الشريعة والحياة

الحاكم والشعب.. منظومة الحقوق والواجبات

يستضيف البرنامج الأمين العام السابق للحركة السلفية في الكويت الشيخ حامد العلي ليتحدث عن تأسس شرعية الحاكم في الشريعة وما وظائفه ومسؤوليته؟ وما مكانته وصورته؟ وكيف تتحدد علاقته بالشعب ضمن ثنائية الحقوق والواجبات؟
‪يوسف خطاب‬ يوسف خطاب
‪يوسف خطاب‬ يوسف خطاب
‪حامد العلي‬ حامد العلي
‪حامد العلي‬ حامد العلي

يوسف خطاب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، "الحاكم والشعب.. منظومة الحقوق والواجبات" قال الله تعالى على لسانٍ بلقيس ملكة سبأ { قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ}[النمل:32] على ماذا تتأسس شرعية الحاكم في الشريعة؟ وما وظائفه ومسؤوليته؟ وما مكانته وصورته؟ وكيف تتحدد علاقته بالشعب ضمن ثنائية الحقوق والواجبات؟ الحاكم والشعب ومنظومة الحقوق والواجبات موضوع حلقة اليوم من الشريعة والحياة مع الشيخ حامد العلي الأمين العام السابق للحركة السلفية في الكويت فضيلة الشيخ أهلا بكَ.

حامد العلي: حياكم الله.

شرعية الحاكم في الفقه الإسلامي السياسي

يوسف خطاب: وحياكم، نبدأ أولا بالمحور الأول فيما يتعلق بشرعية الحاكم على ماذا تنبني هذه الشرعية والنظام السياسي تبعا لذالك فيما يتعلق بأصولها في الفقه الإسلامي السياسي؟

حامد العلي: بسم الله الرحمن الرحيم دعنا نبدأ أولا  بحمد الله تعالى  ونشهد أن لا اله إلا هو والصلاة والسلام على نبينا محمد شاهدين لهُ بالرسالة وأنه عبد الله ورسوله والترضي على أصحابه وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، كما أنه ينبغي لنا ونحن نبتدئ ونذكر هذا الموضوع العظيم أن نقدم تحية إجلال وإكبار لهذا الصمود الأسطوري للشعب السوري لأنه في نطاق حقوق الأمة ومواجهة الطغيان ورفض أن يكون الحاكم مستبداً طاغيا، والشعب لا يصنع شيئا تجاه هذه الكارثة التي تقع عليه فلا شك أن هذا الذي قدمه الشعب السوري يعتبر أكبر مدرسة لما قدمته حضارتنا لرفض الطغيان من تضحيات عظيمة،  أما بالنسبة  لهذا الموضوع لا شك انه موضوع خطير جدا وفي غاية الخطورة والأهمية مع إننا ينبغي أن نعترف أنها من جملة ما فينا إننا نحن لا زلنا أصحاب الحضارة التي أسست المبادئ السياسية الحقة التي انتهى إليها الآخرون في الغرب والشرق ، من العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين السلطة والشعب أن نحنا لازلنا نناقش هذه القضية ونحتاج أن نرفع من وعي شعوبنا في هذا الموضوع الذي هو يشكل أهم منحى من مناحي حضارتنا، لكن لا حول ولا قوة إلا بالله نعترف إننا حنا أصبحنا منذ مدة طويلة شعوب همل أصفار لا قيمة لها مهملة، ليس فقط لا تتحرك لحقوقها في بعض المرات لا تعرف حقوقها، وأحيانا تخاف أن تطالب بحقوقها إلى ما قبل الربيع العربي يعني الآن لما بدا الربيع العربي بدأت تتشكل الحضارة الإسلامية من جديد وتبرز أهم مبادئها الحضارية التي قدمتها للعالم..

يوسف خطاب: العيب في الحاكم أم المحكوم يعني فيما نحن فيه الآن من بعد عن المنهج وعدم استقرار حتى على قراءة المبادئ والأصول الأولية سواء في الدين أو في الحضارة العربية والإسلامية على من يقع العيب على الحاكم أم على المحكوم؟

حامد العلي: الحاكم استبد وطغى لأننا حنا قصرنا في مواجهة الطغيان، على كل حال دعنا نؤجل هذه النقطة لكن أتكلم عن واقعنا المرير يعني انظر إلى مثلا ما يحدث في سوريا، الذي يحدث يصير كارثة هذا اللي تقع كل يوم مئات الشهداء وتدمر المدن وتقتل الأطفال وترمل النساء تقتل وتعذب النساء يعني أعداد مهولة جدا من الضحايا في كل يوم، والأمة العربية تتفرج لأن شعوبها لا تستطيع أن تفعل شيئا وأنظمتها متقاعسة ومتخاذلة هذا واقع يعني عندما تتخلى الأمة عن حقها  في إدارة شؤونها وعن حقها في أنها تملك السلطة بالأصالة تحدث مثل هذه الكوارث، مليون الذي قتل فـ العراق واحتلال العراق قبل ذلك في أفغانستان، فلسطين عبر التاريخ.

يوسف خطاب: كي نكون أكثر تحديدا لنوضح الصورة  بالنسبة لعقلية المشاهد العربي الذي يشاهدنا أنا كمواطن عربي أريد أن أسمع من فضيلتكم كلام محدد ما هي الأسس التي حينما افتح الانترنت مثلا أو ابحث عن كتاب معين أحاول أن اقرأ فيه نقاط معينه تؤكد لي ما ينص عليه ما يشير إلى شرعية الحاكم ما يجعلني مقتنع بأن هذا الحاكم هو حاكم عادل يقوم بمهامه ووظائفه على أكمل وجه أم انه يحيد عنها.

