عبدالصمد ناصر- يوسف القرضاوي / الشريعة والحياة
الشريعة والحياة

رمضان وتنمية الإيمان

تناقش الحلقة كيفية زيادة الإيمان وكيف يجعل المسلم من رمضان مدرسة إيمانية يتجاوز بها الطقوس والعادات، وما أولويات العبادة في رمضان.

– مفهوم الإيمان الحق
– الإيمان بين الهبة الإلهية والفطرة الذاتية
– الإيمان وحلاوته عند المؤمنين

undefined
عبد الصمد ناصر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورمضان مبارك كريم. يقول الله سبحانه وتعالى {هُوَ الَذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إيمَاناً مَّعَ إيمَانِهِمْ} صدق الله العظيم، فالإيمان يزيد وينقص ولذا وجب على المؤمن أن يتعهد إيمانه بالصغر ينميه ويرقيه في مدارج {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ليصل إلى درجة المؤمن الحق الذي ينظر بنور الله فيكون الله سمعه الذي يسمع وبه وبصره الذي يُبصر به، لكن كيف تكون زيادة الإيمان وبما يزيد وكيف يجعل المسلم من رمضان مدرسة إيمانية يتجاوز بها الطقوس والعادات وما هي أولويات العبادة في رمضان وكيف ينعكس الإيمان في سلوك الفرد ويذوق حلاوته في قلبه، رمضان وتنمية الإيمان موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي أهلاً بك فضيلة الشيخ.

يوسف القرضاوي: أهلاً وسهلاً.

عبد الصمد ناصر: والحمد لله الذي أكرمنا وبلغنا شهر رمضان، بداية فضيلة الشيخ حين نقول شهر رمضان نقول شهر الإيمان والقرآن لو وقفنا عند مفهوم الإيمان أولاً ماذا نعني بالإيمان أولاً هل والقول هل هو قول وعمل هل هو اعتقاد بالقلب أم ماذا.

مفهوم الإيمان الحق

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وأذكى صلوات الله وتسليماته على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعى بدعوته واهتدى بسنته وجاهد جهاده إلى يوم الدين، أبدأ حديثي بإزجاء التهنئة إلى إخواني وأخواتي المسلمين والمسلمات في قطر وبلاد الخليج وبلاد العرب وبلاد المسلمين في أنحاء الأرض عربهم وعجمهم شرقيهم وغربيهم حيث ما ارتفعت المآذن تعلن أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن حي على الفلاح في أي مكان فيه مسلم أصدر تهنئتي لهذا الشهر الكريم الذي هو متجر الصالحين وميدان المتسابقين في الخيرات، شهر رمضان {الَذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى والْفُرْقَانِ} سائل الله تبارك وتعالى أن يجعله شهر خير وبركة وفتح ونصر لأمة الإسلام على أعدائهم وأن يجعله نذير وباء وظل وحسره على أعداء الإسلام وأن يجعل صيامنا وقيامنا مقبول عنده ويجعل حفظنا منه الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر رمضان هو شهر الإيمان والقرآن خص الله تبارك وتعالى هذه الأمة بمزايا هذه المزايا تجعل هذه الأمة دائماً محافظة على إيمانها محافظة على عقيدتها محافظة على صحيح الأمة تتعرض لهزات وزلازل وتتعرض لعقبات ومعوقات وتتعرض لمكائد ومؤامرات تريد أن تزحزحها عن مكانها أن تذيب هويتها أن تغير من حقيقتها ولكن هذه الأمة تستعصي على الذوبان هذه الأمة باقية ما بقيت السماوات والأرض ما بقي القرآن والقرآن باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لأن الله تولى حفظه {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} حفظ الله هذه الأمة بأشياء كثيرة منها العادات التي فرضها عليها الصلوات اليومية ومنها شهر رمضان بما فيه من صيام وقيام وتلاوة قرآن وتسبيح وذكر وتحميد لله تبارك وتعالى وفعل للخيرات واستباق للطاعات، هذا الشهر من الأشياء التي تجدد إيمان الأمة باستمرار كلما فرغت البطارية عند الفرد أو عند الجماعة يأتي رمضان ليشحن البطارية من جديد يشحنها بإيمان جديد فيصوم الفرد إيماناً واحتساباً ويقوم إيماناً واحتساباً رجاء أن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه ولذلك كان السلف إذا جاء رمضان يقولون مرحباً بالمطهر يعني يعتبرون أنفسهم يعني في خلال العام الإنسان يتلوث بالمعاصي ويتلوث بمقدرات الآثام فيأتيه هذا الشهر فرصة للتطهر يتطهر من فيقول مرحباً بالمطهر فهو من ناحية مطهر وهو من ناحية مزود يتزود الإنسان فيه بجملة من الطاعات يزيد من رصيده، تعرف الإنسان كل إنسان بيحاول يزيد من رصيده في البنك اللي عنده ألف عايز يبقوا عشرة آلاف واللي عنده عشرة عايز يبقوا مائة واللي عنده مائة عايز مليون واللي عنده مليون عايز يبقوا عشرة ملايين ولا يشبع الإنسان مثل جهنم {هَلِ امْتَلأْتِ وتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} الإنسان المفروض إنه ده لا اللي أهم من المال لأن المال سيتركه وسيذهب ولن ينتفع به بعد موته اللي أهم من هذا الخيرات والطاعات، على الإنسان أن يحاول أن يزيد من رصيده في بنك الخير البنك المحفوظ عند الله عز وجل فينتهز فرصة رمضان ليزداد من الحسنات ويزداد من الطاعات عند الله وخصوصاً إن الطاعات في رمضان تتضاعف، جاء في بعض الأحاديث إن من أدى فيه نافلة كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ولذلك يحرص كثير من الناس في شهر رمضان يؤدي الزكاة في رمضان ما دام تتضاعف يقول لك أخلي حولي في رمضان حتى لو كان افرض إن حوله في شهر رجب يأتي في سنة ويزود شهرين على الحول يعمل حسابه عشان يبقى الحول عنده يبدأ من رمضان فهذه كله من بركات هذا الشهر المبارك الكريم.

