صورة عامة - الشريعة والحياة - قبول العمل وعلاماته - 20/9/2009
الشريعة والحياة

قبول العمل وعلاماته

تستضيف الحلقة عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي علي محيي الدين القره داغي ليتحدث عن موضوع قبول العمل وعلاماته، فكيف يطمئن المسلم إلى قبول صيامه وقيامه؟

– الفرق بين الصحة والقبول ومؤشرات القبول
– معنى التقوى والإخلاص وعلامات القبول
– مداومة الأعمال الصالحة وثمار التقوى
– المواظبة في الطاعة والتوازن بين الخوف والرجاء

 

عثمان عثمان
عثمان عثمان
علي محيي الدين القره داغي
علي محيي الدين القره داغي


عثمان عثمان: السلام عليكم مشاهدينا الكرام وكل عام وأنتم بخير، مرحبا بكم على الهواء مباشرة في حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة:27]، انشغل الفقيه كثيرا بصحة أداء العبادات وانشغل العالم الرباني بقبول الأعمال والقربات، فكيف يطمئن المسلم إلى قبول صيامه وقيامه؟ وما علامات قبول العمل الصالح؟ وكيف نجبر ما بدر منا من تقصير خلال رمضان؟ قبول العمل وعلاماته موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي، أهلا وسهلا بكم فضيلة الدكتور وكل عام وأنتم بخير.

علي محيي الدين القره داغي: وأنتم بخير بارك الله فيكم.

الفرق بين الصحة والقبول ومؤشرات القبول

عثمان عثمان: فضيلة الدكتور، الفقيه انشغل بصحة أداء العمل بينما انشغل المتصوف بقبول الأعمال، ما الفرق هنا بين الصحة والقبول؟

علي محيي الدين القره داغي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، أيها الأخوة الكرام أيتها الأخوات الطيبات أحييكم جميعا بتحية الإسلام وتحية الإسلام السلام فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأنتهز هذه الفرصة ونحن في اليوم الأول من عيد الفطر المبارك لأقدم تهنئتي إلى جميع المسلمين وأمتنا الإسلامية ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد إليهم عزتهم وكرامتهم وأن يتقبل منهم أعمالهم الصالحات خلال هذا الشهر الفضيل.


عثمان عثمان: آمين.

علي محيي الدين القره داغي: كما أنتهز هذه الفرصة لأعبر حقيقة عن شعوري وإحساسي بأخواننا المضطهدين المنكوبين المحاصرين في غزة وفي فلسطين وفي بقية العالم الإسلامي حيث لا بد ألا ننسى إخواننا في هذه الأماكن، وكذلك يعني عادة نحيي كل إخواننا وأخواتنا الذين استطاعوا أن يقيموا هذه الواجبات في هذا الشهر الفضيل وهم اليوم كل أمنياتهم أن يتقبل الله سبحانه وتعالى منهم الطاعات. ما تفضلت به حقيقة ليس هناك فرق أساسي بين الفقيه إذا كان ربانيا فهو فقيه ورباني وليس بالضرورة إذا كان فقيها يكون غير متصوف وإن كان متصوفا يكون ربانيا فالله سبحانه وتعالى أمر العلماء جميعا فقال {..وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}[آل عمران:79] فالعالم الحقيقي هو العالم الرباني والعالم الحقيقي هو الذي يهتم بالظاهر ويهتم كذلك بالباطن، فالجانب الظاهري هو الذي يسمى بالصحة وهذا ما يسمى عندنا في علم أصول الفقه اسمه الحكم الوضعي، عندنا الحكم التكليفي وعندنا الحكم الوضعي، الحكم الوضعي ينظر إلى الجانب الظاهري أنه توافرت الأركان والشروط وسقط القضاء وبالتالي أصبحت العبادة صحيحة..


عثمان عثمان: وهو ما انشغل به الفقهاء..

علي محيي الدين القره داغي: في الغالب، ولكن هم لم ينشغلوا هم بينوا هذه الأشياء أسس ولكن هذا لا يعني أنهم غفلوا عن الجانب الآخر الأساسي وهو الجانب الروحي وهو الذي الآية التي تلوتها على مسامعنا وعلى مسامع إخواننا الكريمة وهي تدل على {..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} فهنا الحقيقة هذه الآية الكريمة تضمنت في هذه القصة بالمناسبة ثلاثة شروط أساسية هي إخلاص العمل وإتقان العمل وكذلك تغيير سلوكيات الإنسان.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور سنتطرق إلى هذه الشروط الثلاثة في سياق الحلقة ولكن الآن هناك صحة وهناك قبول، لنقل هل كل عمل صحيح كامل الأركان والشروط والواجبات يعتبر مقبولا؟

علي محيي الدين القره داغي:ليس.. لأن الصحيح هو نحن نهتم يعني الفقهاء يتكلمون عن الأركان والشروط الظاهرة وفي نفس الوقت يتحدثون عن النية التي هي الركن الباطني والجانب الباطني فبالتالي الصحة هي توافر الشروط والأركان أما القبول فهو عند الله سبحانه وتعالى، لا يعلم الإنسان أن عمله قد قبل أم لا ولكن هناك علامات، من هذه العلامات الحقيقة إخلاص النية، من هذه العلامات أن الإنسان ليس في قلبه شيء إلا الله، أيضا من هذه العلامات أن تكون هذه الأعمال صحيحة، ما يقوله الفقهاء هو الشرط الأول كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية يقول أي عبادة لله سبحانه لن تقبل إلا بشرطيين أساسيين، الشرط الأول أن تؤدى كما أمره الله سبحانه وتعالى فهذا ما يتكلم فيه الفقهاء، الشرط الثاني أن تكون هذه العبادة خالصة لوجهه الكريم وهذا هو الجانب الباطني أو المعنوي الذي يتحدث عنه الفقهاء ويتحدث عنه كذلك -كما أنت تفضلت به- يعني المتصوفة وأنا أقول العالم الرباني الزاهد.


