الشريعة والحياة 4/11/2007 - لقطة عامة
الشريعة والحياة

الغيب وعلم المستقبل

تتناول الحلقة الغيب وعلم المستقبل، فالمستقبل بيد الله.. لكن هل يمنع ذلك من التطلع إلى معرفة المستقبل والتخطيط له؟ وما موقف الإسلام من الكهانة والتنجيم؟

– مدى إدراك المسلمين علم المستقبليات
– مدى إمكانية تأثير المسلمين في مستقبلهم


undefinedعثمان عثمان: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة والتي تأتيكم على الهواء مباشرة من الدوحة يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل {وعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} في هذه الآية حديث عن المستقبل لكن هناك فرق بين التفاؤل بالمستقبل وبين معرفه وبين الإيمان بالمستقبل المؤمن وبين التخطيط للوصول إليه والتحكم فيه وفى هذه الحلقة لن نتحدث عن التفاؤل ولا عن التطلع الشاعري والنفسي للمستقبل الجميل بل نبحث عما يتصل بالاستراتيجية أو ما يسمى باستشراف المستقبل وإذا كان المستقبل بيد الله تعالى كما هي عقيدة كل مسلم فهل يمنع ذلك من التطلع إلى معرفة المستقبل والتخطيط له وهل المستقبل يسير نحو الأسوأ في الرؤية الإسلامية وأين المسلمين من علم المستقبليات وما موقف الإسلام من الكهانة والتنجيم الغيب وعلم المستقبل موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي مرحبا بكم فضيلة الدكتور.

يوسف القرضاوي – داعية ومفكر إسلامي : مرحبا بك يا أخ عثمان أهلا وسهلا.

مدى إدراك المسلمين علم المستقبليات

عثمان عثمان: بداية هل من فرق بين العلم الغيبي أو بين الغيب والمستقبل.

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام علي سيدنا وإمامنا وأسوة وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد فالغيب ما غاب عن الحس سواء كان حاضرا أو مستقبلا يعني وصف الله تعالى المتقين في أول سورة البقرة بأنهم الذين يؤمنون بالغيب أي بما غاب عن حسهم أول ما يؤمنون به الله سبحانه وتعالى فهو الإيمان بالله فهو يعني أول مطالب الإيمان بالغيب وملائكته وكتبه ورسله الرسل مع أن الرسل بشر ولكن معنى الإيمان بهم أنك تؤمن بأن هناك وحيا ينزل عليهم وهذا أمر من أمور الغيب والإنسان إنما يؤمن بالغيب إذا رشد الإنسان في طفولته لا يعرف الغيب الحيوان لا يؤمن بالغيب لا يعرف إلا الحس اللي أمامه اللي بيشوفه إنما الغيب وكذلك الطفل إنما الإنسان الراشد هو الذي يؤمن بالغيب والمستقبل يعني هو نوع من الغيب ليس كل المستقبل فيه هناك أشياء ممكن يعني من المستقبل نعرفها عن طريق يعني معين يعني كما نتحدث في نشرات الأخبار عن الأرصاد الجوية عما سيحدث من أمطار أو من غيوم أو من كذا بناء على منخفض جوي كذا هذا غيب نسبي إنما نتكلم عن الغيب المطلق..

عثمان عثمان [مقاطعاً]: يعني هذا تنبؤ بالمستقبل.

يوسف القرضاوي:الغيب المطلق ده لا يعلمه إلا الله {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ الغَيْبَ إلاَّ اللَّهُ} والإنسان حتى الإنسان في الجاهلية الشاعر العربي الجاهلي المثقب العبدي من شعراء الجاهلية يقول ولا أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني الخير الذي أنا ابتغيه أم الشر الذي هو يبتغيني والقرآن يقول {ومَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} لا تعرف ما سيحدث لك فالغيب المطلق لا يعلمه إلا الله المستقبل هو جزء من الغيب يعني المستقبل الكامل إنما المستقبل الذي له علامات يمكن أن نعرفه هو ده اللي بنتحدث يعني فيه في هذه الحلقة المستقبل الذي يمكن الوصول إليه بطرائق معينة وتقنيات معينة.

عثمان عثمان: هناك بعض الأشخاص فضيلة الدكتور ربما عندهم ولع بمعرفة المستقبل هذا الولع بمعرفة المستقبل هل يتناقض مع إيمانهم بالغيب؟

يوسف القرضاوي: هو المهم الطريقة التي يعرفوا بها المستقبل كل إنسان بيحاول يعرف يحاول يكتشف حتى الناس تجد في الريف عندنا تجد الضمارة والرمالة واللي بيفتح الكتاب واللي يعمل كذا ده كل الناس عايزه تعرف أيه ماذا يخبأ له المستقبل وهذا معروف إنما هل يعني يذهب إلى الكهنة والعرافين والمنجمين أو يحاول أن يعرفه بطرق معينة يكتشف بها الظواهر والاحتمالات المختلفة ويعرف أي احتمال أقرب إلى الوقوع من احتمال التوقعات شيء واللجوء إلى الطرق يعني الغير علمية شيء آخر.