معبد الصمد ناصر: بخصوص الجواب على مسألة مفهوم الإيمان هل هو قول أو عمل.

"
الإيمان يعني اعتقاد بالجنان أي بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان وبالجوارح
"

يوسف القرضاوي: الجماعة علماء الكلام اختلفوا في هذا منهم من يقول هو قول باللسان وتصديق بالجنان ومنهم من يقول لا هو أهم حاجة التصديق بالجنان وبعضهم يقول المهم يقول لا إله إلا الله بلسانه والبعض وهو الذي يدل عليه الكتاب والسنة وسلف الأمة أن الإيمان يعني اعتقاد بالجنان أي بالقلب وقول إقرار باللسان وعمل بالأركان وبالجوارح، الإيمان الحقيقي الإيمان الكامل كما صوَّره القرآن الكريم لابد أن تجتمع فيه اللسان ولكن لا يكفي اللسان {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِين، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} فاللسان لا يكفي في ناس تدَّعي الإيمان بلسانها ولم يدخل الإنسان في قلوبها.

عبد الصمد ناصر: الإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل.

يوسف القرضاوي: الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل وهذا ما يقوله القرآن حينما نقرأ القرآن أحببنا أن نعرف الإيمان من القرآن ومن السنة القرآن يجسد لنا الإيمان في أخلاق وعبادات وأعمال {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ومِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاً} {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، والَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، والَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} {والَّذِينَ هُمْ لآمَانَاتِهِمْ وعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، والَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} شوف عبادات ومعاملات وأخلاق يعني بحيث يشمل الشخصية الإنسانية كلها ويشمل الحياة شوف هذا هو الإيمان حينما نقرأ الإيمان{إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} إيمان لا يتزعزع {وجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} هذا هو الإيمان الصادق الذي ينشئ أثراً في الحياة ينشئ واقعاً فليس مجرد أن يقول آمنت وبخل بماله ويبخل بنفسه لا الإيمان يجعل الإنسان يضحي بنفسه في سبيل الله يضحي بماله في سبيل الله كما كان الصحابة رضوان الله عليهم حين احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المال في غزوة تابوك وكانت في ساعة العسرة وكانت حرب مع أقوى دولة في العالم دولة الروم في ذلك الوقت ولذلك كان النبي في الغزوات اللي قبلها يواري بها يعني لا يصرح إنما المرة دية قال لهم لا إحنا رايحين إلى تابوك رايحين إلى حرب الروم ليعرفوا من أول الأمر وكان محتاج إلى أموال حتى يجهز الناس فعُمر جاء بنصف ماله وظن أن أحداً لا يساويه بعد فترة جاء أبو بكر بماله في حجره قال له هذا يا رسول الله هذا مالي قال له ماذا أبقيت لأهلك وعيالك يا أبا بكر قال أبقيت لهم الله ورسوله فلم يكونوا يبخلون بأموالهم ولا بأنفسهم في سبيل الله فهذا الإيمان الحقيقي هو الذي يجمع بين الاعتقاد الجنان وتصديق اللسان وعمل الأركان.

عبد الصمد ناصر: أخلاق وعبادات وعمل الأركان كما تقول ولكن هناك من قد يسأل لماذا نحن في حاجة لأن نؤمن هل هو مجرد استجابة إلهية أم لذلك ربما فوائد حياتية على النفس وعلى السلوك وغير ذلك.

يوسف القرضاوي: الإيمان نحن نستجيب لدعوة الإيمان لأن الإيمان هو الحق نستجيب للحقيقة من لم يؤمن معناها يعني عاش على باطل لأن الإيمان معناه إيه تؤمن بأن لهذا الكون رباً خلقه ويصرف عليه ويدبره {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} إلى أخره فالإيمان هذا حقيقة يعني لازم تؤمن بالحق معرفة الحق والإيمان به مطلوب للإنسان وبعدين هذا الإيمان هو الذي ينجي الإنسان في الآخرة هو الذي يجعله يفوز بالجنان وينجو من النيران {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} من لم يستمسك بعروة الإيمان لا يدخل الجنة لا يدخل الجنة كافر مهما قدم من الصالحات في هذه الأمة في هذه الدنيا الله تعالى يقول {وقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً} لأنه لا يقوم على أساس لازم تعترف بالله سبحانه وتعالى ربا لا ترضى بغير الله ربا ولا تتخذ غير الله وليا، حقيقة التوحيد فهو ينجيك في الآخرة ويوصلك إلى الجنة وما فيها من نعيم ورضوان {ورِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} وهو أيضا سبب السعادة في هذه الدنيا لا يسعد الإنسان في هذه الحياة إلا بالإيمان رأينا أشقى الناس الذين يفقدون الإيمان كتب أستاذ إحسان عبد القدوس زمان من ثلاثين أربعين سنة في مجلة روز اليوسف مقالات كده تحت عنوان أهل الجنة ليسوا سعداء ويقصد بأهل الجنة أهل السويد زار السويد ووجد فيها مستوى المعيشة مرتفع إلى أعلى ضمانات المعيشة الحياة المكفولة للناس ووجد الناس أشقياء وجدت الناس ينتحرون لأدنى سبب أكثر نسبة انتحار قال الله لماذا وجد..

