زيارة خاصة

جون ماري لوبان

رأي لوبان في التدخل الغربي بقضية احتلال العراق للكويت، دواعي تدخل فرنسا في الحرب ضد العراق، لقاء لوبان بصدام حسين وحول حرب الخليج، مدى حقيقة المساعدات المالية العراقية لكثير من الزعماء الفرنسيين والأوربيين بشكل عام.

مقدم الحلقة:

سامي كليب

ضيف الحلقة:

جون ماري لوبان: زعيم الجبهة الوطنية في فرنسا

تاريخ الحلقة:

10/11/1999

– رأي لوبان في التدخل الغربي بقضية احتلال العراق للكويت
– دواعي تدخل فرنسا في الحرب ضد العراق

– لقاء لوبان بصدام حسين حول حرب الخليج

– مدى حقيقة المساعدات المالية العراقية لكثير من الزعماء الفرنسيين والأوروبيين بشكل عام

– رأي لوبان في شجاعة القوات المصرية

– موقف لوبان من فرنسة الجزائر

– موقف لوبان من المهاجرين

– الفرق بين لوبان والأحزاب الأخرى بالنسبة لموضوع المهاجرين في فرنسا

– ذكريات مصورة لجون ماري لوبان

– علاقة لوبان بعاهل المغرب الملك الحسن الثاني

– أسباب معاداة اليهود لجون ماري لوبان

undefined
undefined

سامي كليب: ليس سهلاً أن تكون عربياً وتأتي لزيارة زعيم الجبهة الوطنية ( جون ماري لوبان) في فرنسا، فهو متهم -في بلاده- بأنه زعيم العنصرية وبأنه يقود سياسة جائرة ضد المهاجرين الأجانب، أما هو فيدافع عن نفسه ويبرر ذلك بالدعاية الإعلامية اليهودية، طبعاً قضية الهجرة مهمة جداً، ولكننا سنتفادى الدخول في جدل فرنسي فرنسي في هذه الزيارة الخاصة، ونتوقف عند المحطات العربية في تجربة جون ماري لوبان، فهو قاتل في الجزائر وأتهم بتعذيب الجزائريين، وكذلك قاتل في قناة السويس ضد رجال جمال عبد الناصر قبل أن يعود ويعلن معارضته الشاملة لحرب العراق أو الحرب ضد العراق ويقف إلى جانب الرئيس العراقي صدام حسين، وكذلك التقى عدداً من المسؤولين العرب، خصوصاً منهم الملك الحسن الثاني ورجاله قاتلوا إلى جانب القوات اللبنانية في لبنان خلال الحرب الأهلية. ضيفنا اليوم إذن هو جون ماري لوبان.

تقرير: قبل أن تصل شعبيته إلى أكثر من 15% عرف جون ماري لوبان محطات عسكرية وسياسية هامة، ومنذ شبابه في منطقة (بروتانيا) الفرنسية كان يحلم بالسفر على بواخر البحر المجاور، وجد به ساسة منطقته لطلاقه وسلاطة لسانه أدخلوه السياسة فأخرجهم منها تأثر بأفكار العظمة في أوروبا فاتهم بالإعجاب بالنازية والفاشية، قيل إن الرئيس الاشتراكي ( بروتوني دارون) هو الذي ساهم في انطلاقته عبر قانون النسبية الانتخابي بإحراج اليمين التقليدي.


رأي لوبان في التدخل الغربي في قضية احتلال العراق للكويت

سامي كليب: سوف نبدأ مباشرة بالسؤال عن لقائك بالرئيس العراقي صدام حسين، كيف جرى هذا اللقاء وكيف اتصلت به؟

جون ماري لوبان: خلال أزمة الكويت فإني نشرت مقالاً في صحيفة

(الفيجارو) كان بعنوان : ما لنا ولهذه الورطة، المقال تعبير عن موقف معارض لتدخل القوى الغربية في قضية إقليمية، معارضتي كانت موجهة خصوصاً ضد التدخل الفرنسي.

سامي كليب: لماذا؟

جون ماري لوبان: لأنني أؤمن بضرورة حل كل أزمة في إطارها الإقليمي، وهذه قاعدة تعتمدها الأمم المتحدة، فإذا فشلت هذه الحلول عندها فقط يمكن اللجوء إلى الحل الدولي ويبدو لي أن للعراق أسباباً دفعته إلى احتلال الكويت، وهي أسباب ربما يراها جيرانه غير مبررة، ولكن لا ننسى إن جيران العراق وحلفاءه دفعوه إلى محاربة إيران، وهي حرب كانت غالية الثمن، إنما الذين وعدوه بدعمه لم يحترموا وعودهم.

سامي كليب: تقول أنه كان مدفوعاً، من الذي دفعه برأيك؟

جون ماري لوبان: أعتقد أن الدول العربية المجاورة التي كانت تخاف من انتشار الحركة الأصولية دفعته إلى محاربة إيران، أما بالنسبة إلى الحرب ضد الكويت، فأعتقد أن الأميركيين شجعوه على ذلك، لأنهم جعلوه يعتقد أنهم لن يحركوا ساكناً تجاه أي عمل ضد الكويت، وهذا هو فحوى الرسالة التي أبلغته السفيرة الأميركية في العراق السيدة (جلاسكي) إلى الرئيس صدام حسين، طبعاً صدر تهديدات عن الأميركيين الذين تبرؤوا من أقوال جلاسكي، لكننا نعرف أن أي سفير لا يعبر إلا عن ما تضمره حكومته.

خلال تلك الأزمة وقع ما عُرف بقضية الرهائن، وقد استفدت من موقعي المحايد لكي أطلب من السلطات العراقية الإفراج عن الرهائن الفرنسيين، ولكن الحكومة الفرنسية رتبت الأمور بشكل يخفي دوري في تحرير الرهائن، وعندما ذهبت إلى بغداد اجتمعت بالرئيس صدام حسين الذي طلب مني مرافقة الرهائن المحتجزين على أرض المعركة على متن الطائرة التي أقلتهم إلى أوروبا.

