الشريعة والحياة

إعادة تقديم الإسلام

تأثير أحداث سبتمبر على إعادة تقديم الإسلام للآخر، أسباب التركيز على الحركات الإسلامية المتشددة وتجاهل الإسلام الوسطى، دور المؤسسات الرسمية العربية في تقديم الإسلام، قضية الجهاد والدعوة للإسلام بالحسنى، خطورة وأضرار المعارك الداخلية بين المسلمين على تقديم الإسلام.

مقدم الحلقة:

ماهر عبد الله

ضيف الحلقة:

د. محمد عمارة: كاتب ومفكر إسلامي

تاريخ الحلقة:

18/08/2002

– تأثير أحداث سبتمبر على إعادة تقديم الإسلام للآخر
– أسباب التركيز على الحركات الإسلامية المتشددة وتجاهل الإسلام الوسطي

– دور المؤسسات الرسمية العربية في تقديم الإسلام

– قضية الجهاد والدعوة للإسلام بالحسنى

– خطورة وأضرار المعارك الداخلية بين المسلمين على تقديم الإسلام

– الجهاد الفكري وطريقة الحوار مع الآخر


undefinedماهر عبد الله: سلام من الله عليكم وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).

موضوعنا لهذه الحلقة هو كيف نقدم –الإسلام في عالم متغير؟ أشياء كثيرة وقعت ومتغير كبيرة أثرت في مجريات حديثنا لا سيما خلال العام المنصرم وفي نقترب من الذكرى السنوية الأولى للحادي عشر من سبتمبر التي يعتبرها الكثيرون نقطة تحول كبيرة ليس فقط في تاريخ الولايات المتحدة ولكن على صعيد العلاقة بين الإسلام وكل الآخرين، ليس فقط العالم الغربي أو العالم المسيحي، بل تركت تداعيات في عوالم وأديان أخرى، ولعل التوتر القائم بين الهند والباكستان واحداً من هذه التداعيات، ومع ذلك مازال أتباع الديانة الإسلامية مازال الإسلاميون منهم تحديداً يصرون على تقديم الإسلام بنفس الطريقة وكأن شيئاً لم يقع.

لمناقشة هذا الموضوع يسعدني أن يكون معي لهذه الليلة الدكتور محمد عمارة، وأنا أعتقد أنه ليس.. لست بحاجة إلى تقديم الدكتور محمد عمارة، دكتور مرحباً بك مرة أخرى في (الشريعة والحياة).

د. محمد عمارة: أهلاً بكم ومرحباً.


تأثير أحداث سبتمبر على إعادة تقديم الإسلام للآخر

ماهر عبد الله: سيدي أما كان.. ألا ترى معي أنه كان لابد من أن تترك هذه الأحداث –بعيدا عن ردة الفعل- شيء من الأثر على صعيد إعادة تقديمنا للإسلام من حيث هو دين ليس لنا وحدنا ولكن من حيث هو دين الله الخاتم المقصود به البشرية كلها؟

د. محمد عمارة: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلاة وسلاماً على سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحابته أجمعين، دعني أبدأ فأقول أن الحادي عشر من سبتمبر ليست ميلاداً لتاريخ جديد وليست ميلاداً لتاريخ العلاقة بين الإسلام والآخر، والآخر الغربي على وجه التحديد، إذا كنا شهدنا بعد الحادي عشر من سبتمبر هجمة أميركية بالدرجة الأولى وغربية أيضاً على الإسلام فالجديد في هذا هو تصاعد هذه الهجمة، هو الكشف عن مخزون ثقافة الكراهية السوداء الموجودة في الثقافة الغربية وفي الإعلام الغربي، وأنا كي لا أقع في التعميم الخاطئ لابد ونحن نتحدث عن الغرب، بل وعن أي حضارة من الحضارات أن نميز بين فرقاء وفصائل هذه الحضارة، الغرب ليس كتلة صماء وليس سلة واحدة، بل إننا نتعلم هذا المنهاج من قرآننا الكريم عندما يتحدث عن اليهود الذين هم أشد الناس عدوة فيقول لنا إنهم ليسوا سواء، أنا أقول تقديم الإسلام يمثل مشكلة مثارة من قبل.. قبل الحادي عشر من سبتمبر.. على مر التاريخ مر التاريخ…

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: بس دكتور تسمح لي دكتورة عمارة تسمح لي بس كونك ذكرت أنه كشف عن مخزون من الثقافة السوداء لدى العالم الغربي، يعني الحادث من حيث هو الحادث المباشر كشف بداية عن أيضاً مخزون ثقافي أسود من.. من طرفنا، يعني ألا.. ألا ترى ذلك؟

د. محمد عمارة: أنا أولاً أريد أن أقول إن الحادي عشر من سبتمبر إلى الآن لم يثبت من هو الفاعل لهذا الحدث، عندما حدث الحادي عشر من سبتمبر أعلن (بوش) حرباً صليبية أو حرباً عالمية ضد ما سماه الإرهاب، قبل بدء التحقيق المحققون الأميركان قالوا إن أمامهم ربع مليون خيط، أي ربع مليون احتمال، ثم وصلوا في النهاية إلى أنه لم يحددوا من هو المسؤول، إذن نحن أمام أكذوبة كبرى، يعني أنا أقول إذا كنا لدينا غضب من الموقف الغربي ومن الموقف الأميركي نحن محقون، لأننا نحن الضحايا، يعني أنا أريد أن أقول للسادة المشاهدين كده الواحد يغمض عينيه ويبص للخريطة ويحسس على خريطة العالم، ستجد أن العالم الإسلامي دون غيره مليء بالقواعد الأميركية، مليء بالتسهيلات الأميركية، مليء بالنفوذ الأميركي، مليء بالعملاء للأميركان، مليء بالهيمنة والسيطرة الأميركية، قل لي هل لنا شيء من هذا أو شبه هذا في العالم الغربي؟ فإذا كنت أنا الضحية أنا القتيل تطلب مني ألا أغضب من القاتل وألا أحقد على القاتل؟!

يا سيدي دا إحنا كان في الشيوعية يقولوا إذا لم تحقد على العدو فلن تنتصر على العدو، هل تريدني أن أحب إسرائيل التي هي جزء من الكيان الغربي ومن الهيمنة الغربية وهي تصنع بي هذا الذي تصنع؟!

إذن فارق بين أن يحقد علينا القاتل، أن يحقد القاتل على القتيل وبين أن يحقد القتيل على القاتل، يعني أنا لا أنكر أن لدينا غضبا ولدينا نوعا من الكراهية لهذا الذي يحدث لنا، لكن هذا شيء مشروع، أما أن نكون نحن الضحية ومع ذلك نتعرض لهذا الذي يحدث، فأنا أتصور أن هذا غير عادل.

النقطة الثانية التي أريد أن أشير إليها في بدء الحديث عن تقديم الإسلام، يا سيدي، أنا أدرك أن المسلمين مليار ونصف المليار، 90% من هؤلاء المسلمين يمثلون أهل السنة والـ 10% من الشيعة أغلبهم شيعة معتدلين الشيعة الاثنى عشرية، أغلب المسلمين سنة وشيعة هذا هم تيار وسطي، تيار معتدل، أنا أسأل ما هو حجم التيار المتشدد، التيار العنيف، التيار الذي يستخدم القوة واللي ضد الآخر والذي يكفر والذي يقول الجاهلية وكل هذا؟ هذه شريحة محدودة لكن تسلط عليها كل الأضواء، لماذا تسلط عليه كل الأضواء؟ هل هذا نوع من العفوية؟ يعني أنا أما يبقى عندي منذ جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده رشيد رضا وحسن البنا وشلتوت والمراغي وعبد المجيد سليم ومصطفى عبد الرزاق والشيخ الغزالي وغيره، عندي تيار من المفكرين المجددين المجتهدين الوسطيين المعبرين عن ثقافة الإسلام وحقيقة الإسلام كل هؤلاء لا يسلط عليهم أي ضوء يصبح عمر عبد الرحمن هو البطل وهو المفكر الذي تُسلط عليه كل الأضواء، زي الإعلام.. الإعلام الآن يسلط الأضواء على نوال السعداوي وعلى فيفي عبده ولا يعرف الناس شيئاً عن محمد عبده ولا عن الفكر الوسطي.

