الشريعة والحياة

الإسلام والديمقراطية

ما تعريف الإسلام للديمقراطية ومدى قربها من مفهوم الشورى؟ ما العيوب التي يراها الإسلاميون في الديمقراطية؟ وما أسس وقواعد الحكم في الإسلام؟ وهل تختلف مع مفهوم الديمقراطية؟ وهل ما زالت الخلافة تصلح للتطبيق الآن؟
مقدم الحلقة د. حامد الأنصاري
ضيوف الحلقة – محمد سليم العوا، مفكر إسلامي وأستاذ قانون
تاريخ الحلقة 30/05/1999

undefined
undefined

د. حامد الأنصاري:

بسم الله الرحمن الرحيم، أعزائي المشاهدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم في لقاء جديد مع (الشريعة والحياة) يأتيكم اليوم على الهواء مباشرة من القاهرة.

إذا ما استثنينا المملكة العربية السعودية فإن بقية الدول العربية والإسلامية ترفع شعارات الديمقراطية وتتشدق بها، رغم أن غالبيتها العظمى لا تعرف لحرية الاختيار باباً، ولا ترى لأبسط حقوق الإنسان مكاناً، وأصبح يصدق عليها قول القائل: "لبسنا رداء الديمقراطية، والجوهر ديكتاتورية".

ويدعم هذا الوضع موقف القوى الغربية التي لا تقبل في عالمنا الإسلامي إلا ديمقراطية مهندسة لا تلد إلا تابعاً مطيعاً، وإن حملت جنيناً معارضاً لها أو مستقلاً عنها وجب إجهاضها.

وعلى الطرف الإسلامي هناك من يُصر على أن الشورى ليست ملزمة، وكفاها –إن وجدت- أن تكون معلمة، ولسنا بحاجة إلى دستور مكتوب، فدستورنا القرآن، وهناك من يرى الديمقراطية كفراً بواحاً، ومن يراها لا تتناقض مع الإسلام، ومن قبل من الإسلاميين بالديمقراطية مُتهم بالوصولية، فهم يرونها حصان طروادة يحملهم إلى السلطة ثم ينقلبون على كل مبدأ للحرية، بين هذا الكم من التقولات والتطبيقات البشرية المدعاة لكل من الإسلام والديمقراطية نفتش -اليوم- عن جوهر وأصل القضية في حوارنا مع الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا، مرحباً بك.

د. محمد سليم العوا:

أهلاً بيكم، أهلاً وسهلاً.

د. حامد الأنصاري:

دكتور محمد، قبل أن نبدأ في الموضوع، الناس تتحدث عن الحرية وعن الإسلام، لكن لو سألت أي شخص منهم ما هي الديمقراطية، وما هو الإسلام الذي تتحدث عنه؟ تجد إجابات مختلفة، فلكي نبدأ .. يعني نعرف ماذا .. أو يعرف المشاهد ما الذي نريد، يجب أن نحدد مفاهيم، ما مفهوم الديمقراطية؟ وما مفهوم الإسلام الذي نريد أن نتحدث عنه في هذه الحلقة؟

د. محمد سليم العوا:

أحسنت -أستاذي- بسم الله الرحمن الرحيم، البدء بتحديد المفهوم يضعنا على طريق صحيح فتبين للناس عن أي شيء نتحدث، في خصوص ما نتحدث عنه الليلة الإسلام هو دين الله الخاتم، وشريعته النهائية المنزلة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وكتابها القرآن هو الكتاب المهيمن على ما قبله من الكتب، المتمم لكلمة الله النازلة إلى الناس على الأرض من خلال الوحي الشريف على الأنبياء والرسل المتعددين.

ختام الوحي كان بالقرآن الكريم، وختام الأديان كان بالإسلام، وختام النبوات كان بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وهذا الدين العظيم ينُظم حياة الإنسان بأحكام تفصيلية في بعض الأمور، وبقواعد كلية في بعض الأمور منذ ميلاده، بل منذ الحمل به إلى أن يلقى الله عندما ينقضي أجله، لا يوجد شيء مما يتعرض له الإنسان في حياته -من أي نوع كان هذا الشيء- إلا وله في الإسلام حكم، إما أن يكون الحكم منصوصاً عليه نصاً صحيحاً تفصيلياً يحدد بدايته ونهايته، وإما أن يكون الحكم مستمداً بالاجتهاد والاستنباط من قواعد كلية، ومن مفاهيم أساسية لهذا الدين.

بهذا الإجمال نستطيع أن نقول هذا هو المفهوم الذي نعنيه عندما نتحدث عن الإسلام في سياق الكلام عن الإسلام والحرية، والإسلام الديمقراطية، والإسلام ونظم الحكم، الديمقراطية على الجانب الآخر من كفة الميزان -في سياق ما نتحدث فيه الليلة- هي أفضل ما اكتشفته البشرية حتى اليوم من وسيلة لتداول السلطة، ولكفالة حق الناس في التعبير عن آرائهم، ولمنع استبداد الحاكمين بالمحكومين، ولحسن اختيار هؤلاء الحاكمين، ليؤدوا مهامهم في الحكم

والسياسة، ولحسن عزلهم إذا أساءوا، لأنك كما ينبغي أن تملك حسن التولية ينبغي أن تملك حُسن العزل.

وإذا كنت لا تملك حسن العزل..فإن توليتك لا معنى لها، لأنها توليه أبدية، بهذين المفهومين نتحدث..

[فاصل إعلاني]

د. حامد الأنصاري:

دكتور محمد، أفهم من الكلام الذي تفضلت به..نستطيع أن نقول إن الإسلام هو منهج حياة، وإن الديمقراطية هي عبارة عن وسيلة، أو مجموعة من الوسائل لتنظيم…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

اسمح لي .. اسمح لي أقول لك الإسلام منهج حياة، والإسلام دين يتعبد الله به المؤمنون به، أما الديمقراطية فطريقة لحل مشكلة، الديمقراطية وسيلة لحل مشكلة الحكم، طريقة يتخلص بها الناس من أن يكونوا مستعبدين لحاكم مستبد مدى حياتهم، هذه هي الديمقراطية، ولذلك المقارنة بين الديمقراطية والإسلام، أو اختراع ثنائية اسمها الديمقراطية والإسلام اختراع خاطئ، هذه الثنائية غير حقيقية، الإسلام أشمل، وأعم، وأكمل، وأتم من أن يكون حلاً لمسألة جزئية، بينما الديمقراطية حل لمسألة جزئية هي مشكلة الحكم، وتداول السلطة، والتعبير عن الرأي، والحرية، والديمقراطية .. والديكتاتورية وإلى أي..

د. حامد الأنصاري:

لكن في مبدأ الديمقراطية .. المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الديمقراطية وهو الحكم للشعب.

د. محمد سليم العوا:

نعم.

د. حامد الأنصاري:

يعني .. بمعنى آخر المصدر للسلطة في الديمقراطية هو الشعب، ربما من يعترض -من المسلمين- على القبول بالديمقراطية يرى أن الديمقراطية تقوم على مبدأ السلطة للشعب، بينما في الإسلام الحكم لله فقط، فكيف نوفق بين..؟

د. محمد سليم العوا:

هذا .. هذا موضوع فيه خلط كبير، الحكم لله في القرآن الكريم بنصوص آيات متعددة (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه) وآيات كثيرة أخرى، السلطة للشعب..السلطة غير الحكم، هذا خلط بين مفهوم السلطة ومفهوم الحكم.

مفهوم السلطة للشعب يعني أن الشعب هو الذي يولي، وهذا المفهوم قام في الإسلام منذ وفاة محمد -صلى الله عليه وسلم- منذ وفاة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ولى الناس أبا بكر، لم يوليه نص إلهي، ثم ولى الناس عمر بطريقة أخرى للاختيار، أبو بكر ولي بالبيعة الخاصة في السقيفة ثم بالبيعة العامة في المسجد، وعمر ولي بعهد أبي بكر إليه، ثم ولي عثمان بطريقة الاختيار من الستة الذين رشحهم عمر، ثم ولي علي -رضي الله عنه- بعد الفتنة باختيار جمهور المسلمين، وبالبيعة العامة.

فالسلطة للشعب في الإسلام من بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كان الاستثناء الوحيد على أن السلطة للشعب هو تعيين النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن تعيين النبي بالاصطفاء (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (الله يصطفي من الملائكة رُسلاً ومن الناس). فتعيين النبي كان باصطفاء الله، وهذا لا منازعة فيه، كل مَنْ حكم بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- من الراشدين المهديين حكم باختيار الناس، وهذا معنى السلطة للشعب، أما كيف يحكم؟ فإنه يحكم بشريعة الله، يحكم بالنصوص القرآنية التفصيلية، وبالنصوص النبوية الصحيحة التفصيلية، ويحكم باجتهاد الأئمة العلماء مما ليس فيه نص، وهذا الحكم لله، وهناك السلطة للشعب.

د. حامد الأنصاري:

لكن -يا دكتور- في الديمقراطية نظام الأغلبية، إنه إذا رأت الأغلبية شيئاً ينبغي أن يُطبق، بغض النظر عن كونه حلالاً أو … إذا قرر الشعب إباحة الخمر .. يباح الخمر!!

د. محمد سليم العوا:

نعم، صحيح.

د. حامد الأنصاري:

لكن هل نملك نحن في الإسلام أن نفعل ذلك؟

د. محمد سليم العوا:

هنا تأتي القيود التي نقول إنها مفروضة على الشورى، نحن في تراثنا، وتاريخنا، وشريعتنا (وأمرهم شورى بينهم) وفي تراثنا، وتاريخنا، وشريعتنا مشاورة الحكام، بل مشاورة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، نقول إن الشورى بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها قيدان. القيد الأول: ألا تخالف نصاً تفصيلياً من نصوص القرآن أو السنة.

القيد الثاني: ألا تؤدي إلى غير مصلحة المسلمين، يعني مصلحة حاكم، أو حزب، أو جماعة، أو فئة، أو طبقة، أو أسرة، هذه ليست من الشورى، فالقيد الذي يرد على الشورى وراد على الديمقراطية، بمعنى أن الأغلبية -في الإسلام- الأغلبية المختارة في الأمة الإسلامية هي أغلبية مسلمة تؤمن بالشريعة، ومرجعيتها القرآن والسنة، وما تطبقه من أحكام هو الأحكام الإسلامية.

إذا فسد الناس، وخرجوا عن دينهم، وتركوا أحكام الإسلام إلى أحكام الأهواء هؤلاء لا يستحقون اسم الإسلام أصلاً، فالقضية دي متى مطروحة، الذي يحصل في الغرب أن الناس يقررون ما يشاءون من إباحة المحرمات، وإجازة المنكرات، وفتح أبواب الفساد، هذا كله يحدث، لأن القيمة المرجعية هناك هي رأي الناس وحدهم، أما القيمة المرجعية عندنا هي: كتاب ربنا، وسنة نبينا أولاً، تاريخنا، وفقهنا، وتراثنا، وحضارتنا، وإيمان الناس ثانياً.

