سيناريوهات

اليمن.. مآلات الصراع بعد مقتل صالح

ناقش برنامج “سيناريوهات” المسارات المحتملة للحرب المستمرة بين أطراف الأزمة اليمنية بعد مقتل علي عبد الله صالح، وشكل التحالفات الجديدة التي تسعى إليها الأطراف والتغييرات التي ستطرأ على خريطة الصراع.

بعد مقتل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح على يد مسلحين حوثيين واستهداف الرياض بصاروخ باليستي هو الثاني من نوعه في أقل من شهر، وعلى وقع الغارات الجوية والقصف بالصواريخ تشهد الساحة اليمنية تطورات متسارعة زادت الوضع تعقيدا وغموضا حول مآلات حرب تراوح مكانها منذ نحو ثلاث سنوات، من دون نتائج حاسمة أو مؤشرات في الأفق على قرب نهايتها.

ويبدو المشهد اليمني مفتوحا على الكثير من السيناريوهات، فقد يكون البلد مقبلا على مزيد من التصعيد العسكري الميداني بعد الفشل في تحقيق أي اختراق باتجاه الحل السياسي، وقد يشهد اليمن وفقا لخبراء وسياسيين تغيرا في التحالفات الداخلية لإيجاد معادلة جديدة قد تبنى عليها سياسات مختلفة، كما يمكن أن يكون البلد متجها إلى بحث مختلف الأطراف المتصارعة عن استراتيجية للخروج من المأزق الراهن.

حلقة (2017/12/21) من برنامج "سيناريوهات" ناقشت المسارات المحتملة للحرب المستمرة بين أطراف الأزمة اليمنية بعد مقتل علي عبد الله صالح، وشكل التحالفات الجديدة التي تسعى إليها هذه الأطراف والتغييرات التي ستطرأ على خريطة الصراع

الباحث السياسي اليمني علي العبسي استبعد حدوث معركة في صنعاء، لكونها مدينة كبيرة يسكنها ثلاثة ملايين نسمة، وأي معركة فيها ستؤدي إلى كوارث إنسانية لن يكون التحالف العربي قادرا على تحمل كلفتها الإعلامية، ولفت إلى أن الحسم العسكري سيكون في صعدة معقل الحوثيين الرئيسي، لأن هناك تقدما مدروسا وثابتا للجيش الوطني والمقاومة الوطنية نحو مدينة صعدة، كما أن السيطرة عليها ستضعف معنويات الحوثيين وتجبرهم على القبول بحل سياسي.

وأضاف العبسي أن مقتل علي عبد الله صالح سيعقد الوضع السياسي والعسكري  في اليمن، لأن صالح كان وجها مقبولا للتفاوض لدى التحالف والمجتمع الدولي وحتى الحكومة الشرعية باعتباره رجلا سياسيا في المقام الأول، أما الآن فهذه الجهات تقف أمام جماعة الحوثي وهي جماعة عقائدية ترى ما تفعله شيئا مقدسا لا يمكن أن تتنازل عنه، وبالتالي فإن كلا أطراف النزاع يعتقدون أن الحسم العسكري هو الحل الوحيد لإنهاء الصراع اليمني.

وعن مصير حزب المؤتمر الشعبي بعد وفاة صالح، أكد العبسي أن حزب المؤتمر لم يكن مجرد حزب بل كان حزب السلطة والحكومة وله تحالفات قبلية كبيرة، وهذه التركة سيحاول عدة أطراف السيطرة عليها، أما مسألة من يقرر من يذهب مع من فسيلعب فيها أكثر من عامل، أهمها سلوك الشرعية وعلاقاتها، فعبد ربه منصور هادي كان يشغل منصب نائب رئيس المؤتمر والأمين العام، وكذلك فعلي محسن الأحمر له تحالفات قبليه قوية في محيط صنعاء، لكن عموما القبائل لا تحارب نيابة عن أحد ولا تتحالف إلا حسب مصالحها الذاتية والامتيازات التي ستحصل عليها، والنجاح سيكون لمن يستطيع أن يدير التحالفات القبلية بكافة تعقيداتها.

وعن إمكان حدوق انفراجة بين التحالف العربي والتجمع اليمني للإصلاح، قال "علينا ألا نذهب بعيدا في توقع نتائج لقاء وليي العهد السعودي والإماراتي مع قادة الإصلاح، لأن العداء الذي تكنه الإمارات لجماعة الإخوان المسلمين عداء كبير، وربما يكون هدف الإمارات من اللقاء هو محاولة ضمان عدم معارضة الإصلاح لخطة إماراتية للوضع السياسي في اليمن بعد انتهاء الحرب".

وردا على سؤال: هل تساهم الضغوط الدولية على السعودية في وقف العمليات العسكرية باليمن؟ أجابت كارابيكو "لا أعتقد ذلك، فلا يوجد حتى الآن أي اهتمام جاد من واشنطن ولندن لإبعاد السعوديين عن التفكير في إطلاق معركة في صنعاء، والضغوط الدولية تتحدث فقط عن رفع الحصار وإيصال المساعدات الغذائية للمدنيين".

ولم تستبعد وقوع نزاع مسلح في صنعاء بين أتباع علي صالح والحوثيين انتقاما لمقتل صالح، مشيرة إلى أن هناك تحركات في مختلف أطراف الصراع في اليمن لكسب ولاءات المزيد من القبائل.

أما الخبير العسكري والاستراتيجي العميد إلياس فرحات فقال إن "التحالف العربي قد لا يقدم على مغامرة عسكرية في صنعاء، لأن هذه المعركة صعبة جدا إلى درجة الاستحالة، نظرا لعدد السكان الكبير في المدينة، ولأن الأمر يحتاج إلى أعداد غفيرة من المقاتلين، وستؤدي إلى مقتل مئات الآلاف من كلا الجانبين بالإضافة إلى المدنيين، وهذا رقم غير مسبوق في تاريخ الصراعات بالمنطقة، ولذلك أعتقد أن التحالف يخطط للسيطرة على كامل الساحل الغربي لليمن ولا سيما ميناء الحديدة مما يساهم في إحكام الحصار على الحوثيين".

وبشأن مستقبل حزب المؤتمر الشعبي أكد فرحات أن الرئيس الراحل صالح انعطف بشكل دراماتيكي، فقد كان خطابه السياسي في أحيان كثيرة يتجاوز الحوثيين في  العداء للتحالف العربي، ولا يمكن خلال 72 ساعة أن ينعطف هذه الانعطافة الأمر الذي أثر على وضع حزب المؤتمر بعد رحيله حيث انضم طوعا أو كرها للحوثيين.

ومضى قائلا "حاليا لا يوجد في الساحة السياسية اليمنية سوى الحوثيين والتجمع اليمني للإصلاح، وحاليا موقف الإصلاح هو الذي سيرجح كفة أحد طرفي الصراع، لكن هل ستجري مصالحة بين الإخوان المسلمين وبين السعودية والإمارات؟ شخصيا لا أعتقد أن هذا سيحدث في المستقبل القريب".

وفيما يتعلق بإمكان حدوث تسوية سياسية في ظل الصراع الشديد بين طرفي النزاع، شدد فرحات على أن التسوية تكون في العادة بين متنازعين وليس بين متصالحين، ولكن المشكلة أن الدول الكبرى غير مهتمة بإجبار أطراف النزاع على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وكذلك وساطة الكويت وسلطنة عمان معطلة، وعليه لا أعتقد أن المناخ في الوقت الحالي يسمح بالتوصل لحل سياسي ينهي الحرب في اليمن.