حوار في الرياضة - نجاح أولمبياد سيدني
حوار في الرياضة

نجاح أولمبياد سيدني

عناصر نجاح الحملة الدعائية للفوز بتنظيم الدورات الكبرى، متطلبات تنظيم الدورات الرياضية الكبرى ومراحل التحضير لها.

مقدم الحلقة:

أيمن جادة

ضيف الحلقة:

ساندي هولوي: الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة لسيدني 2000

تاريخ الحلقة:

14/12/2002

– عناصر نجاح الحملة الدعائية للفوز بتنظيم الدورات الكبرى
– متطلبات تنظيم الدورات الرياضية الكبرى ومراحل التحضير لها

– أسباب نجاح دورة سيدني الأولمبية واعتبارها الأفضل أولمبياً

– تنظيم دورة الألعاب الآسيوية 2006 في الدوحة


undefinedأيمن جاده: مشاهدينا الكرام، تحية طيبة لكم من (الجزيرة)، وأهلاً بكم مع برنامجكم (حوار في الرياضة).

لم تعد الرياضة على العموم تمثل أحداثاً للتسلية أو ملء أوقات فراغ، بل أصبحت من ضمن ما أصبحت عليه في عصرانا هذا نوعاً من التجارة الكبيرة والأعمال الضخمة والتحديات الكبيرة أيضاً، وأفضل مثال على ذلك تنظيم الدورات الرياضية الكبرى والتنافس المحموم عليه، مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم.

وباتت المدن والدول تتسابق للفوز بهذا الشرف مهما كلفها ذلك من إنفاق وتضحيات، وبات الفوز بشرف تنظيم مثل هذه الدورات والأحداث الرياضية الكبرى يحمل فرحة لا تعدلها إلا فرحة التفوق الرياضي في ميادينها.

بعد سيدني 2000 يجيء دور أثينا 2004، ثم بكين 2008 من أجل الألعاب الأولمبية بالطبع، وبعد كوريا واليابان 2002 يأتي دور ألمانيا 2006، بينما تتأهب إفريقيا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2010، وأكثر المتنافسين على ذلك سيكونون من العرب.

أما العاصمة القطرية الدوحة والتي دأبت على تكريس نفسها كعاصمة إقليمية وحتى دولية للرياضة، فهي تتأهب لاستضافة الألعاب الآسيوية عام 2006 مع طموح متواصل للاستمرار على هذا الطريق.

فما هي متطلبات تنظيم مثل هذه الدورات ومراحل ذلك؟

وما هي عناصر النجاح فيها؟

للحديث عن ذلك كله معي في الأستوديو السيد ساندي هولوي (الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية في سيدني عام 2000، فمرحباً به، ومرحباً بمداخلاتكم واستفساراتكم وأسئلتكم على هواتف وفاكس البرنامج وموقعه الحي على شبكة الإنترنت، ولكن -كالمعتاد- دعونا نبدأ أولاً بهذا الاستهلال المصور.

تقرير/ ليلى سماتي: لم تعد التظاهرات الرياضية الكبيرة مجرد تجمع ضخم للرياضيين من مختلف أنحاء العالم، ولم تعد تقتصر هذه المناسبات على كونها فرصة رائعة لسكان المعمورة لمتابعة المنافسات على المضامير ومن الملاعب أو القاعات المغلقة.

هذه حقيقة لا تحتمل الجدال لكون المسألة تجاوزت منذ سنوات عديدة تحديد الموعد واختيار البلد المضيف.

فالألعاب الأولمبية والتي تعتبر أبرز حدث رياضي على الإطلاق شهدت متغيرات كثيرة على مدى السنين، ومن دورة لأخرى تتصاعد وتيرة الاهتمام بها لا كملتقى رياضي بحت، وإنما لعناصر أخرى، هذه العناصر هي التي بدأت تسيطر تدريجياً لتضيف أشياء جديدة على ملامح الألعاب الأولمبية، وتصبح بالتالي جزءاً من تركيبتها.

كان واضحاً أن أهمية الدورات الأولمبية وارتفاع عدد المشاركين فيها لم يتركها في إطار الهواية التي اعتادت عليه، فكان دخول المال عبر بوابة التليفزيون والحقوق، وما أدراك ما الحقوق التليفزيونية، كيف تترك الهواية والدورات الأولمبية تشهد نسقاً تصاعدياً سريعاً من أصحاب المال والنفوذ في المجال الاقتصادي، فمن دورة لأخرى سجلنا تغيرات جذرية في مجال التنظيم والإدارة لأكبر التظاهرات الرياضية على وجه الكرة الأرضية، فعالم الأولمبياد اختطف الأضواء وملك قلوب أكبر المستثمرين ورجال الأعمال والمال والجاه في العقدين الأخيرين، وبالتحديد في الدورات الثلاث الأخيرة منذ عام 92 وأولمبياد برشلونة، التي انفردت وبعد عشرين عاماً من تاريخ ميلاد الألعاب بالمشاركة الأولى من نوعها لرجال كرة السلة، وفريق الأحلام بقيادة (ماجيك جونسون) و(مايكل جوردن)، و(لاري بيرد)، ألعاب شاركت فيها 169 دولة، وعانق أجواء منافستها أكثر من 9367 رياضي بينهم 2708 سيدة، توزعوا على 257 منافسة رياضية، وسهر على راحتهم أكثر من 34 ألف متطوع ومتطوعة.

أربع سنوات بعد برشلونة الإسباني، الموعد تجدد مع الحركة الأولمبية وألعابها في عيد ميلادها المئوي بين أحضان أتلانتا الأميركية التي ارتفع فيها مشاركة مختلف أمم العالم إلى 197 دولة ليرتفع تلقائياً عدد الرياضيين إلى 10320 رياضي، منهم 3523 رياضية شاركوا في برنامج 271 منافسة رسمية، تحت أنظار ورعاية أكثر من 47 ألف متطوع ومتطوعة.

ورغم ذروة التطور والتكنولوجيا التي وصلت إليها دورة أتلانتا لتكون أجمل ختام لألفية حافلة بأعراس الحركة الأولمبية كل أربع سنوات، إلا أن الألفية الثالثة حملت في أَشْهُر ميلادها الأولى أروع وأنجح الدورات الأولمبية على الإطلاق، إنها دورة سيدني التي خطفت أضواء العالم، كيف لا وهي التي جلبت إلى ديارها أكثر من 10651 رياضي ورياضية يمثلون 199 دولة، قدموا جميعهم للتنافس على ميداليات 300 منافسة رياضية و برعاية فائقة من 47 ألف متطوع ومتطوعة.

نجاح أولمبياد سيدني 2000 صنعته تكنولوجيا علوم الاتصال بمختلف أنواعه، بينها الوسيلة الأثقل في الإعلام المرئي التليفزيون وحقوق البث الذي وصل الصراع من أجل نيله بين أعتد المحطات العالمية ذروته، فكان الموعد مع أحدث طرق النقل التليفزيوني المباشر وأشياء أخرى احتفظت بها ذاكرة العالم.

نجاح دورة سيدني 2000 أو حتى دورتي أتلانتا وبرشلونة اقترن بالتطور التكنولوجي والعلمي الصاخب الذي وصل إليه الإنسان تطور وتألق انتقلت حمى عداوة إلى دول القارة الصفراء، آسيا أكبر القارات الخمس والتي أكدت مجاراتها للتطور المذهل الذي أصبح جزءاً من حياتنا اليومية من خلال كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان والألعاب الآسيوية الرابعة عشر التي احتضنتها بوسان قبل شهور معدودة، ألعاب أخرج فيها الكوريون كل أوراق اللعبة، واعتمدوا في تنظيمهم وإدارتهم لثاني أهم تظاهرة رياضية في العالم بعد الألعاب الأولمبية من حيث عدد المشاركين ومساحة حجم سكان القارة.

آسياد بوسان مشاركة قياسية فاقت كل التوقعات، يُفتح الباب أمام تحدٍ جديد ورهان أصعب أمام عاصمة آسياد 2006 الدوحة القطرية.

