الشريعة والحياة

الدين ومصالح الناس

تستضيف الحلقة فضيلة الشيخ العلامة د. يوسف القرضاوي، ليتحدث عن موضوع “الدين ومصالح الناس” أُنزلت الشرائعُ لصَوْن المصالح الضرورية للناس، وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال. فكيف نفهم الدين في ضوء هذه المصالح؟
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا ومرحباً بكم على الهواء مباشرةً في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم:30] ويقول سبحانه وتعالى أيضا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال:24] أنزلت الشرائع لصون المصالح الضرورية للناس وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فكيف نفهم الدين في ضوء هذه المصالح؟ وماذا لو أخلّ بها أو بأحدها فردٌ أو تيارٌ أو نظامٌ سياسي، "الدين ومصالح الناس" موضوع  حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي مرحباً بكم سيدي. 

يوسف القرضاوي: مرحباً بك يا أخ عثمان.

التدين والنزوع الفطري

عثمان عثمان: الآية التي ابتدأنا بها هذه الحلقة {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ..}[الروم:30] ما العلاقة هنا فضيلة الدكتور بين التدين والفطرة يعني هل التدين هو مسألة فطرية؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، {رَبَّنَا ءاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] وبعد، فلا بد لي من كلمة أو كلمات قبل أن أجيب عن سؤالك هذا، فقد وصلتني أسئلة كثيرة من بلدان شتى حول قضايا إسلامية عامة يشكو منها المسلمون في كل مكان، أصبحت الأمة الإسلامية في كل مكان يعني ملطشة لكل لاطش ولكل يعني إنسان لا يخشى الله ولا يرحم الناس من هؤلاء من عبيد الدنيا الذين أوتوا المال والقوة والسلطة فأصبحوا يعيثون في الأرض فساداً وأصبحوا مسّلطين على عباد الله، هناك أخوتنا في فلسطين نعني مؤسسة القدس الدولية التي أتشرف برئاسة مجلس أمنائها يشكون مما يقاسيه الأخوة في فلسطين والأخوات الفلسطينيات في فلسطين عامة وفي القدس خاصة وفي المسجد الأقصى حتى  المسجد الأقصى اليهود أصبحوا يدخلونه ويتصرفون في حرية الناس، ويعتدون على الرجال ويعتدون على النساء ويمنعون الذين يقرؤون القرآن واللائي يقرأن القرآن من النساء، ورفض النساء هذا وتعرضوا للإيذاء من أجل هذا الأمر يعني هذا بجوار ما تكلمت عنه في يوم الجمعة ومقبرة "مأمن الله" الذي حاول اليهود أخذ 85% وبقي 15% يريدون أن يزيلوها يحولوها إلى يعني حدائق أو مقاهي أو ملاعب أو غير ذلك وهكذا يصبح إخوانا الأسرى الفلسطينيين يعني من منهم من صار له 200 وكذا يوما في المئة الثالثة يعني هذه الأشياء، وبعدين يعني إخواننا في جيبوتي الذين اعتقل العلماء منهم وأصبحوا معرضين لأشياء كثيرة وأصبح هناك جور من الحكم على شعب، وإخواننا في أثيوبيا يعني عدد من الإخوة من الخليل ومن قطر ومن بعض الإخوة الذين يعيشون في أثيوبيا يعني الطلاب من الرجال والنساء وطلاب وطالبات أصبحوا يتعرضون لمنع الصلاة وعدم الصلاة، النساء محرم عليهم أن يلبسوا الحجاب يعني لا تستطيع الطالبة المسلمة تلبس الحجاب، ومع انه إثيوبيا هذه، هذا بلد أغلبيتهم مسلمين، معروف هذا إن الأغلبية في أثيوبيا من المسلمين،  الحبشة أول بلد دخلها الإسلام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مش في أيام سيدنا عمر ولا  كذا "لأ" في عهد رسول الله وأسلم النجاشي، نجاشي الحبشة وصلى عليه رسول الله صلاة الغائب، هؤلاء يمنعون إن المرأة تلبس الحجاب وإلاّ تفصل، وأنا أقول للأخوات لا ينبغي لأحد أن يقبل الفصل ويذهبن ليتعلمن يعني إذا فرض عليهن هذا تذهب الأخت وتخلع الحجاب رغم عنها يخلعوها يخلوها يخلعوها رغماً عنها ولكن يجب أن تتعلم وتظل يعني تشكو أمرها إلى المسلمين وإلى مشايخ المسلمين وإلى الأمة الإسلامية إلى الجامعة العربية وإلى منظمة التعاون الإسلامي وإلى منظمة الأمم المتحدة وإلى كل من يعمل على مصالح الناس لا بد ذلك، ويمنعون الصلاة في الجامعة حتى يمنعون الصلاة في مساكن الجامعة يعني أي شيء هذا؟! الصلاة التي فرضها الله على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة وهذه أمة مسلمة يعني حتى لو فُرض أنها ما لهاش أغلبية افرض لها 45% ولا 40% تمنعها من إقامة فرائضها، هذه الأمة الإسلامية مضيعة أصبحنا مضيعين في العالم، أمة لها ما يقارب المليارين الآن تقارب المليارين أمة مضيعة في العالم كله، لأن لا نجد من يبحث عن قضايا هذه الأمة وعن حقوق هذه الأمة، الحقوق الإنسانية المبسطة التي ليس فيها.. فنحن نشكو إلى الله تعالى ونشكو الأمة وندعو كل من عنده قدرة، كل واحد بالجامعة العربية وبمنظمة التعاون الإسلامي وأولي الأمر من المسلمين والجمعيات الدعوية والجمعيات التي تعنى بحقوق الإنسان كل هؤلاء وكل حر في أنحاء العالم كل حر وكل شريف يغار على حقوق ذوي الحقوق ندعوهم أن يغيثوا إخواننا هذا وأن يعملوا على أن يصلوا إلى حقوقهم وهي حقوق بسيطة جداً يعني نرجو أن ينالها إخواننا ونعود إلى..