عبد الصمد ناصر: فراغ روحي..

يوسف القرضاوي: لأن فيه فراغ روحي لا يرتكنون إلى هذا الركن الركين إلى هذا الحصن الحصين ما فيش.. فأدنى حاجة يتخلص من حياته فهؤلاء الذين يظنهم أهل الجنة ليسوا سعداء، الإيمان هو الأساس هو الذي يحدث في الإنسان السكينة السكينة من غير هذه السكينة لا يشعر الإنسان بلذة الحياة ولا بطمأنينة الحياة قد يكون عندك الملايين وقد يكون عندك القصور تجري فيها الخيول وقد يكون عندك من البنين والأولاد ويكون عندك من الحراس ولكنك لست سعيدا لأنك لم ترزق هذه السكينة النفسية.

عبد الصمد ناصر: طيب كيف نرد فضيلة الشيخ على هؤلاء الملحدين الماديين الذين لا يؤمنون إلا بالملموس المادي أمامهم يقولون مثلا يسألونك ما حاجة الله سبحانه وتعالى الخالق العظيم لكي يؤمن به الناس.

يوسف القرضاوي: هو ليس في حاجة إلى إيمان الناس ولكن الناس هم الذين في حاجة إلى الإيمان بالله الناس في حاجة إلى أن يؤمنوا بربهم وهذا أمر ليس يعني بعيدا عن العقل ولا عن الفطرة الإيمان هو مقتضى الفطرة البشرية ومقتضى العقل الرشيد يعني حينما يدعو الله الناس يدعوهم إلى أن يسايروا فطرتهم الإنسان لو ترك مع فطرته يؤمن بالله الإعرابي القديم لما يعني قالوا له أنت كيف أمنت بالله ما دليلك على الإيمان بالله قال لهم بلغته السهلة البليغة قال البعرة تدل على البعير وخط السير يدل على المسير فكيف بسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج أفلا يدل ذلك على العلي القدير هو عبَّر بما يسمى في الفلسفة قانون العلّية أو قانون السببية أن كل يعني مسبب له سبب وكل معلول له علة وكل يعني متحرك له محرك فيعبر عن هذا هذا قانون الفطرة والذين حاربوا الفطرة وقالوا ليس هناك إله وليس صوابا أن الله خلق الإنسان بل الصواب أن الإنسان هو الذي خلق الله يعني أن الألوهية اختراع بشري أكذوبة اخترعها الناس اخترعها الأغنياء ليرضوا الفقراء بمستوى المعيشة واخترعها الحكام ليرضوا ولكن هذا الأمر أكبر من هذا التاريخ البشري كله يدل على أن الإيمان حقيقة يعني قال بعض المؤرخين أن وجدت في التاريخ مدن بلا حصون ووجدت مدن بلا مدارس ووجدت مدن بلا قصور ولكن لم توجد في التاريخ أبدا مدن بلا معابد المعبد كل ما في الأمر أن من الذي يعبد المشكلة أن البشر ضلوا سواء السبيل وتركوا ميراث النبوات وعبدوا ما ينبغي أن يعبد عبدوا الحجر وعبدوا البشر وعبدوا البقر وعبدوا الناس.

عبد الصمد ناصر: الشمس والنار..

 يوسف القرضاوي: وعبدوا أشياء وتركوا المعبود الحقيقي وهو الله عز وجل فالإيمان هو الفطرة هو مقتضى الفطرة ومقتضى العقل.

عبد الصمد ناصر: طيب كيف يمكن أن يصبح المرء مؤمن هل الأمر كسبي يكتسبه الإنسان أم ربما هو نور يقذفه الله سبحانه وتعالى في القلب أم ماذا.

الإيمان بين الهبة الإلهية والفطرة الذاتية

يوسف القرضاوي: هو الإيمان نور يقذفه الله في القلب ولكن على الإنسان أن يسعى إليه أيضا لأنه يعني لو قلنا هو نور يقذفه الله في القلب يعني ليس هناك مسؤولية على الإنسان لا وإلا ما قال القرآن {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} {ومَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ} {اذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِر} معناها أن فيه مسؤولية الإنسان عليه أن يسعى الذين يحاربون هذا يحاربون فطرتهم الشيوعيين والملاحدة لما يعني فرضوا الإلحاد اتخذوا آلهة أخرى هم اتخذوا دين بدل الدين بعضهم يسموها أديان بغير وحي فأرادوا أن يجعلوا هناك دين بدل جنة الآخرة عايزين يجعلوا جنة.. وبدال شيطان الدين الشيطان هو الرأسمالية الأشياء الدينية جعلوا لها بدائل فجعلوا دين آخر لأن الدين لابد منه فلماذا يا أخي بدال ما أعبد ستالين أو أعبد خورشوف ما أعبد الله الذي خلقني يعني..

عبد الصمد ناصر: طيب حينما نقرأ الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والْكِتَابِ الَذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ والْكِتَابِ الَذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ} كيف نفهم ذلك فضيلة الشيخ يخاطبهم الله سبحانه وتعالى بالذين أمنوا ويطلب منهم الإيمان.

يوسف القرضاوي: هو هنا معنى {آمِنُوا} يعني إيه {آمِنُوا} أي أثبتوا على إيمانكم زيدوا إيمانكم ازدادوا إيمانا لأن فيه الإنسان ممكن تأتي عليه أوقات ينقص فيها إيمانه بل يمكن أحيانا يفقد إيمانه والعياذ بالله فيريد تثبيتهم على الإيمان زي ما إحنا نقول يا رب {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ} هو إحنا ألسنا مهديين إحنا مهديين فلما نقول أهدنا يعني ثبتنا على الهداية وزدنا هدى كما قال تعالى {والَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} فالإيمان يزيد وينقص أنت ذكرت في الأول في مقدمة يعني هذه الحلقة أن هل الإيمان الإيمان نعم يزيد وينقص صحيح بعض العلماء قالوا لا الإيمان لا يزيد ولا ينقص لأنه إذا الإيمان هو اليقين بشيء وهذا خلاص إذا وصل إليه انتهى ولكن ممكن يزيد بمعنى إيه تأتي أدلة تجعله يزداد يقينا.

