الملف - وضع المسيحيين في الدول العربية - صورة عامة
الملف

هجرة المسيحيين العرب بين الواقع والمغالاة

فلسطين مهد السيد المسيح، فلماذا يهجرها المسيحيون العرب؟ الغرب يتدخل نصرة لبعض مسيحيي الشرق فماذا قدم لهم بالعراق؟ ماذا تريد الأصولية المسيحية الغربية من أبناء الكنيسة في الشرق؟

– أوضاع المسيحيين وعمليات التهجير في فلسطين
– تأثير الاحتلال ومواقف الغرب من مسيحيي العراق

– الحقوق السياسية والاجتماعية للمسيحيين في الدول العربية

سامي كليب
سامي كليب
ميشال صباح
ميشال صباح
عطا الله حنا
عطا الله حنا
برنار سابيلا
برنار سابيلا

سامي كليب: السلام عليكم. كثيرون باتوا يدقون ناقوس الخطر بشأن المسيحيين العرب فهم يهاجرون أو يهجرون من فلسطين أو يتعرضون للقتل في العراق أو يشعرون بالقلق والتهميش في دول عربية أخرى، ولو استمرت هجرة المسيحيين من فلسطين على حالها مثلا فقد تخلو الأرض المقدسة من الفلسطينيين العرب في العقود القريبة المقبلة، من المسؤول؟ من المستفيد؟ ما الذي يمكن أن يمنع هذا النزف المسيحي الوطني من الدول العربية؟ لمناقشة هذه الأسئلة أستضيف غبطة البطريرك ميشيل صباح بطريرك اللاتين سابقا أهلا وسهلا بك، سيادة المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس مرحبا بك، والباحث والأكاديمي والسياسي أيضا الدكتور برنار سابيلا عضو المجلس التشريعي عن القدس.

أوضاع المسيحيين وعمليات التهجير في فلسطين


سامي كليب: وددت أن نبدأ بما يحصل هذه الأيام في إسرائيل، قرار بتهجير على ما يبدو آلاف الفلسطينيين من الضفة، ما هو السبب وكيف تشعرون بذلك؟


ميشيل صباح: السبب هو الوضع العسكري بكل بساطة لأن البلد الأرض تحت الاحتلال والذي يحكم الأرض هو الحاكم العسكري وهي قوانين عسكرية وتصدر بمحض إرادة القاضي العسكري واليوم صدرت هذه القوانين وهي قوانين ماضية ولكنها أعيدت إلى الحياة لتفريق أكبر عدد ممكن من سكان الضفة الغربية.


سامي كليب: إذاً سيد المطران يعني واضح أن التهجير يطال الجميع وليس فقط الطائفة المسيحية في فلسطين.


المطران عطا الله حنا: صحيح يعني التهجير ألمّ بكل الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه ولكن آثار هذه الهجرة تظهر عند المسيحيين أكثر من المسلمين لأنهم أقل عددا، فإذا ما شاهدنا وتأملنا بما حدث عام 48 وعام 67 وما يحدث حتى اليوم نرى أن الفلسطيني يهاجر نرى أن الفلسطيني يقتلع من أرضه ومن وطنه ومن مقدساته والاستهداف لا يستثني أحدا كما أن المسلمين مستهدفون كذلك الأمر المسيحيون مستهدفون وهؤلاء الذين تقرر أن يطردوا من الضفة الغربية إلى مناطق أخرى فيهم المسلم وفيهم المسيحي وبالتالي أنا أعتقد بأن سياسة الاحتلال لا تميز بين مسلم ومسيحي، الاستهداف هو للجميع الممارسات العنصرية تستهدفنا جميعا ولا تستثني كنيسة أو مسجدا أو مسلما أو مسيحيا.


سامي كليب: دكتور برنار سابيلا تحدثت قبل فترة عن أن هجرة العائلات المسيحية تتم بحوالى خمسين إلى ستين عائلة سنويا يعني الأمر يتجه إلى كارثة، هل هذه الإحصائيات دقيقة؟


برنار سابيلا: طبعا هذه إحصائيات دقيقة وحتى في الأبحاث التي أجريناها على مدى سنوات عديدة كان من الواضح أن السبب الرئيس للهجرة هو الوضع السياسي المتأزم وكذلك الوضع الاقتصادي المتأزم أي أن المسيحي الفلسطيني مثله مثل المسلم الفلسطيني يهاجر حين تضيق به سبل العيش وحين يجد في أماكن أخرى الإمكانيات للتقدم وللعمل وبخاصة بين فئة الشباب.


سامي كليب: هل من إحصاءات عامة حول هجرة أو إفراغ فلسطين من مسيحييها لديكم مثلا هل يمكن أن تعطينا بعض الأمثلة المحددة بهذا الشأن؟


برنار سابيلا: يعني نأخذ مثل القدس مدينة القدس من عام 48 كان هناك ما يزيد على الثلاثين ألف مسيحي فلسطيني، اليوم على تقدير أكثر -خلينا نقل- سخاء لا نجد في القدس أكثر من عشرة آلاف مسيحي فلسطيني، أين ذهب العشرون ألفا؟ كثيرون منهم طبعا حرب العام 48 كانت المفصل الأساس في هجرة المسيحيين الفلسطينيين إذ هجر ما يزيد على ستين ألف فلسطيني مسيحي من قراهم وبلداتهم، يعني نتكلم من 145 ألف مسيحي فلسطيني في العام 48 ستون ألفا أصبحوا لاجئين مثل بقية اللاجئين الفلسطينيين وثلاثون ألفا شردوا داخل ما أصبح إسرائيل.


سامي كليب: لافت على كل حال التشريد الداخلي كما تفضلت في الكثير من مناطق المدن والقرى الفلسطينية. غبطة البطريرك يعني سؤال حول ليس فقط مسؤولية إسرائيل فيما يحصل وهي واضحة تماما ولكن أيضا مسؤولية الأطراف الأخرى في الداخل، هل إسرائيل فقط المسؤولة عن ابتعاد المسيحي الفلسطيني الوطني تحديدا وربما غير الوطني في بعض المرات خارج بلاده؟


الأب ميشيل صباح: يجب أن نميز بين ناس وناس بين مسلم ومسلم، هناك مسلمون وفئات كبيرة وعائلات كبيرة وعلى مستوى المسؤولين المدنيين أو الدينيين الذين يشعرون ويرون القضية بكل أبعادها ويحاولون أن يتبادلوا الأفكار معنا حتى نواجه المشكلة ولكن هناك كذلك فئة أخرى من المسلمين بعضها يجهل أن هناك مسيحيين، مثلا إذا أخذت غزة في غزة خمسة آلاف مسيحي ومليون نصف مسلم، قد يكون خمسون ألف مسلم يعرف أنه يوجد مسيحيون في غزة لكن المليون يجهل أنه يوجد مسيحي في غزة.