إذا اجتمع هذان الأمران يستحيل أن يقع الفساد الذي في الغرب، الذين يحتجون ضد الديمقراطية بهذه الحجة يظنون أننا إذا تكلمنا عن الديمقراطية نتكلم عن تقليد القردة الذين لا يميزون فيما يقلدون بين الغث والسمين، نحن نقول: أيها الإخوة المسلمون، والأخوات المسلمات، وأيها المقيمون في بلاد الإسلام كلها، نحن نريد ديمقراطية تؤدي إلى أن يكون حق الناس في الاختيار مكفولاً، وحق الناس في العزل مضموناً، وإلى أن يكون حكم الله -تبارك وتعالى- حيثما كان لله حكم مطبقاً ومعمولاً به، أما التقليد الأعمى للغرب .. أباحوا الشذوذ في بلد .. نبيحه، أباحوا الخمر في بلد نبيحها، وأباحوا الربا…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

ليس ضرورة إن أباحوا..لكن القصد هو القبول بالمبدأ.

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

المبدأ هناك لا قيد عليه، لأنه لا مرجعية له إلا رأي الناس…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

بمعنى آخر -خلينا نأخذ مثال عملي- لو فرضنا أن أحد الأحزاب الإسلامية وصلت إلى السلطة -على سبيل المثال- هناك أحزاب أخرى ربما تكون أحزاب إلحادية -على سبيل المثال- هل سيقبل هذا الحزب الإسلامي بوجود هذه الأحزاب الإلحادية؟ هذه الأحزاب تعادي أو تنافي مبادئ الإسلام؟!

د. محمد سليم العوا:

سيدي، الحزبية .. أنت انتقلت بنا إلى موضوع كبير جداً وخطير جداً…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

من مبادئ الديمقراطية التعددية.

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

التعدد الحزبي نعم، التعددية عند المسلمين سنة من سنن الله في الكون، ليس في الكون شيء واحد، كل الأشياء في الكون متعددة، الوحدانية لله -تبارك وتعالى- وحده، ليس هناك أحد أو شيء خلق من شيء واحد، أو نموذج واحد، أو عنصر واحد، كل الأشياء مخلوقة من ازدواجية، فالتعددية سنة من سنن الخلق، والتعددية في الأجناس، وفي الألوان، والنباتات، وفي الحيوانات إلى ما لا نهاية، ففكرة التعددية ليست فكرة خاصة بالسياسة، فكرة التعددية فكرة كونية.

ومن زمان أخونا الدكتور يوسف القرضاوي صاحب هذا البرنامج -أصلاً- كلما سأله الناس قال: الأحزاب مذاهب في السياسة، والمذاهب أحزاب في الفقه، وهذه عبارة جميلة جداً وتعبير لطيف، وأنا أقره وأؤيده، الإسلام وسع من المذاهب ما لا يحصى، وأنا أقول ما لا يحصى على الرغم أن طلاب الفقه يعرفوا أن عدد المذاهب كان في وقت 20، وفي وقت 26، وفي وقت 12 إلى آخره، وانحصرت -الآن- في 7، 8 مذاهب موجودة باقية.

لكن أقول ما لا يحصى لأن لكل عالم مجتهد -ولو اجتهد في بضعة مسائل- مذهب أداه إلى الاجتهاد في هذه المسائل المحدودة العدد، فالمذاهب غير متعددة، الإسلام الذي وسع في الدين وفي الحلال والحرام مذاهب غير متعددة، تريدون أن نقول عنه -أو يريدون أن يقال عنه- إنه يضيق بالسياسة، والاقتصاد، والفكر، والفلسفة، والثقافة، والمعمار، والإنشاء، والبناء، يضيق بالمذاهب المتعددة، هذا ظلم عظيم للإسلام! طيب، وجد…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

هل يقبل الإسلام وجود حزب شيوعي يدعو إلى الإلحاد، وأن ينشر فكره ومنشوراته، ويدعو إلى أن .. ويحاول أن يصل إلى السلطة لكي يغير النظام الإسلامي إلى نظام إلحادي؟

د. محمد سليم العوا:

لا، أولاً يقبل الإسلام الأحزاب التي لا تتعارض مع المرجعية العامة للدولة، كما أن الديمقراطيات الغربية لا تقبل الحزب النازي أو الحزب الفاشي، هل إذا تقدم -الآن- إنسان بإعلان تأسيس حزب نازي في بريطانيا يسمح له؟ لا يسمح له، إذا تقدم بطلب تأسيس حزب فاشي في إيطاليا أو في فرنسا، يسمح له؟ لا يسمح له، فيه هناك في كل دولة في الدنيا…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

هناك مشكلة .. المرجعية في الديمقراطية غير ثابتة…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

أنت بس كده قاطعتني، خليني أكمل فكرتي عشان أنا وأنت نوصل لنتيجة.

د. حامد الأنصاري:

تفضل.

د. محمد سليم العوا:

المرجعية، في كل دولة هناك فكرة اسمها النظام العام، النظام العام يحدده المرجعية العامة للدولة، المرجعية في الديمقراطية مطلقة لا حدود لها كما تفضلت، المرجعية في الإسلام محدودة بالكتاب والسنة وبعقيدة الإسلام وشريعته، وهذا فرق ما بيننا وبينهم، ولذلك قلنا -في أول الحلقة- سؤالك الجميل اللي سألتني إياه المفهوم إيه؟ قلت لك: المفهوم هو الديمقراطية وسيلة لحل مشكلة، طريقة لحل مشكل تداول السلطة، وكبت الحريات، وقهر الناس، والاستبداد المستمر -بس- ليست شريعة بدل الشريعة، ولا عقيدة بدل العقيدة.

نحن .. أنا لو كنت مسؤولاً عن المسألة دي في دولة من الدول أسمح بوجود جميع الأحزاب التي لا تنفي المرجعية العامة للدولة، ولو كان حزب شيوعي، ما دام يقول إن شيوعيته لا تتعارض مع الدين، فيه في مصر شيوعيون مسلمون يصلون، ويصومون، ويؤمنون بالفكر الاقتصادي الماركسي، ويقولون ماركس حل المشكلة الاقتصادية، وهذا حقنا، ونحن نقول لهؤلاء: أنتم مخطؤون في اختياركم الماركسية، لكن لا نقول أنتم ممنوعون من العمل السياسي.

الفيصل بيننا وبين هؤلاء هو صندوق الانتخابات الزجاجي، الانتخابات الحرة التي لا تزور، ولا تزيف، ولا تعبث فيها أجهزة الكمبيوتر، الفيصل بينا وبين هؤلاء هو الصندوق، خلي الجمهور يصوت، خلي الرجال والنساء يصوتون، خلي الشباب يصوتون، كلهم يصوتوا تصويتاً حراً، شوف النجاح لمين، هذه هي القضية.

د. حامد الأنصاري:

نعم، يعني المقارنة -الآن- بين الديمقراطية كآلية…

د. محمد سليم العوا:

بالضبط.

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

آلية للوصول للحكم ولمنع الاستبداد…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

ولتداول السلطة .. أيوه.

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

ولتداول السلطة، وبين -نستطيع أن تقول- وبين نظام الحكم الإسلامي، وليس بين .. مع الإسلام ككل، في نظام الحكم الإسلامي الإسلام لم يحدد آليات للشورى…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

أحسنت.

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

ترك المجال مفتوحاً أمام المسلمين ليختاروا الوسيلة التي تناسبهم، لأن الوسائل تتغير بتغير الزمان والمكان.

د. محمد سليم العوا:

سكوت الشارع -سبحانه وتعالى- وسكوت نبينا -صلى الله عليه وسلم- عن تحديد تفاصيل نظام الحكم الذي ينبغي أن يتم العمل به في الدولة الإسلامية سكوت مقصود، سكوت يحمل رسالة إلى الناس، لأن للسكوت الإسلامي مقاصد، السكوت التشريعي له مقاصد كما أن للنص المنطوق مقاصد، مقصد السكوت أن يُترك للأمة حق اختيار نظام حكمها، وحق تغييره من وقت إلى وقت، وحق اختيار حكامهم، وحق تغييرهم إذا أساءوا وإبقائهم أو التجديد لهم إذا أحسنوا، هذا هو مقصد السكوت الإسلامي.

الإسلام جاء في نظام الحكم -يا أخي- بمجموعة من المبادئ: مبدأ الشورى، مبدأ الحرية، مبدأ العدالة، مبدأ المساواة، مبدأ وجوب مساءلة الحاكمين،مبدأ .. مجموعة من المبادئ الكلية، ثم نطبقها كيفما حقق التطبيق مصلحة الناس، وبذلك تختلف من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان.

د. حامد الأنصاري:

كيف نوفق بين الإسلام والديمقراطية في قضية حرية الفرد؟ الديمقراطية تقوم على الحرية، يعني مضمون الديمقراطية هو كرامة الإنسان وحريته المطلقة، وحقه في عدم الاستبداد به، وما إلى ذلك، لكن الإسلام لا يعطي الإنسان الحرية المطلقة، يعني هناك ضوابط شرعية موجودة للإنسان، فأيضاً هذه نقطة من النقاط التي يراها من يعارضون الديمقراطية أن الديمقراطية تفتح الباب على الغرب؟

د. محمد سليم العوا:

أيوه، بس هؤلاء ينسون شيئاً مهماً جداً، ينسون أن قولهم إن الديمقراطية تفتح الباب لحقوق الإنسان المطلقة، ولكرامة الإنسان المطلقة، ولحرية الإنسان المطلقة هذا نقد صريح خطير للإسلام بزعم وادعاء أنه لا يوفر للإنسان كرامة مطلقة، وحرية مطلقة، وحقوقاً مطلقة، الواقع غير ذلك.

الواقع أن حق الإنسان لا يتضمن حق العدوان، وأن حُرمة الإنسان في نفسه، وجسده، وماله لا تتضمن حرمة ما اكتسبه من حرام، أو ما صنعه في حرام، وأن كرامة الإنسان التي ينبغي أن تحفظ وتصان لا تتضمن حفظ كرامة المجرم إذا وقعت عليه العقوبة، أو حفظ كرامة السارق إذا سجن أو قطعت يده بحكم الشريعة الإسلامية، أو حكم كرامة الزاني إذا أقيمت عليه عقاب الزنا، هذا لا كرامة له.

الإنسان بارتكابه الممنوعات إذا كانت جرائم أو محظورات شرعية يسقط كرامته، ويسقط حقوقه، أما الإنسان الذي يستقيم على الطريق، ويطيع ربه، ويطيع القانون المطبق في بلده فهذا كرامته محفوظة في جميع الأديان والملل، فوضع المسألة بهذه الصورة وضع ظالم للفكرة الإسلامية.

الفكرة الإسلامية أكثر الأفكار حفظاً لكرامة الناس، لا يوجد دين قال (ولقد خلقنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر .. ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن .. ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) لا يوجد مذهبية في الدنيا وصفت الإنسان من حيث هو بني آدم بهذا الوصف إلا الإسلام، لا يوجد مذهبية في الدنيا قالت للإنسان فكر وقرر ما تشاء، فإذا أصبت كان لك ضعف الأجر، لك أجران، وإذا أخطأت كان لك أجر واحد "إن المجتهد .. الحاكم إذا اجتهد فحكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فحكم فأخطأ فله أجر واحد".

لا يوجد مذهبية في الدنيا حفظت للإنسان كرامته وحقوقه مثل الإسلام، ووضع المسألة بالصورة دي أنا لا أقره.

د. حامد الأنصاري:

يعني لو لاحظنا في النظام الإسلامي نجد مؤسسة -يعني إذا نسميها- مؤسسة الشورى تكاد تكون .. أنشئت مؤسسات كثيرة مؤسسة القضاء كانت موجودة، مؤسسة الحكم، لكن مؤسسة الشورى غيبت…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

صحيح لأن الحكم تحول.. صحيح..

