حديث الثورة

معركة الموصل.. من الحلفاء ومن الأعداء؟

ناقش برنامج “حديث الثورة” صراعات الأطراف العراقية وعلاقاتها الخارجية مع التحضير لمعركة الموصل. إذ تبدو المعركة عنوان المرحلة الراهنة في العراق، لكنها أيضا تبدو رهنا بحسابات مصالحة متعارضة لأطراف عدة.

في ظرف بالغ الحساسية وحين يخوض العراق حربا ضد تنظيم الدولة، تطفو على السطح تحركات تبدو حاملة لرسائل سياسية ذات دلالة.

ففي هذا المناخ وقعت مواجهات سياسية داخلية أدت إلى إقالة وزير الدفاع، واستجواب وزير المالية تمهيدا لسحب الثقة منه، وهما من المحسوبين على قوى لا ترضي مواقفها إيران وحلفاءها في العراق، وآخر ما حملته التطورات طلب الحكومة العراقية من السعودية استبدال سفيرها في بغداد.

برنامج "حديث الثورة" حلقة (28/8/2016) تساءل عن الرابط بين هذه الأزمات المتتالية، وهل يمكن اعتبارها جزءا من صراع إقليمي، وكيف يؤثر التأزم السياسي على الساحة العراقية في الحرب ضد تنظيم الدولة، وعلى بدء معركة استعادة الموصل من قبضته؟

من أربيل قال الكاتب والباحث السياسي كفاح محمود إن الخطورة التي استشعرها العراقيون هي أن تنظيم الدولة مزق المكونات السكانية في محافظة نينوى (الموصل مركز هذه المحافظة).

وأضاف أن الحكومة الاتحادية والمحلية في نينوى فشلتا في إقناع الأهالي بأنهما بمستوى "ما بعد تحرير الموصل"، لافتا إلى أن الشرخ المجتمعي ليس فقط عرقيا وطائفيا بل وصل حتى أبناء العشيرة الواحدة.

وخلص إلى أنه لا ينبغي الذهاب إلى معركة استعادة الموصل دون إعادة اللحمة بين مكونات مزقت وشائجها، مذكرا بأن الآلاف من الإيزيديين والمسيحيين قتلوا وسبيت نساؤهم، مع العلم أن من قتل وسبى لم يأت من كواكب أخرى بل من عشائر تحيط بهم، وفق قوله.

ومن بغداد قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن السلطتين الاتحادية وإقليم كردستان متفاهمان حول الموصل، ودور البشمركة التي هي قوات نظامية معترف بها في الدستور العراقي، مشيرا إلى تطمينات رئيس الإقليم مسعود البارزاني لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأنه لا توجد أطماع كردية في محافظة نينوى.

من ناحيته قال المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية يحيى الكبيسي إنه لا يمكن الفصل بين محاربة تنظيم الدولة وترتيبات ما بعد المعركة، لكن الخطأ الاستراتيجي تمثل في الرؤية الأميركية المركّزة على هزيمة التنظيم أولا.

ومضى يقول إن هناك صراعا على الأرض بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان مع غياب كامل للعامل المحلي المتمثل في السنة، لافتا إلى أن محاولة الحكومة المركزية فرض رؤيتها على الموصل أنتجت تنظيم الدولة، أما التفاهمات المطروحة الآن فلم تكن مرضية للجمهور المحلي وستنتج جيلا آخر من المتطرفين.

ثأر سياسي
أما في معارك سحب الثقة على خلفيات الفساد فرأى إحسان الشمري أن كل ما يجري من فتح ملفات بعينها الآن هو ثأر سياسي من الحكومة ومحاولة لإسقاطها، لعرقلة معركة الموصل حتى لا تكون منجزا للقائد العام للقوات المسلحة بما يوجد اصطفافات سياسية جديدة.

وبالانتقال إلى التطور الدبلوماسي بالطلب من السعودية تبديل سفيرها ثامر السبهان، قال الكاتب والباحث السياسي السعودي سليمان العقيلي إن استهداف السفير بدأ منذ الشهر الأول لوصوله بغداد وصولا إلى التهديد بالتصفية الجسدية من قبل مليشيات شيعية موالية لإيران.

ورأى أن الحكومة العراقية أحرجت، على ما يبدو، ولم تعرف كيف تحمي السفير، ولذلك طلبت استبداله.

لكن وراء الأكمة أن إيران تريد تطهير أي وجود غير إيراني في العراق، وفق ما ذهب العقيلي، ومن ذلك تصفية القوى السنية والقوى الكردية، ونفي الشعور القومي العربي، واستبدال المظاهر المذهبية والمليشيات منه.

أما الشمري فرد بأنه لا توجد إملاءات إيرانية، بل قرار سيادي سببه خرق السفير السبهان لاتفاقية فيينا 1969 حول واجبات البعثات الدبلوماسية، إذ كانت تصريحاته ذات بعد طائفي، حسب ما أضاف.

أخيرا كانت رؤية الكبيسي بأن اليمين الشيعي المتطرف تبنى أن يكون العراق جزءا من الفلك الإيراني، وتبدى ذلك في استراتيجية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وكانت عودة العلاقات العراقية السعودية بسعي من الشيعة العقلانيين، ولكن أخيرا نجح اليمين في ابتزاز العبادي وإنجاز صفقة لدعمه مقابل استبدال السفير السعودي.