الشريعة والحياة 30-11-2008 / لقطة عامة
الشريعة والحياة

التجسس وتتبع العورات

تتناول الحلقة صور العدوان المتعددة على خصوصيات الأفراد، حيث جعل الإسلام الحياة الخاصة سياجا منيعا لا يجوز الاعتداء عليه أو حتى الاقتراب منه بالكثير من التعاليم الإلهية في هذا الخصوص.

– ماهية الحرمات ومقتضياتها
– ضوابط الحفاظ على الحرمات والتدخل فيها

– أشكال التجسس المعاصرة وأحكام القائمين بها

– وسائل صون الخصوصيات وسبل مواجهة الشائعات

عثمان عثمان
عثمان عثمان
عائض القرني
عائض القرني

عثمان عثمان: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة تأتيكم على الهواء مباشرة من الدوحة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}[الحجرات:12] شهد الواقع المعاصر صورا متعددة من العدوان على خصوصيات الأفراد بل إن بعض وسائل الإعلام أصبحت متخصصة في شؤون الفضائح التي تمس الشخصيات العامة على اختلاف مجالاتها وفي كثير من الأحيان تتورط في اختلاق وإطلاق الشائعات والافتراءات للنيل من المشاهير أو غيرهم والأمر يكون أشد بلاء حينما يتعلق بالعلماء والمفكرين، والإسلام جعل الحياة الخاصة سياجا منيعا لا يجوز الاعتداء عليه أو حتى الاقتراب منه، وفي سورة الحجرات الكثير من التعاليم الإلهية في هذا الخصوص والإسلام يقيم مجتمعه على نظافة الظاهر والباطن معا، وغياب الثقة في الآخرين يدفع إلى عمل قلبي باطن يتجسد في سوء الظن وإلى عمل بدني ظاهر يتجسد في التجسس ولهذا قرن النهي في التجسس أو قرن النهي عن التجسس بالنهي عن سوء الظن، فكيف يصون المسلم لسانه عن الخوض في أعراض الناس؟ ولماذا يولع الكثيرون بالجري وراء الخصوصيات والنميمة؟ ومتى يكون الفجور في الخصومة؟ التجسس وتتبع العورات موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة الداعية الدكتور عائض القرني والذي ينضم إلينا عبر الأقمار الاصطناعية من العاصمة السعودية الرياض، مرحبا بكم فضيلة الدكتور.


عائض القرني: أهلا وسهلا بكم أخ عثمان وأهلا وسهلا بالأخوة المشاهدين جميعا.

ماهية الحرمات ومقتضياتها


عثمان عثمان: حياكم الله، بداية دكتور هناك حديث كثير عن حرمات الناس عن انتهاك المحارم، ما هي تلك المحارم أو الحرمات؟


عائض القرني: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فإن الله سبحانه وتعالى أنزل هذه الشريعة تحفظ أعراض ومسيرة الناس وأسرارهم وهذه من الضرورات بعد حفظ العقل وحفظ الدين وحفظ المال وحفظ النسل ولكن هذه الحرمات هي ما يختص بالإنسان نفسه وما يعود إليه في خصوصياته كأسراره أو أموره التي هو يحب أن لا يطلع عليها أحدا، فالإسلام ضمن له هذا في حدود ما لا يتعدى عن الآخرين، يعني إذا كان الإنسان في بيته أو في مكتبه الخاص فإنه لا يجوز لأحد أن يتجسس عليه ما لم يؤد هذا العمل الذي يقوم به إلى إضرار بالمصلحة العامة لأني لا بد أميز في هذا المسار بين ما يضر بالآخرين وما يتعلق بالإنسان نفسه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال في الحديث الصحيح "لا تتبعوا عورات المسلمين" وقال "من ابتلي بهذه القاذورات بشيء فليستتر بستر الله"، ومقصوده الذنوب التي تخص الإنسان والأسرار التي تقوم به فالإسلام منع هذا وجعل سياجا منيعا وحائطا سامقا يحمي به الإنسان نفسه من العدوان ومن تجسس الآخرين ولا يجوز لهم أن يتسلقوا على هذه الخصوصية ولا على هذه الحرمة والله يحاسبه سبحانه وتعالى، أما إذا تعدى الأمر وتطور إلى إضرار بالأمة بالمجتمع بالدولة فهذا له كلام آخر في الإسلام وله أحكام أخرى ولكنكم أحسنتم في اختيار هذا الموضوع في زمن بدأت تبث فيه الفضائح ويتجسس على الناس ويعتدى على حرماتهم وعلى أسرارهم.


عثمان عثمان: طبعا هذا العصر عصر الفضائيات، عصر الفضائحيات يعني، يعني تحدثتم أو بينتم حرمات الناس فضيلة الدكتور ولكن ماذا عن محارم الله، ما هي محارم الله؟


عائض القرني: أما محارم الله سبحانه وتعالى فهي حدوده وقد بينها سبحانه وتعالى كل ما حرم ونهى عنها سبحانه وتعالى وبين للناس الخاصة والعامة هذه المحارم. ولكننا ونحن نتحدث عن حرمة الإنسان وعن أسراره صار المجال مختلفا فنحن نقول إن الله حرم وحد حدودا فلا تنتهك وجعل الإنسان حرمه أسرار فلا يتعدى عليها أيضا فالواجب علينا أن نراعي الآية، وللعلم يا أخ عثمان والأخوة المشاهدين لا يوجد في الدساتير الأرضية ولا في القوانين الوضعية كلمة {وذروا ظاهر الإثم وباطنه..}[الأنعام:120] فقد امتاز بها الإسلام، ليس في دساتير البشر تهديد لضمائر الناس إلا في الإسلام، الأمم تملك السوط والسيف والأمن والشرطة ولكنها لا تملك الاطلاع على السرائر لا يملكها إلا الله ولهذا يقول {وذروا ظاهر الإثم وباطنه..} يعني أن الباطن مطلع عند الله فنحن نخوف أنفسنا والناس من مسألة اطلاع الواحد الأحد وأنا أطلب الجميع أن نربي أنفسنا على التقوى ونربي بيوتنا ونربي مدارسنا وجامعاتنا حتى تكون عندنا رقابة داخلية وهذا الذي يمتاز به أهل الإسلام عن بقية الأمم.