هذه كانت بداية علاقاتي مع النظام العراقي ومن حينها ما فتأت لأُدين الطابع العدائي والطابع غير المتسامح للولايات المتحدة، ولا أقصد فقط العداء العسكري، وإنما أيضاً التصرف المنافق الذي يهدف إلى تجويع شعب كامل بمن فيهم الأطفال، وذلك عبر فرض الحظر الدولي، هذا هو موقفي وموقف عقيلتي أيضاً التي تشغل منصب الرئيسة الفخرية في جمعية نجدة أطفال العراق، والتي تقوم بأعمال خيرية أخرى كإرسال سيارات إسعاف ومواد معيشية ضرورية والتي تعمل أيضاً على إيقاظ الرأي العام في بلادنا، حتى لا ننجر إلى الانخراط في عملية إمبريالية أميركية.


دواعي تدخل فرنسا في الحرب ضد العراق

سامي كليب: برأيك سيد لوبان لماذا فرنسا اختارت أن تدخل في الحرب ضد العراق؟ وهل كان يمكن لها ألا تفعل ذلك؟

جون ماري لوبان: أعتقد أن فرنسا انحازت في عهد (ميتران) وبعده (شيراك) إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، وأن أوروبا أصبحت بمثابة مستعمرة أميركية، فعلى كل المشاكل تتصرف في بعض الأحيان من دون طلب موافقة مجلس الأمن، وفي بعض الحالات ضد رغبته، فقد أصبحت القوة العظمى الوحيدة من دون المنازع مع كل ما تشكله من مخاطر أي قوى عظمى.

سامي كليب: قيل أن الرئيس فرانسو ميتران كان قادراً على عدم الدخول في الحرب وأنه شخصياً أخذ القرار دون استشارة الجميع، لماذا برأيك؟

جون ماري لوبان: أنا لا أعتقد وربما كانت المنافسة بينه وبين أحزاب اليمين وراء هذا القرار، ولست أجزم، أظن أن الدبلوماسية الفرنسية وقعت ضحية مناورات أميركية إسرائيلية.


لقاء لوبان بصدام حسين حول حرب الخليج

سامي كليب: حين التقيت بالرئيس العراقي صدام حسين كيف كان اللقاء، ماذا قال لك تحديداً حول حرب الخليج وحول علاقاته بالمسؤولين الفرنسيين؟

جون ماري لوبان: في الواقع وجدت فيه رجلاً هادئاً متزناً مرحباً وودوداً وأعتقد .. أعتقد أنه تأثر إيجاباً بموقف عدد كبير من الفرنسيين رفضوا أن يكونوا متواطئين في العدوان على العراق، وقد عبرت بمواقفي عن مواقفهم أيضاً.

سامي كليب: هل حدثك عن أصدقائه القدامى الفرنسيين الذين كان على علاقة مباشرة معهم كالرئيس الفرنسي مثلاً جاك شيراك أو غيره؟

جون ماري لوبان: طبعاً حدثني، لقد أشار إلى أن قلة قليلة من الشخصيات الفرنسية بينها( جون براشل داموا) وأنا و(جرهام جالوا) وبعض الرسميين يتذكرون أن العراق صديق لفرنسا، وأنه واحد من البلدان القليلة التي لم تنضم خلال أزمة النفط عام 74 إلى مجموعة الدول المعادية للغرب، كما أن العراق كان أحد المستودرين الرئيسين للمواد الغذائية والزراعية الفرنسية، كنا نبيع العراق ما ينتجه ويبيعوننا مالا ننتجه نحن، إنها القاعدة الصحيحة للعلاقات التجارية، ثم لا ننسِ أن العراق وريث حضارة قديمة جداً.

لقد آمنت دائماً أن لفرنسا إلفة خاصة مع العالم العربي والإسلامي وهذا يعبر أيضاً إلى حد ما عن الموقف الرسمي الفرنسي.

للأسف فأن فرنسا بددت من خلال مواقف شبيهة لتلك التي برزت خلال حرب الخليج.. بددت بعض الفرص التي كانت تحظى بها للعب دور عالمي مهم لصالح السلام والتطور في البلدان التي لا يزال بيننا وبينها ارتباط عاطفي وتاريخي.


مدى حقيقة المساعدات المالية العراقية لكثير من الزعماء الأوروبيين

سامي كليب: سيد لوبان، الكثير من المراقبين كان قال إن الرئيس العراقي صدام حسين ساعد مالياً الكثير من الزعماء والمسؤولين الفرنسيين والأوربيين بشكل عام، هل حدثك عن هذا الجانب، وهل أنت شخصياً تعتقد فعلاً أنه ساعد مادياً؟

جون ماري لوبان: بكل تأكيد وفي مرحلة ما ارتبط إسم شيراك بالعراق لمدة طويلة والسياسيون الفرنسيون كانوا يزورون السفارة العراقية بشكل مختلف، أنا شخصياً لم أزر السفارة العراقية أبداً، كما أنني لم أكن أعرف أي شخص عراقي قبل أزمة الخليج وإن أول معارفي بين الرعايا العراقيين كانوا إما زملاء لصديقي البروفسيور ( مارتنيز) أو من بين طلابه في جامعة ( مونبيليية) حيث يُدرس مادة الحقوق .

سامي كليب: هل تعتقد أنه يشاركك بعض سياستك الفرنسية، أم أنه لأنه افتقر للرؤساء الآخرين والمسؤولين الفرنسيين الآخرين استقبلك؟

جون ماري لوبان: أعتقد أن لدى كل رئيس دولة دوافع دبلوماسية وراء كل عمل يقوم به، ولكنني أعتقد أيضاً أننا أقمنا نوعاً من العلاقة التي ترتكز إلى مزايا النبل والنزاهة التي يتحلى بها العراقيين الذين تأثروا إيجاباً بمبادراتنا التي لا تخفي أي مصالح شخصية، وقدمنا لهم متنفساً في فرنساً وفي الغرب.