عثمان عثمان: إذن ترون أنّ هذا الفعل يصب في إطار محاربة الدين والتدين هل ترون أنّ التدين مسألة فطرية في الإنسان؟

يوسف القرضاوي: التدين مسألة فطرية قطعاً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)) المولود يولد على الفطرة، في عندنا فيلسوف من الفلاسفة الغربيين المسلمين اللي كان في الأندلس يعني اسمه ابن طفيل وله قصة معروفة اسمها حي بن يقظان يتصور إن الواحد ولد يعني أبوه ماتوا وأمه تركوه وولد لوحده ولقي الغزالة رضعته ونشأ ولكنه وبالفطرة وبعدما كبر ماتت الغزالة وقعد يبحث في الحياة والموت ووصل المهم أنه وصل بفطرته إلى الله سبحانه وتعالى..

عثمان عثمان: هذا في فيلم اسمه جزيرة النور نعم.

يوسف القرضاوي: لكن إحساس الإنسان من داخله من جوا نيته بأنّ في إله عظيم هو اللي  خلقه هو مجاش لوحده مين اللي خلقه {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ..}[الطور:35-36] حد يقول أنه خلق السماوات والأرض ولا فرعون حتى قال إني خلقت السماوات والأرض، السماوات والأرض مخلوقة من قبل أن يولد وهي موجودة بعد أن يموت ولا هو خلق نفسه ولا يمكن أن يكون مخلوق من غير شيء لأن كل مخلوق له خالق كل حركة لها محرك كل شيء في الكون كل سبب له مسبب، ولذلك هذا معنى الفطرة، فطرة أن الإنسان يؤمن إيماناً غير مفسر وغير واضح تماماً من داخله فطرة يعني إيه فطرة اللي من غير تعلم ولا اكتساب، الإنسان يجدها يعني في نفسه خلقها الله في ذاته فهذه الفطرة فطر الله الناس عليها، إنّ الإنسان خلقه الله سبحانه وتعالى، ولكن ربنا سبحانه وتعالى لم يترك الإنسان لهذه الفطرة وحدها أرسل إليه النبيين مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، الأنبياء جاءوا ربنا كان له لا بد من كتب منزلة وأنبياء مرسلة، إنزال الكتب وإرسال الرسل هذا ليفصل للناس ما يريده الله منهم وما يوجبه عليهم وما يمنعهم منهم الحلال والحرام هذا كان لابد أن تأتي، فهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها، وأنا كنت أفضل أن يكون العنوان الإسلام ومصالح الإنسان، لأن كلمة الإسلام أعم وأشمل من كلمة الدين نحن نعلم أن الدين أحد المصالح الخمسة التي جاء بها الإسلام، الشريعة الإسلامية جاءت أو الإسلام بصفة عامة جاء بمصالح إيه خمسة كما هو مسؤول عنه..

عثمان عثمان: نعم..

يوسف القرضاوي: في هذه الحلقة.

