لقاء اليوم

أبو حفص الموريتاني.. هجمات 11 سبتمبر ج1

تستضيف الحلقة في جزئها الأول الرجل الثالث في تنظيم القاعدة أبو حفص الموريتاني، ليتحدث حصريا للجزيرة عن كيفية موافقة مجلس شورى القاعدة على ضربات الحادي عشر من سبتمبر.

– تقرير الكونغرس الأميركي حول 11 سبتمبر
– القاعدة ومراجعة الفكر الجهادي

– اجتماع القاعدة بخصوص أحداث سبتمبر

– التداعيات الدولية للأحداث في مالي

‪أحمد فال ولد الدين‬ أحمد فال ولد الدين
‪أحمد فال ولد الدين‬ أحمد فال ولد الدين
‪محفوط ولد الوالد‬ محفوط ولد الوالد
‪محفوط ولد الوالد‬ محفوط ولد الوالد

أحمد فال ولد الدين: مشاهدينا الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج لقاء اليوم ضيفنا في هذه الحلقة هو الشيخ محفوظ ولد الوالد الرجل الذي عرف في السنوات الماضية بأبي حفص الموريتاني هو الرجل الثالث في تنظيم القاعدة أهلا بكم الشيخ محفوظ.

محفوظ ولد الوالد: أهلا وسهلا ومرحبا بكم.

أحمد فال ولد الدين: حيّاكم الله، شيخ محفوظ وضعت الولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات الماضية 25 مليون دولار لمن يدلي عنكم بمعلومات أنتم اليوم أحرار هنا في موريتانيا ما الذي حدث بالضبط؟

محفوظ ولد الوالد: بسم الله الرحمن الرحيم، من المعروف أن إدارة بوش الابن بعد أحدث سبتمبر وتحت تأثير الصدمة وقوة أحداث سبتمبر وما تركته في الولايات المتحدة الأميركية، هذه الإدارة بادرت على وجه السرعة بتشكيل لائحة من الناس والمؤسسات والهيئات والجمعيات وكل من له علاقة بالإسلام والعمل الإسلامي من بعيد وقريب والعمل الجهادي بصورة خاصة، فأدرجتها أدرجت هذه الأسماء في هذه اللائحة وضعت ملايين الدولارات على رأس كل اسم من هذه الأسماء وخاصةً الأسماء التي كانت معروفة في ساحة الجهاد، واتهمتها بأن لها ضلعاً في أحداث ديسمبر، ولكن بعد تشكيل اللجنة التي شكلها الكونغرس الأميركي بالتحقيق في أسباب وأحداث  ديسمبر وملابساتها توصلت هذه اللجنة بوسائلها  الخاصة إلى أني شخصياً كنت من أشد المعادين لأحداث ديسمبر.

تقرير الكونغرس الأميركي حول 11 سبتمبر

أحمد فال ولد الدين: هذه اللجنة أصدرت تقرير الحادي عشر من ديسمبر نصت  في الصفحة 251 على أنكم عارضتم ضرب الولايات المتحدة لكنها نصت أنكم كنتم موجودين في المداولات مجلس شورى القاعدة الذي قرر ضربها.

محفوظ ولد الوالد: نعم، أنا كنت موجوداً لكن أكمل الإجابة عن السؤال الأول قبل أن آتي إلى هذه النقطة، طبعاً الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس الجديد لعلها أرادت أن تصحح أو تتدارك بعض الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة السابقة في تصنيفها للناس فأرادت أن تتدارك هذه الأخطاء ومنها أنها أعلنت أسماء كانت متهمة سابقاً بالتورط في هذه الأحداث أنها بريئة منها وأنها كانت معارضة لها وكانت من بين هذه السماء اسمي شخصياً، يضاف إلى ذلك أن الحكومة الموريتانية بذلت جهوداً مقدرة في هذا الباب مع الجانب الأميركي كانت محصلتها هي وجودي اليوم في موريتانيا.