عبد الصمد ناصر: يزداد يقينا ويزداد تقوى.

"
يزداد الإيمان بالإسلام كلما عاش الإنسان وعرف الأديان الأخرى.. وكلما عرف ما فيها من تناقضات ونقائص ازداد إيمانا وكلما قرأ في الإسلام ازدادت معرفته بمحاسنه وشرائعه وعظمة ما جاء به
"

يوسف القرضاوي: أنا ممكن أؤمن بقضية ولكن كلما قرأت عنها أنا مؤمن أن الإسلام هو الحق ولكن كلما عشت وعرفت الأديان الأخرى وعرفت ما فيها من تناقضات ومن نقائص ازداد إيمانا كلما قرأت في الإسلام وازداد وعرفت محاسن شرائعه وعظمة ما جاء به من بينات ازداد إيمانا لا مانع ثم الإيمان يزداد أيضا بالطاعات ولذلك القرآن كما قرأنا في قوله تعالى في أول سورة الأنفال {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً} وقال تعالى {وإذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَاناً فَأَمَّا الَذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَاناً وهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} كلما نزل شيء من القرآن وأمنوا به ازدادوا إيمانا كلما أقبل على الله كلما أقبل على الطاعات كلما أدى الطاعات وهو يعني يشعر بلذتها هذا دليل على زيادة الإيمان فيه واحد يزداد إيمانه وفيه واحد ممكن ينقص إيمانه.

عبد الصمد ناصر: بما ينقص الإيمان فضيلة الشيخ؟

يوسف القرضاوي: نعم؟

عبد الصمد ناصر: قلنا الإيمان يزداد بالطاعات ولكن بما ينقص؟

يوسف القرضاوي: ينقص بالمعاصي وخصوصا بالكبائر ممكن يخدش الإيمان كما جاء في الأحاديث الصحيحة المتفق عليها لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرقها وهو مؤمن يعني في هذه الحالة كأن إيمانه بيرتفع يعني كأنه ولذلك متى يرجع إليه إيمانه إذا تاب، القرآن يقول في وصف عباد الرحمن {والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهاً آخَرَ ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالْحَقِّ ولا يَزْنُونَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً، يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً، إلاَّ مَن تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} من تاب وأمن هو مش مؤمن هو كافر هو مؤمن إنما هذه الكبائر التي ارتكبها خدشت إيمانه نقصت من إيمانه فهو بالتوبة بالندم بالحسرة بالبكاء حينما يغسل ذنبوه بدموعه هذا يعود إليه الإيمان من جديد فالإيمان كما يزداد بالطاعات ينقص بالمعاصي.

عبد الصمد ناصر: والإيمان درجات طبعا؟

يوسف القرضاوي: نعم؟

عبد الصمد ناصر: الإيمان درجات ربما..

يوسف القرضاوي: طبعا الإيمان درجات بحسب أيضا الطاعات كما ذكر القرآن الكريم في سورة فاطر {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ومِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإذْنِ اللَّهِ} زي ما تقول فيه واحد يعني ممتاز أو جيد جدا وفيه واحد جيد يعني في المتوسط وفيه مقبول.

عبد الصمد ناصر: يعني هناك تقويم إلهي للإيمان؟

يوسف القرضاوي: دال واخد دال وباء وجيم وباء أو ألف فمنهم ظالم لنفسه الذي يقصر في بعض الواجبات ويرتكب بعض المحرمات هو مؤمن إنما نزلت به هذه درجة ولكن لا نكفره ونقول هو كافر هو باقي على الإيمان هذا في أدنى الدرجات يعني اللي هي درجة المقبول الذي يوشك أن يرسب أو على الحافة وبعدين في المتوسط ومنهم مقتصد الذي يحافظ على الواجبات ويترك المحرمات وخصوصا الكبائر ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله هذا من السابقين الدرجة العليا ناجح ده بدرجة ألف أو باء ممتاز أو جيد جدا هذا هو ده اللي جاء في القرآن {والسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} في جنات نعيم وهذا الناجح الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم..

عبد الصمد ناصر: عليه الصلاة والسلام.

يوسف القرضاوي: {إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنان وفوقه عرش الرحمن} ما تقولش يا رب دخلني الجنة مع أصحاب اليمين دخلني في الدفعة الأخيرة يا أخي ليه اسأل الله الفردوس اسأل أنت بتسأل كريم ما الذي يجعلك تسأل أقل شيء قول له دخلني الجنة يعني لأنه المسلم دائما يطلب التي هي أحسن {الَذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} اتبعوا أحسنه يرضوا إلى الذي هو أحسن في كل شيء دائما فيطلب أعلى الدرجات ولكن إذا وقع في أدنى الدرجات لا ييأس من روح الله {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

عبد الصمد ناصر: نسأل الله أن نكون من أهل أعلى الدرجات، على كل حال سنواصل الحديث عن هذه النقطة فضيلة الشيخ ولكن بعد أن نأخذ فاصل نعود إليكم مشاهدينا الكرام بعد هذا الفاصل فابقوا معنا.