الدين في ضوء المصالح الفردية والمنافع الشخصية

عثمان عثمان: إذن الفطر السليمة تقر بالوحدانية لله عز وجل وبأن هذا الدين الحق، لكن مولانا بسبب المصالح الفردية والمصالح الشخصية ربما انحرف البعض بهذه الفطرة السليمة عن مسارها كيف يمكن التوضيح بين المصالح الحقيقية التي يراها الشارع جل وعلا وبين الحقيقة المتوهمة التي يراها الناس؟

يوسف القرضاوي: أنا أقول الشارع وهو سبحانه وتعالى ليس هناك شارع إلا الله، من المعروف أن الشارع الأوحد هو الله سبحانه وتعالى حتى الرسول هو مبلغ عن الشارع، الشارع الذي يشرع للناس الأمور يحل الحلال ويحرم الحرام ويحكم الأحكام هذا فرض وهذا واجب وهذا مستحب وهذا مكروه وهذا حرام وهذا مباح، هذه الأحكام كلها من الذي يُشرعها هو الله تبارك وتعالى، الناس أخذوا بعض الأحكام وحرّفوها عن حقائقها وهذا هو الذي يحذر الله سبحانه وتعالى منه {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ* إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}[الجاثية: 18-19] ويقول {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}[المائدة:49] لا تتبع أهوائهم إذا اتبع الإنسان أهواء الناس سيضل كثيراً هذا يذهب به يميناً وهذا يذهب به شمالاً وهذا يذهب به إلى الوراء وهذا يذهب به إلى الأمام وتفرقه المسالك إنما يجب أن يتبع الصراط المستقيم {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}[الأنعام:153].

عثمان عثمان: {..فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}[الأنعام:153].

يوسف القرضاوي: والله تعالى يقول: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}[ص:26] {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[ الكهف:28].

عثمان عثمان: {فُرُطًا}

يوسف القرضاوي: {فُرُطًا} منفرط ولا يصبح منتظم أبدا.

عثمان عثمان: الأخ سيد بوسعيد يقول إن تضارب الناس راجع إلى اختلافهم في المقياس، فهل هناك ضابط يرجع إليه الناس يميزون به بين المصالح الحقيقية والمتوهمة أين الضابط هنا مولانا؟

يوسف القرضاوي: الضابط هو الشرع، الشرع هو الضابط الذي لا يمكن أن تنفصم عراه أبداً وهو ضابط يعني متصل بالله تبارك  وتعالى، هناك شرع الله وهناك أهواء البشر، أهواء البشر مختلفة هذا يشرق وهذا يغرب وهذا يذهب شمالا وهذا يذهب جنوباً هذا فلسفته فردية وهذا فلسفته جماعية هذا يميل إلى الواقع وهذا يميل إلى المثال اختلاف المنازع اختلاف واسع جداً لا يمكن أن يجمعه جامع إنما الشرع إلى الله  تبارك وتعالى، الله سبحانه وتعالى الناس كلهم خلقه كلهم عباده ليس هناك هذا قريب وهذا بعيد كلهم بالنسبة إليه كلهم من مخلوقاته فكلهم نسبتهم إليه نسبة واحدة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13] فنسبة الناس إلى الله كلها نسبة واحدة وشرع الله بالنسبة للناس ليس بينه وبين أحد قرابة حتى يعمل له شرع خاص ولأ..

عثمان عثمان: لكن من حيث الواقع مولانا هل تتضارب المصالح الشرعية مع المصالح الفردية أو الجماعية للأمة؟

يوسف القرضاوي: "لأ"، إذا أعطيناها حق الفهم وأديناها كما يحب الله تبارك وتعالى ووضعنا أيدينا على الأصول الشرعية المرعية المنضبطة  لا يمكن أن نتفرق ولا أن نتنازع الله تعالى يقول: {وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[الأنفال:46] إذا أطعتم الله ورسوله اتفقتم إذا تنازعتم فشلتم وذهبت ريحكم وضاعت أموركم فاتقوا الله في أمركم كونوا مع الله ومع شرع الله تبارك وتعالى، لا بد أن تحسنوا فهم شرع الله، شرع الله ده لازم تعرفه، من أين تعرف شرع الله؟ شرع الله  هو أساسا ما أنزله الله تعالى في كتابه وهو ما بينه رسوله صلى الله عليه وسلم وجاء بقى استنباطات العلماء واعتباراتهم المختلفة وتفسيراتهم لهذا الشرع واختلافاتهم الواسعة، لا شك في هذا، كلها أصبحت ضمن هذا الشرع، الشرع ما عادش القرآن والسنة، "لأ" القرآن والسنة هو الأساس، إنما هذه الشروحات والمفاهيم الواسعة والأصول والقواعد والمبادئ والمقاييس كل هذه وسعت ما معنى الشرع أصبح بحراً بل بحوراً زاخرة على المسلم أن يسعى ليحسن فهمها ويُحسن ضوابطها ويُحسن قواعدها.

