صورة عامة - الجريمة السياسية - اغتيال الملك عبدالله ج2
الجريمة السياسية

اغتيال الملك عبد الله ج2

تواصل الحلقة الحديث عن وقائع اغتيال الملك عبد الله، الذي اغتيل وقت صلاة يوم الجمعة الموافق 20/7/1951، بعد رحلة طويلة مثيرة للجدل.

وقائع اغتيال الملك عبد الله
جدلية علاقته مع أطراف دولية

نزاع المصالح


المتهمون ووقائع التحقيقات

طارق مصاروة
طارق مصاروة
تسفي ألبيلغ
تسفي ألبيلغ
ناصر النشاشيبي
ناصر النشاشيبي
محمد الأزعر
محمد الأزعر

وليد صلاح
وليد صلاح

طارق مصاروة/ كاتب وإعلامي أردني: مقتل الملك عبد الله لم يكن واحد أجا أعطوه مسدس وقالوا له وقف على باب المسجد وأطلق النار القصة يمكن تكون أخطر من هيك.

محمد الأزعر

/كاتب ومحلل سياسي: معظم الأطراف الضالعة في الشأن الفلسطيني والشرق أوسطي ربما كان لها مصلحة في اغتيال الملك عبد الله.

عاصم الدسوقي

/ عميد سابق لكلية الآداب بجامعة حلوان: الملك عبد الله أعدائه كانوا بالآلاف وجاء الاغتيال في أعقاب الضم، كان هناك صدام بين العرش السعودي والعرش الحسيني, كان في صدام بين العرش المصري والعرش الهاشمي, لأنه هو كان يعطي مجال للتآمر عليه.

وقائع اغتيال الملك عبد الله

تعليق صوتي:

وقت صلاة الجمعة الموافق 20 تموز يوليو 1951 قتل الملك عبد الله بن الحسين بعد رحلة طويلة مثيرة للجدل, استطاع فيها أن يحارب ويتواءم مع إمبراطوريات, أن يختصم ويتحالف مع ملوك وعروش, في منطقة حاولت فيها جميع القوى أن تسيطر ولو على حجر.

ناصر النشاشيبي/كاتب وإعلامي فلسطيني: أنا لم أشاهد إلا الملك يسقط أمامي.

حابس الشوبكي

/ضابط أردني سابق: ما عرفنا يوم أنه صار الطخ وطخ طلقتين وقع الملك أنا فهمت أنه الرماية من جوا، طواله أنا دفشت الباب وجدت أنه مسلط المسدس على وجه الملك حسين وكان بينه وبين الملك حسين حارس باشا هو انتبه إليهم أنا صممت أنه هو القاتل، قلبي ما يخفاني بس قال هيك كنت راشه بمعدته عشر طلقات والله أطلعت بمخه من راسه.

ناصر النشاشيبي

: حملناه من الحرم إلى هلوزبيز النمسا مستشفى، فطبيب قال لي هذا شبه ميت.

وليد صلاح

/ مدعي عام القدس ووزير خارجية الأردن السابق: وصلنا على المسجد وجدنا جثة القاتل ولكن ما حد عرف مين هو..

ناصر النشاشيبي

: كنت أخشى حد من الجيش الأردني يسمع أنه الملك قتل ويسجلها على لسان الغلب لولا الغلب فعلا وقعت الكارثة وكان الجيش الأردني ناوي يحرق القدس بما فيها..

تسفي ألبيلغ

/ باحث ومستشرق في معهد ديان: عندما قتل الملك عبد الله كانت هناك فرحة عامة وكأنهم شخص واحد, وعندها فقط أدركت أنهم لا يفكرون فيما إذا كان الأمر سيعجب السلطة أو لا, كان الأمر عفويا ويمكن فهم ذلك من حيث أنهم اعتبروا الملك عبد الله كمن أخد فلسطين وحولها إلى جزء من الأردن.

ناصر النشاشيبي

: ومن هنا يبدأ تاريخ جديد للمنطقة بأسرها..

تعليق صوتي

: لم يكن صعبا التعرف على هوية القاتل الذي كان يدعى مصطفى عشو ترزي بسيط يعيش في حي الشيخ جراح بالقدس, كانت مهمة التحقيق الأساسية معرفة المتورطين بالقضية, من الذي أعطى المسدس للقاتل, والأهم من وضع الفتوى الشرعية في جيبه وأقنعه بأن قتل الملك عبد الله عمل سيدخله الجنة.