[فاصل إعلاني]

عناصر نجاح الحملة الدعائية للفوز بتنظيم الدورات الكبرى

أيمن جاده: سيد هولوي، دعنا نبدأ بمحور الترشح الحملة لتنظيم مثل هذه الدورات، عادةً تكون الحملة في البداية من أجل الفوز بهذا الشرف، سواء كان ذلك دورة أولمبية أو كأس عالم أو ما إلى ذلك، على أي شيء تعتمد الحملة أساساً لتحقيق النجاح؟

ساندي هولوي: كما قلت إنه في البداية هذه الأحداث تستدعي منافسة كبيرة جداً من قِبل دول العالم، وبالطبع في النهاية يتم عملية تصويت سواء من لجنة أولمبية دولية أو من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم أو من قبل أي لجنة مسؤولة عن أي لعبة من الألعاب، وأعتقد بأن هؤلاء الناس لديهم دائماً شيئين في عقلهم:

الأول هو إذا كان الأمر تقنياً أو فنياً جيد، أي إذا كانوا مقتنعين بأن الألعاب ستعمل بشكل.. ستتم بشكل جيد، وأن الملاعب ستكون جيدة والمواصلات جيدة، إلى آخره. وفي هذا المجال -وبشكل عام- نجد هذه الأيام بأن هناك العديد من الدول أو المدن التي لديها الأمور الفنية الملائمة.

ثم نأتي للمرحلة الثانية وهي: إنه هل ستكون ألعاب مميزة؟ أي سيكون هناك شيء مميز لو أن الألعاب الآسيوية مثلاً جاءت إلى قطر، هل ستكون مميزة، أو إذا ذهبت الألعاب مثلاً إلى بكين هل سيكون فيها شيء مميز عن المدن الأخرى؟ وإذا كانت كأس العالم إذا كانت إلى كوريا أو اليابان هل سيكون شيء مميز فيها؟ لذلك كل دولة تريد أن تحصل على شرف استضافة هذه الألعاب الكبيرة يجب أن يكون لديها (…) في الترشيح ومزايا خاصة تجعلها جذابة بالنسبة للمسؤولين.

أيمن جاده: نعم، طيب يعني هل يجب أن تعتمد الحملة الناجحة على الوعود والدعم الحكومي على ما هو قائم فعلاً من منشآت وإمكانيات، أم على مستوى الخدمات التي يملكها البلد أو المدينة المنظمة أو الوضع الاقتصادي أو ربما لأسباب سياسية أو غير ذلك؟

ساندي هولوي: أعتقد بأن هذه الأحداث هي كبيرة للغاية ومعقدة للغاية بحيث إنه سيكون من المهم دائماً أن يكون هناك دعم حكومي، أنا لا أعتقد شخصياً بأن أي لجنة منظمة لوحدها يمكنها أن تنظم حدث بهذا الحجم وبهذا التعقيد، فالخدمات الحكومية ومساعدة الحكومة في إنشاء الملاعب والمنشآت الرياضية سيكون هاماً للغاية، كما.. نعم أعتقد بأن هناك شعور بأن هناك أمور جغرافية سياسية تدخل بعين الاعتبار، مثلاً أعتقد بأنه كان مهم عندما قررت اللجنة الأولمبية الدولية أن تختار بكين، فكانوا يعرفون بأنهم سيأخذون هذه الألعاب الأولمبية إلى أكثر من ملياري شخص في الصين، وهذا سيبني جسور الصداقة بين الصين والعالم كله.

إذاً هذه القضية تتجاوز الرياضة، وإنما أسباب جغرافية سياسية.

أيمن جاده: طيب، يعني أيهما أصعب برأيك إقامة دورة أولمبية أو متعددة الألعاب كالألعاب الآسيوية في رياضات متعددة وفي مدينة واحدة تكون مسؤولة عنها أساساً، أم إقامة بطولة كأس عالم في كرة القدم مثلاً، في لعبة واحدة وفي مدن متعددة في نفس الدولة؟

ساندي هولوي: أنا بالطبع لن أقول بأنه من السهل تنظيم كأس عالم في كرة القدم، فهذا شيء معقد للغاية، ولكن رأيي هو أنه من الأصعب أكثر أن ننظم بطولة تتضمن الكثير من الميادين الرياضية، مثل الألعاب الأولمبية -على سبيل المثال- لدينا 28 مجال، وفي الألعاب الآسيوية التي ستعقد عام 2006 في قطر سيكون على الأقل 33 مجال رياضي، وربما أكثر، والآن الألعاب المتعددة تعني منشآت أو اتحادات رياضية مختلفة وقواعد مختلفة للألعاب، وأن يكون لدينا التكنولوجيا الملائمة والمنشآت الرياضية المختلفة للألعاب المختلفة، وأعتقد بأن هذا التنوع يجعل من الألعاب الأولمبية أصعب بكثير من تنظيم بطولة واحدة حتى لو كانت كبيرة مثل كأس العالم.

أيمن جاده: نعم، الآراء تضاربت حول تنظيم مثل هذه الدورات الكبرى والأغراض أو الأهداف منها، هل هو تحقيق الربح المادي؟ هل هي تحقق بالفعل أرباح كبيرة، أم أن هناك من يقول بأن الهداف هو رفع سمعة البلد، ترك تراث ربما للأجيال القادمة، ما هو رأيك في ذلك؟

ساندي هولوي: أعتقد بأن الأجندة المفتوحة هي مهمة للغاية، معظم الدول التي تريد التنظيم ترى بأنها هذه الألعاب هي جزء من رؤياهم لصورة بلادهم، فإذا أخذنا مثلاً الصين كمثال مرة أخرى والتي ستنظم كأس العالم، بطولة الألعاب الأولمبية عام 2008، هم يرون بهذه البطولة كجزء من عملية تحديث الصين، وجزء من التطور الاقتصادي للبلاد، وجزء من الانفتاح على العالم الخارجي، وأعتقد بأن أي دولة، سواء كانت أستراليا في عام.. بطولة الألعاب الأولمبية عام 2000، أو كوريا واليابان في بطولة كأس العالم لكرة القدم، أو قطر بالألعاب الآسيوية، يجب وبطريقة مشروعة أن تكون لها أجندة مفتوحة، وأن تسوق البلد للعالم، وأن تبني الأعمال والسياحة، وأن تترك وراءها إرثاً من البنية التحتية المحسنة والملاعب الرياضية، أمور مثل هذه تتجاوز الرياضة وتتجاوز الحدث الرياضي بحد نفسه [ذاته]، وهذا شيء مهم، لأن الأحداث هذه مكلفة كثيراً، ويجب أن يكون لها عائد.

أيمن جاده: نعم، طبعاً حديثنا ليس موجهاً فقط للمشتغلين بالرياضة أو المتخصصين في.. في مثل هذه الأعمال، لكن أيضاً لعموم المشاهدين ومختلف الثقافات وطبقات الناس، لذلك كثير من الناس يعتقد أن تنظيم مثل هذه الدورات يتطلب وجود ملاعب، فنادق للإقامة وإعلام يقوم بتغطية، وربما وسائل نقل، لكن طبعاً الموضوع أكبر من ذلك بكثير، ودفاتر الشروط والخطط والأعمال أضخم من ذلك بكثير، تكاد تكون إعادة بناء البلد أو تجهيزه بشكل يتلاءم مع هذه الألعاب، فدعنا نخبرهم هذه الحقيقة، دعنا نوضح هذه الأمور، وهو ما سنسعى إليه من خلال هذه الحلقة.

ساندي هولوي: نعم، أعتقد بأن هذه صحيح، ليس.. ليس.. لا يكفي أن يكون لدينا منشآت رياضية جيدة من أجل استضافة مثل هذه الأحداث، فهناك عنصران رئيسيان حيويان من أجل النجاح:

الأولى: التكنولوجيا، التكنولوجيا يجب أن تكون جيدة.

وثانياً: هو الناس، فمن الضروري أن نجمع مجموعة عمل كبيرة جداً ومحفزة، وتريد العمل من أجل تنظيم مثل هذه الأحداث الرياضية الكبرى وتكون ناجحة، كما أنك على حق أيضاً بالإشارة إلى إنها فرصة بالنسبة للمدينة ليس فقط من أجل استضافة حدثاً يحدث فترة معينة ويختفي، وإنما أن تترك وراءها إرثاً من الطرق المحسنة مثلاً وتحسين المواصلات وتحسين البيئة، و تحسين بنية المدينة، بكل هذه الطرق والوسائل يمكن للحدث أن يأتي وأن يترك وراءه بعد أن ينتهي استثمار ذو قيمة بالنسبة للمجتمع والبلد.