عثمان عثمان: نعم، السيد جمال طواب يقول: هناك مقولة فقهية قديمة تقول: "حيثما كانت المصلحة فثمّ شرع الله" ما تطبيقات هذا القول أسمع الإجابة بعد أن نذهب إلى فاصل قصير فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة التي هي بعنوان "الدين ومصالح الناس" أو "الإسلام ومصالح الناس" كما اقترحتم فضيلة الدكتور مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مولانا "حيثما كانت المصلحة فثمّ شرع الله" ما هي تطبيقات هذه القاعدة أو المقولة الفقهية؟

يوسف القرضاوي: هذه القاعدة غير مسّلمة لأننا إذا كنت تقول إذا كانت المصلحة فثمّ شرع الله فأنا أقول "لا"، إذا كان شرع الله فثمّ المصلحة، مش إذا كانت المصلحة فثمّ شرع الله" إذا لم يوجد نص من الله أو من رسول الله أما إذا وجد نص صحيح، صحيح الثبوت، صريح الدلالة من قرآن أو من سنة، فحيث يوجد النص فهنا يكون إيه المصلحة ويكون شرع الله عز وجل، إذا لم يوجد النص هنا، المصلحة، تأتي المصلحة، فمتى تعتبر المصلحة؟ عندما لا توجد النصوص، إحنا في قضية المصلحة المرسلة من الأدلة الشرعية الإسلامية، المصلحة المرسلة، متى نأخذ بالمصلحة المرسلة إذا لم يوجد نص، إنما إذا يوجد نص يطبق قبل المصلحة، المصلحة مؤخرة عن النصوص، الناس اللي هم عملوا الاشتراكية وصادروا أموال الناس ومصانع الناس ومصالح الناس وبالجملة قالوا هذا هو العدل وإذا وجد العدل كان شرع الله، نفس القضية، هذه القضية غير، وأخذوا كلام بعض كلام ابن القيّم ونسوا كلامه الآخر، قيود التي قيدها الله به، فش حد قائل إذا وجدت المصلحة فثمّ شرع الله، المصلحة والدليل الشرعي، الدليل الشرعي يقدم على المصلحة فإذا قلت إذا وجد العدل فهذا شرع، أنا أقول إذا وجد الشرع فهذا العدل، الشرع مقدم، إذا خالفت الشرع قلت لي هذا هو العدل أقول لك "لأ" فسنختلف في هذه الحالة، فلا بد أن نعرف أن هذه القضية غير مسلمة بهذه الطريقة.

الضرورات الخمس وحفظ الإسلام لها

عثمان عثمان: نعم، نعود إلى المقاصد، الشرائع إنما نزلت لمقاصد كبرى سماها العلماء: "المقاصد الخمس"، "الضروريات الخمس"، الدين، النفس، العقل، النسل، المال..

يوسف القرضاوي: لي اعتراض على هذا التقسيم، أولا الشرع لم يأتِ للضروريات فقط، هذه هي المصالح الضرورية التي لا يقوم الإنسان إلا بها، ولكن ليست المصالح للضروريات فقط، المعروف إن الشرعيين مثل الإمام الغزالي والإمام القرافي والإمام الشاطبي قسّموا المصالح إلى مصالح ضرورية ومصالح حاجية ومصالح تحسينية، كلها جاء بها الشرع، الشرع ما جاش بالمصالح الضرورية لوحدها لازم نقول أن الشرع جاء للمصالح الكبرى والوسطى والدنيا، إذا اعتبرت إن المصالح الحاجية وسطى والمصالح التحسينية دنيا يبقى جاء بهذه المصالح، إنما المصالح الضرورية جاء بها قطعاً إنما جاء أيضاً بالمصالح الحاجية والمصالح كلها مصالح شرعية وهذا ما قرره العلماء، فإن كل الشرع جاء حافظ على هذه الخمس حتى الخمس أيضاً مش..

عثمان عثمان: مش محصورة بخمس.

