حديث الثورة

رئاسيات مصر.. دلالات المشاركة والمقاطعة ودور الإعلام

هل من دلالات لنسب المشاركة والمقاطعة وإبطال الأصوات في الانتخابات الرئاسية بمصر؟ وكيف يمكن تقييم الدور الذي لعبه الإعلام في أيام التصويت الثلاثة بين الترهيب والترغيب واتهام المصريين بالجهل؟
رافقت كلمة "لكن" كل حديث عن الانتخابات الرئاسية في مصر التي اقتصر التنافس فيها على مرشحين فقط هما عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي، حيث وصفها مراقبون أوروبيون بأنها ديمقراطية وسليمة لكنها جرت في بيئة تتناقض والمبادئ الدستورية.
 
حلقة الجمعة (30/5/2014) من برنامج "حديث الثورة" ناقشت دلالات المشاركة والمقاطعة وإبطال الأصوات في هذه الانتخابات، كما ناقشت دور الإعلام المصري وتعامله مع عزوف الناخبين عن التصويت.

وفاز السيسي وفق النتائج غير الرسمية باكتساح برئاسة مصر، لكن تمديد عملية التصويت ليوم ثالث بعد إقرار أنصاره ومسؤولين حكوميين بضعف الإقبال في اليوم الأول والثاني للتصويت، جرح مصداقية الأرقام المعلنة عن أعداد المشاركة والأصوات التي حصل عليها بعد التمديد.

يقول القيادي بحزب الحرية والعدالة عبد الموجود الدرديري إن الانقلابيين كذبوا على الشعب المصري منذ البداية، معتبرا أن الانتخابات لا تمثل هذا الشعب، وإن ضعف الإقبال أسقط وهم ما يسمى "ثورة 30 يونيو".

ودعا الدرديري كل القوى الثورية إلى الالتفاف حول كل مبادئ ثورة 25 يناير التي أسقطت الرئيس المخلوع حسني مبارك، مؤكدا أن جماعة الإخوان المسلمين تريد الحرية للجميع ولا تبحث عن مكاسب خاصة أو شخصية.

من جانبه، قال الكاتب والباحث السياسي سامح راشد إن ما رأيناه على شاشات وسائل الإعلام المصرية خلال أيام الانتخابات الثلاثة يؤكد أن نسبة المشاركين فيها لم تتجاوز 10% من الناخبين، معتبرا أن الأرقام الأولية المعلنة للنتائج مبالغ فيها.

وحول دلالات المقاطعة يرى راشد أن ما يسمى في مصر "حزب الكنبة" أصبح أكثر إيجابية، وأن هناك من يرفضون المرشحين لكنهم لا يرفضون العملية برمتها.

واتهم راشد جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي بأنهم ساهموا بشق كبير من المسؤولية عن نجاح الثورة المضادة، وأوضح أن الإخوان مارسوا السلطة بشكل إقصائي وسوء إدارة للأزمة والدولة.

من ناحيته، يرى مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات مجدي خليل أن ما يشاع عن نتائج الانتخابات "كلام ليس عليه أي دليل"، وأضاف "أمامنا جهات دولية راقبت الانتخابات مثل الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمات حقوقية مصرية، وبالتالي لماذا لا نصدق الذين كانوا على الأرض ورصدوا ما حدث؟".

وبحسب خليل فإنه لم يشكك أحد في مصداقية الأرقام سوى الإخوان، معتبرا أن الصدمة التي أظهرتها وسائل الإعلام كانت بسبب أن توقعات المشاركة كانت كبيرة.

في السياق نفسه، يرى الصحفي والمدون وائل عباس أن من أبطلوا أصواتهم في هذه الانتخابات هم أناس رفضوا العملية الانتخابية بطريقة مختلفة تجنبا لعدم استخدام أصواتهم في التزوير لصالح السيسي.

وأضاف عباس أن الإحصاءات "المزورة" تقول إن الأصوات الباطلة تأتي في المركز الثالث، وإن المقاطعين نسبتهم أكبر من نسبة السيسي، وما أظهرته كاميرات القنوات الفضائية وغيرها يؤكد أن المشاركة لم تتجاوز 11%.

تغطية الإعلام
وعلى صعيد تعامل الإعلام المصري مع الانتخابات الرئاسية، فقد بدا أن المؤثرات الإعلامية التي استخدمت طوال الأشهر الماضية لتمجيد شخصية السيسي وإظهار شعبيته الجارفة لم تنعكس حشودا أمام مراكز الاقتراع، خاصة في اليومين الأول والثاني.

وظهر خطاب إعلامي تراوح بين استجداء الناخبين للإقبال على التصويت، والإغراء برخاء اقتصادي يأتي مع استثمارات خليجية بعد فوز السيسي بالرئاسة، وترافق ذلك مع استخدام مثيرات التخويف من حرب أهلية والتهديد بعقوبات مالية، وتدنى الأمر إلى اتهام المصريين بالجهل والخيانة.

لكن الأمر تبدل بعد تمديد عملية التصويت ليوم ثالث، وفي نهاية هذا اليوم جرى الحديث عن سوء تقدير لأعداد الناخبين، وعن إقبال مفاجئ للمترددين.

حول دور الإعلام يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز خليل العناني إن أي إعلام لا بد أن يتميز بعدد من الصفات، أبرزها النزاهة المهنية والأمانة وتوافر الرقابة الشعبية.

وأضاف أن وسائل الإعلام المصرية التي "نفخت أسطورة" السيسي خلال الشهور الماضية تفتقر إلى ثلاثة أمور هامة، أبرزها الرقابة على مصادر التمويل، والرقابة الشعبية والقضائية، ومدى التماهي بين الإعلام والدولة.

أما مجدي خليل فيرى أن الإعلام العربي كله غير مستقل، ويسخر لخدمة أجندات سياسية ويخسر سنويا مليارات الدولارات.

واعتبر أن ما وصفه "بإعلام رجال الأعمال" في مصر يخدم مصالحه ويفتقد في أحيان كثيرة المصداقية والحياد والنزاهة.