عثمان عثمان: فضيلة الدكتور يعني هناك بعض الناس ليس من منطلق الفضول فقط يريد أن يعرف المستقبل إنما يريد أن يعرف هذا المستقبل ليؤثر فيه ويتحكم فيه برأيكم هل في ذلك من مشكلة دينية ما؟

يوسف القرضاوي: لا ليس هناك مشكلة دينية إذا فهمنا الدين فهما صحيحا بعض الناس يظن أن محاولة التعرف على المستقبل أو دراسة المستقبل أو دراسة الاحتمالات فيه أو التخطيط له ربما يظن أن هذا يتنافى مع الدين من حيث أنه يتنافي مع الإيمان بالقدر ويقول لك إحنا هنغير القدر إذا كان ربنا كاتب لنا إننا ننتصر هننتصر إذا كان ربنا كاتب لي أني أنا أشفي سأشفي لماذا أبحث في المستقبل وهذا خطأ لأن القدر ليس معناه إهمال السنن ولا إغفال الأسباب النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن أدوية يتداوى بها الناس وأسباب للوقاية يتوقونها قالوا يا رسول الله هل ترد من قدر الله شيئا قال هي من قدر الله يعني الناس يظنون أن القدر يعني يتعلق بالمسببات مفصولة عن أسبابها أو بالنتائج معزولة عن مقدراتها وهذا ليس صحيح الذي قدر إن هتمرض قدر أنك هتعمل شيء معين تأكل شيء فاسد تتناول شيئا غير صحيح فيسبب لك المرض وإنك ممكن تعرض نفسك على طبيب مختص فيصف لك يشخص لك الداء تشخيصا صحيحا ويصف لك دواء ملائما فتشفى هذه حسنة السنن فبعض الناس يظن أنه المستقبل ينافي القدر بعض الناس يظن أيضا أن النظر إلى المستقبل والتخطيط للمستقبل ومحاولة معرفة احتمالات المستقبل أنه ينافي التوكل على الله كأن التوكل على الله أنك يعني ترمي بالأسباب ولا تهتم بها لا التوكل على الله أن تأخذ بالأسباب وتترك النتائج إلى رب الأرباب يعني تبذر الحب وترجو الثمار من الرب إنما تقعد كده لا تزرع ولا تسمد ولا تسقي وتنتظر الثمرة لا فالتوكل الحقيقة زي ما قال النبي عليه الصلاة والسلام للأعرابي أعقل ناقتي أم أتركها وأتوكل قال له اعقلها وتوكل قيدها وتوكل فهذا هو الإسلام فالذين يفهمون التوكل فهما خاطئا والذين يفهمون الإيمان بالقدر فهما خاطئا هم الذين يعتبرون أن في العمل للمستقبل والفهم للمستقبل فيه مشكلة دينية وليس فيه أي مشكلة دينية.

عثمان عثمان: الغيب كما ذكرتم فضيلة الدكتور هو ما غاب عنا سواء ما تعلق بالمستقبل أو بالحاضر وربما بالماضي والمستقبل هو جزء من هذا الغيب هل هناك من طريقة دينية غير طريق الوحي والنبوة لمعرفة الغيب.

يوسف القرضاوي: بالتنجيم يعني والكهانة وهذه الأشياء يعني؟

عثمان عثمان: هي أو غيرها؟

"
هناك مستقبل غيب مطلق لا يعلمه إلا الله مثل قيام الساعة لذلك فمحاولات بعض الناس معرفة قيام الساعة كلها غير علمية لا يقرها منطق العلم ولا منطق الدين فالغيب المطلق لا نعرفه إلا من طريق الوحي
"

يوسف القرضاوي: المستقبل هناك مستقبل غيب مطلق لا يعلمه إلا الله زي الساعة متى تقوم الساعة سئل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل سأله متى الساعة قال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل والله تعالى يقول {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلاَ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إلاَّ بَغْتَةً} ولذلك فمحاولات بعض الناس يعرفوا متى الساعة هتقوم بعد كذا وكذا كل هذه محاولات غير علمية لا يقرها منطق العلم ولا منطق الدين نفسه فالغيب المطلق لا نعرفه إلا من طريق الوحي

عثمان عثمان: الوحي والنبوة.

يوسف القرضاوي: أما عملية الكهانة والتنجيم والعرافين وهؤلاء الأشياء فالإسلام رفض هذا من أول الأمر وقال من ذهب إلى عراف أو سأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لأن مما أنزل على محمد أنه لا يعلم الغيب إلا الله وفى بعض الأحاديث لم تقبل له صلاة أربعون يوما ولذلك البيئات الشركية والبيئات الوثنية تروج هذه البضاعة عندما تغلب الأوهام الشركية على الناس يؤمنون بالعرافين والكهنة والكذا ويضحكون على الناس ويقولوا هقول لك اللي هيحصلك أيه غدا ويأخذ منهم أموالهم ولا يعرفون شيء وللأسف حتى يعني بعض السياسيين من قديم ومن حديث يعني الرومان قديما عند الأباطرة لهم كهنة والفراعنة كانوا يرجعون إلى هؤلاء الكهنة ويقال إن فرعون إنما ذبح يعني أبناء بني إسرائيل لأن أحد الكهنة قال له فيه واحد هيطلع من بني إسرائيل ذكر يزول ملكك على يديه فبدأ يذبح أبناء بني إسرائيل الإسلام يرفض هذه الكهانة لأنها لا تقوم على منطق علمي ولا منطق ديني لا هو وحي منزل من الله ولا هو عن طريق التجربة يعني أو الحس ولا عن طريق البرهان العقلي ولا عن طريق البرهان النقلي الموثق فهي مرفوضة.

