتوبر، صحيح أن هذا الجاسوس في ذلك الوقت لم يكن يعرف التوقيت الحقيقي لأنه فاته بشكل أو بآخر ولكن قال لهم الساعة 6 وبينما هو كان تغير لأسباب أخرى إلى الساعة اثنين، لكن هنا إنذار مبكر بالتوقيت مهم جدا. أنا شايف بحرب 67 أن الحرب نفسها قادمة، لم تكن هناك مفاجأة، أن الحشد موجود، القوات موجودة، القوات محتشدة على الجانبين، الشواهد كلها موجودة، العمليات الدبلوماسية متعثرة، العالم كله مأخوذ بما يجري لكن لو أنه كان في إنذار مبكر، نوع من الإنذار المبكر صباح يوم 5 يونيو يمكن كانت العملية اختلفت، هذا موضوع دار حوله جدل لأنه قيل إنه كان في إنذار وهو أنه في إنذار مبكر أن ما حدث التفت له، لكن أنا مستعد أقول إن هذا الإنذار لم يكن ممكنا أن يكون فاعلا في الظروف التي جرى فيها لأنه ببساطة كده، في قبل كده مرة أنا حاولت أشرح أنه لا يمكن أن تستطيع مصر في داخل حدودها هي نفسها أن تحارب بمعركة دفاعية عن نفسها، وأيضا فيما يتعلق بالإنذار المبكر كان ضروري جدا تواجد نوع من التواجد خارج الحدود المصرية أوسع بكثير قوي من الحدود المصرية لكي يكون هناك فرصة لإنذار مؤقت إذا لم يكن لدي عملاء داخل إسرائيل قادرين على أن يرسلوا لي بإنذار على نحو ما، وإنذار على نحو ما وأصحاب، من يتلقوا هذا الإنذار هم اللي عليهم كيف يواجهوا، إذا كانوا يضربوا ولا ما يضربوش، يستنوا أو يعملوا زي ما عملت غولدا مائير سنة 1973 لما جاء لها الإنذار وأدركت أنها لا تستطيع أن تبدأ بضربة أولى وأنه عليها أن تنتظر بضربة ثانية، لكن عندها الإنذار، عندها إنذار أن هناك عملية قادمة في ظرف 24 ساعة وأنها الساعة 6 مساء ولو أنها كانت الساعة 2، ولكن هي قررت لأسبابها أنها حتستنى الضربة الثانية. في حالتنا إحنا سنة 67 لو أنه كان موجود في إنذار ومهم جدا أنه يبقى قدامي الإنذار ثم تقرر السياسة اللي عاوزها وتتحمل مسؤوليتها فترى إن كانت تواجهه بعمل مسبق أو تنتظر، في حالتنا إحنا، في حالة سنة 1967 هناك كلام قيل عن إنذار وفعلا جاء هذا الإنذار بس جاء متأخرا، حأقول كيف حصل، هذا الإنذار أول حاجة كان في الأردن لما، قبل ما يجي الملك حسين يوم 30 مايو سنة 1967 ما كانش عندنا ممكن يبقى عندنا حاجة من الأردن تطل على ما يجري في إسرائيل، في حاجة مهمة جدا وهو أنه في الأردن، الأردن بقربه من إسرائيل بإطلالة بعد التلال فيه على إسرائيل كان يستطيع قوي أن يرصد قيام الموجات الأولى من الضربة ولكن هذا لم يكن ممكنا أن يتحقق في ظل الظروف التي كانت فيها علاقتنا بالملك حسين -قبل ما يجيء هنا مصر- مقطوعة وخناقات طويلة قوي وحكايات طويلة قوي، ولكن لما جاء وراح عبد المنعم رياض وتقرر، عرض أنه في نقطة مراقبة مهمة جدا في قاعدة عجلون أو في موقع عجلون في الضفة الغربية وأنه ممكن يتحط عليها محطة مراقبة سريعة جدا، الكلام ده كان موجودا يوم 1 يونيو, وأرسل إلى هذه المحطة