أحمد فال ولد الدين: بعد جهود الحكومة الموريتانية ووصولكم إلى موريتانيا هل حقق معكم من طرف جهات أجنبية في موريتانيا؟

محفوظ ولد الوالد: أنا في الحقيقةً قبل الإجابة على هذا السؤال أريد أن أسجل شكري إلى  كل من سعى في موضوع عودتي إلى البلاد وأخص بالذكر هنا شخص الرئيس في الحقيقة قابلت بعض الغربيين الذين جاءوا إلى هنا..

أحمد فال ولد الدين: أميركيون.

محفوظ ولد الوالد: منهم أميركيون، وكانت أسئلتهم وكل الحوار الذي دار معم هو لم يكن تحقيق في الحقيقة كان منصبا على أسباب كراهية المسلمين إلى أميركا والدول الغربية.

أحمد فال ولد الدين: وكانوا يريدون أن يفهموا لماذا تعادونهم؟

محفوظ ولد الوالد: لماذا يكرهون المسلمون كل هذه الكراهية، أنا طبعا أجبتهم بصراحة وصدق لأنني لو قلت لهم غير ذلك سأكون غير صادق مع نفسي وغير صادق معهم، قلت لهم المسلمون لا يكرهونكم للأسباب التي يذكرها ساستكم عندما يقول لكم بوش أن المسلمين يكرهونكم ويهاجمونكم لأنهم يحسدونكم على ديمقراطيتكم وعلى نمط حياتكم وعلى مساواتكم بين الجنسين وعلى حريتكم في شرب الخمر وممارسة ما تمارسون يكذب عليكم من يقول لكم ذلك بينما المسلمون لا يمكنكم لأنكم كفار، نحن لدينا الصينيون وهم اقرب إلينا منكم وهم أغلب كفراً منكم والمسلمون لا يعادونهم هذا العداء الذي يعادونكم أنتم، فقالوا لنا إذن لماذا يعادوننا؟ قلت لهم: يعادونكم لأنكم انتم أعلنتم عليهم الحرب أكبر قضية من قضايا المسلمين وأقدس قضية لدينا قضية فلسطين.

أحمد فال ولد الدين: قالوا لك بأن الرئيس الأميركي ينتظر هذا الجواب، سمعت هذا هل هذا صحيح؟ 

محفوظ ولد الوالد: أي نعم، سألوني بعد هذا وقالوا: ما المخرج؟ حتى قالوا لي أن الرئيس أوباما ينتظر جوابك على هذا، نحن نريد أن نخرج من هذا، قلت لهم: الخروج منها بسيط، قالوا: بماذا تصحنا؟ قلت لهم: أنا كمسلم أنصحكم بأن تكونوا مسلمين أن تكونوا في الإسلام، ولكن إذا لم تدخلوا في الإسلام لن يعبر إليكم المسلمون المحيطات ليجبروكم على الإسلام ويقاتلوكم حتى تدخلوا في الإسلام.

أحمد فال ولد الدين: ما هو المخرج الذي أعطيتهم؟

محفوظ ولد الوالد: المخرج، قلت لهم السياسات السابقة والتي  ذكرت لكم والتي هي سبب هذا العداء غيّروها اخرجوا من بلاد المسلمين التي احتلوها، كفوا عن نهب خيرات وثروات المسلمين، كفوا عن دعم الأنظمة الفاسدة التي تدعموها في المنطقة، كفوا عن دعم إسرائيل، نحن لا نريدكم أن تساعدونا في مقاومة الاحتلال في إسرائيل في فلسطين أو استعادة فلسطين ولكن يكفينا أن تكفوا عن دعم هذا الغاصب وأن تلتزموا حسب القوانين الدولية التي أنتم تؤمنون بها، قالوا لي: نحن نريد سؤالا أخيراً كيف نخرج من أفغانستان بحيث لا تبقى تشكل لنا مصدر تهديد؟ فقلت لهم: إن المخرج الوحيد من هذا أن تتفقوا مع طالبان قبل أن تخرجوا من أفغانستان، وأظن أنها  إذا التزمت لكم بشيء سوف توفي به، بل أظن أنها سوف تلزم القاعدة إذا كانت القاعدة لا زالت موجودة في أفغانستان وأظن أن القاعدة حتى هذه المنطقة سوف تلتزم بما تلزمه به حركة طالبان.