أنا أريد أن أقول أننا لسنا أمام موقف عفوي، أنا جائتني منذ سنوات تلميذة لـ(برنارد لويس) المستشرق الصهيوني الأكثر عداءً للعرب والمسلمين، كل ما كانت تعمل معايا حديث، كل ما أكملها كلام وسطي معتدل، الكلام الطبيعي الذي أتكلم به تزداد توتراً، ثم قرأت لها بعد أيام من هذه الزيارة مقالا ترجم ونشر في مجلة "السياسة الدولية" التي تصدر عن مؤسسة "الأهرام" تقول فيه بالحرف الواحد: "الخطر هو الإسلام المعتدل، لأن لديه مشروعاً قابلاً للتطبيق، أما الإسلام العنيف والمتطرف فهذا يسير في طريق مسدود"، إذن أنا أقول نحن أمام موقف لا يريد أن يرى ولا أن يرى حقيقة الإسلام، إنما هو يَرى ولا أن يُري حقيقة الإسلام، إنما هو يريد الصورة التي يريدها، يعني زي ما تيجي واحدة زي نوال السعدواي تقدم صورة للمرأة الشرقية والمسلمة هي الصورة التي يريدها الغرب، ولذلك توزع في الغرب أكثر من نجيب محفوظ، لماذا؟ هذه هي الصورة الكريهة التي يريد الغرب رسمها للإسلام وإلا قل لي: لماذا تسلط الأضواء على بعض حركات العنف؟

أنا أعرف تيار العنف في مصر لم يستطع ولن يستطع أن ينجح طالب في اتحاد في جامعة، لماذا تسلط عليه كل الأضواء ولا تسلط على الإخوان المسلمين الذين يمثلون الاعتدال ويمثلون الوسطية؟ أنا أقول مؤسسات العلم الديني..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب دكتور.. دكتور عمارة اسمح لي أن نتوقف قليلاً ثم نعود للإجابة على سؤالك هذا.

نذكركم فقط قبل الانتقال إلى الفاصل بأنه بإمكانكم المشاركة معنا في هذه الحلقة حول "كيف نعيد تقديم الإسلام بعد كل ما حصل" يمكنكم المشاركة معنا على الأرقام التالية أولا على رقم الهاتف: 4888873 أو على رقم الفاكس: 4890865 أو على الموقع الرئيسي (للجزيرة نت).

[فاصل إعلاني]


أسباب التركيز على الحركات الإسلامية المتشددة وتجاهل الإسلام الوسطي

ماهر عبد الله: دكتور عمارة، باعتقادك لماذا يجري هذا التسليط للضوء على حركات العنف، حركات التشدد حركات التطرف –إذا جاز التعبير- ولا يقع التركيز.. أليست جماعات الوسطية الإسلامية مسؤول عن ذلك؟ هل.. هل تتوقع من أميركا أن تقوم بتقديم هذه والتعريف بطروحاتها؟

د. محمد عمارة: يعني أما عن المسؤولية فكلنا مسؤولون، لا يستطيع إنسان عاقل أن يخلي نفسه من المسؤولية، لكن أنا أقول عندما تكون لدينا مشاريع فكرية وهذه المشاريع مطروحة في السوق، يعني أنا راجل عندي 150 كتابا موجودة في مكتبة الكونجرس، الشيخ الغزالي عنده ما يقرب من 100 كتاب، الشيخ يوسف القرضاوي عنده كذا.. إلى آخر كل هذا، لكن هي القضية لماذا يترك كل هذا… كل هذا التراث الوسطي المعتدل وتسلط الأضواء على هذه الشريحة من العنف؟ أنا أقول هل طالبان هي كل العالم الإسلامي؟! لكن هم يريدون 12 قاعدة عسكرية أميركية في جمهوريات آسيا الوسطي يبقى لازم تضخم طالبان، الله طب طالبان هدمت تمثال، طب يا سيدي أوروبا المتحضرة المتقدمة بتاعة الفنون وبتاعة المتاحف هدمت كل تماثيل (ماركس) و(آنجلز) و(لينين) مع إن أتباع هذه التماثيل أكثر من أتابع بوذا، لماذا صنعوا هذا دون أن يتحدث أحد ودون انيبقى ده تشدد ودا رجعية ودا معاداة للفنون، أنا أقول هي القضية قضية الذئب والحمل، أنت تريد حملاً لكي تنهب ثروات العالم الإسلامي وتخشى الإسلام إذا كان يوقظ أمة، الغرب ليس ضد الإسلام بتاع الدروشة وإن إحنا نصلي ونصوم ليل ونهار، ولذلك أنا أقول هذا الكلام قاله الخوميني قبل أكثر من.. من عشرين عاماً، وقال والله لو جلسنا في المساجد نصلي ليل ونهار هيفرحوا بينا، إنما هي قضية أن يكون لديك إسلام يوقظ أمة، يحرر ثروات الأمة، يزيل القواعد العسكرية من أرض العالم الإسلامي ومن أرض الأمة الإسلامية، يعيد هذه الأمة إلى العطاء الحضاري وإلى التسابق والتدافع على المستوى العالمي، هذا هو الممنوع، ولذلك هم يريدون تسليط الضوء على العورات ليبرروا ضربهم لهذا العالم الإسلامي، إنما إحنا..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب يعني سيدي إن هذا الكلام، ما تفضلت به يعني هذا يؤكد إنه يعني الدكتور محمد عمارة قطعاً يعبر عن تيار وسطي، التيار المعتدل، تيار على الأقل شمولي في فهمه للإسلام يعني، لكن فيه جانب سجالي كبير فيما تفضلت به، يعني لماذا لا نخرج –كمحاولة لإعادة تقديم الإسلام- من هذه الجدلية السجالية بين خصمين فقط، أنا أقدر أننا في حالة عداء، في حالة حرب، أن هذه الأمة تنتشر فيها قواعد لأعدائها، ومن نعتقد أنهم أعداؤها، لكن لماذا لا يخرج جزء منا عن هذه السجالية ليقدم إسلام بعيد عن روح الصدام، عن روح التدافع؟

د. محمد عمارة: أنا معك في هذا تماماً، وأنا أقول نحن مقصرون في هذا، أنا من أشهر عديدة طرحت في أكثر من قناة فضائية وطلبت ترجمة ألف كتاب إسلامي تمثل الوسطية الإسلامية وحقيقة الإسلام إلى مختلف اللغات، وقلت نحن في مصر –على وجه التحديد- ترجمنا مشروع الألف كتاب عن الحضارة الغربية وبعدين عملنا مشروع ألف كتاب ثاني والآن المجلس القومي للثقافة.. المجلس الأعلى للثقافة عنده مشروع الترجمة.. المشروع القومي للترجمة قارب الخمسمائة كتاب، طب نحن نعرف أنفسنا بما لدى الآخرين، لما لا تتبنى مؤسسات العلم الديني –وعلى رأسها الأزهر الشريف- مشروع لترجمة ألف كتاب إسلامي لمختلف البلاد، والبعض يقول أي إسلام؟ هل هو إسلام بن لادن أو غير بن لادن؟ نقول: نريد مؤسسات ذات مصداقية تقدم مشروع ألف كتاب إسلامي يمثل الوسطية والاعتدال وحقيقة الإسلام، أنا واحد من الناس عندي بعض كتبي ترجمت إلى عشر لغات، والآن تترجم كتب، كتاب "الإسلام والآخر" وغيره و.. وإلى آخره، لكن كل هذه جهود لا تكفي، إحنا لا نستطيع أن نقول إننا قمنا بواجبنا إلا إذا أدينا بالنسبة للإسلام ثلاثة أشياء: تبليغ الدعوة، إقامة الحجة، إزالة الشبهة.

إذا لم نضع هذا فنحن مقصرون ولذلك أقول نحن مقصرون.. مقصرون، وأنا أحد هؤلاء المقصرين، رغم أنني يعني ليل نهار اشتغل بالفكر وأقدم ما لدي للناس، لكن أنا أقول أين مؤسسات العالم الإسلامي؟ أين الإنفاق السفهي الترفي الذي ينفق في غير مكانه بينما يكون هناك تقطير على الثقافة وعلى الفكر وعلى الإعلام والفكر في..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب ماذا عن محاولة فهم الآخر يا سيدي؟ أنت تطالب بترجمة بعض ما هو إسلامي إلى لغات العالم الآخر، اللغات الحية، تقرير الأمم المتحدة عن التنمية والذين كتبه بالمناسبة عرب وليسوا بالضرورة مستشرقين أو مستعربين، يتحدث عن أرقام مأساوية فيما يتعلق بالترجمة على صعيد فهمنا للآخر الغربي على وجه التحديد، يعني واحدة من الإحصائيات تقول أن ما ترجم في إسبانيا خلال العام الماضي فقط يعادل ما ترجم إلى اللغة العربية خلال الألف عام المنصرم، فكيف نزعم أننا نفهم العالم ونريد أن.. نعطيه فكراً إذا كنا لا نقرأ هذا العالم؟!

د. محمد عمارة: يعني أنا أقول إحنا نقرأ العالم لإن إحنا عايشين على إنتاج العالم، يعني أنت حتى بصرف النظر عن الكتب، أنت المجلات التي تقرأها تعرض وجهات نظر الآخرين، الصحف التي تقرأها تعرض وجهات نظر الآخرين، القنوات الفضائية تعرض ما لدى الآخرين، إحنا في كل ما نقرأه صباح مساء، الغرب يعني يُصِّدر إلينا صباح مساء كل ما لدينا، وأنا أقول التقرير بتاع التنمية البشرية أنا لي ملاحظات عليه، عندما.. عندما يقول إن إحنا في ألف عام منذ المأمون ترجمنا أقل من إسبانيا في سنة، هذه أكذوبة، أنا أريد أن أقول من الذي أحصى الكتب التي ترجمت منذ المأمون؟ دا حضارتنا ترجمت حضارات الدنيا، الهند والفرس والإغريق تعلم منها الدنيا وترجمنا مدرسة الإسكندرية في القرن الأول الهجري، الذي كتب هذه الأرقام رجل لا علاقة له لا بالإحصاءات ولا بالحضارة الإسلامية، ولو قرأ هذا الكلام مستشرقون من الذين درسوا الحضارة الإسلامية والعلوم عند العرب لضحكوا على هذا التقرير الذي صدر باسم الأمم المتحدة وباسم الجامعة العربية، أنا أقول نحن مقصرون ونريد أن نترجم المزيد عن الحضارة المزيد عن الحضارة الغربية، لكن أيضاً نريد أن نقدم ما لدينا للحضارة الغربية، وليس فقط الحضارة الغربية وللصين وللهند ولليابان، نريد أن نقدم للدنيا..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب تسمح لي برضو.. يعني كونك ذكرت.