عثمان عثمان: طبعا عندما نتحدث عن هذا الإنسان، عن حرمات هذا الإنسان الذي هو مكرم من الله عز وجل لهذه الحرمات مقتضيات وتبعات، ما هي هذه المقتضيات والتبعات فضيلة الدكتور؟


عائض القرني: مقتضيات هذه التبعات أولا أن العبد، سوف يحاسب الإنسان أمام الله عما فعل بأخيه الإنسان، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يهضمه ولا يحكره ولا يسلمه، بحسب امرئ من الشر أن يحكر أخاه المسلم"، إذاً الإنسان هذا محاسب بأخيه يعني واجب عليه أن يسلم منه أخوه، إذا لم يصل منك جميل للآخرين فعلى الأقل أن تثبت إسلامك ويثبت الإسلام بأن تسلم قلبك وأن لا تؤذي أحدا، يقول صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" المقتضى الثاني أنه لا تتم الأخوة بين المؤمنين حتى لا يكون هناك شر ولا يكون هناك اعتداء ومنه الاعتداء على الخصوصيات فلن تثق، يعني لن تكون هناك أخوة إسلامية ولا إيمانية في المجتمع إذا كان الواحد يتجسس على الآخر وعينا راصدة عليه ويجمع أخطاءه في زمن نعرف بعض الناس وهم الذين يرتدون النظارات السوداء ويحبون الأغلاط ويفرحون بالذلات ويتصيدون المعايب وعندهم ملفات لعيوب الآخرين لكن هم أهملوا أنفسهم وحتى نعى عليهم الشافعي بقوله

لسانك لا تذكر به عورة امرئ

فكلك عورات وللناس ألسن

وعيناك إن أبدت إليك معايبا

لقوم فقل يا عين للناس أعين

لكن العجيب أن هؤلاء جعلوا أنفسهم درابيل تكتشف لهم أخطاء الآخرين وفضائح الآخرين وهم يحملون الذنوب كالجبال فتركوا أنفسهم واتجهوا للناس ولذلك في الحديث الذي صححه بعض أهل العمل، "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس". المسألة الثالثة إن يعني مسؤولية الضمير للإنسان يكون الرجولة أو المروءة أو الشهامة تقتضي أن الإنسان يترفع أن يكون كالذبابة لا يقع إلا على الجرح يعني بعضهم كما يقول بعض الأئمة كالذباب لا يقع إلا على الجرح فهو يلتمس المعايب ويلتمس الأخطاء وهذه ليست من شيم الأوفياء ولا من أهل المروءة والشهامة فضلا عن أهل الديانة.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور عندما نتحدث عن حرمة الإنسان عن حرمة المسلم هل في زمان ما أو في مكان ما يمكن لهذه الحرمة أن تزول؟


عائض القرني: نعم يا أخي، هناك خصوصية وضبطها أهل العلم الذين تكلموا في خصوصية الإنسان وأسرار المسلم قالوا إذا كان الأمر يخصه وهو بينه وبين الله عز وجل، إنسان في بيته شرب فعل فاحشة ولكنه في بيته الله يحاسبه والله مطلع عليه وليس علينا أن نقتحم عليه منزله ما دام تستر بهذا، كما قال صلى عليه وسلم "من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقيم عليه الحد". لكن يختلف الوضع، الصورة الثانية إذا يعني تصبح حرمته مكشوفة إذا كان هذا الذي تستر عليه فيه إضرار بالأمة إضرار بأمن الناس إضرار بالدولة إضرار بالشعب كأن يخطط إلى قتل يخطط إلى سرقات إلى اعتداء إلى نصب إلى تدمير وتفجير انتهى الموضوع، لا بد أن يضبط هذا عند حده ولا يقول إني أنا ترى خصوصيات ولا إني في بيتي ولا عليكم مني لأنه يخرق في السفينة، وقد سماه صلى عليه وسلم هذا الذي يخرق في السفينة يعني يقول "فإن أخذوا على يديه نجوا" ونجوا جميعا ولا يجوز لنا في مثل هؤلاء أن نتركهم بحجة أنها خصوصيات لهم..

ضوابط الحفاظ على الحرمات والتدخل فيها


عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور يعني بهذه النقطة بالذات ما الذي يضبط عمل الأجهزة الأمنية في بعض البلدان التي تقتحم على الناس بيوتها وتتجسس عليها وتطلع على عوراتها، ما الضابط في حركة هذه الأجهزة تجاه الناس يعني ما الذي يحدد أن هذا ممكن وجائز أو هذا ممنوع؟


الأجهزة الأمنية يجب أن يقوم عليها أهل العقل والدراية والعلم والخوف من الله، أما أن يترك الأمر سائبا لأناس ليس عندهم تقوى ورقابة لله عز وجل فإنهم بلا شك ربما يوظفون هذه الأمور للعداء

عائض القرني: بلا شك يا أخي أنك تعرف أن هذه الأمور يجب أن يقوم عليها ناس من أهل العقل والدراية والعلم والخوف من الله عز وجل، أما أن يترك الأمر سائبا لأناس ليس عندهم تقوى وليس عندهم رقابة لله عز وجل فإنهم بلا شك سوف يوظفون ربما هذه الأمور للعداء أو الأمور الأمنية لتبرير الوظيفة نحو ذلك، فيعود ذلك لأهل العقل وأهل الشأن وأهل الدراية الذين أوكل الله لهم أمانة الأمة فهم يميزون، وينبغي التثبت وهو قانون التثبت الذي نزل في القرآن {يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}[الحجرات:6] يعني لا نأخذ بكل شائعة وبكل خبر وكلما بلغنا شيء أن في هذا البيت كمين وأن فيه أناس يعني جماعة تريد الاعتداء على الناس وتريد يعني الإفساد في الأرض أن نأخذ في هذا، نتبين ونتحقق عن الموضوع وندرس أما مسألة الشائعة واقتحام بيوت الناس والإضرار بهم والتجسس عليهم دون دليل ملموس ودون دليل مادي ودون براهين فهذا مذموم وقد منع الله من ذلك، قال سبحانه وتعالى {..ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا..}[الحجرات:12] ونهى صلى الله عليه وسلم عن التجسس حتى في حديث صحيح لو اطلع رجل على بيتك ففقأت عينه فليس في هذه أو هي هدر أو كما قال صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح..


عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور دعني في هذا المجال أذكر الرواية التي جاءت عن سيدنا عمر رضي الله عنه عندما تسور الجدار على رجل في بيته يشرب الخمر، يعني هو تسور الجدار تجسس عليه دخل دون استئذان هذا ما حاججه به الرجل، في أي مكان نضع هذه الحادثة؟ كيف نستفيد منها في واقعنا اليوم؟


عائض القرني: نعم، هو يا أخي وردت هذه الرواية عن عمر وأوردها الذين كتبوا في سيرته رضي الله عنه اجتهاد من الإمام من إمام العامة ورجع عمر فيما ذكر في الرواية إلى قول الرجل وصوبه نضعها في خصوصيات الناس، يعني أنه إنسان لم يثبت عند الإمام والحاكم ولي الأمر أن هذا الرجل أراد الإضرار بالمصلحة العامة أو أمن الناس لكن إنسانا مثلا معروف عنه السكر والخمر والشرب وهو جالس في بيته هذا لسنا مطالبين في الإسلام ولا الولاية ولا الدولة أن تبحث عنه وأن تأتي برأسه إلى العدالة ونحو ذلك من أهل المنكرات يعني ما دام تستروا الله يحاسبهم وهم في بيوتهم، وعلى هذا سار اجتهاد عمر في هذه المسألة ورجع في الرواية إلى تصديق كلام الرجل كونك تجسست علي ونهى الله عن ذلك ودخلت بيتي ونحو ذلك. وبالمناسب أنت ذكرتني أخ عثمان بمسألة وهي أن أبا حنيفة الإمام النعمان كان له جار يؤذيه كل ليلة وكان يقول إنه كان يشرب فإذا سكر هذا الجار كان شابا أعزب ليس له أهل كان يرقص ويغني في الليل ويقول أضاعوني، كان من السكر يعني، أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغري، واختفى صوته في ليلة من الليالي سأل عنه أبو حنيفة قال الشرطة أخذوه، الشرطة، فلبس أبو حنيفة وذهب إلى مدير الشرطة هناك في الكوفة وأخذ جاره وشفع فيه، فقال جاره أنت أبو حنيفة جاري؟ قال نعم، قال أوذيك وأسهرك كل ليلة وأزعجك وتشفع في! قال حق المسلم على المسلم أنت مسلم، قال فأشهد الله ثم أشهدك أني تائب إلى الله، فبمثل هذه الوسائل يمكن أن نهدي الناس بالتي هي أحسن بالستر عليهم بنصحهم دون أن نفضحهم ولذلك بينت هذه الخصوصية فيما سبق من الحديث.


عثمان عثمان: نعم فضيلة الشيخ عندما نتحدث عن خصوصيات الناس عن خصوصيات البشر هل من ضوابط ما تضبط هذه الخصوصيات؟


عائض القرني: يمكن أن تكون هناك مسارات عامة مثل أن يقال هذه الخصوصيات ليس لها علاقة بالآخرين، الأمر الثاني أنهم يكرهون الاطلاع عليها وليس فيها ضرر على المجتمع، الثالث أننا لم نؤمر في الإسلام بالتنقيب عن هذه المسائل بنصوص وردتنا كنص يعني مثلا لا تتبعوا عورات المسلمين فإنه من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته ومن تتبع عورته فضحه ولو عكر في داره، يعني الإنسان يفعل منكرا في بيته، هل أنا مسؤول في الإسلام أن أذهب وأشتكيه وأني أحاصره واقتحم عليه منزله؟ لا، الناس يعني فيهم ذنوب وعندهم خطايا والله يحاسبهم، لكن إذا رأينا المنكر أمامنا في الشارع في الطريق أمرنا أن نتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر صار مكشوفا الأمر أو أن هناك يعني تخطيطا يريدنا ويريد المجتمع والأمة كما سلف من كلامي هذا أيضا ننكره، فلذلك ينبغي أن نراعي هذه المسارات العامة التي هي يعني بينها الإسلام في نصوص أن نبقي الناس على خصوصياتهم أيضا أننا نعلم أن هذا يخص الرجل يعني ذنب يسمى الذنب يعني النفسي أو الذاتي أو الذي لا يتعلق بالآخرين فمثل هذا نتركه والله يحاسبه ما لم يعلنه ويجاهر به.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور عندما نتحدث عن الخصوصيات نتحدث عن التجسس الذي من خلاله يتم انتهاك هذه الخصوصيات اليوم أمام الفضاء المفتوح أمام الأقمار الاصطناعية أمام شبكة الإنترنت أمام الأجهزة الخلوية يصبح الإنسان مكشوفا بالكامل أمام كل هذه التقنيات، كيف ينظر الإسلام إلى هذا الموضوع؟


عائض القرني: نعم، صدقت، أولا الحمد الله أبشرك وأبشر الأخوة المسلمين أن الإسلام احتاط في كل مسألة حادثة ومعاصرة احتاط منذ نزول الوحي لهذه الوسائل حتى استطرادا، مسألة الاقتصاد احتاط لها قبل وأقول في سطر إنه ألغى الفائدة الربوية من قبل وقال 2,5 من الزكاة للناس، الآن الخبير الأميركي المشهور يقول لا بد من إلغاء الفائدة لإنقاذ الاقتصاد ولا بد من اثنين  للمجتمع يعني، لكن أعود لمسألة هذا التجسس، الإسلام قال {وذروا ظاهر الإثم وباطنه..} الإسلام ربى الرقابة، صحوة الضمير قبل أن تأتي هذه الوسائل ولذلك الذين يقعون الآن في التجسس وفي فضح الناس هؤلاء أناس ليس عندهم ضمائر، أناس أموات ما عندهم إنسانية ولا مروءة وما عندهم تقوى، أنا ما أدري كيف يقوم هذا الإنسان في إنسانيته الذي يفرح بذلة الإنسان وبعثرة أخيه الإنسان وبفضيحته، ما أدري أي قلوب تحملهم وهم يتمتعون برؤية الفضائح في مواقع الإنترنت أو يشاهدونها عبر الجوال أو في صور يعني مدبلجة ما أدري أي إنسان يعني نعرف أنه فقد التقوى لكن نفس إنسانية الإنسان تأبى عليه أنك تنظر لأخيك الإنسان وهو في موضع يعني مؤسف وموضع مزري وموضع فاضح مكشوف وأنت تتمتع بهذه الرؤيا بل بعضهم يتبرع لا مشكورا ولا مأجورا بنقلها إلى مواقع أخرى ويرسلها عبر الجوالات والله يقول{ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}[النور:19] قالوا عذابهم في الدنيا، يقول المفسرون إن يهتك الله ستره وأن يفضح سره وأن يهدم مجده فينفضح وتراه ذليلا وتراه في عري وفي انكشاف وفي فضيحة أمام الناس مثلما أحب أن يعثر الناس يعني كان من الواجب على الإنسان إذا كان عنده إيمان وعنده تقوى أن يأسف إذا سمع الخبر وأن يستر، حتى يقول الله سبحانه وتعالى للؤمنين {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا..}[النور:12] خبر عائشة رضي الله عنها أو ما نقل عنها من الإفك  المفتعل، يقول أين أنتم لماذا ما تظنون في أنفسكم خيرا، لماذا لا تكونوا أنتم واثقين من مبادئكم؟ لماذا أنتم يعني ما تأسفون لمثل هذا الأمر ولا تسمحون للشائعة أن تشيع في الذين آمنوا..