سامي كليب: ولكن حماس على ما يبدو ترعى المسيحيين يعني قريبة من المسيحيين.


الأب ميشيل صباح: هذا صحيح ويجب هنا أن نشهد لحماس أنها ترعى المسيحيين ولا سيما في وجه تحركات بعض الفصائل أو الفئات الأخرى المتطرفة، هذا صحيح والتي تشكل خطرا لو سيطرت على الوضع إنما حماس تحاول أن تضع حدا لهذا التطرف.


سامي كليب: كويس، سيادة المطران عطا الله حنا كنت أشرت قبل فترة إلى الاستيلاء على أراض مسيحية من قبل إسرائيل كدولة يعني حتى الكنيست مبني على ما يبدو على أراض مسيحية، هل من أمثلة حول هذا الموضوع لديكم؟


المطران عطا الله حنا: الاحتلال الإسرائيلي.. وهنا يجب أن ننوه إلى قضية هامة وفي كثير من الأحيان يعاتبنا البعض لماذا دائما تشددون على عروبة المسيحيين وفلسطينية المسيحيين؟ أنا أعتقد بأنه من واجبنا أن نؤكد على هذه الحقيقة ذلك أن الإنسان بطبيعته ينسى ونحن من واجبنا أن نذكر الإنسان ببعض الحقائق التاريخية لأجل يتذكرها ولكي لا ينساها. عندما تم احتلال الأرض الفلسطينية الاحتلال الذي استعمر هذه الأرض واستولى على هذه الأرض عنوة لم يميز بين أرض يملكها مسلمون وأرض يملكها مسيحيون أو أرض تابعة لكنائس أو تابعة لأوقاف إسلامية، كما تم الاستيلاء على أوقاف مسيحية بنيت عليها مؤسسات حكومية إسرائيلية في القدس تم الاستيلاء..


سامي كليب (مقاطعا): مثلا؟


المطران عطا الله حنا: مثلا الكثير من المباني الحكومية الموجودة في القدس الغربية مبنية على أراض تابعة للكنيسة تم الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية وبطرق ملتوية عام 48 أو بعد عام 48 وكذلك هنالك أراض وقفية إسلامية ومنها ما هو حاصل الآن، هنالك مقبرة إسلامية في القدس الغربية "مأمن الله" يتم وضع مخططات لإقامة متحف للسلام يعني يبنون متحفا للسلام على أنقاض المقابر الإسلامية وهنالك أيضا مبنى أثري في القدس كان مقرا لمفتي القدس في وقت من الأوقات يخططون لتحويله إلى فندق وما إلى ذلك. أنا أعتقد بأن الاستهداف لن يستثني أحدا كلنا مستهدفون كما سلبت أراض مسيحية سلبت أراض إسلامية، كل ما هو عربي وكل ما هو فلسطيني في هذه المدينة كان مستهدفا وما زال مستهدفا.


سامي كليب: طيب، طبعا الأساس في هذا البرنامج هو هجرة المسيحيين هل يهاجرون فعلا ولماذا، يعني البعض بعض المؤرخين يرد الهجرة إلى تاريخ طويل سابق مثلا في كتابه "من بلفور إلى بن غوريون" يقول المؤرخ البريطاني أنتوني توماهوني -وتعرفه لا شك- يقول إنه في العقود الأولى للقرن العاشر اختفت عائلات وأسماء عائلات كاملة مسيحية من فلسطين يعني كانت موجودة واختفت نهائيا، أيضا لم يكن المسيحيون يوما أغلبية في السجلات البريطانية، مثلا حسب الباحثة الفرنسية كاترين ديبيرون وعملت يعني دراسة مفصلة حول الموضوع، عام 1931 كان مسيحيو بيت لحم يشكلون أقل من 45% من مجموع السكان وهو ما يؤكده الإحصاء البريطاني لفلسطين، وفق المؤرخ ألبير حوراني يؤكد أن الهجرة بدأت في العهد العثماني هربا من العمل في صفوف الجيش. أنا سؤالي لك دكتور سابيلا، هل المسيحي اليوم يبيع بيته لكي يرحل يعني هل الكنيسة تفعل شيئا مثلا من أجل وقف هذا الجانب وهو مهم؟


برنار سابيلا: لا، المسيحي الذي يقرر على مبدأ الهجرة هو مسيحي متألم مثله مثل المسلم المتألم ذلك أن قرار الهجرة هو قرار أنا أسميه قرار دفع للخارج لا يتحكم به كثيرا الفلسطيني لأنه يضطر أن يترك.


سامي كليب: ولكن دكتور سابيلا هل من إحصاءات محددة مثلا حول بيع البيوت المسيحية أو الذين اضطروا لبيع بيوتهم مثلا؟


برنار سابيلا: لا، هو من المتبع أن الذي يترك البلد لا يبيع بيته لأنه عادة الذي يترك هذا البلد هو الشاب والأهل يبقون في البلد، المشكلة لدينا أن فئة المهاجرين هي فئة شابة في الثلاثينات من العمر عادة ما يكون متزوجا عادة ما يكون من المهنيين الذين لديهم خبرة ودرجة جامعية وبالتالي يترك البلد ولكن أهله يبقون في البلد يعني على سبيل المثال من العام 1967 إلى العام 1994 كان يترك الضفة الغربية ما بين المسيحي والمسلم أكثر من ثمانية آلاف شخص كل سنة، ومن غزة ما يقرب من الأربعة إلى الخمسة آلاف شخص.


سامي كليب: وهؤلاء يغادرون فلسطين نهائيا.


برنار سابيلا: يغادرون فلسطين ولا يرجعون يعني كان عنا نزيف هجرة دائم، هلق كما ذكر سيادة المطران بالنسبة للمسيحيين حين تترك أرض الوطن خمسون عائلة سنويا فهذا يعني خسارة نسبية كبيرة وبالتالي نشعر بهذا سواء بوجود ناس أكبر عمرا وبقلة النشاطات، مثلا..


سامي كليب (مقاطعا): حتى تحدثت يعني أنه في بعض السنوات ارتفع العدد إلى ما يقارب المائتي عائلة في العام الواحد وليس فقط خمسين عائلة.