وليد صلاح

: بدأنا من ذلك الوقت بالتحقيق، وبقيت ثلاثة أيام ليل ونهار وأنا أحقق لأنها كانت مجهولة جدا, وكان الأستاذ ناصر النشاشيبي يعطيني حبة ضد النوم حتى أضل أستمر بالتحقيق, المسدس غريب كان ما حدا عارف لمين هو المسدس, بدأنا نبحث على صاحب المسدس إلى أن أجوا ناس دلونا عليه, وقالوا لي أن هذا لرجل فقير جدا مش سهل القبض عليه.

عبد الكريم محمود الغرايبة

/ أستاذ في التاريخ في الجامعة الأردنية: هذه مؤامرة صغيرة مش مؤامرة كبيرة, يعني أفراد قبضوا من جهات خارجية ونفذوا الاغتيال.

علي محافظة

/ أستاذ بالتاريخ بالجامعة الأردنية: كان لحرب 1948 تأثير قوي جدا على الأقطار العربية المجاورة لفلسطين, وبدأت الصحف العربية تتهم القادة بالتخاذل و بالتآمر على القضية الفلسطينية.

طارق مصاروة/ كاتب وإعلامي أردني: الشعوب تشعر بالألم تشعر بالهزيمة لكن الشعوب لا تفكر الذي يفكر هم القادة, ومع الأسف القادة في العالم العربي كانوا لاعبين ثلاث ورقات, ما كانوش في مستوى غضب الشعوب.

علي محافظة

: لذلك ركز الاتهام على الملك عبد الله ابن الحسين وأتهم بأنه هو الذي فرط في فلسطين وغير ذلك، ولم يكن بإمكان الأردن آنذاك أن تدافع عن نفسها إعلاميا, هذا الوضع يعني شجع القوى المعادية لعبد الله ابن الحسين بالتخلص منه.

جدلية علاقته مع أطراف دولية

تعليق صوتي:

في 23 تموز يوليو 1951 تم تشيع الملك عبد الله وفي ذات اليوم خطب تشرشل في مجلس العموم قائلا: لقد كنت أنا نفسي مسؤولا عن تعيينه أميرا على شرق الأردن عام 1922, لقد كان رجلا شديد الإخلاص ووطنيا عربيا متحمسا كأوفى ما يكون الحماس, غادر مكة لطرد الفرنسيين من الشام بقوة السلاح وحين نزلت بالمنطقة مستفيدا من نصائح الكولونيل لورنس أقنعناه بعدم اتخاذ تلك الخطوة المثيرة للقلاقل, لقد عرض نفسه لكل خطر في سبيل الحفاظ على علاقة طيبة مع كل امرئ عمل معه, لقد فقد العرب نصيرا عظيما وفقد اليهود صديقا كان بوسعه تسوية المصاعب, وفقدنا نحن رفيقا وحليفا مخلصا.

وليد صلاح

: المسدس أول ما واجهنا به هو ابن فرحات قال إنه هذا يخص عبد الله عكة, طبعا بعدين جبنا أبوه اعترف على أنه هذا المسدس إله أعاره لعبد الله عكة, هنا بدأت الحلقة, سألنا عن عبد الله عكه قالوا: هذا لحام ومركزه عادة رام الله, فعائلة عكة وعدوا قالوا: مساء بنجيب لكم إياه, فلما بدأنا لثاني يوم نحقق مع عبد الله عكة قال للأستاذ وليد مش رح آخذ وأعطي معك, رح أحكي لك كل شي بصراحة, وفعلا بدأ بسرد القضية من بدايتها إلى نهايتها.

عبد الله الأشعل

/ مساعد وزير الخارجية المصري السابق: هو الرواية المتواترة هي أنه مجموعة فلسطين المتحمسين الذين رأوا أنه خان كفاح الشعب الفلسطيني, وأنه تآمر مع اليهود, وأنه أثناء الحرب في 1948 كان له علاقات مع غولدا مئير هو يرى أنه كان يكافح في سبيل القضية وأنه كان يحتضن القضية, وأنه كان في الواقع مخلصا لها, لكن الجانب الآخر الذي اغتاله وهو مجموعة من الشباب الفلسطيني الذي رأى فيه رمزا للخيانة هو الذي قام باغتياله.

