ما خفي أعظم

عبرا.. من أطلق الرصاصة الأولى؟

يسلط الفيلم الاستقصائي “عبرا.. من أطلق الرصاصة الأولى؟” على الأحداث الدامية في عبرا بجنوب لبنان عام 2013، ويتضمن لقاء مع الشيخ أحمد الأسير المعتقل، وتسريبات وشهادات تنشر لأول مرة.

قال الشيخ أحمد الأسير المعتقل في سجن رومية في لبنان إن ما جرى في معركة عبرا الدامية في صيدا جنوبي لبنان صيف العام 2013 بين جماعته والجيش اللبناني، كان مؤامرة حاكتها أطراف سياسية لبنانية مختلفة لصالح حزب الله وحلفائه.

وكشف الأسير للجزيرة أن وزير الداخلية السابق مروان شربل اتصل به قبل معركة عبرا وأبلغه بأن قرارا اتخذ لإنهائه.

تصريحات الأسير وهي الأولى لوسيلة إعلامية منذ اعتقاله في أغسطس/آب 2015، جاءت ضمن حلقة من برنامج "ما خفي أعظم" عرضتها الجزيرة الأحد (2017/3/5).

البداية
تعود حكاية عبرا إلى 23 يونيو/حزيران 2013، إذ اندلعت اشتباكات دامية بين جماعة أحمد الأسير وجنود الجيش اللبناني، قتل فيها 19 جنديا مقابل 15 من جماعة الأسير، كما اعتقل العشرات منهم.

فر الأسير واختفى لعامين، قبل أن تتمكن السلطات اللبنانية من اعتقاله أثناء محاولته الخروج من مطار بيروت متنكرا.

في أواخر 2011 وعلى وقع الأحداث في سوريا، برز اسم الأسير في صيدا عاصمة الجنوب اللبناني. وكانت خطاباته ذات سقف عال في مواجهة حزب الله، رافضة سياساته الداخلية وانخراطه في الحرب السورية.

الفنان المعروف فضل شاكر كان من أبرز المتأثرين بحركة الأسير وسرعان ما اقترن اسمه به، وقد توارى بعد أحداث عبرا، وهو الآن أحد أبرز المطلوبين لدى السلطات اللبنانية.

لقاء فضل شاكر
وبعد محاولات عدة تمكن مقدم البرنامج تامر المسحال من لقائه في ملجئه بمخيم عين الحلوة.

يقول شاكر إن مقتل شابين من مناصري الأسير على يد حزب الله في منطقة التعمير عام 2012 بصيدا فجر تأييده للأسير، ثم تعمق ذلك مع المأساة التي عرفها العراق وسوريا، لتكون نقطة التحول في نصرة المظلومين.

أكثر من 130 يحاكمون في المحكمة العسكرية وبعضهم غيابيا، مع بروز السؤال المفصلي: هل تشهد هذه القضية نهاية قانونية أم أن في الغرف المغلقة ما خفي أعظم؟

فالتسجيلات والتسريبات التي قدمها الفيلم الاستقصائي تعيد القضية إلى تفاصيل يجري تجاوزها وفق رواية مناصري الشيخ الأسير ووفق حقوقيين.

الطرف الثالث
حزب الله متهم بأنه الطرف الثالث الذي أوقع بين الجيش وجماعة الشيخ الأسير، وأن إطلاق النار بدأ من شقق يستأجرها عناصره مقابل مسجد بلال بن رباح الذي يخطب فيه الأسير، ومن تلة مار الياس المشرفة على عبرا.

فهل كان القرار الذي اتخذ لإنهاء ما سمي "ظاهرة أحمد الأسير" قرار الدولة اللبنانية والجيش اللبناني؟ يقول وزير الداخلية الأسبق مروان شربل إنها كانت مشروع فتنة بين الشيعة والسنة، بينما يصفها رئيس اتحاد علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود بالحركة "الطفولية".

فإذا كانت الدولة هي من عليها أن تتصدى، فلماذا يشارك حزب الله في القتال ومعه سرايا المقاومة التي يحتضنها الحزب؟

لم تدخل مشاركة حزب الله وسرايا المقاومة ضمن ملف القضية حتى الآن، ويرى شربل أنه لا بد من التثبت من الصور والفيديوهات التي تثبت مشاركة الحزب في القتال ومن ثم تقديمها للقضاء.

جريمة حزب الله
مدير مؤسسة "لايف" الحقوقية نبيل الحلبي يقول إن حزب الله استأجر الشقق وطلب من سكان العمارات مغادرتها، متسائلا: هل تحول الحزب إلى ضابطة عدلية؟

واعتبر الحلبي مشاركة حزب الله في القتال جريمة لم يتم التحقيق فيها، ولم يتم كذلك التحقيق مع أي من العسكر الذين عذبوا المعتقلين ومنهم نادر البيومي الذي سلم نفسه ومات تحت التعذيب.

لم ينكر الشيخ ماهر حمود استئجار حزب الله الشقق قبيل اندلاع المعركة، وقال إن الحزب مشهور بقوته الإخبارية وتتبع الأمور قبل حصولها، ومن حقه مواجهة هذه الحالة التي تسارعت.

حزب الله بُعيد المعركة شيع قتلاه، وفي بيان له قال إنهم "قضوا أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي".

أحمد الحريري مدير مكتب الشيخ الأسير الذي قيل إنه قتل في المعركة، اختفى سنوات والتقاه فريق الفيلم وقال إن "حزب إيران" (حزب الله) بدأ إطلاق النار من الشقق باتجاه الحاجز العسكري".

ويظهر تصوير فيديو للحريري -المتهم بأنه بدأ مع عناصره إطلاق النار- أنه كان موجودا مع عناصر الجيش للتفاهم حول إبعاد الحاجز قليلا عن مدخل مسجد بلال للتسهيل على المصلين، وفي هذه الأثناء يبدأ انهمار الرصاص.

اعتراف ترفضه المحكمة
حتى هذه اللحظة ما زالت القضية عالقة جراء ما يعتبره حقوقيون سيطرة فريق سياسي على المحكمة العسكرية. ومن ذلك ما يقوله المحامي محمد صبلوح عن رفض المحكمة إدراج اعتراف علي الجعفيل -العنصر في سرايا المقاومة- بأنه أطلق الرصاص بعد وصول تعميم من حزب الله.

أحمد الحريري الذي يحاكم غيابيا طالب بجلب الطرف الثالث -أي حزب الله- للمحاكمة، لكن المحكمة العسكرية لن تفعل ذلك لأنها -وفقا له- تحت سيطرة "حزب إيران".

هذا الأمر يكرره أيضا الفنان فضل شاكر الذي يقول إنه مستعد لتسليم نفسه حين يشعر بأن ثمة قضاء عادلا لا يتبع جهة سياسية.