برنار سابيلا: صح، صحيح، وعندما تزداد الأمور السياسية سوء تجد أن أكثر من العائلات يترك، مثلا في الاحتفالات الفصحية التي جرت قبل أسبوعين لم تجد أحدا في كنيسة القيامة، السبب الرئيسي كان الحواجز التي أقامتها السلطات الإسرائيلية لمنع المسيحيين الفلسطينيين من الوصول لكنيسة القيامة وقد احتججنا على هذا الأمر كل المؤسسات والكنائس المسيحية احتجت على هذا..


سامي كليب: ولكن إسرائيل كالمعتاد لا تستجيب.


برنار سابيلا: لكن أمرا آخر نذكره نحن، أن كثيرا من أهل القدس وأهل فلسطين الذين كانوا يحملون الصليب ويسيرون في دورة درب الصليب في يوم الجمعة العظيمة قد اختفوا لأنهم ذهبوا إما لأستراليا أو للولايات المتحدة الأميركية أو لأميركا الجنوبية للأسف.


سامي كليب: غبطة البطريرك يعني طبعا حضرتك ما كانت إسرائيل راضية عنك بتاريخك كثيرا، ولكن هل فعلا هناك خطر من أن يختفي المسيحيون من فلسطين يعني في العقود المقبلة كما تقول بعض الإحصاءات؟


الأب ميشيل صباح: أنا أظن أن هناك رغبة أن يكون الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو العربي الإسرائيلي أن يحول إلى صراع ديني يهودي مسلم، بمعنى أن الحضور المسيحي مزعج لأصحاب هذا الرأي، هلق حضورنا نحن لا نلمس في الواقع أي إجراء إسرائيلي يمس بنا كمسيحيين إنما هناك إجراءات تمس الفلسطينيين كوننا فلسطينيين طبعا كل الإجراءات الضاغطة تمسنا كذلك ومن ثم هناك الهجرة تحصل بسبب عدم الاستقرار السياسي.


سامي كليب: مثلا حين يعيق حاجز إسرائيلي اتجاهك صوب منطقة أخرى أو سيادة المطران هل يكون يقصد بذلك الفلسطيني أم أيضا المسيحي وتحديدا المسيحي؟


الأب ميشيل صباح: الواقع يعني المقصود هو الفلسطيني، أن تقول المقصود هو الفلسطيني المسيحي ليس هناك أي دليل إنما هذا الذي يحصل، وجودنا عدد محصور ولكن وجودنا يحدث تغييرا وبلبلة في بعض المخططات السياسية.


سامي كليب: طيب غبطة البطريرك يعني في كلام أيضا أن المسيحي العربي هو الذي سيغادر فلسطين ولذلك قلت النسبة إلى 1% أو 2% بينما نلاحظ أن أو المسيحي الغربي أو المسيحي الإفريقي أو المسيحي الروسي يعني هناك إحصائيات تتحدث عن مليون شخص جديد دخلوا، بالنتيجة هل يتم استبدال المسيحي العربي الوطني بمسيحي غربي أو روسي أوإفريقي؟


الأب ميشيل صباح: لا، شوف، الواقع الهجرة الكل يهاجر، اليهودي يهاجر المواطن الإسرائيلي اليهودي يهاجر، المسلم الفلسطيني يهاجر والمسيحي الفلسطيني يهاجر، الكل يهاجر وللأسباب نفسها عدم الاستقرار عدم أمن إلى آخره إنما كما تفضل سيدنا المطران أن كون عددنا قليلا نحن نتأثر بالهجرة أكثر من المسلم وأكثر من اليهودي. هلق أننا سوف نزول يوما ما، أنا لا أعتقد أننا سوف نزول.


سامي كليب: ما الذي يمنع؟


الأب ميشيل صباح: سوف نبقى، نبقى لماذا؟ هذا ما نقوله لمؤمنينا وهذا ما أخذنا نحس أن هناك استجابة لدى المؤمنين ووعيا جديدا أنهم ينتمون إلى الأرض وأنهم حاملو رسالة في هذه الأرض.


سامي كليب: طيب كلام جميل ومهم وكلام رعوي كويس ولكن الحقيقة غير ذلك يعني الكثير من الإحصائيات تقول مثلا إنه بـ 2025 نسبة المسلمين ستزيد بحوالى 36% بينما المسيحي إما سيبقى على حاله أو ستتضاءل نسبته، والدكتور سابيلا نفسه تحدث أنه بالعقود المقبلة هناك خطر حقيقي على إفراغ بعض المناطق.


برنار سابيلا: ولكن من المهم أن نشير إلى أن الزيادة الطبيعية عند المسلمين هي أكثر بكثير من الزيادة الطبيعية عند المسيحيين.


سامي كليب: الأولاد يعني بيجيب أولاد أكثر.


برنار سابيلا: إيه، إيه في أولاد أكثر، فبالتالي إذا حسبناها إحصائيا طبعا المسيحيون الفلسطينيون سينكمشون ولكن الانكماش المسيحي الفلسطيني حقيقة لا يعكس مدى وجود الكنيسة والمسيحيين في شتى المواقع.


سامي كليب: سيادة المطران يعني في البعض يروج أن المسيحي الذي انتقل إلى تحت السلطة الإسرائيلية ازداد عدد أفراد المسيحيين هناك وربما المعاملة أفضل من أولئك الذين بقوا تحت السلطة الفلسطينية.


المطران عطا الله حنا: الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى توضيح وتفسير لا سيما أن من بقي داخل الدولة الإسرائيلية اليوم من الفلسطينيين هم أولئك الذين صمدوا وبقيوا في هذه الأرض بعد النكبة بعد نكبة 48 يعني نحن نتحدث عن شعب تم تشريده وتم اقتلاعه من أرضه ومن بقي في داخل فلسطين التاريخية داخل إسرائيل ويحملون الجوازات الإسرائيلية أو الهوية الإسرائيلية يعاملون قانونيا وشكليا على أنهم مواطنون داخل هذه الدولة ولكنهم يتعرضون للتمييز يتعرضون لممارسات يعني عندما تذهب إلى القرى العربية إلى البلدات العربية ترى أن البنية التحتية يعني مترهلة ترى أن المعاملة مختلفة ترى أن هنالك تمييزا يعني أنا أعتقد بأن الفلسطيني داخل مناطق الـ 48 يعاني من التمييز ولا يتمتع بالحقوق التي يتمتع بها الآخرون مع أنه موجود وهو أصيل وهو في وطنه وليس غريبا وليس دخيلا ولم يؤت به من أي مكان في الآخر، أي فلسطيني في وطنه يعامل وكأنه غريب في حين أنه صاحب الأرض الأصلي.