ثلاثة أفراد واتفق على إشارة الكلمة عنب، أنه أول ما يشوفوا الطائرات طالعة حيبعثوا إلى الجيوشي إلى مقر قيادة الدفاع الجوي في الجيوشي بإشارة لاسلكية اسمعها بتقول عنب عنب عنب وبتكرر الكلمة كذا مرة، وهذا موضوع طلع عليه الجدل حتى أن كلمة عنب أصبحت مسألة مهمة في الأدبيات العسكرية المصرية. لكن عاوز ألاحظ حاجة، الإنذار ما هواش لحظة، ما هواش ناس راحوا لم يتدربوا، الإنذار راح.. قوى الإنذار، القوى اللي المفروض يعملوا الإنذار وموقع الإنذار عملوا يوم 1 يونيو وراحوا ثلاثة أفراد يبقوا موجودين ويرصدوا لكي يرصدوا، وبالفعل لازم أقول إن هؤلاء الأفراد شافوا ورصدوا وأرسلوا لكن هم دول كان عليهم يعملوا حاجتين مهمتين، حاجتين غراب قوي، أولا كان لازم يقولوا للقيادة الأردنية أن يبعثوا الإنذار، عبد المنعم رياض موجود في عمان بيقود، يعني المفروض بيقود، والشريف ناصر موجود في المواقف الأمامية هو اللي بيقود الجيش الأردني في ذلك الوقت، بالترتيب الطبيعي للأمور المحطة ترصد ثم تبلغ الأردنيين وتبعث على طول إلى الجيوشي، تبلغ أن الإشارة عنب معناها أنه في طائرات قامت من هناك لكن هذه الإجراءات، المشكلة أن الإشارة إلى الجيوشي لكن باعتقادي أن المسائل عندما ترتب على عجل بهذه الطريقة المعلومات يمكن تيجي على عجل ولكن وسائل توصيل المعلومات لا بد أن تكون منظمة لأنه ما يمكنش على سبيل المثال حتى في عملنا إحنا، ما حدش يقول لي إنه إذا لم تكن هنا وكالة أنباء مستقرة وثابتة في مكانها جاء أي خبر break news أخبار عاجلة جدا مستعجلة، على طول القنوات مفتوحة لكي تصل هذه الأخبار ولكن إذا لم تكن هنا وكالة أنباء إذا لم تكن هناك الأدوات الموصلة للإنذار إذا لم تكن كفؤة كمان أيضا فهنا الإنذار بأعتقد أنه يتوقف كما يتوقف أي خبر مهم جدا إذا لم تكن هناك قنوات وكالة أنباء لتنقله، اللي حصل في ذلك الوقت وهذا كان أيضا مشكلة الخطة قاهرة أنه واحد كان عندها، استبعدت الضربة الجوية على هذا النطاق الشامل، ما عندهاش معلومات كافية لإعادة النظر فيها باستمرار وبعدين ما تصورته من وجود إنذار والناس المخططين بيتابعوا، ما كانش موجود في مكانه لأن الأدوات الموصلة له لهذا الإنذار كانت أدوات قد كده، كل ده في ناس مسؤولة عنه أنا ما بأتكلمش في المسؤوليات، أنا بأتكلم في محاولة وصف ما جرى أو وصف المنطق الذي ساد لأنه أحاول أن أقول إنه كيف أن درس السويس في ناس فهموه وناس حفظوه وناس استغلوه واستفادوا منه، الأميركان يعني. لكن هذا الإنذار لما جاء على أي حال كان حصل كمان بسبب الوسائل، ما هواش بس القنوات الموصلة لكن الأدوات، أدوات التوصيل هي أيضا استعداد الأفراد لما جاء الإنذار عنب وصل للجيوشي كان حصل أن التردد كمان، الترددات لم تكن ترددات اللاسلكي في استعمال في تلقي الإشارات لها ترددات فاللي حصل أن الترددات اللي موجودة في الجيوشي كمان