ريما خلف - ياسر ابو هلالة
لقاء اليوم

ريما خلف.. تقرير التنمية الإنسانية الثالث

تستضيف الجزيرة ريما خلف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لتتحدث عن تقرير التنمية الإنسانية الثالث الذي حمل عنوان نحو حرية العالم العربي، وهل تعرض للتغيير بفعل الاعتراضات؟

– تسرب التقرير والقلق العربي والأميركي
– ما تم حذفه من التقرير وأسباب الحذف

– دولة المخابرات في المنطقة العربية ودولة الفساد

undefined

ياسر أبو هلاله: أعزائنا المشاهدين يسرنا أن نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج لقاء اليوم. ضيفتنا في هذه الحلقة الدكتورة ريما خلف الهنيدي مساعد الأمين العام للأمم المتحدة. والمناسبة هي إشهار التقرير الثالث الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي حمل عنوان نحو الحرية في العالم العربي، التقرير أثار كسابقيه سجالا ليس في المنطقة العربية وإنما شمل أروقة الأمم المتحدة وصولا إلى الإدارة الأميركية. السجال طاول محتوى التقرير ومضمونه بقدر ما طاول أيضا التوقيت، دكتورة ريما نرحب بك في هذا اللقاء أولا ونسألكِ لماذا تأخر إعلان التقرير؟

تسرب التقرير والقلق العربي والأميركي

ريما خلف – مساعد الأمين العام للأمم المتحدة: تأخرنا قليلا كان المفروض أن يصدر هذا التقرير في الخريف في شهر عشرة من العام المنصرم ولكن وصل إلى بعض مسؤولي برنامج الأمم المتحدة الإنمائية أن هناك انزعاجا من بعض الفقرات في التقرير من قِبل بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية وأيضا كان هناك انزعاج من بعض الحكومات العربية حول فقرات واردة بالتقرير، بالطبع لا علم لي كيف وصلت نسخ من التقرير إلى كل من هذه الجهات.

ياسر أبو هلاله: هم قادرين على الوصول بالطبع.

ريما خلف: بس هم قادرين على الوصول وعندها يعني كنا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في حيرة من أمرنا فنحن لا نرغب على الإطلاق.. كنا لا نرغب في أن يُقمع التقرير أو أن يُغيَّر محتواه وفي نفس الوقت كنا نشعر أنه قد يكون من الصعب أن يصدر التقرير باسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فتدارسنا عدة احتمالات كيف نصدر.. يجب أن نصدر التقرير كيف يصدر التقرير ومن هذه الاحتمالات كان إنه أن يصدر بإسم فريق المؤلفين وحقيقة الأمر عُقد الاجتماع للفريق في بيروت في نهاية شهر ديسمبر وناقش الفريق هذه الإشكالية وقرر أنه بالرغم من أنه يفضل أن يصدر هذا التقرير بإسم الأمم المتحدة ولكن إذا كان لم يكن ممكنا ذلك فالفريق عنده رغبة بأن يصدره بإسمه واُتخذ قرار بذلك وأنهى التقرير بصيغته النهائية. بعد ذلك في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عدنا ودرسنا الموضوع ووجدنا إنه من الصعب أن ندعو إلى حرية الرأي وحرية الفكر ومن ثم نجبن أن نصدر تقريرا يتعرض لهذه المسألة بالذات.

ياسر أبو هلاله: ما الذي أزعج الأميركيين تحديدا؟

"
ما أزعج الأميركيين بتقرير الأمم المتحدة الفقرات المتعلقة بالاحتلال الأميركي للعراق وحال الإنسان العراقي في ضوء الاحتلال وما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية
"

ريما خلف: حسب معلوماتي الفقرات المتعلقة بالاحتلال الأميركي للعراق وحال الإنسان العراقي في ضوء الاحتلال وأيضا الفقرات التي تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. هذا تقرير عن التنمية الإنسانية وبالتالي نتحدث عن التمتع الإنساني بحقوقه لا يستطيع بالطبع مثل هذا التقرير أن يتجاهل حق الإنسان في الحرية حق الإنسان في الحياة وهذه تُنتهك في ظل الاحتلال فتعرض لهذا الأمر وكان مصدرا للانزعاج.