حامد العلي: كلها تبدأ من هذا السؤال، هل نحن امة ذات رسالة أم نحن كائنات حية نأكل ونشرب ونضرب بالهراوات إذا خرجنا عن مسار الحظيرة لأنه مالكنا يريد أن يؤدبنا ويدهن الحظيرة! إذا حنا كنا امة ذات رسالة كما قال الله سبحانه تعالى كنتم  يعني الله سبحانه و تعالى لم يكتف بأننا امة ذات رسالة بال قال انتم امة أنتم خير امة حملت رسالة في التاريخ البشري {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] لجميع الناس ورسالتكم القيمية تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله تنشرون الإصلاح وتحاربون الفساد على أساس الإيمان بالله تعالى فإذا حنا امة ذات رسالة فعلى هذا ينبغي أن نبني ما يلي: ما هي رسالتنا؟ رسالتنا بناء حضاري قيمي، بناء حضاري قيمي ليس فقط نظريات نقولها وفلسفة، البناء الحضاري القيمي يحتاج إلى شيئين: منظومة قيم نحملها وقوة، لأن منظومة القيم بدون قوة لا تتحول إلى واقع،  هذه سنن الله سبحانه وتعالى يعني هذا الآن أصبح مسلما، منظومة القيم والقوة التي تحميها وكذلك تحملها للبشرية هذه بدون نظام سياسي فعال مكافئ لأنظمة العصر يستطيع أن يترجمها إلى واقع لا يمكن أن تصبح واقعا إذن أصبحت حضارتنا بدون نظام سياسي عديمة الفائدة.

يوسف خطاب: أليس غريبا فضيلة الشيخ أن يقال على لسان واحد من أقطاب الدعوة السلفية في دولة الكويت وفي منظفة الخليج أن يقول نظام سياسي فعال وليس نظام إسلامي ولا يقوم على الخليفة وما إلى ذلك.

حامد العلي: لا يوجد اختلاف، النظام السياسي الفعال هو النظام الإسلامي إذا فهمناه فهماً صحيحاً.

يوسف الخطاب : يعني نحن نطابق ما وصل إليه الغرب من أنظمة وتشريعات وما إلى ذلك على ما هو موجد في الدين لدينا.

حامد العلي: نعم حضارتنا فيها قسمين: تعبديات فهذه لا تبني على القياس، الله سبحانه وتعالى تعبدنا بها ويحاول العلماء أن يكتشفوا المناص بينها وبين الواقع ومعاملات، المعاملات  أصل  مبنية جوهرها على أنها آخر ما يمكن أن يتوصل إليه البشري عندما يتطور من مبادئ صالحة لإقامة العدل ومحاربة الظلم وإقامة الصلاح وتقنين الفساد.

يوسف خطاب: فضيلة الشيخ هناك من يقول ومن يرى أن القرآن والسنة المطهرة لم ينص على واجبات الخليفة أو الحاكم.

حامد العلي: بالعكس أول شيء الله سبحانه وتعالى ذكر أن الرسل جميعا يعني ذكر أن مبدأ العدل يعني أول واجباته  الحين في الإسلام أول واجبات الأمام العدل لأن العدل هو القيمة المطلقة فـي الحضارة الإسلامية التي لا تقبل أي استثناء مطلقا، النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) يضرب مثلا بالعدالة المطلقة الصارمة التي لا تقبل الاستثناءات فإذن أول مهمة له الله سبحانه وتعالى قال: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد:25] إذن أصل مهمة الرسل كلهم وإنزال الكتب عليهم والميزان الذي هو القياس، إلحاق النظير بنظيره، كل هدفها واحد ليقوم الناس بالقسط لإقامة العدل بالأرض ولهذا لما ذهب ربيعة بن عامر يعرض الحضارة الإسلامية فـي  القادسية  للقائد الفارسي قال: ما الذي جاء بكم، قال: جئنا لإخراج الناس من عبادة العباد لعبادة رب العباد، مبدأ الحرية ليس لأحد من البشر أن يستعبد الناس لأنهم عبيد لله سبحانه وتعالى؛  ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار)) يعني هذا المبدأ الحضاري الذي ارسي حضارتنا إنا حنا رفضنا أن يستعبد احد في الأرض، وجئنا لنخرج الناس من  جور الأديان إلى عدل الإسلام  وجئنا لنخرج الناس من ضيق الدنيا  إلى سعة الدنيا والآخرة، فالشاهد العدل، ولهذا الله سبحانه وتعالى قال مختصرا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم {قُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ}[الشورى:15] أول ما أمر الله به {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى}[النحل:90] ولهذا {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}[النساء:58] اختصر النظام السياسي في هذين الأمرين.

يوسف خطاب : على أية حال فضيلة الشيخ نتوقف مع فاصل قصير ونعود بعده مشاهدينا الكرام لمتابعة بقية هذه الحلقة مع الشيخ حامد العلي الأمين العام السابق للحركة السلفية في الكويت ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

الضوابط الشرعية للخروج على الحاكم الجائر

يوسف خطاب: من جديد أهلا بكم مشاهدينا الكرام وهذا اللقاء مع الشيخ حامد العلي الأمين العام السابق للحركة السلفية بالكويت، فضيلة الشيخ فيما يتعلق بشرعية الحاكم والنظام السياسي الذي يرأسه متى تزول هذه الشرعية؟