عثمان عثمان: العالم الرباني.

علي محيي الدين القره داغي: لأنه حقيقة مسألة المتصوف أو شيء كلمة مستحدثة فإحنا الكلمات الأساسية عندنا العالم الرباني {..وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ..}، وكذلك عندنا مصطلح الزاهد العابد لله سبحانه وتعالى الذي لا تشغله الدنيا عن الآخرة.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور الآن بعد انتهاء شهر الصيام ونحن الآن في أول أيام العيد الفطر المبارك، كيف للمسلم الذي صام رمضان وقام رمضان أن يطمئن إلى قبول هذا العمل عند الله عز وجل؟

علي محيي الدين القره داغي: حقيقة أولا لا بد أن نعلم -حتى لا يكون الإنسان في يأس- لا بد أن نعلم أن هدايتنا وتوفيقنا بأننا أقدمنا على هذه الأعمال هذا دليل ظاهري على أن الله سبحانه وتعالى أراد لنا الخير كما في قوله سبحانه وتعالى {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ..}[الحج:24] فالهداية إلى القول الطيب والهداية إلى العمل الطيب من الله سبحانه وتعالى ولذلك حينما يهتدي الإنسان إلى العمل الصالح دليل بأن الله -إن شاء الله- يقبل منه، هذا حقيقة الأمر الأول الذي يبشر، الأمر الآخر الذي يجعل الإنسان دائما يكون في مقام الخوف والرجاء وسوف ممكن نتحدث عنه في هذه المسألة، أن الإنسان أيضا يخاف من الله بحيث لا يكون مطمئنا وانتهت المسألة بأنه أدى الصلاة وخلاص، هناك الخوف وهناك الرجاء وهناك الحقيقة إخلاص النية وهذه الأعمال إذا كان فيها شيء بسيط من الرياء أو النفاق فإن هذه العبادات لن تقبل لأن الله سبحانه وتعالى أغنى الشركاء، فلذلك يعني الذي يطمئن المسلم أن الله هداه، الذي يطمئن المسلم أن الإنسان ينظر إلى أعماله الصالحات "كل ميسر لما خلق له" {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}[الليل:5، 6] إيش يكون؟


عثمان عثمان: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[الليل:7].

علي محيي الدين القره داغي: فإذاً هذا مربوط بهذا، والله سبحانه وتعالى جرت سنته بألا يخلف موعده ولا يخلف ميعاده ولا يخلف وعده فلذلك ما دام الله وعدنا ونحن نسير على التوجه الصحيح، التوجهين، تتوافر فيه الشروط الصحيحة الظاهرية الذي يتحدث عنه الفقهاء وكذلك الشروط الأخرى التي يتحدث عنها الفقهاء الربانيون أيضا فإذا توافرت هذه الشروط فإن شاء الله دليل على القبول مع الخوف وعدم الاطمئنان الكامل من أن هذا الشيء قد قبل تماما.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور طبعا ذكرنا الآية الكريمة {..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} نلاحظ في هذه الآية أن حصر قبول الأعمال من المتقين، لماذا هذه الحصرية؟ وما هي التقوى التي تكون سببا لقبول الأعمال؟

علي محيي الدين القره داغي: صحيح أحسنت، هو الحقيقة يعني التقوى يعني هذا حصر وبأسلوب حصر حقيقي يعني إنما هنا أسلوب حصر حقيقي وهو مقصود، والمقصود بالتقوى أمران أساسيان، التقوى هي إحسان الذي فسر النبي صلى الله عليه وسلم "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تره فإنه يراك" فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة، طبعا هاتان مرحلتان المرحلة الأولى أو الدرجة الأولى مقام الربانيين ومقام الأنبياء والصديقين وهو أنك كأنك تعبد الله كأنك تراه فإذا لم تصل هذه المرحلة هناك مرحلة ثانية لا بد أن تؤمن بأن الله يراك فإذا نزلنا إلى مرحلة ثالثة ليس هناك إيمان، فالإيمان.. فلذلك التقوى هو هذا الربط بينك وبين ربك، علامة هذه التقوى إخلاص العمل، علامة هذه التقوى عدم الرياء، علامة هذه التقوى عدم تأثرك بالمظاهر، علامة هذه التقوى أنك لا تتغير حينما تصلي أمام الناس ولا في داخل بيتك، علامة هذه التقوى أن هذا الخوف يبقى في قلبك ويؤدي إلى إتقان العمل، والخوف من الله والتقوى هي أساسا وقاية كما قال سيدنا علي رضي الله عنه حينما سأله أعرابي قال ما التقوى؟ قال أخا العرب أنت رأيت أرضا فيها أشواك؟ قال إيه والله، قال كيف تمشي يا أخا العرب؟ قال والله لن أقدم رجلي إلا إذا وضعت لها مكانا مناسبا، قال هكذا التقوى لا تقدم على عمل إلا إذا أنك عرفت بأن الله فيه في هذا المكان فيه رضاؤه حينئذ أنت تقدم رجلك وتقدم عليه، فإذا كان الإنسان وصل إلى هذا فأصبح ذاك الوقت ربانيا حينئذ أصبحت أهواؤه حتى تبعا لما جاء به الإسلام.

