زيارة خاصة

ماكسيم رودنسون

علاقته بالشرق الأوسط وأسباب سفره إليه، عمله بالتدريس في صيدا، توجهه الشيوعي وتعرفه على الشيوعيين السوريين واللبنانيين، مرحلة الاستشراق وآراؤه في المستشرقين العرب، موقفه من صدام الحضارات والوجود الإسرائيلي في فلسطين.

مقدم الحلقة:

سامي كليب

ضيف الحلقة:

ماكسيم رودنسون: مستشرق فرنسي

تاريخ الحلقة:

07/03/2003

– علاقته بالشرق الأوسط وأسباب سفره إليه
– عمله بالتدريس في صيدا

– توجهه الشيوعي وتعرفه على الشيوعيين السوريين واللبنانيين

– مرحلة الاستشراق وآراؤه في المستشرقين العرب

– موقفه من صدام الحضارات والوجود الإسرائيلي في فلسطين


undefinedسامي كليب: حين اتصلت بضيفنا لزيارته، قال لي: إن عمره تخطى الـ80 عاماً، وإنه نسي الكثير من التواريخ الهامة، وعدته في الواقع بمساعدته ببعض التواريخ، ولكن المهمة شاقة جداً، ذلك أن تاريخ الرجل طويل ومعقد وممتع، هو عاش في سوريا ولبنان في خلال الحرب العالمية الثانية، وشاهد استقلال لبنان من على شرفته هناك، ورغم أصوله اليهودية ومقتل والديه في معتقلات النازية، إلا أنه دافع طويلاً عن قضايا العرب والمسلمين، ضيفنا اليوم كتب الكثير وناضل كثيراً أيضاً في صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، وتعرف على قادة الحزب الشيوعي في سوريا ولبنان، ضيفنا هو المستشرق الفرنسي (ماكسيم رودنسون).

ولد ماكسيم رودنسون في كنف عائلة عمالية متواضعة الحال، درس اللغات الشرقية في فرنسا، ثم تزوج وذهب جندياً إلى الشرق الأوسط على خلفية شيوعية، ألَّف عشرات الكتب وكتب ما يقارب الألف مقال ومن كتبه "إسرائيل والرفض العربي" "الماركسية والعالم الإسلامي". "الإسلام سياسة وإيمان" و"الإسلام والرأسمالية".

ولكن ما الذي دفعه لتلك المغامرة إلى الشرق؟


علاقته بالشرق الأوسط وأسباب سفره إليه

ماكسيم رودنسون: الصدفة والحاجة أيضاً فقد كنت حينها فقيراً، الآن أصبح السفر إلى منطقة الشرق الأوسط عبر الباخرة أو الطائرة أو القطار أسهل من ذي قبل بالنسبة إلى الفقراء أمثالي، إذن لقد اغتنمت فرصة اندلاع الحرب، وإعداد لوائح المتطوعين في صفوف الجيش للخدمة خارج فرنسا، لقد عبرت عن تطوعي للعمل في منطقة الشرق الأوسط، وعن رغبتي بذلك. فقد كنت أرغب في الاطلاع على أحوال الشرق الأوسط، وفي الوقوف على حقيقة الإسلام. في أواسط الحرب أُرسلت إلى بيروت مع عشرات من الجنود، للقيام ببعض المهمات العسكرية هناك، ولقد قبلت بالطبع هذه المهمة.

سامي كليب: في الواقع أنت اخترت بمحض إرادتك الذهاب، لأن بعض الجنود لم يشأوا الذهاب إلى هناك.

ماكسيم رودنسون: كلا، إنهم لم يرغبوا بذلك، لاعتقادهم أننا أُرسلنا للعمل في بلد غريب وبعيد جداً تكثر فيه الحشرات وحتى الأسود. وفق ما قاله لي أحدهم في ذلك الوقت كما أن ذلك الشخص كان يعتقد أني على قدر كبير من الشجاعة، لأنني قبلت العمل في ذلك البلد، وأذكر في ذلك الوقت أنني رغبت في نقل جهاز راديو معي فقال لي الأصدقاء: لا يوجد تيار كهربائي لتشغيله هناك، لقد سخروا مني بالواقع.

سامي كليب: مع وصولك كيف وجدت البلدين؟ هل فعلاً في هذا الواقع؟

ماكسيم رودنسون: لقد وجدتهما مطابقتين تقريباً للصورة التي كنت أتخيلها عنهما، وهناك لم أتوقف عن تدوين الملاحظات حول حياة الناس وحول طريقة تخاطبهم واهتماماتهم وما إلى ذلك من أمور يومية. في البداية كانت تصيبني الدهشة لمجرد الاعتقاد أن بإمكاني استعمال اللغة العربية بشكل مفهوم، في أحد الأيام كان علينا أن نبحث عن فندق وكان ذلك شيئاً خارقاً للعادة بالنسبة للجنود الآخرين، في ساحة البرج طلب مني الأصدقاء أن أستفسر المارة باللغة العربية عن فندق تناسب أسعاره إمكانياتنا المادية فقلت في نفسي: يا إلهي.. ماذا سيحصل لو إنني عجزت عن التعبير عما أريد؟ ولكنني إستوقفت أحد المارة وقلت له: هل يمكن أن تدلني إلى فندق قريب؟ فرد قائلاً: نعم، هناك، وكان ذلك رائعاً، فقد نجحت في التعبير عن مطلبي باللغة العربية، وبالفعل فقد قضينا تلك الليلة في أحد الفنادق هناك.