أشكال التجسس المعاصرة وأحكام القائمين بها


عثمان عثمان (مقاطعا): وماذا فضيلة الشيخ يعني عن من يتبع زلات العلماء، أقوال العلماء دون التثبت من صحتها، يتبع الإشاعات ليشيع الفاحشة بين الناس وليسيء سمعة بعض أهل العلم؟


عائض القرني: يا أخي في المجتمع شريحة اسمها أفراد وكالة قالوا، وهي وكالة كاذبة خاطئة، قال صلى الله عليه وسلم بئس مطية الرجل قالوا، وقال، وزعموا، وقال عليه الصلاة والسلام "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع"، هؤلاء أبطال الشائعات أناس فارغون لا عندهم تقوى ولا مروءة ولا عندهم عمل منتج فهم متخصصون في نشر الشائعات وتصيد الأخطاء والذلات وبتر كلام العلماء، والحقيقة أن المجتمع له ستره وله احترامه سواء مسؤول، أمير، وزير، عالم، تاجر، مواطن، أي فرد من أفراد المجتمع له حقه وكرامته ولكن العلماء لأن الله جعل لهم قدرا سبحانه وتعالى، ليس هذا العلماء هم الذين أخذوا هذا القدر، الله سبحانه وتعالى يقول {..يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات..}[المجادلة:11]، {..قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..}[الزمر:9] لأنهم يوقعون عن الله عز وجل ولأنهم عندهم ميثاق ولأنهم حفظوا النصوص ولأنهم يعني مرشدون وموجهون للأمة فصار لهم قدر ومنزلة، نحن لا بد أن ننزل الناس منازلهم، السلطان المقسط ولي الأمر العادل ذي الشيبة الكبير في السن العالم العابد لا بد أن ننزل الناس منازلهم، المشكلة أن بعض..


عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور لو أردنا هيك أن ندخل في موضوع التجسس في بعض التفاصيل أكثر يعني ما حكم المدير الذي يتجسس على موظفيه بحجة مصلحة العمل؟


عائض القرني: عموما أصلا لا بد أن يضبط هذا الأمر بأن العمل يؤدى على الوجه المطلوب فإذا حصلت أمور وبلغته فيتثبت أما أن يبدأ هو في نفسه فهو ممنوع في الإسلام، في سنن أبي داود بسند صحيح عن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنك إن ذهبت تتجسس عن عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت تفسدهم، قالها العلم استفاد معاوية من هذا الحديث لأنه تولى أمر الأمة فنفع الله به فكان يغضي الطرف وكان يتغابى عن كثير ويتغافل عن كثير من المسائل، فالحديث واضح يقول إن للمسؤول، لمدير الدائرة، للوزير، يقول إذا ذهبت أنت تبحث بدون سبب يعني ما أتاك خبر شيء تفسدهم أصلا وإذا اكتشفوا أنك تتجسس عليهم لا يصبح هناك ثقة ولا أمانة ولذلك منع صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ، فنقول للناس اجعلوا الناس، الأصل البراءة، الأصل الخير للناس، الأصل، حتى في سامحني بيت عامي يقول [ما يسك حسين قود الرديين والأثر الطيب وسيعا بطانه، والمتنبي يقول

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه

وصدق ما يعتاده من توهم

لأن الردي ينظر بعين طبعه يعني السيء الخائن في وزارته في ولايته في إدارته يظن الموظفين خونة ولذلك يتجسس عليهم فيفسد، ممنوع هذا، لكن..


عثمان عثمان (مقاطعا): طبعا هذا الموضوع يمتد يعني يضيق ويتسع يمتد ليصل إلى تجسس الزوج على زوجته والزوجة على زوجها، الزميل في العمل على زميله، وهكذا الأقران يتجسس بعضهم على بعض سواء من خلال دخول الإنترنت من خلال الهاتف تسجيل مكالمات صوتية أو حتى يصل الأمر إلى تسجيل فيديو كله قضية متصلة بعضها ببعض.


عائض القرني: نعم، أحسنت، أنا قريب عهد بمقالة في الأسبوع الماضي فن التجسس بين الزوجين وقلت إن الغيرة الشرعية مطلوبة في حدود الشرع لكن إذا زادت يا أخي صارت وهما صارت مرضا، أنا أعرف شبابا الآن مرضى موسوسين عندهم وسواس قهري أصبح يتجسس على جوال زوجته الرسائل التي تصل على ملابسها أوراقها أدراجها، تصدق يا أخ عثمان أعرف بعضهم يجعل جهاز تسجيل على هاتفها الثابت في البيت، صار هذا مريضا، أصبح يعني عميلا للاستخبارات، أصبح عمله سريا لوجستيا استخباراتيا، ما أصبح هناك ثقة ولذلك تفسد العلاقة الزوجية، من هنا وبالمقابل في زوجات تحولت إلى جاسوسات فهي تراقب تصرفاته وحركاته وهي مريضة وموهومة ومسكونة بالشك والريبة وتبحث في جيوبه، وأنا أقول هذا من واقع لأني رأيت رسائل في الندوات والمحاضرات والمكالمات، هذا ينبغي أن نوقف هذا المد وهذا المرض عند حده لأنه يهدم البيوت لأنه يتسبب في الطلاق والفراق ولذلك ينبغي أن نأخذ نحن بالظاهر وليكن عندنا غيرة شرعية ونحمل الناس على الخير وعلى البر، لكن لماذا هذه الطريقة التجسسية الطريقة التي تتصيد الخطأ وتفرح بالذلة وفيها ريبة، لماذا لم يكن عندنا ثقة؟ أيضا بعض الآباء عينهم مرصدة على أبنائهم، عذبهم في الحياة الدنيا، حتى يتجسس عليهم في بيوتهم وفي حركاتهم وفي سكناتهم، تصور معي أنه ينزع هو البسمة من أطفاله بسبب نفسه التجسسية والموسوسة وإذا دخل عليهم كأنه ملك الموت دخل عليهم، أيضا بين الزملاء والأصدقاء يوجد هذا ولذلك منع في الإسلام، طلب منا حسن الظن، {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم..}[الحجرات:12] بعض الناس عنده وهم ولذلك يشك ويظن الظن السيء حتى يقول عمر رضي الله عنه إذا سمعت كلمة من أخيك فابحث لها عن محمل من العذر فإن لم تجد لها محملا قل لعله يريد كذا وكذا، يعني ابحث، ابحث عن أسباب، أبحث عن مبررات، أبحث عن تفسيرات لها لكن..