عثمان عثمان: وماذا عن التنجيم علم الفلك فضيلة الدكتور؟

يوسف القرضاوي: لا علم الفلك شيء والتنجيم شيء التنجيم هو اللي جاء فيه الحديث من تعلم شعبة من النجوم فقد تعلم شعبة من السحر زاد ما زاد اللي هو بيقول لك عن طريق الكواكب أعرف حركات العالم هيمشي إزاي وهأقول لك هيحصل لك أيه لا هذا إنما علم الفلك اللي مبني على قواطع رياضية وأشياء محسوبة والمسلمون بلغوا فيه ما مبلغا عظيما كان هناك مئات الفلكيين أيام الحضارة الإسلامية اخترعوا الاسترلاب واخترعوا أشياء علم الفلك اللي هو وصل الناس في عصرنا فيه إلى أدق الأشياء حتى قال لنا في أحد مجامع الفقه واحد من علماء الفلك إن احتمال الخطأ في الفلك العلمي الفلك العلمي المعاصر واحد على مائة ألف في الثانية شوف كيف بلغت وعلى أساسه بيصل الإنسان إلى القمر ويصل إلى ما هو أبعد من القمر بيقول هيوصل في الدقيقة الفلانية وفي الثانية الفلانية في المكان الفلاني هذا كله نتيجة الدقة في علم الفلك شيء والتنجيم شيء آخر.

عثمان عثمان: الدكتور يعني موضوع الكهانة أو التنجيم طبعا هناك كما ذكرتم موقف حاسم من الإسلام تجاه هذا الأمر وذكرتم أيضا بموضوع علم الفلك هل يدخل فيه موضوع الأرصاد الجوية موضوع الجغرافيا في موضوع علم الزلازل وغير ذلك؟

يوسف القرضاوي: لا هذه أشياء مبنية على رصد أرصاد يقول لك يعني بيرصد بيعرف فيه علامات معينة هيحصل الزلازل متى أو البركان ده هينفجر متى أو يقول لك الإعصار الفلاني بدأ يتحرك في كذا ويتوقع أنه هيوصل الولاية الفلانية بعد كذا ليس هذا من التنجيم ولا من الكهانة ده بناء على أشياء معينة معروفة على هذا الرصد العلمي نقرر هذه الأشياء فهذا غير التنجيم اللي مبني على كلام غير منطقي فده مرفوض فالمسلمون رفضوا هذا والحضارة الإسلامية حينما يعني قرر الخليفة المعتصم حينما استغاثت به امرأة مسلمة في بلاد الروم لطمها رومي فالت معتصماه وجرد الجيوش لكي يستمع إلى صرختها ويغيث لهفتها وقال له المنجمون في ذلك الوقت النجوم مش معك أنت هَتُهْزم في هذه المعركة انتظر حتى ينضج التين والعنب فلم يسأل عنهم وذهب بجيوشه وانتصر في معركة عامورية..

عثمان عثمان [مقاطعاً]: المشهورة.

يوسف القرضاوي: المشهورة.

عثمان عثمان: ذكرتم فضيلة الشيخ بالنسبة إلى علم الفلك ومعرفة الزلازل ربما البعض يحاول أن يستطلع متى ستكون هذه الزلازل أو الكوارث التي تصيب البشر وبالتالي يستعد لتجنب هذه الكوارث ونحن نعلم أن هذه الكوارث إنما هي قد تكون عقابا ربانيا من الله عز وجل لهؤلاء الناس يعني هذا التفسير العلمي الذي ذكرتم ألا يتعارض مع التفسير الديني ربما؟

يوسف القرضاوي: لا هو يعني الزلازل إحنا تكلمنا فيها قبل هذا الكلام يحتاج إلى تفصيل ليست كل الزلازل عقابا أحيانا هي يعني سنن من سنن الله وقد تأتي في بلاد المسلمين وتأتي في بلاد غير المسلمين وقد تأتي على قوم صالحين وقوم طالحين وأحيانا تكون نوع من التذكير بالقيامة {إذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} {إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} وتذكير للناس بعجزهم أمام هذه القدرة الإلهية وبيسموه غضب الطبيعة إنما هو ده شيء أعظم من الطبيعة يذكر الإنسان عجزه شوف تسونامي والأشياء دي أميركا على يعني قوتها وجبروتها وطغيانها في العالم بتقف أمام هذه الأعاصير عاجزة لا تستطيع أن تردها ولا تستطيع وتتركها بتحاول تقلل من آثارها إنما لا تستطيع أن تمنعها.