سامي كليب: كيف كانت صورة فرنسا آنذاك، يجب التذكير بأنك ذهبت في خلال الحرب العالمية الثانية، كيف كان شعورك مثلاً الشخصي؟ شعورك بالنسبة للجنرال (ديجول) وكيف كانت صورة الجنرال ديجول في لبنان؟

ماكسيم رودنسون: كانت تنقصنا المعلومات، كما كان الحال بالنسبة إلى الجميع، كنا نفتقر إلى الصور وكل ما كان يصلنا لا يتعدى بعض الأخبار في الصحف أو على أمواج الراديو، وهكذا تعرفنا على الجنرال ديجول، وبما أنني كنت فرنسياً فقد طرح عليَّ اللبنانيون أسئلة متعددة أحدها كان يتكرر باستمرار وبشكل شبه دائم، كانوا يسألونني: أنت ديجولي أو مع (بيتان)؟ ولم أكن أدرك تحديداً القصد من هذا السؤال، فقد كنت أنا شيوعياً، وكل الجنرالات بالنسبة إلي برجوازيون ورجعيون ولا أثق بهم، إذن لم نكن نعرف ديجول بسبب ندرة المعلومات وقد كان البعض يقول: إنه كان ملكياً في حين يكذِّب البعض الآخر ذلك إلى ما هنالك من إشاعات كثيرة.

سامي كليب: هل اللبنانيون كانوا أقرب إلى فرنسا ودول التحالف أم إلى ألمانيا.. الذين التقيتهم؟

ماكسيم رودنسون: كان أكثرهم يساند ألمانيا، وأما المسيحيون فقد كانوا موالين إما لفرنسا أو لبريطانيا.

سامي كليب: في سوريا أيضاً؟

ماكسيم رودنسون: كانوا أيضاً أكثر ميلاً لألمانيا، فقد كان الألمان ينشطون في سوريا، حتى أن اللغة الألمانية كانت تدرس هناك.

سامي كليب: ماذا فعلت في دمشق؟

ماكسيم رودنسون: في البداية أرسلني الجيش إلى حمص، وكنت قد غادرت الخدمة العسكرية، وكُلِّفت بالعمل في مصالح إدارة التموين.

سامي كليب: إذن دخلت باتصال مباشر مع الشعب عبر التموين؟

ماكسيم رودنسون: الإعاشة.. الإعاشة..التموين.

سامي كليب: الإعاشة.

ماكسيم رودنسون: طبعاً كنت على اتصال مباشر مع الشعب عبر توزيع الإعاشة، فقد كان البعض منا على اتصال مع الجزارين، والبعض الآخر مع الخبازين مثلاً، أما أنا فقد كنت أتمتع بشعبية كبيرة في الأسواق السورية، كان الجميع يعرفني.

سامي كليب: كنت تحب العجوة جداً.

ماكسيم رودنسون: نعم.. نعم، كنت أحبها كثيراً، حتى أننا كنا نتردد على أحد البائعين في شارع الصالحية ويدعى –على ما أذكر- عبده، وكنا نساعده في صنع العجوة بالتمر، كنا نحب العجوة كثيراً، كنا تقريباً 5 أو 6 جنود فرنسيين.. نعاونة بذلك..

سامي كليب: هل تعرفت على الشيوعيين في سوريا مباشرة آنذاك؟

ماكسيم رودنسون: فيما بعد، لأنني كنت حذراً، كانت الأحزاب الشيوعية محظورة هناك، وفي فرنسا أيضاً كانت محظورة، لذا فقد كنت حذراً جداً، ولم أتحدث بهذا الشأن سوى مرة أو مرتين مع شخص في الشارع، لأنني أدركت سريعاً أنه شيوعي، فيما بعد تحديداً في شهر أيلول/ سبتمبر أو تشرين الأول/ أكتوبر من العام 40 بل ربما على الأرجح في تشرين الثاني /نوفمبر أو كانون الأول/ ديسمبر، حضرت إلى سوريا السلطات العسكرية، وعندها تمت إقامة علاقات أقوى.