يوسف القرضاوي: مش محصورة بخمس، فجاء الشرع بهذه كلها وبالمصالح الحاجية مثل البيع والشراء والمعاملات وهذه الأشياء، الناس مش سيموتون إنما تضطرب حياتهم ولا تنتظم أمورهم ولا تستقيم معايشهم فلا بد من المصالح الإيه؟ الحاجية، المصالح التحسينية اللي بها تكمل الأشياء  يعني إحنا نسميها الكماليات، الكماليات لا بد منها، الحياة لا تستقيم بالضروريات وحدها إنك تأكل فقط اللقيمات التي .. هذه مش حياة، كلها يتكامل بعضها مع بعض يكون حياة إنسانية طيبة، الإسلام جاء بالحياة الطيبة {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:97] والإسلام يعني جاء ليحيي الناس هذه الحياة فلا بد أن نأخذ الإسلام بكل المصالح التي جاء بها.

عثمان عثمان: أنتم تتحدثون أن هذه الضروريات ليست خمسا فقط إنما هنالك ضروريات أخرى مثل ماذا؟ نتحدث عن الحرية؟ عن العدل؟

يوسف القرضاوي: نعم، هناك أولا الإمام القرافي قال: "إنه العِرض من الضروريات" لأنهم الفقهاء أخذوا هذه الضروريات من العقوبات قالوا مثلاً الدين فيه عقوبة الردة من بدل دينه يعني فاقتلوه، والنفس في عقوبة القصاص {لكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] والنسل يعني في عقوبة الإيه؟ الزنا يعني اجلدوا كل واحد 100 جلدة والمال في إيه؟ قطع السرقة، فالإمام القرافي قال: طب ما هو العرض جاء في حد القذف {الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] يعني حدد 3 عقوبات عقوبة بدنية يعني الجلد وعقوبة أدبية لا تقبلوا لهم شهادة أبدا وعقوبة دينية أولئك هم الفاسقون، فجاء.. كيف لا يعتبر القذف، الإمام العلامة الشيخ الطاهر ابن عاشور العلامة التونسي صاحب كتاب التنوير في تفسير القرآن شيخ الزيتونة إمام كبير يعني هو وله كتاب عن مقاصد الشريعة تكلم بعد الشاطبي فتكلم عن المقاصد، وقال أنه ليست هذه  المقاصد في مقاصد أخرى فالحرية من مقاصد الشريعة، العدالة الاجتماعية من مقاصد الشريعة، أنا أرى إنه العلماء كأنما كانوا يعني في الغالب ينظرون إلى الفرد أكثر مما ينظرون إلى المجتمع فنظروا إلى الأشياء التي لا بد لكل فرد منها ولم ينظروا إلى الأمة، الأمة؛ لا بد من إيجاد أمة مسلمة {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110] {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون} [الأنبياء: 92] فلا بد من النظر إلى الأمة إلى الجماعة وما تحتاج إليه الجماعة، فكل ما تحتاج إليه الجماعة يجب أن يكون هو من ضمن الأشياء التي تضاف إلى هذه المصالح الضرورية.

عثمان عثمان: إلى أي مدى يمكن لهذه المصالح أو الضروريات الخمس أو أكثر أن تحقق التوازن بين مكونات الحياة؟

يوسف القرضاوي: طبعاً هي كلها إذا نظرت إليها باعتبارها مصالح شرعية يريدها الشرع ويفرضها على الناس ويربطها بأحكام، فيها عقوبات، فيها حدود، فيها واجبات مطلوبة من الناس، محرمات محرمة على الناس كلها، يجب أن تحافظ على هذه الأحكام، هذه تكّون مجموعة أشياء تشد من أزر هذه القضية وتحميها من جوانبها المختلفة من الجانب الإيجابي أو الجانب السلبي، إذ تبقى ومحفوظة ومحترمة ولها قواعدها ولها مبادئها ولها تطبيقاتها عن يمين وعن شمال ولها أحكامها المختلفة هذا من ناحية الإيجاب، من ناحية السلب يجب أن تحافظ عليها بحيث لا يعتدي عليها أحد لا يأخذ منها أحد لا ينتقصها أحد من هنا أو من هنا، فإذا حوفظ عليها إيجاباً وسلباً من ناحية الإبقاء ومن ناحية العدم، بهذا تؤدي وظيفتها في المجتمعات الإسلامية كما ينبغي.

