شمولية الاسلام نشأة الفكرة ومنتسبيها
الشريعة والحياة

الإسلام ومشكلة الفقر

تناقش الحلقة مشكلة الفقر في العالم الإسلامي، فهناك مليار شخص يعيشون على أقل من دولار في اليوم، فهل تتحمل التصورات الدينية الخاطئة جزءا من المسؤولية؟

– الفقر بين إفساد المعتقدات والحكمة الإلهية
– ارتباط تنظيم النسل بالحد من الفقر
– دور الجمعيات الخيرية في مكافحة الفقر
– مشكلة الفقر بين التشريع وسوء التدبير
– أسباب امتناع البعض عن إخراج الزكاة

 

undefinedخديجة بن قنة: مشاهدينا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مليار شخص في العالم يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم بينما يعيش ضعفهم على أقل من دولارين فهل تتحمَّل التصورات الدينية الخاطئة جزءا من المسؤولية؟ وإلى أي مدى تساهم أنواع الإنفاق الإسلامية من زكاة وصدقات وكذلك ترشيد الاستهلاك ومحاربة الفساد والبطالة وسوء التوزيع في القضاء على الفقر؟ ومتى تتحول الجمعيات الخيرية إلى مؤسسات تنموية؟ ولماذا لم تُفلح الزكاوات في تضييق مساحة الفقر؟ الإسلام ومشكلة الفقر موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي أهلا بكم فضيلة الشيخ.

يوسف القرضاوي: أهلا بكِ يا أخت خديجة.

الفقر بين إفساد المعتقدات والحكمة الإلهية

خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ طبعا ظاهرة الفقر ظاهرة يعني يطول فيها الحديث وتتعدد أساليب معالجتها نحن اليوم نركز على بعض جوانب هذه الظاهرة وليس كلها، لنتحدث أولا عن الآثار الكبيرة والكثيرة لهذه الظاهرة التي تصل أحيانا حتى إلى إفساد معتقدات بعض الناس كيف تنظرون إليها؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى أهله وصحبه ومن اتبع هداه، قبل أن أتحدث عن مشكلة الفقر وعن آثارها السيئة على الفرد والأسرة والمجتمع لا يسعني إلا أن أتحدث عن قضية شغلت المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وأثارت مشاعرهم واستفزتهم، أثارت غضبة إسلامية في مختلف الأقطار والبلاد وذلك على إثر ما حدث في قاعدة غوانتانامو من امتهان المصحف الشريف لإذلال المعتقلين، هناك من مزَّقه عليه هناك من بال عليه وهناك أشياء يعني يستحي الإنسان من ذكرها وهذا يعني يعتبر استفزاز للأمة الإسلامية جميعها وقد أنكر ذلك كل علماء المسلمين وقامت مظاهرات غاضبة في أفغانستان وفي باكستان وفي بلاد شتَّى ونحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أصدرنا في مقدمة بياننا الذي أُذِيع أول أمس أصدرنا هذا البيان ندين فيه هذه العملية التي تنبئ عن سفاهة وتنبئ عن حماقة وتنبئ عن عدم احترام الأديان وعدم احترام كرامات الناس وشعائرهم ومشاعرهم، في بدأ هذا البرنامج أحببت أن أقول كلمتي هذا أداءً لحق القرآن الكريم على الأمة ولأحذِّر هؤلاء المستكبرين في الأرض أن هناك أمة قادرة على الدفاع عن دينها وأنها قد تصبر على أشياء كثيرة ولكن لا تصبر أبدا على امتهان كرامة الدين، أقول لهؤلاء أناديهم بما ناديناهم به في بياننا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن يسارعوا بإنجاز التحقيق الذي وعدوا به ولا يماطلوا أن يحققوا تحقيقا سريعا وأن يعلنوا النتائج وأن يعاقبوا مقترف هذا الإثم وأن يعتذروا علنا إلى المسلمين جميعا، أما سؤالك يا أخت خديجة عن الفقر وما يجره من مصائب على الناس فهذا أمر يعني قرره القرآن والسُنة وقرره الإسلام بوضوح وإن كان هناك للأسف بعض الجهات بعض الناس الذين ينتسبون إلى التصوف ليس كل المتصوفين ولكن هناك فئة من الناس تزعم أن الفقر أمر مطلوب ويحكون عن بعضهم أنه قال إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغِنى مقبلا فقل ذنب عُجِّلت عقوبته وهذا ليس بصحيح وأنا أذكر حينما كنت أقدِّم أطروحتي لرسالة الدكتوراه في الزكاة كان بعض المشايخ المشرفين على الرسالة وكان عنده نزعة صوفية التقيت به فقال لي يا شيخ يوسف أنت كاتب في مقدمة الكتاب تقول إن مشكلة الفقر والإسلام يعاني من مشكلة الفقر هو الفقر مشكلة؟ قلت له نعم يا سيدنا الشيخ الفقر مش مشكلة دا الفقر مصيبة، قال الفقر مصيبة؟ قلت نعم ألا تقرءون في الأحاديث "كاد الفقر أن يكون كفرا" "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر" "اللهم إني أعوذ بك من فتنة الفقر وأعوذ بك من فتنة الغنى" كيف يا أخونا؟ ألم يمتنّ الله على رسوله وقال {وَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} ووجدك فقيرا، امتن عليه يعني أخرجه من الفقر وقال النبي صلى الله عليه وسلم "نِعم المال الصالح للمرء الصالح" وقال {وأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وبَنِينَ} فالمال نعمة والفقر بلوة، فلذلك لابد أن نواجه هذه الأفكار الخاطئة عن الفقر، بعض الصوفية الشيخ الخواص كان يقول ما أجمل أن يجعل النجار سُبحته منشارا وهو بينشر كده يقول سبحان الله والحداد كذلك والزارع وهو يزرع، يعني يعمل ويسبح الله فأما اعتبار أن الفقر شيء يُرحَّب به مرحبا بشعار الصالحين فهذا لم يقل به القرآن ولا السنة، القرآن والسنة اعتبروا الفقر مشكلة واعتبروا الفقر مصيبة وخطرا وخطر أحيانا على العقيدة، الواحد ممكن حينما يرى سوء توزيع الثروة ويرى الثروة في يد الفُجَّار والأشرار ويرى الأخيار والطيبين محرومين منهم يشك أحيانا في عدالة التوزيع الإلهي وكما قال بعضهم يعني كم عالم تلقاه مفتقرا وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا هذا هو الذي ترك الباب حائرة وسير العالم النحرير زنديقا، إيه اللي خلاه زنديق؟ أنه شايف الثروة موزعة غير.. فأحيانا هذا يؤدي إلى فساد العقيدة وهو أيضا خطر حتى على العبادة، الإنسان ما يعرفش يعبد ربه إذا كان جائعا ولذلك نحن نقول الإنسان لما يحب يصلي كل، الحديث يقول "إذا حضر العَشَاء والعِشَاء قَدِّموا العَشَاء" علشان الواحد يصلي وقلبه مطمئن مش بيفكر في الأكل يعني وهكذا خطر على الفكر يعني رووا أن الأمام محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة كان في الدرس مع تلاميذه فجاءت الجارية تقول له يا سيدي لقد نفد الدقيق، ما عادش فيه طحين في البيت، فقال لها قاتلك الله لقد أضعتِ من رأسي أربعين مسألة من مسائل الفقه كنت حضرتها، راحت طارت ما فييش في البيت.. حتى على الفكر خطر على الأسرة..

خديجة بن قنة [مقاطعةً]: نعم لكن فضيلة الشيخ..

يوسف القرضاوي [متابعاً]: القرآن يقول {ولا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إمْلاقٍ} أو {خَشْيَةَ إمْلاقٍ} يعني أحيانا دفع الفقر.. الإملاق يعني الفقر، دفع الفقر الواقع والفقر المتوقع بعض الآباء يقتلوا أولادهم من إملاق أو خشية إملاق، فالفقر خطر على الأسرة وعلى المجتمع وعلى الكل فلذلك..

خديجة بن قنة [مقاطعةً]: هناك من يكفر من شدة الفقر ويسأل لماذا يا ربي خلقتني فقيرا؟ لو شاء الله لجعل الناس.. {اللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ما الحكمة من أن يرزق الله هذا ويعطيه مالا وثروة ويحرم هذا؟ سنأخذ الإجابة بعد فاصل قصير ثم نعود إليكم مشاهدينا في برنامج الشريعة والحياة.