معنى التقوى والإخلاص وعلامات القبول

عثمان عثمان: والنبي صلى الله عليه وسلم. فضيلة الدكتور يعني هناك بعض الناس يقومون بالطاعات والعبادات يصومون رمضان يقومون ليالي رمضان في غير رمضان أيضا ويستصغرون هذا العمل من الطاعات، هل هذا أمر مرضي أو أمر صحي؟

علي محيي الدين القره داغي: هو الحقيقة استصغار بمعنيين، استصغار بأنه إنسان يدفعه نحو العمل الآخر هذا مطلوب، إحنا عندنا بالنسبة للأمور العبادية والأخروية لا بد أننا ننظر إلى من هو أفضل مننا يعني أنا مهما فعلت أنظر إلى من هو أفضل مني، إذا أنا كنت قد أقمت نصف الليل فأقول والله هذا عمل بسيط المفروض أنا أقيم الليل كله مثلا إذا كنت قد استطعت، فهذا الاستصغار بهذا المعنى مقبول حتى يدفعنا.. وهذا ما يسمونه الاستصغار الإيجابي، أما الاستصغار السلبي أنه تستهين به "لا يحقرن أحد عمله" مهما كان فإن هذا فيه خير، قد يقبل الله سبحانه وتعالى ركعتين منك وهاتان الركعتان تساويان عند الله سبحانه وتعالى آلاف الركعات لأنك أخلصت فيهم النية، فإذا كان الاستصغار بهذا المعنى فهذا مطلوب أما إذا كان الاستصغار بمعنى التحقير فهذا غير جائز لأنه المطلوب من الإنسان أنه مهما كان العمل صالحا فإن الإنسان لن يستهين به.


عثمان عثمان: ولكن فضيلة الدكتور كما جاء في بعض الأحاديث هناك أعمال ترد على صاحبها لسبب من الأسباب، يعني ما هي الأسباب التي تجعل الأعمال مردودة على صاحبها عند الله عز وجل؟

علي محيي الدين القره داغي: هناك عدة أسباب، من أهم هذه الأسباب يعني عدم العبودية لله سبحانه وتعالى، رب العالمين لا يقبل التوبة ولا يقبل العمل إلا من المؤمن الصادق المخلص، والأمر الثاني الإخلاص والإحسان والاحتساب.


عثمان عثمان: ما المقصود بالإخلاص حصرا؟

علي محيي الدين القره داغي: الإخلاص أن يكون الإنسان يعمل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم لا يريد به الدنيا، لا يريد بهذا العمل شيئا من أمور الدنيا حتى يحصل على الجاه أو حتى يحصل على مقام أو حتى يحصل على تقرب من فلان أو علان إنما يريد به وجه الله سبحانه وتعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:162] فالإنسان يعمل، يعمل كل أعماله الدنيوية من الألف إلى الياء كل الأعمال الدنيوية ولكنه يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى، حتى حضرتك الآن لما تؤدي وظيفتك واجب لكن الله هو الذي  أمرك بأن تكون متقنا في عملك {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:8] فتكون جميع رغباتك لله وتكون جميع أعمالك خالصة لوجهه الكريم فهذا هو الشرط الثاني، الشرط الآخر أيضا أن تتوافر فيه الشروط الظاهرة أيضا مطلوبة، الشرط الآخر ألا تؤدى هذه الأعمال بشيء محرم ولذلك هناك بعض الأشياء لما واحد يصوم ويفطر على شيء محرم، لما واحد يحج بمال محرم لما يقول لبيك وسعديك، لا لبيك ولا سعديك، لما واحد يدعو كما ورد في الحديث الصحيح يا رب يا رب، "أنى يستجاب له؟ فمأكله حرام وملبسه حرام ومشربه حرام" فلذلك هناك شروط تتعلق بالقلب، إخلاص النية، شروط تتعلق بالأعمال والجوارح هذا الذي يعني يتكلم فيه الفقهاء، وشروط أخرى أيضا بالإضافة إلى الإخلاص والشروط لا بد أن تؤدى بوجه مشروع وأعمال مشروعة وأموال مشروعة حتى تكون خالصة لوجه الله.


عثمان عثمان: في موضوع الإخلاص فضيلة الدكتور هناك من يحجم عن بعض العبادات الظاهرة في موضوع الزكاة لا يدفع الزكاة جهرا، لا يذهب إلى صلاة الجماعة جهرا خوفا من أن يتهم بالرياء، هل هذا ممكن شرعا؟

علي محيي الدين القره داغي: لا، الإخلاص وضعت له ضوابط، ضوابط الإخلاص أن تؤدي الأعمال بوجهها الصحيح يعني بالنسبة للصدقات يجوز لك أن تدفع الزكاة {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ ..}[البقرة:271] جائز، أما ترك الجماعة ما يجوز أبدا وهذا من الشيطان كما قال ابن القيم في كتابه القيم "تلبيس إبليس" يقول إذا يئس الشيطان أن يصل إلى الإنسان عن طريق الشر لأنه رجل طيب وما ممكن يرتكب المحرمات، يأتي إليه من طريق الخير يقول يا أخي..


عثمان عثمان (مقاطعا): "تلبيس إبليس" لابن الجوزي رحمه الله.

علي محيي الدين القره داغي: أيوه نعم لابن قيم الجوزية نعم، فإيش يقول؟ يقول لماذا أنت تصلي صلاة التهجد يمكن يراك أحد رياء؟ لماذا تروح إلى صلاة الجماعة هذا رياء فهذا يمنعه من الشرع والإخلاص لا يمكن أن يتعارض مع أحكام الشرع فما دام الله أمرنا بأن نصلي بصلاة الجماعة وأن نصلي صلاة التراويح، المهم القلب أن يكون قلبك متعلقا بالله سبحانه وتعالى.


عثمان عثمان: البعض يقول الفرائض نجهر بها بينما النوافل نسر بها.