ياسر أبو هلاله: على الرغم من المآخذ المعروفة على الاحتلالين إلا أن المتابعين يسجلون أن الانتخابات التي جرت تحت الاحتلال الإسرائيلي وتحت الاحتلال الأميركي كانت أنزه من الانتخابات التي تجري في ظل الدولة الوطنية.

ريما خلف: طبعا أنا رأيي الشخصي أن الانتخابات مثلا التي جرت في العراق وفي فلسطين إنجاز كبير ولكن كي نكون دقيقين في تصوير هذه الانتخابات وكي لا نشوه التاريخ أنا أعتبر أن الانتخابات في العراق بخاصة هي إنجاز للحركة الوطنية العراقية، تصور إدارة الاحتلال في البداية كان ينصب على اختيار مجموعة من الناس وليس انتخابهم على مستوى المحافظة وهو ما أسموه بالـ (كلمة بلغة أجنبية) بحيث يوفد هؤلاء الذين يتم اختيارهم من خلال قوات الاحتلال يوفدوا مبعوثين إلى الجمعية الوطنية ولكن إصرار القوى الوطنية العراقية على الانتخابات بحيث يشارك كل مواطن عراقي في الانتخابات أدى إلى اضطرار قوات الاحتلال إلى قبول موضوع الانتخابات، أما بالنسبة في فلسطين فالكل يعرف أن الفلسطينيين يحاولون منذ فترة إجراء مثل هذه الانتخابات ولكن مُنعوا في السابق. وفي جميع الأحوال الحق في الانتخاب حق مقدس ولكنه ليس أكثر قدسية من الحق في الحياة، عندما تنتهك حياة المواطن تبدو.. يبدو الحق في الانتخاب أقل معنى مما هو حقيقة فما ندعو إليه الحق في الانتخاب والحق في الحياة والتمتع بالحريات الكاملة وبناء المؤسسات وجميعها مُهدرة في ظل الاحتلال، فالإنجاز المتعلق بالانتخابات إنجاز لابد من احترامه ولكن الانتهاكات الأخرى أيضا يجب أن تتوقف لأنها تضر ليس فقط بحياته ولكن بتمتع المواطن العراقي بحرياته والفلسطيني وبقدرته على تحقيق تنميته.

ياسر أبو هلاله: مفهوم انزعاج الأميركيين لكن الدول العربية ما الذي أزعجها في التقرير؟

ريما خلف: رسميًا دولة عربية واحدة احتجت وكان الأمر يتعلق بدعوة التقرير إلى حق جميع القوى السياسية بالتنظيم وتشكيل الأحزاب وربما ارتأت الدولة أن هذا ليس مناسبا، إنما ما طرحه التقرير ينسجم مع مفهومه للحكم الصالح وأن أي مشاركة لا يجوز أن نكون إقصائيين في المشاركة السياسية.

ياسر أبو هلاله: يعني ربما تتحدثين عن مصر وهي الدولة التي احتجت وتحديدا ما يتعلق بموضوع الإخوان المسلمين وموضوع التوريث بنظرك هل الإخوان المسلمين حركة سياسية من حقها أن تشارك حسب ما جاء في التقرير أم أنها حركة دينية ربما تثير نوازع طوائفية ومن الأفضل أن تظل خارجة على القانون وإن مارست السياسة؟

ريما خلف: أنا بأعتقد هناك خطورة كبيرة على أي مجتمع أن تبقى أي حركة خارجة عن القانون، أنا باعتقادي أن من حق الأخوان المسلمين كما من حق القوى الوطنية ومن حق القوى القومية ومن حق القوى اليسارية من حق الجميع أن يشارك في العملية السياسية لا يجوز أن نمنع فئة بسبب أفكارها من أن تنافس بالمجال العام، بنهاية المطاف نحن نتحدث عن تمثيل الشعب أما الشروط فهي احترام الجميع للمبادئ والأسس الديمقراطية وأيضا عدم انتهاج العنف وأنا باعتقادي أن الإخوان المسلمين في عدد كبير من البلدان بدؤوا يطرحوا هذه المبادئ كمبادئ يلتزمون بها وفي نهاية المطاف من حق الجميع أن ينافس.

