صورة عامة- الشريعة والحياة- حلقة مفتوحة للعلامة يوسف القرضاوي
الشريعة والحياة

المواطنة والهويات المذهبية

تتناول الحلقة مبدأ المواطنة عندما يبرز بوصفه حلا للعديد من المشكلات التي من أبرزها الطائفية، إذ تكاد تشكل عنوان التحركات السياسية في بعض الدول بحيث تصبح الطائفة مقدمة على الدولة ويتم السعي لمصالح الطائفة وليس لمصالح الوطن والمواطنة.
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبا بكم على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة، يبرز مبدأ المواطنة بوصفه حلا للعديد من المشكلات التي من أبرزها الطائفية التي تكاد تشكل عنوان التحركات السياسية في بعض الدول بحيث تصبح الطائفة مقدمة على الدولة ويتم السعي لمصالح الطائفة وليس لمصالح الوطن والمواطنة، التي تؤسس لحقوق متساوية بغض النظر عن الدين أو العرق أو المذهب، والمواطنة تستبطن تصورات لدور الدولة ومساحات الهوية وعلاقة القانون بالدين والعرف والأخلاق، كما تعكس صور المشاركة واتخاذ القرار السياسي وطبيعة وحدود المسؤولية السياسية، فما مفهوم المواطنة؟ وما موقف الإسلام من المساواة بين أبناء الوطن المختلفين دينا؟ وهل تعني المواطنة تهميش الانتماءات الدينية؟ وما التغييرات التي يفرض قبول المواطنة إدخالها على الفقه الإسلامي؟ المواطنة والهويات المذهبية موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مرحبا بكم سيدي.

يوسف القرضاوي: مرحبا بك يا أخ عثمان.

مفهوم المواطنة ومقوماتها

عثمان عثمان: بداية، ما مفهوم المواطنة؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد، فقبل أن أجيب عن هذا السؤال لا بد لي من كلمة عما ذكر في ما حدث هذا اليوم من اقتحامات للمسجد الأقصى واعتداءات على حرماته من قبل اليهود الذين أسرفوا وغلوا في دعواهم حول هذا المسجد، وحاولوا أن يقتحموه بالقوة وأن يدخلوه بالعدوان ووقف المسلمون لهم، وهذا أمر يتكرر كثيرا ويحاول اليهود أن يضعوا له صيغا من الصيغ ودعوة من الدعوات تبيح لهم أن يدخلوا هذا المسجد بصورة أو بأخرى وهو ما يجب أن يتنبه إليه المسلمون ولا يجوز أن يغفلوا عنه، وحينما يتنبه المسلمون إلى هذا الخطر سيقفون وقفة رجل واحد ولن يمكنوا هؤلاء اليهود المعادين من الاقتراب من هذا المسجد، هذا خط أحمر شديد الحمرة وشديد الخطورة وأنبه هؤلاء اليهود أن يحذروا وأن يحذروا وأن يحذروا، وأقول للمسلمين استعدوا، جهزوا أنفسكم، المسلمون في غزة والمسلمون في الضفة، والمسلمون في مصر، والمسلمون في الأردن، والمسلمون في سوريا، والمسلمون في كل ما يحيط بهذا المسجد لا بد أن يرعوا حق هذا المسجد، ويذودوا عن حرماته ولا يسمحوا لأحد بالدخول فيه، هذا نذير من النذر الأولى وأحذر هؤلاء اليهود المسرفين والمدعين بالغرور الآثم، أحذرهم من أن يقتربوا من هذا الأمر، وإلا فإن الأمة لهم بالمرصاد ونحن الآن في ربيع عربي، الأمة لم تعد كما كانت من قبل، أمة نائمة هائمة على نفسها، الأمة تفتحت أعينها، الأمة استفاقت مشاعرها، الأمة استيقظت عقولها، الأمة تجمعت فيما بينها، فأحذر اليهود من الاقتراب من المسجد الأقصى ويا ويلهم ثم يا ويلهم..

عثمان عثمان: هل هناك من خطة ما لمواجهة هذا العدوان؟

يوسف القرضاوي: هناك طبعا خطة وهناك جماعات وهناك المسجد الأقصى، هيئات وهيئات وهناك الأمة كلها، كل الأمة مهيأة لهذا الأمر، الأمة فقط مشغولة بقضايا أخرى ولكن حينما يراد أن يقتحم المسجد الأقصى والأمة مشغولة بهذه القضايا هؤلاء واهمون، الأمة ستتنبه وتقف لهذا الأمر كل، بكل قواها..

عثمان عثمان: نعم، والآن نعود إلى سؤال..

يوسف القرضاوي: نعم.