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

لم تنشأ مؤسسة للشورى، وبالتالي لم يوجد في النظام الإسلامي -حتى الآن- وسيلة … لتداول السلطة، أو للتعبير، أو لغيرها .. لا توجد أي…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

ولا لضمان الحرية.

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

ولا لضمان الحرية.

د. محمد سليم العوا:

سيدي، أول من أوائل .. ليس أول، مِنْ أوائل مَنْ تنبه لهذا أستاذ أساتذتنا العلامة عبد الرزاق أحمد السنهوري باشا، وكتب ذلك في رسالته للخلافة التي أعدها سنة 26 في باريس، وقال إن القانون العام في الفقه الإسلامي تخلف تخلفاً شديداً بالقياس للقانون الخاص، وأرجع ذلك -وإرجاعه صحيح- إلى سيطرة الديكتاتورية على نظام الحكم بعدما أن أصبحت الدولة ملكاً عضوداً بانتهاء عهد يزيد -لنقل في الدولة الأموية- واستمرت إلى آخر دولة العثمانيين -وهذا كلام صحيح- ولذلك تطورت مؤسسة القضاء كما تفضلتم.

أهم من ذلك تطورت مؤسسة الفقه، وكانت مؤسسة الفقه هي الحامية لحقائق الإسلام من جور الحكام ومن بطشهم، كان الحاكم يولى بالتغلب ويولى بالسيف..أمير المؤمنين هذا فإذا مات فهذا، فمن أبى فهذا، ويشير إلى سيفه، يولى الحاكم كده، والفقهاء في مساجدهم يقررون أن ولاية المتغلب غير جائزة..وأن ولاية المتغلب تجوز في الضرورة، وأن إذا ولي المتغلب فطاعته طاعة الضرورة، وليس من طاعات الاختيار، الفقه هو الذي حفظ لنا أصل الإسلام..

[موجز الأخبار]

د. حامد الأنصاري:

أستاذ محمد، نتحدث عن غياب مؤسسة الشورى في نظام الحكم الإسلامي، أو ما يسمى في المصطلح الحديث مؤسسة القانون.

د. محمد سليم العوا:

غابت مؤسسة الشورى في التاريخ -أنا لا أقول في نظام الحكم- غابت في تاريخ الحكم الإسلامي، لأن الدولة تحولت بعد علي -رضي الله عنه- إلى ملك عضود، استمرت إمكانية .. استمرت إمكانية إبداء الناس لآرائهم ومناقشة الناس لحكامهم في فترات من التاريخ، طبعاً وعمر بن عبد العزيز المثال الواضح خامس الراشدين، هارون الرشيد حدث معه بعض حاجات، والمأمون حدث معه بعض أشياء، لكن الصورة الغالبة على مؤسسة الحكم أنها تحولت إلى ملك عضود.

وبقيت ملكاً عضوداً لا يسمح باختلاف الرأي، ولا يسمح للناس بحرية أن يباينوك في توجهه السياسي، ولا يسمح لأحد أن يعارضه معارضة علنية

واضحة، ولا يسمح للحاكم أن يولى لمدة ويُعزل بعدها، وإنما يبقى الحاكم منذ توليته إلى أن يموت أو يقتل، وأصبح هذا تقليداً في ديار العرب والمسلمين، لما جاء انهيار الخلافة العثمانية والاستعمار كان قد بدأ يسيطر على بعض البقاع -ثم سيطر على الباقي- وجد هذا الحال حلاً مثالياً له…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

حتى أن الشورى كثير من .. يعني وجدوا من الفقهاء من يقول لهم بأن الشورى معلمة.

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

الشورى معلمة .. نعم، وجدوا كثيرين من الناس يقولون الشورى معلمة وليست ملزمة، مع أن سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرته في أصحابه ليس فيها واقعة واحدة استشار فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم خالف رأي الأكثرية، لا توجد ولا واقعة واحدة في السنة النبوية والسيرة استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه فيها ثم خالف رأي الأكثرية إلى رأي الأقلية -يعني- في كل المرات كان يلتزم بالشورى.

طبعاً المثال المشهور الذي يحفظه طلاب المدارس غزوة أحد لما قالوا له: "يا رسول الله كأنما استكرهناك، فإن أردت البقاء بقينا" قال: "ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن يدعها أو يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه" فالإسلام .. والتطبيق النبوي للإسلام وصنع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو تشريع وليس مجرد تطبيق.

التشريع النبوي والتطبيق النبوي لمبدأ الشورى كان أنها ملزمة، ومع ذلك غابت إلزاميتها، بل غابت الشورى نفسها في مرحلة الملك العضود، وورثنا هذا التقليد السيئ أن الحاكم يولى منذ أن يتغلب أو يغلب به قوم فيولوه إلى أن يموت، إما بالوفاة الطبيعية وإما بسبب آخر، وأن المعارضة تعتبر خيانة، وأن حرية الرأي ممنوعة، وأن مجرد الكلام -أحياناً مجرد الكلام- في الأمور السياسية تدخل فيما لا يعنيك، لأنه ليس لك أن تتحدث في أمر يخص السادة الحكام وحدهم.

هذه المصائب ورثناها، وليس لها حل، وليس لها علاج إلا باتباع السبيل الديمقراطي، التولية لمدة، التولية باختيار الناس، التولية لمدة، العزل أو التجديد، وبعدها من أحسن جدد له، ومن أساء عزل…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

ووضع آلية لهذه..

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

ووضع آلية دستورية. أنا تذكرت حضرتك من قليل، قلت: إحنا ما عندناش دستور، في معظم البلاد -الآن- يوجد دستور، لكن لا قيمة لهذا الدستور، لأن الدستور يكرس الدكتاتورية ويكرس بقاء الحاكم إلى يوم القيامة، ويكرس الاستبداد بالناس حتى لا يستطيعون التحرك، وبعدين يوجد قضاء في كثير من الدول يؤيد هذه الدكتاتورية ويحكم لها بما تشاء.

توجد أجهزة ضخمة جداً تنفق عليها الملايين تساعد في ترسيخ الديكتاتورية، وهي تأكل من مال الشعب، وتقتات من الضرائب التي يدفعها المسلمون، ومع ذلك تعمل ضدهم، لا حل -يا سيدي- ولا مخرج من هذه المصيبة التي نحن فيها إلا باستعارة الآلية الديمقراطية، وليست الاستعارة عبثاً ولا عيباً…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

عند هذه النقطة عندي أنا لها .. فيها .. يعني وقفة، لكن لدينا بعض المكالمات تنتظر من مدة طويلة.

د. محمد سليم العوا:

اتفضل، خلينا بس نتذكر الاستعارة دي عشان..

د. حامد الأنصاري:

إن شاء الله. الأخ يعسوب الاحناف من أمريكا، أخ يعسوب.

يعسوب الاحناف:

آلو.

د. حامد الأنصاري:

أيوه.

يعسوب الاحناف:

السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

يعسوب الاحناف:

بسم الله الرحمن الرحيم.

د. حامد الأنصاري:

اتفضل.

يعسوب الاحناف:

أرجو السماح لي بالحديث، وسأكون في غاية الشكر بهذه المداخلة، والتي عنوانها الديمقراطية بين الإسلام الأحادي والإسلام الموحد.

د. حامد الأنصاري:

اتفضل.

يعسوب الاحناف:

أعتقد أن المذاهب الإسلامية هي مدارس فقهية وليس فرق، ولا ريب أن كل مسلم ينتمي إلى مدرسة فقهية معينة، ولا يخفى أن الجماعة، أو الحزب، أو الدولة التي تفرض مذهب إسلامي معين رسمي على جميع مؤسسات الدولة في التشريع وغيرها، وهذا يعني -بحد ذاته- هو الإسلام الأحادي، وهذا يعني الصراع الطائفي وإلغاء المذاهب الأخرى، وأعتقد أن المدخل الصحيح للديمقراطية في الإسلام هو الإسلام الموحد أي…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

ماذا تقصد بالإسلام الموحد؟

يعسوب الاحناف [مستأنفاً]:

نعم، أي أن يرى كل مذهب إسلامي المذاهب الأخرى رديفة له في الاعتقاد والتشريع…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

نعم، الآن تقصد المذاهب الفقهية أم المذاهب العقيدية؟

يعسوب الاحناف [مستأنفاً]:

نعم، المذاهب الفقهية، التساؤل المطروح ما موقف الأحزاب الإسلامية الشيعية من الأحزاب السنية الإسلامية، وما موقف الأحزاب السنية .. السنية أي الحنفي من الشافعي، والحنبلي من المالكي؟ وشكراً وبارك الله فيكم.

د. حامد الأنصاري:

شكراً جزيلاً، الأخ محمد عبد القادر من الإسكندرية، أخ محمد.

محمد عبد القادر:

آلو.

د. حامد الأنصاري:

أيوه.

محمد عبد القادر:

السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

عليكم السلام ورحمة الله.

محمد عبد القادر:

أولاً: عاوز أوضح نقطة إن أنا لست ضد التعددية أو المشاركة في الحكم، وأيضاً لست أرضى على الوضع الحالي في العالم العربي والإسلامي، لكن لماذا نفترض أن النموذج الديمقراطي نموذج مثالي للعالم الإسلامي أو الحكم الإسلامي؟ لماذا التمسك به؟ وهل مجرد نجاحه غربياً يعني نجاحه إسلامياً؟

أولاً أنا عاوز أقول نقطتين -بسرعة- لا توجد ديمقراطية حقيقية في العالم الغربي، إنما هو في الحقيقة عمالقة سياسيين، أحزاب سياسية عملاقة زي (Democrat) و(Republic) في أمريكا، وما بينهم من الصفقات السياسية السرية التي تغفل على غالبية الجمهور الأمريكي الذي اهتماماته -في الحقيقية- ضحلة جداً وضئيلة، ولا تتجاوز اهتماماته اليومية، بمعنى إنه إحنا .. لا نتصور إن هم محترفين سياسيين، هم مجموعة من العمالقة السياسيين زي الديمقراطيين والجمهوريين، وبيبرموا صفقات سياسية فيما بينهم، وبيتقاسموا الحكم في الحقيقة، فأنت هتختار يمين هتختار شمال، في الآخر برضه الاختيارات محدودة، ده أول نقطة.

النقطة الثانية: النبي -عليه الصلاة والسلام- لما استشار أصحابه لم يستشر الفاجر أو يستشر غير ذي أهل الخبرة، الديمقراطية تسمح لجميع الناس بالتصويت بغض النظر عن اهتماماتهم هل كانت شرعية أم غير شرعية، أنا من رأيي أن الدين الإسلامي دين معتدل، لا هو -مثلاً- اقتصاد شيوعي، أو هو اقتصاد رأسمالي، وإنما هو اقتصاد وسط فيه حقوق للأغنياء .. حقوق للفقراء في أموال الأغنياء، برضه في الحكم لا هو ديمقراطية بمعناها الغربي، ولا هو ديكتاتورية متطرفة، إنما هو شيء وسط.