متطلبات تنظيم الدورات الرياضية الكبرى ومراحل التحضير لها

أيمن جاده: دعنا ننتقل الآن إلى محور التحضيرات، عندما تفوز مدينة ما أو دولة ما بشرف تنظيم مثل هذه الأحداث الكبرى، طبعاً عندما يقع هذا الاختيار تكون هناك بعض الاستعدادات أو الإمكانيات المتوفرة جزئياً من خلال الحملة، ولكن بعد ذلك يكون أمامه حوالي ست سنوات، سبعة أحياناً وأحياناً أقل للقيام بتحضيرات كاملة لتنظيم الحدث، ما هي مراحل التنظيم؟

ما هي الأولويات التي تواجهها الجهات المنظمة لمثل هذا الحدث؟

ساندي هولوي: بشكل عام الدولة ممكن تكون أمامها 6 إلى 7 سنوات للتحضير، وهناك 4 مراحل، وبدون أن ندخل في التفاصيل التقنية ممكن أن نفكر بالأمر بالشكل التالي:

أولاً: أن الدولة تحتاج إلى أن تنظم نفسها وأن تشكل لجنة تنظيمية وأن.. أي تكون بشكل.. تكون هي حكومة هذه الحملة، وأن تقوم بعمليات تسوية، وفي السنوات الأولى أن تضع نفسها بشكل جيد من أجل أن تؤدي عملها بشكل جيد.

أما المرحلة الثانية فهي: التخطيط، يجب أن تبدأ عملية تخطيط للنقل وللأمن والغذاء والأكل والتذاكر والتنظيف، وإنشاء المنشآت وأمور أخرى كثيرة، لذلك يجب أن تكون هناك مرحلة تخطيط.

ثم ننتقل إلى مرحلة.. مرحلة تفصيلية أكثر من التخطيط من أجل اختبار هذه الاستعدادات، من أجل التأكد من أن الخطة تعمل، وأنا أستطيع أن أقول بأنه في سيدني إن أفضل فترة قضيناها خلال التحضيرات هي ما نسميه الأحداث الاختبارية أي من أجل أن نعرف إذا كانت خطتنا ستكون ناجحة أم لا.

والمرحلة الرابعة هي بالطبع وهي الأسعد وهي الحدث بحد ذاته، الحدث الرياضي عندما يتم كل الأمور السابقة بشكل جيد.

أيمن جاده: نعم، يعني طبعاً أشرت إلى هذه النقاط، هناك ربما نقطتان أساسيتان في هذا الجانب: تشكيل اللجنة المنظمة باختصاصاتها، الذي أشرت إليه والخطة العامة التي يجب أن تضعها هذه اللجنة ربما بمساعدة استشاريين للبدء في العمل التنفيذي، كيف تُعرِّف هذه الخطة العامة؟ ربما الكثيرون لا يعرفون شيئاً عنها.

ساندي هولوي: أعتقد بأن كل المشاهدون يعرفون بأننا كنا ننظم حفلة مثلاً فإنه لا يكفي أن يكون هناك مكان للحفلة وفكرة وإنما يتطلب الأمر خطة، وأكثر من ذلك عندما يتعلق الأمر بالأحداث الرياضية في مثل.. مثل أي مشروع فالخطة شيء هام للغاية، والخطة يجب أن تبدأ من الهدف أو الأهداف المتوخاة، كل دولة يجب أن تقرر ما هي رؤيتها لهذه الألعاب، ما الذي تريد أن تحققه، ففي سيدني كانت لدينا فكرة بأن علينا أن يكون هناك احتفال في كل المدينة لمدة ستة عشر يوماً خلال الألعاب الأولمبية، كان هذا هو.. هذه رؤيتنا، وكيف.. عندما نقرر هذا الهدف نعمل على الخطوات التي توصلنا إلى هذا الهدف، وهذه هي المراحل التي شرحتها في السؤال السابق.

أما الخطة العامة فهي التي تضع الأساليب الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى من خلال المئات من البرامج الفرعية.

أيمن جاده: نعم، سنحاول أن نناقش هذه التفاصيل المتعلقة بجوانب التنظيم المختلفة، من منشآت، من تنظيم للألعاب الرياضية، من قضايا لوجستية، أو أرضية، من خلال طبعاً القسم الثاني من البرنامج.

[موجز الأخبار]

أيمن جاده: سيد هولوي طبعاً مازلنا في محور الحديث عن التحضيرات، بدأت بالحديث عن اللجنة المنظمة، مهامها والخطة العامة، ولكن طبعاً هناك كثير من التفرعات والاختصاصات الرئيسية في هذا العمل التحضيري، لابد أن نتوقف عندها ولو بالمرور، لأنها كلها طبعاً مواضيع كبيرة، دعنا نبدأ بالملاعب، المنشآت نعرف أن منها ما هو مخصص للمباريات للأحداث نفسها، منها ما هو مخصص حتى للتدريب أو الأحداث غير الرياضية ما شروط إنشائها، ما مراحل ومتطلبات ذلك بشكل عام من موافقات اتحادات دولية، من منشآت مؤقتة أو دائمة من وسائل تشغيلها وخدمتها وما إلى ذلك؟

ساندي هولوي: نعم، من المهم جداً أن كل ملعب يكون وفق معايير الاتحادات الرياضية، وهذه.. إن اللجان التنظيمية هي التي تقول إذا كانت هذه الملاعب وفقاً للمعايير المطلوبة، وذلك ممكن أن لا.. ممكن أن ينطبق مثلاً على كل أنواع الرياضات، فمثلاً إذا كانت هناك حوض سباحة أو ملعب كرة قدم فإن مكان اللعب يجب أن يكون من المستوى درجة أولى ومن غير المعقول أن تقوم.. يقوم اتحاد رياضي برفض ملعب معين، وأن يقول بأن ذلك ليس وفقاً للمعايير، بالطبع فإن الاتحادات الرياضية الدولية المختلفة تريد أن تعرف بأن رياضييها سيتنافسون في ظل أفضل الظروف فإذا كنت تنظم بطولات كبرى، من المهم أن تفهم المتطلبات الفنية والمعايير من أجل تلك الألعاب وأن تستجيب لها.

أيمن جاده: نعم، طب ماذا عن الشؤون الرياضية نفسها، عن الألعاب والمسابقات من الذي يديرها عادة؟ هل اللجنة المنظمة نفسها؟ هل الاتحادات المتخصصة محلياً لهذه الألعاب أم الاتحادات الدولية؟

ساندي هولوي: نعم، عندما تقوم اللجنة المنظمة بوضع الإطار العام -كما نقول- للحدث من أجل أن يحدث، فإن الرياضات الحقيقية تتم من قِبَل.. تُدار من قبل الاتحادات الرياضية الدولية وهم الخبراء وهذا لا يعني بأن اللجنة المنظمة ليس لها علاقة بالأمر، بل أمامها وظيفة كبيرة جداً، وهي التأكد من أن كل الدعم اللوجستي من أجل هذه الرياضيات بالنسبة للمشاهدين والنقل والغذاء والعناية ووسائل التدريب كلها تكون موجودة، ولكن الحدث بحد ذاته في هذه الرياضة سواء في الملعب أو في حوض السباحة يتم إدارته من قِبَل الاتحاد المعني.

أيمن جاده: نعم، أيضاً من الوجوه المهمة لمثل هذه الدورات والتي زادت أهميتها في الآونة الأخيرة، حفل الافتتاح وأيضاً حفل الختام، إلى جانب طبعاً هذين الحفلين هناك مهرجانات ثقافية واحتفالات مختلفة، ولكن كيف يتم التحضير لذلك؟ إلى أي مدى وصل الإنفاق عليه؟ ما هي أهميته برأيك في مثل هذه الدورات؟

ساندي هولوي: نعم، بالنسبة لحفل الافتتاح والختام هما مهمان للغاية وخاصة بالنسبة للمنظمين مثلي الذين حضروا لحفل الافتتاح، هو شيء هام للغاية لأنه هو الذي يعطي إشارة البداية والذي يعطي الجو العام للاحتفال. للحدث الذي سيحدث، وبشكل عام حفل الافتتاح بالنسبة للأحداث الرياضية الكبرى يكلف عشرات الملايين من الدولارات وأنها أولاً شيء ليس رخيص حيث يتضمن عشرات الآلاف من الأشخاص في حفل افتتاح على سبيل المثال، والشيء الأهم بالنسبة لحفل افتتاح ناجح هو أن نجد الطرق بالنسبة لدولة ما أن تُظهر بثقافتها الخاصة وطبيعتها، شخصيتها الخاصة كدولة وكأمة للعالم وأفضل حفل افتتاح هو الذي يحاول أن يُظهر شخصية.. ثقافة الدولة المضيفة، ولكن أيضاً يعطي الانطباع بأن الحدث هو حدث دولي وليس حدث محلي، وإذا تم ذلك بشكل جيد، فإن حفل الافتتاح سيكون شيء رائعاً للغاية في الأحداث الكبرى، أما حفل الختام فإنه عبارة عن احتفال بسيط ينهي الحدث.