عثمان عثمان: نتحدث عن المواطنة، ما مفهوم المواطنة بداية؟

يوسف القرضاوي: هو أولا أحب أن أقول، هذا الأمر كان يدور قديما حول المفاهيم الدينية وحدها، كان يدور حول أن هناك دولة تدرس وتحكم بالشريعة الإسلامية وأن هناك مسلمين يحكمون وهناك أقلية من غير المسلمين، كانوا يسمون الذميين أو أهل الذمة، ما معنى أهل الذمة؟ الذمة يعني العهد والضمان، لأنهم أهل عهد الله وعهد رسوله وعهد جماعة المسلمين، ليست الكلمة مذمومة كما يظن بعض الناس، بعض الناس الذمة كأنه بيأخذها من الذم أو، إنما ليس هذا هو المقصود، كان هذا هو الذي يعني، إسلام وأهل ذمة، وأهل الذمة داخلون في الحدود الإسلامية، ولكن المسلمون بجميع مذاهبهم، فقهاء المسلمين، أئمة المسلمين بكل اتجاهاتهم المذهبية قالوا إن أهل الذمة هم أهل دار الإسلام، ليسوا من أهل الملة ولكنهم من أهل الذمة، أهل الملة يعني أهل الدين الواحد وهؤلاء ليسوا من أهل الملة إنما هم أهل الذمة، أهل الذمة أهل الدار، هم ليسوا من أهل الملة ولكن هم من أهل الدار، هذا أجمع عليهم فقهاء المسلمين من كل مذاهبهم..

عثمان عثمان: ولكن عندما يثير هذا المصطلح حساسية عند البعض؟

يوسف القرضاوي: هذا مصطلح لا يثير أهل الدار لا يثير، أهل الملة هو اللي بيثير يقلك طيب إحنا مش من أهل الملة، فإحنا إيه موقفنا؟ نقلهم أنتم من أهل الدار لما نيجي نحلل أهل الدار هذه التي اتفق عليها الأئمة جميعا والمذاهب جميعا نجد أهل الدار يعني أهل الوطن، فكلمة أهل الدار يعني أهل الوطن فهم مواطنون باتفاق جميع المسلمين، وإذا كانت هذه الكلمة تحل المشكلة نحن نرحب بها، فيعني نحن لسنا عبيد ألفاظ، الألفاظ أحيانا بتعمل مشكلة، أحيانا، جاء بعض النصارى من نصارى بني تغلب لسيدنا عمر وقالوا يا أمير المؤمنين نحن قوم عرب ونحن نأنف من كلمة جزية، ونحن نريد أن تأخذ ما تأخذ منا بالصدقة أو وبالزكاة كما تأخذه حتى سندفع أكثر من المسلمين وفي أول الأمر توقف وبعدين الصحابة قالوا له شو؟ فقال هؤلاء القوم حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم، فإذا كان نحن الإنسان ينتمي لعدة انتماءات، يعني الواحد في أول ما بيولد ينتمي إلى والدته، يعرفها وبعدين بوسع شوية يعرف أبوه ويعرف أخواته يصبح الأسرة وبعدين يعرف الحارة وبعدين يعرف القرية اللي فيها وبعدين يعرف القرى اللي حوليه وبعدين يعرف المنطقة والمديرية أو المحافظة اللي يعيش فيها ويمكن يعرف في مصر مثلا يعرف الوجه البحري في مقابل الوجه القبلي الصعيد والبحر وما حوله وبعدين يعرف أهل مصر، في مقابلة غيرهم، يعرف أهل مصر والسودان أهل وادي النيل يعني ممكن يعرف أهل إفريقيا يعني ومقابل أهل آسيا، هذه كلها انتماءات، بعد شوية يعرف إن في أهل العروبة، الله، دي دليل القومية..

عثمان عثمان: دائرة أوسع..

يوسف القرضاوي: دائرة أوسع، الذين يشتركون معه في اللغة العربية والثقافة العربية وإن كانت أديانهم مختلفة يعني ما فهذه، وبعد شوية يعرف إن في ناس مشتركين معه في العقيدة، هم مسلمون فهم أيضا لهم حقوق، فالإنسان يعني له انتماءات كثيرة ورغم تعدد هذه الانتماءات لا يعارض بعضها بعضا، فما المانع أن أكون يعني مصريا؟ وأن أكون من وادي النيل وأن أكون إفريقيا وأن أكون عربيا وأن أكون إسلاميا وأن أكون بعد هذا كله إنسانيا أنتمي إلى الإنسانية..

عثمان عثمان: ربما هنا لا مشكلة ولكن المشكلة في أولوية هذه الانتماءات يعني أيها نقدم؟

يوسف القرضاوي: لا أولوية، أنا أنتمي إليها بالتساوي، أنا أنتمي إلى العربية كما أنتمي إلى المصرية، كما أنتمي إلى الإسلامية، كلها بالتساوي ليس هناك بعضها مفضل على بعض.