 

[فاصل إعلاني]

عبد الصمد ناصر: السلام عليكم وأهلا بكم مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة موضوع الليلة رمضان وتنمية الإيمان فضيلة الشيخ قلنا قبل الفاصل بأن الإيمان يزيد وينقص يزيد بطاعات وينقص بالمعاصي وهناك درجات للإيمان ولكن هل هناك اعتدال وتطرف في الإيمان؟

يوسف القرضاوي: لا الإيمان كلما زدت فيه فهو خير ما فيش فيه تطرف، تطرف الأعمال ممكن إنما الإيمان يعني لا يشبع منه يريد الإنسان أن يصل في الإيمان إلى أعلى الدرجات في حتى اللي هم الجماعة الصوفية يقول لك فيه علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ودي مذكورة في القرآن فممكن الإنسان يصل إلى علم اليقين ولكن فيه أعلى من علم اليقين عين اليقين وبعدين في حق اليقين الواحد يحب أن يشوف سيدنا إبراهيم {وإذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى ولَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}..

عبد الصمد ناصر: ليطمئن قلبي.

يوسف القرضاوي: يريد أن يزداد الله سبحانه وتعالى أسرى برسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في الرحلة الأرضية الإسراء ثم عرج به إلى السماوات العلا في الرحلة السماوية إلى سدرة المنتهى إلى مستوى سمع فيه صرير الأقلام كما يقال هذا كله لنريه من آياتنا لقد رأى من آيات ربه الكبرى يراها عيانا هو ممكن بيعرفها بالوحي وده علم اليقين إنما هو يصل إلى عين اليقين..

عبد الصمد ناصر: المعاينة.

يوسف القرضاوي: وحق اليقين فالازدياد في الإيمان هذا مطلوب ولا يمكن أن يسمى تطرفا..

عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ..

يوسف القرضاوي: لأن معنى ازدياد الإيمان ازدياد اليقين بما عند الله اليقين بما جاء عن الله وهذا ورآه الخير الكثير إنما التطرف هو إنه يغالي في الأشياء ومعنى يغالي فيها إيه يعطيها أكثر من حقها يكبر الصغير ويصغر الكبير يهون العظيم ويعظم الأمر الهين يقدم ما حقه التأخير ويؤخر ما حقه التقديم يحاسب الناس على المكروهات أو الشبهات أو الأمور المختلف فيها وكأنها كبائر يعني هذا الخلل هو في خلف في فهم الدين وفي فقه الأولويات إذا يعني لم يراعي يضع الأشياء كما يريدها الشرع حسب التسعيرة التي وضعها لها الشرع هذا هو الخلل الذي يؤدي إلى سوء الفهم وإلى التطرف.

عبد الصمد ناصر: طيب لو أخذنا بعض المداخلات لبعض الإخوان المشاهدين عبد الله الخطيب من الولايات المتحدة الأميركية عبد الله تفضل أخي، دقيقة واحدة من فضلك.

عبد الله الخطيب – أميركا: السلام عليكم كل عام وأنتم بخير.

يوسف القرضاوي: وأنت بالصحة والسلامة يا أخي.

عبد الله الخطيب: من فقه الأولويات.. السلام عليكم كل عام وأنتم بخير.

عبد الصمد ناصر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

يوسف القرضاوي: تفضل.

عبد الله الخطيب: أنا والله لقد قرأت مداخلة للأخ فيصل القاسم عندما.

عبد الصمد ناصر: الصوت ضعيف للأسف في الأستوديو.

يوسف القرضاوي: تفضل.

عبد الله الخطيب: عندما حدثت الاستهزاء على الرسول عليه الصلاة والسلام من طرف البابا وقد علق عليها القرضاوي بأن يدعو المسلمين إلى هبة غضبة صامتة أليس من الأحرى بالوقت أن نوضح الأهم من هذا إنه الآن شعبنا في فلسطين محاصر يجوع وهل.. وشعب العراق يباد من الدول التي أنتم الآن جالسون فيها تذهب..

عبد الصمد ناصر: يعني عبد الله ما دخل هذا بهذا يعني هذا الموضوع تحدثنا عنه في الحلقة الماضية..

عبد الله الخطيب: ليس هذا من فقه الأولويات..

عبد الصمد ناصر: وكان له سياق آخر فيما تتحدث عنه هل لديك أي مداخلة بخصوص موضوع الليلة؟

عبد الله الخطيب: والله لو هذا كنت..

عبد الصمد ناصر: لضيق الوقت للأسف أخ عبد الله..

عبد الله الخطيب: لو هذا كنت..

عبد الصمد ناصر: لا أقنعك ولا أصادر رأيك ولكن هناك وقت ضيق في البرنامج للأسف.

عبد الله الخطيب: أليس من الأحرى أن نتكلم بما هو أهم من هذا؟

يوسف القرضاوي: يعني نترك الناس يشتموا نبينا ويشتموا ديننا بس نشتغل بفلسطين؟

عبد الصمد ناصر: على كل حال..

يوسف القرضاوي: لا نرد على من أساء إلى الإسلام وعلى من اتهم محمد صلى الله عليه وسلم..

عبد الله الخطيب: لماذا لا ندين..

يوسف القرضاوي: يا أخي لماذا لا نعطي كل حق ذي حق حقه..

عبد الصمد ناصر: نعم على كل حال..

يوسف القرضاوي: نقوم بها وهذا إحنا لم نترك قضية فلسطين ولا قضية العراق مشغولون بها ليلا ونهارا وهي من همومنا الأولية..

عبد الصمد ناصر: خلاص.

يوسف القرضاوي: ولكن لا ندع المعتدين يعتدون على نبينا وعلى ديننا ونسكت عنهم هذا ما هذا الكلام الذي يقال؟

عبد الصمد ناصر: شكرا لك عبد الله على كل حال خالد حسن من البحرين تفضل، رجاء أن تكون المداخلة في صلب موضوع الليلة.