هل يوجد طريقة لتقييم أو سيطرة الصفوة اللي هم .. يعني يؤخذ بقولهم، واللي هم منزهين عن الشبهات، ومنزهين عن الأغراض السطحية وأخذ رأيهم واستمالتهم في المشاركة السياسية والحكم، هو ده الرأي، لا نكون إحنا ديمقراطيين غربيين نسمح لكل من هب ودب إن هو يشترك في الحكم، ويقول رأيه، ولا عن إحنا نكون ديكتاتوريين، وما عندناش حكام يطلق عليها رؤساء سابقين، لا توجد واقعة واحدة لحاكم عربي يزيل اسم رئيس أسبق…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

عموماً المعنى وصل أخ محمد، يعني الرسالة وصلت، إن شاء الله يعني مفهوم ماذا تقصد، وبالتالي الدكتور -إن شاء الله- سيعلق على هذا الموضوع.

متشكرين جداً.

د. حامد الأنصاري:

حياك الله، دكتور محمد. الأخ يعسوب الاحناف .. نجيب على الأسئلة قبل .. الأخ يعسوب الاحناف يقول: نريد .. يريد .. يعني يدعو إلى توحيد…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

المذاهب، نعم.

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

المذاهب، أي يريد إسلام موحد، وليس إسلام أحادي يقول.

د. محمد سليم العوا:

نعم، هو تعريفه للإسلام الأحادي تعريف شخصي، أما تعريفه للإسلام الموحد فهذا هو الواقع التاريخي على مدى الزمن، منذ كانت هناك مذاهب إلى اليوم، لا يوجد مذهب فقهي إسلامي ينفي المذاهب الأخرى، بمعنى ينكر حقها في الوجود والاجتهاد، والمذاهب السنية لا تنفي المذاهب الشيعية، والمذاهب الشيعة لا تنفي المذاهب السنية، فيه مذاهب سقطت في التاريخ بادت، يقولون كان فيه 23 مذهب لما الشافعي جاء إلى مصر، ولا يوجد الآن -سنياً- إلا أربعة مذاهب سنية.

المذاهب الشيعية يقولون افترق الشيعة على كذا وعشرين فرقة في كتاب "الملل والنحل" لا تبقى الآن إلا "الإمامية الاثنا عشرية" و"الزيدية" وربما فرقة أو فرقتين أخريين صغيرتي العدد جداً، الخوارج كانوا كم وعشرين فرقة، لا يبقى الآن إلا فرقة تنسب إليهم، وليست منهم، وهي فرقة "الإباضية" التي ينسبها الناس إليها وهم ينكرون أنهم خوارج، ويقول مذهبنا هو مذهب السنة، وعندهم أدلة كثيرة على هذا.

إذن قصة المذاهب وأنها تنفي بعضها البعض هذا غير صحيح، موضوع أن الإسلام الأحادي..فرض مذهب معين هذا لم يقع -الحقيقة- الذي وقع فرض مذهب في القضاء، بمعنى أن الدولة الإسلامية ألزمت القضاة أن يحكموا بقانون واحد، لأنه كان مستحيلاً أن يُترك القضاة -بعدما اتسعت الدول وتشعبت- كل قاض يحكم بمذهبه، فتختلف الأحكام وتتضارب، ما يباح هنا يمنع هناك، وما يكون ممنوعاً هناك يكون يباح هنا.

فوحد لتوحيد -مش وحدت- لتوحيد الأحكام القضائية فُرض على القضاة أن يتخصصوا بمذهب، أو يختصوا بالحكم بمذهب في بعض البلاد المذهب الحنفي زي البلاد الخاضعة للدولة العثمانية، في بعض البلاد المذهب المالكي، وفي بعض البلاد المذهب الحنبلي، وفي بعضها المذهب الشافعي، وهذا لا يزال موجوداً إلى الآن.

أما المدرسة الإسلامية فهي مدرسة متعددة المذاهب، إليك هذا الأزهر الشريف على بعد عدة أمتار من المكان الذي نجلس فيه -الآن- تدرس فيه -منذ وجد إلى اليوم- المدارس كلها .. الإسلامية كلها، وفي الفترات التي غلب فيها التعصب وضيق الأفق عادت فوراً الحرية الدينية والانفتاح الفكري، الجامعات الإسلامية الكبرى في العالم كلها هكذا .. حتى الحوزة العلمية في إيران تدرس مع مذاهب فقهاء الإمامية المجتهدين، تدرس مذاهب أهل السنة المجتهدين، وكتب الأئمة الشيعة إلى اليوم كتب .. أنا أقصد أئمة الفقه المجتهدين، ليس أئمة الاثنا عشر الأئمة المجتهدين.

كتب أئمة الاجتهاد إلى اليوم حافلة بآراء أهل السنة مناقشة، وأخذاً، ورداً، وقبولاً، ورفضاً، فهذا الذي يدعو إليه الأخ يعسوب الاحناف قائم…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

يعني في كتب كبار علماء الزيدية اللي هم الصنعاني والشوكاني.

د. محمد سليم العوا:

نعم.

د. حامد الأنصاري:

الصنعاني في "سبل السلام" والشوكاني في "نيل الأوطار"…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

في "نيل الأوطار" نعم.

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

يعني يتعرضان لمذاهب أهل السنة والجماعة…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

بمنتهى التوقير والاحترام، نعم، وكذلك في الفقه الإمامي -الحقيقة- توجد..

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

وهي تُدرس -الآن- في كليات الشريعة في الجامعات الإسلامية.

د. محمد سليم العوا:

توجد مئات الكتب -أيضاً- في الفقه الإمامي، حتى الكتب المؤلفة في عصرنا -الآن- تملأ صفحاتها المقارنات المذهبية بمنتهى الإجلال والاحترام، فهذا الذي يدعو إليه الأخ يعسوب قائم، يبدو أن غربته في أمريكا لم تطلعه على حقيقة الوضع في بلادنا، فإن شاء الله ييجي بالسلامة إلى بلده.

د. حامد الأنصاري:

إن شاء الله، سؤال الأخ محمد عبد القادر -الحقيقة- كان هو السؤال الذي استوقفتك من أجله، هل الديمقراطية هي نهاية التاريخ؟ يعني لماذا نحاول أن نُطوع الإسلام للديمقراطية؟ بمعنى آخر في الستينات لما كان التيار الاشتراكي هو السائد في العالم العربي وجدنا الإسلاميون يكتبون "الإسلام والاشتراكية" ويحاولون أن يوقفوا بين الإسلام والاشتراكية، وأن الإسلام فيه .. يعني يتوافق كثيراً مع الاشتراكية، وما إلى ذلك.

ثم عندما سقط النظام الاشتراكي وجاءت الديمقراطية، وأصبحت الموجة موجة الديمقراطية، وجدنا الإسلاميين يدعون إلى الديمقراطية، ويحاولون أن يثبتوا أنه لا تناقض بين الإسلام والديمقراطية، أو-على الأقل- نقول لا تناقض كبير بين الإسلام والديمقراطية، هل الديمقراطية هي نهاية الطريقة أو بمعنى آخر هل هي الحل الأمثل؟

د. محمد سليم العوا:

اسمح لي -سيدي- اسمح لي، فيه هنا عدة مسائل، المسألة الأولى: من أول لحظة في البرنامج أنا قلت لك إنني أتحدث عن الديمقراطية باعتبارها وسيلة لحل مشكلة، وسيلة لحل مشكلة الاستبداد والديكتاتورية، وعدم إمكانية تداول السلطة، وحرمان الناس من التعبير عن رأيهم بحرية، ولم أقل أبداً إن الديمقراطية قرين، أو قسيم أو بديل للإسلام، ومعاذ بالله أن أقول هذا، وأنا لم أدع إلى نموذج ديمقراطي غربي زي ما الأستاذ محمد عبد القادر بيسأل، أنا لا أدعو إلى نموذج.

أنا أقول هذه وسيلة، نحن نطور في الوسيلة، ونختار منها، ونعدل فيها، لكن أنا أدعو إلى الأمور الآتية: إلى حق الناس في اختيار حكامهم بحرية، وإلى أن يكون الحاكم محدد المدة، وإلى أن يكون من حق الناس -عند نهاية المدة- أن يبقوه أو يعزلوه بطريقة سلمية، بغير انقلاب عسكري وبغير انقلاب حزبي، وبغير اغتيال، فإذا كانت الدعوة إلى هذه الأمور الثلاثة فيها مؤاخذة، فأنا مستعد للمناقشة، أما إذا كانت الدعوة إلى هذه الأمور الثلاثة مقبولة … أنا لا أدعو إلى النموذج الغربي…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

لكن هناك من سيقول لك بإنك بهذه الطريقة أنت تجتزئ من الديمقراطية ما يحلو لك؟

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

طبعاً أنا أجتزئ طبعاً .. أمال أنا آخذ الديمقراطية أخذ القرد لحفنة الفول السوداني لا يعرف فاسدها من صالحها؟! أنا رجل عاقل مدرك مبصر، أختار من الديمقراطية، وأختار من الاشتراكية، وأختار من العفريت الأزرق، ولكن مرجعيتي الأصلية هي الإسلام، أنا مسلم أدعو إلى مرجعية إسلامية، إذا وجدت في فقه الإسلام .. في اجتهاد فقهاء المسلمين نقصاً في مسألة أكمله من حيث شئت.

وكنت أقول لحضرتك الاستعارة -قبل قليل- الإسلام يدعو إلى أن تكون الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، لا يهمنا من أين جاءت الحكمة، عمر بن الخطاب استعار من الفرس نظم الدواوين، واستعار من مصر بعض النظم، واستعار من الروم نظماً أخرى، وترك معاوية يُغير نظام الشكل العام للسلطان والحاكم في بلاد الشام، وقال له أنت أدرى، أنت أبصر، لأنه كان على ثغرة مع الروم، فنحن نختار ونحن مبصرون، ونحتار ونحن مدركون لما ينفعنا، ونترك ونحن قاصدون ما يضرنا .. طبعاً…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

طيب، هذه أيضاً لي عليها تعليق، لكن نستقبل مكالمة..

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

وبعدين موضوع أنه لا توجد ديمقراطية في الغرب، أنا لا أدافع عن النظام الغربي، أنا أدافع عن النظام الإسلامي، وأقول: لابد أن نكمله باختيار حر للحكام وبتأقيت لمدتهم.

د. حامد الأنصاري:

الأخ عادل عبد الستار من مصر، الأخ عادل.

عادل عبد الستار:

آلو .. آلو، السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

آلو.

عادل عبد الستار:

آلو، السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

عادل عبد الستار:

تحية طيبة لمقدم البرنامج، تحية طيبة أيضاً لـ…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

أخي، الصوت عندنا غير مسموع في الاستديو، لا أدري إن كان الإخوة المشاهدين يسمعونك أم أن الصوت عندي أنا غير مسموع.

عادل عبد الستار:

آلو.

د. حامد الأنصاري:

أيوه.

عادل عبد الستار:

السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

عادل عبد الستار:

تحية طيبة لمقدم البرنامج.

د. حامد الأنصاري:

حياكم الله يا أخي.

عادل عبد الستار:

تحية طيبة أيضاً لضيف البرنامج.

د. محمد سليم العوا:

الله يحييك.

عادل عبد الستار:

تحية طيبة إلى جميع السادة المشاهدين، ومرحباً بالجزيرة في القاهرة.

د. حامد الأنصاري:

حياك الله.

عادل عبد الستار:

عندي مداخلة.

د. حامد الأنصاري:

اتفضل.

عادل عبد الستار:

حول الديمقراطية والإسلام، أرجو أن أعرف رأي الدكتور حول مدى شرعية حكامنا في العالم العربي -من ملوك ورؤساء- الذين يحكموننا مدى الحياة..

