حديث الثورة

التعذيب وانتهاكات الشرطة بمصر.. حقيقة أم مبالغات؟

ترددت في مصر منذ الانقلاب العسكري أنباء وإحصائيات عن المدى الذي وصلت إليه الانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة المصرية، فهل هي حقائق أم مبالغات؟ وكيف يتعامل معها النظام الحالي؟
تزامنا مع الذكرى الأولى للانقلاب العسكري في مصر، قالت منظمة العفو الدولية إن لديها أدلة دامغة تؤكد أن وضع حقوق الإنسان في مصر في تدهور كارثي منذ عزل الرئيس محمد مرسي، مشيرة إلى تصاعد حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب والوفيات داخل أقسام الشرطة.

حلقة الجمعة (4/7/2014) من برنامج "حديث الثورة" ناقشت أبعاد الانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة المصرية على مدار العام الماضي، والمدى الذي وصلت إليه؟ وكيف يتعامل معها النظام الحالي، وتداعيات استمرار هذه الانتهاكات على استقرار البلاد ومستقبل حقوق الإنسان والحريات.

في تقريرها عن وضع حقوق الانسان في مصر، أشارت منظمة العفو الدولية إلى تفشي الاعتقالات التعسفية التي شمِلت آلافا من المصريين، كما رصدت تعذيبا واغتصابا لمعتقلين، وإساءة معاملة وغير ذلك من الممارسات التي استخدمت في أحلك ساعات حقبة الرئيس المخلوع حسني مبارك، فضلا عن وفاة عشرات في أماكن الاحتجاز.

وتشمل وسائل التعذيب -حسبما وثقته المنظمة- استخدام الصدمات الكهربائية والاغتصاب، وتقييد المعتقلين من أيديهم وأرجلهم وتعليقهم على قضبان حديدية لساعات طويلة.

في السياق نفسه، أشار المرصد المصري للحقوق والحريات إلى أن أعداد المعذبين الذين تمكنت فرق الرصد من توثيقها بلغت نحو 15 ألف حالة تعذيب داخل 325 مقر احتجاز على مستوى الجمهورية.

بدورها، وثقت مبادرة "ويكي ثورة" الصادرة عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ثمانين حالة وفاة على الأقل في أماكن الاحتجاز العام الماضي، واعتقال أكثر من أربعين ألف شخص بين يوليو/تموز 2013 ومنتصف مايو/أيار 2014.

كما وثقت لجان تابعة للتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب 54 حالة اغتصاب لفتيات داخل مقار الاحتجاز، من بينها فتيات حملن نتيجة الاغتصاب ولم يتم إجهاضهن حتى اليوم، فضلا عن حالتين تم اغتصابهن أكثر من 14 مرة في يوم واحد داخل معسكر للأمن المركزي، فيما ظلت حالة تعاني الاغتصاب يوميا لمدة أسبوع داخل أحد مراكز الشرطة.

لكن اللافت أن مؤيدي الانقلاب في مصر بدؤوا يوجهون انتقادات إلى أداء الشرطة، ويحذرون من مغبة العودة إلى سابق عهدها، ويطالبون الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل.

شهادات وأرقام
وبدأت الحلقة بالاستماع إلى شهادة المعتقلة السابقة في سجن النساء بالقناطر دارين مطاوع التي تحدثت عن الانتهاكات التي تعرضت لها في السجن، فضلا عن غيرها من السجينات اللاتي تعرض بعضهن للاغتصاب والسحل.

وفي مواجهة كل هذه الإحصاءات والأرقام وتقارير المنظمات الحقوقية ترى عضو اللجنة المركزية بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي رئيسة مؤسسة ضد التمييز عبير سليمان أنه لا بد من التفرقة بين سياسة الدولة وسياسة الأفراد، فالانتهاكات تحدث في كل الدول وترصدها مؤسسات المجتمع المدني، لكن الفيصل أن تكون ممنهجة وكيفية رصدها والنتائج التي يمكن الوصول إليها بإيقاف هذه الانتهاكات.

وأضافت أنه لا بد من تواجد منظمات المجتمع المدني داخل السجون والأقسام للكشف عن هذه الانتهاكات، مشيرة إلى أن هناك مكاتب لحقوق الإنسان في 20 وزارة بمصر حاليا، لافتة إلى أن مصر تمر بحالة "عبث أمني" وتفجيرات، لكن هذا لا يبرر الصمت على الانتهاكات، حسب قولها.

في المقابل، قالت الناشطة الحقوقية عضو جبهة الضمير نيفين ملك إن مشهد الانتهاكات والتعذيب في مصر أصبح يمارس يوميا منذ الانقلاب، مشددة على أن الحديث عن أنها أخطاء فردية هو أمر بعيد عن الحق.

وكشفت الناشطة الحقوقية عن أن المنظمات الحقوقية بما فيها المجلس القومي لحقوق الإنسان لا تستطيع دخول السجون فكيف ترصد الانتهاكات.

تجاوزات فردية
لكن الكاتب الصحفي سليمان جودة يؤكد أنه لا يجب إطلاق الاتهامات للشرطة من دون وقائع محددة حتى لا تمر الانتهاكات -إن وجدت- دون عقاب، مشيرا إلى أن جهاز الشرطة في مصر قد يكون لبعض أفراده تجاوزات وممارسات غير سليمة، وهي مرفوضة، ولكن لا يجب تعميمها.

وقال جودة إن هناك إرادة سياسية ضد أي خروج من جانب الشرطة عن صحيح القانون وهي تمارس دورها.

أما مسؤول الملف المصري في مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان أحمد مفرح فيرد على جودة مؤكدا أن "الحديث ليس عن وقائع فردية، ولكن ظاهرة حيث أصبح التعذيب ممنهجا استنادا إلى مؤشرات عملنا عليها هناك 325 مقر احتجاز في 22 محافظة بمصر، وهناك عشرة أطفال في قسم شرطة دمنهور يمارس التعذيب عليهم منذ يومين".

وأضاف مفرح أن هناك دلائل ووثائق وقضايا قدمت للأمم المتحدة عن وقائع تعذيب في سجن تابع للجيش الثاني الميداني، مؤكدا أن التحجج بحالة الاحتقان الأمني لتبرير الانتهاكات لا يمكن تصديقه ولا يمكن محاربة "الإرهاب" بالقمع الأمني.