سامي كليب: هل تعتقد أن لفرنسا لغتين مع العراق، خصوصاً أن وزير الخارجية كان -حديثاً- في الكويت، وألا تعتقد أن العراق كان مخطئاً باجتياح الكويت؟

جون ماري لوبان: أعتقد أن المطالب المالية السعودية والكويتية المتطلبة دفعت العراق إلى ارتكاب الخطأ، ومن جهة أخرى يجب ألا ننسى أن العراق لن يتقبل أبداً لا دبلوماسياً أو تاريخياً انفصال أراضي عنه أنشئت عليها دولة الكويت وبقي العراق يطالب باستمرار باستعادتها، وقد شجعته على ذلك- حسب اعتقادي- الولايات المتحدة الأميركية ودفعته في الخفاء، لا بل حرضته على القيام بعملية ضد الكويت، هذه العملية شكلت ذريعه للأميركيين لإرسال قوات كبيرة وأساطيل إلى منطقة الخليج، حيث لا تزال حتى الآن .

سامي كليب: هل تعتقد أن النظام العراقي في محيطه العربي هو النظام المثالي لك كمسؤول غربي، أم أنه يطبق ديمقراطية (تشرشل) كما تقول؟

جون ماري لوبان: إنه نظام الحزب الواحد، ولكنه ليس نظاماً فريداً في تلك المنطقة أو في مناطق أخرى من العالم، ولكنني لاحظت وجود تسامح ديني على الأقل، ففي بغداد وفي باقي المدن العراقية توجد كنائس ومعابد لديانات أخرى، رئيس الوزراء مسيحي والنساء يلعبن دوراً في الحياة العامة، وقد التقيت بنساء يرأسن جمعيات نسائية، إنه بلد مختلف، في الوقت نفسه عصري جداً ويريد أن يكون قومياً وعربياً ومسلماً ولكن صمن آفاق التطور والتقدم التقني، كما أن لدى المسؤولين فيه الطموح بعدم الاكتفاء بالاعتماد على الثروة النفطية، بل يريدون أن يشكلوا أمة ذات وجود.

سامي كليب: سؤالي الأخير عن العراق، ما هي الذكرى التي لا تزال تحتفظ بها من خلال زيارتك؟

جون ماري لوبان: أحتفظ بذكريات حزينة عن بلد عمل بجهد لإعادة البناء، ولكنه مثقل بالديون وغير قادر على تصدير نفطه ومنتوجاته بحرية، بلد يشهد تراجعاً في أوضاع الصحة العامة وفي المجال الطبي والتربوي، لقد التقيت بأساتذة طب وحقوق وغير ذلك، وهم يشتكون جميعاً من انقطاع التواصل مع العالم الخارجي ويقولون بإنه فقدوا المستوى العلمي المتقدم الذي وصلوا إليه سابقاً، وينتابهم شعور بالحزن وبالغبن، إن رؤية أكبر البلدان في العالم وأغناها يتحامل على هذا البلد الصغير المسحوق عسكرياً والذي يرفض الرضوخ، ويرفع رأسه يثير شعوراً بالحزن والإعجاب في الوقت نفسه، إن العراقيين شعب فخور بنفسه وأعتقد أن صدام حسين يجسد إرادة هذا الشعب.

سامي كليب: هل صحيح أن رجال من الجبهة الوطنية –حزبك- قد ذهبوا إلى العراق وساعدوا الرئيس العراقي والقوات العراقية؟

جون ماري لوبان: كلا، هذا غير صحيح.. غير صحيح، إنها نميمة يروج لها أعداؤنا، كلا.

سامي كليب: سيد لوبان، طبعاً أنت عارضت الحرب ضد العراق وحتى ذهبت من أجل إعلان دعمك للرئيس العراقي والوقوف إلى جانبه ولكنك في السابق شاركت في الحرب ضد مصر بالنسبة لقناة السويس، ما الفارق بين الاثنين؟

جون ماري لوبان: نعم، ولكن كان الوضع –حقيقة- مختلفاً كثيراً، شاركت في حرب السويس كضابط في الوحدة التي كنت أنتمي إليها والتي أُرسلت من الجزائر إلى مصر، مصر كانت تلعب دوراً مهماً في تقديم الدعم اللوجستي للثورة الجزائرية، إذن لم يكن من الصواب الربط بين المشكلتين، إضافة إلى ذلك فإن ما حصل في مصر كان عملاً عسكرياً دولياً يتعلق بطريق مواصلات مائية مهمة جداً،كانت هناك أسباب وراء الحرب في مصر التي دامت بضعة أيام ولم يرافقها أي تشويش إعلامي أو أي اضطهاد شعبي كما يحصل في العراق منذ سنوات طويلة الآن.

سامي كليب: كل ما قرأت حول مذكراتك يقول أنك ذهبت إلى مصر بملء إرادتك وكنت متحمساً للحرب ضد عبد الناصر، هل اليوم أنت نادم على ذلك؟

جون ماري لوبان: في حياتي لم أندم على أشياء كثيرة، لست من النوع الذي يطلب الصفح خصوصاً من وسائل الإعلام، لقد شاركت في الحرب بشراسة وبنوع من الإنسانية، إنني لا أخجل مما قمت به، فتورط الدول في نزاعات دامية هو بحد ذاته مجازفة.

سامي كليب: هناك الكثير من الذكريات رغم الفترة القصيرة التي أمضيتها بالقرب من قناة السويس ومنها أنك كنت تدفن الموتى بطريقة إسلامية، هل ذلك صحيح؟

جون ماري لوبان: صحيح أن عدداً كبيراً من القتلى العسكريين والمدنيين سقط في المنطقة التي كنا متواجدين فيها، وقد قُتل هؤلاء في الغارات الجوية التي رافقت اليوم الأول من الهجوم البري، وعندما تلقينا الأوامر بدفنهم كان من البديهي بالنسبة إليَّ أن أدفنهم حسب الطريقة الإسلامية لأنهم مسلمون، أي أن أدفنهم باتجاه مكة، إن احترام الموتى أمر طبيعي جداً عندي.