د. حامد الأنصاري:

نعم.

عادل عبد الستار:

آلو..

د. حامد الأنصاري:

أيوه معك، اتفضل.

عادل عبد الستار:

الذين يحكموننا..

د. حامد الأنصاري:

آلو .. آلو.

د. محمد سليم العوا:

سؤاله ظاهر على كل حال.

د. حامد الأنصاري:

عموماً .. يعني الخط انقطع، لكن السؤال واضح، نجيب عن السؤال، ثم نعود مرة أخرى لـ.. يقول .. يسأل عن مدى شرعية الحكام الموجودين الآن؟

د. محمد سليم العوا:

الحقيقة .. الحقيقة شرعية كل حاكم يقررها أهل بلده، لأن نحن -الآن- نعيش في ظل ما يسمى بالدولة القطرية، كل قطر فيه دولة، شرعية كل حاكم يقررها أهل بلده، من كانوا راضين عن حاكمهم فهو حاكم له شرعية كاملة، ومن كانوا غاضبين على حاكمهم فعليهم أن يسلكوا السبل المشروعة لتغييره أو لتغيير أحواله من أحوال سيئة إلى أحوال حسنة.

لا يوجد قاعدة تقول هؤلاء الحكام غير مشروعين أو مشروعين، توجد قاعدة تقول "من أحسن وقبله الناس فهو حاكم مشروع، ومن أساء ولم يتغير فللناس الحق في تغييره بالوسائل والطرق المشروعة".

الذي أدعو إليه لا يسمح بنشوء ظاهرة الحكام الدائمين، الذي أدعو إليه من اتخاذ طريق الاختيار، والمدة المحددة، والتولية مرة ثانية، أو العزل لا يسمح بديمومة الحكام إلى يوم القيامة كما هو قائم الآن، وهذا هو الذي أدعو إليه.

د. حامد الأنصاري:

نعم. نستقبل -أيضاً- بعض المكالمات، ثم نعود لنقطتنا، وعندنا مجموعة من الفاكسات أيضاً، الأخ اسحق محروس من لندن، أخ اسحق.

اسحق محروس:

آلو.

د. حامد الأنصاري:

أيوه.

اسحق محروس:

آلو.

د. حامد الأنصاري:

آلو. اتفضل .. أخ اسحق.

اسحق محروس:

أنا بأتصل بيك من لندن، عاوز أسأل سيادة الدكتور.

د. حامد الأنصاري:

أيوه.

اسحق محروس:

سؤال مهم جداً، سؤالي هو: الديمقراطية في الإسلام، ما موقف الإسلام إذا كان الإسلام في بلد فيها عدد مختلف من الديانات، هل هم من يقبلوا القانون الإسلامي في حالاتهم الاجتماعية في المحاكم وخلافها؟ أم الديمقراطية هنا بتديهم حقهم؟ ولو رجعنا للتاريخ هنلاقي -مثلاً- من سنة 1930م إنشاء الدولة السعودية، ودولة الكويت، فين الديمقراطية هنا موجودة في الدولتين دولا؟ فرجاء الإجابة على هذا، وتحياتي لأسرة البرنامج.

د. حامد الأنصاري:

شكراً جزيلاً يا أخ اسحق، الأخ أبو محمد من الإسكندرية.

أبو محمد:

السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

أبو محمد:

من فضلك أنا كنت عاوز أسأل على سؤال واحد فقط لا غير.

د. حامد الأنصاري:

اتفضل.

أبو محمد:

هل يجب على الإنسان أن يسمع رأي واحد فقط؟! فإن هذا الأخ الذي يؤيد الديمقراطية .. كثير من كلامه يحتاج إلى مراجعة، وإذا تعرض له أحد علماء السلفية فسوف يدحض له كثيراً من هذا الكلام، وشكراً.

د. حامد الأنصاري:

حياك الله يا أخ أبو محمد.

أبو محمد:

السلام عليكم.

وعليكم السلام ورحمة الله، نبدأ بالأخ اسحق محروس… يقول .. السؤال .. أعتقد يعني وصل وواضح.

د. محمد سليم العوا:

نعم، سؤال الأخ اسحق من لندن عن أبناء الديانات المختلفة، كيف يعاملون في القضاء في حالاتهم الاجتماعية؟ قال بعضهم يقبل الإسلام وبعضهم لا يقبله.

الحقيقة .. الحالة الاجتماعية –على وجه الخصوص- واللي هي متعلقة بعلاقات الزواج، والطلاق، والأسرة، وغيرها، هذه الإسلام يترك الناس فيها وما يدينون، ولا يحملهم على شيء فيها أبداً، وكل طائفة -مهما كان عددها صغيراً- تقضي بين أبنائها بقانونها الذي يُستمد من ديانتها وعقيدتها فيما يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية فيما بينهم.

المشكلة هي في المعاملة السياسية للأقليات الدينية، أنا أظن أن السؤال ينبغي أن يكون موجهاً -وأنا هكذا فهمت- على مجتمع فيه أغلبية إسلامية، وفيه أقليات دينية أخرى، أو مجموعات دينية أخرى مثل هذا المجتمع مرجعيته ستكون الإسلام باعتبارين: اعتبار بالنسبة للمسلمين هذا دينهم وعقيدتهم التي يدينون بها ويلقون الله عليها، واعتبار بالنسبة لغير المسلمين هو مشاركتهم في صنع هذه الحضارة والثقافة الإسلامية على مدى القرون.

لولا مشاركة غير المسلمين في ديار العروبة والإسلام في صناعة الحضارة والثقافة الإسلامية لما كانت هذه الحضارة وهذه الثقافة بالصورة التي ورثناها من أسلافنا، وهم في هذه الحضارة والثقافة صُناع أصلاء، ليسوا دخلاء، ولا آتين من الطريق العام، ولا مواطنين من الدرجة الثانية، هم مواطنون من الدرجة الأولى، شأنهم شأن المسلمين، وبحكم إسهامهم في هذه الحضارة والثقافة هم ينتمون إليها وإلى نظامها العام، أما أحوالهم الاجتماعية والشخصية فمرجعيتهم فيها هي ديانتهم، ولا يُجبرون على غير ذلك.

د. حامد الأنصاري:

نعم. الأخ أبو محمد من الإسكندرية يقول أن ما تفضلت به هناك رأي آخر…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

أنا أعرف أن هناك عشرات الآراء ترد على..

د. حامد الأنصاري [مستأنفاً]:

يعني يخالف رأيك، وهناك أيضاً فاكس من الأخ عبد العزيز من تونس، يقول إذا كان في الديمقراطية بعض الفضائل أباحها الإسلام، فالإسلام يمثل كل الفضائل .. فضائل الحياة، ولذا لماذا نسأل أو نقارن الديمقراطية والإسلام لأنهما نظامين للحياة مختلفين ومتباعدين، فالديمقراطية تمثل -في رأيه- أخطر قنبلة في هذا القرن تبناها المسلمون، لأن الديمقراطية ستبدد أحكام .. أو ستبدد كل أحكام الإسلام وما يترتب عنها من أخلاق باسم الحرية؟

د. محمد سليم العوا:

الحقيقة .. أنا عندي أمرين، الأمر الأول: ما يتعلق بالأخ أبو محمد من الإسكندرية، يا أخ أبو محمد، أنا أدعوك وأدعو كل إنسان إلى أن يسمع جميع الآراء، أو يسمع ما شاء من الآراء، وأن يختار بعقله وحده ولا يختار تقليداً لغيره، ولا يختار خضوعاً لجماعته، ولا يختار انصياعاً لحزبه، ولا يختار خوفاً من حكومته، ولا يختار رعباً مما يعرضه له الحق في حرية الاختيار من مشاكل ومتاعب، يختار بملء حريته.

وأنا لا أفرض رأيي على أحد، والعالم الذي ذكرته حضرتك يوجد آلاف العلماء يردون على هذا الكلام، وهذه هي الحياة، لا تتقدم إلا باختلاف الرأي، فأرجوك أن لا تظن أن أحداً يفرض رأيه على أحد. الأمر الثاني: المتعلق بـ…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

ونحن أيضاً في قناة (الجزيرة) هذا البرنامج -هو على الهواء- يرحب بأي سؤال أو أي مداخلة تخالفنا .. يعني تخالف الدكتور في أي..

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

أو اعتراض .. نعم…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

أو اعنراض، وهناك الفاكسات والمداخلات برضه قد تتفق مع الدكتور، وقد تختلف معه، والبرنامج هنا للحوار، والحوار معناه قبول الرأي والرأي الآخر، وهذه سياستنا في قناة الجزيرة..

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

إذن هذا الأخ أبو محمد، الأخ العزيز الذي .. الأستاذ عبد العزيز الذي يقول إن الديمقراطية والإسلام لا يقارنان، طبعاً لا يقارنان، وهو سؤاله مبني على فهم الديمقراطية على أنها قسيم مساو أو مواز للإسلام، وهذا ليس فهمنا، بينت هذا مرتين -على الأقل- في أثناء هذا البرنامج، نحن نتحدث عن وسيلة لحل مشكلة تداول السلطة والحرية، ولا تتحدث عن نظام بديل، ولا نقبل نظاماً بديلاً للإسلام من أي مكان جاء.

د. حامد الأنصاري:

نعم. يعني .. هناك -أيضاً- الأخ محمد البدري من القاهرة يرفض قضية الديمقراطية، يقول: منذ عمر بن الخطاب وحتى أنور السادات لا توجد آلية لتغيير الحاكم إلا بالاغتيال، فلم تكن الديمقراطية -كما هي معروفة اليوم- من مفردات المعرفة والتاريخ العربي والإسلامي، والإسلام ماضياً وحاضراً خالٍ من الديمقراطية لخلوه من النظم السياسية، فهل الحكم الإسلامي المنشود سوف يستلزم بالضرورة وجود أمثال أبو لؤلؤة، أو الإسلامبولي كأدوات لديمقراطيته؟

د. محمد سليم العوا:

أولاً: إيشمعنى أنور السادات؟! فيه حكام كتير تغيروا بعد أنور السادات، الملك حسين -الله يرحمه- مات من شوية، وفيه ناس تغيروا من غير ما يقتلوا في بلاد عربية قريبة إلينا، لماذا موضوع الاغتيال ده ضرورة؟! ده على سبيل الطرفة.

إنما حقيقة هذا السؤال أنه سؤال يثير شجناً وحزناً في النفس، واضح أن صاحب السؤال له اتجاه إسلامي، وكذلك الأخ عبد العزيز، وأنا مما يحزنني ولا ينقضي منه عجبي…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

أنا أعتقد بالعكس .. أعتقد يا .. يا دكتور، أعتقد إن التوجه لمحمد البدري يرفض .. لأنه يقول: إن الإسلام ليس فيه نظام سياسي، وهو في نفس الوقت ديمقراطية الإسلام تستلزم وجود أمثال أبو لؤلؤة والإسلامبولي، هذه هي الديمقراطية التي يعرفها الإسلام.

د. محمد سليم العوا:

إذن دعنا مع الأخ عبد العزيز، الأخ عبد العزيز يرفض الديمقراطية باعتبارها قسيماً، ونحن لا نقبلها، ولا ندعو إليها باعتبارها قسيماً للإسلام، نحن نقبلها باعتبارها وسيلة لتنظيم مسألة السلطة وتداولها.