عثمان عثمان (مقاطعا): طبعا نحن في سياق الحلقة سنتحدث عن وسائل صون الخصوصيات ولكن دعني فضيلة الدكتور أن نأخذ على البريد الإلكتروني أحد الصحفيين يقول أنا شاب صحفي وتعلم أن الصحافة هي عين المجتمع وعملي يقتضي متابعة هذا أو ذاك لكشف حقيقة أو فضح أعمال غير لائقة قد يقوم بها أناس المفترض أن يكونوا مسؤولين عن المجتمع، هل هذا يعتبر كشفا للعورات وتتبعا لها؟ أسمع منكم الإجابة إن شاء الله بعد فاصل قصير.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان التجسس وتتبع العورات مع فضيلة الداعية الدكتور عائض القرني، فضيلة الدكتور عمل الصحفي هو متابعة الناس وخاصة المسؤولين الذين لهم مواقع مسؤولية في المجتمع، هل يعتبر ذلك من التجسس المحرم ومن التتبع للعوارت؟


عائض القرني: عمل الصحفي في مثل هذا أو التجسس في مثل هذا الأمر على أمرين، أو على ضربين، ضرب يباح له وقد يكون من المصلحة وهي إذا كان هذا المسؤول وهذا الإنسان يسعى في إضرار المجتمع كأن يكون إنسانا مرتشيا، مختلسا، مشهورا عنه أنه يعني كاذب فيما يقول مثلا يدعو لمساهمات وهي وهمية وقد جرب عنه الكذب وقد يغتر المجتمع فمثل تعرية هذا مطلوب لأنه يضر باقتصاد الناس بأمن الناس براحة الناس ولا نقول هذه من خصوصياته، لا، لأنه هو تعدى إلى حدود الآخرين فالواجب أن نعريه نحن، نعريه أمام الرأي العام بأقلامنا ببرامجنا في محاضراتها ولو سميناه باسمه كان حسن هذا، وأمر يخصه هو ذنب يرتكبه كأن مثلا يفعل بعض المنكرات مثل الشرب، هذا لا دخل لنا فيه ولا يجوز للصحفي أن يتعرض لشخصه هو ويقول إنه فاجر وإنه يفعل كذا، هذه أمور وذنوب بينه وبين الله ولو كانت كبائر ولكن الذنوب التي يتعدى بها على الآخرين ويكون فيها إضرار بالناس لا بد أن نبين وإذا سكتنا أجل ما هي قيمة القلم وقيمة الرأي والله سبحانه وتعالى قد عرى أعداءه بل سماهم بأسمائهم سبحانه وتعالى وكشف أمورهم وقال {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}[الأنعام:55]، فإذا سكتنا عن المزور وسكتنا عن الكذاب والجائر والذي يأخذ أموال الناس والذي يعني يلعب بهم والذي يرصد لهم الحيل والذي يمكر بهم هذا ليس من الحكمة ولا يدعو الإسلام له هذا، هذا يسمى غفل، هذا حمق، فلا بد يعرى هذا المجرم ويظهر ويكتب عنه، وأما..


عثمان عثمان (مقاطعا): في موضوع تتبع العورات يعني هناك الحديث الذي يقول إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم، طبعا هذا ينطبق على الأشخاص، على المؤسسات، على الحاكم والمحكوم، كيف يمكن شرح تطبيقات هذا الحديث في واقعنا المعاش اليوم؟


عائض القرني: حديث معاوية عند أبي داود، يقوله صلى الله عليه وسلم، والعجيب أن معاوية تولى الحكم وطبق ذلك مشكورا مأجورا رضي الله عنه، حديث معاوية فسره العلماء بأن على الحاكم والأمير والوزير والمسؤول والمدير ونحو ذلك كل فيما يخصه أن يبقوا الناس على ما هم عليه وأن الأصل فيهم الثقة، ما نحن نبحث في الناس، ننبش عن أخبارهم وندخل في ضمائرهم ونتجسس على بيوتهم حتى يأتينا خبر ويظهر لنا أمر ويصلنا إخبارية فنتثبت عندها، فالأصل لأن بعض الآن الأنظمة التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية مثل بعض الأنظمة القمعية، أصلا صار الإسلام عندهم تهمة وتجسسوا على الناس ورصدوا حركاتهم وصار حتى الذهاب إلى المسجد تهمة والحجاب تهمة وصار اجتماع خمسة يعني كلما اجتمع خمسة جمعوهم وقالوا يخططون لقلب نظام الحكم، وأذكر بالمناسب يعني بين قوسين يقول في بلد لا يحكم بالشريعة دعوهم مجموعة قالوا أنتم تخططون لقلب نظام الحكم فقال أحدهم وكان مزاحا أصلا الحكم مقلوب خلقة فلا يحتاج إلى قلب. فأقول مثل هذا المنهج لا يؤيده الإسلام، الناس الأصل فيهم أنهم خير وأنهم مواطنون صالحون والحمد لله ما بنبغي أن نضغط عليهم بأجهزة ونرصد أخبارهم وأسرارهم لكن إذا أتانا ريبة وأتانا شك نتثبت ونبحث إذا جاءنا الخبر حتى نكون كما أمرنا سبحانه وتعالى متبينين متثبتين حتى يقول سبحانه {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا}[الإسراء:36] فهذا..