ياسر أبو هلاله: يعني بتقديرك التقرير لم يجامل دولا عربية بعد هذه الاحتجاجات خصوصا أنه لم يذكر أسم أي دولة؟

ريما خلف: كي نكون دقيقين التقرير في جزئه الأول لم يذكر اسم أي دولة أي في الجزء المتعلق بالتطورات في عام، مثلا عندما يقول التقرير اعتقل شخص لأنه كتب على الحائط لا توريث للحكم أو اعتقل كذا شخص عندما تظاهروا لإنهاء حالة الطوارئ، لا يذكر اسم البلد بالتحديد أما في الجزء الأكبر من التقرير في 90% منه..

ياسر أبو هلاله [مقاطعاً]: صحيح فيه مسوحات واستطلاعات؟

ريما خلف: مسوحات وعندما مثلا نحلل الدساتير من حيث التزامها بالحريات أو انتهاكها للحريات عندما نتحدث عن الخروقات للحقوق فإننا نذكر الدول.

ياسر أبو هلاله: لكن ما الذي حُذف بالتقرير يعني؟

ما تم حذفه من التقرير وأسباب الحذف

ريما خلف: بداية حتى أكون واضحة هذا التقرير صدر تماما بالشكل الذي كان الفريق سيصدره بإسمه فلم يتغير شيء من ذلك ولكن الفريق حذف عدة أمور لأن التقرير تأخر ورأى الفريق أن بعض الأمور التي كانت واردة في التقرير لم يعد لها قيمة بسبب التأخير في إصدار التقرير أيضا في آخر مراجعة للتقرير كان هناك بعض الأطر عن بعض الدول العربية ارتأى الفريق أن يحذفها أما النص الأصلي للتقرير فهو كما كان الأفكار الرئيسية لم تتغير الطروحات والمواقف لم تتغير والمحتوى لم يتغير الأطر كما تذكر أو كما تعرف هي فقط حالات توضع في إطار خارج النص لتوضيح نقطة وردت بالنص أو لتوضيح وجهة نظر أو رأي معين أو مثل، تم حذف بعض الأطر ليس بسبب الضغوطات ولكن لأن الفريق ارتأى أن يصدر التقرير دونها.

ياسر أبو هلاله: ما الذي يعطي مؤسسة دولية مسالمة هذه الجرأة للتعاطي مع ملفات خطرة لا تتعامل معها بالعادة إلا منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وما إلى ذلك؟

"
الجديد في هذا التقرير أن الذين وضعوا التحليل ليسوا خبراء الأمم المتحدة بل خبراء من هذه المنطقة
"

ريما خلف: أنا بأعتقد أن القضية ليست قضية جرأة أو حق، القضية قضية واجب نحن مؤسسة دولية نتعامل مع جميع الدول بهدف تحقيق التنمية الإنسانية وهذه الأمور المتعلقة بالحكم والأمور اللي تسمى سياسية يجب أن تكون خارج إطار المنظمات التنموية لا شك أن كان لها أثر كبير على حياة المواطن العربي وعلى قدرته في تحقيق التنمية الإنسانية، فأنا بأعتقد أنه إذا أردنا أن نصدق أهل هذه المنطقة النصيحة كان لابد أن نتصدى للمعيقات التي كنا نخشى أو نجبن من التصدي إليها في السابق، الجديد في هذا التقرير أن الذي وضع التحليل ليس خبراء الأمم المتحدة مش البيروقراطية الدولية بل خبراء من هذه المنطقة الذين هم أدرى بشعابها وأدرى بمشاكلها ولهذا التقرير أجد أن مصداقيته تنجم عن مصداقية الفريق وتنجم عن أن هذه المنظمة هي منظمة محايدة هي منظمة دول، نحن لسنا دولة عظمى ولسنا دولة لها مصالح في هذه المنطقة نحن منظمة نمثل أو نتشكل من قبل الدول جميعها.

ياسر أبو هلاله: يعني هل نحن أمام دور جديد للمؤسسة الدولية بحيث تتدخل في التفاصيل السياسية للدول العربية؟

ريما خلف: لا أعتقد أن هذا ينطبق على المنظمة الدولية بأكملها أنا أتحدث عن المكتب العربي لأن هذه المبادرة هي مبادرة للمكتب العربي فقط يعني ما فيه مبادرات مماثلة للمكاتب الإقليمية الأخرى ولا يوجد سياسة على صعيد المنظمة ككل المنظمة ككل تستجيب لطلبات الدول يعني إذا طلبت دولة مساعدة في مجال معين فهي تلبي ما تطلبه هذه الدولة في المجال المطلوب، عادة جميع البرامج اللي يتم الاتفاق عليها بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والدول هي برامج متفق عليها بين الطرفين إحنا في المكتب العربي لدينا برنامج إقليمي واستخدمنا هذا البرنامج الإقليمي.