د. محمد عمارة: نحن نقول الإسلام عالمي لابد أن تقدمه.


دور المؤسسات الرسمية العربية في تقديم الإسلام

ماهر عبد الله: ذكرت الجامعة العربية والأمم المتحدة، يبدو أنه جزء من الحوار وإن كان هذا يعني كنا سنتعرض له لاحقاً، بس كونك ذكرت موضوع جامعة الدول العربية من يتصدى للحوار يبدو أنه الرسمية العربية أكثر منها المؤسسات الشعبية أو مؤسسات المجتمعات المدني أو حتى الجماعات الوسطية، إذا كانت معلوماتهم عنا كما وصفتها مضحكة عن.. فيما يتعلق بالترجمة، هل تثق بالجهود الرسمية العربية فيما يجري من.. من حوار؟ هل هي الأصلح لتقديم الإسلام باعتقادك؟

د. محمد عمارة: يعني أنا أقول: نحن نريد الأمة تتحرك في هذا المجال، سواء كانت نظم أو حكومات أو أحزاب أو مؤسسات مجتمع مدني، لكن هو اللي.. اللي حاصل إنه الآن الخيوط كلها بيد الحكومات بالدرجة الأولى، يعني أنت تذكرني بكلمة جمال الدين الأفغاني عندما يقول: "لا يصلح في الشرق كما تكونوا يولى عليكم، ولكن كما يولى عليكم تكونوا" نحن أمام حكومات طاغوتية في يدها كل شيء، وجماعات المؤسسات المجتمع الأهلي والأحزاب وإلى آخره نحن نعرف أنها تعيش حالات بائسة، يعني التيار الإسلامي الذي يمثل وجود حقيقي في الشارع ممنوع من أكثر البلاد العربية والإسلامية بينما التيارات الهامشية التي لا وجود لها هي التي تعطى الرخص وتعطى الشرعية والمشروعية القانونية، ولذلك أنا أقول: إنه إذا لم تكن المؤسسات الراسخة، مؤسسات العلم الديني، يعني أنا أقول مثلاً في بلد زي مصر مجمع البحوث الإسلامية وأنا عضو في مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، وعلى علاقة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أنا أضرب لك مثلاً بسيط.. إحنا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية جمعنا كل الشبهات التي تقال عن الإسلام، وجدنا كتاب مطبوع في أستراليا مليء بالشبهات وطبعوا منه في أستراليا آلاف الطبعات ودخلوا مصر 8000 نسخة من هذا الكتاب، جئنا بكل هذه الشبهات، شبهات عن القرآن، عن السنة، عن المرأة عن.. عن كل شيء في.. في الإسلام وعملنا لجنة صغيرة بعيداً عن الإعلام وعن الإعلانات وردينا على جميع هذه الشبهات، وأصدرنا مجموعة من الكتب، والآن في السوق كتاب من 600 صفحة يرد على جميع هذه الشبوهات ويُترجم هذا الكتاب الآن إلى جميع اللغات الأوروبية، هذا عمل أناس يحتسبون عملهم عند الله بدون إعلان بدون شيء، يعني إحنا كنا لجنة من 4،5، يعني أنا والدكتور عبد الصبور مرزوق، دكتور علي جمعة والدكتور المطعني، والدكتور زقزوق، ووضحنا هذه الشبهات وأنجزنا هذا العمل، هذا نموذج.

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله: دكتور محمد عمارة، يعني لو سمحت لي بمواصلة النقاش من سؤال الأخ أسامة منصور مراد وهو رجل أعمال من.. من إسبانيا يسأل عبر الإنترنت السؤال التالي: أليس وجود مسلمين مثل طالبان أمر جيد كي يعرف الغرب أن الإسلام ليس دين مسامحة فقط وإنما دين جهاد، والاعتدال هو عدم المساومة في الدين؟ ألا تعتقد أن جماعات التطرف وجماعات العنف أيضاً لها دور يمكن أن تقوم به على اعتبار أن شمولية الإسلام هذه تقتضي أن نقدم الأمة كما هي وجزء من هذه الأمة لابد أن يكون متطرفاً؟

د.محمد عمارة: يعني أنا أقول أولاً التيار الأساسي في الحياة الإسلامية هو التيار الوسطي المعتدل، والإسلام يعلمنا القرآن الكريم أن هذه الأمة أمة وسط (كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) الوسطية جعل إلهي.. إرادة إلهية، أن تكون هذه الأمة هي أمة وسط، موضوع طالبان أنا يعني أريد أن أكون صريحاً، طالبان أختلف معها فكرياً، لكن هل العالم الإسلامي كله نمط واحد من التفكير؟ الله هناك أهل تقليد وهناك أهل تجديد، هناك أهل اعتدال وهناك من يميلون إلى قدر من التشدد، ولذلك أنا أقول طالبان لم تُضرب من أميركا لأنها متشددة دينياً، طب ما هو الأميركان كانوا بيتعاملوا مع الأفغان وهم متشددون أكثر من طالبان، وكانوا زي السمن على العسل زي ما بيقولوا على قلب أميركا، إنما هي القضية أميركا ضربت طالبان لأن طالبان تقول لا، الله، هو الناس متصورة إنه أميركا راحت أفغانستان وكابول عشان الشعب الأفغاني يسمع مزيكا وعشان المرأة الأفغانية تعمل.. تحط (روج)، طب ما هي المرأة عريانة في كوبا، ومع ذلك أميركا ضد.. ضد كوبا، طب ما هو في.. في كوريا الشمالية فيه عداء، طب ما هي إيران ليس فيها طالبان، ومع ذلك فيه العداء للأميركان، يعني أميركا راحت أفغانستان وضربت أفغانستان عشان قواعد عسكرية في.. حول بحر قزوين والبترول و.. و.. إلى آخره وكي لا يكون هناك من يقول لا لأميركا، أميركا تعلن.. تعلن مش مؤامرة.. إعلان أن القرن الواحد والعشرين هو قرن الإمبريالية الأميركية، يعني أنا أريد للناس أن تعي حقيقة الأرقام، إحنا بالأمس قرأنا في الصحف قضية رفعها ممثلين لـ600 من ضحايا 11 سبتمبر، 600 طالبين تعويضات كل واحد الرقم 116 ترليون دولار، أنا حسبتها لقيت الواحد عايزين تعويضات عنه 200 مليون دولار، 200 مليون، طب لما أميركا ضربت الناس اللي بيعملوا فرح وزفاف في أفغانستان ما رضيتش تقول تعويضات، لأنها مش عايزة تتحمل المسؤولية، إنما أدت للأفغان 200 دولار، يعني الأفغاني، المسلم يساوي 200 دولار، ولما عملوا عايزين تعويضات من ليبيا لوكيربي قالوا 10 آلاف دولار، يبقى واحد ديته 200 دولار، وواحد 10 آلاف دولار، وواحد 200 مليون دولار، هو دي حقيقة الموقف، مش مسألة طالبان ومش مسألة التمثال بتاع.. بتاع بوذا، طب ما هو أنا هأضرب مثل أكثر صراحةً، الآن فيه حملة في أميركا ضد الوهابية، ويقولون عن الفكر الوهابي إنه نفايات، ويطلبون من المملكة السعودية إنها تزيل هذا الفكر أي هذه النفايات وإلا ستعامل معاملة الشيوعية والاتحاد السوفيتي طب عندما كانت الوهابية عبارة عن الولاء والبراء ضد محمد عمارة، وكتب ضد الشيخ الغزالي وضد محمد عمارة، كانت الوهَّابية يعني حلوة جداً على.. على.. على قلب أميركا، إنما عندما تحدثت الوهابية أو تيار من الوهَّابية في احتلال الأرض وفي نهب الثروة وفي الهيمنة الأميركية أصبحت نفايات وأصبحت عدوة وأصبحت مثل الشيوعية.