رأي لوبان في شجاعة القوات المصرية

سامي كليب: سوف أسألك عن مصر مرة جديدة، حين كنت تقاتل المصريين هل شعرت أنهم مقاتلون أشداء في الواقع؟ هل التقيت ببعضهم خلال المعارك؟

جون ماري لوبان: إن مفهوم الشجاعة يزول عندما تكون المعركة غير متكافئة القوى، كما كان الحال بالنسبة إلى المصريين الذين تعرضوا لهجوم من قبل قوات تتفوق عليهم بالقوة العسكرية البحرية والجوية، من الطبيعي أن ينجو الجنود بأنفسهم في هذه الحالة، أن عدم تكافؤ القوى جردهم من كل وسائل الصمود وهذا أمر طبيعي.

سامي كليب: وهل سياسياً -سيد لوبان- ذهبت لتقاتل زعيماً عربياً يقاتل الغرب أم..أم أنك ذهبت للثأر من رئيس يساعد جبهة التحرير الجزائرية؟

جون ماري لوبان: كلا ليس بهدف الثأر، إن المساعدة العسكرية والسياسية المصرية للجزائر كانت إحدى عناصر الحرب الجزائرية وكانت واحدة من عناصر حرب الجزائر.

وكان طبيعياً بالنسبة إلينا أن (…) فرنسا وبريطانيا قضية السويس فرصة للتدخل، وأن تتخذها أيضاً فرنسا ذريعة لتوجيه ضربة إلى الحكومة المصرية التي كانت تساند الثورة الجزائرية .

سامي كليب: إذن بدأت حياتك السياسية -إذا صح التعبير- عدواً للعرب ومقرباً لإسرائيل خصوصاً أنك أعربت عن إعجابك –آنذاك- بالدولة العبرية؟

جون ماري لوبان: إسرائيل كانت في ذلك الوقت حليفاً منطقياً لتنفيذ عملية السويس، الإسرائيليون قاموا بالهجوم على الجيش المصري من الناحية الجنوبية، بينما تولينا نحن الهجوم من الشمال.

سامي كليب: عسكرياً فقط؟

جون ماري لوبان: كلا..كلا، لقد قلت دائماً أنه ما دمنا سمحنا أو بالأحرى ما دامت الأمم المتحدة أنشأت دولة إسرائيل، فإنني أرى أن من حق الفلسطينيين إقامة دولة لهم، كما هو الحال بالنسبة للإسرائيليين، لا يمكن أن يكون هذا الأمر حقاً على طرف واحد، هذا هو موقفي وموقف حزبي.

سامي كليب: هل كنتم..هل كانت لديكم تعليمات معينة من قبل السلطات الفرنسية حول العلاقة مع الجنود الإسرائيليين وهل أقمتم علاقات فعلاً قوية آنذاك خلال المعركة مع الجنود الإسرائيليين؟

جون ماري لوبان: لقد حصل لقاء، ولكن خارج كل إطار رسمي، لقاء مع وحدات أو عناصر من وحدات الجيش الإسرائيلي قادمة من صحراء سيناء ولكنها لقاءات بقيت عند هذا الحد، إنها واحدة من اللقاءات العابرة التي تحصل خلال الحروب.

سامي كليب: هل عدت التقيت بالمصريين فيما بعد، وخصوصاً في الآونة الأخيرة؟

جون ماري لوبان: كلا،لم تحصل أي مناسبة للالتقاء بهم ولكنني مستعد للقائهم من دون عُقد، بين المتقاتلين لا توجد مشاكل أبداً، المشاكل يخلقها الذين يتحدثون باسم المتقاتلين، المقاتلون قادرون على التفاهم بسهولة لأنهم يتقاسمون القيم نفسها.

سامي كليب: لأن ذهابك إلى مصر انطلق من الجزائر،سنعود قليلاً إلى هذا البلد الذي كان لك فيه صولات وجولات إذا صح التعبير.

جون ماري لوبان: قررت الذهاب إلى الجزائر مع زميلي( دماركية) الذي كان ضابطاً نضالياً مثلي، ذهبنا لأن البرلمان الفرنسي قرر إرسال فرقة عسكرية إلى هناك، وبما أننا كنا في ضمن حمل السلاح رأينا من الطبيعي أن نكون في عداد هذه الفرق وكنا أربعة، (دماركية) وأنا والسيد ( كلوستر مان) أحد الطيارين الأبطال خلال الحرب العالمية الثانية والشخص الرابع لا أذكر اسمه، كان نائباً عن منطقة nornon)) إذن إن رغبتنا بالانضمام إلى الباقين كانت الدافع الأساسي لذهابنا إلى الجزائر، كنا نرى أنه من غير اللائق ألا نفعل – نظراً لعمرنا ولخبرتنا في حمل السلاح وكان من الطبيعي أن يلتحق كل واحد منا في الفرقة العسكرية التي ينتمي إليها وكذلك التي خدم فيها سابقاً، أنا بقيت في الفرقة نفسها التي خدمت فيها في فيتنام، والتي تلقت أيضاً الأوامر بالانتقال لاحقاً من الجزائر إلى مصر، و هكذا ذهبت إلى مصر خلال أزمة السويس، إذن أنا شخصياً لم أطلب فصلي لأبقى في الجزائر لأن مسرح العمليات كان متشابهاً في رأيي على رغم بعده.


موقف لوبان من فرنسة الجزائر

سامي كليب: على كل حال الروايات تتعدد حول موقفك من الجزائر فلا شك أنك كنت تريد بقاء الجزائر فرنسية وقاتلت من أجل ذلك، ولكن هناك من يقول أنك عذبت الكثير من الجزائريين أثناء ذلك، ما هي صحة ذلك؟ وهل فعلاً أنك قمت بالحرب دون تعذيب؟

جون ماري لوبان: إن وحداتنا أُرسلت إلى الجزائر لأن الشرطة كانت عاجزة عن كسب معركة الإرهاب، هذه المعركة أطلقتها جبهة التحرير الوطني ضد فرنسا، وفي كل يوم كان يقع انفجار أو هجوم مسلح على صالات السينما أو المقاهي أو حتى على الملاعب الرياضية، وقد تلقت فرقة النضاليين -التي كنت أنتمي إليها- الأوامر بالقضاء على المنظمة الإرهابية، وقد نفذت المهمة تحت إمرة قادتها، وإذا كان البعض يطالب بمحاسبتي أنا الضابط الصغير فلأنني رجل سياسي الآن، لقد اعترفت بالتهم الموجهة إليَّ، ولكنني قلت بالمقابل إن الطرف الآخر إرهابي ولا يحاربنا بلطف ولا بإنسانية.