ياسر أبو هلاله: يعني هل هذا البرنامج خروجا على نص الأمم المتحدة أم أنه دور جديد للأمم المتحدة؟

ريما خلف: هو ليس خروجا.. مش للأمم المتحدة لا هذه مبادرة لمكتب الدول العربية وليس للأمم المتحدة كما نظرنا..

ياسر أبو هلاله: لكن بالمحصلة تابعة للمؤسسة؟

ريما خلف: تابعة للمؤسسة صحيح.

ياسر أبو هلاله: يعني نحن نتحدث عن تدويل عملية الإصلاح في العالم العربي.

ريما خلف: ما بأعتقد ذلك حتى الآن لا أرى مؤشرات يعني في هذا الاتجاه.

ياسر أبو هلاله [مقاطعاً]: يعني هل..

ريما خلف [متابعةً]: تدويل عملية الإصلاح كل العالم يتدخل في عملية الإصلاح في العالم العربي يعني لا يوجد منطقة في العالم شهدت مبادرات خارجية للإصلاح مثل المنطقة العربية ولكن هذا على الأرجح له علاقة بحالة الضعف التي تسود العالم العربي، لماذا لم تصدر مبادرة لإصلاح الصين أو مبادرة لأن الدول الأخرى إما بالقوة التي تمنع الآخرين من التدخل في شؤونها أو أن إذا كانت مثلا دول من دول العالم الثالث ليست بالأهمية الاستراتيجية زي المنطقة العربية لهذا لا تتدخل فيها الدول الأخرى.

ياسر أبو هلاله: يعني وكأنكم تندرجون في سياق الضغط الأميركي على بالمنطقة؟

ريما خلف: بالطبع أميركا دولة ولها مصالح في المنطقة ووجهة نظرنا نحن أن أي تدخل خارجي ينبع أساسا من مصالح هذه الدولة ويمكن تطبيقه نتيجة ضعف الطرف الآخر فإحنا المقولة الرئيسية بالتقرير إن هذه التداخلات تعكس هذا الضعف الحقيقي الذي رفع المنع عن البلدان العربية نحن ما عاد عندنا القدرة حتى في بعض الأحيان أن نقول لا وهذا أمر لا نقبله فالمجموع الفريق التقريري يقول إن نحن بحاجة إلى إصلاح نحن ندرك إننا بحاجة إلى إصلاح ولكن أي إصلاح نريد هل هو الإصلاح الذي يريدوه الآخرون لنا أم هو الإصلاح الذي ينسجم مع مصلحتنا ومع رؤيتنا في مجالات النهضة العربية وتحقيق التنمية الإنسانية، الفريق يقول نحن نريد النهضة لهذه الأمة ونريد وقف التدخلات الخارجية ولكن هذا لا يأتي بالتمني هذا يأتي بالعمل، والعمل يأتي من خلال الإصلاح إصلاح الواقع.

ياسر أبو هلاله: لكن أن يصل النقد القاسي للدول العربية إلى درجة نصفها بدولة الثقب الأسود ألا يعتبر هذا جرأه غير معهودة في المؤسسات الدولية؟

ريما خلف: هو تشبيه يعني يجده البعض مناسب ولكن بالطبع أترك هذا الأمر لي المشاهدين ليقرّروا ما إذا كان مناسبا أم لا، التشبيه يقول إنه الدولة العربية أصبحت كالنجوم المنطفئة كانت نجوم ولكنها انطفأت ولكن رغم انطفائها تحاول أن تقيد الحركة في كل مكان ومجال.

[فاصل إعلاني]

ياسر أبو هلاله: بتقديركم هل المشكلة الجوهرية تكمن في الدساتير والتشريعات والقوانين أم هي في الممارسات والتطبيقات؟

ريما خلف: يعني لو نظرنا إلى البنية القانونية أعلاها مثلا الالتزام بالمواثيق الدولية حول حقوق الإنسان ثم هذا الالتزام يُملي احترام جميع هذه الحقوق ولكن عندما ننظر إلى الدساتير نجد أنها لا تلتزم بجميع هذه الحقوق ولكن الدساتير بشكل عام جيدة إذ تمنح العديد من الحقوق. عندما ننزل إلى المستوى الأدنى اللي هو مستوى القانون اللي مفروض يطبق المبادئ التي نصت عليها الدساتير يتم تآكل جزء كبير من الحريات يعني مثلا الدساتير تدعو أو تحاول ضمان حرية الرأي ثم تذكر أنه القانون سينظم هذه الحرية القانون مفروض فقط أن ينظم ممارسة هذه الحرية ولكن نجد أنه يقتص من هذه الحرية ويحدها ويصادرها.