يعني أنا أقول القضية مش قضية إن ده متشدد وده مش متشدد، تيار العنف اللي سأل عنه الأخ من إسبانيا، أنا أقول: ليس هناك أمة تعدادها مليار ونصف المليار يمكن أن تخلو من التشدد، يمكن أن تخلو من التطرف، يمكن أن تخلو من العنف، لكن تصبح كارثة إذا كان العنف أو التطرف أو التشدد هو الظاهرة الأساسية، إنما أنا أقول: لو العنف يوجه فقط ضد العدو والاحتلال والهيمنة أنا معه 100%، الله، هي حماس والجهاد على أرض فلسطين، عندما تضرب من السلطة الفلسطينية لا تطلق رصاصة على السلطة الفلسطينية، الرصاصة فقط للعدو.. للاستعمار الاستيطاني، ولذلك إحنا كنا ضد تيار العنف في بلادنا عندما كان يضربنا.. يضرب ذاتنا، يضرب الشرطة، يضرب البوليس، يضرب السياح، يضرب المدنيين، لأنه هذا انتحار، وبالمناسبة عندما كان هذا العنف قائماً كان الغرب يرحب به، ويأوي رموزه، ويصمت عنه، ويسعد به، أما العنف إذا وجه للمعركة الحقيقية، للصهيونية، للاستعمار، للمصالح الأجنبية، هذا هو العنف الذي يحاربه الأميركان.

يا سيدي، إحنا في مصر عندما كان الاستعمار الإنجليزي يحتل بلادنا وكانت له قواعد كنا نتسابق إلى العنف ضد هذا الاستعمار، إحنا جه عندنا واحد مصر قال إن العلاقة بين مصر وبين إنجلترا زي الزواج الكاثوليكي دفع حياته ثمناً لهذا، والذي قتله أراد الله أن يصبح رئيساً للجمهورية.

يعني أنا أقول نحن لسنا ضد العنف إذا كان موجهاً للطغاة، للطغيان، للهيمنة الأميركية، للقواعد الأميركية، للمصالح الأميركية غير المشروعة، إنما العنف إذا كان موجهاً للمستأمنين، للمعاهدين، للأصدقاء، للذات الإسلامية هذا هو العنف المرفوض، ولذلك أنا أقول لا أسوي بين العنف الموجه ضد الأجنبي والعنف الموجه ضد الذات، وطالبان -كما قلت- لم تُضرب لأنها لها مذهب متشدد في الدين، طب ما هو الشيوعية فيها تشدد، والرأسمالية فيها تشدد، القضية أن الغرب يريد تغيير الإسلام، وهذا أيضاً موقف مُعلن، إحنا نريد التغيير بالإسلام، بينما الذي يُفهم في الغرب..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: إذن هل تتفق مع الأخ أحمد محمد عثمان الذي يقول: مع احترامي للدكتور عمارة الإسلام واحد، ولا يوجد شيء اسمه إسلام وسطي وإسلام متطرف، وإنما بمقتضى الأمر ولعله بمقتضى الحال –يكون رد الفعل؟

د.محمد عمارة: لأ يعني هو.. هو فيه خلط بين أمرين، طبعاً الإسلام واحد، لأن هو الإسلام عبارة عن أيه؟ وحي.. البلاغ القرآني والبيان النبوي للبلاغ القرآني، هذا هو الإسلام المعصوم، هذا هو الإسلام الذي نؤمن به، إنما لما نتكلم عن الوسطية وغير الوسطية بنتكلم عن الفكر الإسلامي، فهمي أنا للإسلام يمكن أن يكون فهماً وسطياً يتفق مع حقيقة الإسلام ويمكن أن يكون فهماً متشدداً لا يتفق مع حقيقة الإسلام، وأنا أقول الإسلام الوسطي مش.. ليس لدينا إسلام غير وسطي وإسلام وسطي، الإسلام هو دين وسط، لأنه اليهودية كانت متحيزة إلى المادة والدنيا، والنصرانية كانت وصايا روحية رد فعل للتشدد المادي وللتحيز المادي عند اليهود، جاء الإسلام ديناً وسطاً لا يقف عند الروح وحدها ولا المادة وحدها، وإنما يجمع بين المادة والروح، بين الدنيا والآخرة، بين الدين والدولة، بين الفرد والطبقة والمجموع، دي قصة.. قصة الوسطية وإحنا متناولين هذا في كثير مما كتبنا، أنا أقول الإسلام وسطي، وليس هناك إسلام غير وسطي لكن اللي غير وسطي هو فكر إسلامي متشدد، فهم متشدد للإسلام وليس هو حقيقة الإسلام.


قضية الجهاد والدعوة للإسلام بالحسنى

ماهر عبد الله: يعني أنت أجبت على سؤال الأخ سامر الذي يعني أعتقد لا يعرف لماذا التقسيم يكون الإسلام معتدل ومتشدد وليس للمسلمين، وكأنكم توحون إلى من يستمعكم أن هناك أكثر من إسلام، لكن سيدي يعني بعيداً عن تعليق الأخ سامر، يعني عدنا للحديث عن روح سجالية، لو عدنا للسؤال الجوهري، كل هذه المعطيات مقدرة، لابد من الدفاع عن النفس، لابد من حماية المقدسات، من حماية الممتلكات، لابد من رفض الوجود الأجنبي بين ظهرانينا، لماذا هذا الإبراز لموضوعة الجهاد في الدفاع عن النفس في حين أن الهدف الأساسي للدعوة الإسلامية هو إنقاذ البشرية.. كل البشرية؟ ألسنا بحاجة إلى لحظة تعقل ليفرز هذا الإسلام الوسطي نخبة –ليس بالضرورة كل الأمة، ولا تعطيلاً للجهاد- تقوم بالتفرغ لنشر الفكرة بحيث يقتنع الغربي أن المقصود.. يعني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو عائد من.. من.. من الطائف بعدما رفض أهل الطائف الاستجابة له، كان جريحاً وكان دامياً، ومع ذلك لم يُغلِّب عقلية الثأر والدفاع عن النفس، كل همه كان محصور بأن الله قد يخرج من بين ظهرانيهم من يعبد الله، أين الذي يدعو إلى هذا الجزء من الإسلام اليوم؟

د.محمد عمارة: يعني أنا أقول: أنا معك، الإسلام بالدرجة الأولى دعوة ودعوة بالتي هي أحسن، شوف مش.. مش بالتي هي حسن، بالتي هي أحسن، بأفعل التفضيل، وبمناسبة ذكر المصطلح الجهاد الناس تخطئ عندما تظن أن الجهاد هو القتال، هو العنف القتالي المسلح، الجهاد هو بذل الوسع والجهد في كل الميادين في أي ميدان من الميادين، يعني الرفق جهاد، الدعوة بالتي هي أحسن جهاد، الإحسان إلى الآخر جهاد، لين الجانب جهاد، يعني بذل الجهد واستفراغ الوسع في كل ميدان من الميادين هذا جهاد.

إنما القتال شُرع فقط لأمرين اثنين لا ثالث لهما في الإسلام، وأنا كتبت عندما كتبت عن "الإسلام والحرب الدينية" جمعت كل آيات القتال في القرآن فوجدت أنه لا يجوز ولا يُشرع ولا يُؤذن حتى مجرد إذن بالقتال إلا صداً للفتنة في الدين ودفاعاً عن الوطن، يعني ضد الذين يخرجوننا من ديارنا أو يظاهرون على إخراجنا من ديارنا، إذاً فارق بين الجهاد، وهذا يُساء فهمه كثيراً، وبالذات في الغرب لدرجة أنهم يريدون يعني إلغاء مصطلح الجهاد ويتصورون أن الجهاد هو قتل الآخرين وقتل الكفار، وإلى آخر كل هذا الهراء الذي يقولونه.

أنا بالطبع أقول إنه بعض المسلمين أحياناً يستخدمون هذه المصطلحات استخدام سيئ، وأنا يمكن بعد ما كتبت كتاب عن "معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام" أتيت بكل هذه المصطلحات الملغزة والمشكلة بنتيجة التقاء الثقافتين والمفاهيم بيننا وبين الحضارة الغربية، وتحدثت عن هذه المفاهيم، إذاً أقول إنه الجهاد فرض في كل الحالات، إذاً أقول إنه الجهاد فرض في كل الحالات، ده.. ده، الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول: "الجهاد ذروة سنام الإسلام"، "رهبانية هذه الأمة هي الجهاد"، "سياحة هذه الأمة هي الجهاد"، يعني الجهاد في كل الميادين عندما تبذل الجهد فهذا جهاد.

إنما القتال فقط هو في موطنين اثنين: دفاع عن الوطن ضد العدوان والهيمنة الاستعمارية والغربية، ودفاع عن حرية الدعوة، ولذلك أنا أقوى لا يُستخدم القتال على الإطلاق ولا العنف على الإطلاق في الدعوة إلى الإسلام، طب أنا أريد أن ألفت النظر إلى حقيقة قد يغفل عنها الكثيرون، في كل الفلسفات يتحدثون عن أن القتال غريزة من غرائز الإنسان وأنها غريزة مصاحبة للإنسان على مر التاريخ، وحده الإسلام يعلمنا غير هذا، يقول: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ)، يعني طيب ما قال كتب عليكم الصيام والصلاة والزكاة و.. وإلى آخره، لكن ما قالش كره، إنما القتال كُرْه، كُتب وهو كره، نحن نجبر على أن نقاتل دفاعاً وليس هجوماً أنا طبعاً أدرك إنه بعض التيارات وبعض الكُتَّاب زي المودودي وزي المرحوم سيد قطب تحدثوا عن ضرورة إن إحنا نجاهد ضد العالم ونزيل كل حكومات العالم كي نحرر العالم من الطواغيت ونتركهم وما يدينون، يعني أنا أقول هذا كلام خطأ، وإحنا نقدنا هذا الكلام، أنا من.. من أكثر من 20 سنة كاتب دراسات عن المودودي وعن سيد قطب أنتقد فيها هذا الكلام وغيري والشيخ يوسف كتب وغيره وغيره كتبوا هذا الكلام، لكن كما قلت هم يسلطون كل الأضواء على الجزئيات الصغيرة التي يريدون تضخيمها كي يشوهوا مجمل صورة الإسلام، إنما هذا لا يعفينا من المسؤولية.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله: دكتور محمد عمارة، الأخ محمود يوسف الحوت طالب من الأردن يسأل أريد أن أسأل سؤال الضيف: متى كنا سادة الأمم؟ لم نكن إلا عندما أُعلن الجهاد، والدول لم تسد الدنيا إلا بالقتال.

