المرصد

من شجاعة فالدهايم إلى سيد القلق بان كيمون

استعرض برنامج “المرصد” العلامات الفارقة بتاريخ الأمانة العامة للأمم المتحدة الذي سجل أسماء رفضت الإذعان للدول الكبرى ودافعت عن استقلالية المنظمة، وصولا إلى بان كي مون الذي اشتهر بـ”سيد القلق”.

قبل أيام انتخب البرتغالي أنطونيو غوتيريس أمينا عاما للأمم المتحدة، وهو تاسع شخصية عالمية تتبوأ هذا المنصب منذ تأسيس هذه المنظمة الدولية في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1945.

يباشر غوتيريس عمله في اليوم الأول من العام المقبل، حين يكون الأمين العام السابق بان كي مون قد غادر مكتبه في المبنى الزجاجي بنيويورك.

لقب الإعلام بان بـ"سيد القلق"، فأمام القضايا العالمية المتراكمة وهامش المناورة المحدود كان الدبلوماسي الكوري يكتفي بالقلق والإعراب عن الأسف عند وقوع أي كارثة.

بهذه المناسبة جال برنامج "المرصد" في حلقة (2016/10/24) في تاريخ وإنجازات الأمناء العامين الذين سبقوا بان كي مون، ومنهم من سجل التاريخ له مواقف مشهودة في نصرة القضايا العادلة ومواجهة القوى الكبرى.

هامرشولد
من هذه الأسماء، داغ هامرشولد، الدبلوماسي السويدي الذي شغل المنصب عام 1953 حتى وفاته في حادث طائرة عام 1961، والذي اعتبرته مجلة إيكونوميست البريطانية في مقال لها شهر مايو/أيار الماضي أفضل أمين عام في تاريخ الأمم المتحدة.

ووصفت المجلة ولاية بان كي مون بالباهتة، وصنفته الأكثر سوءا بين الأمناء العامين الأمميين، فهو في نظرها يفتقد للتلقائية والعمق ومدمن على البروتوكول.

لم تكن الإيكونوميست وحدها من وجهت سهام النقد لبان، بل تحدثت عن فترة ولايته مساحات واسعة من الإعلام العالمي.

الإعراب عن القلق ليس أمرا جديدا في عرف الأمم المتحدة لكن بان بالغ فيه، الأمر الذي يحيله البعض إلى تراجع دور المنظمة الدولية، مما جعل الأمين العام يبدو فقط مراقبا للحرائق المندلعة في العالم.

يسجل التاريخ أيضا لحظات فارقة لكوفي أنان الذي وصف بأنه رجل أميركا الذي دعمته خلفا لبطرس غالي، فالأول امتلك الشجاعة في عام 2004 وقال إن غزو العراق الذي قادته أميركا كان غير قانوني ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة.

مجزرة قانا
أما بطرس غالي فكان أكثر من اصطدم بالجدار الأميركي، ودفع ثمن موقفه من مجزرة قانا -التي ارتكبتها إسرائيل في جنوب لبنان عام 1996- وإصراره على إصدار تقرير يدينها، أن جعل أميركا تقرر عبر مندوبتها مادلين أولبرايت رفع الفيتو ضد التمديد له لولاية ثانية.

ولا يذكر هذا التاريخ دون تركيز الضوء على النمساوي كورت فالدهايم الذي دفع ثمن استقلالية الأمم المتحدة أثناء توليه مهمته منذ 1972 حتى 1981.

ولم تخف أميركا وإسرائيل العداء للرجل الذي ساند القضية الفلسطينية، واستقبل ياسر عرفات الذي ألقى كلمته من على منبر الأمم المتحدة بعد نجاح فالدهايم في إقناع الجمعية العامة بتبني قرار يعتبر منظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

كما أيد فالدهايم قرار الأمم المتحدة اعتبار الصهيونية حركة عنصرية، وهو ما عرّضه لتهديد مباشر من وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، كما لاحقته التضييقات حتى بعد خروجه من المنصب وتوليه رئاسة النمسا.

مفاجأة أكتوبر
في التقرير الثاني ذهبت الحلقة إلى الولايات المتحدة وأجواء الانتخابات الرئاسية، حيث هناك آخر الأوراق التي يلعبها المرشحان دونالد ترامب وهيلاري كلينتون وأخطرها.

منذ عقود والأميركيون يحبسون أنفاسهم في أكتوبر/تشرين الأول -الشهر السابق لموعد الانتخابات الرئاسية- انتظارا لمفاجأة قد تغير مسار العملية الانتخابية، والفضائح بالطبع هي المفضلة والتي قد يكشف عنها مصادفة ولكنها في الغالب تكون مدبرة لضرب المرشح المنافس.

مصطلح "مفاجأة أكتوبر" ترسخ في الإعلام الأميركي عام 1964، حين أوقفت الشرطة كبير مساعدي الرئيس ليندون جونسون المرشح لولاية ثانية عن الحزب الديمقراطي، وذلك بتهمة فعل جنسي في مكان عام، وهو ما استغله الجمهوريون فورا.

توالى الأمر عقب ذلك في كل الانتخابات اللاحقة، ولم يوفر كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي وسيلة للكشف عن تسريبات، كالمكالمة المسربة للرئيس جونسون أو أوراق سرية أو البحث في أرشيف الخصم كما حصل مع جورج بوش الابن الذي كانت مفاجأة أكتوبر الكشف عن إيقافه عام 1976 وهو يقود السيارة مخمورا.