حديث الثورة

"الجماعة أقوى".. هل يعكس أزمة داخل الإخوان المسلمين؟

ناقش برنامج “حديث الثورة” طبيعة “الأزمة” التي نشبت بين جيلين داخل جماعة الإخوان المسلمين وأبعادها، وفرص أن تقود إلى انقسام في صفوف الجماعة، وكيف ستؤثر على مستقبل المواجهة مع النظام.

دشن محمد منتصر المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "الجماعة أقوى"، وأرفقه بتأكيد على أن الجماعة اتخذت المسار الثوري مسارا إستراتيجيا لا تراجع عنه، وأنها لن تعود إلى الوراء. 

هذا التصريح مثل ذروة جدل حاد بين جيل الشباب في جماعة الإخوان، ورموز الجيل الذي قاد الجماعة خلال السنوات الماضية، وقد اتهِم رموز جيل الشباب بمحاولة الانقلاب على القيادة الجديدة للإخوان والتي جرى انتخابها قبل أكثر من عام في ظل ظروف أمنية بالغة الصعوبة.

وأثار الوسم الذي دشنه المتحدث باسم الجماعة أسئلة حول طبيعة علاقة التواصل بين الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين وأبعادها، واحتمالية أن تؤدي هذه الحادثة إلى انقسام في صفوفها، إضافة إلى تأثيرها على مستقبل المواجهة مع نظام الانقلاب.

وعبر الهاتف أعرب عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل محمد نبيل عن قلق جماعته من أن يتجه شباب الإخوان نحو العنف، ووجد أن اللهجة الجديدة التي يتحدث بها شباب الجماعة تثير القلق، وأكد أن استخدام العنف يصب في مصلحة النظام المصري الحالي الذي أكد عقب الانقلاب أن إستراتيجيته الأساسية تتمثل في محاربة "الإرهاب".

وجهات نظر
وبشأن التطورات التي تحدث داخل الجماعة، قال أستاذ العلوم السياسية عصام عبد الشافي إن ما يحدث هو إفراز طبيعي لما شهدته الحياة السياسية في مصر، ومن الطبيعي أن يمر الإخوان بتحول سياسي وتنظيمي وفكري على العديد من المستويات، وأضاف أن هناك توجها جديدا داخل الجماعة للتعامل مع التيارات الأخرى بأدوات أكثر مرونة.

وقلل عبد الشافي في حلقة 31/5/2015 من برنامج "حديث الثورة" من أهمية الخلاف، معتبرا إياه اختلافا في وجهات النظر، ولا يمكن اعتباره خلافا قد يعصف بكيان الجماعة، وقال إن خروج الخلاف إلى أجهزة الإعلام يعتبر نوعا من المرونة في التعاطي معه.

واعتبر أن ما يحدث يشير إلى أن الجماعة لن تنكث عن وعودها في المجال الثوري، وأن جيل الشباب هو المتحكم في الجماعة بعد أن نجح في فرض إرادته على قيادة الجماعة خلال السنوات الأربع الماضية، وأن نهج الجماعة واضح بانتهاج السلمية مع وجود تطور نوعي في التعاملات السلمية مع نظام السيسي.

ومن ناحيته، اتفق رئيس حزب البناء والتنمية المصري طارق الزمر مع عبد الشافي في الرأي، وأوضح أن هذه الخلافات نوع من التجاوب الطبيعي مع ثورة يناير/كانون الثاني، وتفهم أن غضب الشباب على السلمية ناتج عن حالة انسداد الأفق السياسي والاحتقان الكبير في الساحة السياسية، وأكد أن السلمية التي هزمت مبارك قادرة على هزيمة غيره.

وحذر من أن التفكير في جرّ الإخوان نحو دائرة العنف يعتبر محاولة جديدة لـ"شرعنة" هذا الانقلاب، وناشد قيادة الجماعة أن تتعامل مع هذه الأزمة بطريقة أكثر ذكاءً وحذرا، ودعا إلى منح الشباب فرصا للقيادة حتى يتمكنوا من قهر "دولة العواجيز"، مع الحفاظ على السلمية الثورية، وأوضح أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجماعته هم المستفيد الأول في حال انزلاق البلاد في دائرة العنف.

ولم يستبعد الزمر أن تفكر الأجهزة الأمنية في الاستفادة من هذه الأزمة لتفكيك الجماعة، وأوضح أن الرد على هذه الأجهزة يكون بأن تقوم القوى السياسية بمساعدة الإخوان على تجاوز هذه الأزمة.

حراك طبيعي
وحول دلالات الخلاف داخل الجماعة، قال القيادي في حزب الوسط ووزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية المصري السابق محمد محسوب، إن مصر في حالة تحول تاريخي غير مسبوق ينعكس في نسيج الدولة ووعي الشعب المصري، وأضاف أن الحراك الذي يحدث داخل الجماعة يحدث في جميع التيارات السياسية الأخرى.

وأوضح أن الجماعة تحولت من جماعة تبحث عن عملية "التربية المستدامة" إلى جماعة تحاول أن "تربي الدولة وتتعامل معها"، واعتبر الحراك خبرا جيدا لأنه زيادة في الانخراط في مفهوم الثورة المصرية، وابتعاد عن الأداء التقليدي الذي ساد في عهد الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي  الذي اعتمد التصالح مع كيانات كانت قائمة بسلمية، رغم أن التعامل معها بسلمية كان أمرا مستحيلا.

واستبعد الوزير السابق أن تكون الجماعة في حالة انشقاق، وأوضح أن ما حدث تحول وتطور لحركة تعتبر هي الحركة الكبرى في إطار الجماعة الوطنية المصرية، وأوضح أن هناك اجتهادات مختلفة لا تعبر عن انشقاق تنظيمي، وأشار إلى أن الثورة المصرية متمسكة بالسلمية منذ يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011.
 
أزمة عميقة
وفي رأي مخالف لباقي الضيوف، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز، خليل العناني أن جماعة الإخوان المسلمين تواجه أزمة عميقة، بين الحرس القديم الذي أحكم سيطرته عليها منذ عشرين عاما، وجيل الثورة الذي تشكل وعيه قبل أربع سنوات ولديه رؤية مختلفة تماما.

وبحسب العناني فإن الحرس القديم يرى أن العلاقة مع الدولة يجب أن تقوم على أساس الموائمة والصبر على المحنة وامتصاص الأزمة بهدف الحفاظ على التنظيم، بينما تقوم رؤية الشباب على أن التعامل مع هذه "الدولة الفاسدة" لم يعد له مبرر.

وقال عناني إن إحدى مشاكل الجماعة أنها تعاني فقرا فقهيا كبيرا، وأنها لا زالت تعتمد كتبا دونت قبل ثمانين عاما، وأوضح أن عدم وجود أدبيات فكرية يمكن أن تستوعب هذه الخلافات، إضافة إلى عدم وجود مرجعيات فكرية يجعل الخروج من هذه الأزمات صعبا.

وحذر من أن قيام النظام بقطع الاتصال بين القيادة والشباب قد يؤدي إلى جنوح الشباب نحو العنف، خصوصا أن الجماعة تواجه حالة قمع غير مسبوق.