عثمان عثمان: ولكن هناك من يقول بأن الحركات الإسلامية تلح على فكرة الأممية الإسلامية، كيف يستقيم هذا مع مفهوم المواطنة؟

يوسف القرضاوي: ما المانع أنا كمسلم ألح على الهوية الوطنية، أنا أنتمي إلى وطني، أنتمي إلى قطر وأنتمي إلى مصر، وأنتمي إلى الجزائر، وأنتمي، أنتمي إلى هذا الوطن وأنتمي إلى الأمة، في ناس تريد أن أخرج من حيز الوطن الأصغر، لا تحوزنا هذه المنطقة الصغيرة عن انحيازنا إلى المنطقة الكبيرة، في ناس يظلون يعيشون في الحيز الأصغر وينفصلون عن الحيز الأكبر، هذا غلط، أنا ما، لا يجوز إنني أعتبر هذه الأشياء يعارض بعضها بعضا، أنا أنتمي إلى الوطن، في وطن أصغر اللي هو الوطن مثلا المصري، وفي وطن أكبر أو كبير الوطن العربي، وفي وطن أكبر اللي هو الوطن الإسلامي، هل هناك مانع من أن أنتمي إلى هذه الأوطان كلها؟ أنا أعرف لي وطن أصغر ولكن لي وطن أكبر منه باعتباري عربيا، لغتي عربية فأنتمي إلى هذا الوطن بحكم اللغة، وبحكم الدين أنتمي إلى وطن أكبر وأكبر من هذا كله فلا يجوز أن أقيم معارضة بين هذه الأوطان كلها وإذ اتسع بعضها عن بعض..

عثمان عثمان: إذن هناك تكامل ولا يوجد تناقض..

يوسف القرضاوي: هذا تكامل بالعكس ولا تتناقض.

عثمان عثمان: مولانا ذكرتم موضوع الجزية البعض ربما يخيفه هذا المصطلح، أو يثير لديه أيضا حساسية، هل الجزية يعني مسألة تاريخية ربما تجاوزها مفهوم الدولة الحديثة ذات المرجعية الإسلامية أم أنها هي مصطلح قائم بذاته حتى الآن؟

يوسف القرضاوي: الجزية في ذلك الوقت كانت من أجل مقاتلة الذين يعارضون الإسلام، هؤلاء الذين يعارضون الإسلام لا بد أن يقاتلهم الإسلام حتى يذعنوا له، فإذا أذعنوا له يقول لهم عليكم جزية لأن الآخرون مطالبون عليهم زكاة يدفعوا الزكاة، وعليهم من ناحية أخرى يدخلوا الجيش يدافع عن الأمة فإحنا مش هنخليك تدافع عن الأمة يعني في أول الأمر مش هنقول لك دافع عنا وإحنا بنقاتلك إنما بعد ذلك حينما تصبح الأمور في ثقة مبثوثة وفي اطمئنان إلى هؤلاء لم يعد مخوفين على أمن البلد فإذا دخلوا الجيش ليدافعوا عنه في هذه الحالة لا يجوز إني أنا أدخلهم الجيش ويتعرضوا للقتل والقتال والموت وبعدين أدفعهم جزية، في هذه الحالة لا، في مثل هذه الحالات تسقط الجزية إن من يدافع بنفسه وبدمه عن أرض الوطن يصبح شأنه شأن الآخرين ولا يجوز، إذا كان هنقول له بلاش هنأخذ منه بدل ما في وقت كانوا بياخدوا حتى من المسلمين بدل، يدفع عشرين جنيه في أول الأمر وبعدين إذا ما عادش في الدفعة الأولى يدفع مئة جنيه من المسلم ومن غير المسلم

عثمان عثمان: جزئية صغيرة وباختصار مولانا، موضوع هل تعتبر الضريبة مقابل التكافل الاجتماعي هي بديلة عن الجزية أيضا؟

يوسف القرضاوي: هل تعتبر إيه؟

عثمان عثمان: الضريبة التي تفرضها الدولة مقابل التكافل الاجتماعي هي بديلا عن الجزية في الدولة الإسلامية؟

يوسف القرضاوي: لأ.

عثمان عثمان: لا تعتبر كذلك.

يوسف القرضاوي: التكافل الاجتماعي شيء وإذا حبت تأخذ، تأخذ ضريبة مقابل الخدمة العسكرية هي تكون مدفوعة مقابل هذا إنما التكافل الاجتماعي له سبله الخاصة وطريقته الخاصة.

عثمان عثمان: نأخذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، السلام عليكم دكتور.

سيف الدين عبد الفتاح: السلام ورحمة الله، آهلا وسهلا أزيك يا شيخنا؟.

عثمان عثمان: حياكم الله.

يوسف القرضاوي: حياك الله يا دكتور..