حامد العلي: إذا عرفنا من أين يكتسب الشرعية أولا سنعرف كيف تزول؟ ومتى تزول؟ ثلاث قواعد تحكم النظام السياسي الإسلامي، الأول أن السلطة للأمة هي صاحبة السلطة بالأصالة والحاكم وكيل عنها وهذا باتفاق الفقهاء، ولهذا لم يتطرقون إلى أنه إذا أراد أن يعزل نفسه، قل له أن يعزل نفسه لأنه وكيل، إن كان وكيل يعني كل وكيل يعزل نفسه وبالتالي الوكالة هذه توصلها النقطة الثانية أو المبدأ الثاني وهو أن العلاقة بين السلطة وبين الشعب أو بين الحاكم والمحكومين علاقة عقد يتضمن شروط، وهذه الشروط في هذا العصر كما سنذكر،إن تطرقنا إليه، الوسائل العصرية، الأصل فيها في الإسلام أنه يستفاد منها فإما أن تدخل في باب المصالح  فتكون واجبة أو مستحبة إذا أدت إلى إصلاح أحوال العباد، فإذا كان عقداً مشروطاً فحين إذن لا بد أن يكون مكتوباً بشروطه فيحدد مهام السلطة وحقوق الشعب وواجبات السلطة وواجبات الشعب، بحيث إذا خرجت السلطة عن الشروط  فقد العقد فائدته، وحين إذن لا بد أن يكون هناك من الشعب مقابل فقدان هذا الشرط، ليس بالضرورة أن يكون هذا الموقف عنفاً لكن لا بد أن يكون لأننا بيننا وبينك عقد، فإذن النقطة الثانية أن العلاقة بين الشعب والحاكم علاقة بين اثنين يذكر فيها الشروط ويوضع فيها الدستور مكتوب وتصوت عليه الأمة بحيث يكون كل واحد يعرف موقعه وحقوقه وواجباته، النقطة الثالثة أنه ما أشرت إليه قبل قليل أن جميع الوسائل التي تحسن أداء الدولة وتوصل الحقوق إلى الشعب وتحدث توازن بين السلطة وبين الشعب بحيث تحدث بذلك مصلحة عامة للأمة أن الأصل فيها المشروعية كما ذكرت قبل قليل سواء كانت من المسلمين أم غير المسلمين، لم تزل حضارتنا عبر القرون تستفيد مما هو جديد من جهد بشري لتحسين أداء الدولة والآن في هذا العصر لا شك ولا ريب أن صناعة القرار أصبحت معقدة جداً من جهتين؛ من جهة أنها تتناول ملايين البشر، ملايين الأحداث، آلاف القضايا، من جهة أن الخطأ يترتب عليه تبعات هائلة جداً تتناول حياه الناس، الدولة الآن ليست كما كانت في السابق، الدولة الآن تدخل وتتدخل في كل شيء، والإنسان يحتاجها في كل شيء، ربما الخطأ في صناعة قرار ينتج عنه هلاك الملايين أو الآلاف أو المئات، المستشفى تكون غير صالحة يموت فيها الناس، قرار من وزير الصحة قد يؤدي إلى هلاك بسبب فيروس لم يستطع أن يكافحه بطريقة صحيحة إلى آخره، أمثلة كثيرة جداً، وبالتالي عندما يصبح القرار بهذا المثال من التعقيد والدولة مهامها بهذا المثال من التعقيد، نحن نحتاج إلى كل وآخر ما وصل إليه الجهد البشري في تطوره، من حالهم من المسلمين ولا من غير المسلمين، نحن نعلم أن العقول الإسلامية المهاجرة لو رجعت ولو وجدت نظاماً سياسياً يستوعبها تكفينا عن غيرنا…

يوسف خطاب: لماذا هاجرت من الأصل؟

حامد العلي: هي هاجرت من الأصل بسبب فساد السلطة التي لا يهمها تطوير الأمة ولا حمل رسالتها، السلطة لا تحمل رسالة في الوطن العربي إلا لما جاء الربيع العربي أصبحت تحمل رسالة، أصبحنا نجد الحكام الذين يحملون رسالة وهماً من قبل السلطة لا تُريه، يقول المفكرون أن أنواع الحكام حاكم مشروع أو سلطة مشروع، دولة مشروع عندها مشروع، دولة المشروع تبحث عن أي واحد يعجز هذا المشروع بغض النظر عن أي نسبة أخرى تكفي نسبتها للمواطنة لكي يعجز هذا المشروع، هذا يوجد في الشرق والغرب وهي دولة كرسي اللي يهمه هو الكرسي، من يتملق إلي يقترب مني، أما الآخر لو كان اعلم ألناس، دكتور مرسي لما جاء بأحمد زويل الذي حاصل على جائزة نوبل، يقول جلست مع الرئيس المصري جلسة علماء لأنه هو عالم أصلا وهو حامل رسالة علمية جذب إليه، يقول علماؤنا الإمام مثل السوق يجلب إليه ما ينفق فيه، فجلب إليه ما هو مثله، الإمام العادل يجيب أهل العدل وأهل الصلاح وأهل الحرص على بناء المشاريع المنتجة والظالم يبحث عن الذين يتملقون له ويعينونه على ظلمه، الشاهد أن هذه القضية أن الوسائل الجديدة والعصرية التي تحسن كلها مقبولة ولم تزل حضارتنا تستفيد منها والسبب أننا طردناها وأبعدناها لأن الحاكم لم يكن من زمن طويل حاكم مشروع وإنما حاكم كرسي، يقول العلماء حتى المعاصرون أن الحصر المنطقي للأسباب الشرعية أن يكون بقاء ما كان على ما كان وهذا ليس شرعياً لا شك لأنه لا يمكن أن تكون الشرعية هو أن يبقى الشيء كما هو، يعني هو حاكم ولم يزل حاكم إذن شرعيته موجودة في بقاءه، هذا طبعاً مرفوض ولا يمكن أن يكون به إعاقة، اثنين: الشرعية عن طريق القمع والعنف وهذا هو واقعنا للأسف الشديد كما رأينا والذي بدأت شعوبنا تعي وترفضه وتتحداه وتزيل حاجز الخوف.

شرعية الحاكم مرهونة برضا شعبه

يوسف خطاب: هل هذا ينتقص من شرعية الحاكم، اللجوء إلى العنف في المظاهرات وما إلى ذلك ؟

حامد العلي: طبعاً ينتقص، لأنه خرج عن الأمة، نحن نتكلم عن خروج الناس عن الحاكم، ولا أحد يتكلم عن خروج الحاكم عن الأمة عن مبادئها، عن أهداف حضارتها عن شعبه، عندما يخرج أكثر الشعب ويقرر الحاكم أن يبيد أكثر الشعب، من الذي خارج عن الثاني! المنطق والعقل يقول أن هو الذي خرج عن أمته يريد أن يبيدها من أجل أن يبقى على كرسيه فكيف نجعله هم الذين خرجوا عليه، فإذن النقطة الثانية العنف والقمع هذا مرفوض، ولهذا لما يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((صنفان من أهل النار لم أرهما)) شوف في حضارتنا هذا الإبراز المبكر لرفض استعمال السلطة للعنف، ورجال معهم سياط يضربون بها الناس، النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أهل النار لم أرهم يعني سيأتي يوم تضطر السلطة تستعمل العنف لأن ليس بينها وبين شعبها انسجام، يقول أحد المفكرون الغربيون قرأت مرة أن جوهر الشرعية يرجع إلى الشيء المختفي وراء هذا الكلام كله الانسجام بين الحاكم والمحكوم، الحاكم يحمل هموم المحكومين، هموم الشعب في صدره خرج منه، هذا الشعب لو انتخب انتخاب حر سينتخب من يحمل همومه، فيحصل الانسجام، فلا يقع العنف، العنف يحدث بسبب عدم انسجام، لأن الحاكم الذي يخرج لم يخرج من رحم الأمة وإنما فرض نفسه عليها، والثالث عشان ترتيب الأفكار، الثالث من الأسباب الشرعية المنطقية أن يأخذ سلطته من الأمة هذا الذي ذكرناه في المبدأ الأول من نظام الحكم الإسلامي، أن صاحب السلطة بالأصالة هو الشعب، شوف الخطاب القرآني، الله سبحانه وتعالى في القرآن من أوله لآخره يخاطب الذين آمنوا مباشرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ..} لم يذكر أولي الأمر إلا مرة واحدة، في سياق نظام الحكم ذكرها مرة في سياق الأنباء {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ}[النساء:83] إلى آخره، مرة واحدة ذكر أولي الأمر بينما كان الخطاب القرآني يتكلم عن خطابه للأمة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ..} ثم لما ذكر أولي الأمر ذكره بصيغة الجمع لا بصيغة المفرد، لا يوجد في القرآن كله ولي الأمر لأن الأصل أن يكونوا أولياء الأمر، أهل الحل والعقد، ممثلو الشعب، هم الذين يختارون الحاكم وبالتالي وجه إليهم الخطاب مباشرة، ثم الله سبحانه وتعالى ماذا قال؟ وضع هذه الآية بعد آية قبلها دائماً لا نذكرها أو لا يذكرها بعض الناس: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}[النساء:58] فذكر هاتين الركيزتين الأساسيتين لكل حكم عادل ناجح، ثم رتب عليها {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ}[النساء:59] يعني الأولى متعلقة بالثانية إذا أدى الأمانة وحكم بالعدل، ستحصل الطاعة من الرعية للسلطة، وإذا اختل هذا يختل هذا، ولهذا الله سبحانه وتعالى ربط بينهما.