سامي كليب: ولكن سيد لوبان هناك بعض الأسماء حول ممارستك التعذيب في الجزائر، فهناك مثلاً رمضان قريش وخليفة الأخضري، هل هذه كلها روايات مختلقة فعلاً؟

جون ماري لوبان: أعتقد أنها كانت عملية فرنسية داخلية قام بها اليسار واليسار المتطرف، وعند ما مَثُل شهود الاتهام أمام القضاء الفرنسي تبين من التناقض الكبير في الشهادات أن الوقائع لم تكن تدينني على الرغم من تلك الخلفية الجغرافية الصحيحة.

سامي كليب: رأينا في أحد الأفلام السيد السينمائي، الفرنسي الشهير (رونيه بوتيه) الذي عمل في الجزائر- بعض صور الذين قالوا أنك عذبتهم، هل تعتقد أيضاً أنها مُختلقة؟

جون ماري لوبان: السيد ميشيل واحد من مناضلي اليسار المتطرف، هو ليس مخرجاً سينمائياً موضوعياً، إن أفلامه هي أفلام تدخل في إطار نضاله كالأفلام التي تفرضها المنظمات اليهودية، لكي تقول إنني عنصري ضد السامية، إنها أفلام سياسية كاذبة، إنها حكومة (جي موليه) التي أرسلت فرقتي إلى الجزائر.

سامي كليب [مقاطعاً]: الوثائق..

جون ماري لوبان [مستأنفاً]: إنها حكومات اليسار التي أرسلت الجنود الفرنسيين للقيام بحرب الاستعمار في الهند الصينية وليست حكومات اليمين التي فعلت ذلك.

سامي كليب: لماذا كنت تريد أن تبقى الجزائر فرنسية؟ ألم تكن مؤمناً بحق الشعوب بتقرير مصيرها؟

جون ماري لوبان: مرة جديدة أكرر أنني لست من قال رسمياً أن الجزائر هي فرنسا، بل فرانسو ميتران قال ذلك عندما كان وزيراً للداخلية، الجزائر الفرنسية هي فكرة (جي موليه) و(شارل ديجول) ولكن القول بأنني كنت من أنصار فكرة الجزائر الفرنسية صحيح من منظور استعماري وإمبريالي، أي أن تكون فرنسا صاحبة موطيء قدم سياسي وإقليمي في أفريقيا و أفريقيا الشمالية، وأن يسهم المواطنون الفرنسيون، كما أتمنى بحماس في نشر القوة والسيادة الفرنسية في أفريقيا وفي العالم العربي والإسلامي، كانت هذه نظريتي ومفهومي، ولكن التاريخ أظهر أنني على خطأ، علماً أنني وضعت كل عزيمتي وكل ولائي في معركتي للدفاع عن هذه الفكرة، أذكر أنه كان يوجد أناس يؤيدون الجزائر الفرنسية، ولكنهم لم يكونوا مع إعطاء الجزائريين حق المواطنية الفرنسية، أنا كنت مؤمناً بذلك وقد برهنت عنه من خلال ترشيحي عربياً على لائحتي للمقعد النيابي في باريس، إنه عمل رمزي، لكنه معبر جداً.

سامي كليب: كما نعلم اليوم سيد جون ماري لوبان، في فرنسا عدد كبير من الجزائريين، إذن كنت تقاتل من أجل أن يصبحوا فرنسيين، اليوم تقاتل من أجل ألا يصبحوا فرنسيين، ما الذي دفعك إلى هذا النوع من التناقض السياسي حيال هذا البلد؟

جون ماري لوبان: الأمر مختلفاً كلياً.

سامي كليب: لماذا؟

جون ماري لوبان: مختلف لأن الجزائر كانت مجالاً جيوبوليتيكي وأرضاً وشعباً وثروات ونفوذ، وعنصر سيادة وعظمة، الجزائر ناضلت من أجل الحصول على استقلالها، هذا ما قلته في خطاب أمام شبان جزائريين قلت لهم: إن أباءكم حاربوا وماتوا ليتركوا لكم بلداً لم يكن موجوداً سابقاً، ففي هذا البلد هو مستقبلكم وليس هنا، عليكم أن تبنوا الجزائر وبما أنكم اخترتم الاستقلال فعليكم تحمل عبء الاستقلال ومسؤولياته، عليكم أن تبنوا بلدكم عوض أن تعيشوا هنا على المساعدات أو كعاطلين عن العمل أو كمجرمين، إن موقفي واضح .

سامي كليب: هل فعلاً تقوم.. هل فعلاً تقوم بسياستك لأجلهم أم لأجل سمعتك السياسية في فرنسا، خصوصاً أن برنامجك الانتخابي مبني على محاربة الإجرام؟

جون ماري لوبان: طبعاً لاشك أنه الخطر الأول الذي يهدد بإغراق بلدنا بموجه كبيرة من المهاجرين ويهدده بالزوال بسبب الفارق الكبير في نسبة الولادات التي هي متدنية في أوروبا، بينما تشهد دول العالم الثالث انفجاراً ديمغرافياً كبيراً، ولكن الهجرة إلى فرنسا ليست مغربياً فقط إنها أيضاً آسيوية، أنها إفريقية وجنوب أميركية، إنها عالمية.