عثمان عثمان: موضوع المواطنة دكتور موضوع المواطنة من أهم الموضوعات المطروحة في الفقه السياسي المعاصر بداية ما مفهوم المواطنة في الفكر السياسي؟

سيف الدين عبد الفتاح: هو طبعا مفهوم المواطنة من المفاهيم المهمة التي كانت في إطار المنظومة الليبرالية حينما أنتجت هذا المفهوم منذ القرن السابع عشر والثامن عشر، ولكن في حقيقة الأمر أن لهذا المفهوم ذاكرة يعني له ذاكرة تاريخية لا يمكن إطلاقا إن إحنا نعول على ورود اللفظ الذي يتعلق بالمواطنة، ولكن الحالة التي تتعلق بالمواطنة الظاهرة التي تتعلق بالمواطنة هي أسبق من المفهوم والمصطلح الذي ورد بعد ذلك ومن ثم وجب علينا دائما أن لا نقول أن مفهوم المواطنة هو احتكار ليبرالي أو أن مفهوم المواطنة يرتبط بالعلمانية هذا نوع من الخطأ الذي يرتكب حينما نربط بين المفهوم وبين هذه الأمور، يأتي بعد ذلك مفهوم المواطنة بعملية ترتبط بثلاث أجيال لمفهوم المواطنة، الجيل المهم الذي يرتبط بالمواطنة هو جيل يعبر عن المواطنة كمفهوم إنساني بمعنى انه ارتبط بالحقوق الإنسانية ومن ثم وردت كل هذه المواثيق التي تتعلق المغناكرتا وهذه المواثيق المتعارف عليها في تاريخ الفكر السياسي، وأيضا من المسائل المهمة جدا في هذا الإطار إن المواطنة بعد ذلك تحولت إلى وضع قانوني ودستوري وده ما يمكن تسميته بالرابطة القانونية ولذلك نجد أن لها تشكيلات كثيرة جدا منها المسائل التي تتعلق بالحقوق والواجبات القانونية بالمراكز القانونية بالمسائل التي تتعلق أيضا بالدور الذي يتعلق بالحقوق والواجبات ثم تحولت المواطنة بعد ذلك إلى وضع سياسي..

عثمان عثمان: دكتور يعني لو أردنا أن نناقش مفهوم المواطنة بكلمات لنقدمها للمشاهد.

سيف الدين عبد الفتاح: ما أنا زي بقول لحضرتك هل هو العضوية في جماعة سياسية ده كان المفهوم التقليدي، لكن الآن طرأ على مفهوم المواطنة تغيرين مهمين جدا التبدل الأول الذي طرأ على مفهوم المواطنة أنه أصبح مفهوم المواطنة يعبر عن علاقات تتعلق بما بعد الحداثة والكلام ده كله والتطور الثاني فيما يتعلق بالعولمة والناس دي الوقت بتتكلم عن المواطنة العالمية لكن اللي أنا أود أن أؤكد عليه بالنسبة لهذا المفهوم أن هناك مداخل متعددة للتعرف على مفهوم المواطنة من خلال المنظور الإسلامي، وهنا مسألة مهمة جدا إن إحنا نعتبر أن هذا المفهوم يمكن أن يبنى بمداخل متعددة، أول مدخل هو المدخل الذي يتعلق طبعا شيخنا الشيخ يوسف القرضاوي وأستاذنا أكيد تكلم وسيتكلم عن الموضوع المهم الذي يتعلق باعتبار الوثيقة تأسيس وتأصيل لمفهوم المواطنة نحن نتحدث عن تنوع وتعدد فيما يمكن تسميته في المراكز القانونية والسياسية داخل مجتمع المدينة النبي عليه الصلاة والسلام كان يحدد هذه المراكز القانونية والسياسية.

عثمان عثمان: دكتور يعني باختصار هل تعني المواطنة بشكل من الأشكال تهميش الانتماءات الدينية فتصبح الأولوية وطنية؟.

سيف الدين عبد الفتاح: يعني الآن ليس على هذا النحو دائما نحن نأخذ المفاهيم باعتبار أنها متضادة الفرد في مواجهة المجتمع، الإنسان في مواجهة أشياء أخرى لا، المسألة ليست هكذا المسألة هو الوضع القانوني الذي يقوي الدور الذي يتعلق بالمواطن في العملية السياسية ويقوم على ثلاث حاجات المشاركة، والتمكين، والتمثيل..

عثمان عثمان: شكرا..

سيف الدين عبد الفتاح: يعني لازم أن هذه المسألة، أنا كنت برضة بس عايز أضيف نقطة واحدة..

عثمان عثمان: تفضل.

سيف الدين عبد الفتاح: النقطة تتعلق بإزاي ممكن نصوغ مفهوم للمواطنة من خلال مدخل المقاصد لان إحنا نتكلم عن حفظ الدين وحفظ نسل وحفظ عقل وحفظ مال وكل هذه الأشياء هذه مداخل لتأسيس مفهوم المواطنة تأسيسا حقيقيا وكمان لا بد وأن نؤكد على حديث السفينة لأن حديث السفينة للنبي عليه الصلاة والسلام يؤكد أيضا على مفهوم استطيع أن اسمية مفهوم المواطنة السفونية.

عثمان عثمان: شكرا الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة كنت معنا من القاهرة، مولانا نتابع بعد الفاصل إن شاء الله.