علي محيي الدين القره داغي: بالنسبة.. يجوز الاثنين حقيقة، هو الأهمية في هذه المسألة القلب، معيار الإخلاص محله القلب، "إن التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا" يعني قد يفعل الإنسان الصلاة ويريد بها الرياء لا قيمة لها، وقد يفعل النوافل ويريد به وجه الله أيضا.. حتى الجهرية {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ..} لو حضرتك الآن وضع مشروع لو أنك قدمت مبلغا تقول أنا أتبرع بمليون ريال لهذا المشروع الطيب وأنت تقصد بذلك تشجيع الناس لا تريد به الرياء فأنت كسبت أجرك وأجر الآخرين "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ.."..


عثمان عثمان (مقاطعا): "الدال على الخير كفاعله" وهذا من الدلالة على الخير ربما.

علي محيي الدين القره داغي: كفاعله، فأمر ضوابط الشرع واضحة جدا وليس هناك لبس والشيطان يأتي فيلبس علينا كما قال ابن الجوزية في "تلبيس إبليس" يلبس علينا الخير ولكن لا بد الحمد لله الشريعة.. فلذلك دائما أهم شيء في العبادات الفقه، أهم شيء في العبادات العلم، فلذلك إذا كان الإنسان لم يكن عالما قد تأتي به هذه الخواطر ربما تشدد في العبادة إلى أن يمرق من الدين كما تمرق السهم من الرمية.


عثمان عثمان: بالعودة إلى موضوع القبول، قبول الأعمال، قبول الصيام، قبول الصلوات والزكوات إلى غير ذلك، هل هناك فضيلة الدكتور من علامات ربما يشعر بها الإنسان يلمسها ظاهرة تدل على أن هذا العمل الصالح قد قبل منه؟

علي محيي الدين القره داغي: صحيح هناك مجموعة من العلامات حقيقة، من أهم العلامات تغير سلوك الإنسان، والآية التي تلوتها على مسامع إخواننا الكرام تدل على ذلك، لما تقبل الله من أحد ابني آدم وهو هابيل ولم يتقبل من الآخر كما ورد في الآثار بأنه قابيل شوف كانت مظاهره، مظاهر القبول ظهرت في تصرفات هذا الشخص {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[المائدة:28] إذاً شوف {..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، هذه الآية الكريمة كما قلت فيها ثلاثة مظاهر الحقيقة مظاهر حقيقية، المظهر الأول أن قابيل الذي لم تقبل منه صدقته ماذا فعل؟ كان هو صاحب الزرع فأتى بزرع رديء شوف رديء ووضعه، أما هابيل فكان صاحب ضرع فأتى بأحسن كبش أحسن ما عنده، فإذاً مظاهر القبول عند الله أنك وصلت إلى مرحلة تختار ما هو الأحسن، مظاهر القبول بالإضافة إلى الجانب النفسي الإحسان أنك تغيرت سلوكياتك، تغيرت حالتك {..إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ..}[الرعد:11] وقد رأينا أن قابيل ماذا فعل، وطبعا هذا لا يعني أن الإنسان المؤمن ذليل أبدا، إنما هو ذليل لإخوانه {..أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ..}[المائدة:54] ولذلك رب العالمين لم يستعمل الذل إلا في حالتين، الذل مع المؤمنين والذل مع الوالدين {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ..}[الإسراء:24] أما فيما عدا ذلك فأنت عزيز كريم، فلذلك من أهم المظاهر تغيير السلوكيات فلذلك أنا أقول دائما لإخواني الصائمين وأخواتي الصائمات علامة قبول صيامكم وقيامكم انظروا إلى حالتكم اليوم هل تغيرت حالتكم اليوم عما كنتم عليه قبل رمضان؟ الآن لكل شيء حقيقة فما حقيقة التغير؟ أنت الآن دخلت في دورة تدريبية رياضية في كرة القدم ولا في كرة السلة طيب الآن بعد شهر هل تغيرت حالتك؟ هذا هو السؤال، فإذا تغيرت حالتك فإذاً أنت معناه أنت نجحت.


عثمان عثمان: هناك فضيلة الدكتور من يقبل على الله تعالى في رمضان بكل طاقته فإذا ما انتهى رمضان تراخى وعاد إلى سابق عهده وهناك من يداوم على الطاعة بعد رمضان وإن كان بجهد أقل، هل تعتبر المداومة على الأعمال الصالحة بعد رمضان من علامات قبول الأعمال؟ أسمع الإجابة منكم إن شاء الله بعد وقفة قصيرة فابقوا معنا مشاهدينا الكرام، نعود إليكم بإذن الله تعالى.

[فاصل إعلاني]

مداومة الأعمال الصالحة وثمار التقوى

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان قبول العمل وعلاماته مع فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي عضو مجامع الفقه الإسلامي الدولي، فضيلة الدكتور نعود..

علي محيي الدين القره داغي: والخبير، خبير بالمجامع الفقهية.


عثمان عثمان: وخبير أيضا. فضيلة الدكتور نعود إلى السؤال، هناك مداومة على الأعمال الصالحة بعد رمضان من بعض المؤمنين والمسلمين هل ذلك دليل على أن العمل قد قبل في رمضان؟