يوسف خطاب: حتى المفارقة يا فضيلة الشيخ إننا لو أكملنا نفس الآية {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:59] لا الحاكم يعود إلى كتاب الله ولا إلى السنة ولا حتى المحكوم، يعني المبدأ ليس حاضرا في الذهن في الأصل، لا عند الرعية ولا عند الحاكم.

حامد العلي: ولهذا دعنا نذكر هنا أول وثيقة سياسية بهذه المناسبة في الإسلام وهي خطبة الصديق، وخطبة الصديق رواها محمد ابن اسحق ابن يسار قال: حدثني الزهري، قال: حدثني أنس ابن مالك هذا من أصح الأساليب أن أدعوك الصّديق لما بويع، قال خطب، فقال: ((يا أيها الناس وليت عليكم ولست بخيركم)) يعني أنا واحد منكم، كما ذكرت العلاقة بين الشعب والحاكم علاقة عقد، أنا منكم وكيل عنكم لتحقيق أهداف رسالة حضارتنا، ليست علاقة ملك كما هو الحال قبل الربيع العربي ولا زال في كثير من بلاد بحاجة إلى استمرار الربيع العربي بتخلص الناس منها، هو قد لا يقول أنا ملككم وأنتم العبيد لكن ممارسته كأنه يملكهم، لا يستطيع أحد أن يسأل عن الثروة الوطنية من أين تأتي وإلى أين تذهب، مع أن الثروة الوطنية اليوم ليست مجرد أموال هي صلاح الناس وفسادهم، هي هلاك الناس ونجاتهم، هي تسلط الأجنبي على الأمة أو خلاصها من تسلط الأجنبي هي تحرير أرضهم، هي قوتهم الاقتصادية هي قوتهم العسكرية، هي عزهم بين الأمم، هذه معنى الثروة الوطنية، أول كانت الثروة فقط تأتي من الحروب ولكن الآن تحت الأرض الثروة تصنع الأمة، القوة الاقتصادية هي التي تجعل الأمة متقدمة وهذه تموت وبالتالي يتصرف بالثروة كما يشاء يتصرف بالعباد كما يشاء بالرجوع إلى مفتيين، يفتونه حتى بضرب ظهور الناس كالبهائم في الشوارع إذا اعترضوا على تبديد الثروة الوطنية، على الفساد في الأرض على الرشاوى، أكثر من ثلث الناتج القومي العربي يذهب في الفساد، هذه الإحصائيات يعني ثمة إحصائيات أكثر بكثير من الثلث تذهب في الرشاوى تذهب بلا فائدة، أمة ضائعة، يعني شوف إحنا من قرن لا نستطيع أن نحرر شيئا من فلسطين، لأننا لسنا أمة وعلينا أنظمة أهملت وجود الأسباب، حتى نحن في الخليج الآن هذه الملايين أكثر من ثلاثين مليون أين رأيهم، أين قرارهم، أين الهيئات التي تمثل إرادة الشعب ثم تجعل إرادة الشعب واقعاً، تحارب هذه شد محاربة، فالشاهد من هذا أن الصديق عندما يقول ((وليت عليكم)) أسس هذا المبدأ، العلاقة بيني وبينكم إني واحد منكم، ((فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت..)) لم يقل فانصحوني قال: ((ققّوموني))، وعندما يقول ((فقوموني)) يعني بالوسائل التي ترجعني إلى الحق وعندما يقول ((قوموني)) فنحن كما ذكرت في الأصل الثالث في النظام السياسي نأخذ بالمصالح المرسلة، نستعمل كل وسائل التقويم العصرية، فصل السلطات، مؤسسة البرلمان ضد الصلاحية التي تراقب، مؤسسات المجتمع المدني التي تشكل جماعات الضغط فتحدث توازن بين السلطة وبين المعارضة يستفيد منها الشعب.

يوسف خطاب: وإن أصر الحاكم على موفقه هذا يزيل عنه شرعيته جزئيا أم كليا؟ 

حامد العلي: على كل حال خلني أكمل بس خطوة الصّديق كيف أن الصّديق أسس ما توصلت إليه الحضارة الآن الغربية والشرقية للأسف الشديد. 