يوسف القرضاوي: وأنا بحب أقول ما ذكره الدكتور عبد الفتاح من بعض الناس يعتبر المواطنة دي كأنها ضد الدين هذا ليس صحيحا المواطنة ده شيء فطري كل إنسان له وطنه ويحب وطنه ويحن إلى وطنه ويشتاق إليه ويتحدث عنه بالشعر ويتغنى به كما روي في الصحابة بعد الهجرة لما كان سيدنا بلال يتحدث عن:

كما قال الشاعر:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيـلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَـنَّةٍ وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ

إلى أخره فالوطنية فطرة يعني الإنسانية والإسلام يقر هذا تغني الشعراء بأوطانهم هذا شيء فطري وطبيعي وليس من الإسلام أن ينكر الأشياء الفطرية والطبيعية إطلاقا.

عثمان عثمان: نتحدث بعد الفاصل مولانا عن التأصيل الشرعي لمفهوم المواطنة فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي نتحدث فيها عن المواطنة والهويات المذهبية مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مولانا يعني قبل أن نؤصل المفهوم الشرعي للمواطنة يعني المواطنة هل تعني هي الارتباط بالأرض، الارتباط بالمجتمع، الارتباط بالسلطة القائمة على هذا المجتمع الذي تديره؟

يوسف القرضاوي: الارتباط بالأرض، المواطنة معناها الارتباط بالوطن بالأرض ففكرة التقسيم على أساس مكاني يعني وهذا لا ينفيه الإسلام، الإسلام يقر أن الناس مرتبطين بأوطانهم ولذلك حتى في التقسيمات يقسم الزكاة يعني توضع في مش توزع على العالم لا، إقليم إقليم، الأقاليم بعضهم يعملوها بمسافة قصر وبعضهم في الإقليم وهكذا فالارتباط بالإقليم هذا أمر شرعي لا شيء فيه الذي يعني نخشاه من عملية المواطنة أن يكون مرادا بها يعني إهمال الشريعة إن يعني رفض الدولة الإسلامية أن يكون للدين أي صلة بالدولة هذا مرفوض لأن المفروض في أي دولة تكون في مجتمع مسلم أن تكون دولة إسلامية ما معنى دولة إسلامية؟ يعني الشريعة فيها لها حكمها نحن نرفض يعني الدولة الدينية أن تكون دولة دينية دولة المشايخ أو الملالي أو لا، هي دولة يعني يقودها الناس العاديين ولكن مرجعيتها إسلامية، المرجعية إسلامية وهذا تقره الدساتير يعني حتى الأشياء التي قامت قبل الدستور في مصر كانوا كلها تأخذها المادة الثانية من الدستور المصري يعني دين الدولة الإسلام وإن الشريعة هي مصدر القوانين وهذه أشياء لا بد أن يتفق الناس عليها ومع هذا ليست دولة خالية من الدين دولة تنزع الدين دولة لا دين لها لا هذا مرفوض، لا نقبل دولة لا دين لها دولة لا بد أن يكون احترامها للدين وأن ترجع إلى قواطع الشريعة الإسلامية وان تحكمها في حياتها هذا ما يرده الناس وإلا لم يكن مجتمعا مسلما الله تعالي يقول:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴿٤١﴾}[ الحج: 40-41] فهذا ما نريده نحن لا نريد يعني دولة دينيه سقراطية يعني لا ويعني ولا نريد دولة لا دينيه، لا، نحن نريد دولة له ارتباط بالإسلام وبشرائعه الإسلام وبقطعيات الإسلام في العقيدة والشريعة والأخلاق والآداب والمعاملات هذا أمرا مقطوع به ولا تنازل عنه.

وثيقة المدينة المنورة وأسس المواطنة في التاريخ الإسلامي

عثمان عثمان: البعض رأى أن دستور المدينة الذي عقد بين المسلمين وغير المسلمين من اليهود بعد الهجرة النبوية يعكس مبدأ المواطنة في الإسلام حيث انطلق من تنظيم الدين إلى تنظيم الدولة من جماعة إلى تكوين شعب يعني كيف نقرأ دستور المدينة هنا؟.

يوسف القرضاوي: نقرأه واضح 46 مادة كلها واضحة على إن آل ياسر لهم كذا، أن المهاجرين لهم كذا بني فلان من الأنصار لهم كذا من الخزرج من الأوس وبنو فلان من اليهود وكل هؤلاء لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم في الأمور كلها فكل هذا المجتمع بطوائفه الإسلامية واليهودية كلهم شركاء في هذا الدستور ولذلك هذا يعتبر أساسا في عملية المواطنة والاشتراك في المواطنة، فنحن نؤمن بهذه الصحيفة وبهذا الدستور الذي اقره النبي صلى الله عليه وسلم واتفق عليه المسلمون واليهود وأصبح وثيقة واجبة التعامل فيما بينهم.