القاعدة ومراجعة الفكر الجهادي

أحمد فال ولد الدين: هل هذا الموقف نتيجة مراجعات في الفكر الجهادي الذي كنتم تعتنقونه ربما لا زلتم أم هو تراجع؟

محفوظ ولد الوالد: في الحقيقة ليست هنالك مراجعة، أنا كل الأفكار التي أؤمن بها اليوم هي نفس الأفكار التي كنت أؤمن بها بالأمس، أنا مثلا كنت على الأقل من  20 سنة مضت كنت من أشد المعارضين لظاهرة التكفير في الصحوة الإسلامية.

أحمد فال ولد الدين: إذن الآن بعد 10 سنوات من ضربات 11 سبتمبر بعد أن رأستم الهيئة الشرعية للقاعدة  ما هو موقفكم من العنف؟

محفوظ ولد الوالد: أنا بالنسبة  لمسألة المراجعات، سوف نتطرق خلالها إلى مسألة الموقف من العنف، فأنا أقول أنه ليس عندي مراجعات بهذا الصدد، أنا مثلا من أشد المعارضين للأنظمة الاستبدادية التي كانت تحكم العالم الإسلامي، وأنا من أكثر المطلعين على الدور السيئ التي كانت تقوم به هذه الأنظمة بتآمر مع قوى الكفر العالمي في التآمر ضد هذه الأمة وضد شعوبها وضد دينها وضد كل شيء فيها، ولكني مع ذلك في الوقت نفسه كنت من أشد المعارضين للقيام بعمل مسلح ضد هذه الأنظمة لمحاولة إسقاطها لسبب بسيط هو أن التاريخ علمنا أن جماعة قليلة العدد قليلة التعداد لا يمكن أن تهزم نظاماً مجهزاً بأعتى الأسلحة وأضخم الجيوش ويمده الكفر العالمي في كل الجهات، وأي عمل من هذا القبيل هو سوف يكون إضافة كراسي جديدة إلى كراسي سابقة، سوف تتقوى الأنظمة وتستقوي بالقوى الخارجية وتضيق على الشعوب في الداخل ناهيك عن عدم الاستقرار وعدم الأمن وقبل ذلك كله أرواح المسلمين التي تزهق من كل طرف، من هذا الباب كانت معارضتي لأي عمل مسلح لإسقاط هذه الأنظمة، وخذ مثال على ذلك مثلا: العمل المسلح التي كانت تقوم به بعض الجماعات الإسلامية في مصر سواء كانت الجماعة الإسلامية وكانت جماعة الجهاد أنا لما جيت القاعدة وجدت منهمكة في دعم هذا العمل.

أحمد فال ولد الدين: متى التحقتم بالقاعدة بالضبط ؟

محفوظ ولد الوالد: التحاقي بالقاعدة كان في بداية التسعينات كان في سنة بعد 1990 فلما أجيت كانت أولوية بالنسبة لي أن أقنع القاعدة بأن دعم أعمال كهذه غير مجدي وأن أعمال كهذه ليس في المدى، ليس من الممكن أن تصل لإسقاط هذه الأنظمة، وأظن أني وفقت في ذلك إلى حد كبير، في بداية التسعينات لما أراد الأخوة في الجماعة الإسلامية الليبية القيام بالجهاد ضد نظام القذافي وطرحت هذه الفكرة في الساحة الجهادية، أنا كنت من أشد المعارضين لهذا لأن سنن الله جارية على الجميع وهي لا تحابي أحداً ومن سنن الله أن عدداً قليلاً من الناس بهذه الإمكانيات البسيطة لا يمكن أن يسقط نوعا كهذه الأنظمة.