سامي كليب: على كل حال لو سمحتم لي سنواصل هذا النقاش نتحدث عن بعض الدول العربية الأخرى نتحدث عن "وقفة حق" أيضا هذا البيان الشهير مباشرة بعد الفاصل، مشاهدي الأعزاء عبر قناة الجزيرة يستمر برنامج الملف فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

تأثير الاحتلال ومواقف الغرب من مسيحيي العراق


سامي كليب: مرحبا بكم مجددا أعزائي المشاهدين لمواصلة برنامج الملف عبر قناة الجزيرة نواصل فيه الحوار حول وضع المسيحيين في الدول العربية. غبطة البطريرك يعني المعروف أنه في الوطن العربي هناك قواسم مشتركة بين المسيحيين بشكل عام ويبدو أن بعض هذه القواسم المستجدة هو التهجير أيضا في بعض الدول العربية، هل حضرتك قلق كمسؤول مسيحي على وضع المسيحيين في الشرق؟


الأب ميشيل صباح: إذا أخذنا العراق مثلا القلق مبرر، في العراق يقتل المسيحي لأنه مسيحي وهذه أول مرة يجري الأمر يقتل لأنه مسيحي، هلق طبعا نقول نحن نقول يقتل السني لأنه سني والشيعي لأنه شيعي ولكن هناك عندما في العلاقات بين الشيعة والسنة هناك تنازع على السلطة.


سامي كليب: هل كان الأمر على أيام الرئيس الراحل صدام حسين أفضل؟


الأب ميشيل صباح: طبعا فيما يختص بالعلاقات الاجتماعية في هذا المجال كان أفضل، كان هناك طمأنينة للناس..


سامي كليب: وكان طارق عزيز في السلطة أيضا.


الأب ميشيل صباح: المشكلة يعني طبعا هو نحن لا نتكلم على كل معطيات نظام صدام إنما هذا الوجه..


سامي كليب: الشأن المسيحي.


الأب ميشيل صباح: الشأن المسيحي كان هناك طمأنينة وأمان.


سامي كليب: نعم لأنه ملاحظ أيضا -غبطة البطريرك- أن العلاقة بين الأكراد والمسيحيين في الواقع كانت دائما صعبة وساء الوضع..


الأب ميشيل صباح: العلاقات كلها سياسية كما هي بين السنة والشيعة وبين الأكراد والعرب هي علاقة سياسية.


سامي كليب: يعني الأكراد يعتبرون المسيحي عربيا لذلك ربما..


الأب ميشيل صباح: لا، الأكراد يعتبرون المسيحي آشوريا لا أكثر ولا أقل، هو عرقيا آشوري وكلداني مثله مثل الأكراد، أنهم -أنا على ما أظن- يستخدمون كأداة سياسية ويذهبون ضحايا بين التنازعات السياسية المسيحيون ومن ثم المهم أن العدد نعم هنا له أهميته كونه عدد قليل العراقي المسيحي.


سامي كليب: هل في إحصاءات كم هاجر من المسيحيين بعد الاحتلال الأميركي؟


برنار سابيلا: يعني عدد المسيحيين في العراق كان يتجاوز المليون.


سامي كليب: اليوم أربعمائة ألف؟


برنار سابيلا: اليوم عدد المسيحيين في العراق لا يصل إلى أربعمائة ألف خمسمائة ألف أعلى تقدير، الإحصاءات تشير إلى أن على الأقل 40% من العراقيين الذين هاجروا هم من المسيحيين يعني من كل هجرة العراقيين إلى خارج العراق نصف تقريبا 50% من الذين هاجروا خارج العراق هم من المسيحيين.


سامي كليب: سيادة المطران ما السبب برأيك أنه بعد دخول الأميركي دخول الغربي -إذا صح التعبير- إلى العراق كان المفترض أن المسيحي يشعر بطمأنينة أكبر ربما في دولة في العراق، يعني هل تم التشجيع لترحيل المسيحيين من هناك؟


المطران عطا الله حنا: يعني عندما كانت هنالك تعديات على كنائس في العراق تصادف وجودي في الدوحة في مؤتمر عن القدس وكان هنالك عدد من المشايخ من الشيعة والسنة من العراق وأول من خرج إلى الإعلام واستنكر التعديات على الكنائس كان رجال الدين المسلم السني والشيعي وبالتالي..


سامي كليب (مقاطعا): ولكن هل الغرب سيادة المطران يشجع على رحيل المسيحي؟


الأب ميشيل صباح: الجواب على هذه النقطة في الغرب، الغرب ليس غربا مسيحيا، الغرب السياسي وأول ضحية للسياسات الغربية هم المسيحيون كونهم عدد قليل ولا يشكلون أي أهمية للسياسة الأميركية أو الغربية ومن ثم.. وهذا عامل من أكبر العوامل التي تشكل خطرا على الوجود المسيحي، السياسة العالمية الغربية وواضعوها لا يأخذون بأي اعتبار الوجود المسيحي.


سامي كليب: على كل حال حضرتك سيادة البطريرك انتقدت المسيحيين الصهاينة وقلت إن ما يحصل اليوم يختلف عما كان حاصلا قبل ألفين وثلاثة آلاف عام يعني فعلا هناك تيار مستجد على ما يبدو؟


الأب ميشيل صباح: هذا موضوع آخر كذلك ومختلف، الموضوع الأول ويجب إدراكه أن السياسة الغربية السياسة الأميركية مخططاتها لما غزت العراق مثلا لم تأخذ بعين الاعتبار بأي شكل من الأشكال أن هناك مسيحيين وماذا سوف يحصل لهم مطلقا.


سامي كليب: عاملت العراقيين كعراقيين. طيب في الجزائر، يعني أنا أحب أن نتوقف عند كل موضوع ربما لساعات طويلة يستحق ذلك ولكن للأسف سنحاول أن نمر على معظم الدول العربية التي فيها مشاكل. كنت ذكرت سيادة المطران..


المطران عطا الله حنا (مقاطعا): أنا حقيقة ما جاوبتك على مسألة الأميركان والاحتلال الأميركي.


سامي كليب: تفضل.


المطران عطا الله حنا: أنا أعتقد بأنه يعني هذا المصطلح الذي نستعمله ونسمعه كثيرا عن قضية الغرب المسيحي لا يوجد هنالك غرب مسيحي، هنالك غرب فيه مسيحية وفيه تيارات غير مسيحية وبالتالي لا يجوز ربط كل المواقف والسياسات التي تخرج عن الغرب بالمسيحية، على سبيل المثال ما أقدمت عليه أميركا من دعم لإسرائيل أو من احتلال للعراق أو بعض الدول الأوروبية وما إلى ذلك، الديانة المسيحية براء من هذه السياسة، إذا ما أردنا أن نتحدث عن الثقافة المسيحية أو عن الفكر المسيحي المسيحية تدعونا للوقوف إلى جانب المظلومين للوقوف إلى جانب المحاصرين المهددين وما إلى ذلك..