ياسر أبو هلاله: التقرير تحدث تحديدا وبلغة غير مسبوقة عن دولة المخابرات في العالم العربي هل فعلا في العالم العربي تتحكم أجهزة الأمن بالقرار السياسي أم أن هذه مبالغة؟

 

دولة المخابرات في المنطقة العربية ودولة الفساد

"
أشار التقرير إلى تجاوزات الأجهزة الأمنية فبدلا من حماية الوطن والمواطن قد تجنح إلى انتهاك حريات المواطن
"

ريما خلف: طبعا فيما قلته في السابق وفيما أقوله الآن هناك تباين بين دولة عربية وأخرى ويجب أن يُدرك ذلك يجب أن يكون هناك دور هام وأساسي للأجهزة الأمنية فلا يستطيع مجتمع أن يزدهر دون أن تلعب هذه الأجهزة الأمنية دورا بنَّاء في حماية هذا المجتمع ولكن ما يشير إليه التقرير هو تجاوز الأجهزة الأمنية في بعض الحالات وفي بعض الدول لهذا الدور بحيث بدلا من حماية الوطن وحماية المواطن قد تجنح إلى انتهاك حريات المواطن وهذا الجزء الذي يتعرض إليه التقرير بالنقد.

ياسر أبو هلاله: في المسوح الاستطلاعية التي أُجريت لصالح التقرير هناك ربط يلاحظه القارئ بين الفساد والاستبداد بمعنى أن المواطن العربي يجد أن أعلى نسبة في الفساد موجودة ضمن إطار السياسيين هل هذا الربط منطقي؟

ريما خلف: بالطبع الاستبداد يؤدى إلى الفساد، الاستبداد يعني بداية عدم السماح لأي رأي بأن يُقال عدم السماح للصحف بالحرية وبالتالي عندما تُحد حريات الناس وعندما تلغى الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وعندما لا يسمح لك بمسائلة السلطة التنفيذية ينتشر الفساد ولهذا بسبب الاستبداد باعتقادي ذكر البعض الذين استجابوا للمسح بأن الفساد يستشري بين السياسيين بسبب غياب المسائلة.

ياسر أبو هلاله: يعني أيضا حسب الاستطلاع فإن نسب الفساد تبدأ بالسياسيين ثم بكبار الموظفين ثم برجال الأعمال وأخيرا صغار الموظفين، يبدو أن الهرم يجب أن يكون مقلوب يعني بتقديرك هل هذه النخب السياسية الحاكمة في العالم العربي طالما أن المواطن العربي حسب الاستطلاعات المحايدة التي أجريت لا يثق فيها ويعتبرها فاسدة هل هذه النخب مهيأة إلى الإصلاح؟

ريما خلف: فيه إصلاحيين ضمن النخب الحاكمة ويمكن هؤلاء الإصلاحيين لم يحققوا نجاحات كبيرة في السابق وفي بعض الأحيان حققوا نجاحات كبيرة وشاهدناها من خلال الإنجازات التي تعرض لها التقرير في بدايته والتي تمت خلال الأعوام الماضية.

ياسر أبو هلاله: كيف تشخصون واقع الأقليات الدينية في العالم العربي وهل فعلا هي تتعرض لاستثناء في مجتمعاتها؟

ريما خلف: يعني الأقليات الدينية والعرقية تتعرض لانتهاك مضاعف لحقوقها في كثير من الأحيان تجد أن مثل هذه الأقليات لا تتمتع بالحقوق الدينية كاملة لا تستطيع أن تقيم دور عبادة، إن أقامت دور عبادة فهي بحاجة إلى تصريحات ومعاملات قد تطول لسنوات قد تجد أن الأقليات الدينية مثلا أقل حظا في الوظائف الحكومية وهذا أمر غير مقبول، هناك أيضا بعض الأقليات العرقية التي تنتهك حقوقها وأنا بإعتقادي هاي المشكلة من أهم المشاكل التي تواجهنا مشكلة خلقيا يجب أن لا تكون مقبولة وهذا أمر يجب أن ننظر له بجدية كعرب وكمسلمين.