سامي كليب: طبعاً يجب التذكير هنا أنه في خلال إقامتك في المنطقة انهزمت فرنسا واحتلت من قبل الألمان، هل اخترت مباشرة الانضمام إلى فرنسا الحرة والجنرال ديجول؟

ماكسيم رودنسون: عموماً اخترت مع زملائي الحياد، فلم نبد ولاءنا لا لديجول ولا لبيتان، وقد بقينا على هذه الحال مدة من الزمن، لم يكن ذلك مرفوضاً من قبل السلطات العسكرية.

سامي كليب: بعد ذلك انضممتم بمحض إرادتكم لفرنسا الحرة؟

ماكسيم رودنسون: بعد ذلك تغيرت الأمور تدريجياً، وتبين لنا بعد بضعة أشهر أن جيش فرنسا الحرة لم يكن يتشكل من الرجعيين، وأنه كان بالإمكان إقامة علاقات مع بعض العسكريين في هذا الجيش.

سامي كليب: إذن بعد ذلك بدأت بالتفتيش عن عمل بعد أن تركت الخدمة الإلزامية وهزيمة فرنسا وأعتقد أن تقي الدين الصلح،الذي أصبح فيما بعد رئيساً لوزراء لبنان هو الذي ساعدك بطريقة غير مباشرة للعمل في المقاصد؟


عمله بالتدريس في صيدا

ماكسيم رودنسون: هو نفسه لم يعد يذكر ذلك، عندما التقيته بعد بضعة سنوات في دمشق، بل في بيروت إذ تعجب من ذلك كثيراً، وقال لي: إنه لا يذكر ذلك أبداً، حينما كنت مدرساً في صيدا كان بعض أفراد العائلة يترددون على دروسي العديد من عائلة الصلح، وبفضل (جون لوسرف) الذي كان صديقاً لتقي الدين الصلح.

سامي كليب: الذي لوحق في بعض الوقت أعتقد.

ماكسيم رودنسون: طبعاً، كان ديجولياً منذ البداية، وكان قائد مدفعية، وفي الوقت ذاته كان ذو نزوات ويحب النساء كثيراً، حتى أنه كان يلقي خطباً للتقرب منهن ولنيل رضاهن، وهو من تحدث إلى تقي الدين الصلح، وإلى آخرين بشأني وسهل انتدابي، ولم يكن ذلك ممكناً من دون مساعدته القيمة جداً بالنسبة لي.

سامي كليب: أعتقد أنه مع.. مع ثورة الكيلاني في العراق طبعاً طالبك الطلاب بأن تعلمهم فنون القتال، هل لك أن تخبرنا ما الذي حصل تحديداً؟

ماكسيم رودنسون: كنت أقطن في مبنى معهد المقاصد، شأني في ذلك شأن أغلب المدرسين من لا عائلات لهم في مدينة صيدا في أحد الأيام دخلت إلى قاعة الدرس مع مجموعة من زملائي المدرسين، وعلى غير عادة ارتفعت أصوات التلاميذ بالقول..

سامي كليب: الاستعمار..

ماكسيم رودنسون: الانتداب. يسقط الاستعمار الغاشم أو شيء من هذا القبيل، الطلاب رددوا لن نعود إلى الدرس وإلى تعلم اللغة الفرنسية والإنجليزية، نحن نرفض ذلك وسوف نعمل الآن من أجل الاستقلال مع رشيد علي ولن نعود للدراسة فقلنا لهم إن ذلك لا يهمنا، بل على العكس سوف نستريح من عناء التدريس، وبعد يوم أو يومين قالوا لي عليك أن تستغل معارفك لتعليمنا، فقد ذهبنا للقاء قنصل العراق في بيروت، فقال لنا: إن الشعب بحاجة إلينا، وإن علينا أن نأخذ ما يكفينا من الوقت بشرط أن نتعلم أبجديات العمل العسكري مثلاً، وبما أنه كان عليهم أن يجدوا طريقة لتعلم العمل العسكري، فقد رأى التلاميذ أن الأستاذ ماكسيم الذي كان جندياً هو الذي سيساعدهم في ذلك، لذا جاء التلاميذ وطلبوا مني أن أعلمهم أسس العمل العسكري، قلت لهم: أنا أجهل هذا المجال، ثم إن فرنسا لم تبد موهبة كبيرة في العمل العسكري خلال السنة المنصرمة.

سامي كليب: لأنها كانت الهزيمة.

ماكسيم رودنسون: وعندما أبديت رفضي قالوا لي: بلى.. بلى، أنت تقول ذلك، لأنك ترفض أن تساعدنا، لكننا رأينا تحت طاولتك في بيت المدرسين ذلك الكتاب الأزرق الذي عنوانه: دليل جند المشاة، وأضاف التلاميذ: نحن نعلم أن هذا الكتاب يحتوي على كل ما نرغب في تعلمه كتقنيات القتال وما إلى ذلك. قلت لهم: أجل، هذا صحيح، ولكنني أجهل محتوى هذا الكتاب، ولا أعلم ماذا فيه، ولا علم لي بالتالي بتقنيات القتال، فرد (دوكاييم): بلى.. بلى، بإمكانك أن تدرسنا ذلك، فأنت أعلم منا بهذه الأشياء، ثم تمكنوا من إجباري على إعطائهم دروساً.