سامي كليب (مقاطعا): ربما لأن مسيحيتكم..


المطران عطا الله حنا (متابعا): أما أن تأتي جهة وتدعي بأنها مسيحية وتبرر ما تقوم به سلطات الاحتلال هنا وهناك أنا أعتقد بأن المسيحية براء من هذا وبالتالي ما نلحظه في العراق من تهجير للمسيحيين هذا يدل على أن الاحتلال الأميركي للعراق أو الممارسة الاحتلالية للعراق لم تهتم بهذه القضية ولا بالوجود المسيحي ولا بالوجود العربي هناك بشكل عام.


برنار سابيلا: إذاً..


سامي كليب (مقاطعا): بس اسمح لي أستاذ سابيلا، حين نتحدث عن بعض الأطراف المسيحية التي تغطي ربما ممارسات الاحتلال يعني ربما يقودنا السؤال حول العلاقة التي تجددت في فترة معينة بين الفاتيكان وإسرائيل وتحسنت، هل تعني بذلك الفاتيكان أيضا؟


المطران عطا الله حنا: لا، لا، أنا لا أتحدث عن الفاتيكان أنا لا أتحدث عن العلاقات الدبلوماسية بين الدول، أنا أتحدث أن هنالك جهات استعمارية في هذا العالم تمارس الاستعمار وتمارس العنصرية وتمارس الهيمنة، نحن كمسيحيين لنا موقف واضح منها سواء كان هذا في فلسطين أو في العراق أو في أي مناطق أخرى، من حيث المبدأ نحن نرفض انتهاك حقوق الإنسان ونحن كمسيحيين فلسطينيين نتبنى القضية الفلسطينية وننظر إليها على أنها قضيتنا، هي ليست قضية إسلامية فقط وأنا أود أن يسمع هذا الكلام إخوتنا في العالم الإسلامي، لا يجوز أن ينظر إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية إسلامية، هي إسلامية ولكنها مسيحية وعربية وإنسانية كذلك الأمر.


سامي كليب: على كل حال حين نتحدث عن فلسطين عن الوطنية ربما المشاهد لا يعرف أن وديع حداد أن جورج حبش أن نايف حواتمة أن إدوارد سعيد أن عزمي بشارة أن كلهم من المسيحيين الذين يناضلون وناضلوا، الكتاب الكبار أيضا يعني من إدوارد سعيد إلى ربما إلياس خوري اليوم في بيروت إلى جبران خليل جبران إلى ميخائيل نعيمة كلهم من المسيحيين الذين قدموا للعروبة الكثير. كان لديك تعليق.


برنار سابيلا: كان لدي تعليق، أولا العلاقة بين الفاتيكان وإسرائيل يجب أن نراها أيضا في العلاقة بين الفاتيكان ومنظمة التحرير الفلسطينية وفي العام 2000 حين وقع الفاتيكان مع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية تفاهم أو مبادئ كان البند الأساس الذي أثار حفيظة إسرائيل هو إقرار الفاتيكان ومنظمة التحرير أنه لا يجوز إقامة أي خطوات أحادية في مدينة القدس وهذا من الضروري للمشاهد والسامع أن..


سامي كليب: كويس هذه ملاحظة كويس.


برنار سابيلا: ولكن ملاحظة أخرى أن ما يجري في العلاقات الإسلامية المسيحية أو السنية الشيعية هي أيضا انعكاس لمشكلة عدم فهم طبيعة المجتمع فحين كان المسيحيون العرب يتأطرون بالقومية العربية في سنوات الثلاثينات والأربعينات والخمسينات..


سامي كليب: حتى على أيام ميشيل عفلق مؤسس البعث يعني.


برنار سابيلا: حتى على أيام ميشيل عفلق والذي هو مسيحي أيضا، كان المسيحي العربي بشكل عام يشعر بأن بيته هو البيت العربي.

الحقوق السياسية والاجتماعية للمسيحيين في الدول العربية


سامي كليب: كويس طيب في هذا الشعور كنت لمحت سيادة المطران أيضا إلى لقاء الدوحة والتأييد الذي حصل يعني في الدوحة هناك كنيسة جديدة استجدت بينما نلاحظ أنه في بعض الدول العربية الأخرى هناك مشاكل تحدث مع المسيحيين، مثلا في الجزائر خمسة آلاف مسيحي وفق الكنيسة الكاثوليكية وعشرة آلاف حسب الإحصاءات الرسمية، طيلة فترة التسعينيات وفق هذا الكتاب "المسيحيون الذين نقتلهم" وهو كتاب صادر باللغة الفرنسية يقول التالي "طيلة فترة التسعينيات قام مرسلون أميركيون بعمل دؤوب وسري لنشر المبادئ الإنجيلية في مناطق القبائل الجزائرية وتم اللجوء إلى اللغة الأمازيغية التي يتحدثها الأمازيغ -أو البربر كما يقال عنهم عندنا في الشرق- كوسيلة دعائية " وهنا السؤال يعني حول دور الغرب بهذا المعنى دور بعض المرسلين الغربيين في إحداث بعض الخروقات في بعض الدول يعني ألا يحق للجزائر مثلا أن تدافع عن نفسها وتمنع مثل هذه التحركات؟


الأب ميشيل صباح: القضية وطنية وكل وطن كل دولة تدافع عن نفسها، هلق الإسلام هو دين الدولة فالدولة تدافع عن نفسها كدولة وكدين إسلامي لكن هناك قضية أخرى وهي قضية الحرية الدينية وهناك قضية ثالثة وهي من يوفر المعرفة الدينية لهذا الطرف، أما فيما يختص بالدين المسيحي يحق للمسيحي أن يطلع على كل ديانة يريد ويحق له أن يبدل دينه إذا شكل لنفسه قناعات بدين آخر، هلق المسلم لا يحق له أن يبدل دينه فالحاصل هنا في الجزائر هي قضايا متشابكة، قضية الحرية الدينية هل يجوز للمسلم أن يبدل دينه أو إذا أراد أن يبدل دينه من هو المخول بأن يقدم له دينا آخر، هل الدولة تقدم له هذه التسهيلات، هلق هذه الجهات مشكلة هذه الجهات أنها دينية وسياسية، الإنجيلية..


سامي كليب: المرسلون..