ياسر أبو هلاله: يعني هنا أيضا يتهم التقرير بأنه يُسهم في إذكاء الفتن في المجتمع العربي عرقيا ودينيا بين قوسين بالتآمر مع جهات خارجية؟

ريما خلف: لابد أننا تعلمنا أن الفتن تنجم عن الانتهاك المتكرر لحقوق هذه الفئات، هذه الفئات ليست خارجة عن المجتمع ولا ترغب بالانتماء إلى مجتمع أخر، هذه الفئات معنا في هذه المنطقة منذ آلاف السنين ما أجدنا امبارح من الخارج ولا هبطت علينا بطائرة هم أبناء المنطقة الأصليين كما نحن فما الذي جعلهم يشعرون بأنهم فئة فرعية غير المعاملة غير العادلة وهذه المعاملة يجب أن تتوقف يجب أن تتوقف من منظور حقوق الإنسان ولكن الأهم يجب أن تتوقف من منظورنا نحن لقيمنا وأخلاقنا التي لا تقبل التمييز وانتهاك حقوق الآخرين.

ياسر أبو هلاله: لكن ثمة من يرد أن المواطن العربي والإنسان العربي هو مُنتهك بوصفه مواطنا وليس بوصفه أقلية عرقية أو دينية.

ريما خلف: صحيح هو كمان يقولون الإنسان العربي في أغلب البلدان العربية ليس مواطن بل رعية إنه كلنا لسة ما وصلناش لمرحلة المواطنة ولكن أيضا هناك انتهاكات يعني إضافة لهذه المعاناة العامة هناك معاناة إضافية وهذه المعاناة الإضافية هي التي نتحدث عنها فالخطوة الأولى خلينا نقول كلنا جميعا نتعرض لنفس الاضطهاد بدل من اضطهاد واضطهاد مضاعف فلنتساوى على الأقل في حجم الاضطهاد. وطبعا التقرير يذكر ذلك أنه لا هذا مقبول ولا ذاك مقبول ويجب أن نعمل على أن يتمتع كل مواطن في هذه المنطقة بحقوقه كاملة.

ياسر أبو هلاله: دكتورة ريما نخلص إلى التقرير الرابع الذي بدأتم بالإعداد له وهو المتعلق بتمكين المرأة هل تتوقعين أن يثير هذا التقرير ما أثاره ما أثارته التقارير السابقة من لغط وسجال أم أن موضوع المرأة أصبح مسألة إجماعية في العالم العربي؟

ريما خلف: موضوع المرأة لم يصبح مسألة إجماعية ولكن على الأقل موضوع المرأة لقي اهتمام متزايد خلال السنوات الأخيرة خاصة من قبل الحكومات وبالطبع أنا من تجربتي صار من الصعب علي أن أقول أنه فيه تقرير مش راح يواجه مشكلات وإن كنت أتوقع أن تقرير المرأة قد يواجه مشكلات تقل عن تلك التي واجهناها في التقريرين السابقين أو في الثلاثة تقارير، إنما فيه جزء في كل تقرير يتعلق بالتطورات خلال عام والتقرير يحلل هذه التطورات ويدرس انعكاساتها على التنمية الإنسانية ماذا ستكون التطورات خلال العام ما بعرف.. هل سيوجه إصبع الاتهام لأحد هل سيكون هناك انتهاكات إضافية لحقوق الإنسان في العالم العربي تستدعي غضب طرف من الأطراف على ما سيقال في التقرير حقيقة لا أستطيع التكهن الآن.

ياسر أبو هلاله: هذا ما سنعرفه بعد صدور التقرير الرابع، لم يبقى لي سوى شكر الدكتور ريما على هذا الوقت الذي أتاحته لنا على أمل أن نلتقي بكِ مع صدور التقرير الرابع في العام المقبل ونأمل أن لا يتأخر التقرير الرابع كما حصل في التقرير الثالث وأشكر المشاهدين الذين تابعونا في هذا اللقاء على أمل اللقاء معهم قريبا وهذا ياسر أبو هلاله يحيكم من عمان.