حديث الثورة

الديمقراطية بمصر.. هل تنحصر في الانتخابات؟

ماذا تعني الديمقراطية؟ وهل يمكن حصرها في صندوق الانتخابات؟ أم هي ثقافة وآليات كثيرة تنتهي بالانتخابات؟ وما الذي أوصل مصر لهذا المناخ السياسي المضطرب؟

المشهد السياسي في مصر وبدء الانتخابات الرئاسية بين مرشحين اثنين بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي يطرحان تساؤلات بشأن مفهوم الديمقراطية: هل هي انتخابات أم مسار طويل تأتي الانتخابات لتتوجه؟

حلقة الجمعة 16/5/2014 من برنامج "حديث الثورة" حاولت الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها في ظل المناخ الذي يخيم على المسرح السياسي في مصر.

ويقول عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر الشعبي الناصري عادل شرف إن الإسلاميين في مصر هم أول من قالوا إن الديمقراطية هي صندوق الانتخابات، مؤكدا أن ما يحدث في مصر الآن من خروقات وتجاوزات وعنف غير مبرر يربك الأجهزة الأمنية في الدولة، لكنه شدد في المقابل على رفضه حبس أي مواطن يعبر عن رأيه بشكل سلمي.

ويرى شرف أن الديمقراطية ليست هبة أو منة من الحاكم، إنما تنتزع بتكاتف كافة فئات الشعب وتشكيل معارضة وطنية حقيقية على الأرض.

عادل شرف:
الديمقراطية ليست هبة أو منة من الحاكم، إنما تنتزع بتكاتف كافة فئات الشعب وتشكيل معارضة وطنية حقيقية على الأرض

وأضاف أنه في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي طلبت المعارضة أن يشارك الجميع في الحكم، لكن من كانوا يمسكون بالسلطة وقتها رفضوا.

خطأ الثوار
واعتبر شرف أن ثوار 25 يناير/كانون الثاني 2011 أخطؤوا وتفرقوا، وكان يجب الاتفاق على مجلس يمثلهم ويمثل طموحات الشعب المصري، ثم بدأت الأخطاء تتوالى وسُرقت الثورة من اليمين الديني الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين، وقامت ثورة أخرى وهناك محاولة لسرقتها، وفق قوله.

من جانبه، يرى رئيس تحرير جريدة العربي الجديد وائل قنديل أنه خلال الفترة التالية لما بعد 25 يناير كانت هناك أشواق مصرية تتوق للديمقراطية، ولأول مرة في تاريخ مصر يختار المصريون رئيسهم.

ويضيف أن صندوق الانتخابات هو أحد تجليات الديمقراطية وليس هو فقط المعبر عنها، مشيرا إلى أن الانقلاب -الذي قاده وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي– أدخل مصر في بحار من الدماء في مواجهة نظام "ديمقراطية المدرعة" وفق وصفه.

ورفض قنديل اتهام الإخوان بسرقة الثورة والاستئثار بالحكم، مؤكدا أنه عُرضت على عدد من رموز المعارضة مناصب وزارية وغيرها ورفضوها، وقال إن المجلس العسكري الذي تولى إدارة البلاد بعد تنحي مبارك ألغى السلطة التشريعية في مصر وكان لابد من اتخاذ قرارات.

وكشف كذلك عن أن مرسي أشرك العديد من رموز المعارضة في وضع صياغة لقانون الانتخابات ومن بينهم عمرو موسى ومحمد البرادعي ومحمد أبو الغار.

ثلاثة شروط
بدوره، يلفت القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور جمال حشمت إلى أن الديمقراطية تتطلب ثلاثة شروط لتتحقق، أولها الشرط المجتمعي الذي يعني المصالحة والمشاركة، وهي أمور غير موجودة في مصر بعد الانقلاب في ظل الاعتقالات وغلق القنوات والقمع والقتل.

ويضيف أن الشرط الثاني سياسي ويعني التخلص من إرث الماضي كاملا بكل آثاره، وهو ما كان يفعله مرسي والآن يعود إرث الماضي كاملا بأشخاصه وأمواله، ثم الصندوق الانتخابي الذي يأتي في النهاية.

ويرى حشمت أن ديمقراطية السيسي الموعود بها لن تأتي قبل 25 عاما، وفق ما قاله هو بنفسه، وهو نفس ما كان يقوله نظام مبارك.

نافعة: التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يستغرق سنوات طويلة (الجزيرة-أرشيف)
نافعة: التأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يستغرق سنوات طويلة (الجزيرة-أرشيف)

وبشأن فترة حكم مرسي، أكد حشمت أنه تمت دعوة كثير ممن انحازوا للعسكر لتولي وزارات ولم يقبلوا، وكانت هناك محاولات لجمع الشمل وهو ما اعترف به الآن بعض من أيدوا الانقلاب على الشرعية.

ثقافة وممارسة
ويوافق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة على أن الديمقراطية أكبر بكثير من أن تكون مجرد صندوق انتخابات، بل هي ثقافة وممارسة، والتأسيس لنظام ديمقراطي حقيقي يستغرق سنوات طويلة.

واعتبر نافعة أنه لكي تنجح الثورة كان لابد من اجتثاث النظام القديم بكل رموزه وعوراته، وتأسيس نظام آخر يكون مقبولا من كل شركاء العملية السياسية، متهما الإخوان بمحاولة اختطاف الثورة عندما حصلوا على الأغلبية في البرلمان.

وفي النهاية، يقول مدير الدفاع في مؤسسة مشروع الديمقراطية بالشرق الأوسط كول باكنفلد إن نتائج الانتخابات بمصر تبدو محسومة، ولا يبدو أن هناك بيئة تنافسية صحية، في حين أن هناك أمورا عديدة خلاف الانتخابات كحرية الرأي والتعبير تتعرض للخطر في مصر.

وأضاف أن البيئة السياسية في مصر اليوم أسوأ مما كانت عليه في عهد مبارك، مستبعدا أن تحقق الحكومة المؤقتة الحالية أو الحكومة المقبلة طموحات المصريين.