علي محيي الدين القره داغي: جميل، سبحان الله هذا السؤال أجاب الله عنه القرآن الكريم بوضوح في سورة الأحقاف تحدث القرآن الكريم عمن يتقبل الله منهم الأعمال قال {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}[الأحقاف:16] أولئك المشار إليهم من؟ قبله بشوية {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[الأحقاف:13] ثم يتحدث {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ..}[الأحقاف:15] إلى آخر الآيات الكريمة، فإذاً أولئك من هم؟ المستقيمون الذين استمروا على أعمالهم، الذين كذلك مع استقامتهم -شوف إخواني وأخواتي- ظهرت علامة استقامتهم في تعاملهم مع الناس وأول من تعاملوا في البر والإحسان تعاملوا مع والديهم ثم تعاملوا مع الآخرين ثم أحسنوا الإخلاص والشكر لله {..رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ..} ثم طلبوا الخير لأنفسهم ولذرياتهم {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ..} إذاً الاستقامة مع استمرارية تغيير السلوك نحو الأحسن وفي البر والإحسان والتعامل الطيب أو كما سماه القرآن الكريم القلب السليم مع الله ومع عباد الله ومع مخلوقات الله سبحانه وتعالى هؤلاء الذين دليل على أن الله، أولئك بالنص، أولئك حتى فيه أسلوب الحصر لأنه لما يكون المبتدأ والخبر معرفة يدل على أنه حصر {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا..} فلذلك نعم الذين استمروا فهذا دليل على قبول طاعاتهم بنص هذه الآيات الكريمة والذين -لا سمح الله- تركوا دليل على شيء آخر، نسأل الله العفو والعافية.


عثمان عثمان: نأخذ الأخ محمد عناية الله من السعودية، السلام عليكم أخ محمد.

محمد عناية الله/ السعودية: وعليكم السلام وكل عام وأنتم بخير لك وللشيخ وللمشاهدين أجمعين.


عثمان عثمان: وأنتم بخير، تفضل.

محمد عناية الله: في الواقع أستفسر أنا من فضيلة الشيخ عن الآية هذه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ..}[المائدة:105] فيم نزلت؟ وهل هي تعني أن الواحد يغض الطرف ويسيب الناس؟ يعني هل هي لها تعارض بسيط من موضوع {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..}[آل عمران:110]؟ وهنا أبغى الجزئية هذه {..تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ..} يعني المعروف هو اللين والطيب عند الدعوة أو الشدة والنهر؟


عثمان عثمان: هل هناك سؤال آخر أخ محمد؟

محمد عناية الله: وآخر حاجة {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:53] أبغى يعني تعليقا وتفسيرا بسيطا للشيخ لعلي والمشاهدين نستفيد من فحوى هذه الآيات وجزاكم الله ألف خير.

علي محيي الدين القره داغي: أحسنت.


عثمان عثمان: شكرا جزيلا. الأخ أسعد سليمان، كردستان العراق تفضل أخي الكريم.

أسعد سليمان/ العراق: السلام عليكم.


عثمان عثمان: وعليكم السلام ورحمة الله.

أسعد سليمان: في البداية أرحب بالشيخ الفاضل.


عثمان عثمان: مرحبا بكم تفضل أخي الكريم.

أسعد سليمان: وأبعث له من كردستان كل التحية وأقول عيدكم مبارك يا شيخ.

علي محيي الدين القره داغي: بارك الله فيكم وعيدكم مبارك إن شاء الله ومن خلالكم لجميع أهلنا في كردستان ولأمتنا الإسلامية جمعاء.

أسعد سليمان: بارك الله فيكم تقبل الله منا صالح الأعمال.


عثمان عثمان: تفضل أخ أسعد بسؤالك لو سمحت.

أسعد سليمان: سؤالي هو هل أن قبول الأعمال مثلا عندما شخص هناك شخص يواظب على العبادات بشكل جيد ولكنه وطبعا من خلال ذلك يريد أن يتعبد الله سبحانه وتعالى ولكن بعض الأوقات مثلا هو يستطيع السيطرة على الشيطان..


عثمان عثمان (مقاطعا): في بعض الأوقات ربما ينهزم يتكاسل أمام الطاعة والعبادة.

أسعد سليمان: إيه ولكنني.. ولكنه لا يستطيع السيطرة على نفسيته، طيب ماذا تنصحه..؟


عثمان عثمان: شكرا جزيلا انقطع الخط من المصدر.

علي محيي الدين القره داغي: ووصلت الرسالة.


عثمان عثمان: الأخ عبد الرشيد من بلجيكا.

عبد الرشيد يشوع/ بلجيكا: السلام عليكم.


عثمان عثمان: وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الرشيد يشوع: طبتم وطاب مجلسكم الأخ عثمان عثمان والأخ الدكتور علي محيي الدين.


عثمان عثمان: مرحبا بك أخي الكريم تفضل بسؤالك.

عبد الرشيد يشوع: أنا سؤالي يعني الإنسان بعض المرات يقف للصلاة مثلا يصلي النافلة يكون في المسجد أو لما يصلي أو يعمل عملا فيجري في خواطره أو تتحرك نفسه أحيانا يعني يتأثر عليه هذا الشيء بأنه يأتي الشيطان أو تتأثر نفسه تقول بأنك تقوم بعمل الرياء فكيف يتعامل الإنسان مع هذه المسألة كيف يحاربها؟ جزاكم الله.


عثمان عثمان: شكرا جزيلا. الأخ جدة حمدان من الكاميرون تفضل أخ جدة حمدان.

جدة حمدان/ الكاميرون: السلام عليكم.


عثمان عثمان: وعليكم السلام ورحمة الله.

جدة حمدان: يا أخي العزيز أشكرك وأشكر الأمة العربية والإسلامية جميعا.


عثمان عثمان: تفضل أخي الكريم.

جدة حمدان: نعم نتمنى من الله.. هل يجوز للإنسان إذا كان في التراويح ممكن يسجد ولا يقول سبحان ربي الله إنما يطلب يعني أغراضه الخاصة في شهر رمضان المبارك، هل يجوز هذا الفعل؟


عثمان عثمان: شكرا جزيلا الأخ جدة حمدان من الكاميرون، الأخ عبد المحسن المطيري من الكويت تفضل أخ عبد المحسن.

عبد المحسن المطيري/ الكويت: السلام عليكم.


عثمان عثمان: وعليكم السلام ورحمة الله، بارك الله فيك.