سامي كليب: وقمت بذلك.

ماكسيم رودنسون: أجل، ولكنني سخرت من نفسي.

سامي كليب: أود فقط منك سيد رودنسون قبل أن نكمل ذلك أن نرى بعض الصور التي وجدتها في الواقع في كتاب لصحافي وكاتب لبناني فيصل جلول، أود أن تقول لنا ما هي هذه الصور بالضبط؟ هل تذكر؟ هذه حين كنت جندياً.

ماكسيم رودنسون: أجل، كل هذه الصور لي.

سامي كليب: هناك صور أخرى أيضاً.

ماكسيم رودنسون: هذه الصورة في بيروت، وكنت قد غادرت الجندية.

سامي كليب: فقط لنريها للكاميرا.

ماكسيم رودنسون: إذن كنت قد غادرت الجندية حسب ما أبدو في هذه الصورة، وهنا أيضاً أبدو مع أبنائي في حديقة في بيروت، وهنا أبدو في نزهة الفرنسيين في بيروت أيضاً، هذا.

سامي كليب: هذه كانت المربية عندك في المنزل؟

ماكسيم رودنسون: أيوه زينة.

سامي كليب: زينب؟

ماكسيم رودنسون: زينة.

سامي كليب: زينة.

ماكسيم رودنسون: زينة، إنها درزية.

سامي كليب: من جبل لبنان..

ماكسيم رودنسون: من جبل لبنان.

سامي كليب: هذه الصور أين؟

ماكسيم رودنسون: هذا فيما بعد خلال جولة لي في بيروت، هذا خاتشيك..

سامي كليب: (خاتشيك بابكيان) النائب اللبناني..

ماكسيم رودنسون: أيوه.

سامي كليب: عام 68 إذن..

ماكسيم رودنسون: ميشيل الأسمر.

سامي كليب: مؤسسة الندوة اللبنانية ميشيل الأسمر.

ماكسيم رودنسون: هذه هي ابنة أحد اللبنانيين.

سامي كليب: هل آنذاك كان اللبنانيون يعتبرونك أو الطلاب أنك جاسوس وليس فقط مدرساً؟

ماكسيم رودنسون: نعم، من المؤكد أن البعض كان يعتبرني كذلك، ولكنني لم أكن أحمل أي سر، لم تكن لدي حتى الوسائل أصلاً لحصولي على معلومات سرية.

سامي كليب: هل.. هل رأيت تظاهرات عديدة في صيدا آنذاك للقوميين؟

ماكسيم رودنسون: حصلت من بعض مظاهرات في مدينة صيدا، ويجب أن أذكر هنا أن المدرسين بشكل عام لم يكونوا متحمسين لهذه الأمور، كان بيننا مدرس في الأدب العربي يدعى رشيد سنة، وكان الجميع يسخر منه، ويسميه رشيدكِ، لأنه كتب قصيدة استهلها بـ أنا رشيدكِ، إذا أطلق عليه الجميع اسم رشيدكِ.

سامي كليب: آنذاك في صيدا طبعاً كان النفس نفساً قومياً عربياً و إسلامياً أيضاً، هل شعرت ببعض العداوة من قبل أهالي صيدا حيالك؟

ماكسيم رودنسون: نعم، لدى قلة من الناس، وفيما عدا ذلك كان لدي علاقات صداقة طيبة مع الجميع.

سامي كليب: لأنك كنت بين فرنسيين نادرين هناك.

ماكسيم رودنسون: في صيدا لم يكن هناك من يدرِّس اللغة الفرنسية، كان هناك المستشار (ديمو) الذي لم نكن نراه كثيراً، ومع ذلك فقد شاع أنني كنت على اتصال دائم معه، الحقيقة أنه لم تكن لدي أسرار أفشيها حول فرنسا.

سامي كليب: هناك أيضاً قضية السيدة (فرانكو) التي أحدثت لكم في الواقع سببت الكثير من المشاكل.

ماكسيم رودنسون: كانت تشعر بالفخر لكوني يهودياً، وفي الوقت نفسه المدرس الوحيد للغة الفرنسية في مدينة صيدا، لم تكتفِ بذلك، بل ذهبت تتحدث عني في كل مكان.

سامي كليب: تسببت بموت زوجها.

ماكسيم رودنسون: الكل كان يعلم في صيدا أنها مجنونة بعض الشيء.

سامي كليب: كان ذلك عام 45.

ماكسيم رودنسون: نعم.. نعم.

سامي كليب: حين قصفت قوات الجنرال (ديجول) دمشق.