محمد الأزعر

: كانت لدى الرجل طريقة في إدارة الصراع كانت لديه رؤية معينة لكيفية التعامل مع القضية الفلسطينية، طبعا هذه الرواية مشوبة بالنوازع الذاتية, يعني كانت لديه رؤية لتوسيع مملكته للوصول إلى البحر المتوسط بإمكانية إدارة تسوية مع الجانب اليهودي تؤدي إلى توسيع هذه المملكة أو غيرها, هذه الرؤية لم تكن مقبولة من بعض الدول العربية من محور مصر، سوريا العربية السعودية ولبنان أيضا مقابل العراق الذي كان يميل إلى هذه النظرية بعض الشيء باعتبار أن الهاشميين هم الذين كانوا في الحكم في بغداد.

ناصر النشاشيبي

: الهاشميين ما كانوش محبوبين من قبل السعوديين التاريخ واضح.

عبد الكريم محمود الغرايبة

: لكن ابن سعود لا يمكن أن ينفق على مؤامرة قتل فليس له يد في قتل الملك عبد الله.

ناصر النشاشيبي

: خلاف على الزعامة، من يتزعم الحركة العربية مصر أم عمان وكان الملك عبد الله طالع نفسه هو خليفة للمسلمين.

عبد الله الأشعل

: الملك فاروق كان يشعر بقيمة القاهرة، وكان يشعر بأنه الملك عبد الله كان خائنا عشان كده لما نقارن بين الملك فاروق وبين الملك عبد الله بموقفهم من فلسطين نجد الملك فاروق كان متحمسا لصد العصابات الصهيونية عن فلسطين, وكان يرى أنه قرار إقامة شرق الأردن هذا يعتبر أيضا هجوم على الأراضي الفلسطينية, نظرته للملك عبد الله كانت نظرة أنه هو بدوي وأنه صحيح أنه ربما ينتمي للأسرة الهاشمية ولكن هذه مسألة لا تؤثر على قراره في النظر إليه, هي كانت نظرة معقدة بين الطرفين.

طارق مصاروة

: أنا شخصيا بعتقد أنه في ناس في مصر كان لهم علم في العملية, من هم الناس هل هم مصريين هل هم الحج أمين هل هم يعني الناس اللي كانوا بمصر ومعارضين أو أنه كان في جهات معينه مصرية كان يهمها ذلك.

عبد الكريم محمود الغرايبة

: فاروق لأ ما بساويها لأنه ينعكس عليه بعدين، هذول الملوك بظل عندهم في عصبية ملوك.

نزاع المصالح

تعليق صوتي:

إن كانت فلسطين مركبا يطاح به ذات الشمال وذات اليمين فإن مصر والأردن الرئيسان اللذان يتصارعان على قيادة هذا المركب, كل منهم تعامل على أن قضية فلسطين هي قضية أوقاف إسلامية والجار أولى بالشفعة, وراح كل فريق يكيل الاتهامات إلى الفريق الآخر, وفي الوسط قلوب شتى, وعندما ضم الملك عبد الله ابن الحسين القدس إلى ملكه ضمت مصر أمين الحسيني ومنحته حكومة عموم فلسطين لترد على ضم الضفة, ولما اختلف عبد الله التل حاكم مدينة القدس وضابط اتصال المفاوضات بين اليهود والملك عبد الله لم يجد ملجئا سوى مصر ففضح هو المفاوضات وفتحت مصر الأبواق.

وليد صلاح

: عبد الله عكة اعترف على إنه اللي جنده هو موسى الحسيني, وإنه الدكتور الحسيني كان يتنقل بين عمان والقاهرة, وهناك يتصل بأحد الضباط الأردنيين, وبدأ عبد الله عكة يعطينا تفاصيل المؤامرة وكيف ترتبت وكيف حضروا كل شيء, والاتصالات اللي كانت تصير بين موسى الحسيني وضابط في مصر.

تعليق صوتي

: كان الموقف هكذا بحسب جهات التحقيق الكولونيل عبد الله التل في القاهرة فتحت له النوافذ والسكك ومن ضمن من التقاهم في هذه السكك الدكتور موسى الحسيني وكليهما اجتمعا في القاهرة في تاريخ يقع بين اليوم الأول من أيلول سبتمبر و29 من تشرين الأول أكتوبر 1950 بالمدعو موسى أحمد الأيوبي واتفقوا معه على اتخاذ التدابير لاغتيال الملك عبد الله, ودفع التل للحسيني مبلغ من المال قدره 70 جنيه مصريا لتمكينه من ترتيبات الاغتيال ووعده بدفع مبلغ قدره خمسون ألف جنيه مصري بعد إتمام العملية.