أنا لا ينقضي عجبي من الإسلاميين الذين يعترضون على الديمقراطية كالأستاذ -مثلاً- أبو محمد اللي كلمنا من قليل من الإسكندرية ده! المضرورون من غياب الديمقراطية أشد الناس ضرراً من غياب الديمقراطية في الدنيا كلها هم المسلمون، الذين لا يسمح لهم بتكوين أحزاب هم الإسلاميون، الذين لا يسمح لهم بالكلام في السياسة هم علماء الدين، فإذا تكلم عالم دين في السياسة قالوا له: دخلت السياسة في الدين والدين في السياسة.

الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن رأيهم في الجامعات، وفي تجمعات العمال، وفي تجمعات النقابات هم الإسلاميون، الذين لا يسمح لهم بإنشاء الصحف هم الإسلاميون، الذين لا يسمح لهم بإنشاء الجمعيات الأهلية وإدارتها هم الإسلاميون، حتى المساجد تديرها الدول لأنه لا يُؤمن أن يدير المسجد -وهو دار العبادة- الدعاة إلى الإسلام، إذن ينبغي على الإسلاميين إذا كانوا يعرفون مصالحهم أن يتبنوا الديمقراطية طريقاً واحداً لتحقيق الحرية، ولكفالة حقوق الإنسان، ولضمان حرياتهم في بلادهم، مش يقفوا ضد الديمقراطية، لأن الإسلام لم يعرفها. نحن -كما كنا نقول قبل قليل- "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها".

وإذن لا يبعدنا عن الحكمة أنها جاءت من غير مذهبنا أو من غير بلدنا، أو لم تسمى باسمها في كتابنا، نحن نأخذ الحكمة من أي مكان جاءت ما دامت تحقق المصلحة، لأن الله أنزل هذا الدين، وبعث هذا النبي ليضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، لا ليبعث هذا النبي ليزيد الأغلال غلاً والقيود قيداً، بعثه ليضع عنا إصرنا والأغلال التي كانت علينا، كل سبيل يظهر به الحق كما قال ابن القيم: "فثَمَّ شرع الله ودنيه"، ونحن مطالبون باتخاذه واتباعه.

د. حامد الأنصاري:

الأخ يعسوب الاحناف من أمريكا، يبدو أنه اتصل مرة أخرى، أخ يعسوب.

يعسوب الاحناف:

آلو.

د. حامد الأنصاري:

أيوه .. اتفضل.

يعسوب الاحناف:

السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

يعسوب الاحناف:

يبدو أن الأخ لم يفهم سؤالي حول الإسلام الأحادي، أقصد أن الإسلام السياسي الأحادي -على سبيل المثال لا الحصر- فهناك أنظمة عربية أو إسلامية تتخذ مذهب معين، وتفرضه على جميع المذاهب، لا أريد أن أذكر تلك .. اسم البلدان، ألا تتفق معي في هذا الرأي؟

د. محمد سليم العوا:

إذا وجدت أنظمة .. أنا مش عارف أنت بتقصد أنظمة حكم أم أنظمة فكر؟

د. حامد الأنصاري:

هو يقصد هناك أنظمة سياسية.

[حوار متداخل غير مفهوم]

د. محمد سليم العوا:

طبعاً هناك أنظمة سياسية تفرض مذهبها على جميع المذاهب، وهذا خطأ، وهذا غير جائز، وينبغي أن نترك الناس أحراراً في مذاهبهم.

د. حامد الأنصاري:

نحن هنا -يا أخ يعسوب- نتحدث عن الإسلام…

يعسوب الاحناف [مقاطعاً]:

هذا هو الإسلام الأحادي الذي أقصد به .. هذا هو الإسلام الأحادي.

د. محمد سليم العوا:

هنا لا نقبله، الذي تقصده لا نقبله.

د. حامد الأنصاري:

هذا خطأ لا نقره، ولكن…

يعسوب الاحناف [مقاطعاً]:

إذا ألغت المذاهب الأخرى ماذا يعني؟

د. حامد الأنصاري:

نعم؟

يعسوب الاحناف:

إذا الدولة ألغت المذاهب الإسلامية الأخرى ماذا يعني في المذاهب الأخرى؟

د. محمد سليم العوا:

لا توجد دولة ألغت يعني أصدرت قراراً بإلغاء المذاهب…

يعسوب الاحناف [مقاطعاً]:

موجودة يا سيدي.

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

توجد دولة ألزمت حكومتها وقضاءها بمذهب معين، ونحن…

يعسوب الاحناف [مقاطعاً]:

نعم .. هذا إلغاء للمذاهب الأخرى.

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

لا .. الإلغاء شيء تاني يا أخي يعسوب، الإلغاء أن تصدر قانوناً بإلغائها…

يعسوب الاحناف [مقاطعاً]:

الإلغاء أو التهميش.

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

آه تهميش معلش، التهميش شيء، والإلغاء شيء تاني .. نعم.

د. حامد الأنصاري:

شكراً يا أخ يعسوب.

يعسوب الاحناف:

من حيث ما شئت .. من حيث ما شئت.

د. حامد الأنصاري:

الأخ أبو سفيان من جدة.

أبو سيفان:

السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

أبو سفيان:

أولاً: عندي تعقيب من فضلك على الأخ اللي سأل عن معاملة غير المسلمين في الدول الإسلامية، والضيف الدكتور كمان نسأله مثلاً إذا كان المسلم -الآن- في بريطانيا حاول أن يتزوج زوجة ثانية إيش يحصل؟ المعاملة هنا تكون بالمثل، أو يعني .. تعطي نوع من الإجابة، نحن نتذكر قبل كام سنة فيه واحد حاول يذبح في حديقة البيت، وتتذكروا قامت عليه الجرائد في بريطانيا قيامة لم تقعد إلى الآن، هذا من ناحية الديمقراطية الموجودة.

الشيء الثاني: الديمقراطية إحنا بالنسبة لنا ما هي؟ هي كلمة غير عربية أنا كرأيي أو حسب علمي البسيط، فخلينا نفسرها الأول، ما هي الديمقراطية؟

د. حامد الأنصاري:

أنت حضرت معانا من أول البرنامج يا أخ أبو سفيان؟

أبو سفيان:

أيوه .. نعم يا أخي، أنا سؤالي…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

إحنا في البداية حددنا ماذا نقصد بالديمقراطية.

أبو سفيان [مستأنفاً]:

لا .. أنا أبغي أوصل إلى نقطة، إذا كانت هي المساواة فهذا موجود في الإسلام، إذا كانت هي العدل فهذا موجود، إنما نحن أمة نشأت على أن نلقي نتائج أخطائنا على الغير…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً] :

نعم، هو الدكتور يتحدث -عفواً يا أخ أبو سفيان- الدكتور يتحدث عن الديمقراطية هي كوسيلة لتداول السلطة وللتعبير عن الرأي، يعني بمعنى آخر هو نظام الآلية .. آلية تغيير السلطة أو آلية تداول السلطة، لا يتكلم عن الديمقراطية .. عن الفكرة أو شيء من هذا القبيل، إنما عن آلية لتداول الحكم.

أبو سفيان [مستأنفاً]:

يا دكتور، فيه أحد من الإخوة برضه اتصل الآن، وقال إنه -مثلاً- هناك بيستخدموا عامة الناس زي أمريكا، فيصل شخص من هوليود يصبح رئيس أكبر دولة في العالم…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

نعم، إحنا هذه النقطة سنأتي إليها، هذه النقطة موجودة عندنا في المحاور، يعني الدكتور أيضاً قال بأنه ليس معنى ذلك أن نأخذ كل ما في الديمقراطية بحذافيرها دون أن نضيف إليها أو نغير فيها، نأخذ منها ما يصلح لنا، وهذه النقطة التي سنناقشها بعد قليل -إن شاء الله– مع الدكتور أيضاً.

أبو سفيان [مستأنفاً]:

النقطة اللي أنا عاوز أوصل لها يا دكتوري العزيز..

د. حامد الأنصاري:

اتفضل.

أبو سفيان:

إنه إحنا إذا كان عندنا في الدين يقول لك: "ما من أمة يحكم فيها بغير أمر الله أو ما أنزل الله.. -لا أستطيع أن أكمل الحديث- ويستطيعوا أن يغيروا ولا يغيروا إلا ينالهم من الله عذاب أليم". الأمة اللي عند الناس، ناس بتقف في الصف خمس أيام في اليوم، لما يروح مثلاً في دايرة حكومية أو في موقف الباص أو كذا تشوف ما في تنظيم، بيجوع مرة في السنة ثلاثين يوم عشان يحس بالفقير ما بيحس بالفقر، بيتعرى مرة في السنة في الحج عشان يحس أنه مساوٍ للناس وما بيستفيد، فنيجي إحنا نقول: النظام اللي غلط، ونغير النظام، ونعطيه ديمقراطية عشان…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

بس يا أستاذ أبو سفيان، إحنا ما بنقولش كده، حضرتك بتتكلم عن مسائل خارجة عن موضوعنا، موضوعنا هو حق الناس في اختيار الحكام ومحاسبتُهم وتغييرُهم أو في اختيار الحكام ومحاسبتهم وتغييرهم، هذا هو موضوعنا، ليس موضوعنا ما فيش تنظيم في السوق، ما فيش تنظيم في الباص، الناس لا يحسون بالفقير، هذه أمور أخرى متعلقة بالتربية وبالإيمان وبالأخلاق، أنا أتحدث في موضوع سياسي دُعيت للحديث فيه في هذا البرنامج، وأنا ملتزم بمحاور البرنامج.

أبو سفيان [مستأنفاً]:

يا دكتور، عفواً أنا مش عاوز أخرج عن البرنامج، أنا اللي بأقوله أن هذا الناس اللي بتتكلم عنهم هم اللي عايز أعطيهم الحق في الاختيار، ثم هل في الإسلام ما يمنع هذا الشيء، أنا أقصد كوننا إنه نوجد حل .. نعرف ما هي المشكلة أساساً.

د. حامد الأنصاري:

يعني أنت تقصد هل النظام الديمقراطي يتيح لكل من تجاوز سن الثامنة عشرة أن ينتخب أو يبدي رأيه سواءً كان صالحاً أو غير صالح؟ هل الإسلام أيضاً يقبل بهذه العملية أم لا؟

أبو سفيان:

لا أبداً، ليس أساساً، النظام الديمقراطي -زي ما تفضل الدكتور الآن- يقول: إنه يحق لك إنك تختار أو تعين، إحنا بنختار قوانين، بنسمع واحد دخل بيت سرق في ألمانيا .. في أمريكا، وصاحب البيت ضربه بالرصاص، أو نط .. نزل من الشباك وكسرت رجله، الحرامي رفع دعوى.. هذه هي الديمقراطية..

[حوار متداخل غير مفهوم]

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

لا .. عفواً أخ أبو سفيان .. هذا قانون ولا علاقة له بالديمقراطية، الديمقراطية التي نتحدث عنها هي الوسيلة .. وسيلة تداول السلطة واختيار الحاكم وعزله، ولكن ماذا تضع من قوانين أنت تضعها في المجلس النيابي، فهو الذي يحدد ويشرع، لكن..!

د. محمد سليم العوا:

ثم هذه القضايا -يا أستاذ أبو سفيان- كلها من الصحف، وأنت لم ترى الأوراق، ولم تقرأ التحقيقات، ولم تسمع دفاع المحاميين، ولم تحضر الجلسة فكيف يتسنى لنا أن نحكم على نظام قانوني كامل كالنظام الألماني أو البريطاني بمجرد قراءة قضية في الصحف، نحن نحتاج إلى قدر من التأني عشان نكون موضوعيين شوية.