عثمان عثمان: هناك ما يسمى بعلم الكشف فضيلة الدكتور وهو ما يتبناه بعض المتصوفة يقولون في ساعات الصفاء الذهني الروحي العقلي الوجداني ربما أحدهم يستطيع أن يستطلع المستقبل ويعلم بعضا من الغيب؟

يوسف القرضاوي:هذا موجود عند المسلمين وموجود عند النصارى وموجود عن الوثنيين والهندوس والبوذيين هذه خصائص بشرية يعني واحد يقرأ أفكارك يقول لك أنت بتعمل كذا وواحد يعرف هذا عن طريق التنويم المغناطيسي واحد يعرف عن طريق التأمل يعني هذه مواهب يعني زي ما قال بعض الأعراب إني أعرف أخلاق الرجل من قفاه يقول إذا نظرت في قفاه أعرف هو رجل يعني بخيل ولا كريم جبان ولا شجاع يعني يقولوا دي من قفاه كيف إذا رأيت وجهه قال إذا رأيت وجهه فذلك كتاب أقرأه قال لهم ده يبقى كتاب مفتوح إنما أعرف دي كلها نوع من الفراسة أو المواهب ولكنها ليست يعني حاسمة يعني تصيب مرة وتخيب مرة يقول لواحد ييجي مضبوط في مرة ومرة يطلع هكذا.

عثمان عثمان: البعض يبالغ فيها ربما ليصل إلى قلوب الناس وعقول الناس العلم التجريبي فضيلة الدكتور يعني اليوم أمدنا لمعرفة أشياء هي كانت غائبة عنا فاليوم بالعلم الحديث ربما نستطيع أن نعرف نوع الجنين أن نعرف جنس هذا الجنين حتى وصل الأمر إلى أن يتحدث البعض كيف يمكن أن التحكم بنوع الجنين قبل أن يتكون هل في ذلك مشكلة دينية؟

يوسف القرضاوي: ما فيه أي مشكلة هو البعض بيرى..

عثمان عثمان [مقاطعاً]: الآية القرآنية تقول {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى ومَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ}.

يوسف القرضاوي: والآية الأخرى تقول {ويُنَزِّلُ الغَيْثَ ويَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} الخمس اللي في آخر سورة لقمان قالوا مفاتح الغيب الخمس ومنها يعلم ما في الأرحام معني يعلم ما في الأرحام يعلم أن هذا الجنين هيعيش حتى ينزل سليما أو يجهض قبلها وإذا نزل فهل يكون ضعيفا أو قويا سعيدا أم شقيا ذكيا أم غبيا كيف يكون في حياته يعلم تفاصيل هذا الجنين إنما الطبيب مثلا اللي بينظر بآلات تصويرية معينة ويعرف أن هذا الجنين ذكر أو أنثى لا يعلم شيئا غير ذلك فيعلم ما في الأرحام يعلم تفاصيل مستقبله وحياته.

عثمان عثمان: القضية أكبر من ذلك فضيلة الدكتور أن يعني بعض الأطباء ربما يتحكم في تكوين الجنين.

يوسف القرضاوي: يتحكم هو حسب سنن الله بيأخذ المعروف أن كيف يعني؟

عثمان عثمان: يتم تلقيح البويضة بطريقة معنية.

يوسف القرضاوي: تلقيح البويضة وفيه الذكريات والأنثويات كيف يعني يعمل يعني هو ما بيعملش حاجة خارجة عن القدرة بيعمل شيء في نطاق السنن القوانين التي اكتشفها الإنسان هذا ما فيها أي شيء هذه.

عثمان عثمان: ندخل فضيلة الدكتور على المحور الثالث هل المستقبل يسير نحو الأسوأ أحاديث الفتن والملامح وأشراط الساعة وأحاديث مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام لا يأتي على أمتي زمان إلا والذي بعده شر منه ألا تشيع كل هذه الأمور رؤى تشاؤمية عن المستقبل ربما تدعو في بعض الأحيان إلى اليأس والقنوط.

يوسف القرضاوي: هو بعض أساتذة الفلسفة أستاذ دكتور فهمي جدعان أستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية اتخذ من هذه الأحاديث إنه الاتجاه الديني يعني يجعل أن البشرية يسير نحو الأسوأ دائما على خلاف الاتجاه العلمي الذي يقول إن البشرية بتتطور دائما إلى الأفضل ولكن يعني أولا الأحاديث دي بتشير إلى جانب معين اللي هو جانب الإشعاع الروحي الناس حينما يكونون أقرب إلى النبوة يكون الجانب الإيماني أقوى فإذا بعدوا عن نور النبوة يخفت هذا النور شيئا فشيئا ولذلك كان جيل الصحابة النموذج النبوي هو النموذج الأعلى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}مش هييجي حد مثله و بعدين الجيل اللي بعده الصحابة ثم تلاميذتهم ثم الذين يلونهم هذا في الناحية الإيمانية الروحانية إنما من ناحية العلم من ناحية التطور الحضاري التقدم الاجتماعي كذا هذا لا يمنع من هذا ولذلك جاءت أحاديث أخرى يعني إذا حبينا ننظر إلى هذا الموضوع لابد أن نأخذ جملة المرويات عندنا في القرآن الآية اللي أنت بدأت بها {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا}هذا يدل على هو {هُوَ الَذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه} {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ}يعني القرآن فيه آيات دائما كلمة السين دي وسوف سا كلا سيعلمون {غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} يعني بيقول هم إن ما تنظروش إلى الحاضر انظروا إلى المستقبل الدنيا تتغير العالم يتطور دوام الحال من المحال هؤلاء الذين غلبوا اليوم سينتصرون غدا فينعني بيغلقهم بالنظر إلى المستقبل فيقول {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا} {وقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ}يعني سيدنا عمر يقول قرأت هذه الآية وأنا في مكة وقلت أي جمع يهزم وأي فيه جموع فيه حرب فلما قرأها النبي يوم بدر {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ} بيقول عرفت آه إن هذا هو وقتها كانت تعد الذهنية المسلمة لهذا اليوم إنه إذا كنتم أنتم المغلبون اليوم وأعدائكم يغلبون فسيتغير هذا الوضع الإيمان بالتغير هو شيء مهم جدا والقرآن بيسميها سنة التداول {وتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}الدهر يومان يوم لك ويوم عليك فهذا هو المهم في هذه القضية.