علي محافظة

: كان مجموعة من الفلسطينيين برئاسة الحاج محمد أمين الحسيني والتي كانت تمثل الحزب العربي الفلسطيني في أيام الانتداب، هذه المجموعة لم تقبل بوحدة الضفتين لأنها كانت تود أن تقوم حكومة فلسطينية وأن يكون الحاج أمين الحسيني على رأسها ولهذا أيضا استفادت مصر والسعودية من هذا الوضع وأنشأت حكومة في غزة هي حكومة عموم فلسطين.

طارق مصاروة

: حكومة عموم فلسطين لم تكن على ارض فلسطين كانت في عمارة الأموبيليا على سطح عمارة الأموبيليا في القاهرة، والحج أمين نفسه ما قبل يكون رئيسها خوفا على هيبته, فعمل حكومة من مجموعه ناس ليس لهم في فلسطين حتى في غزة ما إلهم هداك الوجود.

علي محافظة:

كل المؤشرات تدل على أن الاغتيال قد تم باتفاق بين جماعات الحاج أمين الحسيني.

طارق مصاروة

: الذي اغتال الملك عبد الله شخص غير معروف، هل كان بتنظيم الهيئة العربية العليا ولم يكن لها تنظيم، اللي كان التنظيم كان قائم على جمال الحسيني وعبد القادر الحسيني ومجموعة من العائلة، عائلة الحاج أمين الحسيني, لكن جماهير لم يكن له جماهير منظمة ظل إله معجبين, أما جماهير منظمة بالمعنى لم يكن عنده ولذلك كان سهلا تفتيتها.

تسفي ألبيلغ

: أعتقد أنه كان المفتي وأعوانه ومن ناحيته كانت له أسبابه ولذلك الحاج أمين الحسيني في عام 1935 أقام الكيان الفلسطيني السياسي، اللجنة العربية العليا بصفته رئيسا وأخذ قبائل وعائلات تخاصمت فيما بينها منها عائلات الحسيني والنشاشيبي وبقية العائلات، وألف منها كيان وطنيا وفجأة جاء الملك عبد الله الموجود في الجهة الأردنية والذي قدم أصلا من الحجاز ثم أقاله وتظاهر الملك عبد الله بأنه السلطة العليا لدى الفلسطينيين أقاله من منصبه وهذه سخافة تامة, ولكن هذا ما حدث ويجب ألا تكون هناك أي شكوك بهذا الموضوع.

محمد الأزعر

: لم ينفِ الملك عبد الله كراهيته للحاج أمين الحسيني وكما قلت كان يصفه أنه مشؤوما أينما حل يؤدي إلى هزيمة كان رأيه فيه سلبيا وكان الحاج أمين الحسيني رأيه في الملك عبد الله أيضا سلبيا باعتباره ضالع ومتعامل مع الجانب الانجليزي ومع الجانب اليهودي ومعتمدا عليهم, وانه انشأ مملكه من العدم ويريد أن يوسعها ويحولها إلى إمبراطورية من لا شيء وانه يعني لم يكن صاحب صلة أساسية بالموضوع الفلسطيني بصفته قادما مهزوما من منطقة الحجاز إلى آخره..

طارق مصاروة

: الحاج أمين الحسيني أنا شفته بعمان، حسيت أن الرجل كان اقل مما أعطي له من قيمة قيادية وقيمة فكرية واللي عمله وقتها انه راح عند هتلر وكان أدولف هتلر معبود العجز العربي لأنه العجز العربي كان يجب أن يقاتل الانجليز، العجز العربي كان يتأمل ألمانيا تنتصر فننتصر إحنا, فالحاج أمين الحسيني لم يكن ذلك الوزن الله يرحمه بس الملك عبد الله كان وزنا.