أبو سفيان:

يا أستاذي -عفواً- أنا لا أحكم، أنا أقول: إنه الناس اتفقت على النظام وقبلت به، وهذا موجود في الإسلام، فلماذا نفرق بين إسلام وديمقراطية؟ هذا اللي أقوله أنا، أنا ما أحاول أن أقلل من شأن النظام الآخر، أقول: إنه اتفقوا على هذا النظام.

د. محمد سليم العوا:

إذا اتفق الناس في بلد ما على نظام ما ورضوا به فهذا غاية المراد من رب العباد، لا نريد شيئاً آخر، نحن نتحد ث عن أناس بالملايين، في بلاد سكانها بالملايين يحكمون ويساسون ويقهرون على غير إرادتهم منذ عشرات السنين، هؤلاء الذين تتحدث عنهم ونقول: إن هذا الحكم ليس من حقه أن يبقى -كذلك- إلى يوم القيامة، من حق الناس أن يعيدوا النظر، وأن يختاروا حكامهم ليحققوا عدلهم ويؤدوا مصالحهم، هذا الذي نقوله، أما ناس اختاروا نظام بملء إرادتهم ورضوا به ملناش دعوة بيهم.

أبو سفيان:

هذا كلام سليم، هؤلاء الناس ربهم قال لهم إذا لم يحكم فيكم…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

عفواً -أخ أبو سفيان- فيه مكالمات أخرى تنتظر، يعني لو تختصر لو سمحت، لأن فيه مكالمات أخرى تنتظر أيضاً..

أبو سفيان [مستأنفاً]:

طيب، أنهي بكلمة صغيرة، أقول إذا كان رب العباد قال: -هذا للمسلمين- قال لهم: إذا لم يحكم فيكم بالعدل غيروا ولم يغيروا، فهل النظام إذا اتبعنا الديمقراطية هي اللي هتخليهم يغيروا؟ هذا سؤال، وأرجو الإجابة عليه، مع الشكر لكم.

د. حامد الأنصاري:

شكراً جزيلاً.

د. محمد سليم العوا:

إذا كان لابد أن يغير الناس بطريقة غير الديمقراطية يعني يغيروا بالثورة، والثورة تسمى في فقهنا الفتنة، والعلماء القدماء قالوا: "جور سنة خير من فتنة ساعة" لأن الفتنة يعني نسفك الدماء، سفك الدماء وهتك الأعراض وضياع الأموال، وهذا غير مطلوب، المطلوب طريقة سلمية.

د. حامد الأنصاري:

نعم، ناخد الأخ محمود قنديل من مصر.

محمود قنديل:

أيوه.

د. حامد الأنصاري:

اتفضل يا أخي.

محمود قنديل:

دكتور سليم العوا دائماً مهموم بالهموم .. قضايا الحريات والديمقراطية، ومنها القضايا السياسية، ولكن كنا نتمنى أن نجد أو نقرأ مشروع فكري واضح عن نظام الحكم في الإسلام، لماذا لا يقدم مع غيره من المفكرين الإسلاميين -وهم كثيرين الآن- مشروع فكري واضح عن نظام الحكم في الإسلام، خاصة أن هناك خلط كثير ما بين الديمقراطية وما بين الإسلام، بعض الفرق .. المنتمين للجماعات الإسلامية يرفضون الديمقراطية باعتبارها موروث غربي، وكذلك بعض الشرائح المختلفة، لماذا لا ينتهي هذا اللبس بمشروع فكري؟ ونحن على ثقة أن الدكتور العوا يستطيع أن يقدم مشروع فكري واضح عن نظام الحكم في الإسلام وشكراً.

د. محمد سليم العوا:

شكراً للأستاذ محمود -كتر خيره- يعني هذه ثقة أعتز بها، وأرجو أن أكون في محلها، أنا سئُلت من مدة عن هذا الموضوع فقلت: الإسلاميون أصحاب المشروع السياسي الإسلامي إذا سئلوا عما يريدون في الحكم يقولون نريد حكماً راشداً يكفل للناس حياة آمنة واستغلالاً أمثل لمواردهم وحقاً في الاختيار والتغير كلما استطاعوا أو أرادوا بسبب مشروع، ويكفل للأقليات مثل حقوق الأكثرية، ولا يحرمها من حق لاختلافها في الدين، أو المذهب، أو الأصل العرقي، أو ما إلى ذلك، كما نرى -الآن- في (كوسوفا) وكما رأيناه -قبل سنوات قليلة- في (البوسنة والهرسك) وغيرهما.

طبعاً هذا كلام شديد العمومية ويحتاج إلى تفصيلات، وكثير من كتاباتي وكتابات غيري من المفكرين تصب في هذا المجال، وطبعاً ليس المجال مجال دعاية لما كتبناه، لكن هناك كتب كثيرة في الأسواق تصب في تكوين المشروع السياسي الإسلامي.

د. حامد الأنصاري:

طيب، أنا أريد أن ندع المكالمات تنتظر قليلاً حتى نكمل بعض المحاور، الآن نتكلم عن قضية هل الديمقراطية هي نهاية التاريخ؟ ولماذا نُصر على قضية الديمقراطية مع أنها ليست النظام الأمثل؟ الديمقراطية –وإن كانت في مضمونها- تدعو للحرية، لكن -في واقع الأمر- يعني التطبيق العملي للديمقراطية -حتى في الغرب- نجد فيه التجاوزات، فيه اللوبي لتحديد التجمعات أو التكتلات، والألعاب السياسية، بمعنى آخر لا يستطيع أن يصل إلى الحكم إلا من يملك المال.

د. محمد سليم العوا:

خليني أقول لحضرتك -أولاً- كنا بدأنا الحديث بالكلام على الموجات التي مرت على البلاد الإسلامية، مرة يدعو إلى الاشتراكية، ومرة للرأسمالية، ومرة للديمقراطية، وتفضلت حضرتك بذكر أمثلة، وكلامك صحيح.

لكن الذين يفعلون هذا هم المهزومون، الذين يفعلون هذا ليسوا الدعاة الإسلاميين، ليسوا أصحاب المشروع الحضاري والثقافي والسياسي الإسلامي، الذين يفعلون هذا قوم مهزومون، يتعلقون بكل أمل، ويجرون خلف كل سراب يلوح لهم ظانين أنه يحقق مصالحهم، ويخرجهم مما هم فيه من قهر، واستبداد، وظلم، وأكل لأموالهم بالباطل، وما إلى ذلك، الذي نقوله نحن أمر مختلف، نحن لا نقول إن هناك حتمية ديمقراطية، ولا حتمية اشتراكية، ولا حتمية في الصراع بين الحضارات زي ما بعض الناس قالوا في أمريكا قريباً ورد عليهم بردود كثيرة.

نحن تقول: نحن نختار ما نشاء، معنى الاختيار ضد الحتمية، فكرة أني أختار ما أريد، وأطبقه كما أريد فكرة تتعارض مع فكرة الحتمية، والديمقراطية ليست نهاية التاريخ، وليست الحل الأمثل، وفي تطبيقها آلاف العيوب، لكن قارن بين آلاف العيوب التي في تطبيق الديمقراطية وبين بقاء فرد واحد إلى يوم القيامة حاكماً، قارن بين حق الناس الذي يأخذونه -على الرغم من العيوب الموجودة في نظام الانتخاب ونظام الحكم- وبين حرمان الناس من حقوقهم كلها أو جلها في معظم بلاد العروبة والإسلام، قارن بين الأمرين، واختار أخف الضررين، إذا اجتمع الضرران ارتكب أخفهما.

د. حامد الأنصاري:

طيب، هل عقمت المسلمات أن يلدن من يستطيع أن يخرج لنا بأسلوب، أو وسيلة، أو بنظام .. غير نظام…

د. محمد سليم العوا [مقاطعاً]:

شوف بقى .. شوف بقى با دكتور حامد .. شوف يا دكتور حامد، أنا رجل لا أستطيع العمل في ظل الشعارات، أنا رجل عملي، أنا درست القانون والشريعة، وأعرف أن مشاكل الناس تحتاج إلى حلول عملية، وأن الكلام النظري الجميل يدغدغ المشاعر، ويريح الأعصاب، ويرفع من الحالة النفسية والعصبية للأمة، لكنه لا يصل بها إلى أي نتيجة عملية.

الذي أعرفه -على حسب علمي المتواضع- أن البشرية لم تكتشف وسيلة لتداول السلطة، واختيار الحكام، ومنع القهر، وكفالة الحريات أحسن من حق التصويت في انتخاب حر مباشر كل مدة معينة من الزمن، وما يترتب على ذلك من نتائج، إذا وجد من تلده النساء المسلمات ويأتينا بشيء أحسن من هذا نحن وراءه، نحن لسنا أفضل من أبي حنيفة الذي كان يقول: "علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن منه قبلناه".

أنا علمي هذا رأي، وهو أحسن ما قدرت عليه، من جاء برأي أحسن من هذا الرأي عملياً قابلاً للتطبيق ممكن الحدوث، مش رأي خيالي، يقعد في البيت وينام، ويقول لي: الخلافة الراشدة، الخلافة راشدة تيجي إزاي الآن؟ ومَنْ الذي يطبقها؟ خليفة يجمع كل السلطات من القضاء، إلى الجيش، إلى الحكم، إلى الفقه، وهو المجتهد الذي يلغي كلامه كلام بقية المجتهدين، كيف هذا؟ هذا غير ممكن.

وبالتالي أنا أنظر إلى المسألة من ناحية عملية، وأقول: إن وسيلة اختيار الحاكمين وتغييرهم على نحو ما يجري في البلاد تتيح الانتخاب الحر هذه الوسيلة، هي أحسن ما اكتشفته البشرية حتى الآن، وعندما يكتشف غيرها أنا مستعد أن أسلم بأن هذه وسيلة متخلفة وغيرها بقى وسيلة صحيحة، ما عندي مانع.

د. حامد الأنصاري:

نستقبل أيضاً بعض المكالمات.

د. محمد سليم العوا:

اتفضل.

د. حامد الأنصاري:

الأخ محمد الحسين من مصر.

محمد الحسين:

أيوه. سلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

محمد الحسين:

والله، كان عندي مداخلة بسيطة، أولاً: نرحب بيكم في القاهرة.

د. حامد الأنصاري:

حياك الله يا أخي.

محمد الحسين:

الحقيقة .. أنا اسمي محمد حسين الأول مش الحسين.

د. حامد الأنصاري:

محمد حسين، عفواً .. نعم.

محمد حسين:

محمد حسين، هو الحقيقة يعني بالنسبة لمسألة تدخل الدين في موضوع السياسية، أنا بيتهيأ لي الدين يكون المفروض إطار عام، يعني إطار عام بالنسبة لعملية الديمقراطية، بمعنى ما يبقاش بشكل حزبي أو سياسي، لأنه ده ممكن يؤدي إلى الآتي، إنه الحزب بيدعي إنه بيحمل الدين يبقى غيره لا يحمل الدين.