عثمان عثمان: سنتابع إن شاء الله فضيلة الدكتور في هذه المسألة بالذات بعد أن نأخذ فاصلا قصيرا فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود إلى متابعة هذه الحلقة من برنامج الشريعة و الحياة فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

مدى إمكانية تأثير المسلمين في مستقبلهم

عثمان عثمان: مرحبا بكم مشاهدينا الكرام من جديد في حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة والتي نتحدث فيها عن الغيب وعلم المستقبل مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي سيدي ذكرتم حديثا وآية ذكرتم الحديث الذي يقول خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ألا يعني هذا الحديث أن التاريخ يسير نحو الأسوأ؟

يوسف القرضاوي: قلت قال هذا بعض الناس ولكن هذا ليس مُسَلَمَا كما قال الإمام بن القيم في حديث بدأ الإسلام غريبا وسيكون غريبا كما بدأ قال إنها غربة في مكان دون مكان في بلد دون بلد عند قوم دون قوم في زمان دون زمان ليس غربة عامة ومطلقة يعني الإسلام يعني يكون غريبا في هذا البلد ويقوى في هذا البلد الإسلام يعني سقط في الأندلس وفتح القسطنطينية في الشرق يعني تغيب شمسه في بلد وتطلع في بلد آخر فهذا يعني ينبغي أن يعلم في هذه القضية.

عثمان عثمان: ذكرتم الآية يعني {وعَدَ اللَّهُ الَذِينَ} إلى آخر الآية يعني هل تعتقدون فضيلة الشيخ إن لم يكن التاريخ يسير نحو الأسوأ أنه سيكون هناك عصر ربما يكون أفضل من عصر الراشدين أو شبيها بهم.

يوسف القرضاوي: نعم هو فيه العلماء ذكروا هذا في تأويل حديث انس بن مالك رضي الله عنه الذي جاء في البخاري لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه الناس جاؤوا يشكو من ظلم الحجاج والجماعة هؤلاء إلى انس بن مالك فقال لهم يعني اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه سمعت هذا من نبيكم صلى الله عليه وسلم فبعض الناس أخذوا من هذا إن كل زمان لازم يكون أسوأ من الذي قبله ولكن قالوا هذا إذا كان فهم هذا سيدنا أنس يبقى غلطان هذا بالنسبة للصحابة يعني الصحابة كل زمن يأتي الزمن اللي قبله يعني زمن الرسول أفضل من زمن أبو بكر و أبو بكر أفضل من عمر وعمر أفضل من عثمان وعثمان أفضل من على وعلى أفضل من زمن معاوية يعني بالنسبة للصحابة إنما بعد ذلك ممكن يعني زمن عمرو بن عبد العزيز لا شك أنه كان أفضل من زمن الحجاج الثقفي وما فيه من قمع وإذلال للناس وإهدار لحقوق البشر وعندنا في الأحاديث التي صححها بعض الناس وحسنها بعض الناس وتعتبر عقيدة عند الشيعة وعند كثير من أهل السنة حديث المهدي الذي جاءت الأحاديث تقول إنه سيملأ الأرض عدلا كما ملأت ظلما وجورا هذا ما حدث حتى في عصر النبي الأرض كلها ما ملأتش عدلا فمعناها حتى هيأتي أحسن من عصر الصحابة فالباب مفتوح لا ينبغي أننا نحكم على التاريخ كله بالظلم جاءت الأحاديث إنه حينما يبعث أو ينزل عيسى بن مريم ويحكم بشريعة الإسلام وأن الأرض ستخضر وسترسل ما فيها من خيرات حيث أن الرومانة مش عارف يأكل منها جامعة فكل هذا يعني يدل على أن ممكن أن تأتي أزمنة خير من الأزمنة الماضية.

عثمان عثمان: ربما الحديث تكون فيكم النبوة إلى ما شاء الله لها أن تكون إلى نهايته ثم تكون خلافة على..