يوسف خطاب: هو رسخ أم أسس؟ 

حامد العلي: أسس، رسخ رسخ رسخ لأنه هي أصلا في القران يعني الرسول صلى الله عليه وسلم يوحى إليه وهو لم يترك شيئا من الشأن العام إلا وشاور أصحابه فإن ((أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني)) ثم قال لهم: ((القوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه)) المساواة أمام القانون، ((والضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له)) لا فرق بينكم كلكم القانون يسري على الجميع؛ مبدأ سيادة القانون، ثم قال: ((أطيعوني ما أطعت الله فيكم)) وفي رواية ((أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم)) يعني أنا مبدأ وجودي في السلطة متعلق بمبادئ حضارتنا قيسوا العلاقة بين ممارستي للسلطة وبين مبادئ الحضارة وحينئذ حددوا موقفكم مني، وقال بعد ذلك مثل قوم ذلوا إلا وانتشرت الفاحشة في قوم إلا ابتلوا إلى آخره وعم فيهم البلاء، الشاهد أسس مبدأ أن الحاكم جزء من الشعب وانه وكيل عنهم ومبدأ المراقبة، مراقبة السلطة ومحاسبتها وتقويمها، وعندما نقول تقويمها لا نعني العنف ولا نعني الفوضى ولا نعني الأمة الهمج نعني إيجاد الوسائل العصرية السلمية القادرة بقوة القانون المرسومة بالدستور المهيمن على الدولة والشعب والتي يمكن بهذا كله أن تجعل السلطة في المسار الصحيح الذي يحقق مصالح العباد ويدرأ عنهم فسادهم وأسس كذلك أسس كذلك انه لا بد أن تكون الدولة حاملة للمبادئ وأن الشعب ينظر إلى العلاقة بينها وبين تطبيقها للمبادئ ثم يحددوا موقفهم، إذن هذه أول خطوة سياسية في الإسلام في ذلك العصر أية امة كانت تملك هذه المبادئ، في ذلك العصر أي امة كانت لما الصّديق اجتمع مع الصحابة فقال أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم افرضوا للخليفة، فماذا قالوا؟ نفرض له بردين أن أخرقهما يأخذ بدلهما مثلهما بس، وظهر إذا سافر يعني راح ليسافر انظر إلى مبدأ كشف الحساب ونفق على أهله كما كانت ينفق قبل أن يتولى الخلافة يعني كشف حساب قبل أن يتولى الخلافة وكشف حساب بعدما يطلع من الخلافة، الحين هذا في أكثر النظم السياسية المتطورة يعني الرئيس الأميركي كل الهدايا التي يأخذها أثناء توليه فترة رئاسته يرجعها بعدما يخرج، ويجب أن يعرف كم رصيده، الحين حنا عندنا رؤساء وعندنا زعماء لا يدروا أحدا يسأل كم رصيدهم إلى أن يموتوا وتطلع الفضايح من البنوك الغربية وإذا بالرصيد كان يمكن أن ينقذ عبر عقود من السنين الشعوب من مهالك، ويبقى هناك يعني لا زال الرئيس المصري؛ يبحثون الآن يعني فيها تعب وجلسة لجان يعني وشكاوى ومحاكم عشان يلاحقوا المليارات والرئيس التونسي يعني هذا ماذا كان يفعل أثناء فترة حكمه سوى انه يجمع له، لص كبير جدا يجمع حوله اللصوص، فإذن كيف أسس في ذلك العصر حضارتنا أسست في ذلك العصر المبكر هذه الأسس الإسلامية العظيمة ولهذا حنا دائما نقول تؤخذ مبادئ الحضارة من نصوصها الأولى لا من ممارساتها اللاحقة بعد ذلك لأن الممارسات اللاحقة بعد ذلك يدخل فيها الكثير من الشبهة من الخطأ من عدم التطبيق الصحيح، مثلا ما يذكر في التاريخ أن يزيد بن عبد الملك أول ما حكم بعد عمر بن عبد العزيز، عمر بن عبد العزيز يضرب فيه المثل بالملك العادل في الإسلام أو الإمام العادل في الإسلام وليس الملك لأنه سار سيرة الإمام العادل فلما تولي بعده قال سيروا سياسة عمر أو سيروا سياسة عمر أو سيروا بالناس كما كان عمر رضي الله عنه، مكث فقط أيام فضاق أهل المصالح والرشاوى والمفسدين فجاءوا له بأربعين شيخا هنا نؤكد على ضرورة وخطورة وضرورة عدم توظيف الخطاب الديني وخطورة توظيف الخطاب الديني للطغيان والاستبداد والاستئثار بالثروة وإلغاء دور الشعب بل وزادوا عليه سحق الأمة إذا اعترضت تطالب بحقها، جُمع له أربعين شيخا فأفتوه بأن الخلفاء لا حساب عليهم ولا عقاب فرجع إلى ما كان قبل عمر بن عبد العزيز من المظالم، إذن في ذلك العصر يعني في ذلك العصر أقصد أن حضارتنا فيها تطبيق سيء لكن المبادئ تؤخذ من أصل ومصادر الحضارة الأصلية كيف أسسنا هذه الحضارة العظيمة في النظم السياسية، إذا قلنا يعني جوهر نظام الحكم الإسلامي أن الإمام أن الحاكم يجب أن يكون مصدر شرعيته من شعبه معناه أن لابد أن الشعب يكون رقيبا عليه. 