تسفي ألبيلغ

: أعتقد أنه ليس هناك أحدا يعرف المفتي أكثر مني على رغم أنني لم التقي به في حياتي لكني على يقين أني اعرف كل ما كتبه أو فعله طوال حياته حتى وفاته سنه 1974 توجد لدي هنا أيضا الصحيفة التي أصدرها في لبنان حينما كان يتقلد هناك منصب المفتي كان زعيما حقيقيا، وأهم من ذلك أنه كان صاحب مثلٍ عليا ومن الناحية العربية فقد كان ظاهرة استثنائية فهناك كتابٌ بعنوان: قضية الأرض في فلسطين، توجد فيه قائمةٌ بأسماء جميع العائلات والزعماء الذين شاركوا في بيع الأراضي لليهود ثمة اسم واحد، ثمة اسم واحد لم يُذكر فيه هو اسم المفتي، كان هناك قضاة يحكمون على الأشخاص الذين باعوا أراضي لليهود وكان هناك قضاة شرعيون فرضوا الحرمان على الأشخاص الذين باعوا أراضٍ لليهود وبعد أن أصدروا أحكاماً وفرضوا الحرمان حصل القضاة على المال وباعوا الأراضي بأنفسهم ولكن المفتي لم يكن بينهم ولم تلطخ يداه إنه عدو اليهود عدو الدولة اليهودية يجب قول الحقيقة.

[فاصل إعلاني]

تعليق صوتي:

المفتي والملك، الملك والمفتي كانا على تناقضٍ كامل ولكي يخطا لنفسيهما طريقاً في التاريخ كان عليهما أن يسيرا في مساراتٍ متباعدة فإذا كان الملك عبد لله نجح في الحفاظ على بقيةٍ من فلسطين فإن المفتي نجح في جعل قضية فلسطين قضية العرب والمسلمين المركزية وربى جيل الحركة السياسية الفلسطينية التي لن تقبل الحلول الوسط وستقاتل إلى النهاية، في المقابل نجح الملك عبد الله في الحفاظ على شيء، ولما مرت الأيام وجرب المفتي وتلاميذه كل محاولاتهم لاستعادة فلسطين لم يجدوا إلا ما تركه الملك عبد الله للتفاوض عليه وبناء الدولة.

وليد صلاح:

في أثناء ذلك أجا موسى الحسيني لعندي على السجن وقل لي: هذا رجل آدمي كويس يا أخ وليد لو تفلته وكذا إلى آخره، قلت له: طيب، سيبه، وفي بداية الأمر أنا كنت أشك إنه موسى الحسيني يكون له يد وحطيت أنا رقابة على موسى الحسيني حتى أشوف صحة من عدم صحة أقوال عبد الله عكة عن كل ما سرد لي إياه ووجدنا أن كل ما قاله عبد الله عكة هو صحيح وأن موسى الحسيني هو اللي كان الصلة بينهم وبين القاهرة ألقينا القبض على موسى الحسيني.

محمد الأزعر:

الجانب الإسرائيلي أيضاً وأنا أضع هنا بضعة خطوط، لأنه كان مستفيداً أيضاً من احتمال غياب الملك عبد الله، لأن الملك كان بحسب رؤيتي يمد يده للتسوية معهم وكانوا لا يريدون التسوية في حقيقة الأمر، خشوا من إنه فلت يذهب إلى حد إمكانية إبرام اتفاق سلام معهم وهذا يُحجم مطالبهم بشكل معين في الوقت ذاته الذي كانوا يتساءلون فيه ما الذي يجبرنا على إمكانية عقد تسوية ونحن الأقوى ونحن المستوليين على المشهد العسكري؟ وكانت مصر قد انسحبت من جنوب فلسطين، وكان الوضع العسكري العربي مهلهلاً بشدة والوضع السياسي أيضاً، الخلافات السياسية العرب يعني كانوا يأكلون بعضهم بعضاً نتيجة الهزيمة وبالتالي ما الذي يفرض عليها أن تبرم تسوية إرضاءً أو خجلاً من مواقف الملك عبد الله السلمية؟

تسفي ألبيلغ

: إسرائيل من ناحيتها في نهاية الأمر اعتبرت الملك عبد الله جاراً أكثر اعتدالاً من الجيران الآخرين، أكثر اعتدالاً من سوريا مثلاً وأكثر اعتدالاً من مصر لأن هذا النظام كان أكثر براغماتيةً، ومن وجهة نظر إسرائيل كان يمكن للملك عبد الله أن يمحو الكيان الفلسطيني وأن يحول الفلسطينيين إلى أردنيين، هذا لم يزعج إسرائيل بل ربما على النقيض من ذلك لأنه من الناحية الموضوعية يمكن للفلسطينيين أن يكونوا أردنيين لا يفصل بينهم شيءٌ لا تاريخٌ ولا لغةٌ ولا دين، لا شيءَ يفصلُ بينهم.