هذا منهج شديد الشيوع في الثقافة الإسلامية اليوم هذا يعني يأتي كمفارقة لواقع أليم، أليس ثمة داعي لنا لنعترف بأننا أمة مهزومة؟ ليس تسليماً بالهزيمة ليس رضاً بالأمر الواقع ، ألا يكون من الاجدى والأنفع أن ننطلق في نقاشنا مع الآخرين ، سواء قتالاً أو غير ذلك، من حقيقة.. من مسلمة أننا أمة مهزومة ضمن معطيات هذه الهزيمة نتحرك أولاً حتى نتلافاها، بدلاً من الغرور والاقتناع بتاريخ مجيد يمكن له أن ينقلنا إلى مستقبل زاهر؟

ماهر عبد الله: يعني أنا.. هو فيه قضيتين في هذا السؤال، فيه قضية القتال والسائل يرى أننا سُدنا عندما كنا نقاتل الآخرين، وأننا الآن مهزومون، أنا أريد أن أناقش القضيتين، أولاً نحن لسنا أمة مهزومة، إحنا أمة في مأزق، أمة في مأزق حضاري، المأزق الحضاري له سببان.. سببين أو عاملين، تخلف موروث عن القرون الماضية، وهيمنة غربية تحرس التخلف الموروث، وتحول بيننا وبين النهوض، هناك جناحان لهذا المأزق الحضاري الذي نعيش فيه، التخلف الموروث، ونحن مسؤولون عنه وليس الغرب، ولكن الهيمنة الغربية تحرس هذا التخلف الموروث، والخروج من هذا المأزق لا يكون بالقتال، يعني عمال على بطال، إنما يكون بترتيب البيت العربي الإسلامي، وتجميع إمكانات العرب والمسلمين لمواجهة.. وتعظيم هذه الإمكانات لمواجهة الآخر الذي يفرض علينا الهيمنة ويحرس تخلفنا الموورث.

أما موضوع أننا سُدنا عندما كنا نقاتل، أنا أريد أن ألفت النظر إلى أن هذه الأمة على مر تاريخها كان قتالها دفاعياً، يعني هذه الأمة كانت تقاتل القسطنطينية حتى فتحت القسطنطينية على يد الأتراك محمد الفاتح، لأن القسطنطينية كانت تُجيِّش الجيوش ضد هذا.. هذه الدولة الإسلامية وتغزو هذه الدولة الإسلامية ، واحد يقول طيب ما العثمانيين راحوا البلقان وراحوا إلى أسوار فيينا، كانوا يطاردون العدو.. خلف حدوده، لكنهم لم يقاتلوا الناس ليدخلوهم في الدين، وإنما تركوا أغلبية البلاد التي فتحت في أوروبا تركوها وما تدين ، وظلت مسيحية ولم تدخل في الإسلام، أغلبيتها مسيحية ، إذا يقول واحد طيب إحنا أزلنا الرومان من الشرق، وذهبنا إلى المغرب، لماذا ذهبنا إلى الأندلس؟ لأنه الأندلس كانت تعيش مذهباً موحداً على مذهب (أريوس)، وكان أهل التثليث يقاوتلونهم، هم الذين استدعوا موسى بن نصير، وطارق بن زياد لدخول الأندلس ، هذه حقائق في التاريخ لابد أن تُدرك ، نحن لم نكن نقاتل لمجرد أن نقاتل ولا لنُدخل الناس في القتال، الإسلام أزال القوى العظمى التي كانت تحتل الشرق عندما ظهر الفرس والروم، وترك الناس وما يدينون، بدليل إنه بلد زي مصر وبلد زي سوريا ظلت قرنين من الزمان الأغلبية فيها غير مسلمة، يعني الدولة أزالت القوى العظمى والاستعمار الإغريقي والروماني والفارسي، ثم تركت الناس وما يدينون، القتال.. لو كان الإسلام ساد بالقتال كان يبقى قتال لإدخال الناس في الإسلام، إنما تحرير الفتوحات الإسلامية للمنطقة ، ثم ترك الناس وما يدينون.

أما القول بأننا كنا سادة عندما كنا نقاتل الآخرين، طيب إحنا حاربنا الحروب الصليبية قرنين دفاعاً عن الأرض، حاربنا الحلف الصليبي التتري والمغولي دفاعاً عن الأرض، كانت حروبنا حروب دفاعية، ولكن.. ولم تكن حروباً هجومية، ولا لإدخال الناس في الإسلام، إحنا عشنا عشرة قرون نمثل العالم الأول عندما كانت الحضارة تترجم كل علوم الدنيا، وتبدع وتضيف في كل ميادين العلوم، والعالم كله يتعلم من الحضارة الإسلامية، لم يكن يتعلم منا بالقتال، وإنما كان يتعلم منا العلم من الأندلس وغير الأندلس ولذلك أنا..

ماهر عبد الله: طيب تسمح لي.. تسمح لي نسمع من الإخوة المشاهدين..

د. محمد عمارة: أقول لابد أن نتحفظ على هذا.

ماهر عبد الله: وكونك ذكرت الأندلس يعني المكالمة الأولى قريبة من الأندلس من الأخ أحمد سالم من موريتانيا، أخ أحمد، اتفضل.

أحمد سالم: سلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

د. محمد عمارة: وعليكم السلام.

أحمد سالم: نشكر الضيف اللي الحقيقة يخلب بالاستماع بحسن تقديمه ، لكن هو قال قبيل لنا الشيعة تمثل 10%، لكن هذه 10% رب.. ربما كألف، لأن في الحقيقة اخترع لينا.. اخترع.. الإسلام اخترع لنا الشيعة من.. من إسرائيل…

ماهر عبد الله: طيب أخ.. أخ أحمد يعني اسمح لي.. اسمح لي بالمقاطعة، يعني مدخل غير أنه خارج عن موضوع الحلقة ، مش المدخل المناسب لهذا النقاش. معاي الأخ نبيل عثمان من لبنان، أخ نبيل اتفضل.

نبيل عثمان: السلام عليكم

ماهر عبد الله: عليكم السلام

نبيل عثمان: أخي بس عندي أنا بيت شعر أستشهد به للشيخ محمد، وللأخ الفاضل، إنه يقول الشاعر:

يا عابد الحرمين لو بصرت بنا

لعرفت أنك بالعبادة تلعب

يا أخي، نحن الآن ننظر في أمور وثغور المسلمين كلها مخترقة، والدماء تسيل للركب في كثير من المناطق ، يا أخي نحن بدنا بس صفحتين من المفكرين المسلمين يقولون لنا ما هي أولوياتنا التي تجمع كل الأمة، صفحتين ، 600 كتاب في رد شبهات مطلوب، لكن الأمة العامة المفكرة بدها بس صفحتين تجمع الأمة ، تصير هي نبض الأمة حتى يعني يتغير الأحوال ، الأحوال تتغير حقيقة ، ولكن ليست ظاهرة هذا التغير، فنريد فقط صفحتين من المفكرين حتى.. نجمع الأمة عليها، فعلاً يعني نكون القدوة الحسنة و..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: طيب أخ.. أخ نبيل مشكور جداً، أعتقد الدكتور يعني سمع.. سمع السؤال، وإن شاء الله يعلق لك عليه.

معاي الأخ أبو محمد من سوريا، أخ أبو محمد، تفضل.

أبو محمد: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.

أبو محمد: أخي بس خلال الخمسين سنة الماضية وقف الإسلام بكامل منابره، وكامل قوته ضد الشيوعية وضد الرأسمالية مع أميركا ومع.. ومع المعادي للشيوعية، يا ترى كان صح أو خطأ ، وما سبيل للمستقبل وما العمل للمستقبل؟ ومازال بعض الناس لهلا عم بيتباهوا إنهم كانوا حاربوا الشيوعية، ولازالوا يحاربوها، وإما أن طلع الشر والأذى والكل من أميركا، ما من الشيوعية..