يوسف خطاب: طيب يحيل الحاكم شرعيته تزول جزئيا أم كليا؟ 

حامد العلي: هذا يعني شرعية الحاكم تزول إذا تنكب أهداف الحضارة، تزول إذا طبعا كما ذكرت حضارتنا الإسلامية أعظم أهدافها العدل إذا صار جائرا تزول شرعيته، وما ذكره العلماء بأنه لا يسلك مسلك العنف بالسلاح لإزالته أو في هذا ليس متفقا عليه يعني هذا في خلاف بين الفقهاء وإذا قال بعض الفقهاء قالوا: إذا غلب الظلم عليه وأمكن استعمال القوة لإزالة هذا الظلم الغالب بحيث تكون المصالح، هذا مذهب الحنفية وذكره الماوردي والإمام  أحمد إلى آخره، لكن الآن في هذا العصر إحنا لا نحتاج هذا وأصل الخطأ استعمال هذا وأصل هذا ما يريده الحاكم، يريد الحاكم أن يبرر سحقه للشعب، النظام السوري الآن يرسل الجماعات مسلحة ويهدم المدن، فإذن لا نحتاج هذا الآن في الوسائل العصرية ما يمكن به من تقويم السلطة وأطر هذا الحق ورفع الظلم عن الناس وإصلاح أحوالهم ودرء المفاسد عنهم بالوسائل السلمية وهذه تعتبر الآن المفروض ناقشناها نناقشها في باب النوازل لأن موضوع الخروج عن الحاكم غير داخل ولا نحتاجه في هذا العصر لإصلاح العلاقة بين السلطة والشعب بل هي أمر من أمور النوازل سببها انه الآن في هذا العصر فقط أمكن أن نوصل صوتنا لعدد كبير ملايين، أعداد كبيرة من الشعب والصوت من الـ Media هذه يعني الحين ما هو صوت ثورات النظام العربي، الآلة، العلاقة بين الآلة والإنسان علاقة قديمة وأصلا ماضي حدث في أوروبا بعد اختراع المطبعة، الوعي الذي زاد ترى هذه الحين مو Media مو مثل المطبعة في ذلك الوقت حسب التطور السياسي، الـ New Media أحدثت للناس وعيا، اثنين استطاعوا أن يتواصلوا في وقت واحد بحيث لا تستطيع الأجهزة الأمنية أن تحول بينهم وبين تواصلهم، ثلاثة أنهم استطاعوا أن يعرفوا ما عند الناس الآخرين في عالم البشر، ثورة المعلومات والاتصالات، التواصل والتعلم، من تطوير سياسي بحكم مصالحهم بدون أن يسبب أي مشكلة وبالتالي هذه الوسائل الآن يمكن بها أن يحدث تغيرا يحكم به مصالح عظيمه للشعب ويدرأ المفاسد ويحقق أهداف الدولة لأن الدولة غير عن الحاكم الدولة أشمل، الحاكم قد يستعمل آلة الدولة للظلم كما أن الوطن غير.. هذه المصطلحات تختلف بمدلولاتها، الشاهد يمكن استعمال هذه الوسائل العصرية ولا نحتاج حتى انقلابات عسكرية ولا استعمال للسلاح بالعكس كما ذكرت العنف هو الذي يبحث عنه الحاكم ليبرر قمعه لمطالب الشعب الحقة، بالوسائل السلمية يمكننا أن نعيد التوازن بين علاقة السلطة والشعب على أسس حضارتنا السامية التي ذكرتها. 

يوسف خطاب: طيب فضيلة الشيخ هل ترى أنه من الطبيعي أن نظل نستمر في ظل وجود متغيرات وأن الشريعة الإسلامية تقبل ما يستجد إن كان في صالح الإنسان ولا يسير في اتجاه مخالف لشرع الله، هل من المنطقي أن نتحدث عن أساليب كالبيعة والتغلب والخلافة وكل ذلك حينما نتحدث عن الشرعية السياسية المختزلة في فقه السياسة الشرعية أم إننا نتحدث بالمصطلحات الحديثة الديمقراطية وما إلى ذلك؟ 

حامد العلي: نعم إحنا ينبغي لنا من هذا الكلام وليس منصوصا بالكتاب والسنة بعضه ولكن هو مكتوب في كتب الفقهاء ومذكور في كتب الفقهاء ليس بالضرورة أن نلتزم بالقوالب التي وضعها الفقهاء لتأسيس أهداف حضارتنا وتحقيقها كل ما كان في هذا العصر يوصلنا إلى الأهداف هذه: إقامة العدل وحفظ هيبة الأمة وهويتها هذا من هذا نتعرض حنا لهجوم على هوية امتنا يراد لها أن تكون سوقا بلا هوية، أصلا هو هذا كان مشروع جماعة الشرق الأوسط الجديد كونداليزا رايس وجماعتها، ما يريدون هنا أمة ذات هواية يبوا سوق ناس تشتري سلع، نحن أمه، بينما هم يحرصون على هويتهم وبالتأكيد هم أصحاب رسالة قيمية ينشرونها بالعالم، على كل حال هيبة الأمة، العدالة هيبة الأمة وهويتها الحقوق والحريات عندما نتكلم عن الحريات نقصد الحريات السياسية يعني حنا أصلا أمتنا أمة الفضائل، وفي فطرة الإنسان العربي والمسلم انه فواحش يعني يستنكف عنها لكن الحرية السياسية هي التي نريدها، الحرية السياسية هي نقد السلطة وفي تقويمها، تأمل هذه الرواية العجيبة معاوية لما حكم جاء المدينة فخطب، اختبار لجاهزية الأمة، اختبار لجاهزية الأمة في المعارضة وتقييم السلطة، فخطب فقال: الفيء فيئنا والمال مالنا من اعترض علينا عاقبناه، فسكت الناس فقام في اليوم الثاني فخطب نفس الخطبة فسكت الناس، فقام المرة الثالثة فقام رجل وقال له: أخطأت، المال مالنا، مال الأمة والفيء فيئنا فيء الأمة فإن لم تحكم فيه حاكمناك أو تحكم فيه بما أنزل الله يعني تطبق فيه مبادئ حضارتنا حاكمناك، فقال: إلي بالرجل، فقال: أحياك الله كما أحييتني، فلما سئل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون في أمتي عامة يقولون قولا فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار تقحم القردة)) وهذا الرجل أنقذني يعني أنا أفحص جاهزيتكم فأنا خفت أن أكون من هؤلاء الذي لا أحد يرد عليه إن خطبت وفيه فائدة أن انتقاد الحاكم في السياسات ويكون علني ايش الفائدة أنه السياسة.. 

يوسف خطاب: لكن لا بد فضيلة الشيخ أيضا أن تكون له ضوابط ربما البعض يستشهد ببعض دول الربيع العربي التي حدثت فيها الثورة وانتقال السلطة من نظام الاستبداد إلى الأنظمة الحالية التي تعتبر هي فقط لبنات في طريق تداول السلطة والديمقراطية كما نسميها وما إلى ذلك يعني هذا يؤدي دون شك يعني عدم وجود اللباقة وعدم وضوح الرؤيا وعدم وجود ضوابط في نقد السلطة، كل هذا يؤدي إلى عوارض غير مرغوب فيها خصوصا وأن هذه الدول تنتقل من مرحلة التغييب الكامل إلى مرحلة إدراك الوعي والواقع المعاصر.

حامد العلي: هذا له أسبابه أولا طبيعي دائما عندما تحصل الانتقالات الحضارية الكبرى حتى عندما صارت يعني الربيع الأوروبي في القرن الثامن عشر أو أواخر القرن الثامن عشر كانت مرت فترة من الفوضى هذا شيء طبيعي كل شيء، أما عندما تحصل انتقالات، الانتقالات الحضارية الكبرى تمر فترة من الحاجة إلى الترتيب المهم أن الثورة لا ترجع للوراء هذه سنة التاريخ استمرت الثورة الفرنسية عشر سنوات..