أحمد فال ولد الدين: لكن المعروف في أديبات الدراسيين للقاعدة أنه عندما التحق أيمن الظواهري والجماعة الإسلامية- جماعة الجهاد في مصر- أن القاعدة ازدادت تطرفاً لأنها انتقلت أو ازدادت ميلا إلى العنف حتى نكون أدق لأنها انتقلت إلى جهاد بنظرة كونية عالمية فأين كان أثركم؟

محفوظ ولد الوالد: لعله من المفيد أن أذكر أو أذكّر بالمراحل التي مرت فيها القاعدة وأهم المراحل، القاعدة مرت بعدة مراحل: المرحلة الأولى كانت مرحلة التأسيس في البناء هذه كانت في أفغانستان نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات وكانت معظم أنشطة القاعدة هي الجهاد الأفغاني في دعم الأحزاب الجهادية عسكرياً ودعم المجتمع الأفغاني ماديا واجتماعيا وثقافياً ودعوياً فلما سقطت كابل في أيدي المجاهدين وانهار النظام الشيوعي وبدأ الاقتتال بين أحزاب المجاهدين الأفغان في ذلك الوقت نحن قررنا الخروج من أفغانستان والذهاب إلى باكستان لأننا اعتبرنا هذا القتال فتنة، ذهبنا إلى السودان وكانت هي المرحلة الثانية من المراحل في تاريخ القاعدة، في هذه المرحلة كانت معظم أنشطة القاعدة أنشطة استثمارية أنشطة خيرية أنشطة دعوية في حدود ضيقة، أنشطة تواصل مع بعض الجماعات والحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، أنشطة سياسية في هذه المرحلة كان الشيخ أسامة رحمه الله كان أسس هيئة النصيحة والإصلاح التي كانت معارضة للنظام السعودي في ذلك الوقت، وكان نشاط هذه الهيئة سبب من أسباب ضغط الحكومة السعودية على الحكومة السودانية من أجل إخراج القاعدة من السودان فضغطت الحكومة السودانية فخرجت القاعدة من جديد وعادت إلى أفغانستان، كانت المرحلة الثالثة من تاريخ القاعدة، طبعاً هذه المرحلة كانت هي مرحلة المواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية أنا طبعاً لم أخرج في هذه المرحلة.

أحمد فال ولد الدين: كنتم طيلة هذه المرحلة كنتم رئيساً للهيئة الشرعية داخل القاعدة.

محفوظ ولد الوالد: لا أنا كنت رئيساً للجنة الشرعية في مرحلة السودان وأفغانستان الثانية، مرحلة أفغانستان الثانية، لما أخرجت القاعدة من السودان إلى أفغانستان طبعاً دخلت مرحلة جديدة جاءت إلى دولة ليست فيها حكم مركزي قوي دولة ليس عندها شيء تخسره، ودولة هي انسب مكان لمن يريد أن يهدد أي جهة في العالم، فأصدرت القاعدة في هذه المرحلة البيان المعروف في إعلان الجهاد على أميركا، أنا طبعا في هذه المرحلة لم أكن موجوداً لأنه لما أخرجت القاعدة من السودان أنا بقيت في السودان أتابع دراساتي العليا وكان وضعي وضعاً قانونياً عاديا، في هذه المرحلة خططت القاعدة لأحداث نيروبي ودار السلام والمدمرة كول في اليمن وخططت أيضا القاعدة لأحداث سبتمبر، أنا طبعاً الأحداث الأولى لم أكن موجوداً كنت في السودان حضرت فقط لنقاش أحداث سبتمبر.

اجتماع القاعدة بخصوص أحداث سبتمبر

أحمد فال ولد الدين: هل لو وصفت لنا باختصار لأن الموضوع مشوق كيف نوقشت ضربات 11 من سبتمبر، في الحضور إذا أمكن.