[فاصل إعلاني]

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة، حلقتنا اليوم حول موضوع أو مشكلة الفقر مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، فضيلة الشيخ كنا نسأل لماذا فرَّق الله بين العباد وجعل هذا فقيرا وهذا غنيا؟ ما هي الحكمة الإلهية من ذلك؟

"
مشيئة الله دائما مرتبطة بحكمته ولا يمكن أن يكون الناس جميعا في مستوى واحد من الغنى والفقر لأنه هذا ضد الطبيعة الإنسانية
"

يوسف القرضاوي: هذه مشيئة الله دائما مرتبطة بحكمته ولا يمكن أن يكون الناس جميعا في مستوى واحد من الغنى والفقر لأنه هذا ضد الطبيعة الإنسانية، طبيعة الإنسان وطبيعة الكون تجعل لابد للناس أن يتفاوتوا، هم ليس متفاوتين في الغنى والفقر فقط متفاوتين في الناحية الجسمية هناك الطويل وهناك القصير، هناك القوي البنية والضعيف البنية، هناك الذكي وهناك الغبي، هناك النشيط وهناك الكسلان، فكما يتفاوت الناس في هذه الأشياء التي هي أهم من التفاوت المالي في الغنى يعني واحد عنده ذكاء خارق وواحد عنده يعني نسبة قليلة جدا من العقل هكذا التفاوت الفطري أدى إلى تفاوت في المال وبعض الناس يغتني بسبب يعني هِمَّة عنده عالية وسبب تخطيط جيد وسبب يعني جهاده ونشاطه المستمر وبعض الناس يعني يغتنون بأسباب مُحرَّمة يأكل أموال الناس بالباطل يعني هؤلاء الناس كثير من الذين بيدهم السلطات يستغلون نفوذهم ليثروا على حساب الشعب، الناس تموت من الجوع وهم عندهم الملايين في بنوك محلية أو في بنوك أجنبية، فليس كل التفاوت ناشئا عن أسباب طبيعية بعضه عن أسباب اصطناعية وبعضها قائم على أساس ظالم ولذلك الإسلام يدعو إلى إزالة هذه المظالم الاجتماعية ويدعو إلى إقامة العدالة الاجتماعية بحيث القوي يأخذ بيد الضعيف والغني يصب على الفقير ونقرِّب بين الناس نرفع من مستوى الفقراء ونحد من طغيان الأغنياء وهكذا، هذه تعاليم الإسلام تنتهي إلى التقارب بين الجميع إذا طُبقت تطبيقا حسنا.

خديجة بن قنة: وسيلة التقارب فضيلة الدكتور بين الغني والفقير وُجِدَت في الإسلام بطرق مختلفة منها فرض إخراج الزكاة هل ترى أن إخراج الزكاة حدّ من ظاهرة الفقر؟

يوسف القرضاوي: إخراج الزكاة ليس هو الوسيلة الأولى، الوسيلة الأولى في معالجة مشكلة الفقر هي العمل، إن كل واحد يجب أن يعمل وينبغي على المجتمع أن يساعده على ذلك ويوفر له العمل المناسب، لابد أن ينمو المجتمع الآن العالم كله يتحدث عن التنمية بدون تنمية لا يستطيع الإنسان أن يعيش، الإنسان لابد أن يُدرَّب على عمل وتُهَيَّأ له الوسيلة والإسلام بيعتبر العمل.. العمل المعيشة العمل الاقتصادي يعتبره عبادة وجهادا، هو كأنه صلاة بيعتبر الدنيا كلها مسجد الزارع في مزرعته والصانع في مصنعه والموظف في مكتبه والمحترف في معمله أو في ورشته كل هؤلاء يعبدون الله بأعمالهم والإسلام بيعتبر هذا جهادا في سبيل الله، {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وإلَيْهِ النُّشُورُ} فقبل أن يطالب الناس بالزكاة لازم الناس تعمل حتى تغتني، هو إذا كان المجتمع فقيرا ماذا تفعل الزكاة؟ الزكاة تجب على الأغنياء فإذا لم يكن في المجتمع أغنياء يبقى ما فيش زكاة، فلكي يكون المجتمع فيه أغنياء يجب أن يعمل المجتمع يجب أن يزرع ويصنع ويتاجر وحتى يملك المال فيخرج الزكاة ولذلك نعتبر المشكلة الأولى أو الطريقة الأولى في علاج الفقر إننا نجند المجتمع كله للعمل، المجتمع الكسول الذي لا ينتج شيئا وكما تحدثنا في بعض الحلقات إن أُحصي متوسط ساعات العمل عند الموظفين في بعض البلدان العربية فوُجد نحو سبعة وعشرين دقيقة، كيف أمة تحارب الفقر بهذه الطريقة؟ الأمة اللي تحارب الفقر لازم تعمل بكد اليمين وعرق الجبين.

خديجة بن قنة: لكن فضيلة الشيخ حتى العمل يعني أصبح ليس شيئا سهلا يعني ظاهرة البطالة ظاهرة مستفحلة في الدول العربية والإسلامية هل على الدول مسؤوليات في هذا المجال أن توجد عملا للشباب؟

يوسف القرضاوي: طبعاً، شوفي المسؤولية مسؤولية الفرد ومسؤولية المجتمع ومسؤولية الدولة، الفرد يجب عليه أن يعمل ويبحث عن العمل المناسب لأن أحيانا بعض الناس تتكاسل عن العمل أما يعني يدعي أنه متوكل على الله وربنا يرزقني من حيث لا أحتسب وده سيدنا عمر رفض هذا حينما وجد بعض الناس في المسجد بعد صلاة الجمعة جالسين في ركن كده سألهم من أنتم؟ قالوا نحن متوكِّلون قال بل أنتم مُتَأَكِّلون مش متوكلون، تتأَكَّلوا من الناس، لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة إنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض، أما سمعتم قول الله تعالي في صلاة الجمعة {فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} قوموا انتشروا وعلاهم بذرته وأخرجهم من المسجد، فيه بعض الناس يتكاسل ويقول متوكل أو يتكاسل ويدعي الزهد أو يعني يتكل عليه أنه يروح يسأل الآخرين يطلب صدقة أو معونة من الآخرين هذا لا يجيزه الإسلام، الإسلاك يحرم سؤال الناس من غير حاجة، مسألة الناس هذه يحرمها الإسلام ويطلب الإنسان أن يعمل إذا كان قادر على العمل يعمل، على المجتمع أن يساعده لأن العمل يحتاج أحيانا إلى دراسة فيه مدرسة الصنايع فيه مدرسة الزراعة فيه مدرسة كذا، أحيانا يحتاج إلى تدريب يعني يُدرَّب على هذا لازم المجتمع يهيئ له هذا، الدولة مسؤولة مسؤولية أساسية خصوصا في عصرنا هذا الدولة محتاجة تنشئ المصانع تشغل فيها الناس تعطي مساحات في الأراضي البور يُحييها الناس "ومن أحيا أرضا ميتة فهي له" مسؤولة عن هذا، ففيه مسؤولية مشتركة بين الجميع لمحاربة البطالة.

ارتباط تنظيم النسل بالحد من الفقر

خديجة بن قنة: نعم، لكن فضيلة الشيخ يعني محاربة البطالة هي سبيل من سُبَل معالجة ظاهرة الفقر لكن هناك سياسات دول تعتمد أيضا في محاربتها لظاهرة الفقر على الحد من عدد السكان لأننا إضافة إلى كوننا أمة لا تقدس قيمة العمل فنحن أمة في يعني النمو الديمغرافي في الدول الإسلامية نمو ديمغرافي متزايد وبشكل سريع، هل ترى أن الحد من عدد السكان يمكن أن يُعتمَد كوسيلة للحد من ظاهرة الفقر؟

"
لابد للمرأة أن تأخذ فترة ما بين كل وليد وآخر، فالتنظيم لا مانع منه لكن لا يكون تنظيما عن طريق التعقيم
"

يوسف القرضاوي: أنا لا أرى مانعا من تنظيم ما يُسمَّى تنظيم النسل، يعني مثلا الواحد مثلا يعمل فاصل بين كل مولود وآخر، لأن حتى في نهي عن الواحدة يعني المرضعة يعني ينبغي إنها تعطي فترة لإشباع الرضيع، {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فمش كل واحدة عندنا كنا في الريف زمان يقولوا ده فلانة دي بتحمل على الأربعين، يعني بعد ما تخلص نفاس على طول تحمل، لا هذا ليس مطلوبا خصوصا في عصرنا هذا لأن الطفل لا يحتاج بس مجرد أن نأكله ونسقيه ونكسوه لا ده محتاج إلى أن يتعلم والتعلم يحتاج إلى مساعدة وإلى نفقة فلابد للمرأة تأخذ فترة ما بين كل وليد وآخر، فالتنظيم لا مانع منه لكن لا يكون تنظيم عن طريق التعقيم مثلا كما يحدث في بعض البلاد، التنظيم لا مانع الإسلام يقر يعني نظام الأسباب والمسببات.