يوسف خطاب: التدين أيضا وسيلة من وسائل إرجاع الشعوب إلى الوراء.

حامد العلي: يمكن، يمكن ليست وسيلة الفهم الخاطئ للدين، الفهم الخاطئ للإسلام ممكن أن يكون كذلك وممكن أنه يوظف يعني أحيانا يوظف لأنه إحنا يجب أن نعرف شيء مهم جدا أنه ترى الأنظمة اللي قامت على هيئة الربيع العربي الآن توجه حرب داخلية وخارجية تمول بثروة هائلة جدا لإفشال التجربة هذه، لأن الخوف من انتشارها بأن ترجع السلطة للأمة وبالتالي الأمة تتحكم في ثروتها يزول الفساد ترقى بحضارتها تتخلص من أمراضها، تنافس حضاريا الأمم الأخرى بحيث تصبح هذه الأمة الآن قابعة على أغنى أرض في العالم وأحسن موقع في العالم سواء كانت قيمها التاريخية قيمها الحضارية، أن تكون هذه الأمة تنهض من جديد هذا هاجس عند الغرب يجب أن يعترف به، الغرب لا يريد هذا، الغرب نافق، نافق،  وقف مع حسني مبارك لآخر لحظة بعدين لما فلتت الأمور صار يدعي أنه مع الثورة نعرف هذا الشيء لا ننساه.

التأصيل الشرعي للمظاهرات

يوسف خطاب: طيب تحديدا فضيلة الشيخ حينما نتحدث عن مصر وتونس التي وصل فيها تيار إسلامي إلى سدة الحكم، في حال قيام مظاهرات في هذه الفترة ما هو شرعية تلك المظاهرات لأن هناك ارث للمظالم ومن حق الناس أن تعبر عن احتجاجها وما إلى ذلك، وإن تم استخدام العنف لقمع هذه المظاهرات هل يسري عليهم ما يسري على حكم بشار الأسد وسابقا حسني مبارك وسابقا زين العابدين بن علي وما إلى ذلك؟ كيف يمكن معالجة تلك المظاهرات؟

حامد العلي: الإسلام اليوم في فترة اختبار الآن، الإسلاميون في فترة اختبار قد تنجح وقد تفشل، ليس بمعنى أنها ستفشل بأنها ستفشل إلى الأبد، قد يكون فشلها يفيدها في جمع أخطائها والاستفادة منها، أهم شيء حققه الربيع العربي أنه قطع الإرث، قطع سلسلة توارث الكوارث، صار عند الشعب مبدأ أنه نجرب، فشل هذا ننتخب غيره، الذي فشل يستطيع أن يرجع مرة أخرى ببرنامج ناجح فينجح فبالتالي يبقى في الأمة أمل للتطوير والتحسين، أول ما كان في أمل، الناس تنتظر من سيحكمهم بعد هذا، حتى النظام الجمهوري تحول إلى ملكي وهو اسمه جمهوري، هو ملك كان حسني مبارك يعد جمال إلى قلوب الناس، كانوا الناس يحضّرون بأنها ستورث للابن، تبحث عن وارثها، تنام بالليل تقوم الصبح تجد الوارث الجديد تطأطئ تحته وتمشي وراءه، الشاهد أول شيء سؤالك عن المظاهرات،ا لمظاهرات هي كما ذكرت قبل قليل المظاهرات السلمية ،المظاهرات التي ليست سلمية هذه مو مظاهرات هذه تخريب هذه قطع طريق هذه حرابة أنت هذا لا يفعله عاقل هذا يفعله اللصوص.