محفوظ ولد الوالد: هو في الحقيقة أحداث سبتمبر لم تناقش بصورتها التفصيلية لم تطرح فكرة أن هنالك طائرات سوف تختطف، وأن هنالك أبراجا سوف تدمر وهنالك وزارة الدفاع سوف تضرب وتقصف بطائرات مخطوفة هذه لم توضع كهذا ولكن وضعت فكرة أن هنالك عملاً عنيفاً سوف يتم ضد الولايات المتحدة الأميركية وهنالك آلاف من الضحايا، وكان توقع جميع الحاضرين أن رد الولايات المتحدة على عمل كهذا لن يكون قصفاً بالصواريخ من بعيد كما حدث أيام ردها على أحداث نيروبي ودار السلام وأنه سوف يكون  الرد الطبيعي هو غزو أفغانستان وإسقاط  الإمارة الإسلامية في أفغانستان، طبعاً أنا كنت على رأس المعارضين لهذا العمل وعارضته طبعاً على أسس شرعية، الجهاد ليس هو أن تقتل فقط وتدمر.

أحمد فال ولد الدين: من عارضه أيضاً؟

محفوظ ولد الوالد: عارضه بعض الإخوة الآخرين بعضهم لا زال موجوداً وبعضهم استشهد، من المعارضين الحاليين الذين ما زالوا على قيد الحياة الأخ الشيخ أبو فهيد المصري الأخ الشيخ أبو محمد المصري، كان الشيخ أبو حفص الذي كان هو الرجل الثاني في التنظيم كان في ذلك الوقت كان من المعارضين أيضاً وهنالك أخوة آخرين  استشهدوا كانوا من المعارضين لهذه الأحداث..

أحمد فال ولد الدين: طيب إذا كانت هذه المجموعة عارضت وأنتم رئيس اللجنة الشرعية عارضتهم لماذا وُفِقَ على الضربات؟

محفوظ ولد الوالد: أنا فقط أريد أن أكمل لماذا عارضنا؟ نحن ربما نكون لسنا متهمين في هذا المجال، معارضتنا كانت انطلاقاً من منطلقات شرعية، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وهو من أفضل الأعمال، ولكن الجهاد ليس فقط أن تقتل وتدمر دون النظر في العواقب، الإسلام ينظر إلى صورة العبادة ولكنه ينظر في الحقيقة إلى مآلات وما تنتهي إليه هذه الأفعال، الناظر في عواقب أحداث سبتمبر في ذلك  يدرك أن أضرارها أكثر من نفعها.

أحمد فال ولد الدين: لكن أليست هذه نتيجة منطقية للفكر الذي اعتنقتموه منذ سنوات قبل ذلك؟

محفوظ ولد الوالد: أنا فقط أريد أن أكمل الأسباب التي جعلنا نعارض هذه الأحداث وهناك إن شاء إلى هذا، السبب الآخر الذي جعلنا نعارض هذه  العملية هو أنها تشتمل على محوران: هناك مدنيون سوف يقتلون ونحن ديننا يمنعنا من قتل المدنيين، المدنيون في مفهوم الإسلام هو كل من هو ليس له شأن في القتال يدخل فيهم النساء والأطفال والشيوخ والناس العاديون الذين لا شأن لهم بالقتال، وهؤلاء نهانا نبينا عن قتلهم، الرسول صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة فقال: ((ما بال هذه فلما قيل له أنها قتلت قال: ما كانت هذه لتقاتل))، دور آخر أن مثل هذه العمليات  تشتمل على نقض لعهد وآمان موجود لأن الذين يدخلون إلى مثلا  إلى الولايات المتحدة الأميركية بتأشيرات دخول نحن وجدنا من الناحية الفقهية أن هذه التأشيرة بمثابة آمان ومن أمنه العدو فالعدو منه في أمان كما هو معروف في الفقه الإسلامي فلا يجوز له الإخلال بمقتضيات هذا الآمان، الأمر الآخر الذي جعل نعارض هذه الأحداث هو أننا في ضيافة إمارة طالبان وقد أكدوا علينا مرارا في هذه المسألة وقالوا لنا لا تقدموا على أي عمل من هذا القبيل، وضعنا لا يتحمل على ردة فعل على عمل كهذا، وللأسف القاعدة تجاهلت كل هذه الأمور وضربت بها عرض الحائط.