عبد المحسن المطيري: عندي سؤالان بالنسبة إلى موضوع الصلاة طبعا أنا أتكلم عن النية إذا كان الشخص نيته أن يصلي لله في المسجد لله يعني ولكنه عندما يكون في الصلاة قلبه معلق لهموم في خارج المسجد فيعني يصلي مع الإمام وعندما ينتهي لا يكون قد تلذذ بالصلاة، هل ننصحه بأن يجهز قلبه ويخشع ثم يدخل إلى الصلاة؟ يعني نقول إن صلاتك مثلا غير مقبولة؟ يعني هل الصلاة التي فيها انشغال بهموم الدنيا ومضائق الدنيا صلاة غير مقبولة؟ هذا واحد.


عثمان عثمان: الأمر الآخر.

عبد المحسن المطيري: رقم اثنين في سورة المؤمنون قال الله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون:1، 2] هل هناك مؤمنون غير مفلحين؟ هذا هو السؤال.


عثمان عثمان: شكرا جزيلا. محمد البرزنجي قطر تفضل.

محمد البرزنجي/ قطر: السلام عليكم.


عثمان عثمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

محمد البرزنجي: أولا حيى الله أستاذنا الفاضل الدكتور علي القره داغي وحيى الله الأخ عثمان عثمان وأخونا الدكتور معتز الخطيب مدير البرنامج.


عثمان عثمان: بارك الله فيك تفضل أخي الكريم.

محمد البرزنجي: بس أحببت تأييدا لبرنامجكم ولكلام الأستاذ الفاضل أذكر أثرين من آثار التقوى على الحياة العامة والسياسية وغيرها، سيدنا الحسن الهاشمي رضي الله عنه وخامس الخلفاء الراشدين التقوى أثرت عليه بحيث تنازل عن الدنيا حقنا لدماء المسلمين وحفاظا على وحدة الأمة الإسلامية وكل ذلك من أثر التقوى في قلب الرجل الذي جعله يحقق نبوءة النبي عليه الصلاة والسلام عندما قال "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، من آثار التقوى الأخرى في صدر الإسلام يعني الصحابة لما دخلوا المدائن والقادسية وما إلى ذلك يعني استولوا على غنائم كبيرة منها مجوهرات وذهب وأشياء ثمينة من ممتلكات القواد من يزدجرد وكسرى وغيرهم لكنهم سلموها بكل أمانة إلى القائد سعد بن أبي وقاص وفي مقدمتهم عائض بن عبد قيس الذي جاء بأضخم المجوهرات وأكثرها يعني أبهظها ثمنا ومع ذلك سلم هذه الأمانة وهو قد يعني لبس اللثام..


عثمان عثمان (مقاطعا): وهذا من ثمار التقوى، الدكتور محمد البرزنجي شكرا جزيلا لك كنت معنا من قطر. فضيلة الدكتور نعود إلى الإخوة المتصلين الأخ عبد المحسن المطيري تحدث عن موضوع إنسان يكون في الصلاة وقلبه منشغل بغير ذلك يخشى الرياء كيف يدفع هذا الرياء؟ هل مطلوب منه أن يجاهد النفس قبل الدخول في الصلاة؟

علي محيي الدين القره داغي: بالتأكيد هذا عليه أن يجاهد نفسه وأن يحاول أن يصلح نيته لله سبحانه وتعالى وأن يبعد عن نفسه يعني مجاهدة هذه الخواطر لأنه خاصة والحمد لله إذا لم يكن هناك مظاهر أنت ما تستفيد من هذا الشيء فقل لماذا أنا أشغل نفسي بهذا والإنسان من تصبر صبره الله، حقيقة مجاهدة النفس إذا إنسان مرة ومرتين حاول في النفس وفي الأعمال وربما في غير الصلاة وفي الصلاة نفسها إذا حاول الإنسان فحينئذ الله سبحانه وتعالى يجعل ذلك ملكة في نفس الإنسان، يمكن في البداية يتعب الإنسان ولكن في الأول لما تدخل وتخلص النية لله سبحانه وتعالى أو أنك تبتعد عن الأماكن التي ربما فيها مثل هذه المظاهر، يعني أنت إذا رحت إلى مسجد وليس لك.. يعني إيش المظاهر اللي فيها؟ فأنت الآن إن شاء الله مخلص نية لله سبحانه ولكن إذا وجد لا سمح الله شخص ربما أنت تريد أن تتقرب إليه مثلا فأنت حاول أن تبتعد عن هذه الأماكن التي ربما فيها الرياء.


عثمان عثمان: وبذلك يدفع الرياء. الأخ جدة حمدان من الكاميرون يعني يسأل في السجود بدل أن يسبح الله عز وجل يسأل الله عز وجل لنفسه.

علي محيي الدين القره داغي: طبعا يجوز الدعاء في الركوع وكذلك في السجود.


عثمان عثمان: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".

علي محيي الدين القره داغي: وهو ساجد، والدعاء إذا كان بما هو لأمور الدنيا ولأمور الآخرة وخاصة لأمور الآخرة لا مانع منها ولأمور الدنيا كذلك حتى، إذا كانت بالمأثور فهو الأفضل ولكن إذا لم يكن الدعاء بالمأثور فإن ذلك جائز خاصة في التطوع، فباب التطوع واسع يعني في صلاة التطوع، في صلاة التراويح، في صلاة التهجد ممكن واحد يسجد ويطلب من الله سبحانه وتعالى كل شيء مشروع.