عثمان عثمان (مقاطعا):  فضيلة الدكتور عندي الآن إيميل من أحد السادة المشاهدين يقول لقد تكلمت كلمة سيئة بحق الشيخ عائض لكن من باب الخطأ ظننته شخصا آخر أطلب من الشيخ السماح. أنت الآن تسمع وربما تسامحه ولكن ماذا الذي يتكلم بحق آخرين لا يسمعونه وكيف يطلب منهم السماح؟


عائض القرني: أولا أقول لك من قناة الجزيرة سامحك الله وعفا الله عنك وعفا الله عنا وعن جميع المسلمين في هذه العشر وفي غيرها وأقول يا أخي أنا أنصح نفسي وإياك وجميع المسلمين أن نتقي الله فيما نقول وفيما نكتب وأن نعلم أن الله سيحاسبنا على ما نتفوه به وأنه سوف يقتص للناس الأبرياء من حسناتنا وسوف يوضع من سيئاتهم علينا فالله الله في اللسان، الله الله في السمع والبصر والقلم وغفر الله لي ولك حتى أني تذكرت أن الشعبي العالم الكبير قام رجل فسبه قال الشعبي إن كنت صادقا فغفر الله لي وإن كنت كاذبا فغفر الله لك.


عثمان عثمان: نأخذ فضيلة الدكتور بعض الاتصالات من السادة المشاهدين، الأخ عبد الله إبراهيم من مصر تفضل أخ عبد الله.


عبد الله إبراهيم/ مصر: أشكر قناة الجزيرة أولا والدكتور عائض القرني، عرفنا أن التجسس حرام، ما حكم من سن قانونا أو أعطي رخصة من الحاكم أو الحكومة بالتجسس على أحد أفراد الشعب أو مجموعة من الشعب؟ وما حكم من يتعاون معهم؟ وما واجبنا العمل معه إذا كان التجسس كفرا بواحا أو حراما؟ شكرا، السلام عليكم.


عثمان عثمان: شكرا، تجيب فضيلة الدكتور؟


إذا كان التجسس ليس له مبرر ولم يأت بعلامات ولا ببينات فلا يجوز التجسس على الناس

عائض القرني: يا أخي في مثل هذا ينبغي أن نعود إلى ضوابط الشرع، أصل قيام الدولة الإسلامية، نحن نتكلم عن دولة الإسلام وما يخالف ذلك يعتبر لاغيا، أن تقوم هذه الأجهزة لأمن الناس ولحماية استقرارهم وراحتهم فإذا كان التجسس ليس له هناك مسبب ولم يأت علامات ولا بينات فلا يجوز أن يتجسس على الناس ولكن افرض أنه جاء من جهة محددة أنهم يهددون الأمن أو ضبطوا متلبسين بأمور تفسد المجتمع كالمخدرات أو تفجيرات أو نحو ذلك، هل يقال لا هذه خصوصيات لهم ولا يتدخلوا في شأنهم؟ لا، الإسلام بين، الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هذه سفينة نركبها جميعا ما نترك الجاهل يخرق في السفينة، لكن أما أن تتحول هذه الأجهزة إلى تجسس على الناس وإلى اعتداء على حرماتهم وإلى التنكيل بهم فهذا محرم وهذا لا يجوز التعامل معها أصلا وعملها باطل وهي تسعى في الإثم والزور والبهتان، هي أقيمت لأمن الناس..


عثمان عثمان (مقاطعا): نعم فضيلة الدكتور، نعم، نأخذ الأخ جابر السهلي من السعودية.


جابر السهلي/ السعودية: مساكم الله بالخير، عندي سؤال للشيخ عائض القرني بخصوص من يتجسس على الناس برخصة دينية، وأقصد الأخوة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، السؤال هل يجوز القفز على بيوت الناس وتتبع عوراتهم باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟


عثمان عثمان: نعم، شكرا لك. أخ منصور حمدان من السعودية.


منصور حمدان/ السعودية: السلام عليكم، كيف حالك يا شيخ عساك طيب إن شاء الله؟


عائض القرني: أهلا وسهلا يا أخ حمدان، أهلا وسهلا.


منصور حمدان: أحبك في الله يا شيخ.


عائض القرني: أحبك الله الذي أحببتنا فيه.


منصور حمدان: أنا ما أبغى منك إلا طلب بسيط الله يطول في عمرك إن سمحت لي.


عائض القرني: إيه تفضل.


منصور حمدان: أرجو منك الدعاء لي في هذه الأيام الفضيلة الله يطول عمرك..


عثمان عثمان (مقاطعا): شكرا أخ منصور، شكرا. سالم أحمد من المغرب.. يبدو أن الاتصال انقطع من المصدر، فضيلة الشيخ يتحدث الأخ جابر عن موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر البعض يقول بأنها تتجاوز عملها لتتبع الناس إلى بيوتهم، كيف تردون على هذا الأمر؟


عائض القرني: أولا أشكر أخي جابر وأقول هيئة الأمر بالمعروف هذا جهاز شرعي حكومي أقيم لإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو جهاز في غالبه جهاز صالح يؤدي عمله على ما يرضي الله عز وجل، ولكن قد يحصل تجاوزات شأنه شأن الأجهزة الأخرى التي تعمل لأنهم بشر ليسوا بأنبياء وقد يحصل منهم ولكن لا نعلم أن عندهم رخصة في اقتحام بيوت الناس ولم أسمع عنهم يفعلون ذلك ويزاولون، أنا شاهد عيان وأعيش في الرياض وفي مدن المملكة لم أسمع، لا يسمح لهم كعمل ولا يسمح لهم في الشرع فإن حصل أنه حصل من بعض أفرادهم فهذه أخطاء يعني تحصل للبشر ولكن بالنسبة أقولها من قناة الجزيرة جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني ساهم في تثبيت أمن الناس وفي راحتهم وفي إسعادهم والغالب من يعمل فيهم من أهل الذمة والأمانة والدين ومن طلبة العلم وإن حصلت التجاوزات فهذه ما يخلو منها البشر في كل جهاز يحصل ذلك ولكن بعض الناس عنده حساسية من هذا الجهاز لأنه يتوهم أنه يحد من حرياته وبعض الناس يريد الانفلات طبعا ويريد أن تكون الأمور فوضى فلذلك يعلق على هذا الجهاز ويمقته ويحاربه ولكن هو جهاز شرعي وأحمد الله أن السعودية تميزت بجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد أسسها الملك عبد العزيز رحمه الله بمرسوم وهي تقوم بأدوارها وغالب الذين فيها الآن دكاترة وطلبة علم ومشايخ وفضلاء وأنا أنصح إن كان فيهم من يتجسس على أسرار الناس أو يقتحم بيوتهم أن يعود إلى الشريعة وأن يعرف أن هذه خصوصيات وأوصيهم أيضا باللياقة مع الناس والرفق بهم واللين، هم يوصوننا ونحن نوصيهم..