ومنذ أربعين عاماً أكرر القول بأنها المشكلة الأولى لبقائنا ولبقاء أوروبا، أنا ضد الهجرة.. ضد الهجرة وأعتقد أن السماح للمهاجرين بدخول أراضينا بعد السعبينات كان أمراً إجرامياً، لأن عدد العاطلين عن العمل كان يصل إلى مليون شخص لأن مفهومي للوطنية في الممارسة السياسية يقتضي أفضلية وطنية للفرنسيين في وطنهم، تماماً كما أتفهم أن يكون هناك أفضلية للجزائريين في الجزائر وللعراقيين في العراق وللنيجيريين في نيجيريا، وهو ما تمارسه جميع دول العالم بمن فيها الولايات المتحدة الأميركية، ليجرب أحد أن يهاجر إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية، فتكون النتيجة إبعاده فوراً على متن أول طائرة وأضيف..

سامي كليب[مقاطعاً]: طيب سيد لوبان..

جون ماري لوبان[مستأنفاً]: وأضيف أن انتقاداتي التي أوجهها إلى السياسيين الفرنسيين لأنني غير عاتب على المهاجرين أو على المشاغبين، عاتب على السياسيين الذين أوصلونا إلى ما نحن عليه بسبب عجزهم.


موقف لوبان من المهاجرين

سامي كليب: حول هذه المسألة بالضبط سيد جون ماري لوبان أنت الوحيد الذي تُقدم في وسائل الإعلام أنك عدو المهاجرين هل أنت عدو المهاجرين كمهاجرين أم عدو الإقامة الدائمة في فرنسا؟

جون ماري لوبان: أقول لك أولاً القوى التي تهاجمني بسبب موقفي ليس قوى عربي مسلمة.

سامي كليب: هل هي يهودية؟

جون ماري لوبان: بالطبع هذا واضح إنه ليس..

سامي كليب [مقاطعاً]: ما هي.. ما هي الدلائل.. ؟

جون ماري لوبان [مستأنفاً]: العربي الذي ليس موجوداً لكي ينتقد مواقفي من الهجرة.

سامي كليب: ما هي دلائلك على ذلك؟

جون ماري لوبان: لا أريد أن أطرح موضوعاً من هذا النوع، تعرف جيداً أن القوانيين تمنع طرح مواضيع من هذا النوع، هناك عدد من المواضيع..

سامي كليب [مقاطعاً]: عليك.. عليك أن..

جون ماري لوبان [مستأنفاً]: يستحيل التحدث عنها دون الوقوع تحت طائلة القانون، أنا لا أريد أن أجازف في هذا المجال حتى لا أعاقب، ولكنني أترك الأمر لفطنة كل شخص.

سامي كليب: هذه المرة الأولى التي أراها.. أراك فيها خائفاً من التعبير عن أرائك.

جون ماري لوبان: كلا، لقد تعرضت للملاحقة القضائية وكلفني التعبير عن بعض أفكاري أموالاً طائلة، وبالواقع فإن الديمقراطية الفرنسية لا تمارس إلا في الظاهر، وأنه قناع لحكم أقلية تفرض ديكتاتورية امتلاك الحقيقة المطلقة، وتفرض الفكر الواحد، والقانون يحمي الدفاع عن الفكر الواحد وينص على ملاحقات قضائية بحق من يخالف هذا الفكرة.

بالعودة إلى ظاهرة الهجرة فأنا ضد هذه الظاهرة وأعتقد أن على الأمم التي تريد أن تحافظ على حريتها، وعلى أمنها، وعلى هويتها، وعلى استقلالها، عليها أن تضع سياسة ديموجرافية وعائلية وسياسة فاعلة، وأن تعمل على تشجيع دول العالم الثالث التي لها معها علاقات وثيقة على تنفيذ مشاريع اقتصادية وعلى تحسين الأوضاع المعيشية لشعبها لكي يبقى في بلاده، إن ذلك يتطلب سياسات بعيدة المدى لم يتم اعتمادها سابقاً، ونجد أنفسنا اليوم أمام مشاكل سيكون حلها أصعب إذا بقي المسؤولون الذين عجزوا عن حل هذه المشاكل في مراكزهم لقد تبين أنهم غير قادرين على إيجاد الحلول.


الفرق بين لوبان والأحزاب الأخرى بالنسبة لموضوع المهاجرين في فرنسا

سامي كليب: على كل حال سيد لوبان لك القدرة على الدفاع عن هذا الموضوع طويلاً وخبرة طويلة، لن نتوقف كثيراً عند الموضوع، ولكن أود أن أفسح لك المجال، أنت اليوم تتحدث أمام ملايين المشاهدين، ما هو الفرق بينك وبين الأحزاب الأخرى- إذا صح التعبير- بالنسبة للهجرة هل تعتقد أنهم عنصريون كما أنت عنصري ضد الهجرة؟

جون ماري لوبان: أعتقد أنهم جبناء، وأعتقد أن سياستهم غير مستمدة من حبهم للشعوب الأخرى، وإنما فقط من خوفهم من اتباع سياسة مغايرة لما تفرضه نظرية محاربة العنصرية التي تلقي بثقلها على الطبقة السياسية وتُستخدم كغطاء لعمليات توجيهية تستخدم الفرنسيين والمهاجرين كأداة لأهداف لا تخدم المصلحة المشتركة لأي منهما..

سامي كليب: هذا تحليل سيد لوبان ولكن بالواقع؟

جون ماري لوبان: أنا لست عنصرياً وبرهنت عن ذلك من خلال لوائحي الانتخابية التي فاز فيها مرشحون من الماركسينيك والتي حملت أسماء مرشحين من أعراق وأديان متعددة، إن مفهومنا للأمة هو مفهوم الإرث الدموي ولكنه أيضاً مفهوم متكامل، مفهوم يضم إليه كل من يريد أن يصبح فرنسياً بدافع الحب لفرنسا، وليس فقط بدافع حب المصالح الخاصة وكل الذين هم على استعداد للاختيار بين جنسية واحدة القديمة أو الجديدة، والذين هم على استعداد لخدمة وطنهم الجديد بكل وفاء، هذه المبادئ الرئيسية لحزب الجبهة الوطنية.