ترتيب الضروريات في مسألة المصلحة والمفسدة

عثمان عثمان: هل هناك ترتيب ما لهذه المصالح والضروريات يراعى عند تطبيقها أو عند تعارضها أو تضادها نتحدث ربما هنا عن حفظ النفس وفي المقابل نتحدث عن الجهاد الذي قد يكون في سبيله تقديم الروح في سبيل الله مثلا؟

يوسف القرضاوي: هذه المصالح مرتبة يعني إحنا مثلاً الدين متفق على إن الدين في مقدمة هذه المصالح الضرورية التي لا بد منها لأن الدين هو الأساس، وبغير الدين يذهب الإنسان إلى الجحيم والعياذ بالله، إنما مهمة الدين هي المهمة الأساسية {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12] يعني ربنا خلق السموات والأرض والكون علوية والسفلية ليعلم الناس صفات الله، إن الله متصف بكل الصفات الحسنى والعليا والأسماء الحسنى، فالدين هو الأساس، أول شيء يجب أن يقدم من هذه الأمور هو الدين والأمر الثاني هو حفظ النفس، النفس يجب أن يحافظ عليها هنا نسميها حق الحياة ونعبر عنه في عصرنا نقول حق الحياة، حق التدين من حق الناس أن يتدينوا ولا يجوز لأحد أن يجبر الناس على أن يعيشوا بغير دين أو يجبروا على دين لا يختارونه بأنفسهم، لازم الدين يختاره الإنسان ما فيش دين بالفرض، الدين يعني بالفطرة فممكن الدين يأخذه من المجتمع الجاهلي إنما لازم يأخذه بنفسه إنما يفرض عليه "لأ" فلا بد بعد الدين إن الحياة حق الحياة إن الإنسان يحيا لا يجوز لك أن تقتلني لا يجوز لك أن تحرمني من الطعام فأموت أو تحرمني من الشراب فأموت أو تلقيني من غير لا ملبس ولا شيء يقيني من الحر والبرد فأموت، كل ما يقيني من الموت يجب أن يوفر لي فهذا حق الحياة، وهذا أمور لا تختلف فيها عن شريعة، كل الشرائع تهتم بأمر حياة الناس.

عثمان عثمان: نعم، في موضوع الدين مولانا وموضوع حفظ النفس لو اكره الإنسان على الكفر إما أن يقع في الكفر أو أن يقتل ماذا يفعل؟

يوسف القرضاوي: سيدنا عمار بن ياسر أجبر على ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم عذبوه عذاباً شديداً وقالوا له يعني اكفر بمحمد وبإله محمد وبتاع، فبلال رفض، زادوه عذاباً، عمار ابن ياسر قال كلمة الكفر بلسانه وبعد ذلك ظل يبكي ويعمل فنزل قوله تعالى:  {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] هذا ليس بكافر {وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النحل: 106] شرح بالكفر صدره اتسع قلبه وقالها بالرضا والاطمئنان هذا إنما من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان لا حرج عليه.

عثمان عثمان: وفي حال تعارض حفظ النفس مع حفظ العرض يعني كأن هددت إحداهن والآن ما يحصل كثير من بلدان الثورات العربية تهدد إحداهن بالاغتصاب هل تحافظ على عرضها أم تحافظ على حياتها؟

يوسف القرضاوي: هي تحافظ على عرضها ما أمكنها ولكن تغصب يعني هذه سؤلنا في هذا عندما كنا في البوسنة، في مؤتمر في البوسنة قبل أن تنتصر البوسنة كنا في كرواتيا هناك ومؤتمر إسلامي كبير، كان بوجود الشيخ الغزالي ووجود عدد من العلماء وكنت موجود ووجه إلي بالذات السؤال بهذا وقلت إن المسلمة معذورة بهذا ويجب أن تعذروا المسلمة ومن حتى حملت وولدت لا تقولوا عنها أي كلمة سوء هذه لم تفعل يعني مشتهية هذا الأمر أجبرت عليه إجباراً فالمجبور على هذا الأمر لا إثم عليها فهذا ما يجب أن يعرفه المسلمون.

عثمان عثمان: نتحدث عن حفظ الدين أنه هو الأولوية له الأولوية بين الضروريات الخمس أو أكثر كيف يمكن تطبيق هذا المقصد يعني كيف يمكن حفظ الدين بأي طريقة ما هي الوسائل؟