خديجة بن قنة: ربما الغريب في الأمر فضيلة الشيخ أنه الأكثر إنجابا هم العائلات الفقيرة، الفقراء هم الأكثر عيالا..

يوسف القرضاوي [مقاطعةً]: لقلة الوعي لقلة الوعي عندهم..

خديجة بن قنة [متابعةً]: وكأنهم يطلبون الغني من..

يوسف القرضاوي: لا يهتمون بهذا.

خديجة بن قنة: لأنهم يقولون أن المولود يُخلق ورزقه معه؟

يوسف القرضاوي: ما هو رزقه معه ولكن فيه أسباب، يعني الإسلام أجاز يعني الإمام الغزالي ذكر أن لو كان كثرة الأولاد هتؤدي بالأب إلى أنه يخوض الشبهات وربما يرتكب المحرمات لا يبقي يحدد النسل يعزل.. كان من أسباب أو من وسائل تحديد النسل في ذلك الوقت ما يسمى العزل أنه الرجل يعني يقذف النطفة خارج رحم المرأة فيجوز له أن يعزل إذا أدَّى هذا لا مانع من هذا، لازم توعية الناس وخصوصا الجماهير الشعبية وجماهير الفقراء نقول لهم إن الدين لا يمنع من هذا، يمكن أحيانا يفتكر أن ده ضد الدين لا الدين لا يمنع من هذا.

خديجة بن قنة: نعم نأخذ فاصلا قصيرا مشاهدينا نتابع خلاله موجزا لأهم الأنباء ثم نعود لمواصلة هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة حول مشكلة الفقر.

[موجز الأنباء]

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة، موضوع حلقتنا اليوم مشكلة الفقر مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، فضيلة الشيخ كنا نتحدث عن مسألة الإنجاب وأن الفقراء هم الأكثر إنجابا بحجة أن الله يتكفل بهم وأن المولود يولد ورزقه معه، البعض يقول إن الرزق مقسوم وإن هذه قسمة الله، فالفقير رزقه مقسوم هكذا اعتمادا على بعض الآيات في القرآن الكريم مثل {وفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ومَا تُوعَدُونَ} {ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} {ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} وآيات أخرى كثيرة ما رأيكم؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، صحيح أن الرزق مقسوم ولكنه مقسوم بأسبابه بحسب سُنن الله، ليس معنى أن الرزق مقسوم أن ينام الإنسان على أذنه ويقبع في بيته وينتظر أن تمطر السماء عليه ذهبا أو فضة، لا الرزق مقسوم بأسبابه والله تعالى حينما يقول {ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} {ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ما معنى يتقي الله؟ هل من يقعد في بيته لا يعمل شيء وهو قوي الجسم مفتول الذراعين اتقى الله؟ لا لم يتقِّ الله ولم يؤدِّ حق جسمه بيأكل من الناس ولا يعطي ما يستحق الناس منه، لازم الإنسان كما يأخذ يعطي، الحياة تعطيه لازم يعني يعطيها، فتقوى الله معناها أن الإنسان يعمل ويأخذ بالأسباب وبالمسبَّبَات ويراعي سنن الله في الكون، هذه هي التقوى لما حينما يقول الله تعالى {ولَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ} معنى {آمَنُوا واتَّقَوْا} الناس للأسف لا تفهم، الإيمان والتقوى أن الإنسان يراعي سنن الله الكونية كما يراعي أوامر الله الشرعية وإلا لم يكن متقيا، المسلمون الأوائل الصحابة لم يجلسوا في البيوت وينتظروا أن ربنا ينزل عليهم من السماء، لا لازم يعمل.. {هُوَ الَذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وكُلُوا مِن رِّزْقِهِ} {فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} إنما ما يجيش فضل الله كده لازم تنتشر في الأرض، فالسعي لابد منه، الرزق مقسوم هذه ممكن الإنسان يقولها حينما يسعى ويجد رزقه ضيقا فيقول الحمد لله هذا الذي قسم لي إنما لا يجوز أن أحيانا يقول هذه بعض الناس الأغنياء حتى لا يعطوا الفقراء، يعني يقول لهم أعينوا إخوانكم الضعفاء هؤلاء فيقول هو ربنا أراد لهم كده، ربنا هذا الرزق الذي أراده لو كان يريد يغنيهم كان أعطاهم وهذا ذكره القرآن في سورة يس {وإذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} لو كان ربنا عايز يطعمه كان يطعمه، لا هذه نظرية مرفوضة، إذا ذُكرت يعني احتجاجا على القعود والتكاسل مرفوضة، إذا ذكرت على أساس أن القوي لا يمنح الضعيف والغني لا يساعد الفقير مرفوضة إنما تُقبل حينما يقولها الإنسان رضاءً بما قسم الله له إذا كان هذا هو كل إمكانه يعني في أحيانا "ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس" أحيانا هكذا لا يجوز للإنسان أن يتمنى ما لا يقدر عليه إنما يتمنى ما يستطيع.

خديجة بن قنة: لكن فضيلة الشيخ هناك من يرى.. يعتبر أن فقره هو عقوبة له في الدنيا وأنه بما أنه عوقب في هذه الدنيا فإن حساب الآخرة سيكون أسهل وأخف، ما مدى صحة هذا الكلام وأنه أن الفقراء يجتازون الصراط بخفة..

يوسف القرضاوي: ليس الفقر من الضرورة أن يكون عقوبة في الدنيا الصحابة كان فيهم أغنياء وفيهم فقراء، فيهم أغنياء مثل سيدنا أبو بكر وسيدنا عثمان وسيدنا عبد الرحمن بن عوف وفيهم فقراء مثل سيدنا أبو ذر وسيدنا أبو هريرة وكثير من أصحاب.. ناس ربنا أعطى بعض الناس ووسع عليهم وناس، فلم يقل أحد.. ربنا قال عن الفقراء المهاجرين {الَذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ ورِضْوَاناً ويَنصُرُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} فقراء مهاجرين، المهاجرين كانت لهم أموال في مكة وبساتين وعقارات فخرجوا من مكة أو أُخرِجوا من ديارهم وأموالهم وراحوا فقراء هل يعني يُذَمُّون لهذا؟ هل هذا كان عقوبة من الله لهم؟ بالعكس فليس كل فقر يعني يكون عقوبة من الله ولا كل غنى يكون أيضا منحة من الله أو رضا من الله، إذاً كل من هذا ابتلاء، ربنا قال عن بعض الناس {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وبَنِينَ، نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ} {فَأَمَّا الإنسَانُ إذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ ونَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ، وأَمَّا إذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} لا، لا هذا إهانة ولا هذا إكرام كله امتحان.

خديجة بن قنة: هل هناك علاقة بين الفقر والزهد؟

يوسف القرضاوي: لا ليس هناك علاقة كم من فقير لا يعتبر زاهدا وكم من غني يعتبر زاهدا، فيه فقير ولكنه شديد الرغبة في الدنيا متطلع إلى الحياة ينظر إلى الآخرين بحسد ويعني وهذا ليس زاهدا وهناك أغنياء زاهدون، سيدنا عمر بن الخطاب الذي كان يلبس المُرقَّع وكان في بعض ثيابه أربع عشرة رقعة هذا هو الزهد، مالك بن دينار من زُهَّاد السلف من كبار الزُهَّاد كان يقولون.. يقولون مالك زاهد ما أنا بزاهد إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فاغرة فاها فأعرض عنها، قال لهم الزاهد الحقيقي عمر بن العزيز جاءته الخلافة وجاءه الملك وكل شيء في يده فترك هذا كله وعاش على أبسط ما يكون كأقل الفقراء، كان له قميص واحد يعني دشداشة واحدة بيلبسها ويغيرها يغسلها ويلبسها.. هذا هو الزهد فليس من الضروري أن يكون كل فقير زاهد ولا كل غني راغب في الدنيا.