سامي كليب: سؤالي الأخير حول هذه المسألة هل تعتقد بتفوق بعض الأعراق على غيرها وبعض الديانات على غيرها؟

جون ماري لوبان: حسب الأزمنة والظروف، لا أريد أن أُعيد فتح النقاش الذي يدخل في إطار النقاش الرائج، لا يمكن أن أقيم مقارنة، كل شعب متفوق في محيطه وفي مجالات محددة، فالإسكيمو مثلاً يتفوقون على أي شعب آخر في قصة بناء منازلهم في الثلج، بينما لا يعرفون استخدام أي آلة إلكترونية، لا أرى في هذا القول أي تهجم أو اعتداء أخلاقي على أي شعب كان، أنا مسيحي وأؤمن أن لكل فرد روح وأن الله جعل الناس متساويين في الفرص من ناحية المبدأ.

سامي كليب[مقاطعاً]: طب هل تعتقد..

جون ماري لوبان: ولكنهم ليسوا كذلك عملياً، إن القول أن عرقاً ما لديه إمكانات أكثر من غيره ولديه كفاءات عالية في مجال ما ليس احتكاراً أو عداء أو تهجماً.

هذا هو الواقع ولا أرى فيه أي تهجم على أي شخص أو أي عداء، على كل لو كنت عنصرياً لما قمت بزيارات إلى بلدان كثيرة ولما استقبلت بالترحاب كما استقبلت في كل مكان دائماً .

سامي كليب: أنت سيد لوبان لست قديساً بالمضمون، ربما قديساً بالكلام الدبلوماسي، ولكن اليوم هل تعتقد أن العرق الأبيض هو أرفع من العرق الأسود مثلاً والديانة المسيحية أفضل من الديانة الإسلامية؟

جون ماري لوبان: كأنك تسألني عما إذا كانت والدتي أجمل من والدتك أقول نعم، أكرر القول إنني مؤمن بتفوق ديانتي وإلا لاعتنقت ديانة أخرى، أؤمن بمزايا بلدي لأنني فرنسي ولأنني أحترم بلدي ولكن هذا لا يمنعني من احترام الآخرين وهنا أود أن أقول أن العرب هم من العرق الأبيض، إذا كنت تجهل ذلك.

سامي كليب: أنا لست أبيض.

جون ماري لوبان: أنت لست ناصع البياض، لأنك من مواليد بلد مشمس، هذا هو السبب.

سامي كليب: سيد لوبان، لو سمحت.

جون ماري لوبان: لست أنا من أوجد هذا التمييز، لقد تعرفت على وجود الأعراق في المدرسة، هناك العرق الأسود والعرق الأبيض والعرق الأصفر، لكن بذلك الوقت حصلت تغييرات و قد قربت المسافات وأصبح كل شيء نسبياً، لكننا نلاحظ بوضوح أن الناس لا تتشابه وأن ليس لديها نفس الإمكانات، هذا لا يعني أنهم غير جديرين بنفس الاحترام.


ذكريات مصورة لجون ماري لوبان

سامي كليب: لو سمحت.. لو سمحت سنمر قليلاً إلى مكتبك لنرى صور قليلاً نتحدث عن العلاقة مع الملك الحسن الثاني ومع لبنان تحديداً.

جون ماري لوبان: أُخذت هذه الصورة لي عندما أصبت في عيني خلال الحملة الانتخابية في الجنوب، لقد تألمت وعانيت طويلاً من هذه الأصابة ولم أعد أرى في عيني وكان الضوء يؤلمني وهذا ما دفعني إلى وضع غطاء عليها خصوصاً أمام التليفزيون.

هذه صورة لي مع سجنائي.

سامي كليب: هذا كان في الجزائر أم في مصر؟

جون ماري لوبان: في الجزائر، في فرقتي كنا نتولى مراقبة السجناء.

سامي كليب: يبدو أنك احتفظت فقط بالصور التي نرى فيها السجناء يضحكون إذا كانوا سجناء.

جون ماري لوبان: طبعاً تريد أن أريك صور السجناء يبكون، هذه هي الصورة التي استطعت الاحتفاظ بها وفيها يظهر السجناء وهم يضحكون، على كل لست أنا من اختارها، هذه صورة تعود لـ13 من آيار /مايو عام 58، عندها كنت على رأس تظاهرة في الشانزلنزية، هذه التظاهرة كانت متجهة نحو مجلس النواب، لأن ذلك التاريخ هو ذكرى مقتل أربعة أسرى فرنسيين في تونس.

سامي كليب: هذه في سيناء.

جون ماري لوبان: هذه الصورة عند قناة السويس عندما عبرنا القناة هذا هو الكولونيل (جون بيير).

سامي كليب: في الحديث عن العمل العسكري سيد لوبان هل فعلاً أرسلت رجالك إلى لبنان للقتال إلى جانب القوات اللبنانية والكتائب؟

جون ماري لوبان: كلا، هناك أعضاء من الجبهة الوطنية ذهبوا للقتال في لبنان، ولكن اختاروا الذهاب بملء إرادتهم.

سامي كليب: طلبوا موافقتك؟

جون ماري لوبان: كلا.

سامي كليب: هل التقيت بمسؤولي القوات اللبنانية أو الكتائب؟

جون ماري لوبان: أعرف لبنانيين كُثر في فرنسا، ولكنني لم أُقم معهم علاقات سياسية زرت الجنرال ميشيل عون، عندما كان في مارسيليا وربما قد التقى بجنرال إميل لحود.

سامي كليب: هل تلقيت دعوة؟

جون ماري لوبان: كلا، كلا، ولكني أرسلت إشارات إليه وتحمل رسالة ود وتعاطف وذلك عندما اُنتخب رئيساً للجمهورية.

سامي كليب: إذن أرسلت رسالة إلى الجنرال إميل لحود، هل..هل جاوبك؟

جون ماري لوبان: ليس بعد ولكنني أعتقد أنه مشغول جداً.