طارق مصاروة:

كان طرح موضوع الموادعة وعدم الاعتداء مع الإسرائيليين هم لم يكونوا يريدون ذلك كان مبدأ بن غوريون أنه خطوط الهدنة يجب أن لا تتحول إلى حدود ولذلك يجب ضربها بشكل مستمر، هو بده يخلي هذا الغشاء الخفيف العازل يكون قابل للخرق بشكل مستمر فدعوة الوادعة تبعة الملك عبد الله كان بن غوريون ضدها لأنه ما كان بده عدم اعتداء هو كان بده استمرار الاعتداء.

محمد الأزعر:

اليهود كما تخلصوا من الكونت برنادوت لأنه تبنى تقريبا هذا المشروع بضم شرق فلسطين إلى شرق الأردن وتكوين مملكة أردنية وضم القدس بشكلٍ أو آخر لاسيما الشرقية منها فكما تخلصوا من برنادوت ومشرعه ينبغي أن يتخلصوا من الملك عبد الله اللي كان المشروع تقريباً هو خلفية مشروع الكونت فولك برنادوت وبالتالي تخلصوا من صاحب المشروع التطبيقي وهو برنادوت وصاحب المشروع نظرياً وهو الملك عبد الله.

وليد صلاح:

أنا في قضيتي ما بين اشي اسمه أجنبي إلا كله عربي.

محمد الأزعر:

يقول بن غوريون في ذلك بأنه قبيل الاغتيال بقليل كان الملك عبد الله يعني قد دخل في مباحثات معهم مع الجانب الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاقية سلام بما في ذلك تحديد أحد مينائي حيفا أو يافا لكي يكون مخصصاً لمرور الأردن وإطلاله على البحر المتوسط وكان الاتفاق يدور فقط حول عرض هذا الطريق الذي يمر من الأردن إلى المتوسط وكيفية إدارته، عندئذ حدثت واقعة الاغتيال هذا هو المناخ العام الذي جرت فيه العملية.

أمين اسكندر

/ قيادي بحزب الكرامة تحت التأسيس: ده جزء من فتح علاقات يعني الراجل بيقابل ضيوفه في سرية تامة وليه طلبات وهو ليهم طلبات وبيروحوا يجيبوهم إما بيغيروا الزي أو بيجيبوهم في سيارة ملكية أو بيأجروا سيارة، حسب الوضع الأمني يعني اللي بيمارسوه وضابط وحيد في الحرس بتاع الملكي هو اللي بيروح بيجيبهم اللي هو كان عبد الله التل في ذلك الوقت.

وليد صلاح:

موسى الحسيني اعترف بأنه صديق عبد الله التل لأن عبد الله التل أصبح حاكما للقدس وموسى الحسيني تعرف عليه في القدس.

محمد الأزعر:

من الواضح أن في جانب في العلاقة أو في علاقة الملك عبد الله بالإنجليز وبالجانب اليهودي لم يكن يطلع الجميع عليه يعني كان فيه جانب سري من هذه العلاقة، بعض الجوانب السرية اتضحت لاحقاً عندما تم الحديث مثلاً عن اتفاقية الشونة ما بين الجانب اليهودي وبين الملك عبد الله في 30 مارس تقريباً سنة 1948 حضر الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر بين الجانب اليهودي وما بين رئيس الوزراء الأردني وواضح أنه لم يكن يطلع القيادات من نوعية عبد الله التل وغيره في المستويات الأدنى في القيادة العسكرية على كل ما يجري ولذلك ربما يكون عبد الله التل فوجئ ببعض مواقف الملك.

طارق مصاروة:

كان شب صغير طموحاته كانت أكبر مما يحتمل الوضع يعني هو كان ضابط بالجيش والملك عبد الله رفعه ترفيعات غير عادية في الجيش وكان قائد الجيش جون باجوت جلوب يعني فيه حدود ما عجبه وزعل واستقال وصار إله موقف معادي، ثار إله موقف معادي.

ناصر النشاشيبي:

نجمة، فهمت؟ بس.

تعليق صوتي:

كان عبد الله التل أول الضباط الطموحين في العالم العربي، كان تمرده فاتحةً لجيلٍ مستمرٍ من الضباط العرب الشباب الذين قرروا الاستيلاء على السلطة بأنفسهم، كان التل ضابط اتصال فذاً أدار معركة القدس وحافظ عليها، أدار المفاوضات بين الملك وإسرائيل ونقضها، أدار الصراع بين الأردن ومصر وأججه وظل إلى فترة طويلة يُنظر إليه على أنه القائد العربي الكبير فيما ينظر إلى الملك عبد الله على أنه من ضيع فلسطين في السلام خاصة وأن الرجلين من زمن الأبيض والأسود.