دور الجمعيات الخيرية في مكافحة الفقر

خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ هناك نموذج جميل لجمعيات خيرية تقوم بمحاربة الفقر ومساعدة الناس والأسر ومساندة الفقراء لكن ألا ترون أن هذا المستوى أو هذا النموذج التقليدي من العمل لا يقضي على الفقر في النهاية وإنما ربما يُعوِّد أناس على أن يكونوا عالة وليسوا منتجين؟

يوسف القرضاوي: لا هو حسب أهداف الجمعية يعني ليس من الشرط أن يكون كل جمعية خيرية بتعمل أعمال تنموية إذا كان مثلا مهمتها مساعدة اليتامى كفالة اليتامى هل اليتيم ده مطلوب أن إحنا نربيه ونعلمه ونصرف عليه حتى يكون قادرا على الكسب لنفسه؟ هذا عمل أحيانا الأسر أسر المعتقلين أسر الشهداء في فلسطين الأرامل والثكالى من النساء الأمهات هؤلاء الجمعية الخيرية لما تساعد هؤلاء هذا مساعدة مطلوبة يعني هذا إنسان لا يقدر على العمل حينما تعطي الشباب والناس دول لا نقول لهم الشباب لا دولا نوفر لهم العمل إذا كان الجمعية عندها ميزانية تسع هذا يبقى لازم تعمل.. أحيانا أنا أشوف هنا بعض الجمعيات هنا في قطر تعطي بعض الأسر حتى صندوق الزكاة في قطر يعطي بعض الأسر مثلا بعض النساء ماكينات خياطة تشتغل عليها بعض الآلات اللي ممكن هذا وبعض..

خديجة بن قنة [مقاطعةً]: وهناك نماذج فضيلة الشيخ إيجابية جدا رصدنا بعضا منها في هذا التقرير الذي سنشاهده الآن ويجسد حالة تكافل اجتماعي وأنشطة الجمعيات الخيرية في مصر أعده لنا مراسلنا في القاهرة عمرو الكحكي فلنتابع معا.

[تقرير مسجل]

عمرو الكحكي: التكافل الاجتماعي كما ينص عليه الإسلام يتجلى في ارتياد العشرات من الفقراء العيادة الطبية لفرع الجمعية الشرعية الملحق بمسجد مجد الإسلام بحي عين شمس بالقاهرة والجمعية الشرعية واحدة من المؤسسات الخيرية الإسلامية التي تنشط في مختلف المدن المصرية سعيا وراء تيسير الحياة على المرضى والفقراء والمعوزين وللجمعية الشرعية فروع في كل المحافظات المصرية يتكون كل فرع منها من مسجد ومستوصف على الأقل والمستوصف عيادة طبية تعالج الناس بأسعار مخفضة في وقت فاقت فيه تكاليف العلاج كل وصف وخيال.

أحد المرضى: الكشف كلام فاضي يعني مش أسعار عالية يعني أنا مثلا خلع تسعة جنيه.

إحدى المريضات: ربنا يكفيهم شر المرض هم مش مخليين عندهم جهد الصراحة يكفيهم شر المرض ويسترها معاهم ربنا يا رب ويكفيهم شر المرض يا رب.

عمرو الكحكي: وتراعي الجمعية أحوال المعدمين مراعاة كاملة.

عبد الله عبد الحي – رئيس مجلس إدارة مسجد مجد الإسلام: هذا المشروع بهذه المستشفى التي نحن فيها الآن تخدم لا يقل عن سبعمائة ثمانمائة مريض يوميا يترددون عليها لتخصصات مختلفة منها أمراض باطنية منها أمراض القلب منها أمراض العظام منها أمراض الجلدية ويوجد بها غرفتان للعمليات الجراحية بكافة ألوانها وفيها أطباء جراحون متخصصون يقومون بإجراء كافة العمليات، تأتي مرضى لا تستطيع دفع التذكرة يصرف لها المسجد العلاج مع التذكرة مجانا.

عمرو الكحكي: ويتجاوز نشاط الجمعية العلاج إلى أنشطة اجتماعية خيرية منها المساعدة في تزويج الفتيات وإمدادهن بما يحتجن إليه من لوازم الجهاز وكفالة اليتيم ومساعدة الأسر الفقيرة بصورة شهرية منتظمة، فرع آخر لكنه أكبر للجمعية الشرعية يقع بحي المطرية في القاهرة ويتبعه مسجد النور المحمدي ويتجاوز نشاطه العلاج الطبي وكفالة اليتيم وتزويج الفتيات إلى صالتين للأفراح الإسلامية إحداهما للنساء والأخرى للرجال تيسيرا على راغبي الزواج الذين يطالبون بمبالغ خيالية بالاحتفال بالزواج من الفنادق والأندية ويطرح نشاط الجمعية الواسع النطاق أسئلة عن مصادر تمويلها.

عبد الحميد عبد المجيد – رئيس مجلس إدارة الجمعية الشرعية بالمطرية: الجمعية الشرعية بتنمي نفسها بنفسها، يعني هذه المشروعات كلها لما تبص تلاقي على هامش ربح يعني هامش ربح اللي إحنا بنأخذه من المشروعات بتاعتنا، يعني عندنا على سبيل المثال ورشة النجارة تدريب وتصنيع عندنا اشتراكات عندنا تبرعات تلقائية اللي بييجي أهلا وسهلا، الناس النهاردة أهل مصر وشعب مصر بيلاقي فعلا العمل الناجح دائما بيقف جنب العمل الناجح.

عمرو الكحكي: ومن أهم أنشطة فرع الجمعية الشرعية بالمطرية الملجأ الداخلي لرعاية اللقطاء وتربيتهم تربية إسلامية وتبدأ رعاية اللقطاء منذ العثور عليهم وحتى تخرجهم من المدارس والجامعات بل وتزويجهم وتشمل الرعاية المأوى والطعام والشراب والدراسة وهو وجه من أوجه كثيرة للتكافل الاجتماعي الإسلامي التي تنفق عليها الجمعية الشرعية ومؤسسات خيرية مصرية أخرى، مؤسسات إسلامية خيرية كثيرة تنتشر في أنحاء مصر ويهدف عملها ومنها الجمعية الشرعية إلى العمل الدعوي من ناحية والعمل الخيري الاجتماعي الذي يهدف إلى تخفيف حدة المعاناة والفقر والمرض عن كاهل المجتمع المصري، عمرو الكحكي الجزيرة لبرنامج الشريعة والحياة القاهرة.

خديجة بن قنة: فضيلة الدكتور نقطة أشار إليها التقرير الزميل عمرو الكحكي مسألة تمويل هذه الجمعيات الخيرية أغلبها يتم تمويلها عن طريق التبرعات لكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تمت محاربة العمل الخيري تحت عنوان محاربة الإرهاب وفُرِضت الكثير من القيود على تبرعات الناس لهذه الجمعيات الخيرية كيف ترون هذه المسألة؟

"
إن الوقوف ضد العمل الخيري بدعوى أنه يساهم بتمويل الإرهاب افتراء
"