يوسف القرضاوي [مقاطعاً]: على منهاج النبوة وبعدين فيه القرآن يقول {فَإن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} {ومِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وبِهِ يَعْدِلُونَ} يعني لا يمكن أن يجتمع الناس على الضلال والأحاديث النبوية التي جاءت استضافت عن عدد من الصحابة إن لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك دي بيسميها العلماء الطائفة المنصورة هذا كله يدل على أن هناك مبشرات كثير من المسلمين للأسف ينظرون إلى الأحاديث التي تسمى أحاديث الفتن أو أحاديث الملامح أو أحاديث أشراط الساعة في كتب الحديث وما ينظرون إليها من منظور أسود قاتم فلا ينظرون إلا إلى الجانب السيئ المظلم فيها وينسون أحاديث أخرى مثل حديث أنه لا يتمن الله هذا الأمر حديث تميم الدالي ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يبقى بيت مضر أو وبر إلا أدخله الله هذا الدين مضر يعني حجر ووبر يعني بيت شعر يعني بلاد الحواضر وبلاد..

عثمان عثمان [مقاطعاً]: البدو.

يوسف القرضاوي: البوادي سيدخلها الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل عز يعز به الله الإسلام وذل يذل به الله الكفر هذا انتشار الدين وجاء في صحيح مسلم إن الله زوى لي الأرض جمع لي الأرض قبضها لي فأريت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها يعني انتشار الدين يبلغ ما بلغ الليل والنهار واتساع الملك اتساع الدولة وجاءت أحاديث كثيرة بفتح رومية وفتح القسطنطينية وجاءت أحاديث ستصير أرض العرب مروجا وأنهارا وبالانتصار على اليهود وأحاديث المبشرات كثيرة أنا ضمنتها في رسالة لي اسمها المبشرات بانتصار الإسلام وذكرت فيها مبشرات من القرآن الكريم ومبشرات من الحديث النبوي ومبشرات من التاريخ الإسلامي ومبشرات من الواقع المثال ومبشرات من سنن الله عز وجل كلها يعني تملأ المؤمن تفاؤلا وثقة بالمستقبل يعني بدل الوعاظ اللي دائما إحنا لما تسمع كلامهم تعني خلاص أنه شمس الإسلام خلاص توشك أن تغرب وأن الكفر في إقبال والإيمان في إدبار وأن الخير قد ذهب وأن هذا غير صحيح.

عثمان عثمان: إذا المبشرات كما ذكرتم فضيلة الدكتور هي كثيرة سواء كانت آيات قرآنية أو أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام اسمح لنا أن نأخذ بعض المشاركات من المشاهدين الكرام معنا الأخ عبد الرحمن صالح من فلسطين تفضل أخ عبد الرحمن.

عبد الرحمن صالح-فلسطين: نعم بارك الله فيكم من أولى القبلتين وثالث المسجدين أقرأكم السلام.

عثمان عثمان: يا مرحبا وعليكم السلام.

عبد الرحمن صالح: واحيي الضيف الكريم.

عثمان عثمان: تفضل أخ عبد الرحمن.

عبد الرحمن صالح: أود بداية أن أسأله عن الحديث الذي يرويه تكون فيكم النبوة إلى ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها.

عثمان عثمان: نعم ذكرنا الحديث.

عبد الرحمن صالح: خلافة راشدة ما شاء الله لها أن تكون إلى نهاية الحديث حتى وصل عليه الصلاة والسلام بقوله ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة ثم سكت عليه السلام.

عثمان عثمان: نعم أين السؤال؟

يوسف القرضاوي: هذا من المبشرات.

عبد الرحمن صالح: ما هو الواجب الشرعي الذي يطلبه من الشارع؟

عثمان عثمان: طيب خير إن شاء الله شكرا أخ عبد الرحمن صالح نأخذ الأخ بسام الجوهري من أميركا تفضل أخ بسام.

بسام الجوهري-أميركا: نعم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عثمان عثمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته تفضل.

بسام الجوهري: أفادكم الله جزاكم الله خيرا فيه زي ما قال الشيخ حديث عن الإيمان في التغير والأحاديث المبشرات بس حابب إذا ممكن أنه الشيخ يعطي ضوء على بعض الآيات القرآنية اللي وعد فيها ربنا وعدا عليه حقا على سبيل المثال {إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ ويُقْتَلُونَ وعْداً عَلَيْهِ حَقاً فِي التَّوْرَاةِ والإنجِيلِ والْقُرْآنِ ومَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَذِي بَايَعْتُم بِهِ وذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ}.

عثمان عثمان: نعم واضح.

بسام الجوهري: يعني كثير من الآيات اللي ذكر فيها ربنا الوعد وفيه آيات مثلا من سورة الأحزاب {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

عثمان عثمان: نعم الآية معروفة ولكن ربما أجيبك أخي الكريم أن موضوع حلقتنا اليوم هو عن الغيب وعن المستقبل وليس عن المبشرات معنا عائشة المهند من قطر.

عائشة المهندي-قطر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.

عثمان عثمان: عليكم السلام ورحمة الله تفضلي يا أختنا الكريمة.