كانت بتتغير، بتتغير كل وقت أو بتحاول تضبط نفسها وتؤقلم نفسها والتردد الجديد لم يكن قد وصل إلى عجلون، هنا في تقصير آه، لكن هنا في القصور الأكبر ليس في المعلومة ليس في وصول المعلومة ولكن في أن الأدوات التي استخدمت في توصيل المعلومة لم تكن موجودة بالطريقة الصحيحة ولم تكن قادرة على أن تؤدي عملها لأنها أنشئت في لحظات، مش كده تتعمل الوسائل، والحاجة الثانية أيضا أنها لم تكن قد جربت، قيمة أي جيش في استعداد أنه بيجرب عملياته بالمناورات مرة ومرة ومرة ومرة ولا يكف عن أن يتدرب على عملياته لأنه هنا وهو في كل مرة يجرب فيها ويجري مناورات سنوية ونصف سنوية وربع سنوية إلى آخره هو هنا بيختبر وسائله لكي يتأكد من صلاحيتها عندما تجيء اللحظة التي  يطلب فيها دور القوات المسلحة. لكن هنا بقى على أي حال الخطة موكاد الإسرائيلية تعلمت درس السويس تعلمته، الخطة المصرية حفظته وحاولت أن تضيف إليه أو تطلب ضمانات إضافية لها ولكنها واحد لم تتلق المعلومات لم يكن لديها فيض المعلومات التي تمكنها من تعديل الخطة وفقا للتطورات الثابتة وهي الحقيقة يعني أنها كانت خطة اللي ممكن حد يسميها.. ولما وريتها للجنرال بوفر وأنا قلت عن هذا الكلام هو رآها خطة معقولة وكافية ولكن هذه الخطة لم تتأهب لعملية نزع الغطاء الجوي بالكامل عن القوات البرية ولم تأخذ في حسابها ضربة جوية، الحاجة الثانية أن تصورات المخططين عن العمل السياسي وعن فكرة السياسة وعن أن السياسة تقدر تعمل إيه وفي أي لحظة وما هي، مش موجودة أو على الأقل فكرة خاطئة لأنها قاست ما كان على ما هو كائن بنسيان كامل لتصورات لم تعد موجودة في مكانها، لا العرب موجودين، القوى العربية كلها مش موجودة في مكانها، لا السعودية في مكانها ولا الأردن في مكانها ولا سوريا في مكانها، الاتحاد السوفياتي لم يكن في مكانه، القوى الدولية، الاتحاد السوفياتي لم يكن في مكانه، أميركا ليست في مكانها التي كانت فيه سنة 1956، أصدقاؤنا في العالم الخارجي كانوا تعرضوا إلى ضربات، في أفريقيا كانت حصلت سلسلة الانقلابات التي بدأت بن كروما في غانا وبعدين وصلت إلى غينيا ومالي وإلى آخره، في أندونيسيا كان أحمد سوكارنو سقط والدنيا بتتقلب فيها، الموقف العالمي كله اللي كان موجودا في السويس في آسيا في أفريقيا في القوى الكبرى في العالم العربي كله مختلف، لكن إحنا هذا كله لم يصل، فوق ذلك لم تصل مدد من المعلومات الكافية وإضافة إلى هذا لم يكن هناك إنذارات كافية. في بقى قلت في طرف أدرك درس السويس وقد تعلمه وفي طرف حفظ الدرس صم وقد حاول بالمنطق الطبيعي لحفظ الأشياء، وفي طرف وهو ده من تنبه له صدقي محمود وأظنه كان هنا صدقي محمود كان لما لمح أو أحس بأن الضربة الجوية اللي جاية له أو التي تلقاها كانت أكبر جدا مما توقعه في إسرائيل، كان فيه عاملين في تفكيره، العامل الأول أنه نسي كيف تستفيد إسرائيل