يوسف القرضاوي: والله أرى أن هذا يعني عمل ضد الإسلام نفسه في الحقيقة لأن العمل الخيري يقوم بعلاج خلل كبير في المجتمع ويسد كثيرا من النواقص ويستجيب لكثير من الحاجات، فالوقوف ضد هذا العمل حقيقة وقوف ضد المجتمعات المسلمة وضد حاجات المسلمين، أنا كنت أرى أن الجمعيات الخيرية خصوصا في بلاد الخليج هنا كانت عاملة صلة بين المسلمين بعضهم وبعض، يعني تحدث كوارث في أفغانستان تذهب الجمعيات الخيرية لتبحث عن الأيتام تكفلهم تبحث عن الأرامل تبحث عن الناس المعاقين اللي خرجوا من الحرب اللي مقطوعة يديه واللي مقطوعة رجليه، كذلك في البوسنة والهرسك كذلك في أفريقيا وفي كثير من بلاد آسيا هذه الجمعيات ذهبت إلى هذا وأنفقت وكما قال الأخ في تقريره الناس لما بيشوفوا العمل الناجح بيساعدوه لما بتكون فيه ثقة في أن هذه الأموال تذهب إلى مستحقيها حقا الناس تجود وتعطي فكانت هذه الجمعيات عملت نوع من الروابط الإسلامية بين أبناء الأمة الإسلامية وهذا يؤذي الأميركان ويؤذي الاستعمار الجديد إن المسلمين تكون بينهم روابط لازم يقطعوا هذه الروابط، هم وقفوا ضدي لائتلاف الخير الذي شرَّفني الأخوة برئاسته ليقوم بسد حاجات الأخوة في فلسطين فالشعب الفلسطيني محاصَر ويشكو البطالة ويشكو الفقر ويشكو الجوع ويشكو المرض ويشكو من مصائب كثيرة، فهذا الائتلاف يقوم بسد بعض الحاجات يعني يكفل يتيما يأوي مشردا يبني مسكنا لبيت يرمم مسجدا مدرسة، كل هذه الأشياء وقفوا ضدها، فأنا أرى أن الوقوف ضد العمل الخيري بدعوى أنه بيساهم في تمويل الإرهاب هذا افتراء وهم يعلمون أنه افتراء هم كل ما في الأمر بيقولك هذا بيقوي حماس بيقوي الجهاد الإسلامي بيقوي.. يعني عايزين الناس تموت ولكن يقول لك الله الشهيد بتكفلوا أسر الشهداء كأنكم بتساعدوا اللي بيجاهدوا علشان تقول له ما يهمكش لما تموت ما أنت فيه ناس هتكفل أسرتك، يعني هم يحاربون العمل الخيري من هذه المنطلقات.

خديجة بن قنة: لكن فعلا هل تلاحظ أنه هذه الضغوط ساهمت في الحد من عملية التبرع لهذه الجمعيات وإعاقة عملها كثيرا؟

يوسف القرضاوي: طبعا إلى حد كبير، لا يزال الكثيرون والحمد لله حتى الآن يتبرعون ولا يبالي فيه ناس تخاف يعني وعملية التحويل من بلد إلى بلد أصبح عليها قيود كثيرة ما يستطيع الإنسان يبعث إلى بلد آخر، الدول حتى نفسها بدأت تستجيب لهذا وتعمل قيود وقيود كثيرة، أحيانا الإنسان يستطيع يخرج بحيلة أو بأخرى من هذه القيود وأحيانا لا يستطيع إنما لا يزال بعض الناس الخيرين يعني يتبرعون ويجودوون بأموالهم ويعتبرون هذا نوعا من الجهاد بالمال وقد طلب الله منهم أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.

خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ من أسباب الفقر هناك عوامل خارجية للفقر مثل سوء التوزيع للدخل لكن هناك أيضا تسلُّط النخب الحاكمة على ثروات البلاد والبلاد الإسلامية ما شاء الله دول كثيرة فيها غنية بالثروات وبالخيرات لكن شعوبها لا تنعم بهذه الخيرات مما يجعل هذه الشعوب فقيرة وطبقة معينة هي التي تستفيد من هذه الثروات.

يوسف القرضاوي: هو كما جاء عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه ما جاع الفقراء إلا بترف الأغنياء، كما قال أحد الحكماء ما رأيت إسرافا إلا وبجانبه حقٌّ مُضيَّع، الذين يسرفون وينفقون الملايين يعني ناس تلعب بالملايين وناس لا تجد الملاليم كما نقول في المثل المصري، فهذا الظلم الاجتماعي هو الذي أحدث هذا الفقر، أن هناك ثروات تعطى لناس بغير حساب، واحد يقول لك الشارع ده ملك فلان الفلاني العمارات دي كلها يملكها شخص واحد وواحد مش لاقي هو وزوجته وأولاده وأمه يعني يعيشون في غرفة في بدروم يعني كيف.. أليس هذا من الظلم؟ هذا أخذ صاحب القصور وصاحب البتاع ده أخذ حق هذا، عمر بن عبد العزيز يعني بلغه أن ابنا له اشترى خاتما فَصُّه بألف درهم فأرسل إليه كتابا.. لعله ابنه أو أحد أقاربه، فقال له بلغني أنك اشتريت خاتما فصه بألف درهم فإذا بلغك كتابي هذا فبعه وأطعم بثمنه ألف جائع واكتب عليه واشتري خاتما فصه من حديد واكتب عليه رحم الله امرأً عرف قدر نفسه، الألف درهم تطعم ألف جائع فهذا اللي كيف بقى اللي بيجيب الخاتم بكذا عشرات الآلاف من الجنيهات أو الدولارات له أو لزوجته أو لابنته وهناك أناس آخرون يئن من الجوع أنين الملسوع لا يجد ما يطفئ الحرق أو يمسك الرمق، هذا هو الظلم الموجود هذا من أسباب الفقر من غير شك لأن هؤلاء يأكلون حقوق هؤلاء.

خديجة بن قنة: نأخذ فاصلا قصيرا ثم نعود لمواصلة هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة حول مشكلة الفقر.

[فاصل إعلاني]

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة، موضوعنا حول مشكلة الفقر مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، فضيلة الشيخ هناك أيضا مشكلة عدم مراعاة أحوال الناس في مستوى المعيشة وأنت تطرح مثال أصحاب العمارات الذين يملكون العمارات في الشوارع بدر إلى ذهني مشكلة ارتفاع الإيجار بشكل خطير في دولة قطر..

يوسف القرضاوي: هنا في قطر.

خديجة بن قنة [متابعةً]: ووردت إلينا فاكسات من عدد من المقيمين في دولة قطر يشتكون من أنهم أصبحوا فقراء بسبب ذلك لأن الإيجار أحيانا يتجاوز مستوى راتب..

يوسف القرضاوي: المعاش أو الراتب.

خديجة بن قنة [متابعةً]: نعم مستوى الراتب.

يوسف القرضاوي: هذه الحقيقة مشكلة أنا اتكلمت عنها أكثر من مرة في خطبة الجمعة وناشدت أصحاب البيوت أن يتقوا الله ويرحموا الضعفاء من الناس لأنه فجأة يعني ارتفع البتاع الضعف أحيانا وأحيانا أكثر من الضعف، واحد كان عايش في بيت قديم وكذا بيدفع فيه ثمانمائة ريال فجأة لاقاه ألفين ريال ولذلك كثير من الناس لم يجدوا إلا إنهم يبعثوا أهلهم وهذا يعني في نهايته في مجموع هذا بيقلل من سكان قطر ويقلل من الحركة الاقتصادية في قطر، فهذا في الواقع يعني.. طبعا قطر ليس فيها قوانين تُلزِم بهذا الأمر لكن لعل هذا التجاوز وتجاوز الحد في استغلال الحرية الاقتصادية في ظلم الناس وتكليفهم مالا يطيقون لعل المسؤولين يفكرون في اتخاذ شيء من هذا، لأن الكثير من الناس الكثيرون يتصلون بي والله ماذا أفعل أنا ناشدت الناس من فوق منبر الجمعة "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" "الراحمون يرحمهم الرحمن" "مَن لا يَرحَم لا يُرحَم" اتقوا الله في هؤلاء الناس ولكن الجشع وحب المال كما وصف الله المجتمع الجاهلي {وتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّماً وتُحِبُّونَ المَالَ حُباً جَماً} هي دي البلوة الكبيرة التي وقعت حب المال هذا يعني كأنما يعبد المال صار المال إلها للناس والعياذ بالله.