ماكسيم رودنسون: نعم، هذا صحيح، أذكر أن أحد جنرالات الطيران هاجم دمشق، وكان يسارياً، وأذكر كذلك أذكر أن الحكومة السورية منعت أي اتصال مع الفرنسيين لبضعة أيام رداً على هذا الهجوم، وكان لزوج السيدة فرانكو بعض المهمات التي كان عليه أن يقوم بها في دمشق مع ابنه الذي يدعى (فيكتور) أو (توتو)، ولم يكن له من ذنب سوى أنه موجود آنذاك في دمشق وتحدث مع ابنه باللغة الفرنسية، آنذاك كان العداء قد تنامى ضد الفرنسيين.

سامي كليب: قتله شخص سوري في وضح النهار.

ماكسيم رودنسون: نعم، كان ذلك في وضح النهار، آنذاك كان الفرنسيون غير مرغوب فيهم.

سامي كليب: هل لكونك يهودياً سبب لك هذا الأمر مثلاً مشاكل في سوريا ولبنان آنذاك؟

ماكسيم رودنسون: لا، باستثناء هذه المرة الوحيدة التي التقيت فيها بالسيدة فرانكو.

سامي كليب: ألم يكن هناك شعور معادي لليهودية في صيدا؟

ماكسيم رودنسون: لا شيء يستدعي الذكر، ذهب البعض من تلاميذي إلى فلسطين للنضال، وقد كانت لي معهم علاقات طيبة جداً.

سامي كليب: عام 43 حين حصل استقلال لبنان أين كنت تحديداً؟ وكيف عشت تلك المرحلة؟

ماكسيم رودنسون: كنت في بيروت في بيروت.

سامي كليب: بعد صيدا انتقلت إلى بيروت للعمل.

ماكسيم رودنسون: نعم، كنت في مدينة بيروت، كنت أعمل هناك مع نهاية المواجهات سرحت من الجيش.

سامي كليب: حين قصف البريطانيون صيدا، أثناء دخولهم إليها أين كنت تحديداً؟

ماكسيم رودنسون: كنت في صيدا، كنت في مدينة صيدا، ولقد مررت كباقي الناس في ذلك الوقت بفترة عصيبة كنا نخشى خلالها سقوط القنابل علينا بالفعل، فقد بدأت البحرية البريطانية بقصف ضواحي صيدا، وحددت لنا مهلة للاستسلام.

سامي كليب: الفرنسيين؟

ماكسيم رودنسون: الفرنسيون نعم، لم يعلم أحد بالمهلة التي أعلن عنها في الراديو، وبالتالي لم يتجاوب أحد مع هذه المهلة، من حسن الحظ في ذلك الوقت أن طبيباً لبنانياً اطلع على ذلك الخبر فاستقل سيارة من نوع jeep.

سامي كليب: هل تذكر اسمه؟

ماكسيم رودنسون: لم أعد أتذكره، لست أدري، أنا لا أعرفه شخصياً، ولكن الجميع في مدينة صيدا كان يروي هذه الحادثة، إذن تقدم الطبيب بكل شجاعة حتى بلغ الصفوف الأولى للجيش، فقال له الكولونيل البريطاني: ارم سلاحك، ومع أنه لم يكن يحمل سلاحاً، فإن الكولونيل البريطاني لم يثق به، واستطرد قائلاً: سأدخل إلى صيدا، ولو قمت بأي حركة فإنني لن أتردد في الضغط على زناد المسدس.

سامي كليب: إذن الطبيب ذهب ليقول للبريطانيين: لا توجد مقاومة في صيدا.

ماكسيم رودنسون: أيوه، يعني ذلك أنه كان بإمكان الجيش البريطاني أن يدخل إلى مدينة صيدا متى شاء، وهذا ما حصل بالفعل، وتسنى لي آنذاك أن أتحدث مع الكولونيل أو الضابط الإنجليزي.

سامي كليب: بعد صيدا ذهبت إلى بيروت للعمل هناك؟

ماكسيم رودنسون: نعم، في بيروت بحثت عن عمل، وتم استخدامي في المندوبية مع بعثة فرنسا الحرة، وكنت قد تعرفت في بيروت.. عفواً في مدينة صيدا تعرفت إلى مدير الحفريات الأثرية وهو فرنسي واسمه (موريس تيلون)، هو الذي وظفني، وكان شخصاً ممتازاً، وأذكر أن زوجتي التحقت بي بعد ذلك، زوجته أيضاً كانت ممتازة.


توجهه الشيوعي وتعرفه على الشيوعيين السوريين واللبنانيين

سامي كليب: آنذاك تعرفت على الشيوعيين السوريين واللبنانيين، كيف حصل ذلك؟

ماكسيم رودنسون: كان ذلك مجرد صدفة أيضاً، كنت قد التقيت صحفياً يدعى إميل دنا، وعندما علم أنني كنت شيوعياً في فرنسا عرفني على ثلاثة أشخاص حتى يسهل حصولي على ترخيص، لقد قامت علاقة ثقة بيننا.