سامي كليب: سيد لوبان، هل تعتبر أن لبنان أفضل من غيره في دول عربية أن فيه مسحيين، هل حبَّك.. حبُّك له نابع من ذلك أم لأسباب أخرى؟

جون ماري لوبان: تربط لبنان بفرنسا تقاليد صداقة قديمة، ربما أكون مهتماً بشكل خاص بمصير المسحيين فيها، ولكنني مهتم أيضاً بمصير جميع اللبنانيين أكانوا من المسحيين أو غير ذلك، وإنني أتمنى أن يستعيد هذا البلد المليء بالرموز حريته وأن يستعيد استقلاله لأنه كان تجربة فريدة وإيجابية في دور الوسيط بين أوروبا والشرق.

سامي كليب: لا شك أنك أعربت عن معارضتك لإسرائيل في مناسبات عديدة، ولكنك حاولت في البداية الاتصال باليهود وبإسرائيل، هل هم الذين رفضوا الإبقاء على الاتصال معك، على متابعة المواصلات والاتصالات إذا صح التعبير؟

جون ماري لوبان: لم أغير موقفي، قلت فقط إنني أؤيد تعايش الدولتين بسلام وأن تقوم دولة فلسطينية، وأنه يحق للفلسطينيين الذين يعيشون على هذه الأرض منذ زمن طويل، يحق لهم أن ينشئوا دولة على غرار ما اعترفت به المجموعة الدولية لصالح إسرائيل، ولكنني لم يكن لدي أي أفضلية وبما أنني كنت أتحدث إلى مجموعة من اليهود الأميركيين فإنني لم أكن في واردي أن استفزهم أو أن أعلن الحرب عليهم، قلت لهم الأفضل أن نختلف على أسباب نعلمها، بدلاً من أن نختلف على أسباب مغلوطة.


علاقة لوبان بعاهل المغرب الملك الحسن الثاني

سامي كليب: في الصور لم أجد ولا أي صورة للملك الحسن الثاني بالرغم من أنك زرته وقابلته، هل يشاركك الملك الحسن الثاني سياستك بالنسبة للهجرة والمهاجرين وبشكل عام السياسة العامة للجبهة الوطنية؟

جون ماري لوبان: لقد دُعيت إلى المغرب عندما كنت مع الكتلة البرلمانية لليمين الأوروبي في زيارة لإسبانيا، وكانت لدينا علاقة طيبة مع وزير الداخلية في ذاك الوقت، وعندما علم الملك بوجودنا في جزر الكناري أرسل طائرة أقلتنا إلى المملكة المغربية حيث استقبلني العاهل المغربي بكل حفاوة ، بالفعل إن الملك المغربي خلال مداخلته المتلفزة عن الهجرة وعن الشعوب يعبر تقريباً عن الأفكار نفسها التي أدافع عنها، وقد زاد من حرارة اللقاءات وجود زميلنا (مارتنيز) الذي كان مدير المدرسة الوطنية للإدارة في المغرب في عداد الوفد البرلماني، أذكر أن العاهل الأردني الراحل الملك حسين خلال إحدى زياراته للبرلمان الأوروبي توجه إلى مقعدي ليقدم لي التحية.

سامي كليب: ماذا قال لك؟

جون ماري لوبان: قال إنه سعيد برؤيتي وكان رؤساء الكتل البرلمانية الأخرى يراقبون ما يحصل بتعجب، الخلاصة أنني على الساحة الدولية لا أواجه العداء الذي تكنه لي وسائل الإعلام الفرنسية، إذن على الذين يريدون معرفة جون ماري لوبان أن يحذروا من الكتب المنشورة حتى لو كانت متعددة وألا يثقوا بما يقال في وسائل الإعلام التي تكن لي العداء المزمن.


أسباب معاداة اليهود لجون ماري لوبان

سامي كليب: لماذا يعاديك اليهود؟ هل بسبب سياسة الهجرة أم بسبب سياستك حيال الدولة العبرية؟

جون ماري لوبان: ربما بسبب هذا.. لا أعرف، بما أنني قومي وطني، أعطي الأفضلية للمواطن الفرنسي، حتى لو كان من أصل يهودي أو عربي، هذا ما يشكل صدمة لبعض الذين يدافعون عبر منظمات سياسية عن العولمة، أي عن خيار يختلف كلياً عن خياري وربما يتضارب معه.

سامي كليب: هل التقيت بمسؤولين عرب آخرين؟ وهل لديك مشاريع للقاء بأحدهم؟

جون ماري لوبان: ذهبت إلى العراق كما التقيت بعدد من اللبنانيين ولدي معارف في تونس بينها رئيس سابق للوزراء، وإنما وقتي ضيق للأسف ولا يسعني أن أقيم علاقات دولية واسعة نظراً لكثرة مشاغلي هنا.

سامي كليب: سؤالي الأخير: هل تعتقد أن فرنسا فعلاً مقبلة على حرب أهلية كما تقول دائماً في خطاباتك- هل تخشى ذلك بسبب الهجرة؟

جون ماري لوبان: آه خائف، خائف من موجات هجرة تزداد حجماً وعدداً وتضم أناساً يأتون إلى بلدنا من بلدان العالم الثالث، سكان هذه الدول سيزدادون مليار نسمة في السنوات العشرين المقبلة، وفي مثلاً عن أربع دول هي تركيا، وإيران، ومصر، والمغرب العربي سيزداد عدد سكانها بمائة مليون نسمة خلال عقدين، وهنا أتساءل عما إذا كانت هذه الدول قادرة على تأمين الرفاهية وعلى تأمين السعادة لشعبها لمنعه من الهجرة بينما تغريه وسائل الإعلام الغربية بما تبثه من صور الرفاهية، كما السياسيين الفرنسيين والأوروبيين مسؤولون عن هذه السياسة أنا أعارضها وأعتقد أنها لم تسعد دول الهجرة كما أنها لن تسعد المهاجرين.

سامي كليب:شكراً جزيلاً.

جون ماري لوبان: شكراً، شكراً لك وإلى اللقاء.

سامي كليب: لا شك أن التاريخ سيحكم يوماً على أفكار جون ماري لوبان، لكن بانتظار ذلك، فإن الرجل ينام مطمئن البال ويقول إني أعلن جهاراً ما يفكر به الآخرون بصمت، ولعله محق في ذلك.