أيمن جاده: نعم، أيضاً هناك من الجوانب المهمة الآن أصبحت في مثل هذه الدورات وهو جانب الإعلام والذي تطور كثيراً سواء تعلق الأمر بالنقل التليفزيوني التغطية التليفزيونية، سواء أيضاً الإعلام المكتوب أو المسموع، سواء الإعلام المطبوع أو الإلكتروني، كل هذا الخليط من وسائل الإعلام أصبحت تعطي صورة مهمة -ومهمة جداً- للألعاب، لأن معظم البشر يأخذون انطباعاتهم عن الدورات الرياضية الكبرى من خلال وسائل الإعلام، وقلة هم الذين يحضرونها شخصياً، يعني حتى هذا الجانب أحياناً يتطلب ما هو يفوق إمكانيات البلد المضيف بشرياً وتقنياً، كيف يمكن التعامل مع هذا الجانب برأيك في مثل هذه الأحداث؟

ساندي هولوي: الدولة المضيفة يجب أن تكون لها علاقات ممتازة وترتيبات جيدة مع الإعلام، وهذا يعني التليفزيون والراديو والصحافة المكتوبة، وفي حالة الألعاب الأولمبية مثلاً فإن اللجنة المنظمة يجب أن يكون لها ما يُسمى مركز إعلامي بالنسبة للتليفزيون ففي أستراليا عندما مُنحنا شرف تنظيم بطولة الألعاب الأولمبية في العام 2000 كان لدينا أفضل مركز تليفزيوني في ذلك الوقت في العالم، لذلك فإن هذه مهمة جداً، مهمة جداً وصعبة، يجب أن تكون تكنولوجيا ممتازة للغاية، كما أن مركز يجب أن يكون هناك مركز إعلامي للصحافة المكتوبة مختلف عن.. عنه وفي كل ملعب من الملاعب يجب أن يكون أماكن للإعلام من أجل تغطية الأحداث الرياضية ومقابلة الرياضيين وكتابة القصص المختلفة، لذلك ففي كل حدث رياضي كبير هذه الأيام يجب أن يكون هناك جهد كبير من أجل أن يكون هناك تسهيلات للإعلام قريبة جداً من الممتازة، لأنك -كما قلت- وهذا صحيح بأنه من خلال الإعلام فإن معظم الناس سيحضرون هذه الألعاب.

أيمن جاده: نعم، أيضاً من الجوانب المهمة جداً على هذا الصعيد جانب التسويق، لاشك أن البحث عن مصادر مختلفة سواء لتسويق هذه الألعاب أو لتحقيق المداخيل منها هو من الجوانب الأساسية أيضاً، كيف تصف هذا الجانب بالنسبة للدورات الكبرى؟

ساندي هولوي: بشكل عام هناك أربع مصادر مختلفة للدخل بالنسبة لحدث من هذا النوع، فهناك حقوق البث -كما نسميها- بالنسبة للتليفزيون وهذا يعني أن الأشخاص الذين ينظمون البطولة ممكن أن يبيعوا حقوق التليفزيون في العالم كله، وهذا عبارة عن مجال اقتصادي كبير جداً هذه الأيام وممكن أن يعطينا عائد كبير للغاية، وثانياً هناك أيضاً الرعاية وأعتقد أننا كلنا نعرف هذه الأيام ماذا تعني كلمة الرعاية للأحداث الرياضية الكبرى، حيث تدخل الشركات الكبرى كراعين للبطولة ويقدمون المال أو المساعدة العينية والخدمات بالنسبة لهذه الأحداث، وهذا أيضاً مصدر كبير جداً للدخل.

وثالثاً: هناك أيضاً التسويق أي بيع المنتجات التي لها علاقة بالألعاب مثل الـ (تي شيرت)، والألعاب والأمور الأخرى التي لها علاقة بالبطولة، والجزء الأخير هو بيع التذاكر، فحالياً في حالة الألعاب الأولمبية، فإن بيع التذاكر لوحدها تجلب حوالي 350 مليون دولار أميركي، لذلك هذه عبارة عن أرقام كبيرة للغاية ولكن من المهم أيضاً أن نحاول أن يكون هناك عائد بطريقة أو بأخرى بدل من أن تقوم الحكومة نفسها تدفع مقابل كل شيء من أجل تنظيم هذه الألعاب المكلفة.

أيمن جاده: نعم، طبعاً نحن لا نتحدث فقط عن الألعاب الأولمبية، نتحدث عن الألعاب الكبيرة إجمالا، الأحداث الرياضية الكبرى، سواء كانت الألعاب الأولمبية أو كأس عالم أو ألعاب آسيوية، وبالتأكيد رغم تشابهها في جوانب، فهناك بعض الاختلافات بينها، على سبيل المثال أن الأسئلة التي جاءتنا فيما يتعلق بكأس العالم هذا أيضاً موجود في كأس إفريقيا للأمم وكأس أوروبا للأمم لكرة القدم أصبحت هناك ظاهرة التنظيم المشترك مؤخراً، شاهدنا كأس العالم في كوريا واليابان، بالأمس وافق الاتحاد الأوروبي على تنظيم كأس أمم أوروبا 2008 في النمسا وسويسرا، كيف ترى فكرة التنظيم المشترك للأحداث الرياضية، طبعاً غير الأولمبية، لأن الألعاب الأولمبية لابد أن ترتبط بمدينة محددة؟

ساندي هولوي: يجب أن أعبر عن رأينا.. أنا أعبر هنا عن رأيي الشخصي في هذا الموضوع، الحقيقة أعتقد بأن عملية التنظيم المشترك هي شيء جيد وتوجه مستقبلي، لأن حجم هذه الأحداث أصبح كبيراً إلى درجة بحيث إن دول كثيرة إذا لم تكن بإمكانها أن تتقاسم المسؤولية مع دولة أخرى، فأنه سيكون من الصعب عليها أن تنظم هذه الأحداث، فمثلاً قد يكون من الصعب لحدث مثل الألعاب الأولمبية أن تُعقد فقط من قبل مدينة واحدة في القارة الإفريقية ومع ذلك فأن إفريقيا ذات أهمية حيوية بالنسبة للألعاب الأولمبية -كما هي أيضاً في بطولات كرة القدم والرياضة بشكل عام-، لذلك أعتقد بأن عملية التنظيم المشترك والتوجه نحو ذلك، تشاطر الكلفة، والكلفة والأعباء في هذه الأحداث هو توجه مستقبلي وأنا مسرور جداً أن أرى بأن ذلك بدأ يحدث في الواقع في المجالات المختلفة.

أيمن جاده: يعني رغم صعوبات، حتى الفيفا قال إن تنظيم كوريا واليابان سيكون آخر مناسبة مشتركة، لكن يبدو أنه نوعاً ما تراجع عن هذا الرأي وبدأ يقبل فكرة التنظيم المشترك مستقبلاً، طالما نتحدث عن كأس العالم لكرة القدم، وقد شاهدنا بعض اللقطات من الألعاب الأولمبية التي نعرفها جميعاً، لدينا فيلم قصير عن كأس العالم في كوريا واليابان يمكن أن يعطينا فكرة من خلال الصورة والموسيقى عن جوانب التنظيم، عن ربما أسرار النجاح في مثل تنظيم هذه الأحداث الرياضية الكبرى نتابع هذا الفيلم ثم.. ثم نواصل الحوار

[لقطات من كأس العالم كوريا واليابان]

أيمن جاده: بعد هذه اللقطات -سيد هولوي- يعني لاحظنا طبعاً في الفيلم أن النقطة الأساسية التي تم التركيز عليها -كما أشرت أنت -هو جانب التكنولوجيا بالإضافة للإنسان، تقنية المعلومات تطورت كثيراً، إلى أي مدى تخدم مثل هذه الألعاب؟

ساندي هولوي: أستطيع أن أقول بأن ذلك أصبح الآن أهم العناصر الرئيسية لنجاح أي حدث رياضي كبير، وهي.. وهذا تحدي كبير للغاية، خاصة عندما يكون لك.. عندك أحداث رياضية متنوعة، حيث هناك عدة نظم متطورة للمعلومات، وأنظمة معلومات مختلفة لكل رياضة من الرياضات، وكل ذلك يجب أن يجتمع مع.. ويتوافق مع الرياضات الأخرى فيما يتعلق بحساب المسافات وحساب أوقات السباقات ومع البث التليفزيوني، وهذا تحدي كبير جداً لأي حدث رياضي كبير معاصر، وأعتقد بأن الأحداث الرياضية الكبرى يجب أن تعتمد فقط على التكنولوجيا التي يمكن الاعتماد عليها، لا أحاول.. أريد هنا أن أقول بأننا يجب أن نحصل على أكثر تكنولوجيا متقدمة لا يتم اختبارها، هناك مجالات أخرى، ولكني كمنظم أتحدث بأن أهم شيء هو.. بالنسبة لي هو التكنولوجيا التي أثبتت فعاليتها، لأن الكثير من الأمور تعتمد عليها، ويجب أن تكون التكنولوجيا كشركات التكنولوجيا يجب أن تكون جيدة من أجل مساعدتكم في التنظيم.