سامي كليب: تصريح لماذا؟

ماكسيم رودنسون: التصريح من أجل الحصول على الورق بهدف نشر جريدة الحزب "صوت الشعب"، كما كنا نحتاج إلى ترخيص بهذا الشأن، خصوصاً أن السلطات الفرنسية كانت موافقة على هذا الأمر، لأن..

سامي كليب: لأنها كانت متحالفة مع روسيا.

ماكسيم رودنسون: نعم، وبما أن أغلب سكان لبنان كانوا من هذا الاتجاه سياسي، فإنه من العسير العثور على من يناصرهم، وبالتالي كان من السهل الحصول على هذا الترخيص.

سامي كليب: الأشخاص الثلاثة كانوا خالد بجداش من سوريا، فرج الله الحلو، ونيقولا الشاوي إذن من الحزب الشيوعي اللبناني؟

ماكسيم رودنسون: صحيح.

سامي كليب: كيف حصل اللقاء؟

ماكسيم رودنسون: آه، كان ذلك على قدر كبير من البساطة، كان ذلك أمراً بسيطاً جداً، فقد عرفني إميل دنا على أصدقائه قائلاً لهم: إنه حقاً شيوعي، فدهش الجميع، ولم يصدق الثلاثة ذلك في بداية الأمر، فقلت لهم: أنا لا أعدو أن أكون مناضلاً صادقاً، ولست شخصية مهمة، فبدءوا بالتقرب مني، وتمكنت بالتالي من الحصول على وصولات لاقتناء ورق الصحف، ودام ذلك الأمر لمدة طويلة على مدى ثلاثة سنوات على الأقل حسب ما أتذكر، أجل لمدة طويلة.

سامي كليب: أعتقد أنك لم تستسغ كثيراً بجداش، ولكن تعاطفت مع فرج الله الحلو، بينما نيقولا الشاوي كان.. كانت العلاقة يعني متوازنة، ما الذي تحفظه عن هؤلاء القادة الشيوعيين؟

ماكسيم رودنسون: لم أنحز كثيراً إلى أي منهم، ولكنني كنت أكثر ميلاً إلى خالد، لأن.. لا بل إلى فرج الله، لأنه كان متواضعاً ومعلماً بسيطاً من منطقة جبيل، لم يكن يحب التظاهر كثيراً.

سامي كليب: بجداش.

ماكسيم رودنسون: بجداش كان يريد الظهور بمظهر الشاب الذي ينتمي إلى المجتمع الراقي، وكان هذا يثير نفوري بعض الشيء، ولذا لم أكن أُكنُّ له من الإعجاب الشيء الكثير، فقد كان ينحدر من عائلة غنية، وأنا أنتمي إلى بروليتاريا.

سامي كليب: نيقولا الشاوي.

ماكسيم رودنسون: الشاوي كان يحتل موقعاً وسطاً بين الاثنين السابقين، كان رجلاً شجاعاً، وفي الوقت نفسه بسيطاً ومتواضعاً، نيقولا الشاوي كان يطرح عليَّ أسئلة متعددة، أسئلة ذكية، لذلك أعجبت بشخصه كثيراً، ولكنني كنت أقرب إلى فرج الله الحلو، لأنه كان رجلاً بسيطاً ولطيفاً جداً، كانت هذه شخصية فرج الله الحلو.

سامي كليب: بجداش كان يتحدث كثيراً عن أصوله الكردية على ما يبدو.

ماكسيم رودنسون: لا، كان لا يحب التحدث بهذا الشأن، ولكن كلما أكثر من شرب الخمر تذكر أنه كردي، وأن الأكراد في الأصل هم أوروبيون وليسوا مثل الآخرين من الساميين، إلى ما هنالك من أقوال.

سامي كليب: هل تحفظ بعض الأناشيد التي كان ينشدها اللبنانيون أو السوريون أو الطلاب آنذاك، الأناشيد القومية؟

ماكسيم رودنسون: مجدنا الخالد للنا عايش على الذول وعلى (..) أولى… والزمان انسى كان أنا المهان في سبيل الوطن كان (..) للشهيد.

سامي كليب: أنت طبعاً كنت شيوعياً آنذاك في لبنان، وتنتمي إلى طبقة.. تنتمي إلى طبقة فقيرة، بينما الطبقة اللبنانية التي يعاشرها الفرنسيون طبقة برجوازية، إذا صح التعبير، هل لك بعض الذكريات حول هذه المسألة؟

ماكسيم رودنسون: كنت ألاحظ وجود هذه الفروقات، ولم أكن أحبذ ذلك. قد كنت أعتبر أنني أنتمي حقاً إلى البروليتاريا في حين كان السوريون واللبنانيون أقرب إلى القوميين البرجوازيين، هذا لا يمنع وجود قادة بارزين من أمثال خالد، ومع أنني لم أكن مرتاحاً لهذا الوضع، ولكنني لم أكن أرفض التعامل معهم.