عثمان عثمان (مقاطعا): نعم، واضح فضيلة الدكتور، الأخ أبو عبد الله من الأردن يسأل لو كان لي جيران يتعاطون المخدرات في بيوتهم ولا يؤذونني هل نبلغ عنهم لأنهم يسيئون إلى المجتمع أم أتركهم حيث يعتبر الإبلاغ عنهم تجسسا عليهم؟


عائض القرني: لا، الضابط الشرعي في هذا إن كان أخذهم للمخدرات لأنفسهم هم ولا يبيعون ولا يتصرفون ولا يزاولونها في المجتمع فهم تنصحهم بطريقتك الخاصة ولكن لا تبلغ عنهم، الله يحاسبهم، قد يتوبون وقد يعودون وأمرهم إلى الله، أما إن كانوا هم يروجون المخدرات ويبيعونها ويزاولونها فهذا ضرر يهدد أمن المجتمع ويهدد دين المجتمع فتبلغ عنهم ويوقفون عند حدهم وهذا هو الضابط الشرعي وهو مبين عند أهل العلم حتى من كتب في الحسبة كابن تيمية أو العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام أو غيرهما من علماء الإسلام.


عثمان عثمان: طبعا فضيلة الدكتور تتبع العورات التجسس من شأنه أن يشيع الفاحشة بين المسلمين ويدمر المجتمع، ما جزاء من يشيع الفاحشة في المجتمع الإسلامي؟


عائض القرني: أولا من يشيع الفاحشة وهو الرجل الذي يستسهل بذنوب الناس وفضائحهم وينشرها لأنه يسهلها مثلما قال عثمان رضي الله عنه ود الزاني أن يزني الناس وود السارق أن يسرق الناس، لكن الإنسان أتت منه كبيرة ولكنه تكتم واستغفر وندم فأمره إلى الله عسى الله أن يتجاوز عنا وعنهم جميعا، وقال سبحانه {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله..}[آل عمران:135] ولكن إنسان معلن بنشر الفاحشة في الذين آمنوا إما بنفسه أو بالآخرين فهذا يعظ وينصح أو يردع بالحكم الشرعي بقوة السلطة بقوة الأمر ولذلك الشرع سن الحدود والتعذيرات لمثل هؤلاء إذا ما نفع فيهم الوعظ، إذا ما نفع فيهم النصح والتوجيه فإنهم يردعون كل بحسب يعادل القضاء في ذلك ولا أي أمة من أمم العالم أنا أنعى لبعض الكتاب يقول لماذا ما يسمح بفضاء الحرية وينشدون الحرية الوهمية، الحرية يا أخي لها ضوابط، ليس في العالم دولة مفتوحة بلا خطوط حمراء، لا يستطيع أحد في دولة من دول العالم إلا أن يصل إلى خط أحمر، حريتك تنتهي عندما تبدأ في الاعتداء على حريات الآخرين أو أن تدوس القداسات أو أن تلغي الشريعة أو بعض أحكام الشريعة.

وسائل صون الخصوصيات وسبل مواجهة الشائعات


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور طبعا بالانتقال من التجسس إلى صون حرية الناس، الوسائل التي تصون هذه الحريات من أولى هذه الوسائل قول الله عز وجل {..اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم..} ولكن بعض الناس مولعون بسوء الظن مولعون بالغيبة مولعون بالنميمة وربما في هذا إجابة على أسئلة إحدى المشاهدات من كندا، كيف يمكن للمسلم أن يضبط نفسه عن الخوض في هذه الإشاعات وفي هذه الموبقات طالما أن النفس تهوى ذلك وترغبه؟


عائض القرني: بلا شك أن الشريعة الإسلامية جاءت لتربية الناس على مبدأ الوحي الذي بعث به سيد الخلق صلى الله عليهم وسلم، فلا بد نحن أن الأصل في الإنسان بلا شريعة أنه كالبهيمة كما قال سبحانه وتعالى {..إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}[الفرقان:44] فأتت الشرائع لإصلاح الناس، نقول إن الشريعة لإصلاح الضمير، لإصلاح القلب {ولا تقف ما ليس لك به علم..}، {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}[ق:18] {..ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا..}،كف عليك هذا يقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل قال كف عليك هذا، وقال صلى الله عليه وسلم أتدري يا معاذ ما الذي يكب الناس على، قال ثكلتك يا معاذ، هل يكب الناس في النار على مناخرهم وأنوفهم إلا حصائد ألسنتهم. فينبغي أن نربي الناس على عدم سوء الظن، يعني يكون الأصل في الإنسان حسن الظن، إما إذا أتى أمور ودلائل وبراهين فحينها يتغير حسن الظن إلى أن نسيء الظن بمن يأتي منه الخطأ ويأتي منه الذنب، أيضا علينا أن نطهر ألسنتنا، يقول صلى الله عليه وسلم وذكر أخاك بما يكره يعني الغيبة، قال فإن كان في أخي ما أقول فقد اغتبته، قال فإن لم يكن فيه؟ قال فقد بهته. ونربي أنفسنا أيضا على ترك اللعن والشتم، يا أخوان في اللسان تسعة أعشار الذنوب، حتى الغزالي حجة الإسلام في الإحياء عدد المسائل أو الأخطاء أو الذنوب التي تأتي من اللسان، الغيبة النميمة، الشتم الاستهزاء القذف اللعن، جاء الإسلام لحل هذه لكن المشكلة يا أخوة أن الإسلام اختفى الآن في التربية وفي الحكم في كثير من البلدان الإسلامية، الآن كثير من المسلمين مسلم بالهوية ولكنه لا يرده شيء، يغتاب ويلعن ويمشي بالنميمة فيا دعاة الإسلام ويا علماء الإسلام يا مفكري الإسلام أعيدوا الناس وربوهم على شريعة الله التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم لأنها أتت لإحياء الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور وتربيتهم وهذا هو الحل الصحيح والله ما يصلح أي حل آخر غير حل الشريعة المحمدية التي أثبت، يعني حتى الأعداء الآن بدؤوا يشهدون، أنا أقرأ عمدة لندن قبل سنة يقول إنها تطبق بعض أحكام الإسلام لأنه لا حل للمجتمع البريطاني إلا بتطبيق بعض الحدود، في أوكلاهوما يا أخي يطبق حد الإعدام الآن، إعدام القاتل، قالوا لا حل إلا نأخذه من الإسلام، في مذكرات ريتشارد نيكسون يقول إن الأفكار العظيمة في الإسلام وللأسف أميركا قوية ولكن ما عندها أفكار عظيمة، عندنا قواعد وعندنا شريعة {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون}[المائدة:50].