أيمن جاده: نعم. هناك جانب مهم آخر طبعاً، وكما أشرت أنت، وكما شاهدنا في الفيلم هو الجانب البشري، من الذين يساعدون في تنظيم الألعاب ليس فقط الأناس المحترفين أو المتفرغين في لجان التنظيم، ولكن هناك أيضاً المتطوعون فما هو دورهم؟ ما هي أعدادهم عادة المطلوبة لمثل هذه الدورات؟ وكيف يتم اختيارهم وتدريبهم، وما إلى ذلك؟

ساندي هولوي: نعم، المتطوعون أصبحوا أحد المعايير أو الأشكال المهمة والجزء الهام في تصميم أي حدث رياضي كبير هذه الأيام، فهم أشخاص يعطون مجاناً وقتهم من أجل المساهمة في إنجاح الحدث الرياضي، يعطون وقتهم بوظائف مختلفة للغاية، قد يكونوا أطباء، وأطباء أسنان يمنحون وقتهم مجاناً في المراكز الطبية في القرية الأولمبية، وقد يكونوا خبراء في المجالات الرياضية، يساعدون الحكام والرسميين، وقد يكونوا أشخاص عاديين لديهم تدريب رياضي معين، ممكن أن يساهموا في السيطرة على الجمهور، وفي المعلومات، وفي توزيع التذاكر، إلى آخره، هناك الكثير من المجالات المتاحة، وأعداد المتطوعين الذين يمكن أن نحتاج لهم أصبحوا بعشرات الآلاف، لذلك عملية تنظيم عملية عمل المتطوعين هو حدث كبير بحد ذاته، وأحد الأهداف المتوخاة، ومن الأمور الجيدة حالياً إذا كان المجتمع في أي دولة ما أصبح معنياً بالحدث نفسه هو يساهم في نجاح هذا الحدث بطريقته الخاصة، لا يجب أن نترك ذلك فقط للجنة المنظمة، فنجاح ذلك يعتمد بشكلٍ كبير على المجتمع بحد ذاته، وأن يكون جزءاً من هذا الحدث، هذا هو معيار النجاح.

أيمن جاده: أيضاً من النقاط التي تتعلق بالبشر، من النقاط التي شاهدناها في الفيلم، من النقاط التي أثارها كثير من مشاهدينا عبر مداخلاتهم في الإنترنت هو موضوع الأمن، نعرف أن الهاجس الأمني كان موجود، هو حاضر دائم في الأحداث الرياضية الكبرى وفي أي حدث إنساني جماهيري كبير، لكن بالتأكيد بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر زاد هذا الهاجس، لاحظنا عينة ربما في كوريا واليابان، وربما تزداد الأمور في المستقبل، ما هو تعليقك على هذا الأمر؟

ساندي هولوي: أعتقد بأن الأمن يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأعتقد بأن هناك نقطتان أود أن أذكرهما، الأول: هو إنه من أجل أن يكون هناك أمن فعال يجب أن يكون هناك مسؤولية واضحة بالنسبة للجهود القيادية في مجال الأمن. لقد رأينا في بعض الألعاب في الماضي حيث يكون هناك عدة منظمات، قوات الشرطة وغيرها تكون مسؤولة عن الأمن، ولكن بدون أن يكون هناك قيادة موحدة واضحة، ففي كل حدث رياضي كبير هذه الأيام، لأن الأمن أصبح مهم، فأنه يجب أن يكون هناك تنظيم متجانس بقيادة واحدة تأخذ على عاتقها هذه المسؤولية، فهذا الأمر جدي للغاية.

الأمر الثاني بالطبع في نهاية الأمر في أن هناك أهداف.. أو يكون هناك توازن بين الأمن من جهة والعمل المستمر للحدث بحد ذاته وسير هذا الحدث، فمن غير الصحيح أن يكون هناك إجراءات أمنية دقيقة تؤثر على الحدث الرياضي نفسه وتفسد البهجة والفرحة التي تصاحب هذا الهدف وهو.. هذا الحدث، وهو هذا هدفنا، وهذا صعب تحقيقها، ولكن السلطات الأمنية يجب أن تحاول جهدها، أن توازن بين المتطلبات الأمنية وبين الحدث الرياضي والبهجة والسرور الذي يرافق هذا الحدث دون أن يكون هناك قيود كبيرة.

أيمن جاده: بمعنى أن لا يصبح موضوع الأمن نوعاً من الهاجس أو الكابوس الذي يلاحق الألعاب، ربما تأثرها حتى بما نسمعه في وسائل الإعلام، خصوصاً الأميركية مثل هذه الأيام.

ساندي هولوي: بالطبع يجب أن لا يتحول ذلك إلى كابوس، بالطبع ممكن للناس أن يساعدوا مثلاً.. من المهم جداً أن يراقب الناس، أو يتَّبعوا بعض القواعد عندما يحضروا إلى مركز الحدث، فمثلاً إذا كان هناك أمر بأن لا يكون مع المتفرج حقيبة أو صناديق أو حاويات التي تتطلب فحص دقيق إذا كانت هذه قاعدة فأن.. وقاعدة مهمة، فإنه.. فإن على.. وإذا كان المتفرجين قد اتبعوا هذه القاعدة سيسهل الأمور، أي بعبارة أخرى إن المجتمع يجب أن يسهل أيضاً الأمر على السلطات الأمنية للقيام بعملهم.

أيمن جاده: نعم. ربما هناك أيضاً قضايا أخرى مهمة في التنظيم -كالتي أشرت إليها- القضايا.. قضايا الدعم اللوجستي، قضايا العناية الصحية الإقامة، الإطعام، المواصلات، العلاقات العامة، البروتوكول، القائمة طويلة جداً، لكن يعني ربط هذه الأمور كلها مع.. ربما أيضاً هو من الأعمال الصعبة التي يؤكد أن تنظيم ناجح لمثل هذه الدورات يتطلب الغوص في التفاصيل، وليس فقط الأشياء الرئيسية الواضحة كالملاعب و.. وما إلى ذلك.

ساندي هولوي: نعم، هذا صحيح للغاية، من.. هناك الملايين من التفاصيل التي يجب التعامل معها، وأحياناً قد نرى أن الأمر صعب للغاية، ولكن يمكن التغلب عليه إذا بدأت اللجنة المنظمة من الاستراتيجية العامة التي وضعتها، وأن تعمل تدريجياً من أجل أن تكون الخطة مفصَّلة بشكلٍ أكثر حتى تصل إلى مرحلة الألعاب بحد ذاتها بخطط مفصلة للغاية، أي بعبارة أخرى أي ننتقل من السياسة العامة التي يجب أن تكون جيدة، وأن نغوص بعد ذلك في التخطيط الدقيق، ولكن -كما ذكرت أيضاً سابقاً- المهم هو الاختبار، عندما تقوم باختبار أحداث اختبارية فمثلاً هنا في قطر مثلاً سيكون هناك حدث اختباري وهو بطولة ألعاب غرب آسيا قبل أن نصل إلى الألعاب الآسيوية، عندما يكون لك حدث اختباري مثل ذلك ستعرف إذا كانت هذه التفاصيل جيدة أم لا، وبالطبع في سيدني قمنا ببعض الأخطاء بالطبع في خلال فترة الاختبار، و.. وكنا نفضل أن يكون الأخطاء في فترة الاختبار بدل من أن تكون في.. خلال الألعاب الأولمبية.

أيمن جاده: نعم. أيضاً ربما هناك جوانب لا تظهر للعيان، على سبيل المثال المسؤولون عن الجوانب الإدارية والمالية في تنظيم مثل هذه الألعاب، عليهم أن يكونوا متداخلين في كل هذه التفاصيل ويقوموا بأعمال ربما أصعب من أعمال الإدارات الحكومية المتخصصة عادة في مثل هذه الأمور.