أمين اسكندر:

في حالة الملك عبد الله كما قلت لك أنه تنازل عن أراضي في فلسطين بالاتفاق مع الإسرائيليين دون علم الفلسطينيين ووافق على التقسيم دون أن يعلن أنه وافق التقسيم ومنع الجيش العراقي من حرب الإسرائيليين وضرب المستعمرات الإسرائيلية بالاتفاق.

معروف البخيت

/ رئيس الوزراء الأردني السابق: الخلاف في طريقة التفكير وفي المنهجية ما بين مش الشعب الفلسطيني بعض قيادات الشعب الفلسطيني والخلاف ليس خلافا شخصيا خلاف مواقف هذا بنهج وهذا بنهج الحقيقة ومن الصعب يعني كان الملك عبد الله ينظر إلى أن هناك الحاج أمين هذه المدرسة، يرفضون كل شيء يتباكون ولا يعملون شيئاً.

عاصم الدسوقي

/ عميد سابق لكلية الآداب بجامعة حلوان: قبل 1948 لم يتفق معاهم إنه هو سيأخذ المناطق المخصصة للدولة العربية في مقابل أن هو يغمض عينه عن دخول اليهود في مناطق زيادة عن المخصص ليهم طب أمال أنت فين بقى من الميثاق العربي أمال يعني إيه أن أنت تحارب قضية اليهود ولا بتحارب قضية العرب، أنت مع مين بالضبط؟

طارق مصاروة:

أنت ما بتضم فلسطين إلك وبتنام على حرير، أنت إذا بدك تتوحد بالقضية الفلسطينية أنت بدك تتوحد بالصراع.

محمد الأزعر:

المناخ العام يحرض البعض على ارتكاب الفعل بدون ظهور الفاعل الحقيقي أو المحرض الحقيقي لهذا العمل، ومن ثم أنا اعتقد أن المناخ المحيط بالحركة السياسية للملك عبد الله وبنشاطه السياسي وبرؤاه الفكرية بمفاوضاته مع الأطراف المختلفة كل هذا المناخ ربما أدى لشخص معين أو لطائفة معينة أن تقوم بعملية الاغتيال، لكن الفاعل بيكون مصطفى شكري عشو هو الذي ضغط على الزناد لكن الذي مول هذا الرجل فكرياً وقام بعملية الحشد لارتكاب هذا الفعل ربما تكون كل هذه العوامل التي أنا ذكرتها قبل قليل ولذلك إذا كان التاريخ السياسي للمنطقة قد صمت لكل هذه الفترة عن هذا الفعل حوالي كل هذه العقود أنا لا أستطيع أن أشير إلى طرف بعينه لأن هذه مغامرة كبرى.

وليد صلاح:

موسى الحسيني في السجن أجا عندي ويعني بده يصير تحقيق طلبت أنا من توفيق باشا أبو الهدى إنه يرسلوا واحد غيري يحقق مع موسى الحسيني فأجا صلاح طوقان يحقق، فقبل ما ييجي صلاح طوقان عندي، أجت مرته لعندي للدكتور موسى وقالت لي: يا أخ وليد معقول إنه يعني زوجي يرتكب جريمة مثل هذه وكذا وأنا ما أعرفش، قلت لها: والله شوفي أنا بفتح لكي الباب الآن وبدخلك عنده وبتقعدي عنده وبتيجي أنتِ تعطيني ما تستطيعي أن تتوصلي إليه، فعلاً بعثتها على السجن، قعدت عنده حوالي ساعة ونص لساعتين وخرجت عندي وهي تبكي وتقول: ما كنت بحياتي أتصور أن يكون زوجي مجرماً.

ناصر النشاشيبي:

هو كان نائب عام، هو اللي ببراعته خلى مراته للدكتور الحسيني تعترف بأنه زوجها كان من الذين تآمروا على الملك.

المتهمون ووقائع التحقيقات

تعليق صوتي:

بدأت المحاكمة السبت الثامن عشر من أغسطس آب عام 1951 في قاعة عسكرية بالعبدلي على طريق السلط، وفي تمام الثامنة والنصف صباحاً دخل القضاة الثلاثة بالإضافة إلى النائب وليد صلاح الذي انتدب بمرسومٍ من وزير الدفاع ليكون مستشاراً عدلياً للجيش زيادةً على منصبه بعدها أقسم القضاة على القرآن الكريم وجاء في مقدمة قرار الإحالة أنه بينما كان الملك عبد الله يدخل المسجد الأقصى من باب فيصل أطلق طلقةً أصابت جلالة الملك عبد الله بن الحسين وسببت جرحاً مستديراً في أعلى عظم الوجه الأيمن مما أدى إلى حدوث نزيف داخلي أودى بحياته على الفور.