أحمد فال ولد الدين: رغم كل الاعتبارات ومعارضتكم شخصياً لها  وآخرين لماذا ووفق عليها في هذا الاجتماع وأيضاً وأين كان؟

محفوظ ولد الوالد: في الحقيقة لم يوافق عليها الشيخ أسامة رحمه الله هو فيه ميزات كثيرة جداً وخصال جميلة جداً وحميدة منها حُسن الخلق وسماحته وطيبة عشرته وتواضعه الرزين وفيه خصلة أخرى هي أنه إذا أقتنع في أمر وصمم عليه لو اجتمع الثقلان على أن يُثنوه عنه لما أفلحوا في ذلك، فالشيخ أسامة قرر أن تتم الأعمال كما هي والأحداث كما هي وهذا كان سبب مفاصلتي بيني وبين التنظيم بعد إصرار الشيخ على هذه في جلسات كثيرة وحوارات كثيرة.

أحمد فال ولد الدين: قدمتم استقالتكم.

محفوظ ولد الوالد: قدمت استقالتي أولاً من مسؤولياتي في التنظيم في آخر لقاء بيني وبين الشيخ قبل أحداث سبتمبر بأسابيع وأصررت فيها على تقديم استقالتي  وهو جزاه الله خيراً وأدعو الله أن يتغمده برحمته قال لي أنا لا أعتبر هذا قرارك النهائي ولكني قلت له أنا أعتبره كذلك، ولكن قلت له أنا لن أعلن هذا الأمر حتى لا أؤثر سلباً ضد موقفكم وضد أي حتى لا يكون في إعلاني له مساندة  أو إضعاف للموقف الإسلامي وخاصة أنه في ذلك الوقت بدأت نذر الحرب تقترب فعلا وفيت بذلك نحن لم أخرج من أفغانستان إلا بعد أن سقطت إمارة طالبان وأمرونا طالبان أنفسهم بأن نخرج لأنهم قرروا التخلي عن الدفاع عن المدن لأن أصبح مكلفاً وقرروا الانتقال إلى مرحلة حرب العصابات.

التداعيات الدولية للأحداث في مالي

أحمد فال ولد الدين: قبل الانتقال إلى النقطة الموالية وهي أين ذهبتم بعد استقالتكم دعني أسألك عن نقطه مهمة وهي آخر طبعة من طبعات القاعدة حية الآن هي ما يحدث في مالي ما موقفكم مما يجري في مالي؟

محفوظ ولد الوالد: أنا في الحقيقة لو قلت لي أنني خبير في شؤون القاعدة الأم لأقول لك لم تخطأ الحقيقة كثيراً، ولكن القاعدة الفروع أو فروع القاعدة  ليست لي بها خبرة كافية، هذه الفروع أنا حقيقة لا أعرف عنها ما يكفي للحكم عليها أو اتخاذ موقف نهائي منها ولكن تفسيري لها  أنها جزء من حالة الرفض الإسلامي للسياسة الغربية في العالم الإسلامي والأنظمة المرتبطة بهذه السياسة الغربية، ومن هذا المنطلق أنا يمكن أن تكون لي أقول يعني يمكن أن نتوقع بعض المواقف التي يمك أن تتخذها هذه الجماعات وبعض المواقف التي يمكن أن توافق عليها إذا عرضت عليها، أنا في الحقيقة مبدئياً أنا لا أوافق على الأسلوب التي تقوم فيه الجماعة الإسلامية في شمال مالي وأعرف طبعا دوافع ما هي له ولكن أنا لا أرى أن هذا أسلوباً ناجعاً في أقامة دولة إسلامية وارى أن الجهاد يكون جهاداً فقط إذا كان غَلب من أهل الاختصاص والخبرة والقائمين عليه أنه سوف يقود إلى إقامة الدين الإسلامي والتمكين له حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، أي جهاد لا يؤدي إلى هذه النتيجة فهو في الحقيقة ليس الجهاد الشرعي المطلوب.