ساندي هولوي: نعم، أولئك الذين يديرون الأمور المالية ربما لا يلاحظهم الناس، ولكنهم يقومون بوظيفة هامة للغاية، طبعاً، والعمل صعب للغاية، لأن الترتيبات المالية بالنسبة للبطولات تتغير بشكل مستمر، والسبب هو إنه في أي برنامج معين فإن الكلفة تتضخم أو تتقلص وفقاً لتقدم الخطة، وتصبح لدينا معلومات متوفرة أكثر عن الكلفة، وأيضاً هناك دائماً عدم ثقة بكم سيكون هناك العائد، فمن المستحيل مثلاً أن نعرف كم سيكون هناك عائد من بيع التذاكر إلى أن تبدأ البطولة نفسها، لذلك إذا كنت مسؤولاً عن المالية في إحدى هذه البطولات فعليه يجب أن يكون لديك خبرة كبيرة جداً، وأعصاب باردة للغاية، نعم يجب أن تكون لديك شخصية باردة للغاية حتى تستطيع التعامل معها.

أيمن جاده: نعم، السؤال الأخير في هذا المحور قبل أن ننتقل للحديث عن أشياء تفصيلية أكثر ربما تتعلق بدورة سيدني، بتحضيرات قطر لاستضافة الألعاب الآسيوية. في معظم الحالات قبل هذه الدورات كنا دائماً نسمع نوع من الشكاوى، الانتقادات، التشكيك حتى في قدرة هذه المدينة أو تلك الدولة على تنظيم ناجح لكأس العالم أو الألعاب الأولمبية، ولكن في نهاية الأمر دائماً كانت الدورات تقام وبدرجة معينة من النجاح ولو بنسب متفاوتة، يعني على سبيل المثال سيدني ربما وصلت إلى درجة الامتياز، هناك أيضاً دورات أخرى أقيمت بالفعل، فيعني كيف يتم تقييم دورة بأنها ناجحة فعلاً، أو أنها دورة جيدة بعد كل هذا النقد الذي يسبق التحضيرات عادة؟

ساندي هولوي: نعم أنت على حق، وبرأيي أن أي حدث رياضي كبير سيكون.. ستدور حوله الشكوك والانتقادات في السنوات التي تسبق الحدث، والسبب في ذلك هو أن الحدث كبير للغاية، وهناك كثير من القرارات التي يجب أن تتخذ، وبالطبع سيكون هناك بعض الأمور التي تثير التشكك، ولكن في النهاية -وأنت محق في ذلك- هناك دائماً نجاح، ولكن ونحن نعرف بأن النجاح أيضاً يبقى نسبياً ويتم تقييم ذلك فيما إذا كان الزائرون من العالم والرياضيين الذين جاءوا إلى بلدك قد غادروا وهم سعدا، و.. وترى معهم انطباع جيد، وأيضاً المجتمع المحلي إذا كان قد استفاد من هذه التجربة، هذه هي أفضل طريقة تقييم.

[فاصل إعلاني]


أسباب نجاح دورة سيدني الأولمبية واعتبارها الأفضل أولمبياً

أيمن جاده: نصل الآن لمحور الحديث عن دورة سيدني نفسها، لماذا اعتبرت برأيك سيدني 2000 النجاح الأكبر ربما في تاريخ الألعاب الأولمبية حسب شهادة (خوان أنطونيو سامارانش) نفسه رئيس اللجنة الأولمبية وقتذاك؟

ساندي هولوي: أعتقد بأن الترتيبات اللوجستية كانت جيدة، وأعتقد بأن كان لدينا مدينة جميلة، وأعتقد أيضاً بأننا نجحنا في إدارة هذه المدينة بطريقة عملت بشكلٍ فَعَّال خلال الألعاب، ولكني أيضاً أعتقد بأن السبب الذي حدا بالسيد (سامارانش) بأن يقول بأنها كانت أفضل دورة أولمبية في التاريخ الأولمبي لسببين:

الأول هو: أننا دائماً حاولنا أن نركز على الرياضة بحد ذاتها وعلى الرياضيين، لقد تحدثنا بشكل كبير عن أمور كثيرة مثل التسويق والإعلام إلى آخره، لكني أستطيع أن أقول لك بالتأكيد بأن إذا كان هناك خيار في الأولويات لنا كنا دائماً نذكر أنفسنا بأن هذا حدث رياضي، وأهم الأشخاص هم الرياضيين نفسهم، وذلك ربما كان أحد الأسباب في نجاحنا.

والسبب الثاني برأيي هو: أن الألعاب كانت ناجحة هو أن كل المجتمع الأسترالي كان معنياً في الحدث نفسها، لم يكن الأمر فقط حدث رياضي ينظمه مجموعة من الأشخاص، وإنما أصبح احتفال شعبي كبير جداً في أستراليا، لم تره أستراليا من قبل، وربما هذا ترك انطباعاً كبيراً على اللجنة الأولمبية الدولية بما فيهم سامارانش.

أيمن جاده: نعم. طيب نأخذ اتصالاً هاتفياً من الأخ عامر علواني من سوريا، مساء الخير أخ عامر.

عامر علواني: احترامي للأستاذ أيمن.

أيمن جاده: أهلاً وسهلاً.

عامر علواني: وإلى كل العاملين (بالجزيرة) فرداً فرداً.

أيمن جاده: حياك الله.

عامر علواني: أستاذ أيمن، أنا بالحقيقة فيه سؤال، لكن قبل أن أسأل سؤالاً إذا عملتم معروف يا ريت إذا فيه بالإمكانية تليفزيون (الجزيرة) يعرض لنا بطولة العالم للجمباز التي جرت في عام 1978، والتي توِّجت بها البطلة السوفيتية الروسية (إيلينا موخينا) وهي..

أيمن جاده: طيب.. طيب أخ عامر، أخ عامر، سامحني على المقاطعة.

عامر علواني: نعم، مش هذا اللي أبغيه…

أيمن جاده: يعني هذا الطلب وصل، وصل هذا الطلب، وأرجو أن.. أن ترسل مثل هذه الطلبات لبرنامج (سؤال في الرياضة) سآخذ علماً بذلك، وإن كان أرشيفنا ربما لا يتضمن لقطات لتلك البطولة.

عامر علواني: موجودة في..

أيمن جاده: لكن أريد.. أريد منك أرجوك اختصاراً للوقت أن تطرح السؤال مباشرة، اتفضل.

عامر علواني: سؤالي هو التالي: أيهما أفضل من الناحية المعنوية بطولة العالم، أم الأولمبياد، اللي بيترك أثر طيب أكثر؟ وشكراً.

أيمن جاده: شكراً لك. طبعاً نحن سألنا أيهما أصعب تنظيماً؟

المشاهد الذي اتصل يسأل، أيهما يترك أثراً أفضل ربما، أو مردوداً أحسن، تنظيم دورة أولمبية أو كأس عالم لكرة القدم؟

ساندي هولوي: هذا طبعاً اختيار صعب للغاية، لا أريد أن أحاول أن أتهرب من هذا السؤال من صديقنا من سوريا، أعتقد بأن الحدثين متساويين، أنا أستمتع كثيراً بمشاهدة كأس العالم مثلاً في كوريا واليابان، وأعتقد بأن الكثير من الناس في أستراليا حتى أولئك الذين.. الذين لم يذهبوا إلى هناك استمتعوا بذلك، والعالم كله يستمتع أيضاً بالألعاب الأولمبية هما حدثان مختلفان فبطولة كأس العالم لكرة القدم تتميز بأنك ترى الحدث يتطور مع الوقت حتى تصل إلى الذروة وهي المباراة النهائية، وترى نفس الفرق تلعب مرة بعد مرة، وذلك يكون على شكل دراما وإثارة لتصل إلى الذروة، في حين إن الألعاب الأولمبية تكون الإثارة متوزعة على أحداث مختلفة وفي أوقات مختلفة، الحدثين مختلفين هنا، وأعتقد إذا (…) ذلك يعتمد أيضاً إلى أي درجة أنت تحب كرة القدم، فإذا كنت تحب كرة القدم كثيراً فإنك ستعتقد بأن كأس العالم لكرة القدم هو الأفضل والأفضل ولكن لا شيء أيضاً يشابه الألعاب الأولمبية كألعاب متعددة.