المواظبة في الطاعة والتوازن بين الخوف والرجاء

عثمان عثمان: نعم، فضيلة الدكتور الأخ أسعد سليمان من كردستان يسأل عن المواظبة على الطاعة بعد رمضان ماذا ننصح حتى يستطيع المسلم أن يكمل مسيرته إلى الله عز وجل بالاستمرار على الطاعة؟ وربما هذا يقودني أن هناك البعض يرى أن رمضان موسم المتقين ومتجر الصالحين وبالتالي يجب على الإنسان أن يضاعف من عمله في رمضان ويعني بطبيعة الحال يكون عمله في رمضان مختلفا عن بقية الشهور.

علي محيي الدين القره داغي: هو رمضان بالتأكيد كما سميناه هو شهر تدريب وترويض أو بعبارة أخرى هو شهر حقيقة لشحن البطارية -إن صح هذا التعبير- خلال هذا الشهر بالقوة الإيمانية ولذلك لكن لا بد أن تستمر، أنت لما تشحن بطاريتك لماذا؟ حتى تستمر السيارة على أقل تقدير سنة ولا شهرين ولا ثلاثة أشهر فلذلك كما قلنا من علامات القبول هو أن يستمر الإنسان في هذا العمل ولكن إذا يعني لا سمح الله لم يتحقق ذلك.. بعدين بالمناسبة جميع الأعمال الموجودة في شهر رمضان موجودة ليس هناك شيء خاص برمضان إلا فريضة الصيام، حتى الصيام بعد ذلك من السنة مباشرة "وأتبعه ستا من شوال" بست من شوال من بكرة، كذلك يومي الاثنين والخميس، الأيام البيض، "صم يوما وأفطر يوما".


عثمان عثمان: هكذا يتواصل.

علي محيي الدين القره داغي: وهكذا وكذلك صلاة التهجد {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً}[الإسراء:79] والصدقات تستمر وكل أعمال الخيرات وقراءة القرآن الكريم، لا يجوز هجر القرآن، فلذلك جميع الأعمال الصالحات.. حتى صلاة التراويح صلاة القيام يجوز للإنسان أن يصلي حوالي ثمانية وثلاث يعني حوالي إحدى عشرة ركعة يصليها طوال السنة ليست هذه الركعات الإحدى عشرة خاصة برمضان ممكن أن تصليها ولكن الخاص هو مع الجماعة وهذه المظاهر التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أكدها سيدنا عمر رضي الله عنه، فلذلك الأعمال الصالحات تستمر والإنسان يواظب عليها.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور، الأخ محمد عناية الله سأل سؤالين ربما إذا بقي معنا وقت نجيب عليهما ولكن بالعودة إلى موضوع الطاعة والعبادة، بعض الصالحين كان يدعو الله عز وجل ستة أشهر أن يتقبل منه رمضان والستة الأخرى الأشهر الأخرى يدعو الله عز وجل أن يبلغه رمضان والآية الكريمة تقول {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون:60] هذا الخوف من عدم قبول الطاعة والعبادة متى يكون صحيا ومتى يكون مرضيا؟

علي محيي الدين القره داغي: الحقيقة هو دائما عظمة الإسلام هو التوازن ولذلك يقول علماؤنا الخوف والرجاء جناحان يطير بهما المؤمن إلى جنات ربه فلا الخوف وحده يكفي ولا الرجاء وحده يكفي، فهذا الذي يحقق التوازن. هناك أناس كثيرون انشغلوا بالخوف الأكثر يعني وهناك أناس انشغلوا أو شغلهم الرجاء عن العمل الصالح بينما الحقيقة الصحيح هو أن يكون الإنسان بين الأمرين بين الخوف.. {..يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً..}[السجدة:16] الطمع هو الرجاء، الخوف الإنسان {..فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}[الأعراف:99] والرجاء أن الله سبحانه وتعالى {..وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ..}[الأعراف:156] فلذلك الإنسان المؤمن يكون متوازنا ومتوازيا بين هذين الأمرين وبالتالي تكون شخصيته سليمة كما يقول علماء النفس، علماء النفس دائما الشخص المتزن هو من كان متوازنا في رجائه وخوفه وفي عقله وعاطفته وفي بدنه وجسمه وفي كل حالته فلذلك هذان الأمران حقيقة لا بد من الضبط الشرعي، الضبط الشرعي هو أن الإنسان عليه أن يعمل بكل ما يستطيع وفي نفس الوقت يرجو رحمة الله سبحانه وتعالى ويحسن الظن بالله سبحانه وتعالى وأنه يموت وهو محسن الظن بالله سبحانه وتعالى ومع ذلك ومع الأعمال الصالحات لا بد أن يكون لديه الخوف من الله حتى يدفعه ذلك.. ولذلك أنا أسميه هذا الخوف إن لم يكن خوفا حقيقيا أسميه الخوف البارد أو الخوف السلبي، الخوف البارد أو الخوف السلبي أنك تخاف وهذا الخوف يمنعك من العمل الصالح، يا أخي الكريم هذا الخوف هو أساسا لأجل أن يزيدك عملا صالحا مثلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان.. رسول الله قدوتنا في كل شيء في الخوف والرجاء، كان كله رجاء إلى الله سبحانه وتعالى ومع ذلك كان له هذا الخوف من الله مع أنه رسول الله مع أن الله قال له {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ..}[الفتح:1، 2] ومع ذلك يقيم الليل حتى تتورم قدماه ويبكي حتى تبتل لحيته المباركة وحتى في بعض الأحيان يبتل المكان الذي كان يصلي فيه أو يسجد عليه يصبح طينا من كثرة سجوده وعبادته لله سبحانه وتعالى، فالإنسان المؤمن متوازن بهذا الشكل الصحيح.