خطورة وأضرار المعارك الداخلية بين المسلمين على تقديم الإسلام

ماهر عبد الله: مشكور جداً.. مشكور جداً يا أخ أبو.. أبو محمد، دكتور محمد عمارة نبدأ بسؤال الأخ أبو محمد إنه في.. على مدار خمسين عاماً وقفنا مع أميركا، الإسلام وُظِّف ، كثير.. النسبة الغالية من الأمة الإسلامية وقفت مع المعسكر الرأسمالي في.. في محاربة الشيوعية، والبعض مازال يفاخر بأننا كنا أحد أسباب سقوطها، كان.. هل كان هذا خطأ استراتيجي وقعت فيه الأمة بعدما تَكشَّف لنا العداء الأميركي لاحقاً؟

د. محمد عمارة: يعني أنا أقول.. أنا أذكر الأخ السائل بما كتبه المرحوم الشهيد سيد قطب بعد زيارته لأميركا في أواخر الأربعينات عندما كتب عن أميركا من الداخل، وقال: إن أميركا تريد استخدام الإسلام ضد الشيوعية، ونقول إن بعض النظم وبعض الحكومات لعبت هذا الدور لحساب أميركا، لكن أنا أريد أن أقول إنه قضية الأفغان، لأنه بعض الناس يظن إن إحنا رحنا في أفغانستان بنحارب لحساب أميركا، لأ، إحنا ما حاربناش الشيوعية على أرض أفغانستان إلا لما الشيوعية احتلت أفغانستان ، ولذلك كان هناك توافق وتقاطع مصالح بين المجاهدين الأفغان الذين يجاهدون ضد الشيوعية وضد النظام الشيوعي، وبين الأميركان الذين يريدون إخراج الشيوعية من أفغانستان، يعني أنا أقول فارق بين.. الله!! طيب ما إحنا وإحنا بنحارب إسرائيل أو بنحارب الاستعمار حركات التحرر الوطني في العالم الإسلامي كانت تستعين بالسلاح الشيوعي، لكن دون أن تكون.. أن نكون شيوعيين، ولذلك أنا أقول فارق بين أن تتقاطع المصالح.. تتقاطع مصالحنا مع الشيوعية عندما كانت موجودة ضد الاستعمار الغربي، أو تتقاطع مع الأميركان ضد الاحتلال الشيوعي لأفغانستان، دا تقاطع مصالح وليس.. إنما فيه هناك هدف أميركي لاستخدام الإسلام ضد الشيوعية، كما قلت أشار إليه سيد قطب في بداية الخمسينات، قبل أكثر من خمسين عاماً، أنا أقول الآن أميركا تلعب نفس الدور، في العدد السنوي من مجلة "نيوزويك" اللي هو ديسمبر 2001 فبراير 2002 كتب (فوكوياما) دراسة ، بيقول: "لا نريد حرباً على الإسلام، وإنما نريد حرباً داخل الإسلام، نريد إسلاماً ليبرالياً، حداثياً، يقيم قطيعة مع ماضيه، كما فعل (أتاتورك) في تركيا، نريد إسلاماً علمانياً يقبل بالمبدأ النصراني دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، إذن هناك أميركا تريد تغيير الإسلام ، تريد إسلاماً يمكن لها من دنيانا، ويظل الإسلام مجرد دين نتعبد به للدار الآخرة، ولذلك أنا أقول نحن لا نريد هذا التوظيف لحساب أي طرف من الأطراف ، نريد أن نكون جميعاً نحن في خدمة الإسلام، وليس في خدمة الشيوعية أو في خدمة الرأسمالية.

النقطة الثانية اللي أشار إليها الأخ اللي هو أبيات عبد الله بن المبارك اللي.. اللي عن الجهاد، عبد الله بن المبارك كان يحارب على ثغور الإسلام دفاعاً عن أرض الإسلام وأمة الإسلام وحوزة الإسلام، ولم يكن يعتدي على الآخرين، ولذلك أنا أقول الأمة فيها عقل، لابد أن يبدع فكراً وسطياً يقدم الإسلام للعالم، فيها جسم يحمي هذا العقل، وفيها أنياب وأظافر عنف، لكن يوجه ضد مَنْ هذا العنف؟ ضد إسرائيل، ضد الصهيونية، ضد الأميركان ضد الأعداء الذين يريدون ضر العراق وغير العراق من البلاد الإسلامية، أنا أقول أنا لا أستبعد العنف، لكن لا أقول العنف وحده، أولاً لابد أن يكون هناك عقل إسلامي يُبدع ويقدم الإسلام في صورته الحقيقية للعالم، إذن أنا أقول الجسم الإنساني فيه عقل، فيه جسم، فيه أنياب وأظافر، لكن الأنياب والأظافر إذا الإنسان استخدمها ضد ذاته هذا لون من الانتحار، دا العنف المرفوض الذي نرفضه ، ولكن لسنا ضد العنف على الإطلاق، الله!! هو إسرائيل هنحاربها بأيه؟ نحاربها بالكلام؟! لأ، طبعاً فيه حرب دعائية وفيه حرب فكرية تكشف العدو، لكن لابد من استخدام القوة والعنف ضد الأعداء الحقيقيين للعالم الإسلامي.

ماهر عبد الله: طيب.. طيب دكتور.. دكتور، يعني لو باختصار شديد تجاوب لي على موضوع الأخ لما ذكر إنه الشيعة أخطر علينا من.. من.. من الكفار ، والأخت حنان فنان من.. من سوريا، يعني تتهمك أنت شخصياً بالإرهاب الفكري كونك ذكرت..: أليس هذا دوران حول المشكلة؟ أليست هذه اللغة إرهاباً؟ ألا يحق للسيدة نوال السعداوي أن تقرأ.. أو تقرأ وجه نظرها، كما أنت تسمح لنفسك بأن تمثل وتشطب الجميع؟ هذه المعركة الداخلية ألا تضر جهودنا لتقديم الإسلام.

د. محمد عمارة: يعني أنا أقول للأخت الكريمة ، يعني إحنا ضحايا الإرهاب، مش إحنا اللي بنعمل الإرهاب، دي يعني نمرة واحد.

نمرة 2: الشيعة.. نحن والشيعة في خندق واحد ضد العدو، إحنا ينتعلم في.. في الأمثلة الشعبية بيقولوا أنا وابن عمي على.. "أنا وأخويا على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب" وبنتعلم في السياسة إن فيه حاجة اسمها تناقض رئيسي عدائي، وفيه تناقض ثانوي فرعي، التناقض الرئيسي العدائي الآن بين كل الأمة الإسلامية ، بل بين عالم الجنوب بشكل عام وبين التحالف بين الصليبية والصهيونية ، هو دا التناقض العدائي الذي يجب أن توجه إليه القوة وكل النيران ، ليس فقط الشيعة معنا في خندق واحد، دا حتى كنائس الشرق المسيحية الشرقية جزء من حضارتنا، جزء من تراثنا ، نحن وإياهم في خندقٍ واحد ضد الآخرين، وإذا كان منهم قطاع من عملاء المهجر الذين يستعدون الأجانب على بلادنا فعندنا أيضاً عملاء يحملون أسماء إسلامية، وهم عملاء حضاريين، وامتدادات سرطانية في قلب الأمة الإسلامية رغم إسلامهم يعني أنا أقول الفيصل، إذا كانت هذه الأمة تتعرض لهجمة صليبية صهيونية وتقودها أميركا وإسرائيل يبقى هذا هو التناقض العدائي.

أما موضوع نوال السعداوي، أنا حاورت نوال السعداوي في A RT أكثر من ساعتين أو.. أكثر من ساعتين ، وأنا ضد التكفير، وضد الحكم على القلوب، لكن قلت لها أنت تكتبين عن المرأة الشرقية ما يريده الغرب ولذلك تحول قصصها إلى مسرحيات أفلام في الغرب كي تشوه صورة المرأة الشرقية بينما نحن نرى المرأة الغربية ترى حريتها في الإسلام، ترى حريتها في الحشمة الإسلامية، إذن أنا أقول إن لا نوال السعداوي تمثل المرأة المصرية، ولا المرأة الشرقية، بل هي تهاجم المرأة المصرية والمرأة الفلاحة، وتعتبر أنها فيها عبودية ، وأنها لا تريد أن تخرج من العبودية، هؤلاء أُناس شريحة يعني لا نقف عندها كثيراً، وأنا ممن يحاربون وحاورت كل ألوان الطيف من العلمانيين والزنادقة والملاحدة دون أن يكون هناك.. إرهاب ماذا؟ أنا لا أملك إلا هذا القلم والورق الذي أكتب عليه، وأعرض ما لديَّ للناس، ولهم أن يرفضوا كل ما أقول، ولهم أن يقبلوا كل ما أقول أو بعض ما أقول، فنحن بعيدون عن هذا الذي يسمى بالإرهاب بعداً شديداً.

ماهر عبد الله: طيب لنستمع.. نستمع للأخت.. نستمع للأخت أمل من الكويت.

أمل: السلام عليكم

ماهر عبد الله: عليكم السلام


الجهاد الفكري وطريقة الحوار مع الآخر

أمل: دكتور عمارة، كلامك فعلاً مؤثر، وأحب أتكلم إذا تسمح لي، وتدي وجه نظرك بكلامي في الطريقة اللي نقدم فيها الإسلام، أو إعادة تقديم الإسلام، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر يعني أنا نمت معاي عادة أعتقد إن تبنتها جهة إسلامية مستعدة تحط رأس مال للفهم الآخر راح تستفيد منها من مراقبة القنوات التبشيرية الفضائية على القمر الفضائي الأوروبي الموجه لعالمنا، نلاحظ التالي، نلاحظ الأشياء اللي منها نتعلم أيش لون نقدم الإسلام مرة ثانية، برامج التبشير مالتهم تمتاز بالتالي، أول شيء لا يوجد فيها انفعال تحت أي ظروف من الظروف، تطالعها الصيح، تطالعها النهار، تطالعها أيام الآحاد، تطالعها حتى لما يكون الحديث عن الإسلام أو عن أي ديان أخرى، وجهة النظر توصل بدون أي انفعال، وهذا طبعاً ما فيه دعي الواحد يقارن عشان يتكلم عن أسلوبنا.