أيمن جاده: نعم، طالما أننا نتحدث عن أسئلة المشاهدين الحقيقة يعني أود أن أعتذر للكثيرين فقدت الاتصال حالياً بموقعنا على الإنترنت، ولكن المشاركة التي أتذكرها هي رقم واحد الأخ خالد ناصر من إسبانيا على ما أذكر، يقول: ألا تشعر بأن التقنية والنواحي الاقتصادية أو المال أصبحا أكثر تأثيراً أو ظهوراً من الجوانب الرياضية نفسها، وحتى يضرب مثالاً طالما نتحدث عن سيدني يقول: حتى إيقاد الشعلة أو المرجل الرئيسي في الملعب في سيدني كان معتمداً رغم إبهاره على التقنية أكثر، بينما في برشلونة -على سبيل المثال- كان بإطلاق السهم رياضي المظهر أكثر، ماذا تعلق على هذا الجانب؟

ساندي هولوي: بالطبع اسمحوا لي أن أقول بأنني أعتقد بأن عملية إشعال الشعلة في برشلونة عام 92 باستخدام سهم كان ربما الأكثر.. الطريقة إلهاماً لم نراها سابقاً في الألعاب الأولمبية وكانت رائعة للغاية، وأستطيع بأن أقول بأن هناك.. هناك تكنولوجيا أيضاً ترتبط بهذا السهم، وأعتقد أيضاً بأنه منذ برشلونة فإن كنا نفكر بطرق مختلفة في إشعال الشعلة بطريقة مثيرة وحاولنا ذلك في سيدني بطريقتنا الخاصة باستخدام التكنولوجيا والتقنية، ولكن لا أعتقد بأنه يجب أن يكون هناك خلاصة من مثل هذه الأمور فيما يتعلق بالتقنية التي تهيمن على الرياضة، فإن ذلك سيبقى دائماً وبشكل رئيسي حدثاً رياضياً، فالناس لن يذهبوا لمشاهدة تكنولوجيا بل سيذهبوا لمشاهدة العداء والعَّداء الكبير والسباح الماهر، إلى آخره.

أيمن جاده: نعم، هو ربما طبعاً أنت تقصد من إجابتك أن التكنولوجيا كانت موجودة بشكل خفي ربما لمساعدة الإيقاد في برشلونة بذلك السهم، لكن أيضاً قضية المال، سيطرة المال، المزيد من الأموال، المزيد.. لم تعد بمعنى حتى في الألعاب الأولمبية الرياضية الهاوية التي اقترحها (بيير دي كوبرتان) قبل أكثر بقليل من قرن من الزمان.

ساندي هولوي: الأمور المالية تلعب دوراً هاماً، ولكنها تلعب أيضاً دوراً فيما يتعلق بتمويل الحدث بحد ذاته، إذا أردت أن تجادل بأن المال يشوه أو يقلل من الحدث الرياضي بحد ذاته فإن ذلك قد يكون صحيحاً بالنسبة للبعض، ولكني أنا لا أقبل ذلك، فأنا أعتقد بأن مثل هذه الأحداث ووضعها بالمعايير التي نراها حالياً فيما يتعلق بالجمهور والإعلام الدولي، هذا أمر مكلف للغاية ويجب أن يأتي المال من جهة ما، ولكني لا أعتقد بأن الأمور المالية تشوه الحدث الرياضي بحد ذاته، فمثلاً في حالة الألعاب الأولمبية هناك قاعدة ثابتة و هي إنه لا يوجد أن تكون هناك إعلانات للراعين في الملاعب نفسها، أي أن الملعب يجب أن يكون نظيفاً من مثل هذه الإعلانات وهذا مثال كيف إن الرعاية والتجارة لا يُسمح لها بالهيمنة على الرياضة نفسها.

أيمن جاده: بعكس ما هو موجود في كرة القدم ربما. نعم دعنا نتابع الحديث عن سيدني، ما هي أبرز التحديات والصعاب التي واجهتكم كمنظمين لإقامة دورة سيدني الأولمبية، وكيف تغلبتم عليها بالطبع؟

ساندي هولوي: أعتقد بأنه باستثناء التحدي نفسه الذي تمثل في تنظيم الحدث هناك بعض الأمور التي أريد أذكرها، بالنسبة لنا كانت عملية إصدار التذاكر عملية صعبة للغاية وقمنا حوالي.. ببيع حوالي تسعة ملايين تذكرة وهذا يستدعي الكثير من المشاكل والتي ترافق ذلك في أستراليا، وكنا نبيع التذاكر لأحداث مختلفة ليس لحدث واحدٍ فقط، وجدنا عملية إصدار التذاكر صعبة للغاية مثلاً، كما كانت لدينا بعض المشاكل قبل بداية الألعاب والتي استطعنا لحسن الحظ أن نحلها وهي عملية النقل بالحافلات.

والنقطة الثالثة التي أود ذكرها هي: أنه في السنوات التي أدت إلى الألعاب وجدنا بأن دخلنا كان بطيئاً للغاية ولم يكن بالقدر الذي كنا نتوقعه، وذلك شكَّل لنا مشاكل بالموازنة في السنوات التي سبقت الألعاب، هذه هي بعض التحديات التي واجهناها.

أيمن جاده: نعم، طيب إذا تحدثنا عن بعض الأرقام المهمة في دورة سيدني وربما بالنسبة لعدد الرياضيين والرياضيات والإعلاميين الذي غطوا هذه الألعاب ربما العدد يصل إلى حوالي 25 أو 30 ألف شخص، لكن ماذا عن المنظمين أنفسهم بما في ذلك حتى المتطوعين ربما يعني، كم.. كم شخص نستطيع أن نقول كان متداخلاً في تنظيم حدث مثل سيدني 2000؟

ساندي هولوي: كان هناك حوالي مائة وعشرين ألف شخص، أي كان علينا أن نبني تنظيمنا من لا شيء إلى أن نصل إلى ما يُسمى بالشركة الكبرى وبعد ذلك نتوقف فجأة عندما تنتهي الألعاب الأولمبية، والقوى العاملة هذه مائة وعشرين ألف كانت تتكون من 50 ألف متطوع وعدة آلاف من الموظفين الدائمين من اللجنة المنظمة والحكومة، والباقين كانوا.. من الشركات المتعاقدين معها، ولذلك عملية بناء هذه القوى العاملة هي وظيفة صعبة للغاية، ولكن التدريب هو أيضاً تحدي كبير، فكان علينا أن نقدم حوالي مليون ساعة من التدريب في خلال فترة 3 أشهر التي سبقت بطولة سيدني، فقط للمتطوعين، مليون ساعة تدريب، لذلك بغض النظر عن تحدي الألعاب بحد ذاتها فكر فقط في محاولة عندك.. عندك عشرات الآلاف من الأشخاص تعطيهم دورات تدريبية في الوقت المناسب وذلك بحد ذاته تحدي كبير.

ساندي هولوي: نعم، طيب يعني هل اقتصر العمل في هذه الدورة على الأستراليين وحدهم، على رجال التنظيم أو النواحي التقنية أو أي شيء، أم كان هناك استعانة بجنسيات أخرى؟

ساندي هولوي: بالطبع نحن استخدمنا جنسيات.. ناس من جنسيات أخرى، أعتقد بأنه رغم أن الحدث كان في سيدني هو حدث رئيسي.. بشكل رئيسي أسترالي وألعاب بكين ستكون صينية إلى آخره، فإن مازال الحدث هو حدث دولي، وهناك شيء تقوم به الدولة باسم المجتمع الدولي، باسم العالم، ولا أعتقد بأننا يجب أن نحرج باستخدام خبراء من الخارج، لذلك في حالة سيدني كان لدينا العديد من الأشخاص الذين عملوا في بطولة أتلانتا مثلاً عام 96 وأشخاص من ألعاب برشلونة عام 92، وأولئك الذين عملوا في (لينهبار) في بطولة الألعاب الشتوية في النرويج وعدد.. عدد من الآخرين، لذلك القوى العاملة كانت بشكل رئيسي أستراليين ولكنا دائماً شعرنا بأن الحدث هو حدث دولي وعلينا أن نستخدم أصدقاء لنا من الخارج إذا كانوا مستعدين لعمل ذلك.

أيمن جاده: ماذا عن الأرقام، هل تتذكر كم بلغت الميزانية التكاليف الإجمالية لتنظيم الدورة، وكم كانت الأرباح أو العائدات؟

ساندي هولوي: نعم، الكلفة الإجمالية للألعاب كانت تقريباً 3 مليارات دولار أميركي، ومن هذا المبلغ حوالي 1.3 مليار دولار جاءت من مصادر الدخل التي ذكرتها، حقوق البث مثلاً والرعاية وبيع التذاكر والتسويق والمبلغ الباقي قُدِّم لنا من قِبَل الحكومة ومن جهات أخرى ورغم أن ذلك عبارة عن مصروفات كبيرة للغاية فإن كل الدراسات الاقتصادية حول تأثير الألعاب الأولمبية تظهر بأن كان هناك الألعاب كانت رابحة أو تأثير رابح على الدخل القومي في أستراليا، على السياحة في أستراليا، على الاستثمار في أستراليا، لذلك بالطبع الاعتقاد في أستراليا وذلك يدعمه كل الدراسات التحليلية أن الألعاب الأولمبية اقتصادياً كانت ناجحة رغم المصروفات الكبيرة التي صُرفت.