عائشة المهندي: أولا أحمد الله وأشكره لعودة الدكتور يوسف القرضاوي أسأل الله العلي القدير له الصحة إن شاء الله والعافية.

يوسف القرضاوي: الله يبارك فيك ويحفظك.

عائشة المهندي: والله أنا عندي مداخلة وسؤال.

عثمان عثمان: تفضلي بس يا ريت يكون بإيجاز يعني.

عائشة المهندي: نعم بإيجاز مداخلتي تقول بإن استشراف المستقبل ما دام هو قائم على علم الإنسان المحدود فهو لا تعلق عليه أمال كبيرة مداخلتي هي أن رسول الله عليه الصلاة والسلام تلكم عن بعض الغيبيات حينما أخبر سراقة ابن مالك أنه سيمسك بأسوار كسرى وفعلا بعد سنوات أمسك بهذه سوارات كسرى ثم تكلم على علامات الساعة الكبرى والصغرى وقد ظهر الكثير منها أقول في هذا السؤال هل هذا كان جزءا من الغيب عند الرسول عليه الصلاة والسلام أم أنه كان معجزة شكرا؟

عثمان عثمان: شكرا جزيلا لك سيدي طبعا الأخ عبد الرحمن من فلسطين تحدث عن الواجب الشرعي والواجب الشرعي معروف لدى كل المسلمين ربما والأخ بسام الجوهري تحدث عن الآيات القرآنية المبشرات وذكرتم منها الكثير وكذلك الأحاديث يبقى عندنا الأخت عائشة المهندي التي تسأل عن بعض الغيبيات التي أخبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام هل هي كانت من الغيبيات هل هي كانت نوعا من الإعجاز.

يوسف القرضاوي: من الغيبيات وقد أخبر بها عن طريق الوحي الله تعالى يقول {عَالِمُ الغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} يعني الرسول بذاته لا يعلم الغيب وهو قال الله تعالى {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً ولا ضَراً إلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ ولَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ ومَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إنْ أَنَا إلاَّ نَذِيرٌ وبَشِيرٌ} لا يعلم الغيب بذاته إنما يعلم بما أعلمه الله به ما جاء فهو الله الذي أعلمه بهذه الأشياء لما قال لسراقة وفعلا حدث هذا ولما قال للخباب ابن الأرت لما جاء يشكو إليه تعذيب الناس وقال له يعني إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار وكذا ولا يتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون فعلا حدث هذا وكل ما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم من فتح اليمن وفتح بلاد كسرى.

عثمان عثمان: والقسطنطينية.

يوسف القرضاوي: وقصير وستنفق كنزوهما في سبيل الله كل وأخبر بأشياء كثيرة قال لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية ما قال له الباغية وحدث هذا وقال لسيدنا الحسن رضى عنه وعن أبيه وأمه قال له قال إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين هذه كلها يعني من إخبارات النبي صلى الله عليه وسلم ومن الغيوب التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم وألفت فيها يعني كتب..

عثمان عثمان [مقاطعاً]: سيدي إحنا حديثنا يتركز بشكل أساسي عن المستقبل وعلاقته بالغيب البعض بعض الناس يتهمون الفكر الديني أنه فكر يستغرق بالماضي ويقصر الحاضر على الدخول في الماضي أو أن يكون شبيها لهذا الماضي يعني يشبهون المفكر الديني أو الفكر الديني كأنه رجل يسير إلى الأمام ورأسه إلى الخلف ما ردكم على ذلك؟

يوسف القرضاوي: هذا طبعا يعني هناك نوع من الفكر الديني يعني يمكن أن يوصف بهذا ولا يحسب هذا على الدين هذا سوء فهم للدين إحنا ذكرنا إنه القرآن يوجه إلى المستقبل الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفكر في المستقبل حينما كان النبي عليه الصلاة والسلام يعرض نفسه في موسم الحجم على قبائل العرب لماذا كان يعرض نفسه على قبائل العرب يريد قبيلة تتبنى دعوته لأنه يرى أنه لا مستقبل له في مكة وإن لابد له أن يهاجر ولا يمكن أن يهاجر إلا إذا تبنت قبيلة قوية من العرب دعوته وظل يفعل ذلك إلى أن هيأ الله له الأوس والخزرج فهذا وحينما قال لأصحابه اذهبوا إلى الحبشة هل كان هذا يعني نوع كده من يعني التفكير العارض كده لا ده فكر لم يقل لهم اذهبوا إلى الهند لأنه لو راحوا بلد بعيد هتنقطع أخبارهم وربما يهلكوا في الطريق لو راحوا بلد كسرى ولا قيصر لا يسمحون بدعوة جديدة إنما قال بلد قريب جغرافيا مناسبا دينيا لأن أهله نصارى أهل كتاب مناسبا سياسيا لأن ملك الحبشة كان رجل يعني يؤمن عنده هؤلاء عرف بالعدل..

عثمان عثمان [مقاطعاً]: ولكن فضيلة الدكتور..