عثمان عثمان: تؤسس لمبدأ المواطنة لكن المستشرق برنارد لويس يقول: انه لا يوجد مرادف لكلمة مواطنة في اللغة العربية وان هذا المفهوم غريب عن الإسلام؟.

يوسف القرضاوي: لا هو نفس ما أقره أئمة المسلمين أن أهل الذمة هم أهل الدار هم أهل دار الإسلام لما تيجي تفسر أهل دار الإسلام يعني إيه؟ يعني المواطنين من غير المسلمين أنك مواطن في هذه الدار لست غريبا عنها ولست دخيلا عليها فما يقوله ليس صحيحا هو معناها أنهم أهل الدار.

عثمان عثمان: يعني حينما نقول مولانا أن المواطنة من الإسلام يقول البعض هذا أسلم لنموذج الدولة الحديثة فالسلطة مدنية المرجعية للدستور العلاقة ما بين المسلمين رابطة مواطنة إلى غير ذلك ماذا تبقى من فكرة الدولة الإسلامية هنا؟

يوسف القرضاوي: الدولة الإسلامية كلام ولا عمل؟ المهم الدولة إسلامية تتحقق بمفاهيمها، بحقائقها، بأعمالها الدولة الإسلامية تقيم مبادئ في الحرية، في المساواة، في التكافل الاجتماعي، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في إقامة كذا وكذا هذه الدولة هي تقيم من أقام هذا الدولة الإسلامية نحن عبيد كلامات فقط في الهواء إحنا المهم أن يكون عندنا أشياء تنفذ بالفعل لإقامة مبادئ الإسلام، ومقررات الإسلام، في الحياة الدينية في الحياة الأخلاقية، في الحياة الاجتماعية، في الحياة تقام هذه المبادئ إذا قامت مرحب بها إنما إذا عملت لي فرقعات وأشياء ولكن لم نجد عملا حقيقيا هذا ليس هو الإسلام.

عثمان عثمان: البعض أيضا يقول انه في الكتابات الأولى لحسن البنا تقديس لرابطة العقيدة على حساب رابطة الأرض المواطنة ويعني ذلك تقويضا فعليا للأساس الذي تقوم عليه الدولة الحديثة هل ذلك صحيح؟.

يوسف القرضاوي: حسن البنا بالعكس كان من أسهل الناس في قضية الوطنية يعني يتكلم عن وطنية الحنين، وطنية الفتح، وطنية المجد، وطنية كل أنواع الوطنية واستشهد لها بسير نبوية وبأحاديث الصحابة وبأشعار الصحابة، وبين إنما كون الوطنية مثلا تحاول أن توجد لها مبادئ من الجاهلية المصرية أو الجاهليات الأخرى هذا ما نفرضه إنما تحدث عن مصر وموقف مصر من الإسلام وحملها راية الإسلام والدفاع عن الإسلام قرونا دافعت الصليبيين ودافعت التتار وانتصرت على التتار في معركة عين جالوت من الذين انتصر في عين جالوت هم المصريون الذين لم يقم للتتار بعدهم أي قائمة، وذكر اهتمامه بمصر وعنايته بتاريخها وبأنها بتمثل الدفاع عن الإسلام واحتضان اللغة العربية واحتضان للثقافة العربية واحتضان العلوم الإسلامية وهذا موقف حسن البنا في رسالته المعروفة.

عثمان عثمان: وماذا عن عقيدة الولاء والبراء التي هي عقيدة دينية هل تتعارض وتتناقض مع مفهوم المواطنة؟.

يوسف القرضاوي: الولاء والبراء، في الولاء والبراء له معاني بعضها مقبول وبعضها مردود، المقبول منها الولاء للإسلام وأمته ودعوته وثقافته والعداء لمن يعادون الإسلام هذا أمر مقبول والقرآن قرره في أشياء كثيرة ولكن بعض الناس يعني يأخذون أن الإسلام مجرد دين، لا الإسلام باعتباره حضارة وثقافة ودعوة عالمية كبيرة يجب أن نقبل هذا الإسلام ونرفض من يرفض هذا الدين والقران يعني يتكلم في هذا يعني كثيرا { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿١٣٨﴾ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴿١٣٩﴾}[النساء: 138-139] لا هذا مرفوض {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا }[النساء:144] وتكرر هذا في القران الكريم { لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ }[ آل عمران:28].

حكم الموالاة بين المسلمين والكافرين

عثمان عثمان: هل منع الموالاة بين المسلمين والكافرين مطلق أم مقيد؟

يوسف القرضاوي: كل شيء مقيد بقيود إنما الموالاة بين المؤمنين والكافرين ما معنى الموالاة بين المؤمنين والكافرين أن توالي أهل الإيمان وتجافي أهل الكفر، أهل الكفر بعض الناس يظن أهل الكفر يعني كل من ليس بمسلم تعاديه، ليس صحيحا وإلا ما أجاز الإسلام للمسلم أن يتجوز غير المسلمة كتابية يجوز له أن يتزوج نصرانية ويجوز له أن يتزوج يهودية فعلى هذا الصحابة وتزوج المسلمون من غير المسلمات والقران يعني أوضح هذا في سورة المائدة{ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[المائدة:5] فهذا يجوز للمسلم أن يتزوج غير المسلمة وغير المسلمة في هذه الحالة ألا يودها بعض الناس يفهم من قوله تعالى:{ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[ المجادلة:22] يعني يودون الكفار لا مش يودون الكفار من حاد الله ورسوله أي من حارب الله ورسوله وعادى الله ورسوله..