أيمن جاده: طيب غير الجانب المالي لكي لا نتهم بالحديث فقط في الماديات، أيضاً من النواحي الأخرى، النواحي الإعلامية المعنوية الرياضية، التراث الذي يستمر للمدينة أو للدولة كيف استفادت سيدني أو أستراليا على العموم من استضافة هذه الألعاب برأيك؟

ساندي هولوي: أود دائماً الاعتقاد بأن الإرث هو على جزئين وذلك سيكون أيضاً صحيحاً لأي دولة تستضيف حدثاً كبيراً، هناك ما أسميه الإرث الواضح والإرث غير المرئي.

فالإرث المرئي أو الواضح المادي هو تحسين الملاعب والمنشآت الرياضية في سيدني، وفي حالتنا عملية تنظيف وتحديث جزء كبير جداً من سيدني التي كانت في حالة فوضى بيئية وتحسين البنية التحتية والفوائد الاقتصادية إلى آخره.

وأعتقد شخصياً بأن المهم أيضاً هو الإرث غير المرئي أي رأس المال الإنساني والشعور بالفخر في المجتمع والثقة في أن هذه الأمور التي تدور في عقول الناس أكثر بكثير من المال الذي في الجيب، وبالنسبة لي هذه.. هذا عنصر هام للغاية وبنفس أهمية الإرث المادي، وأعتقد بأن هذه الأحداث الكبرى ممكن أن تؤدي إلى روح جديدة في المجتمع وفخر كبير وتؤدي إلى تدريب رأس المال الإنساني الذي سيدوم سنوات.

أيمن جاده: نعم، أيضاً يعني ربما من الآثار التي تنجم عن ذلك حسب معلوماتي هناك خبرات أسترالية تساعد أو على الأقل في مجال الاستشارة في تنظيم الألعاب الآسيوية في الدوحة 2006، وأيضاً بالنسبة للألعاب الأولمبية في بكين عام 2008 بمعنى أن اللجان المنظمة تحصل على نوع من نقل الخبرة من الجانب الأسترالي مما حققتموه في سيدني.

ساندي هولوي: هذا صحيح، هناك أشخاص ممن عملوا في أولمبياد سيدني والذين عملوا أيضاً في.. سيعملون في الألعاب الأولمبية في أثينا وفي بكين وفي بطولة الكومنولث في (مانشستر) وأحداث أخرى، ومن النقطة المهمة التي نود التركيز عليها هنا هو أن هذه المساعدة ونقل المعلومات والمعرفة، ولكن لا يجب أن تكون هذه محاولة تقليد ألعاب سيدني في دول أخرى، أو محاولة القول بأننا نعرف فقط الطريقة الصحيحة لعمل ذلك، هذه الأحداث فمثلاً حدث في قطر هو سيكون حدث قطر وحدث في الصين حدث الصين، وفي اليونان حدث اليونان، القضية هي قضية تقديم مساعدة، ولكن لا يكون عملية تقليد وكل دورة وكل بطولة يجب أن تكون مميزة.


تنظيم دورة الألعاب الآسيوية 2006 في الدوحة

أيمن جاده: نعم، يعني ننتقل في الحديث إلى آخر محور لدينا وهو الدوحة 2006 تعلم أن الألعاب الآسيوية في ذلك العالم ستقام في العاصمة القطرية الدوحة وأن الألعاب الآسيوية هي ثاني أكبر حدث رياضي في العالم حجماً بعد الألعاب الأولمبية، برأيك ما مزايا استضافة قطر أو الدوحة لمثل هذه الألعاب؟ ما الصعوبات التي ممكن تنتظر الجانب القطري؟ ما هي أبرز النقاط التي يجب أن يتم التركيز عليها في ذلك مقارنة ربما بدورة بوسان في كوريا الجنوبية وكنتَ هناك أيضاً؟

ساندي هولوي: أولاً: فيما يتعلق بالمزايا والفوائد التي ستجنيها قطر، لقد ذكرت سابقاً بأني أعتقد بأن الإرث، هناك إرث مادي وإرث معنوي، وسيكون ذلك صحيحاً أيضاً بالنسبة لقطر -كما كان بالنسبة لسيدني وبالنسبة لأي دولة أخرى- أعتقد بأن قطر محظوظة بالكثير من المنشآت الرياضية الجيدة، ولكنا سنرى تحسينات في هذه المنشآت، وسنشهد أيضاً البنية التحتية التي ستتحسن وسيكون ذلك جيد بالنسبة للمجتمع القطري في السنوات المقبلة، وأعتقد أيضاً بأن قطر التي استضافت بنجاح لعدد كبير من الأحداث الرياضية ستصبح عاصمة للرياضة في هذه المنطقة من العالم، لذلك أعتقد بأن هناك الكثير من الإرث المادي الجيد، ولكني أعتقد أيضاً بأن قطر ستثبت بأن دولة صغيرة نسبياً يمكنها أن تقوم بأعمال كبيرة وبأن -كما قال أحد المسؤولين في قطر هنا- بأن سيكون هناك نوع من الانتماء من خلال هذه الألعاب والقدرة على الترحيب بالعالم في قطر، وأعتقد بأن ذلك سيكون شيئاً جيداً، وهي أيضاً فرصة إذا استطعت قول ذلك شخصياً بأن يكون هناك حدث كبير جداً دولي ويجلب السعادة للمنطقة وبالمشاركة مع الانطباع الذي سائد في العالم حول هذه المنطقة، لذلك فأن ما تقوم به قطر هو شيء جيد لقطر ولآسيا.

أيمن جاده: نعم، لدي سؤالين في أقل من دقيقتين أريد إجابات سريعة، باعتقادك هل بإمكان الدوحة ربما أو غيرها من المدن العربية حتى أن.. أن تذهب لما هو أبعد من مثل هذه الألعاب الآسيوية مثل تنظيم ألعاب أولمبية أو كأس عالم حتى، هل هذا ممكن مستقبلاً برأيك؟

ساندي هولوي: أعتقد بأن ذلك ممكن ولكن إذا أخذنا بالاعتبار مثلاً بطولة كأس العالم لكرة القدم أو الألعاب الأولمبية فإن هذه أحداث كبيرة للغاية، وأعتقد بأنه من المهم أن تقوم بعملية اختبار أولاً على أحداث كبيرة، ولكن ليس بهذا الحجم الكبير مثل الألعاب الآسيوية أولاً.

ثانياً: أعتقد بأنه من الممكن أيضاً إذا استطاعت دول المنطقة أن تعمل مع بعضها البعض للمشاركة في هذا التنظيم وربما قد يكون ذلك ممكناً للغاية ومتاحاً، ولكني لن أحاول أن أردع أي دولة في العالم من أن تتقدم بطلب استضافة مثل هذه الأحداث الكبرى، لأني أعتقد بأن ذلك لا يجب أن يكون محصوراً على دول معينة وإنما ذلك له علاقة بقدرة الدولة وبقدرة شعبها على القيام بهذا.

أيمن جاده: نعم، يعني كلمات أخيرة في ثواني معدودة ربما عن الاستنتاج والنصيحة التي يمكن أن تقدمها على هذا الصعيد للمهتمين بتنظيم مثل هذه الأحداث الكبرى.

ساندي هولوي: شعوري هو إنه قبل كل شيء يجب.. قد ثبت بالواضح إن مثل هذه البطولات الكبرى ممكن أن تنظم بشكل جيد، طالما كان هناك تركيز وتخطيط جيد، وثانياً ثبت أيضاً بأنه يمكن القيام بالعمل على المستوى المالي والاقتصادي، يمكن عمل ذلك إذا تمت أيضاً إدارتها بشكل جيد، وفوق كل شيء أستطيع أن أقول بأنه قد ثبت بأن هذه الأحداث هي أكثر الأشياء التي تدخل السعادة والحبور في المجتمع، وأود أن أي دولة تستطيع أن تصنع ذلك الحدث.

أيمن جاده: نعم، السيد ساندي هولوي (الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة لأولمبياد سيدني 2000)، شكراً جزيلاً للوقت الذي خصصته لنا، والمعلومات القيمة التي أعطيتها لنا، وأتمنى التوفيق لكل الطامحين لتنظيم مثل هذه الأحداث خصوصاً المدن والدول العربية.

شكراً لكم مشاهدي الكرام، نلتقي الأسبوع القادم مع (سؤال في الرياضة). إلى اللقاء.