يوسف القرضاوي: هناك وسائل عدة لحفظ الدين، أولا أن تحميه ممن يريد أن يفرض الإلحاد على الناس، لا يجوز لناس أن يفرض عليهم الإلحاد يجب أن يتاح لهم أن يأخذوا الدين أخذاً سليماً بفطرتهم بحريتهم لا يجوز للناس أن يمنعوا من أداء فرائض الدين كما شهدنا الإخوة الذين يحدثوننا من أثيوبيا يمنعون من أداء الصلاة في الجامعة، ويمنعون من أداء الصلاة في السكن الجامعي، هذا يعني منع من الدين يعني كل ما يجب أن يعلم الناس الدين عشان الدين يعني يُؤدى لازم يعلم ولازم يعلم يكون فيه معلمين للدين ولازم يكون فيه معلمين للدين لازم يكون في مدارس ومعاهد تعلم الناس الدين وتخرج الناس الذين يعلمون لازم يكون في وعاظ يخطبون الناس في المساجد ويؤمونهم في المساجد يجب على الآباء أن يكون عنهم قدر من التعليم الديني حتى يعلموا أبنائهم وبناتهم يجب على المجتمع يعني المجتمع كله يعني أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى يمكن للدين أن يثبت، الدين ما يثبت بمجرد ده في عدة تعاليم تحفظ الدين لماذا قال الله تعالى {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3 ] لا بد؛ ليس هناك أحد أصغر من أن يوصي ولا أحد أكبر من يُوصى، كل واحد يوصي ويُوصى، التواصي بالحق والتواصي بالصبر، والتعليم مشترك الناس يعلم بعضهم بعضا ويرعى بعضهم بعضاً وبعضهم عيب أنك تكون مسلم ولا تصليش، عيب تكوني مسلمة وما تغطيش شعرك كل ده مما يحفظ الدين. 

عثمان عثمان: أخ عبد المجيد يقول: كيف نفهم ونفرق بين من يريد حفظ مصالح الناس بالدين وبين من يستغل الدين لمصالح شخصية من قبل بعض التيارات والنظم؟ هذا سؤال سياسي، نعم. 

يوسف القرضاوي: هذا سؤال نعم سياسي وعلى كل حال المسلم يعرف من يريد لك أن تتدين تديناً حقاً ومن يريد أن يستغل الدين عشان تنتخبه ولا عشان كذا "لا" الدين الحقيقي معروف عند الناس ومن عرف الدين عرف أهله وعرف من يحب الدين لذات الدين ومن يتظاهر بحب الدين وهو ليس محباً للدين وإنما محباً للمال ومحباً للجاه ومحباً للسلطة، هذه أمور لا يجهلها الشخص العادي. 

عثمان عثمان: نعم، تحدثنا عن تطبيقات مصلحة حفظ النفس بتأمين الضروريات حق الحياة الذي تحدثتم عنه قبل قليل لكن ماذا عن تحقيق مصلحة حفظ العقل مولانا؟ 

يوسف القرضاوي: حفظ العقل يأتي بأشياء يعني كثيرة جداً، القدامى ذكروا قضية محاربة الردة وقتل المرتد ولكن هذه أمور يعني هناك أشياء أهم من هذا كله ابتداء من إنه نعلم الناس الدين بالتعليم، التعليم هو الأساس في حفظ العقل كيف تحفظ العقل؟ إنك تعلم الإنسان يبدأ يتعلم كيف يقرأ وكيف يكتب وكيف يحسب وكيف يتعلم ما لا بد منه في مراحل ابتدائية ومراحل إعدادية ومراحل ثانوية ومراحل جامعية ومراحل عليا بعد الجامعة على حسب، فالتعليم أساس في هذه القضية، التعليم العام والتعليم العادي تعليم الناس بعضهم، الإنسان يتعلم من المدرسة ويتعلم من الحياة وبعض الناس يتعلم من الحياة أكثر مما يتعلم الناس من المدارس، ولا بد أن نهيأ الناس من القراءات أن يتعلم من القراءة ويتعلم من الإذاعة ويتعلم من التلفزة ويتعلم من المجتمع في وسائل كثيرة للتعلم يجب أن تعلم الناس هذا يجب أن يكون هناك وعاظ يعظون الناس وعلماء يعلمون الناس في المساجد وفي قاعات المحاضرات وفي حتى الأشياء الترفيهية مثل المسارح والسينمات، وهذه الأشياء يجب أن تعلم الناس مش بس تدي للناس أشياء فقط تضحكهم لا بد أن يتعلم الناس. 