خديجة بن قنة: نأخذ الآن مشاركة الدكتورة نعمت مشهور أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، دكتورة نعمت مشهور هناك تجربة إيجابية أُجرِيت بقرية مصرية قرية تفهنا الأشراف إن نطقتها بشكل صحيح نموذج لقرية خرجت من الفقر وقدمت نموذجا رائعا وكُتِبت فيها أطروحة دكتوراه أشرفتِ عليها هل لكِ أن تُقيِّمي لنا هذه التجربة؟

نعمت مشهور – أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر: بسم الله الرحمن الرحيم، هو هذه التجربة بدأت في منتصف السبعينات وكانت من خلال شخص وزميل وكانوا انتهوا من الدراسة الجامعية واكتشفوا أن القرية كلها يعني في حالة من التخلف والفقر والمرض والجوع فعملوا مشروع متعلق بالإنتاج الزراعي اعتبروا أن الله شريك لهم فكان الثلث للمهندس والثلث للمهندس الآخر والثلث لله وبدءوا في استخدام هذا العائد في إقامة مشروعات أخرى وبداية تشغيل الناس لأن هم يعني أحسوا أن العمل هو الذي يميز مجتمع عن مجتمع أو يسمح لمجتمع أن يرتقي فبدءوا يقيمون هذه المشروعات ويجعلون الناس يعملون فيها وكانت هذه المشروعات تربح بصورة غير طبيعية يعني هو نفسه المهندس كان بيتعجب عن الأرباح التي كانت تُدر عليه هذه المشروعات ووصل الشغل يعني توفر الشغل للناس كانوا يعملون فيما يحتاجون إليه من إنتاج زراعي من تعبيد طرق من حياكة لما يحتاجون إليه وكان مواكب لهذا العمل الاهتمام بجانب العلم فكان الحالة التعليمية متدنية جدا كان تقريبا نصف المجتمع أمي أو هذه القرية كانت أمية في سنة 1976 وبعد عشرين سنة وصلت الأمية فيها إلى 3.1%، فبدأت يعني التجربة كانت معتمدة على الجهود الذاتية للعاملين ولأبناء القرية الذين أحسوا بقيمتهم عندما بدءوا يعملون وحسوا بقيمتهم عندما بدءوا يعملون وأصبح الـ98% من الناس تعمل وتتدرب وتُتقن العمل من خلال العلم الزائد والتدريب حتى أصبحت القرية في وضع مختلف تماما وبعد أن كانت قرية تستحق أن يُنفق عليها الزكاة أصبح بعد عشر سنوات بدأت أموال الزكاة من الذي حققوا عائد من هذه المشروعات تتدفق حتى وصلت في أواخر التسعينات إلى مبلغ كبير أُقيمت به مشروعات وبُنيت به المنشآت التعليمية وتم..

خديجة بن قنة [مقاطعةً]: وخرجت هذه القرية من الفقر؟

نعمت مشهور: تحولت تماما هذه القرية حتى أصبح لا يوجد فيها إنسان غير متعلم أو مريض لا يجد.. وبُنيت المستشفيات وتم التخلص..

خديجة بن قنة [مقاطعةً]: يعني القرية وأهلها يستحقون التحية نشكرك دكتور نعمت مشهور، نأخذ أحمد العريبي من البحرين تفضل.

أحمد العريبي: السلام عليكم.

خديجة بن قنة: عليكم من السلام.

أحمد العريبي: السلام عليكم شيخنا.

يوسف القرضاوي: عليكم من السلام ورحمة الله وبركاته.

أحمد العريبي: طبعا بالرغم من وجود تشريع الزكاة والخمس والصدقات إلا أننا نرى بأن حدة الفقر والجوع تزداد في الأمة فسؤال طبيعي هل هو الخلل في التشريع أم في سوء التدبير؟ إذا رجعنا إلى تاريخ البشرية نجد بأن أنبياء الله عليهم السلام جميعا اهتموا بالفقراء والمحتاجين، النبي يوسف عليه السلام مثلا لم يطلب الجاه ولا السلطان بل قال {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} بالتالي بهذه المقولة بتطبيقها أنقذ الشعب من الجوع والهلاك وربط الأمة بموارد الطبيعة والإنتاج، القرآن أيضا لم يفصل كل عنوان يمثل حاجة في قوله تعالى {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِينِ} لكن سؤال أتصور ما عولج مسؤولية مَن علاج الفقر؟

خديجة بن قنة: مسؤولية علاج الفقر سيجيبك فضيلة الشيخ، نأخذ أم طه من قطر؟

أم طه: السلام عليكم.

خديجة بن قنة: وعليكم من السلام.

يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.

أم طه: سلام إلى الشيخ الفاضل وإلى أختي الفاضلة خديجة.

خديجة بن قنة: أهلا بكِ.

يوسف القرضاوي: حياكِ الله عليكم من السلام.

أم طه: أنا والله حبيت أستفسر من عند فضيلة الشيخ للحالة التي يعيشها شبابنا اليوم، يعني إحنا نلاحظ أنه شبابنا الآن مازال يتكل كل الاتكال على الوالدين، يعني نجد شابا في العشرين سنة من عمره وينتظر مصروفا من والده، يعني روح الاتكالية هذه حتى على الوالدين على الأب وعلى خيرات الأب وعلى ما يتركه الأب هذه مشكلة الشباب الآن، المشكلة الثانية فضيلة الشيخ هي في هؤلاء الشباب الذين يستسهلون الرزق فيذهبون مثلا إلى الغناء والشهرة يعني هذا المشوار السهل البسيط بحنجرة ليست لا تطرب ولا وليست حنجرة يعني مطرب ويستسهلون هذا الطريق السهل وتجده يعني في بضع سنوات قليلة بعشرات الأشرطة وآلاف الجماهير التي تشجعه والمداخيل الرهيبة التي يغتنمها من هؤلاء من يعني من أموال الشعب يعني من أموال الأمة المسلمة وهنا نلاحظ أن هذا الشباب يعني لو انتقل يعني هذه الموجة التي أصبح فيها الشباب المسلم موجة الهروب والأشياء السهلة يعني إلى العمل السهل يعني نلاحظ أن الأمم تتقدم في أوروبا في أميركا نرى الشباب الأوروبي والشباب الغربي كل يوم في اكتشاف أما الشباب العربي فهو اليوم في ستار أكاديمي وفي الشهرة يعني المؤقتة والتي بدون هدف للأمة ولا للشباب المسلم.

مشكلة الفقر بين التشريع وسوء التدبير

خديجة بن قنة: نعم وصلت الفكرة شكرا جزيلا لكِ أم طه من قطر، فضيلة الشيخ نبدأ بسؤال أحمد العريبي من البحرين هل الخلل في مشكلة الفقر في التشريع أم سوء التدبير؟ ومسؤولية مَن علاج هذه الظاهرة ظاهرة الفقر؟

"
الفقر مسؤولية الفرد نفسه ومسؤولية الدولة، فالفرد عليه أن يبحث ويسعى إلى العمل ولا يتكل على غيره
"

يوسف القرضاوي: الفقر كما أشرت من قبل مسؤولية الفرد نفسه ومسؤولية الأسرة ومسؤولية الجماعة ومسؤولية الدولة، الفرد عليه مسؤولية لازم هو يبحث ويسعى إلى العمل لا يتكل على غيره، النبي عليه الصلاة والسلام يقول "لأن يأخذ أحدكم حبله على ظهره فيأتي بحزمة من الحطب فيبيعها فيكُفّ الله بها وجهه خيرا من أن يسأل الناس أَعطوْه أو منعوه" المجتمع الجماعة عليها مسؤولية، إحنا شوفنا اللي أنت ذكرتها الدكتورة نعمت هذه اللي هي القرية يعني معناها القرية لما تعاونت ووجدت قيادة استطاعت تحل مشكلتها وما انتظرتش الدولة المركزية تحل المشكلة، المجتمع أيضا عليه.. الدولة عليها مشكلة يعني فيه مسؤولية عامة النبي عليه الصلاة والسلام قال "أنا أولى بكل مسلم من نفسه، من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا أو ضياعا.." يعني أسرة ضائعة أولاد صغار، ".. فإليّ وعليّ" أنا المسؤول عنه، الرسول عليه الصلاة والسلام لما جاءه رجل يسأله الصدقة من الأنصار فقال له أما في بيتك شيء؟ يعني جاي تسألني ما عندكش حاجة في البيت؟ قال له والله ما عندي شيء إلا يعني فِراش أفترشه حِلْس أفترشه وقعب أشرب فيه، إناء كوز بشرب فيه، قال له ائتني بهما، هات الكوز اللي عندك ده والفراش ده، جاء بهما فقال النبي عيه الصلاة والسلام للصحابة الموجودين مَن يشتري هذين؟ فواحد قال يا رسول الله أنا أشتريهما بدرهم فقال مَن يزيد؟ يعني عمل مزاد كما نقول، فواحد قال أنا أشتريهما بدرهمين قال له هات الدرهمين وطلع وبعدين أعطى الرجل الدرهمين قال أما أحدهما فاشتري به قوتا لأهلك، استهلكه وأما الآخر فاشتري به قدوما وتعالى إليّ، فراح الراجل اشترى قدوم يعني قطعة الحديد وجاء للنبي عليه الصلاة والسلام عمل له يد من الخشب وقال له اذهب فاحتطب ولا أرينَّك إلا بعد خمسة عشر يوما فذهب الرجل احتطب، يجيب من الجبال يجمع الأحطاب ويعمل هذه الأشياء من الأشجار ويبيعها ويأتيه رزق، بعد 15 يوم جه للنبي عليه الصلاة والسلام وحاله تحسنت عما كان عليه من قبل فقال له يا رسول الله لقد رزقني الله من هذا العمل وأصبحت كذا وكذا فقال له أليس هذا خيرا من أن تأتي المسألة يوم القيامة وليس في وجه أحدكم مزعة لحم؟ الإنسان اللي بيسأل يتساقط لحم وجهه يوم القيامة، زي ما إحنا بنقول أراق ماء وجهه وأسقط لحم وجهه، "إن المسألة لا تحل إلا لثلاث لذي فقر مُدقِع أو لذي غُرم مفظع أو لذي دَبٍ موجع" يعني الفقر شديد الفقر أو غُرم ديْن ثقيل لا يستطيع أن يسده بموارده الخاصة أو دَبٍ موجع الدب يعني الدية عليه دية والدية كانت مائة ناقة فيعني يحتاج إنه يسأل الناس يعاونوه فالرسول حل له المشكلة مش قال له إديني الصدقة قال له خد لا قال له عندك شيء؟ يعني حب يحل مشكلته بما عنده بإمكانياته الخاصة قال له عندي حاجة قال له بعهم هات أبيعهم لك وباعهم في المزاد ولما باعهم بدرهمين جعل نصف الثروة هذه نصفها للاستهلاك ونصفها للإنتاج، دا اشتري به قوت لأهلك والثاني اشتري به قدوم وروح اشتغل، اشتغل شغلة هي شاقة الاحتطاب دي ومدخولها قليل إنما أفضل من إنه يعتمد على سؤال الآخرين هذه مسؤولية الجميع.