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور طبعا أنتم أجملتم الآن وسائل صون الخصوصيات، اجتناب الظن، حفظ اللسان، تحريم الغيبة والنميمة، عدم السب والشتم، ولكن اسمح لي فضيلة الدكتور أن أنقل ما روي عن الإمام حسن البصري، روي عنه قوله ثلاثة ليس لهم حرمة، صاحب الهوى والفاسق المعلن والإمام الجائر. كيف تعلقون على هذا؟


عائض القرني: أولا هذا الأثر الحسن البصري ليس من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونحن لسنا متعبدون إلا بالشريعة التي هي الكتاب والسنة وفي هذا الأثر نظر، قد عدت إليه سواء من سنده أو سواء من معناه لأنه سوف يكون الأمر فوضويا، من الذي يقيد لنا مثلا صاحب الهوى؟ يعني إذا اشتهر بإنسان أنه مبتدع فهذا معلوم أن يكشف للناس وينصح ولكن إذا كان الإنسان أخطأ في مسألة وأتى بعض الناس صنفه على أنه صاحب هوى وقال عليكم أن تأخذوا عرضه يمينا.. من الذي يصنف هؤلاء أو يحكم أو يكون يملك يعني القرار في ذلك؟ مثل الفاسق المعلن بفسقه، الفسق هو درجات لكني أرى من اشتهر بالفجور وقال الرأي العام وقال العرف أنه أصبح فاجرا فمثل هذا يعلن عنه ويحذر منه. الإمام الجائر ليس على كل لأننا أمرنا في الإسلام أن نصلي خلف الإمام الجائر إذا كان لم يعلن الكفر، يقول صلى الله عليه وسلم لا إن لن تروا كفرا بواحا، وقد صلى الصحابة خلف الحجاج بن يوسف وهو جائر وهو ظالم ولم يخرج عليه فلا يخرج ولا يتكلم وإذا فتح باب التحدث وتعرية الإمام الجائر أتت الفتن وأتى التحريض، ما لم نر كفرا بواحا أو يعلن هو بنفسه الكفر أو يأتي بكفر، لا، ليس هناك اختلاف أن هذا مكفر فله حكم في الإسلام معروف..


عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور طبعا الشرح في هذا الموضوع ربما يطول ولكن دعنا ننتقل إلى سؤال مهم جدا، كيف للمسلم أن يتعامل مع الشائعات مع أخبار الفضائح مع الكلام الذي ينطلق في خصوصيات الناس؟


عائض القرني: أنا أنصح الجميع الآن أمام الخصوصيات أن لا يبحثوا هذا الملف وإذا جاء أن يحموا أسماعهم وأبصارهم وألسنتهم، الأصل أن تغلق على هذا الأمر في زنزانة الإهمال والنسيان، إذا بلغت عن خبر وعن فضيحة وعن أمر سيء عن إنسان فإنك لا تسأل والواجب أن لا تقف وأن تعرض وأن تصفح الصفح الجميل {ولولا إن سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا..}[النور:16] وتقول لا دخل لي فيه وأنا أستغفر الله وأحمي سمعي وبصري كما كانت صفية رضي الله عنها في خبر عائشة وكما قال كثير من المؤمنين فنحن نقول لا دخل لنا ونستغفر الله وننصح من يمارس هذا المذهب وهذه الشغلة المقيتة الدنيئة الرخيصة التي يقوم بها التافهون الحقراء الذين لا يملكون رجولة ولا شهامة ولا إنسانية والذين يوزعون الفضائح على الناس نقول أنتم ينبغي أيها الجبناء أن تتوبوا إلى الله وأن تتركوا هذه القضية أو هذه الطريقة التي هي ممقوتة شرعا وعقلا وطبعا ولا تليق بالإنسان السوي إنما تليق بكل إنسان فيه حقارة ونذالة ونقص معنوية وليس فيه إنسانية وفاقد شعور وميت ضمير، فننصح ونغلق هذا الملف..


عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور يعني الآن من وسائل المواجهة هذه الشائعات قول الله عز وجل {يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..} هذا الفاسق إذا كان إنسان ربما يستطيع التبين ولكن الآن نجد هذا الفاسق تحول إلى مجلات إلى جرائد إلى فضائيات وإنترنت وغير ذلك، كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع؟


عائض القرني: بلا شك أنه وقد عقد عن هذا الفاسق الذي هو الفضائيات مؤتمر قبل أسبوعين في قطر وحضرت من ضمن من حضر وكان يتحدث عن هذه المسألة كيف يتعامل وينتهى من التوصيات إلى أمور، أولا أننا نقول من هذا المنبر إن على الحكومات أن تحمي دين الناس، أول ما يجب على الدولة أن تحمي الدين والمعتقد وأخلاق الناس والأخلاق تحميه بمسألة بمنع هذه الفضائيات إن استطاعت والصحف أيضا، عدم التسارع في أعراض الناس وعدم ترك المجال لهم في فضح الناس وبعض الناس من المحاورين يقول إن الحكومة لا علاقة لها بالأخلاق، بينما كثير من الدول الآن تتجسس يعني على تثاؤب الناس وعطاس الناس بينما الأخلاق التي هي قوام المجتمع تقول لا دخل لي فيها، بل هي لها دخل. الثاني أن يقوم العلماء ورجال الإعلام بنهضة وبتوجيه وبشرح لهذه المبادئ الخالدة الإسلامية ويبين للناس أن هذا حرام. الثالث آخر الدواء الكي أن يكون هناك الإنسان من حقه أن يدافع عن نفسه وعن كرامته وأن يذهب إلى القضاء وأن يطالب..


عثمان عثمان (مقاطعا): فضيلة الدكتور يعني أنا مضطر مضطر عذرا وعفوا لمقاطعتك ولكن الوقت انتهى، أشكرك فضيلة الداعية الدكتور عائض القرني على هذه الإفاضة الطيبة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل وهذا عثمان عثمان يترككم بأمان الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.