من الدرس وأنها تقدر تعمل بوسائلها إذا توفرت، بنفسها إذا توفرت لها وسائل لم تكن في حسابه ولا باله، لكن إسرائيل كانت تقدر خصوصا باستيعابها لفكرة الطيران ومعرفتها بموضوع الطيران واعتمادها في الدفاع، في نظرية الأمن القومي المتعلقة بها على الطيران بالتحديد، والحاجة الثانية أنه لم يتصور أن الأميركان يبقوا موجودين لأن الأميركان في استفادتهم من الدرس هم الآخرين أظن أنهم تصرفوا بذكاء لم نستطع في ذلك الوقت أن نكشفه بالقدر الكافي إلا عندما قرأنا الوثائق، نحن تصورنا في ذلك الوقت أو كل الناس تصورت في هذا الوقت أن أميركا إدت لإسرائيل وسائل وإدتها وإدتها لكن تصورنا أنها إدت في حدود ما يمكن أن تستوعبه إسرائيل، اللي أنا كنت بأقوله إن إسرائيل تعتمد على الطيران بسبب حجم محدد، بسبب مساحة محددة، بسبب عدم قدرة على التعبئة الطويلة، بسبب الحرص على الأفراد لأنهم بيعتقدوا هم الدم اليهودي خزان الدم اليهودي محدود جدا في العالم وبالتالي هم حريصون عليه فالطيران هو وسيلتهم، فإحنا كنا بنقول أو في تصورنا أنه كم طائرة تستطيع أن تتحمل إسرائيل وكم طيارا، لكن هنا فات أشياء كثير، كم طيارة؟ الخطة، خطتنا الخطة قاهرة تصورت أن إسرائيل عندها 250 طيارة ثم رفعت تقديراتها لغاية أقصى حد وصلت إليه هو 350 ولكن عندما بدأت المعركة كان في 512 طيارة، وعدد الطيارين اللي إحنا كنا مقدرينه أظنه كاد أن يقارب ضعف ما كنا مقدرينه لكن حتى هذا بقي في إطار ما يمكن تصوره من جانب إسرائيل، يمكن ما تصورش المخططون أن المساعدات يمكن أن تصل إلى هذا الرقم لكن زاد عليها الفعل الأميركي الذي جاء في آخر لحظة، وأنا بأتكلم على ليبيا هنا، بأتكلم على الغرب هنا، بأتكلم على ما فعلوه في ليبيا هنا وأنا قدامي وثائقه كلها ولكن هناك في ليبيا القوة التي أرادت، مضت أكثر من كل الآخرين، مش بس حفظت الدرس صم لكن القوة التي استفادت من الدرس في آخر لحظة تركت بصمات في قاعدة ويلس في ليبيا أظنها لم تكن تقصدها ولكن كانت باينة في ذلك الوقت، قدامي الوثائق وكلها بتتكلم على أن جماهير الشعب الليبي بتحاصر القاعدة، قواعدنا في ليبيا في ويلس لأنها شايفة الطيارات طالعة وأنه في موقف خطر، وبعدين بيطلبوا الاتصال على أرفع مستوى بالحكومة الليبية لأن الموقف ممكن قوي ينكشف هناك وبعدين بيقولوا إنهم محتاجون تقريبا 24 ساعة لكي تنتهي القاعدة في ويلس، دور إسرائيل وأميركا من قاعدة ويلس لأنه في حصار حول القاعدة، الناس متنبهة والحكومة بتحاول تنفي وفي مصر بدأت تبقى في شكوك ولكن هناك في ليبيا في اعتقادي أن الطرف الأميركي نسي في نهاية العمليات كلها أن يضع بصمة على الغرب وقد ترك بصمة على الغرب وتركها في مطار ويلس وأظن أن هذه أيضا كانت من ضمن ما لم يتوقعه الذين حفظوا الدرس ولكن كانوا يعرفوه الذين فهموا الدرس وبالطبع أهداه من استفاد من الدرس. تصبحوا على خير.