أحمد فال ولد الدين: هم مقتنعون بأنه سيؤدي.

محفوظ ولد الوالد: نعم هم مقتنعون لكن أنا أؤمن بأن أمثال هؤلاء فيهم الكثير من النوايا الصادقة وأهل الدوافع الحسنة وهم بما أوتوا من قبل النقص العلمي في بعض الأمور وعدم إدراك بعض الحقيقة أو نقص التجربة الكافية وإذا وجد الناس الذين ينقلون لهم مثل هذه الأفكار وهذه التجارب يثقون في دينهم ويثقون في علمهم.

أحمد فال ولد الدين: هل تفكرون في توجيه نصيحة لهم أو قيادة مبادرة أو شيء في هذا المضمار؟

محفوظ ولد الوالد: أنا حقيقة لو طلب مني أي شي في هذا المجال فأنا على استعداد له، هؤلاء أخوة في الدين وهؤلاء الكثير لديهم نوايا حسنة وبالمناسبة تابعت بعض التصريحات لبعض المسؤولين في الفترة الأخيرة، الفترة التي أصبحت نذر الحرب فيها تنذر بحرب سوف تقوم في المنطقة وهي في الحقيقة أنا أتمنى أن تلتقط هذه الخيوط ويستجاب لها في حدود الممكن، سمعتهم مثلاً فيما يتعلق بموريتانيا يقولون نحن لا مانع عنا من تحييد موريتانيا سمعتهم يقولون نحن مستعدون للتفاوض حتى مع الأميركان، فما بالك مع المسلمين الآخرين؟ عروض طرحت من هذا القبيل يجب أن لا  تغفل ولا نستمع إلى من يدقون طبول الحرب، في الحقيقة إذا اندلعت الحرب وهذا أمر نرجو أن لا يكون لأننا لا نتمنى أن تتحول مالي إلى صومال جديدة وأفغانستان جديدة إذا  اندلعت الحرب وسوف تمتد ألسنة اللهب إلى كل الدول القريبة والبعيدة وسوف تتطاير شظايا الانفجارات إلى كل الدول القريبة والبعيدة، الذين يدقون طبول الحرب بعضهم متحصنون وراء المحيطات ولن يكونوا متضررين بصورة مباشرة هؤلاء يجب أن نغلب صوت العقل وصوت الحكمة وقبل  ذلك صوت الشرع والله تبارك وتعلى يقول: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] الصلح هو واجب، وأنا أغلب ظني أن هنالك فرصة لتحقيقه فلا أقل إذا لم نصل إلى مصالحة أن نصل إلى متاركة، والمتاركة معناها أن يترك كل فريق الفريق الآخر بالأماكن التي هو فيها، بالنسبة موريتانيا مثلا تلتزم حدودها ولا تتجاوزها ويلتزم الطرف الآخر أن يتجاوز هذه الحدود وأظن أن هنالك فرصة مواتية الآن لقبول أفكار من هذا القبيل إذا وجدت النوايا الصادقة والقصد الحسن.

أحمد فال ولد الدين: الشيخ محفوظ نكتفي  بهذا الجزء الأول من هذا اللقاء على أن نعود في جزء آخر في الجزء الثاني إن شاء الله سنناقش فيه قضايا الربيع العربي، الموقف من الديمقراطية وقضايا أخرى نلتقي في الحلقة القادمة أو في الجزء الثاني من برنامج لقاء اليوم السلام عليكم.