يوسف خطاب: طيب ما يفعله الجيش الحر في سوريا؟

حامد العلي: الجيش الحر في سوريا لا يقوم بالمظاهرات، الجيش الحر في سوريا، ينبغي أن نعلم الثورة السورية هي امتداد للربيع العربي، أول ما بدأت، بدأت مظاهرات سلمية تطالب بحق الشعب في أن يختار حكمه يتخلص حق الشعب بأن يتخلص من طاغية ويختار حاكمه، إرجاع السلطة إلى الشعب بالوضع الطبيعي إعادة الأمور إلى نصابها، قام هذا النظام الذي لا يمت إلى أمته بصله لا من جهة عروبتها ولا من جهة إسلامها باستعمال كل وسائل العنف، كل وسائل البطش، كل الإجرام حتى ذبح الأطفال، خرج الجيش الحر ليحمي المشروع ليحمي المتظاهرين من هذا، من بطش النظام، هو بحالة دفاع نفسه، ولهذا إذا سقط النظام ترجع إلى وين؟ للبداية فالوسيلة ترجع إلى البداية تضع السلاح جانبا لا مكان للسلاح حينئذ أبدا ترجع لمسيرتها الأولى اللي هي مسيرة السلمية امتداد للربيع العربي بحيث تنتهي الأمور للشعب واختياره فيختار حاكمه، لأن هذا الهدف ليقيم العدل على الجميع، جميع الطوائف، الشعب السوري كله يشترك في هذا المبدأ إرجاع الحريات إرجاع الحقوق إرجاع الكرامة، ثم بعد ذلك يسلم الراية لمن بعده لأن الشعب السوري أخذ الراية من تونس ومن مصر ومن ليبيا التي أمانة هي الآن أمانة  لهذه الشعوب التي تريد أن تخرج من هذا الكابوس الجاثم على صدرها من عقود طويلة جدا، شعوب همل لا يصلوا، إرادتها مسلوبة وبالتالي الوضع في النظام السوري في الثورة السورية استعمال السلاح الطاغي على الثورة السلمية، المظاهرات هي بالأصل هي إحدى الوسائل السلمية التي المتعارف عليها في العالم كله، وأصلا في حضارتنا هذه موجودة وقديمة جدا، إذا وجدت في المنتظم لابن الجوزي أنه في المئة الرابعة  أو الثالثة نسيت الآن لكن في الجزء السادس عشر أنه كان في مظالم منها أن صك النقود ظهر فيه خلل وبالتالي في خلل اقتصادي ومنها بعض الوسائل الأخرى فاحتج الحنابلة على أنه لا يجوز السكوت على هذا لأنه فساد عام واقتصاد ويؤدي إلى ضرر كبير على الأمة وراحوا وقرروا الاعتصام بأكبر مسجد في بغداد ودعوا الشافعية فاعتصموا بالمكان وقالوا: لن نخرج من هذا المكان، هذا اعتصام مفتوح إلى أن يغير الخليفة هذه المظالم، فنزل على مطالبهم وغيرها إلا بعضهم قال وأجلها، فقام أبو إسحاق  الإمام المعروف بالمذهب الشافعي واعترض حتى كلها وما نترك ولا واحدة منها وصار في وساطات كذا والى آخره، الشاهد أصلا في تاريخنا الكثير من هذه الممارسات لأنها طبيعية، الناس إذا اشتركت في هم تتداعى عليه وإذا وجدت الوسيلة أي وسيلة تحقق مصلحتها وهي راضية عن وسيلتها تقدم عليها، هذه في فطرة البشرية وبالتالي المظاهرات لا يوجد نص فيها يكفي، الإباحة الأصلية تكفي في إباحتها، ثم المصالح المرسلة ما يتحقق به المصالح وللناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد مشروعة في القواعد الكلية لهذا الدين، وبالتالي استعمال المهارات هو جزء من هذا إذن الجماعات الإسلامية دخلت المعترك السياسي نجحت لأنها كما ذكرت قبل قليل هي أصلا مبدأها هذا، أصلا أنها تأخذ السلطة من الأمة لكن لما نقول تأخذ السلطة من الأمة وقيل عن الأمة تأخذ شرعيتها من الأمة، الحكومة أو الحاكمة في شيء يسمى قياس القبول، قياس القبول أول كان عبد الرحمن ابن عوف يمر في المدينة على بيوت الأنصار ويسأل عندما اختلفوا بين علي وعثمان، قياس القبول، الوسائل العصرية والانتخابات لقياس القبول، أصبح عندها قياس وقبول هي أن يمثل الأمة عن طريق وسيلة الانتخابات العصرية هذه لا إشكال فيها بالشرع هي وسيلة هذا القياس قد  يتغير قياس القبول وبالتالي  إذا تحرص على بقائه يجب أن تطبق المبادئ التي بها تحقق أهدافه، الأهداف التي أوصلتها إلى السلطة، عندما يعترض الناس أنت بحاجة إلى هذا أنت بحاجة إلى هذا أنت بحاجة الحين في الغرب، أنا قرأت مرة بحث مجتمعات، إذا قل تمثيل منظمات المجتمع المدني يشعرون بتوجس وخوف يعني هذا الشعب صار يعني تعبان شوي يعني ما في حياة ما في حيوية كيف نقيس القبول؟ كيف نقيس القبول  تجاه السلطة؟ كيف نحصل على المعارضة التي تقّوم السلطة حتى أن أحيانا المعارضة تشكل حكومة ظل، كل وزير مقابل وزير لأن هذه سنة الحياة عندما يكون هناك منافس يحسن من أدائه والشعب هو المستفيد.

دور الفقهاء والعلماء في الأمة

يوسف خطاب: هناك، هناك من يقول لو رزق المسلمون في عصرهم الحاضر بعلماء لديهم من الصدق ما كان لدى العلماء في زمن السلف لما صار حال المسلمين إلى ما آل إليه الآن، هناك غياب لدور الفقهاء وحتى وإن كان هناك من الفقهاء من هو حاضر فهو ليس في صالح الشعب.

حامد العلي: طبعا هو تعرض الدين، من يمثل العلوم الشرعية يتعرض للتشويه والتوظيف، أصبحت السلطة توظف تأثيراتها للمفتي، كيف يكون المفتي الذي يريد أن يراقب السلطة يفتي بأنها أخطأت ويطالب الشعب بأن يكون له موقف من إخلالها بالشرط الذي بينهم، الذي بينها وبين الشعب، يقول كلمة الحق إذا يأخذ الراتب يعني من السلطة يعني هذا أي منطق في هذا، أنا أذكر واحد من مشايخنا وصانا مرة وصية وذكر لنا القصة أنه كان في واحد من العلماء كان عنده جزار يبيع لحمة وكان عنده هر هذا العالم يأكل من  القمامة، حق الجزارة، العظم، فأراد أن ينصحه لأنه رآه لا يعني بأنه كان يعني يطفف في المكيال والميزان أخذ الهرة ووداها بعيد فجاءه ونصحه وقال له مو أنت اللي كانت الهرة من لحمنا، قال له يا حبيبي الهرة خلاص راحت ودينها عشان لا تقول، مع أنها ليس فيها منه، فكيف إذا كان راتبه بيته قصره لحمه ودمه كيف سيقوم بوظيفته! تعرض غيره من العلماء المسلمين إلى قمع شديد.

يوسف خطاب: عادة فضيلة الشيخ لم يبق في الوقت البرنامج الكثير لكن حين ما يتقاضى المفتي راتبا فهو لا يتقاضى من جيب رئيس الوزراء ولا الملك فهو يتقاضى من موازنة الدولة العامة.

حامد العلي: هذا الحل الأمثل أن يكون، أن يكون العلماء هم جزء من موازنة الدولة يأخذون مخصصاتهم من نصوصهم في الدستور والقوانين التي هي فوق السلطة، هذا حل عصري.

يوسف خطاب: بشرط أن تكون فوق السلطة؟

حامد العلي: نعم  لا بد أن تكون فوق السلطة إذن هذا حل عصري  وبالتالي كيف تكون فوق السلطة؟ إلا إذا كانت السلطة عليها رقابة من الشعب بحيث لا يخاف الحاكم، لا يخاف الحاكم من السلطة ويستطيع أن يقول كل شيء لأنه يعرف أن راتبه يأخذه من قوة السلطة..

يوسف خطاب: لا يخاف رجل الدين أو الفقيه من السلطة.

حامد العلي: يعني الفقيه قصدي العالم  على كل حال..

يوسف خطاب: نعم، نعم في ختام هذه الحلقة أشكر فضيلة الشيخ حامد العلي الأمين العام السابق للحركة السلفية بالكويت شكرا فضيلة الشيخ.

حامد العلي: حياك الله.

يوسف خطاب: ومشاهدينا الكرام وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من هذا الأسبوع من الشريعة والحياة، نشكر كل من قام بالانجاز فيها معتز الخطيب وعبير العنزي ومخرج البرنامج منصور الطلافيح، دمتم في أمان الله السلام عليكم.