خالد حسن – البحرين: السلام عليكم ورحمة الله.

عبد الصمد ناصر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

خالد حسن: كيف حالكم كل عام وأنتم بخير.

عبد الصمد ناصر: وأنت بخير أخي تفضل.

خالد حسن: بس حبيت أسأل الشيخ بس عن كتاب ظلال القرآن الحقيقة للسيد قطب رحمة الله عليه.

عبد الصمد ناصر: ظلال القرآن.

خالد حسن: أي نعم يعني وهل ينصح في الإنسان لقراءته أو لأهل الاختصاص يعني شاف الاختصاص فقط..

عبد الصمد ناصر: فكرة واضحة أخ نعم.

خالد حسن: وثاني شيء عندي شيء ثاني هو عن الأحاديث اللآحاد والمتواترة هل أحاديث اللآحاد ممكن تؤخذ في العقيدة أو إن مجرد الأحاديث المتواترة؟

عبد الصمد ناصر: شكرا لك خالد حسن سيرد فضيلة الشيخ باختصار لأن الوقت لا يكفي أبو أحمد من السعودية تفضل.

أبو أحمد – السعودية: تحية طيبة لك أخي عبد الصمد ولشيخنا الكريم الشيخ القرضاوي حفظه الله وكل عام وأنتم بخير إلى جميع مستمعي ومشاهدي قناة الجزيرة أقول شيخنا الكريم يعني من الظاهر البين أنه لابد لمن أراد أن من يعني يدرس الإيمان بصفة عامة يعني ويسبر يعني غور معانيه أن يفهم المعاني الصحيحة لكل الكلمات التي وردت في حديثكم الفيض ويتلقى يعني مفهومها بشكل فيه شيء من الشمولية فسؤال شيخنا يعني إذا كان الإنسان لا يعرف ما الإله وما معنى الرب والعبادة ومتى تطلق عليه كلمة الدين فما الجرم أن يعني من سيسمع كل هذا الكلام يعني سينظر أنه كلاما مهملا لا يفهم من معانيه شيء فليتكلم شيخنا توضحون لنا مثل هذه المسائل في مثل هذا الموضوع وشكر الله لكم خير..

عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك أبو أحمد شكرا لك لو بدأنا بالسؤال الأخير هذا فضيلة الشيخ إنه في..

يوسف القرضاوي: نعم.

عبد الصمد ناصر: هذا السؤال الأخير لو بدأنا به فيك تعليق منك.

حلاوة الإيمان عند المؤمنين

يوسف القرضاوي: هو نحن في هذه الحلقة نتحدث عن موضوع الإيمان في حدود أن رمضان هو شهر تنمية الإيمان فنحن لا نريد أن ندخل في قضايا كلامية وتعريف الإيمان والخلاف بين السلف والخلف في معنى الإيمان ولا أريد أن أدخل المشاهد العادي في هذه الخلافات التي قد تتوه به وتبعده عن المراد تماما خلينا مع القرآن والسنة وماذا يقول القرآن كما ذكرنا في آياته تبين فيه شعب الإيمان فيه النبي عليه الصلاة والسلام قال الإيمان بضع وسبعون شعبة أدناها لا إله.. أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى من الطريق والحياء شعبة من الإيمان ألف الإيمان البيهقي في كتاب من بضعة عشر مجلدا في شعب الإيمان كما جاءت في السنة ونحن لا نريد أن نخوض في هذه التفصيلات نريد من المؤمن أن يقف على صلب الحقيقة ويدعه من جدل المجادلين لأن هذا لن يفيده شيئا إنه ما هو الرب يقول لي الرب يعن في بعض الأخوة يظن إنه إذا عرف تعريف الرب إذا عرف معنى الطاغوت إذا عرف معنى التوحيد إذا عرف معنى.. انتهى كل شيء لا هذه لا تفيد شيئا المهم هو أن يعيش هذه المعاني الإيمان ليس مجرد تعريفات أو مفاهيم ذهنية الإيمان مسألة يحس بها الإنسان ينفعل بها قلبه يحرك إرادته ثم يعيش بها في حياته عاملا هذا هو الإيمان الذي جعل الصحابة يحيون حياة جديدة غير حياة الجاهلية هذه هو الإيمان اللي جعل أم كلثوم يعني بنت علي ابن أبي طالب وزوجة عمر حينما قال لها لا أشكينكِ قالت لا، لا تستطيع لأن سعادتي في إيماني وإيماني في قلبي وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي الإيمان هو الذي أشعر المؤمنين بالسعادة عاشوا كان بعض الصالحين يقول إنا نعيش في يعني حياة لو علم بها الملوك لجلدونا عليها بالسيوف نعيش في حياة سعيدة الملوك لا يعرفون قيمتها ولذلك لا يقاتلوننا عليه لأنهم لا يعرفون قيمته هم عايشين عشان الملايين والقناطير المقنطرة والقصور وهذه الأشياء إنما هذه المعاني الكبيرة المعاني الإيمانية الربانية لا.. فتركوها لنا إحنا عايشين نستمتع بها من غير ما ينافسونا عليها إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجلدونا عليها بالسيوف هذا هو الإيمان الذي نعيشه مش الإيمان الجدلي الكلامي عمر الإيمان الجدلي الكلامي ما ينشئ حياة حقيقية إيمانية ربانية.