عثمان عثمان: هناك من يقول إن المؤمن يعمل الصالح ويخشى الله عز وجل ويخاف ألا يقبل منه بينما المنافق يعمل السيئات ويرجو أن تغفر له، هل هذا القول صحيح؟

علي محيي الدين القره داغي: هذا أيضا كلام صحيح يعني دائما المؤمن يعمل كما قلت هذا الخوف الإيجابي، الخوف السلبي أن الإنسان لا يعمل ولا يخاف يعني المنافق.. عندنا حالتان حالة المنافقين الذين لا يعملون {..وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}]الكهف:104] شوف والآخرون ماتوا بالخوف يعني من شدة الخوف لم يبق عندهم الرجاء عند الله سبحانه وتعالى فالله أمرنا بأن نعمل، ولذلك رب العالمين حينما وصف المؤمنين الصادقين ماذا قال؟ والذين آمنوا وجاهدوا.. بعد ذلك قال {..ويرجون رحمته..}[الإسراء:57] الذين يؤمنون والذين يجاهدون أيضا والذين يعملون الصالحات هؤلاء الذين يرجون رحمته، أما الرجاء دون العمل فهذا هو عمل أقرب ما يكون إلى عمل هؤلاء المنافقين الذين يعملون السيئات {..وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}.


عثمان عثمان: رمضان فضيلة الدكتور غادرنا ليرفع صحائفنا إلى رب العباد، هناك في رمضان من قصر ربما في تلاوة القرآن، من قصر في الطاعة، من قصر في الالتزام ببعض أخلاقيات الإسلام التي تخدش الصوم، هل هناك من سبيل بعد رمضان انقضاء هذا الشهر الكريم هل هناك من سبيل لجبر ذلك النقص؟

علي محيي الدين القره داغي: هو حقيقة كان سلفنا الصالح يقولون كن ربانيا ولا تكن رمضانيا، الشخص الرمضاني هو الذي يعتبر أن كل شيء في رمضان، أن التوبة في رمضان، أن العمل الصالح في رمضان، أن قيام الليل في رمضان، ولكن أخي الكريم باب الله واسع ورحمة الله أوسع وإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة عباده إلى قبيل إلى ما لم يغرغر ما دام لم يصل إلى حالة قبيل الموت نزع الموت فلذلك كل وقت صالح كل وقت هو رمضان كما قال سيدنا علي رضي الله عنه قال لما دخل عليه واحد وكان يأكل خبزا خشنا فقال يوم عيد يا علي قال اليوم لنا عيد وغدا لنا عيد بشرط أن نطيع الله سبحانه وتعالى وفي كل يوم لا نعصي الله فهو لنا عيد. فلذلك باب الرحمة واسع، من قصر من لم يعمل شيئا فليبدأ الآن في أي وقت ولذلك أمامنا ما شاء الله "الجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهما ورمضان إلى رمضان" وعندنا أوقات الخير والبركة ولكن في الحقيقة مع كل ذلك كل وقت يتقرب فيه الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى فهو وقت رحمة ووقت خير ووقت بركة بالنسبة للإنسان فالمهم في الإنسان أن يعبد الله سبحانه وتعالى في هذه اللحظات ولا يرتبط بالزمن يقول ما دام فاتني رمضان أصبر، طيب من يضمن لك أنك تبقى إلى رمضان؟ من يضمن لك أنك تبقى إلى ساعة؟ من يضمن لك أن تبقى إلى نفس؟ إنسان بين النفسين على خطر الموت، بين دقات القلب

دقات قلب المرء قائلة له

إن الحياة دقائق وثواني

بين هذه الدقة إذا ما دق القلب أنت ميت، فلذلك يجب على الإنسان أن ينتهز الفرصة {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ..}[آل عمران:133] فلذلك يجب علينا أن نسارع وكلمة المسارعة معناها أننا نمشي ونغلب الآخر أننا نحاول أن نسبق الزمن، ولذلك رب العالمين قال إيش؟ {أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}[المؤمنون:61].


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور طبعا نفحات رمضان، هناك صيام الست من شوال، هل يعتبر هذا الصيام أيضا جابرا لما حصل من نقص في أيام رمضان؟

علي محيي الدين القره داغي: هو الحقيقة في جانب جابر ولكن في نفس الوقت مكمل لأن رمضان الحسنة بعشرة أمثالها وبالتالي حينما تكون.. فإذاً الشهر يساوي كم؟ يساوي عشرة أشهر والستة أيام ستين يوما، عشرة، معناها صار كأنه صام الدهر كله فلذلك صيام الست من شوال الذي من غد ولكن يجوز بالمناسبة أن يؤجل خلال شهر شوال وعند بعض المالكية قالوا يجوز طوال السنة لأنهم قالوا من للابتدائية أي بدءا من شوال ومن الابتدائية والانتهاء لم يذكر والانتهاء يكون إلى رمضان، ولكن نحن الحقيقة نرجح قول الجمهور بأن المقصود به أقل شيء الإنسان إذا استطاع أن يكون متتابعا يكون أفضل وإذا لم يستطع أن تكون هذه الأيام الستة غير متتابعة لم يستطع ذلك فعليه أن يصوم خلال هذا الشهر وهو ثلاثين يوما أو 29 يوما يصوم فيه من خلال اثنين وخميس ويزيد شوية حتى يكمل ستة أيام في هذا الشهر ويظل أيضا صائما في الاثنين والخميس والأيام البيض وكذلك يعني يوم عرفة، هناك ما شاء الله نفحات ربانية متعددة في كل الأوقات وفي كل الخيرات وفي كل ليلة رب العالمين ينزل في الثلث الأخير وينادي هل من مستجيب؟ هل من سائل فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ فالنفحات قائمة.


عثمان عثمان: في ختام هذه الحلقة لا يسعنا إلا نشكركم فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي خبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي على حضوركم معنا في هذه الحلقة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، لكم تحيات معد البرنامج الدكتور معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل، دمتم بأمان الله وكل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

علي محيي الدين القره داغي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.