الأب ميشيل صباح: الإنجيلية الأميركية أنها فيها خلط بين السياسة والدين معا ومن ثم هناك كذلك عدم مراعاة للقوانين الموجودة في الدولة، هي نفس القوانين الموجودة في الأردن وفي سوريا وفي لبنان.


سامي كليب: بالضبط يعني مثلا في الجزائر بعض القوانين تمنع أن يقيم إنسان أو الراهب قداسا إلا داخل الكنيسة في لحظات معينة وربما بتصريحات وما إلى ذلك، في الأردن أيضا إذا حاولنا أن نصور داخل الكنيسة بحاجة إلى تصريح، هنا حين تتناقض هذه التدخلات الأجنبية أو الإنجيلية أو الأميركية مع القوانين المرعية؟


الأب ميشيل صباح: أولا أمامنا قضيتان أولا هذه التدخلات الأجنبية وهي تزعجنا نحن كذلك إنها تدخل إلينا بلبالا بين المؤمنين، نحن كنائس متعددة نعم وهي تأتينا ببدع أخرى كذلك، القضية الثانية قضية الحرية الدينية هذه قضية هي مشكلة وبحاجة إلى دراسة في كل المجتمعات العربية والإسلامية.


سامي كليب: يعني تشعر أنه في تضييق على الحرية الدينية في الجزائر مثلا المسيحية؟


الأب ميشيل صباح: الحرية الدينية مش المسيحية، حرية الضمير حرية المسلم، كما أن المسيحي له الحرية بأن يبدل دينه إذا رأى ذلك مناسبا له، المسلم كإنسان يجب أن يكون له الحرية الدينية حرية الضمير بأن يبدل قناعاته الدينية إذا توصل إلى قناعة أخرى، هذه هي القضية.


سامي كليب: حين تختلف بعض القناعات المسيحية السياسية أيضا مع المبادئ القائمة في بعض الدول يعني وأنا أسألك سيادة المطران عن مصر مثلا، في بعض الأقباط المصريين في الخارج يشنون حملة طبعا للدفاع عن قناعاتهم ومسيحيتهم وما إلى ذلك ولكن يشنون حملة على دولتهم على مصر من الخارج وتقوم قيامة الدولة المصرية، مثلا لو ذهبنا إلى لبنان في بعض التيارات التي تعاملت مع إسرائيل مثلا مثل القوات اللبنانية وما إلى ذلك، هؤلاء ما هو دورهم بالضبط بالنسبة لتهجير المسيحي من منطقة إلى أخرى؟


المطران عطا الله حنا: نحن ككنائس نريد ونتمنى ونطالب بأن نتمتع بالحرية الكاملة في أداء شعائرنا الدينية في تعليم أبنائنا في نشر القيم الروحية التي تنادي بها دياناتنا ولكننا نتحفظ على بعض الأصوات التي تدافع عن المسيحية وتبشر بالمسيحية ولكنها أيضا تهاجم الآخر يعني ليس هذا شغلنا وليس هذا واجبنا أن ننتقد الآخر أو أن نهاجم الآخر، وكذلك المسلم أنا أتمنى من المسلم إذا ما أراد أن يدافع عن دينه فليكن ومن حقه أن يكون مسلما وأن يدافع عن إسلامه وعن خطابه الإسلامي ولكن دون أن يكفر الآخر ودون أن يمس أو أن.. يعني أنا أؤمن بلقاء الديانات بحوار الديانات بتعاون الديانات، نحن في هذا الشرق مسلمون ومسيحيون لسنا موجودين من باب الصدفة..


سامي كليب (مقاطعا): طيب أنا سألتك..


المطران عطا الله حنا (متابعا): هي الإرادة الإلهية التي أوجدتنا وبالتالي يجب أن نوجد الصيغة الملائمة واللائقة لتعاوننا خدمة لقضايانا وخدمة لإنساننا وخدمة لأوطاننا.


سامي كليب: طيب اسمح لي سيادة المطران يعني أنا أسألك أيضا كرجل سياسة، لست فقط رجل دين وإنما لك دور كبير في السياسة في العمل الوطني في فلسطين يعني نحن نتحدث مثلا عن بعض أفراد الأقباط في الولايات المتحدة الأميركية، حين نتحدث عن بعض المسيحيين في لبنان في الواقع للأسف الذين جاؤوا بإسرائيل ونصبت إسرائيل أحدهم رئيسا لجمهورية لبنان يعني هؤلاء هل تلتقون معهم مثلا فكريا وسياسيا؟


المطران عطا الله حنا: نحن حقيقة وإن كنا منفتحين على الحوار وإن كنا منفتحين على كل إنسان يعني نحن لا نغلق الباب أمام أي إنسان يريد أن يأتي إلينا ويريد أن يلتقي معنا وأن يتعاون معنا إلا أننا هنا نسجل تحفظنا على كثير من التيارات المسيحية أو بعض التيارات المسيحية التي بعضهم يأتي إلى فلسطين تضامنا مع إسرائيل يعني أنا مرة كنت خارجا من البطريركية في البلدة القديمة فإذا بي أشاهد أحد الأميركان وهو رافع لافتة مكتوب عليها باللغة الإنجليزية نحن أتينا لكي نتضامن مع الاستيطان الإسرائيلي لفلسطين فقلت له هل أنت مسيحي؟ قال نعم، فأجبته بأن هذا الشعار الذي تحمله لا يدل على ثقافة مسيحية ولا يدل على انتماء مسيحي. أنا أعتقد بأن هؤلاء إنما عندهم أجندات سياسية وليست أجندات روحية أو دينية لأن الدين واضح في هذه المسألة، الدين المسيحي واضح والدين الإسلامي واضح، الدين المسيحي يدعو المسيحي للوقوف في وجه الظالم لا أن يكون مع الظالم ضد المظلومين وبالتالي هؤلاء أنا أعتقد بأنهم يخدمون مشاريع سياسية مشاريع استعمارية المسيحية منها براء.


سامي كليب: على كل حال بعض الآثار لتهجير المسيحيين أيضا من قبل بعض الأميركيين مثلا عام 1976 المبعوث الأميركي دين براون اقترح نقل المسيحيين اللبنانيين إلى كندا أو الولايات المتحدة الأميركية لحل المشكلة اللبنانية! نشاهد فقط ريبورتاجا قصيرا ثم سأطرح عليك سؤالا دكتور سابيلا.