يوسف القرضاوي [متابعاً]: القرآن ذكر لنا يعني قصة للمستقبل قصة تخطيط مستقبلي في قصة سيدنا يوسف عليه السلام صحيح أساسها الرؤية ولكن هي الرؤية يوسف بنى عليها تخطيط مستقبلي لأنه لما فسر الرؤيا مش بس قال له فيه سبع سنين يعني خصبة وسبع سنين جدبة قال له لا كيف تعمل في السبع سنين الأولى وإزاي تعمل في السبع سنين الثانية {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إلاَّ قَلِيلاً} دأبا يعني بلغة الاقتصاد زيادة الإنتاج تزيد الإنتاج ما استطعت في السنين الخصبة وتقلل الاستهلاك يعني وتدخر ذروه في سنبله حتى يعيش مدة أطول 14 سنة إلا قليلا مما وبعدين تأتي سبع شداد يأكلن شوف يأكلن كأنها فاغرة أفواهها بتأكل ويأكلن ما قدمتم لهن شوف ما قدمتم لهن يعني أنت اللي بتحسبوا حساب أيه اللي يؤكل وأيه اللي يقدم يعني تقليل الاستهلاك يعني دي كلها تخطيط أول تخطيط في عصرنا عمل في روسيا لنين حينما ظهر سنة 1921 وكلف لجنة تعمل خطة خمسية لتعميم الكهرباء على روسيا كلها في مدة خمس سنوات.

عثمان عثمان: بس لفت فضيلة الدكتور لم يتبقى معنا إلا ثلاث دقائق أو أربع دقائق.

يوسف القرضاوي: المهم فهذا التخطيط الخمسي قبل بانتقاد بل باستهجان من العالم الغربي في هذا الوقت قالوا كيف هيتحكم في الأشياء دي كلها وكيف كذا وكذا فلما نجح بدأ الغرب يعني يقلد هذا..

عثمان عثمان[مقاطعاً]: وهنا السؤال فضيلة الدكتور إذا كان الإسلام والآيات القرآنية والنبي عليه والسلام خطط للمستقبل ونشأ علم المستقبليات لماذا لم ينشأ هذا العلم في بلاد المسلمين الآن وربما هو يعني كان في روسيا أين إسلاميو اليوم من علم المستقبليات والدراسات الاستراتيجية.

يوسف القرضاوي: لأنه بلادنا الإسلامية والعربية للأسف كلها داخلة فيما يسمى العالم الثالث يسموننا البلاد النامية كما قلت دائما تعبير مؤدب ملطف للبلاد المتخلفة نحن في عالم التخلف حتى الآن ولذلك لم ننهض يعني الدكتور وليد عبد الحي هذا من أساتذة المستقبليات وأستاذ علوم سياسية وله كتاب اسمه مدخل إلى علوم المستقبليات يقول فيها إن العالم المتطور بيصرف 97% من إنفاقاته على دراسات المستقبل وأنا أفضل نسميها الدراسات المستقبلية أفضل من علم المستقبل و 3% العالم كله بيصرف 3% العالم العربي يكاد يكون غائبا لم يدخل هذا يعني أول بلد درس في الجامعة علم المستقبليات جامعة الجزائر كما يقول الدكتور وليد عبد الحي نفسه جامعة الجزائر أول من أدخل هذا العلم في الجامعات فنحن لا نزال نبحوا حينما نخرج من دائرة التخلف إلى عالم التقدم حينما نراعي السنن المسألة مش علم الدين هو اللي بيعمل سوء الفهم للدين..

عثمان عثمان[مقاطعاً]: نعم فضيلة الدكتور..

يوسف القرضاوي [متابعاً]: فنجعل الفكر الديني كله نصم هذا الفكر الديني هذا ظلم للفكر الديني هناك أناس يعني متفتحون على المستقبل لا ينبغي أن نجعل الكل في سلة واحدة.

عثمان عثمان: يعني انطلاقا مما ذكرتم الآن وباختصار شديد يعني في ثلاثين ثانية أو أربعين ثانية كيف يمكن صناعة المستقبل والتخطيط له من وجهة نظركم؟

يوسف القرضاوي: إذا صحت الأمة واستيقظت وعادت إلى نفسها لم تعد مقلدة لغيرها وللأسف بتقلد في أسباب التخلف ولا تقلد في أسباب التقدم لأنه إذا يعني كان ندرس المستقبل ونخطط له لابد من شروط ولابد من مناخ ولابد من جو إيجابي تعيش فيه الأمة لابد أن تعرف تستفيد الأمة الرسول عليه الصلاة والسلام أول ما ذهب إلى الهجرة قال احصلوا لي عدد من يلفظ بالإسلام كما روى البخاري ومسلم فأحصوا له فكانوا ألفا وخمسمائة رجل أراد أن يعرف القوة الضاربة عنده فكان الإحصاء أول إحصاء في التاريخ هو إحصاء النبي صلى الله عليه وسلم وأي عمل للمستقبل مبني على المعلومات التي تقوم على الإحصاء وعلى الأرقام.

عثمان عثمان: الحديث في هذا الموضوع فضيلة الدكتور يطول كثيرا شكرا لكم فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفاضة كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة لكم تحية من معد البرنامج معتز الخطيب ومن المخرج منصور الطلافيح ومن سائر فريق العمل ودمتم بأمان الله وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.