سامي كليب: حتى اليسار كان برجوازياً؟

ماكسيم رودنسون: نعم.. نعم أذكر مثلاً أنني كنت أتحدث يوماً مع رشيد عن الشيوعيين، فقال لي: الشيوعيون أمثال الصعاليك، لم يعجبني هذا، مع ذلك فقد احترمت رأيه، لأنه صديق.

سامي كليب: أنت.. تخبر طبعاً في مذكراتك أن البريطانيين هم الذين مارسوا ضغوطاً مباشرة على الفرنسيين من أجل الاستقلال، وذهب الجنرال البريطاني يهدد الفرنسيين آنذاك، هل لك أن تخبرنا هذه الحادثة؟

ماكسيم رودنسون: كانت السلطات الفرنسية قد سجنت عدداً كبيراً من الشخصيات اللبنانية في رشائية..

سامي كليب: الجنرال البريطاني تدخل إذن.

ماكسيم رودنسون: كان الجنرال أو المفوض السامي البريطاني. لست أدري بالضبط كان يدعى (فيليب أردير) وقد قال لـ (كاترو): عليكم أن تطلقوا سراح هؤلاء السجناء فوراً، فرد كاترو: سنقوم بذلك تدريجياً مع مرحلةٍ انتقالية، ولا يجب أن يكون ذلك بشكل مفاجئ، عند ذلك رد الجنرال البريطاني بالقول: أنت تزعجني، الساعة الآن تشير إلى الثامنة إلا ربعاً، وإذا لم يطلق سراحهم خلال ساعةٍ واحدة فسوف أطلق نيران المدافع، وأضاف: أنت تعلم جيداً أن بطاريات المدفعية الحربية من البحرية البريطانية تصيب أهدافاً أبعد مما تقدر عليه المدفعية الفرنسية، عليك إذن أن تقرر إما أن توافق أو أن آمر أنا جنودي بالهجوم حالاً، حين ذاك قال الجنرال كاترو: هذا فظيع، أنت تفرض عليَّ مهلة، رد الجنرال البريطاني: سم ذلك كما شئت، فأنا لا أهتم للتسميات.


مرحلة الاستشراق وآراؤه في المستشرقين العرب

سامي كليب: فيما بعد طبعاً تركت لبنان في العام 47 وعدت إلى فرنسا، وبدأت رحلة التعليم في الواقع، ثم رحلة الاستشراق، وكتبت الكثير عن المنطقة، أود أن أسألك الذي تخصص بالاستشراق في الدول العربية إدوارد سعيد، ما رأيك به؟

وهل أنصفك في كتاباته؟

ماكسيم رودنسون: لم أحبه منذ البداية، لم يعجبني، لأنني أرى أنه ليس على اطلاعٍ جيد على العالم العربي، باستثناء سوريا ولبنان، مع بعض التحفظ، مع هذا فهو يتحدث عن العالم العربي بإطناب، لا يعجبني هذا كثيراً، إضافة إلى ذلك فإن فكره كان واقعاً تحت تأثير الاستالينية، وبالنسبة إلي فهو برجوازي، ثم إنه مثاليٌ جداً، وحتى الآن ليست له مواقف سليمة على ما أعتقد، هذا على المستويين النظري والتطبيقي، كذلك فإن له أفكاراً سطحية حول الإسلام أسميها أنا بالبرجوازية، من جهةٍ أخرى فهو يستغل ذلك في أعماله الأدبية، كما أنه ينتمي إلى حقلٍ ثقافي لا أحبه إطلاقاً هو الحقل الذي أسميه أنا الحقل الفلسفي الأدبي. حسب رأيي إن المنتمين إلى هذا الحقل مطلعون على أمور كثيرة ومتفرقة، ولكنهم لا يجيدون مجالاً معيناً.

سامي كليب: هل لديك كتب عربية هنا يمكن أن نأخذها مثلاً؟

ماكسيم رودنسون: نعم، هناك الكثير.

سامي كليب: أود أن أطلب منك أن تقول لنا ما الذي يوجد في هذه الكتب العربية القيمة في الواقع.

ماكسيم رودنسون: هذا كتاب مهمٌ للغاية للمتخصصين في القانون الإسلامي، وقد نُشر في القاهرة، يتحدث عن الفقه الإسلامي وفق دراسة مقارنة بين المذاهب الأربعة.

سامي كليب: هنا كتاب أيضاً عن الإمام علي.

ماكسيم رودنسون: أجل الإمام علي كتاب لمحمد جواد.

سامي كليب: هل تقرأ دائماً اللغة العربية؟

ماكسيم رودنسون: أقرأها بصعوبة.