[شريط مسجل]


الآباتي إيلي ماضي/ الأب العام لرهبة المرسلين اللبنانيين: المسيحيون بلبنان هم الأمل كمان لمسيحيي الشرق عدا أن كمان اللي عم يحصل بالشرق يؤثر على مسيحيي لبنان وعم نشوف حوالينا شو عم يصير من تهجير للمسيحيين إن كان اللي صاير بالعراق واللي أثر يعني تقريبا أفرغ، رح يفرغ أرض العراق من أبنائها المسيحيين واللي عم يصير كمان بفلسطين كمان ما عم بس يطال إخوانا المسلمين كمان المسيحيين وفي إفراغ للوجود المسيحي واللي كمان بمصر في كمان هجرة لمسيحيين بمصر.


القمص مينا ظريف/ راعي كنيسة الملاك سوريال ومارمينا المصرية: الهجرة لا تقلل العدد، بل العدد يا ثابت يا زايد لأنه في مواليد جديدة في زيجات جديدة في نسل جديد فإن لم يكن العدد يثبت لكن لا يقل وممكن يزيد، لا قلق للمسيحيين في مصر إطلاقا وإحنا فراعنة ودي بلدنا وأساسنا ومنبتنا وما فيش داعي للخوف يعني والمشاكل ما تخوفناش المشاكل دي في أي مكان، إحنا برضه إخوات وحبايب حنتخانق النهارده نتصالح بكره لكن فكرة أن إحنا نتقوى بالخارج دي فكرة مرفوضة وغير مقبولة ولا نوافق عليها.


مشارك لبناني1: أنا كمسيحي ما يعني ما بأشجع أبدا ولا مسيحي يهاجر لأنه كلنا عايشين بهالبلد كلنا مبسوطين ما فيه مشاكل وكلنا عم نقدر نفرجي شعاراتنا الدينية بلا ما يكون في مشاكل بلا ما حدا يقوطب على حدا، ما في ولا مشكلة يعني.


مشاركة لبنانية1: المسيحيون بالشرق مضطهدون، الأصوليون اللي عم بيعلموهم الشريعة الغلط وبعدين الحالة الاقتصادية والمنطقة منطقة الشرق الأوسط كلها عم تغلي غلي.

مشاركة لبنانية2: بكندا أولادي وأنا رايحة ع كندا كمان.

مشارك لبناني2: كل شاب مسيحي بيتمسك بأرضه ويتمسك بإيمانه تيبقى لبنان بالنتيجة.. مش أنه قصة مثل كأنه اضطهاد مسيحية من لبنان فلوا، لا، أنه المعيشة صعبة ما بأنكر كل إنسان بينبش على مستقبله.

[نهاية الشريط المسجل]

سامي كليب: واضح أنه في قلق لا شك عند المسيحيين في قلق اقتصادي قلق سياسي أيضا، مررنا على الجزائر على العراق على فلسطين، سنعود إلى فلسطين في خلال هذا الحوار أيضا. نتحدث عن مسيحيي سوريا، على ما يبدو هناك -دكتور سابيلا- ما يقارب المليون مسيحي؟


برنار سابيلا: ما يقارب المليون وفي بعض الأرقام تقول أكثر من المليون يعني مليون ومائتي ألف، مليون وثلاثمائة ألف.


سامي كليب: هناك أيضا هجرات عراقية مسيحية باتجاه سوريا.


برنار سابيلا: باتجاه سوريا يعني معظم العراقيين الذين وصلوا إلى سوريا هم من المسيحيين.


سامي كليب: طيب واضح أن الوضع المسيحي بسوريا على ما يبدو جيد يعني وفي حتى بعض الخطوات الانفتاحية مثلا أذكر -غير أن الجنرال يوسف شكور وصل إلى رتبة رئيس أركان عام 1973- مثلا بـ 15 تموز 2007 افتتحت في معلولا وهي منطقة مسيحية مشهورة معهد لتعليم اللغة الآرامية بدعم حكومي، مثلا عام 2000 افتتحت مدرسة في حلب لكل الطوائف ولكن أصحاب المنح فيها هم فقط من المسيحيين بدعم من الكنيسة الكاثوليكية. يعني والبلد علماني كما نعرف حتى ولو أن الرئيس يجب أن يكون مسلما، هل يريحكم الوضع في سوريا؟ وهل من إحصاءات لديك دكتور سابيلا؟


برنار سابيلا: يعني يريحنا الوضع في كل بلد عربي حقيقة، الأردن، سوريا، حيث يستطيع المواطن أن يمارس شعائره الدينية بحرية وحيث يستطيع الاندماج في المجتمع، العلاقات الإسلامية المسيحية لا تبقى علاقات دينية وإنما تصبح علاقات مجتمعية همها الوطن همها خدمة المجتمع وهذا نراه في فلسطين نراه في الأردن نراه في سوريا.


سامي كليب: ولكن المشاركة في الإدارات في المؤسسات الرسمية وما إلى ذلك -غبطة البطريرك- هل تشعر بأنها جيدة في الدول العربية حتى التي فيها وضع مسيحي مستقر مثل سوريا مثل الأردن كما تفضل؟


الأب ميشيل صباح: طبعا هناك سقف في كل بلد فيما يختص ببعض الرتب العليا طبعا المسيحي لا يصل إلى الرتب العليا العليا وهنا أعود وأقول إن..


سامي كليب (مقاطعا): تقصير من الأنظمة أم؟


الأب ميشيل صباح: لا، أعود وأقول في الواقع إن طبيعتنا طبيعة الشرق المواطن هو مؤمن فإن كان هناك 95% مواطن مسلم يجب أن أحترم أنا مشاعره المسيحي وكيف أفرض عليه رئيس حكومة مسيحي؟ يعني لو هو قبل هذا أمر آخر أما بشكل طبيعي أنا لا أطلب أن يكون هناك رئيس حكومة مسيحي حيث يكون المجتمع 95% مسلم أو أكثر.


سامي كليب: لا شك ولكن يعني مثلا لو أخذنا مصر أنه ثمة إحصاءات تتحدث عن 9 إلى 12 مليون مسيحي في مصر أي أكثر من 14% من عدد السكان، ويذكر العالم خطاب الرئيس الراحل أنور السادات عام 1989 حين قال أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة أحكم بالإسلام دولة مسلمة حيث يتعايش المسيحيون والمسلمون جنبا إلى جنب. بعض الإحصائيات تقول إن 1910 كان 45% من الموظفين مسيحيين بينما البرلمان يضم اليوم مثلا سبعة نواب فقط وفق آخر إحصاءات لدي من أصل 444، أن بعض المسيحيين أيضا حين يحاولون الوصول إلى مراكز عليا في السلطة على ما يبدو أن الوضع ليس سهلا حتى ولو أن بطرس غالي رافق أنور السادات إلى القدس كمسيحي.