عبد الصمد ناصر: أحيانا هذه السعادة التي تتحدث عنها فضيلة الشيخ هذه الحلاوة حلاوة الإيمان طعم الإيمان الكثيرون يبحثون عنه في الطاعات في العبادات ولكنهم يفتقدونه لا يجدونه كيف يمكن للعابد إذا رغم أنه يصوم ويصلي ويزكي ويفعل كل ما يؤمر به كيف له أن يتذوق هذه الحلاوة فيحس به في نفسه.. من نفسه..

يوسف القرضاوي: هو هذه لها يعني وسائل وخطوات أول شيء أن الإنسان يعرف إيه المطلوب يعني حتى يكون عبادته وطاعته على بينة على علم، العلم قبل العمل العلم إمام والعمل تابعه لابد ثم عليه أن يصحح نيته يجرد نيته لله هل هو صحيح يريد أن يصل إلى الله يرتقي إلى الله ولا هي مسألة رياء وسمعة ولا هي شاف الناس بيعملوا كذا لازم يحاول يصحح النية ثم عليه أن يستعين بالله يعني يقول يا رب أرزقني حلاوة العبادة أرزقني لذة الطاعة ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا يستعين بالله ثم عليه أن يستعين بأهل العلم الرباني يستعين بالناس الربانيين ليس كل العلماء يستطيعون أن يوصلوه إلى هذا كثير من العلماء امتلأت يعني عقولهم ورؤوسهم علما ولكن ليس كل علم يوصل إلى الله العلم الذي يوصل إلى الله هو علم معين العلم الذي معه الخشية الذي قال الله تعالى فيه {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} كان الحسن البصري إذا تكلم بكى الناس كأن أمامهم جنازة وبعدين الناس في المساجد الأخرى يتكلموا طويلا والناس لا أحد يتأثر يعني فسأل بعضهم في هذا ليه إيه قال ليست النائحة كالثكلى يعني المرأة اللي بيأجروها عشان تنوح على الميت ليست كأم الميت الثكلى أم الميت ساعة ما تبكى الناس كلها تبكى إنما هذه الناس عارفين أنها يعني كلام فارغ ده بالأجرة يعني بكاء بالأجرة مش بكاء حقيقي من القلب المهم وبعدين الإنسان عليه أيضا يستعين بأهل الخير يصاحبهم في الجليس الصالح والجليس سوء ده مثل حامل المسك وده مثل نافخ الكير لكن من جاور الحداد يبتلي بناره لا يجاور أهل الخير سيدلوه على الخير..

عبد الصمد ناصر: يختار البيئة الصالحة يعني..

يوسف القرضاوي: وبعدين عليه يجاهد نفسه المسألة تحتاج إلى رياضة، الإنسان لما يكون عايز يعني يصل إلى قوة معينة من الرياضة عايز يصل إلى كمال الأجسام أو عايز يكون مصارع أو عايز يكون يعني بطل في يحتاج إلى جهاد إلى رياضة إلى تمرين أيضا الإنسان إذا كان يريد أن يرقى من الناحية الإيمانية لازم يجرب نفسه ويصبر على هذا ويستمر والله تعالى يقول {والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} إذا استمر في جهاده لابد أن يصل من سار على الدرب حسب سنن الله ولكن الإنسان لا يكون دائما على حالة واحدة من الرقي ساعات يرقى وساعات يهبط ساعات ينهض وساعات يعسر كما قال أحد الصحابة سيدنا حنظلة جاء إلى النبي يبكي ويقول يا رسول الله نافق حنظلة.. نافق حنظلة قال له إيه قال له يا رسول الله يكون عندك في حالة إذا سمعنا موعظتك تبكي أعيننا وترق قلوبنا وكأننا يعني نرى القيامة رأي عين..

عبد الصمد ناصر: حتى إذا خرجوا..

يوسف القرضاوي: وإذا ذهبنا إلى بيوتنا لاعبنا الأولاد ولاعبنا الأزواج وعملنا كذا ونسينا ما كنا عنده أليس هذا نفاقا قال له يا حنظلة لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون فيها عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات ولكن يا حنظلة ساعة وساعة الإنسان لا يمكن أن يظل في حالة الرقي هذه ساعة زي ما بنقول إحنا في المثل ساعة لقلبك وساعة لربك..

عبد الصمد ناصر: إذاًُ هذا ليس دليلا على وجود خلل ما في الإيمان طبعا؟

يوسف القرضاوي: نعم..

عبد الصمد ناصر: هذا ليس دليلا على وجود خلل ما؟

يوسف القرضاوي: لا ممكن خلل ولكن ليس كل خلل يعني غير مغتفر في خلل مغتفر وخلل غير مغتفر في خلل يعني مغتفر ومثل هذا الخلل لا يدوم لأنه سرعان ما يرجع ويصلح هذا الخلل لأن المؤمن كما جاء في الآثار مفتن تواب أو مفتن تواب يفتن ويتوب يرجع سرعان ما يرجع يذنب ولكن لا يستمر في ذنوبه أدم أذنب أبوه الأول أذنب وأكل من الشجرة ولكن سرعان ما محا هذه الخطيئة بالتوبة {عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وهَدَى} ما فيش مانع يحصل خلل لأن هو ده طبيعة الإنسان وما سمى الإنسان إلا لنسيه وما القلب إلا أنه يتقلب طبيعة الإنسان أنه يعسر ثم ينهض المهم لا يستمرئ المعصية لا يتمادى فيها يرجع إلى ربه فيسأله العفو ويسأله المغفرة وهو جدير أن يعفو عنه وأن يغفر له هو أهل التقوى وأهل المغفرة..

عبد الصمد ناصر: وحتى نحن لا ننسى أننا في شهر أيضا..

يوسف القرضاوي: نعم..