خديجة بن قنة: نعم هذه القصة فضيلة الشيخ تحيلنا على قضية مهمة وهي انتشار ظاهرة التسوُّل في كثير من الدول العربية والإسلامية نلاحظ انتشار المستوِّلين في الشوارع، هناك عائلات تمتهن التسول وتتوارثها أجيال عن أجيال كيف يمكن التعاطي أو التعامل مع مثل هذه الظاهرة؟

يوسف القرضاوي: التسول.

خديجة بن قنة [متابعةً]: وما الحكم في ظاهرة التسول؟

يوسف القرضاوي: التسول دا ينكره الإسلام أشد الإنكار والمسألة كما ذكر العلماء الأصل فيها الحرمة، مسألة الناس الأصل فيها إنها الحرمة إلا من ضرورة أو حاجة يعني..

خديجة بن قنة [مقاطعةً]: حاجة قصوى تبرر.

يوسف القرضاوي [متابعاً]: كما قال لأنه كما قال الإمام ابن القيم يقول إن المسألة ظلم في حق الربوبية وفي حق المسؤول وفي حق السائل، ظلم في حق الرب لأن الإنسان لأنها نوع من العبودية لما يسأل واحد غيره كأنه بيتعبد له فأعطى العبودية لغير من يستحقها وهو الله وظلم للمسؤول لأنه أحرج المسؤول لأنه إما أن يعطيه على كراهية وإما أن يمنعه يعني فيبوء بأنه يعني رجل بخيل وظلم في حق السائل نفسه لأنه أذل نفسه وأراق ماء وجهه بغير حاجة، فلا يجوز أن يسأل الإنسان إلا أن يسأل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بُدَّا هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ أعود إلى سؤال أم طه من قطر كانت عرضت إلى ظاهرة الاتكال على الوالدين، اتكال الشباب حتى في مصروف الشباب، المصروف اليومي وأيضا استسهال الرزق عن عبر وسائل مثل الغناء ويعني كثير من الشباب مثلا يتجهون إلى الغناء كثير من الراقصات يمتهنون الرقص بحجة أنهم بسبب أوضاعهم يعني كثير من الأفلام المصرية زمان قديما ألحَّت على أن سبب امتهان الفاحشة أو الرقص وما شابه ذلك هو الفقر أن الكثير من الناس يتجهون إلى مثل هذه المهن لأنهم فقراء.

يوسف القرضاوي: هو يحدث أحيانا لأن يكون سبب إن الفقر يكون سبب إلى سقوط الإنسان يعني في المعصية هذا وفي بعض الأحاديث تدل على هذا حديث البخاري إن رجلا قال لأتصدقن الليل بصدقة وخرج بالليل وأعطاها فأصبح الناس يتحدثون تصدق على سارق يعني هو الراجل، فزعل الراجل إن الصدقة يأخذها فجاءه واحد في المنام قال له لعل هذا السارق يتعفف عن سرقته وبعدين جه ثاني يوم أعطاها لواحدة قابلته مرأة في الطريق أعطاها في الظلام لا فأصبح الناس يتحدثون إنه أُعطيت صدقة لامرأة زانية وبعدين المرة الثالثة قالوا واحدة للراجل قالوا الناس دا واحد تصدق على رجل غني، الراجل قال يا ربي بقى مرة على سارق ومرة على زانية ومرة على غني قال كأن أنا صدقتي ضاعت هباءً فجاءه في المنام مَن يقول أما صدقتك على سارق فلعله يتعفف عن سرقته، يمكن كان بيسرق من حاجة وأما صدقتك على زانية فلعلها أن تستعف عن زناها وأما صدقتك على غني فلعله يعتبر فينفق مما.. يقول ما فيه ناس تتصدق في الخفاء دون أن يعلموا حتى تصدقوا عليّ وأنا عندي مال فيعتبر فينفق مما أتاه، فهذا الحديث يشير إلى إنه ممكن الحاجة والفقر تدفع إلى الزنا وتدفع إلى السرقة فهذا ممكن ولكن ليس كل واحدة راقصة ترقص هذا وليس كل ممثلة أو مطربة أو لا يعني هي كما قالت الأخت وجدت بعض الناس هذه طريق للشهرة النجومية كما يسمُّوها يعني أصبح نجم بيسمُّوه نجم من نجوم المجتمع ويمكن كما تقول الأخت لا عنده حنجرة ولا عنده يعني موهبة الغناء إنما أهو دخل في الزمرة وطلَّع شريط وعمل كذا وخصوصا الأيام دي أصبح هناك الغناء مقرونا بالرقص، لم تعد هناك أغنية فقط لمجرد الغناء كل مغني تيجي أمامه بنات يرقصن وهناك المغنيات المعروفات دولا يعني المعروفات اللي يلعبن بأجسامهن ويتمايلن ويعني فهذه كلها أمور ينكرها..

خديجة بن قنة [مقاطعةً]: نعم فضيلة الشيخ مَن هو الفقير أو المحتاج الذي يحتاج هذه الصدقة؟ هل على المُتصدِّق أن يتحقق من أن هذا الفقير فقير فعلا ويحتاج هذه الصدقة أم أنه ينوي أنه..

يوسف القرضاوي: لا عليه يتحرَّى..

خديجة بن قنة: أن يتحرَّى الأمر.

يوسف القرضاوي: لازم يعني وحتى يعني فيه بعض الحديث يعني أنه حتى يقول ثلاثة من ذوي الحِجا من قومه إن فلان قد أصابته فاقة يعني إذا كان واحد يعني حالته كويسة وبعدين أصابه بلوى والناس ما تعرفهاش يقول لك لازم يشهد له الناس أنه ثلاثة يعني فده أصل مهم إن في لجنة تشهد أن ده يستحق ولذلك صناديق الزكاة وبيوت الزكاة تحاول أنها تتعرف على الأسر وتعرف يعني منها هل هي محتاجة أو لا وتتحرى في هذا فالإنسان عليه يتحرى إذا أخطأ بعد التحري فإن صدقته مقبولة إن شاء الله.