الشيء الثاني إنه هو ذكر الآخر يتم بالحد الأدنى، بمعنى ذكر الإسلام.. ذكر أي ديانة أخرى يتم بالحد الأدنى، طول ما إن ما فيه ضرورة لا يتم التطرق له، دائماً يقدم أكو مشكلة عندهم، بدون ما يجادل، في الوقت اللي إحنا التقديم عندنا لما نتكلم مع الآخر كلامنا كأنه فقه مقارن، تقارن شو اللي عنده وشو اللي عندك، هم ما يبحثون بشو عندك، يقولون لك هذا اللي عندنا بأسلوبهم، تعالوا تشوفوا الطريقة اللي يقدمونها تحس إنهم يعرفون الناس اللي قاعدين يخاطبونهم، إحنا لا نعرف من نخاطب سوء نتكلم عن العالم الغربي.. عن أميركا، عن شرق آسيا، عن روسيا ودول أوروبا الشرقية، عن أفريقيا، نحن لا نعرف لا نعرضهم، أعطيك مثال بسيط، برامج القنوات التبشيرية تلاحظ فيها إن فيه برامج الطبخ يقدمونها ناس منتمين للنظام التبشيري، يقدمون فيها آخر الأنظمة العلمية، لا.. لا يهاجموا Vegetarian أبداً لأنه هو Vegetarian نباتي، بالعكس يقدم له برنامج للنبات، ربة البيت اللي عندها ها الميل هذا بتنجذب، الإنسان اللي يجب الرياضة يخاطبه من خلال الرياضة، هل بدون انفعال؟ يعني أهم من خلال الخطاب الديني، يعني الرياضة ممزوجة بالخطاب الديني، الطبخ ممزوج بالخطاب الديني، برنامج الطفل ممزوج بالخطاب الديني، بدون أن يتحدث عن الآخر، الشيء اللي أنا أبغي بأقوله إن إحنا لما نتمهل في احتياجات الإنسان الغربي اللي ممكن تجذبه للشيء اللي إحنا نقوله، نلاقي إن هو ما راح يحتاج يقرأ الكتاب المترجم في الوقت اللي هو عنده إعلام قوي مؤثر يحسن لغته، أم إحنا شنو عيوبنا، لكن في نفس الوقت ألاقي على الجانب الآخر يعني صار مثلاً عن موضوع الكلام عن المملكة العربية السعودية ومصر، تقريباً أكثر من 48 ساعة وأميركا تتكلم، وين القناة الفضائية اللي أعطتني برنامج لا يدافع على السعودية ولا يدافع عن مصر ولا يدافع عن أي عربي و مسلم، برنامج يقول لي بالدليل، بطريقة وثائقية هادئة، كذا أميركا ساندت الإرهاب، هذه اسر مصرية، هذه أسر الفلسطينية، هذه أسر سورية، عربية من أي مكان، مسلمة، هذه فقدت الشهيد الفلاني من تبني أميركا للإرهاب الدولي، هذه..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: أخت آمل، مشكورة جداً على هذه المداخلة، نسمع من الهادي أبو عامرية، وإن شاء الله تسمعي أيضاً تعليق من الدكتور محمد عمارة، أخ هادي تفضل.

هادي أبو عامرية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله: عليكم السلام والرحمة.

هادي أبو عامرية: أحيي الداعية الإسلامية المعروف المشهور لدى الجميع، محمد عمار، وأريد أن اعرض رأياً متواضعاً، ويعلق عليه سواء كان صوابا أم خطأ، أولا في.. في حملة الغرب على الإسلام أمور مضحكة جداً كقوله إن.. ثقافتنا ثقافة إرهابية بدعوى وجود دعوة إلى الجهاد في الكتاب والسنة، أنا أسأل سؤال واحد، لماذا تصنع الأسلحة الفتاكة وتبني الجيوش الجرارة؟ إن كان الجهاد غير ضرورة والحرب غير ضرورة بشرية؟ هذا أولاً.

الشيء الثاني أن الإسلام يشهد حملة من الغرب منذ أمد بعيد، واشتد أوره هذه الأيام، في ظل تقاعس منا في الدفاع عن دين الله، تقاعس والله، ويبدأ التقاعس من الحاكم قبل المحكوم، على سبيل المثال هل يطبق حد.. حد الردة في أي بلد إسلامي تطبيقا سليماً أميناً؟ من شاء فلينظروا إلى الصفحات الأدبية في الصحف العربية، ثم بعد ذلك يحكم. والسلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله: طيب، مشكور جداً يا أخ هادي، سيدي، لك تعليق على كلام الأخت أمل من الكويت.

محمد عمارة: آه..يعني أنا أولاً مع ما طرحته الأخت إنه أسلوب التبشير –أسلوب غير مباشر وأنا كتبت كتاب عن مؤتمر التبشير الذين عقد في أميركا، مؤتمر (كلورادو) في مايو سنة 1978، كتاب اسمه "الغارة الجديدة على الإسلام"، وكبتوا وقالوا إنهم يريدون مخططاً جديداً لا علاقة له بتاريخ التنصير والتبشير، وقالوا بالحرف إن إحنا لا نريد مواجهة الكتاب والسنة، لأنه لا قبل لنا بمواجهة الكتاب والسنة، دا تفسير الكلام اللي قالته الأخت من الكويت، إنما نريد أن نبشر الحاضر، الصورة.. الكاريكاتير، الرسم.. الكلام غير المباشر، التبشير من خلال الثقافة الإسلامية، من خلال المصطلحات الإسلامية يعني الأخت لو قرأت الكتاب اللي أنا كتبته ونصوص مخطط كلورادو للتنصير ستجد يعني إن دا أسلوب معروف، موضوع إن إحنا أحيانا بنتكلم بشكل أكثر مباشرة، وليس مثلهم، ودا الفارق بين القاتل وبين الضحية، يعني أنا لا أتصور عندما أرى على شاشات التليفزيون الذي يحدث في فلسطين، من لم يغضب لا تكون لديه أحاسيس حقيقية، يعني أنا أقول الغضب لله أحيانا ليس فقط مشروع وإنما واجب أن يكون الغضب للحق والغضب لله، لكن مع هذا أقول: لا نريد الكلمة الغاضبة، وإنما نريد الكلمة العاقلة، يعني أن لما كتبت عن الإسلام والآخر، من يعترف بمن ومن ينكر من، أتيت صورة الآخر في القرآن الكريم، صورة الآخر في السنة النبوية، صورة.. الآخر في التطبيقات الإسلامية على مر القرون، وصورة الإسلام لدى الآخر بالمنطق، بالحكمة، بالموعظة الحسنة، يعني أنا أقول.. إحنا عندما نتكلم فارق بين أننا نتكلم بقدر من يعني الحماس، مش عايز أقول حتى الحماس، الانتماء.. أصل أنا أقول يعني الانتماء لآن إحنا أمة تعيش وتتكالب عليها كل الأمم وكل القوى، ولذلك يعني مشروع إن إحنا نتحدث وعندنا هذا الانتماء، يعني أنا في قضية زي القضية الفلسطينية، الكلام البارد عن القضية الفلسطينية كلام غير مناسب دا إحنا أمام بلادة عالمية، نريد أن نحرك هذه البلادة العالمية بالأرقام هو إحنا ناقصين أرقام، طب ما هو التقارير اللي بتكتب عن اللي بيحصل في فلسطين، لكن هم يشوهون كل هذا، ولذلك أنا أقول الانتفاضة والعنف في الانتفاضة هو الذي يفرض على الآخر أن يفيقوا من هذا الموضوع.

ماهر عبد الله: طيب دكتور عمارة، أنا يعني هأعطيك فرصة تجاوب على جانب آخر من كلام الأخت أمل، بس أسمح لي أخذ المكالمات الأخيرة الإخوة ينتظرون على الهاتف من فترة، معايا الأخت سهير عناني من فلسطين.

زهير عناني: زهير.. زهير عناني.

ماهر عبد الله: أخ زهير.

زهير عناني: زهير عناني مش أخت.. أخ.

ماهر عبد الله: عفواً يا سيدي، قيل لي سهير، تفضل أخ زهير، معذرة.

زهير عناني: مساء الخير.

ماهر عبد الله: أهلاً.