سامي كليب: لأنك لا تمارسها دائماً؟

ماكسيم رودنسون: هذا كتاب للأب حبيب زياد، وهو عالم كبير.

سامي كليب: و.. و.. وكما نلاحظ هذا الكتاب يعود إلى العام 1940 "الخزانة الشرقية"، ماذا ستفعل بهذه الكتب؟

ماكسيم رودنسون: سأموت يوماً ما، إذن لن أحتفظ بها.

سامي كليب: نأمل العمر الطويل طبعاً، وهذا كتاب عن التصوف الإسلامي.

ماكسيم رودنسون: أجل.. أجل..

سامي كليب: ما هو الكتاب الذي أثَّر بك أكثر من غيره؟

ماكسيم رودنسون: من بين كل هذه الكتب الإسلامية، إنها دراسات، فأنا أدرس الإسلام من خلالها.

سامي كليب: هل تقرأ دائماً حول الإسلام والعالم العربي؟

ماكسيم رودنسون: نعم.. نعم، ولكن اهتمامي قلَّ الآن.

سامي كليب: لم.. لم تُعرف كالكثير من المستشرقين أو من يصفون أنفسهم بالمستشرقين في الدول العربية، هل هذا يؤلمك؟

ماكسيم رودنسون: أرى أنهم مزيفون بعض الشيء، الكثير منهم ممن يوصفون بالمستشرقين تقربت منهم دول عربية وإسلامية كثيرة، ولكنهم لا يعلمون أن هذه الدول تستخدمهم لمصالحها الخاصة، للأسف إنهم لم يعوا هذه الحقيقة.

سامي كليب: أنت تعرفت عن قرب على العالمين العربي والإسلامي، أولاً: ماذا يمكن أن تقول لهم اليوم؟ وما هي مشاكلهم الفعلية؟ ماذا تعلمت منهم أيضاً؟

ماكسيم رودنسون: أذكر فقط نصيحة صديق إيراني يجب الخروج من العصور الوسطى.

سامي كليب: هل.. هل يعيشون دائماً في القرون الوسطى؟ يعيشون دائماً في القرون الوسطى؟

ماكسيم رودنسون: هناك نوع من التخلف الثقافي الذي دام كثيراً، هناك أسباب موضوعية جعلت الخروج من هذا التخلف أمراً صعباً، ولكن هذا أمرٌ جلي.


موقفه من صدام الحضارات والوجود الإسرائيلي في فلسطين

سامي كليب: هل نعيش فعلاً صدمة الحضارات، وعصر صدمة الحضارات؟

ماكسيم رودنسون: هذا ما يشغلني ويقلقني، ولم أتمكن بعد من الحسم في هذه المسألة. أقرأ كتباً كثيرة عن هذا الموضوع، وأجد بعضها صائباً جداً في نقاطٍ كثيرة.

سامي كليب: مثلاً؟

ماكسيم رودنسون: الصدام الآن صدام حضارات قبل كل شيء، بما أن الحضارات يمثلها الدين فهي تتشابه في هذه النقطة بالذات، ولكن جزئياً، أنا أحاول أن أجد صيغة لإنقاذ الدين نوعاً ما، يعني أنه يجب أن لا يطغى الدين على الإنسان، هذا هو رأيي، يجب أن لا يطغى الدين على الإنسان.

سامي كليب: ما هو رأيك بما يجري حالياً بالنسبة للإرهاب الدولي، هل فعلاً هو نتيجة صدمة حضارات، أم نتيجة ما يحصل من قبل إسرائيل؟

ماكسيم رودنسون: هذا أمر يطول شرحه، ولكن رأيي الخاص أنه ليس على اليهود البقاء هناك، إن بلدهم ليس هناك، وعليهم الرحيل، وإلا ستكون العواقب وخيمة بشكلٍ أو بآخر، حسب رأيي لن يتمكن ثلاثة أو أربعة ملايين يهودي من الوقوف أمام ملايين الملايين العرب، ولكن لديهم عزم مدمر على البقاء هناك، يبدو أنه ليس بالإمكان فعل أي شيء الآن، أنا شخصياً ناضلت كثيراً لسنواتٍ طويلة، وكتبت مقالات متعددة، ولكنني أدركت أن الانتصار على القومية أمرٌ صعب، أنا أسميها كذلك قومية، هم يقولون إنها أرض الأجداد، أما أنا فأصر على تسميتها بالقومية، أنا شخصياً أرفض القومية مهما كانت هويتها، أكانت فرنسية أم تركية أم يهودية.

سامي كليب: هكذا بقي ماكسيم رودنسون حتى الرمق الأخير سائراً بعكس التيار، ويجاهر بقول ما لم يعد العرب أنفسهم يجرؤون على المجاهرة به، فهل يسمعون ما لم يقرءوه للرجل وعنه فيما هو يحسب -على ما يبدو- كم بقي له من أصدقاء، أو بالأحرى كم بقي له قبل الرحيل.