ناصر النشاشيبي:

وأنا بالمحكمة قال لي خالي كنا عم بنادي بعض يا خالي، قال لي يا خالي: ضحكوا علي وخلوني أعترف وأنا ما اعترفتش الحقيقة، ما جاوبتوش هذه محكمة أنا مش غريب على المحاكم.

وليد صلاح:

الدكتور موسى طلب مقابلتي وقال لي هالحكي أنه إذا أنا عفو عني بكتب لهم عدة مؤامرات ضد الأردن وطبعاً أنا مش صاحب حكم.

طارق مصاروة:

ثم ثبت أنها جريمة عادية وليست جريمة تركت أثر سياسي وبقي النظام السياسي بقوته.

وليد صلاح:

القضية كانت قضية مؤامرة خسيسة ما كانت لا لمأرب شريف ولا لغايات نبيلة الملك فاروق كان وراها الملك فاروق كان وراها ليش، قيل للملك الفاروق: أنه خلصنا من الهاشميين وإحنا سننتخبك خليفة للمسلمين.

طارق مصاروة:

لم يكن أحد يريد إنه يقول إنه مصر مسؤولة يعني هذا استحالة في الخلق السياسي الأردني بيجوز غيرنا يشكل محكمة مثل المهداوي ويقول أنه الملك فاروق ورئيس الحكومة وكذا إحنا عندنا حدود خلقية.

محمد الأزعر:

أنت أمام حالة محيرة في الحقيقة لكن ما يزيد من حيرة الباحث في هذا الإطار أن التحقيقات الخاصة باغتيال الملك عبد الله لم يُعلن منها شيء يُذكر.

تعليق صوتي:

وفي صباح يوم الثامن والعشرين من أغسطس آب عام 1951 وفي تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً حكمت المحكمة بالإعدام على ستة من المتهمين بتدبير مؤامرة اغتيال الملك عبد الله منهم اثنان حُكم عليهما غيابياً وهما الكولونيل عبد الله التل وموسى الأيوبي وجاء في حيثيات الحكم أن المحكمة واصلت الاستماع إلى أقوال الشهود رغبةً منها في ضمان العدالة بالرغم من الاعترافات الكافية التي أدلى بها عبده عكة وزكريا عكة وعبد القادر فرحات، أما المتهمون الأربعة الذين سمعوا الحكم عليهم بالإعدام فهم الدكتور موسى عبد الله الحسيني ويعمل في مكتب السياحة العربية في القدس وحاصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعتي لندن وبرلين وعبده محمود عكة ويعمل تاجر أغنام وزكريا محمود عكة ويعمل لحاماً وعبد القادر فرحات المعروف بأبي محمد السمير وهو صاحب مقهى في القدس بينما برأت المحكمة الدكتور داوود الحسيني وشقيقه توفيق وكامل الكالوتي والأب ابراهيم عياد من رهبان الفرانسيسكان وسكرتير بطريرك اللاتين في القدس.

ناصر النشاشيبي: ليه، لأنه تدخل البابا، فهمت ليه؟ لأنه بابا روما تدخل وطلب له العفو.

وليد صلاح:

أنا أجاني، أنا مدعي عام مش قاضي أجاني أنا الاتهام بهذا الشكل وأضافوا فيها داوود الحسيني وواحد ثاني زي زكريا هذول مش أنا اللي أضفتهم ولا أنا كان عندي بينات ضدهم هذا المدعي العام اللي أجا بعدي أضافهم.

ناصر النشاشيبي:

لو كنت أنا محل وليد بطلع بلاغ رسمي وأضمنه هذه المعاني أن التحقيق لم ينتهِ بعد وهناك أسماء ستبقى مدفونة إلى أجلٍ غير مسمى.

تعليق صوتي:

منذ يوم دفن الملك عبد الله وإلى الآن لم ينجلِ الغبار بعد وبرغم محاكمة متهمين ومعاقبة جناة والإشارة إلى محرضين إلا أن الفاعلين على اغتيال الملك عبد الله أكثر من الحصر وأبعد من الوصول برغم مرور نصف قرن وأكثر على اغتياله.