زهير عناني: وشكراً للدكتور الضيف الكريم على الكلام الذي تفضل به، وأقول باختصار أنا ذهبت إلى تركيا ودرست عن السلطنة العثمانية، فرأيت أنها كانت أفضل نظام حكم إسلامي وحَّد المسلمين، وكانت القيادة في أيام العثمانيين قيادة ديمقراطية وبالشورى، عندما يموت السلطان يجتمع الأئمة والفقهاء ويختارون أحسن الموجود بطريق الشورى، فالقيادة كانت توحد المسلمين وكانت مبنية على نظام ديمقراطي سليم جداً، إلى أن قام أتاتورك وبتأليب من دول الغرب وانقض على السلطنة وهذا هو الحكم الآن موجود في تركيا نظام أتاتورك، فسؤالي لحضرة الضيف الكريم: ماذا ترى لكي تتحسن أوضاع المسلمين ويصبحوا أمة ينظر إليها العالم باحترام وبقوة وبإجلال.. ماذا ترى الأمر الذي تراه يوحد المسلمين ويرفع كرامتهم، بعد أن وضعوا في هذا الموضوع المتخلف بين دول العالم، بهذا الموقف الضعيف الذي يعيش فيه العرب؟ ماذا ترى…

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: زهير.. أخ زهير مشكور جداً، معايا الأخ عبد الله الكعبي في مكالمتنا الأخيرة، أخ عبد الله، تفضل.

عبد الله الكعبي: السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

عبد الله الكعبي: أحيي الداعية الكبير المفكر محمد عمارة على هذا البرنامج الطيب، وحييكم على البرنامج، والحقيقة عندي مداخلة بسيطة ونحن في موقف ضعيف جداً، وأصبح الناب والمخلب التبشيري في جسدنا، وللأسف الشديد عندنا في دولة الإمارات في بعض المستشفيات وليس الحكومية يوجد من يوزع كتيبات تبشيرية على المرأة وذويها، عندنا أصبح للأسف نحتاج إلى محمد عمارة ثاني أو ثالث ورابع، لتوجيهنا الحقيقة نحن في موقف ضعيف جداً من ناحية التوجيه وليس من ناحية الجهاد، نحن بحاجة للجهاد أيوه ولكن نحن بحاجة لجهاد فكري وجهاد عقلي وليس جهاد جسدي كما هو الحال. وشكراً.

ماهر عبد الله: طيب مشكور جداً.. مشكور جداً يا أخ عبد الله الجهاد الفكري، سيدي، موضوعة الجهاد الفكري يعني بيرجعنا لسؤال الأخت أمل كان ذكرت البعد عن الروح السجالية، ملاحظتي عن الفضائيات التبشيرية، البعد عن الروح السجالية وذكر الآخر بالحد الأدنى، الآخر حاضر بقوة وبعنف في خطابنا الإسلامي، يعني يكاد يتمحور خطابنا الإسلامي حول نقد الآخر، حول الصراع مع الآخر، هل تعتقد في مدخل هذا ذكر الحد الأدنى للآخر قد يكون مفيداً في تبليغ الإسلام اليوم.

محمد عمارة: يعني الآخر حاضر في خطابنا حضوراً شديدا لأن الآخر يخنقنا، الآخر يقبض على رقابنا، الآخر يعني يسحقنا، يقتلنا، فلابد أن يكون حاضراً، يعني الكلام دا، أنا أقول الكلام فيه واحد بعيش وهو مستريح و.. ومترف يعني المشاكل اللي عنده مش.. مش كبيرة، ممكن يلهو أحياناً، إنما عندما يكون الآخر حاضر بعملائه.. بجواسيسه، بقواعده العسكرية، دا أنا بأقول دا هذا يستنفر فينا طاقات العنف أيضاً، مش طاقات أحياناً تكون سجالية ويكون حاضراً لابد أن يكون حاضر، لأنه إحنا غير موجودين عند الآخر في بلاده حتى يكون وجودنا في خطابه على نحو وجود في خطابنا، الأخت أيضاً أشارت إلى موضوع يعني إحنا مش بحاجة إلى ترجمة كتب، لأن أنا أقول الرجل العادي في الغرب عندما يعرض عليه الإسلام، يدخل في هذا الإسلام أو يتفهم على الأقل قضايانا، لأن إحنا لابد أن نميز بين الإنسان الغربي والعلم الغربي والمشروع الغربي، مشكلتنا مع المشروع الغربي، مع الهيمنة الغربية، ليست مع الإنسان الغربي ولا مع الفكر والعلم الغربي، ولذلك أنا أريد لما اتكلمت عن مشروع ألف كتاب، لإن أنا عايز الألف كتاب تبقى في مراكز الدراسات، تبقى في كراسي الدراسات الإسلامية والعربية في الجامعات، تبقى موجودة في المكتبات، يبقى اللي عايز يعرف الإسلام يعرف الإسلام الحقيقي ما يعرفش الإسلام من فلان الفلاني أو العلاني أو الجهلة الذين يفتون بغير علم، يعني أنا أريد من المؤسسات الإسلامية ذات المصداقية أن تقدم حقيقة الإسلام تبقى موجودة، مو يريد أن يعرف الإسلام، يبقى عارف إنه الأزهر بيقدم له هذا الكلام، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.. مجمع الفقه الإسلامي، هذه المؤسسات ذات المصداقية تقدم صورة الإسلام الحقيقة للآخر، موضوع الفضائيات.. موضوع الفضائيات…

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: كنت بدي بس أذكرك بسؤال الأخ، اسمح لي أخ.. دكتور عمارة، يعني لم يبقى معنا الوقت الكثير، دكتور أو الأخ نبيل عثمان من لبنان كان سال بدل الألف كتاب و الحديث عن الترجمة هو كان يطالب بصفحتين تحدد.. أو مقترح لما هي أولويات الأمة اليوم؟ هو سؤال أعاد طرحه بصيغة أخرى الأخ زهير عناني من فلسطين: باعتقادك كيف يمكن لأحوال الأمة أن تتحسن حتى تعود لها عزتها وكرامتها و يحترمها العالم، إذا.. يعني هل تستطيع أن.. أن ترد لي باختصار على هذين السؤالين؟

محمد عمارة: يعني، دا. دا صحيح أنا معه إن فيه مطولات مفروض إنها تتعمل وفيه مختصرات إنها تتعمل، يعني أنا أنبه لشيء، أنا مثلاً إحدى دور النشر في القاهرة جابت لي كتبت صغير يعني قد نص الكف كده، عامله أستاذ فلسطيني عن القضية الفلسطينية"، "فلسطين بلادنا الحبيبة"، فيه كل المعلومات المطلوبة عن القضية الفلسطينية، وأنا عملت له مقدمة وطبع بالعربي وبالإنجليزي والفرنساوي الآن أنا عامل بحث عن سماحة الإسلام أيضاً يطبع.. بحث صغير، ويترجم إلى الإنجليزي ويترجم إلى بالفرنساوي، أنا معك إن إحنا لابد أن تكون لدينا مستويات من الخطاب فيها المطول وفيها الوسطى وفيه، دا ابن رشد لما شرح أرسطو، شرح.. شرح مطول، وشرح وسطي وشرح ملخصات لأرسطو، أنا أقول كل هذا مطلوب في خطابنا مع.. مع أنفسنا ومع الآخرين لأنه مش كل الناس بتقرأ الكتب الطويلة، لكن فيه ناس عايزة مراجع وناس عايزة مصادر وناس عايزة توثيق، يعني أنا أقول كل هذا مطلوب إحنا نكتب موسوعات وبنكتب مقالات، وبنكتب أعمدة، يعني كل هذا مطلوب، وكل دا بيؤدي وظيفة من الوظائف، فيه أخ سأل…

ماهر عبد الله: طب.. تفضل تفضل.

محمد عمارة: عن موضوع أسلحة الدمار الشامل، أسلحة الدمار، أنا أقول ليس هناك بلد في العالم على مر التاريخ اخترع أسلحة للدمار الشامل وطبق.. ومارس العدوان بأسلحة الدمار الشامل إلا أميركا، هل فيه دمار شامل في الدنيا أكثر من الأسلحة الذرية؟ من الذي استخدم الأسلحة الذرية؟ من الذي استخدم كل ألوان الدمار في فيتنام وغير فيتنام وأفغانستان وغير أفغانستان وفي فلسطين وفي هيروشيما وفي نجازاكي، يعني أنا أقول يعني حكاية أسلحة الدمار الشامل اللي بيعملوها شماعة واتكلموا بالنسبة للعراق، لابد أن نفضح هذا النفاق الذي تتحدث به أميركا، أميركا تعتبر بلد زي العراق بلد مارق، مارق على مَنْ؟ على أميركا، طب أميركا البلد الأول المارق على العالم كله، في البيئة، وفي التسليح، وفي الدرع الصاروخي، وفي المحكمة الجنائية الدولية، دا أميركا عاملة زي إسرائيل بتعتبر نفسها شعب الله المختار، يعني الإسرائيليين عاملين شعب الله المختار والأميركان لا يريدون للقانون الدولي ولا للمؤسسات الدولية أن تطبق على الأميركان.

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب الدكتور.. دكتور محمد عمارة معذرة للمقاطعة، وشكرا لك على هذه المشاركة أدركنا الوقت، كنا نتمنى أن يطول، نعتذر للإخوة الذين لم يتح لنا الوقت لأخذ مشاركاتهم.

إلى أن نلقاكم في الأسبوع القادم، تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.