أسباب امتناع البعض عن إخراج الزكاة

خديجة بن قنة: على ذكر الزكاة فضيلة لم نُعطِها حقها الكافي من النقاش في هذه الحلقة وهي وسيلة مهمة أيضا من وسائل معالجة الفقر ما وجه تعلق حق الفقير بمال الغني ولماذا يمتنع بعض الناس عن إخراج الزكوات؟

يوسف القرضاوي: الزكاة في الإسلام فريضة من الفرائض الرُكنية يعني هي ركن من أركان الإسلام تعتبر ثالث أركان الإسلام، أول أركان الإسلام الشهادتين وثاني أركان الإسلام إقامة الصلاة وثالث أركان الإسلام إيتاء الزكاة، القرآن قرن إيتاء الزكاة مع إقامة الصلاة في ثمانية وعشرين موضعا {أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} {وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ} {لِمَنْ أَقَامَ الصَّلاةَ وآتَى الزَّكَاةَ} ثمانية وعشرين موضعا دليل على أن هذه ولذلك سيدنا أنس بن مالك يقول رحم الله أبا بكر ما كان أفقهه لم يرضَ التفريق بين الصلاة والزكاة، يعني سيدنا أبو بكر لما فيه ناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا نُصلي ولا نزكي فأبى سيدنا أبو بكر قال والله لأقيلن مَن فرَّق بين الصلاة والزكاة، الصلاة يعني فرض ديني روحي والزكاة فرض اجتماعي اقتصادي..

خديجة بن قنة: وبالتالي هناك عقوبة لتارك الزكاة؟

يوسف القرضاوي: يعني عقوبة في الدنيا وعقوبة في الآخرة، عقوبة قدرية وعقوبة شرعية، عقوبة سماوية مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين" يعني بالقحط والمجاعة أو "إذا مُنع القطر من السماء ولولا البهائم لم يقطر" دي عقوبة القدر، هناك عقوبة أن من امتنع عن الزكاة النبي عليه الصلاة والسلام يقول "فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا لا يحل لآل محمد منها شيء" اللي يمتنع عن الزكاة عنده إبل وكذا وقال لا ما أدفعش هيأخذها غصبن عنه وساعات ونصادر نصف ماله، دي بيسميها العلماء تعذير عقوبة تعذيرية يعني إذا رأى الحاكم الناس امتنعوا عن الزكاة يعاقبهم بمصادرة بعض أموالهم، هناك عقوبة في الآخرة من أتاه الله مالا فلم يؤدي زكاته طوق يوم القيامة شجاعا أقرع.. ثعبان يعني ليس في شعره رأس من كثرة السم الذي فيه يأخذ بزمتيه أي بشدقيه ويقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا قول الله تعالى {ولا يَحْسَبَنَّ الَذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ وظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} الدولة الإسلامية أول دولة في التاريخ تُحارب من أجل حقوق الفقراء يعني سيدنا أبو بكر هو أوَّل من جيَّش الجيوش ليقاتل المرتدين ويقاتل مانعي الزكاة يقول والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه، فهذه عقوبة إلى حد إعلان الحرب على هذا الأمر.

خديجة بن قنة: طيب كيف يمكن تنظيم سياسة توزيع الزكاة يعني هناك مثلا مَن يرى أن تتسلم الدولة هي بنفسها زمام عملية جمع أموال الزكاة وتوزيعها؟

يوسف القرضاوي: هو الأصل في الإسلام أن..

خديجة بن قنة: أن تتولى الدولة ذلك.

يوسف القرضاوي: الزكاة تنظيم اجتماعي تُشرف عليه الدولة بواسطة ناس سماهم القرآن {الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} يعني وجعل لهم يعني جعل أجورهم في ميزانية الزكاة يأخذوا أجرهم من الزكاة حتى لا يتعطل الأمر نقول إحنا مش لاقيين ناس نوظفهم نقول له يأخذوا من الزكاة نفسها {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِينِ والْعَامِلِينَ} القرآن يقول {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} خذ يعني ولي الأمر يأخذ الزكاة وقال افترض أن معاذ لما بعثه إلى اليمن أعلمهم أن الله افترض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم لترد على فقرائهم، يعني تُأخذ من اليد المُستخلَفة على المال لتُعطى لليد المستحقة للمال لأنه الإنسان لماذا تجب عليه الزكاة؟ لأن النظرية الإسلامية أن المال مال الله والإنسان مُستخلَف في المال، يعني مين اللي أنشأ المال؟ مين الواحد حينما يزرع؟ هو اللي بذر الحبة إنما مين اللي هيأ له التربة يضع فيها..؟ مين اللي خلق الماء الذي يسقي؟ مين الذي خلق الهواء؟ مين الذي خلق الشمس؟ هذه الأشياء كلها من خلق الله وليست من صنع الإنسان {أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} فربنا هو منشئ الثروة في الحقيقة، المال مال الله والإنسان مُستخلَف يعني إيه مستخلف يعني هو خليفة لله يعني وكيل عن الله نائب عن الله والنائب لابد أن يعمل يعني بأمر من نَوَّبه.. من أنابه في هذا المال فليس هو صاحب المال الحقيقي ولذلك القرآن يقول {وآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَذِي آتَاكُمْ} هو مال الله يعني كما قيل لأعرابي يا أعرابي لمَن هذه الأغنام قال هي لله عندي فكانت هذه حتى هذه النظرية يعرفها المتسولين والشحاذين ييجوا للواحد يقولوا له مال الله من مال الله يعني أعطني مش من مالك من مال الله، فمال الله يجعل للفقراء حقوقا مؤكدة في أموال الأغنياء {والَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ والْمَحْرُومِ} وهذه ميزة من مزايا الزكاة في الإسلام الأديان الأخرى جاءت بالصدقات وبفعل الخير وهذه إنما لم تُحدد حدا معينا إيه هو ومين اللي عليه يعمله ومتى يؤخذ هذا، إنما الزكاة حدد مَن يجب عليه الزكاة وكم تجب عليه الزكاة يعني أي نسبة والأموال التي يجب فيها الزكاة ومصارف الزكاة المستحقين للزكاة والوقت الذي تؤخذ فيه الزكاة ومَن يأخذ الزكاة كل هذا حتى لا يُترك لضمائر الناس وحدها وقد تموت هذه الضمائر فيضيع الفقراء.

خديجة بن قنة: طيب سؤال أخير نختم به البرنامج فضيلة الشيخ كيف برأيكم ينبغي أن تكون العلاقة بين الغني والفقير في المجتمع الإسلامي؟

يوسف القرضاوي: العلاقة بين الغني والفقير ينبغي أن تكون علاقة أخوة وتكون علاقة تراحم يرحم القوي الضعيف والغني الفقير، لا يجوز للغني أن يستأثر بالمال والآخر ينظر إليه ولا يعني يستطيع أن يجد من هذا الرزق شيئا يناله ولذلك من فلسفة الإسلام في توزيع الزكاة أن الزكاة تؤخذ من كل إقليم وتوزَّع في نفس الإقليم، أن تؤخذ من أغنيائهم لتُرَد على فقرائهم وهذه فلسفة جاء بها الإسلام، كان نظام الضرائب في ممالك كِسرى وقيصر تؤخذ الزكاة من القرى النائية من الزرَّاع والفلاحين ومن الحرفيين الصغار ومن التجار الصغار ومن هؤلاء الناس وتُنفَق على الإمبراطور وحاشيته وموظفيه وأهل عاصمته وتلك القرى النائية لا تجد ما تسد به رمقها الإسلام.. كأنه كانت الضرائب دي تؤخذ من الفقراء لترد على الأغنياء، الإسلام لا عكسه قال لا تؤخذ من الأغنياء لتُرد على الفقراء وجعل على هذه الزكاة ثلاثة حراس الحارس من ضمير المسلم الإيمان أن الإنسان المؤمن يخاف الله ويرى أنه لو عطَّل هذا الركن من أركان الإسلام سيعذب به يوم القيامة وسيعاقب به في الدنيا في ذهاب البركة من ماله أن المال الذي لا يزكي مال لا بركة فيه ولا خير فيه والحارس الثاني هو الحارس الضمير الاجتماعي للأمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المفروض كل مسلم يقول يا أخي ربنا أتاك المال لماذا لا تخرج زكاتك وبعدين الحارس الآخر هو حارس السلطان في القانون أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

خديجة بن قنة: لا يسعنا إلا أن نشكر فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي في نهاية هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة والتي خصصنها لمشكلة الفقر، نشكر أيضا فريق البرنامج على رأسه المخرج منصور الطلافيح ومُعد البرنامج معتز الخطيب نلتقي في حلقة الأسبوع المقبل لكم منا أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.