عثمان عثمان: إذن منع الموالاة هنا مع المحاربين من الكافرين.

يوسف القرضاوي: من يحاربون المسلمين إنما المسلمين اللي تتزوج منهم تصبح المرأة امرأتك وأم أولادك وآباؤها وأمهاتها أجدادا لهم وأخواتها عمات لهم أو أخوالا لهم أو خالات فهذا أمر جائز فلا بد أن نعرف المراد من هذا المقصود من العملية هذه أن الإسلام أجاز للمسلم أن يبرأ من عمل المسلم مش يبرأ منه أن يبرأ من عمل المسلم { وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}[ يونس:٤١] وجاء في آيات كثيرة براءة المسلم من عمل المسلم أنما الأشخاص المفروض أن الإنسان العقيدة الإمام احمد سئل عن الولاء والبراءة فقال أن مثل هذه بدعة إن الإنسان الولاء لفلان أو البراءة من فلان هذه بدعة من البدع ولذلك ليس مقصودا أن الإنسان يضع في عقيدته أن يولي فلان وفلانا وجماعة فلان ويبرأ من جماعة، لا ليس هذا…

عثمان عثمان: أليس المؤمنون أولياء بعض؟.

يوسف القرضاوي: المؤمنون يوالون بعضهم والمؤمنات {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة: 71] هذا يوالي المسلمون بعضهم بعض هذه حقيقة دينية وقاعدة من القواعد الأساسية ولا يجوز التفريط فيها وما ضيعه المسلمون هذه الحقائق أن يكون المسلمون بعضهم أولياء بعض يوالي بعضهم بعضا ويكون بعضهم لبعض كالبنيان المرصوصة في بعضه بعضا ويكره الذين يعادون الإسلام هذا أمر لا خيار فيه أبدا.

مفهوم الولاء والبراء داخل الدولة الواحدة

عثمان عثمان: كيف نترجم مفهوم الولاء والبراء داخل الدولة الواحدة، داخل الوطن الواحد مع كافة الطوائف والمذاهب الموجودة بالتراحم، بالود، بالمحبة؟.

يوسف القرضاوي: بالتواد، وبالتعاطف، وبالتراحم، وبالتكافل وبالسؤال عن الآخرين وبأن أكون معهم في مغارمهم أن أعينهم في مصائبهم أن أكون فحتى بعض المسلمين أجاز دفع الزكاة لغير المسلمين وهذا حتى ورد عن سيدنا عمر لما وجد رجل يسأل وقال ما أنصفناك إذا أخذنا منك الجزية شابا وأهملناك شيخا افرضوا له ولأمثاله من بيت مال المسلمين، وقرأ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}[التوبة:60] قال هذا من مساكين أهل الكتاب وهناك فئة من الفقهاء يجيزون دفع الزكاة لغير المسلمين فهذا مما توسع فيه المسلمون وتسامحوا فيه.

عثمان عثمان: هناك بعض الأسئلة على صفحة البرنامج على الفيسبوك أحدهم يسأل كيف للمسلم في الغرب أن يجمع بين المواطنة وولائه لوطنه وبين انتمائه العقائدي لأمته ودينيه؟

يوسف القرضاوي: نحن نادينا المسلمين خصوصا في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث منذ بدأ هذا المجلس ونحن دائما ندعو المسلمين إلى الاندماج والانفتاح، اندماج مع الآخرين وانفتاح مع الآخرين، بحيث هذا الاندماج لا يؤدي إلى أي أنك تندمج اندماج يضيع هويتك وتنسى عقيدتك خالص لا هذا لا يجوز ولا انفتاح يعني أيضا بحيث تصبح معهم كواحد منهم ليس لك يعني عقيدتك الخاصة ولا أخلاقياتك الخاصة ولا عباداتك الخاصة ولا آدابك الخاصة هذا لا يجوز إنما نحن معهم نؤثر فيهم وندعوهم ونختلط بهم ونشاركهم في حياتهم، ولكن مع احتفاظنا بهويتنا فهذا ما نتمسك به وندعو إليه ونظل ندعو إليه وإلى الآن ندعو إليه الغربيين والأوروبيين والأميركان وكل الأقليات الإسلامية ندعوها إلى هذا الأمر نحن معها ولكن لا نضيع ديننا وهويتنا من أجل ذلك نحتفظ بإسلامنا ولكن نحن معهم بأخلاقنا وخيراتنا وإمكانياتنا كلها لنبني معا ونعمل معا.