الأب ميشيل صباح: الواقع الوضع المصري بالذات وبسبب هذا العدد الكبير من الأقباط حضور قبطي وفير في المجتمع المصري هناك أمر لا بد يحتاج إلى مراجعة فيما يختص بالمساواة بين المواطنين، الكل مصري، الكل قبطي على فكرة لأن قبطي يعني مصري والمسلم هو قبطي..


سامي كليب: نعم بالأصل صح.


الأب ميشيل صباح: والقبطي قبطي. فهناك لا بد من مراجعة للأوضاع المسيحية المصرية مثلا هناك عندهم مشكلة بناء كنيسة أو حتى ترميم جزء متهدم من دير يحتاج إلى مرسوم من رئيس الجمهورية يعني قانون قديم جدا وما زال قائما، لا بد من النظر في تبديله إزالته إعطاء الحرية المنطقية.


سامي كليب: طيب هنا يسأل الإنسان عن دور الكنائس المسيحية أيضا في التعاون مع الأنظمة في تسهيل الأمور بالنسبة للمسيحيين في وقف نزف الهجرات في الواقع المسيحية، قمتم بمبادرة مهمة جدا في فلسطين على المستوى المسيحي "وقفة حق" العنوان، جاء في هذه الوثيقة أن "الاحتلال العسكري لأرضنا هو خطيئة ضد الله والإنسان وأن اللاهوت الذي يبرر هذا الاحتلال هو لاهوت تحريفي"، هذه أول مرة على ما أعتقد يقال إن الاحتلال هو خطيئة ضد الله من قبل المسيحيين بشكل وثيقة رسمية.


الأب ميشيل صباح: الاحتلال خطيئة لأنه بكل بساطة هو إجرام في حق الإنسان وفي حق الشعب طبعا مجموعة من الناس، فكل اعتداء على إنسان هو خطيئة والخطيئة في حق الإنسان هي خطيئة في حق الله لأن الإنسان هو خليقة الله إذا اعتديت على الإنسان اعتديت رب الإنسان سبحانه وتعالى، فبهذا المعنى تكلمنا وحتى هذا يكون الكلام واضحا أمام الكنائس في العالم الغربي مختلف الكنائس أرثوذكسية، كاثوليكية وبروتستانتية وهناك تفاعلات في هذه الكنائس عم تفكر في هذه الوثيقة وفي مداها اللاهوتي كذلك.


سامي كليب: بدأ على كل حال يعني قرأت اليوم بعض التجاوب من قبل بعض الأساقفة في فرنسا مثلا لدعم المسيحيين أو رجال الدين أو الكنائس المسيحية. في الوثيقة أيضا أن السلام لا يزال كلاما فقط بينما الواقع هو الاحتلال هو جدار الفصل هو تحويل المدن والقرى إلى سجون وأن المحبة تعني المقاومة. هل المسيحي يقاوم كالمسلم الاحتلال؟


المطران عطا الله حنا: طبعا المسيحي يقاوم بطريقته وبأسلوبه وأنا أعتقد بأن المسيحي الفلسطيني لم يكن في يوم من الأيام إلا مخلصا لانتمائه الديني والوطني ونحن من خلال هذه الوثيقة إنما أردنا حقيقة أن نؤكد لمن يجب أن يسمع ولمن يجب أن يدرك ولمن يجب أن تصله هذه الرسالة بأننا كمسيحيين فلسطينيين نحن لسنا غرباء نحن لسنا شيئا يعني مصطنعا ودخيلا على هذه المنطقة نحن جزء لا يتجزأ من هذه الأمة ومن هذه القضية ومن هذا الشعب نحن نعيش في هذه الأيام فترة القيامة، كل الأحداث المتعلقة بحياة السيد المسيح وما قدمه للإنسانية تمت في فلسطين ونحن نفتخر بأننا نعيش هناك وننتمي إلى هذه الأرض وننتمي إلى هذا الوطن وبالتالي نحن أردنا من خلال هذه الوثيقة أن نذكر المسيحيين الفلسطينيين بواجباتهم تجاه وطنهم وأن نذكر أيضا المسيحية العالمية بأن من واجبها أن تلتفت إلى فلسطين وتضامنها مع فلسطين هو تضامن مع الكنيسة الفلسطينية أيضا وأردنا أن نقول للإخوة المسلمين بأننا شركاء بأننا شعب واحد ونحن شركاء لكم ومعكم في هذه الأرض وفي هذه البقعة العربية. وبالتالي استطرادا لما قيل حول مصر وما إلى ذلك أنا أعتقد بأن كل المظاهر المتطرفة والمتزمتة الموجودة يجب أن تعالج من خلال الحوار، أنا أدعو إلى حوار إلى لقاء للمرجعيات الدينية الإسلامية المسيحية لقاء تكون فيه مصارحة ومكاشفة لكي نعمل معا من أجل وطننا ومن أجل قضايانا ومن أجل شعوبنا.


سامي كليب: كويس، على كل حال فيما لخصتم في تصريحاتكم جميعا يعني الآن والسابقة يعني أنا فهمت أن الممارسات الإسرائيلية طالت ممتلكات طالت الكنيسة التصاريح لرجال الإكليروس الرهبان قضايا الإقامة الجدار العازل مثلا الجدار حول بيت لحم..


برنار سابيلا: والقدس، طبعا.


سامي كليب: القدس وتهويد القدس يعني البعض يقول إن الجدار مثلا في بيت لحم سيفرغ المدينة لأن بعض السياح أيضا امتنعوا عن المجيء بسببه.


برنار سابيلا: هي مشكلة الجدار حول بيت لحم أنه يعزل بيت لحم عن المدينة التوأم القدس وبالتالي يمنع المؤمنين سواء مسلمين أو مسيحيين من الوصول للأماكن المقدسة وهذا عكس وضد الحرية الدينية وأحيانا تشدق إسرائيل بأنها تحترم الحرية الدينية.


سامي كليب: أشكر لكم المشاركة في هذا اللقاء يعني مررنا على معظم المواضيع ولو بشكل عابر ولكن على الأقل إضاءة بسيطة. جاك بيرك الكاتب الفرنسي المشهور يقول إن مسيحيي فلسطين هم مسيحيون عرب غير الفينيقيين أو غير الذين يقولون إنهم آشوريون أو فينيقيون أو فراعنة ولذلك يجب الحفاظ على عروبة فلسطين أيضا من خلال مسيحييها. شكرا لكم جميعا شكرا لمشاهدة هذا البرنامج، لمن يود الكتابة لبرنامج الملف عنواننا الإلكتروني almelaf@aljazeera.net