عثمان عثمان: وماذا عن الذين يمشون بالتقليد الأعمى يستسلمون للمشعوذين والكهان أليس في ذلك تعارض مع حفظ العقل؟ 

يوسف القرضاوي: طبعاً تعارض قطعاً الذين يستسلمون لهؤلاء الإسلام منع من هؤلاء الذين يذهبون إلى هؤلاء الناس ويصدقونهم يعني يفقد دينه كأنما ترك الصلاة 40 يوماً وكأنما يكذب الله ورسوله، يعني لا يجوز أن يصدق هؤلاء الناس اللي يفتحوا الكتاب واللي بضربوا الرمل واللي بعملوا، كل هؤلاء، فلا بد أن نحافظ على هذه الأمور الخمسة وما يتبعها، نحافظ عليها من كل النواحي وهناك يعني أمثلة كثيرة للحفاظ على هذه المفاهيم الأساسية يعني لا بد أن نتعلمها وأن نصبر عليها حتى تؤتي أؤكلها وتؤدي حقيقتها. 

عثمان عثمان: حفظ النسل يا مولانا كيف يتحقق؟ 

يوسف القرضاوي: حفظ النسل يتحقق بأن يظل الناس يتناسلون. 

عثمان عثمان: بطريقة شرعية بالزواج؟ 

يوسف القرضاوي: بالزواج، الزواج هو أساس حفظ النسل كل من يعارض الزواج بالعزوبة أو بالمثلية وزواج المثلي من مثلي، زواج الرجال بالرجال والنساء بالنساء كما هي الدعوة الآن في بلاد الغرب وفي أوروبا وفي أميركا وفي كثير من البلاد وبعض الكنائس وبعض القسس يؤيدون هذا ويجعلون هذا زواجاً شرعيا، هذا لو استمر عليه الناس لفنيت البشرية إنما لكي يؤدي الناس ما يقصده الله سبحانه وتعالى من استمرار هذه الحياة جيلاً بعد جيل هو بالزواج الشرعي، الزواج الشرعي إنما كل ما يؤدي إلى الشذوذ والإنفراد بجنس يجب أن يحارب تماماً، أنا حينما حاربوني في لندن وقدموني للتلفزيون الراجل بتاع التلفزيون قال لي أنت متهم بأنك واقف بشدة ضد المثليين والشواذ وبتاع، قلت له: أنا مش واقف، مش أنا اللي واقف الأديان اللي واقفة اليهودية والنصرانية والإسلام وحاخامات اليهودية وآباء النصارى ومشايخ الإسلام كلهم ضد هذا والبشرية كلها ضد هذا لأننا لو اتفقنا على أن نمشي بهذه الطريقة أفنينا البشرية بعد جيل أو جيلين وانتهت البشرية، فلابد أن يقف الناس ضد هذا الأمر الذي يخالف إرادة سبحانه وتعالى. 

عثمان عثمان: كيف تتحقق مصلحة حفظ المال، مولانا؟ حفظ المال كيف تتحقق هذه الضرورة؟ 

يوسف القرضاوي: حفظ المال يعني لا بد أن يعني نحافظ عليه في اكتسابه وفي تنميته وفي استهلاكه وفي تداوله وفي توزيعه كل هذه الأشياء لها تعليمات، تعليمات يعني شرعية وتوجيهات أخلاقية أنا لي كتاب أكثر من 400 صفحة اسمه "القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي" هناك قيم وأخلاق وهناك أحكام شرعية في البيوع وفي المعاملات وفي الملكيات وفي هذه الأمور كلها فلا بد أن تراعى هذه الأشياء حتى نحافظ على المال، وهكذا نجد في الإسلام تشريعات هائلة تخدم هذه المقاصد الأساسية. 

عثمان عثمان: مولانا في دقيقة واحدة وباختصار شديد ماذا لو أخل أحد بهذه المصالح أو بأحدها سواء كان فرد أو جماعة أو نظام أو تيار سياسي؟ 

يوسف القرضاوي: إذا أخل بها سيخل بحياته وبحياة المجتمع من حوله لأن هذه الأشياء إنما جاءت لتحفظ الناس تحفظ عليهم حياتهم، كلها حياتهم، وكل واحدة منها لها مكانها، الدين له مكانه، والنفس لها مكانها في حفظ الحياة، والعقل لا بد أن نحفظ عقول الناس لأنه إنسان لأنه يعقل ويفكر والعرض والمال والنسل، النسل يعني إيه؟ لتبقى إن أولادي من بعدي {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل : 72] فهذا كله يجب أن يتم وشيء آخر فقط حبيت أن أقوله ولكن ليس من الضروري أقوله الآن خليه بمرات أخرى. 

عثمان عثمان: إن شاء الله في حلقة أخرى بإذن الله، في الختام نشكركم مولانا سماحة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإضافة الطيبة كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح، وفي المتابعة والتنسيق عبير العنيزي وسائر رفيق العمل، وهذا عثمان عثمان يترككم في أمان الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.