عثمان عثمان: السيد عبد الرحمن الشمالي يسأل في هذا الإطار أيضا كيف نوفق بين المواطنة وحديث النبي عليه الصلاة والسلام (( أنا بريء من كل مسلم يعيش بين ظاهرني مشركين))؟.

يوسف القرضاوي: هذا الحديث يعني وإن كان فيه كلام في ثبوته إنما حتى لو أخذناه ليس معناه أن نعيش معهم ولكن إذا عاش معهم بالشروط المطلوبة ويعيش معهم يعني معناها أنه سايب لا دين له ولا مرجعية له ولا هوية له هذا لا يجوز، إنما يعيش معهم بأخلاقه بانتمائه بهويته الإسلامية هذا أمر مطلوب من كل مسلم كل مسلم يذهب إلى بلد هو معه هويته الأصلية وهو كل مسلم داعية ليس الدعوة منوطة بمجموعة من الناس دون الآخرين كل مسلم مأمور بقوله تعالي {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[ النحل: 125] كل مسلم مطلوب بقوله تعالى يعني الآية الكريمة {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[ يوسف: 108] فكل من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو داع إلى الله وداع على بصيرة فعليه أن يدعو غير المسلمين..

عثمان عثمان: يعني هذا الحديث..

يوسف القرضاوي: هو صاحب دعوة لا بد أن يدعو الآخرين إلى دعوته.

عثمان عثمان: طيب هذا الحديث يعني هل مرتبط بالمناسبة التي قيل بها يعني أنا بريء من دم المسلمين الذين يعيشون بين ظاهري المشركين..

يوسف القرضاوي: كان لها ظروف معينة يعني واحد قتل وكذا فله ظروف معينة.

عثمان عثمان: نعم، سؤال أخير مولانا ربما الوقت أصبح ضيقا دقيقتان أو ثلاثة، المواطنة تقتضي المساواة بين جميع أبناء الوطن الواحد بين المسلم وغير المسلم هل يحق بالدولة التي فيها انتماءات مذهبية وطائفية متعددة أن يكون رئيس الدولة غير مسلم؟

يوسف القرضاوي: رئيس الدولة المسلمة يجب أن يكون مسلما هذا يعني…

عثمان عثمان: ألا يتناقض مع مفهوم المواطنة؟

يوسف القرضاوي: الأصل أن يكون الجميع سواء ولكن في الدولة المسلمة يجب أن يكون الإمام قدوة للمسلمين أول واحد يصلي كيف تطلب من غير المسلم أن يصلي الإمام هو الرئيس هو الإمام الأعظم والمفتي الأعلم والقاضي الأحكم كما يقول الإمام القرافي فهذا هو شأن الإنسان المسلم هو الذي يؤم الناس في الصلاة هو الذي يقضي بين الناس في الشريعة هو الذي يفتي الناس في حياتهم هذا هو الأصل فكيف أنا اجعل غير المسلم هو مطالب بهذا، المسلم هو المطالب هو المأمور أن يكون هو القدوة للناس هو إمام الناس إمامهم يعني إيه؟ معنى الإمام يؤتم به يقتدي به يكون في حياته أسوة للآخرين.

عثمان عثمان: نتحدث هنا ربما عن البلد التي فيه أكثرية ساحقة من المسلمين لكن ماذا عن البلدان التي فيها تساوي بين أعداد المسلمين وغير المسلمين.

يوسف القرضاوي: نتكلم عن بلد مثل مصر فيها مثلا 6% أو حاجة من الأقباط أو أقل من ذلك فهؤلاء يجب أن يكون رئيسهم مسلما هذا طبيعي وبعد ذلك المرشحون كلهم يعني مسلمون بطبيعة الحال فهذا يعني أمر واجب ولا ينبغي الكلام فيه يعني…

عثمان عثمان: حتى لم نر أحدا ترشح من غير المسلمين في مصر الدولة التي..

يوسف القرضاوي: شيء طبيعي..

عثمان عثمان: الدولة التي فيها طوائف متعددة ومذاهب متعددة فيها مسلمون وغير مسلمين يتنافس على الرئاسة أكثر من شخص من أكثر من طائفة.

يوسف القرضاوي: نعم؟

عثمان عثمان: يعني بلد فيها أكثر من طائفة وفي تساوي هنا في العدد.

يوسف القرضاوي: يعني إذا تساوى ممكن يكون من مسلمين ومن غير المسلمين في هذه الحالة والناس تختار من هو أكفأ ومن هو أقرب إليهم الانتخابات التي فيها حرية فهذا غير البلد الذي يكون أغلبيته الكبرى فيها من المسلمين.

عثمان عثمان: في ختام هذه الحلقة أشكركم مولانا فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفادة الطيبة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل وهذا عثمان عثمان يترككم في آمان الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.