يعني هي دي المشكلة، مع إن الحاصل إن كل الأحزاب -المفروض في دولة إسلامية- كلها بتحمل الدين يعني أياً كان الحزب اللي بيحكم، الحزب اللي بيحكم ده المفروض بيحمل دين، لكن ليه فكر اقتصادي وليه فكر سياسي، لأنه خطورة إنه يكون فيه حزب ديني بأن غيره يبقى بره الدين، يبقى الكلام بتاعه هو الدين .. الحزب اللي بيتكلم باسم الدين ده، يبقى هو الدين، دي خطورة موضوع الدين إدخاله في موضوع السياسة بالمنظر الموجود.

د. حامد الأنصاري:

نعم، شكراً يا أخ محمد.

محمد حسين:

العفو.

د. حامد الأنصاري:

الأخ عبد الكريم أحمد من الأردن.

عبد الكريم أحمد:

السلام عليكم.

د. حامد الأنصاري:

وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الكريم أحمد:

تحية لك مقدم البرنامج، والأخ محمد سليم العوا.

د. حامد الأنصاري:

حياك الله.

عبد الكريم أحمد:

هو أخ يجاهد من أجل أن يبث في المسلمين حب الديمقراطية والأمل، والعمل من أجل تثبيتها وتثبيت دعائم الإسلام على المحبة والخير مع الإنسان…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

لو تدخل أخ محمد في الموضوع لأن الوقت ضيق جداً يعني.

عبد الكريم أحمد:

فأنا سؤالي محدد إلى أخي محمد لو يركز على أن المسلمين يثبتوا الديمقراطية -أولاً- لأن المسلم في حاجة إلى ديمقراطية قبل أن يكون أي إنسان آخر بحاجة-كما قال- فخلينا نناضل جميعاً مع الآخرين لتثبيت الديمقراطية، المسلم يجد نفسه يعبر عن نفسه، أما إذا وجدنا نظاماً إسلامياً..الديمقراطي لا يجد نفسه ولا مجال له في هذا النظام، وشكراً جزيلاً، وأريد الرد من الدكتور.

د. حامد الأنصاري:

شكراً، دكتور، نريد أن نرد باختصار على الأخ…

محمد سليم العوا [مقاطعاً] :

نعم، اسمح لي أبدأ بالرد على الأخ عبد الكريم، نحن متفقان، نحن ندعو إلى ما يدعو إليه، بالسنة للأخ محمد حسين، الأخ محمد حسين الدين والسياسة ليس أمرين منفصلين، الدين الإسلامي دين ينظم حياة الإنسان -كما قلنا في أول البرنامج- منذ الحمل به إلى وفاته، ومن بين هذه الحياة الحياة السياسية، نظم الإسلام الحياة السياسية بوضع قيم أساسية ينبغي أن تستنبط منها الأحكام، أو تبنى عليها الأحكام، وهذا التنظيم لا قيد فيه على حرية الناس، بل فيه ضمان لحقوقهم وعقولهم وحقهم في الاجتهاد.

أن يكون الحزب الذي يدعو إلى الدين هو المتحدث باسم الدين .. هذا لا يوجد، لا يوجد في الإسلام متحدث باسم الدين، ولا يوجد في الإسلام مفتي المسلمين الأوحد، ولا يوجد في الإسلام شيخ إسلامي يملك سلطة دينية، ليس في الإسلام سلطة دينية، والذي يدَّعي أنه يحتكر الحقيقة الإسلامية مخطئ في الإسلام، لأن الحقيقة الإسلامية ملك لكل المجتهدين الإسلاميين، وملك لكل أصحاب

العقول.

وأن يقول قوم يريدوا أن نُدَيِّنَ السياسة يعني نجعل السياسة متخلقة بأخلاق الدين بالأمانة، بالصدق، بالعفة، بالطهارة، بعدم استباحة المحرمات، هذا شيء طيب، ويجب أن نؤيده، أما أن يدعي أحد أنه يحتكر الحقيقة الدينية أو الحقيقة السياسية فهذا نفي للآخر، وهو لا يجوز لا دينياً أو سياسية، أو طبعاً في المذهب، أو في المنهج، أو في الوسيلة الديمقراطية.

د. حامد الأنصاري:

نعم، دكتور، لو دخلنا الآن إلى موضوع الممارسات العملية.

د. محمد سليم العوا:

نعم.

د. حامد الأنصاري:

على مستوى بلدان العالم العربي والإسلامي، نلاحظ أن معظم البلدان الإسلامية ترفع لواءات أو شعارات الديمقراطية، وتتغنى بها، في الوقت نفسه نتائج انتخاباتها أربع تسعات أي 99.99 %، وهذه الأنظمة التي تدعو إلى الديمقراطية أو تتشدق بالديمقراطية، تمارس أشد أنواع الديكتاتورية، كل هذا ولَّد حالة من السخرية أو السلبية السياسية –لو استطعنا نسميها- في ظل هذا الواقع، أليس من الصعب أن نطالب الشعوب بأن تثق في العملية الديمقراطية في مثل هذه الأوضاع؟

يعني لديَّ أيضاً فاكس من الأخ محمد عبد الملك من (واشنطن) يقول: هل يسمح -أصلاً- لوجود حزب إسلامي في العالم الإسلامي؟ متي كان من الممكن اختيار الحكام في العالم الإسلامي وأين يوجد ذلك في بلادنا العربية؟ يقول: أنا مع المرجعية الإسلامية، لكن إذا توافر حزب من هذا النوع، هل يسمح بوجود حزب شيعي -هذا طبعاً سؤال آخر– مع أنه يقوم على مرجعية القرآن والسنة؟

في النقطة الأخرى: تدعي هذه الأنظمة –في عدم سماحها لقيام حزب إسلامي- أن الإسلاميين لو وصلوا إلى الحكم فستكون هي انتخابات المرة واحدة، بمجرد وثوبهم على الحكم سيقضون على الديمقراطية، في الوقت نفسه يسمحون للأحزاب الشيوعية التي مارست العديد من الانقلابات .. يعني تاريخها مليء بالانقلابات العسكرية، ومع ذلك يُسمح لها بأن تقيم حزب يدخل الانتخابات، أو يمارس -ما يسمى- بالعملية الديمقراطية.

د. محمد سليم العوا:

نحن أمام موضوعان أو موضعين…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

وبقي لنا أقل من ثلاث دقائق لنهاية البرنامج..

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

الموضوع المتعلق بهل يسمح بقيام حزب إسلامي، وهل إذا سمح بها متى كان اختيار الحكام ممكناً، وهل يسمح بحزب شيعي، هذا كله تكفله الوسيلة الديمقراطية، ولذلك ندعو إليها.

الممارسة التي بدأت بها هذا المحور الأخير، هذه الممارسة تحسب على أصحابها، ولا تحسب على الدعاة إلى الديمقراطية، نحن ندعو إلى الديمقراطية، لأن الممارسة في معظم بلاد العروبة والإسلام كلها -جلها أو كلها- الممارسة في جل هذه البلاد أو كلها ممارسة تهدر حقوق الإنسان، وتحرمه من حرياته، وتهين كرامته، وتذهب بحقه في المشاركة والاختيار، ولذلك ندعو إلى الديمقراطية بصورة الوسيلة الحقيقية للاختيار والتغيير، لا ندعو إلى ديمقراطية بتاعة 99.99 هذه لا ندعو إليها هذه عرفناها، ولا ندعو إليها، وجربناها واكتوينا بنارها، وأنا مؤمن أن البلاد العربية والإسلامية في مسيرتها سوف تصل إلى التطور الديمقراطي.

على فكرة الديمقراطية ليست اختراعاً في معمل غربي، الديمقراطية صنعتها الشعوب الغربية بالقوة، وأخذتها في ثورات، ولم يقدمها إليهم أحد على طبق من فضة، والشعوب الإسلامية سوف تصل إلى تحقيق الديمقراطية بطريقة سليمة، لأنه لما الشعوب الأوروبية عملت ثورات، وفتن، ومصائب حتى تحقق الديمقراطية لم يكن هناك نموذج أو مثال يُطور ويقلد ويأخذ منه ويلغى، إنما الشعوب الإسلامية -الآن- لن تحتاج إلى مثل ما احتاجت إليه الشعوب الأوروبية، لأن الوسيلة موجودة، ندخل عليها ما شئنا من تطورات.

وسوف نصل -إن شاء الله- إلى أن نحقق حريات الناس وحقوقهم، ونحمي حرماتهم في ظل نظام يتفق مع مرجعيتنا الإسلامية، ويضمن للناس حقهم في الاختيار والتغيير.

د. حامد الأنصاري:

صورة أخرى من صور عدم مصداقية الديمقراطية، الدول الغربية التي تطبق الديمقراطية في بلادها، وعندما تأتي إلى العالم الإسلامي نجدها تدعم أشد الأنظمة ديكتاتورية، وإذا ما وجد من يدعون إلى الديمقراطية -من ترى أنهم ربما يخرجون من دائرة الهيمنة الغربية- نجدهم يقمعونها أشد القمع.

د. محمد سليم العوا:

آه طبعاً، هذه الدول أنا لا ألومها، هذه الدول تعمل لتحقيق مصالحها، ينبغي علينا -نحن العرب والمسلمون- أن نعمل لتحقيق مصالحنا، هذه الدول تريد حكاماً تابعين أذلاء ومحكومين لا صوت لهم ولا قدرة، لأنها بهذا تمتص ثرواتنا وخيراتنا، وتأخذ المواقع الاستراتيجية في بلادنا، وترسل قواتها إلينا، وتحكمنا بـ (ريموت كنترول) من عواصمها أو بالقوة المباشرة.

هذه الدول تحقق مصالحها، علينا أن نحقق مصالحنا، وقبل قليل وحضرتك تتحدث عن الممارسة الخاطئة اللي يعني تمنع المسلمين من أن يكون لهم حق…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

تكوين حزب سياسي، بينما..

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

حق تكوين حزب، تجمع حزبي، وللشيوعيين أحزاب، والدعوة التي يسوغ بها هذا هي أن الإسلاميين إذا حكموا سوف ينقضون على الحكم، ولا يعيدونه إلى أحد أبداً.

أنا لا أدافع عن أي نظام ولا عن أي تجربة، كل إنسان يدافع عن تجربته، لكني أريد أن أقول لك إن أشد التجارب التي حظيت بهجوم الناس في الدنيا كلها هي التجربة الإيرانية، التجربة الإيرانية فيها الآن انتخابات حرة كل كام سنة .. أربع سنين أو خمس سنين…

د. حامد الأنصاري [مقاطعاً]:

في أقل من عشر ثواني..

د. محمد سليم العوا [مستأنفاً]:

والآن الرئيس الإيراني المنتخب أنصاره و.. الحاكم مش المنتخب، الحاكم أنصاره وأصدقاءه كل يوم في المحاكم بتهم، واللي يُبرَّأ يُبرَّأ، واللي يُدان يُدان.

أنا يعني .. قصة إن الإسلاميين سيقضون على الديمقراطية والحرية، ويتخذونها وسيلة .. هذه قصة ممجوجة، والتجربة تثبت عكسها، وإذا حدث فالعيب في اللي فعلوا كده، وليس في الإسلام.

د. حامد الأنصاري:

دكتور محمد، شكراً جزيلاً لك.

د. محمد سليم العوا:

شكراً .. شكراً يا أخي.

د. حامد الأنصاري:

أعزائي المشاهدين -في نهاية هذه الحلقة- لا يسعني إلا أن أشكر الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا، كما أشكركم على حسن المتابعة، وإلى أن نلتقي في الحلقة القادمة -بإذن الله- لكم أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.