عبد الصمد ناصر: حتى لا ننسى في هذه الحلقة أننا أيضا في شهر رمضان نتساءل كيف يستطيع المسلم من خلال هذا الشهر أن يجعل من هذا الشهر عفوا مدرسة إيمانية يعني تكون فرصة له لزيادة إيمانه؟

يوسف القرضاوي: نعم هو رمضان هو شهر استباق الخيرات هو الفرصة الثانوية ليزيد الإنسان من رصيده الإيماني من مخزونه الروحي بيأخذ يعني يخزن يعني شيء ينفعه زاد.. زاد ينفعه أحد عشر شهرا ليزداد في هذا الشهر الكريم المهم يقبل على هذا الشهر بعزيمة صادقة بنية صالحة من أول الشهر ينوى أنه يحاول يجعل هذا الشهر شهر بركة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم قال وقد حضر رمضان "أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل" أشقى الناس من يجد المغفرة توزع عن اليمين والشمال ولا ينال نصيبه منها، النبي عليه الصلاة والسلام صعد المنبر يوما فدعا قال "أمين.. أمين فلما نزل قالوا أنت لما صعدت المنبر قلت ثلاث مرات أمين المهم يهمنا المرة منها قال جاءني جبريل وقال من أدرك رمضان ولم يُغفر له فأبعده الله ثم أبعده قلت أمين" جبريل دعا عليه ومحمد أمن على هذا الدعاء اللي جاءت له الفرصة "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" هذه الفرص أمامه ولكنه ترك هذه الفرص المؤمن يحاول أن ينتهز هذه الفرصة مش يضيع أوقاته في النوم طول النهار والأكل طول الليل لا..

عبد الصمد ناصر: والسهر..

يوسف القرضاوي: ينتهز ده الوقت ثمين..

عبد الصمد ناصر: لم يبق من الوقت الكثير فضيلة الشيخ.. وقت ثمين كيف يمكن للمؤمن أن يستغله ما هي الأعمال والطاعات التي تنصحه بها خاصة وأن رمضان أصبح مرتبطا بمجموعة من العادات والطقوس الغريبة فضيلة الشيخ؟

يوسف القرضاوي: شوف أول حاجة.. وده للأسف يعني لا أريد أن أضيع الوقت نتكلم عن اللي قاعدين يأكلوا ويشربوا ويشتروا الأشياء..

عبد الصمد ناصر: والخيام الرمضانية والدوريات وغير ذلك..

يوسف القرضاوي: ولكن المهم في عندنا أول شيء أن يُحسن الصيام ومعنى يحسن الصيام أن يصوم ببطنه وشهوته ويصوم بجوارحه كلها لا يجوز أنه يصوم عن الأكل والشرب الحلال ويفطر على الحرام يفطر على الغيبة على النميمة على الكذب على سب الناس على شتم الناس لسان المؤمن وأذناه تفطران على سماع الأغاني الخليعة على يعني الأشياء غير عيناه تفطر على ما يجوز أن يرى يعني في هذا الشهر الكريم جوارحه مفطرة لا نريد أن يصوم "الصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفس ولا يصخب ولا يجهل وأن إمرئ سبه أو قاتله فليقل أني صائم" يقول بلسانه أو بقلبه يسمع بها نفسه ويسمع بها الطرف الأخر هذا من لم يدع قول الزور الحديث الشريف في صحيح البخاري "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" فأول يحسن الصيام الشيء الثاني يحسن القيام يصلي القيام صلاة التراويح يحرص أن يصلي صلاة التراويح في مسجد يطيل الصلاة نسبيا مسجد يقرأ القرآن يعني هيروح البيت يقعد يعمل إيه عشان يشوف المسلسلات أجهزة الإعلام للأسف بتدينا وجبات دسمة وهائلة ومستمرة في شهر رمضان لا تترك ليل نهار إلا في مسلسلات بتشغل الناس بهذا ولا أدرى من أين جاءوا بهذا هل يعني نتعبد لله في رمضان بالنظر في المسلسلات المسلم يدع هذا ويجعل همه أنه يحسن القيام "من قام رمضان إيمانا" يشوف مسجد يسمع فيه القرآن ويسمع فيه درس ويصلي فيه صلاة خاشعة فيستفيد خصوصا في العشر الأواخر من رمضان على المسلم أن يحسن قراءة القرآن كما النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان في كل رمضان يجلس مع جبريل يدارسه القرآن يتدارسه معا أمين السماء وأمين الأرض علينا أن نتدارس القرآن الواحد يقرأ على الأقل جزء في القرآن في ناس بتحاول تختم القرآن مثلا ثلاث مرات في الشهر كل يوم ثلاث أجزاء عشان يختم في العشرة الأوائل.. العشرة الثانية خاتمة العشرة الثالثة خاتمة واحد يحاول يقرأ جزئين يختمه مرة واحد على الأقل كل يوم جزء يختم القرآن فيه أيضا من الأشياء المهمة التسبيح والتهليل والتكبير..

عبد الصمد ناصر: والاستغفار..

يوسف القرضاوي: وفيه فعل الخيرات يفعل الخيرات يبر الوالدين يصل الأرحام يزور الجيران يتصدق على المساكين يُفطر الصائمين يصلح بين الناس كل هذه الأعمال تتضاعف مثوبتها عند الله في رمضان.. في رمضان فعل الخيرات وكان النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان أجود بالخير من الرياح المرسلة..

عبد الصمد ناصر: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل الطاعات ويعيننا على أدائها في هذا الشهر الفضيل بارك الله فيك فضيلة الشيخ شكرا لك وشكرا لكم مشاهدينا الكرام وفي الختام لكم تحية المخرج منصور الطلافيح والمعد معتز الخطيب وإلى اللقاء في الأسبوع القادم بحول الله.