كندا – السكان الأصليون - وجهة نظر
وجهة نظر

السكان الأصليون في كندا

تتحدث الحلقة عن السكان الأصليين في كندا، المسمين بالهنود الحمر والذين يجتمعون سنويا في العاصمة أوتاوا ليطالبوا الحكومة الفدرالية بجلاء المستعمرين عن أرضهم.

– الزحف الأوروبي على كندا
– أديان مختلفة وجوهر واحد

– ممنوع على السكان الأصليين

– دفاعا عن ملعب الغولف

[تعليق صوتي]


هم الذين اختاروا ورقة شجرة القيقم الزاهية الاحمرار شعارا لكندا يتوسط علمها وهم الذين منحوها اسمها الذي يعني القرية في إحدى لغاتهم، هم الذين وقعوا ضحايا لأطول حالة سوء تفاهم في التاريخ تبدأ من تسميتهم الهنود الحمر، أهل كندا الأصليون يجتمعون سنويا في العاصمة أوتاوا ليطالبوا الحكومة الفدرالية بالكثير من المطالب من بينها جلاء المستعمرين عن أرضهم من المحيط إلى المحيط.

مشاركة أولى: أتمنى أن تتغير الأمور في المستقبل وأن نمكن شعبنا من العودة إلى أرضه وأن نكسر قيد الاستعمار الذي حاول إجبارنا بالقوة على قبول الوضع الراهن.

مشارك أول: مطلبنا الأول هو الاستقرار الذاتي لكل شعبنا أي أن يعطَى لنا الحق كمجتمع في إنشاء حكومتنا ومؤسساتنا وبالمحصلة نريد العدالة في واقعنا الكندي، العدالة الغائبة حتى الآن.

مشاركة أولى: العلاقة بين كندا والسكان الأصليين يجب أن تكون مبنية على أساس علاقة أمة مع أمة أخرى ليس على إملاء الشروط من قِبل جانب واحد.

مشارك ثاني: هذه الصورة التُقطت في أوتاوا حينما اجتمع رؤساء المقاطعات مع الوزير الأول لكندا، حينذاك قلت لهم يجب أن نذكِّر أنفسنا والحكومة الكندية بأننا نعيش هنا في أرضنا نحن وأنهم لم يحترموا الوعود والمعاهدات وأن الإيجار واجب السداد.

مشارك ثالث: إذا قررنا بين عشية وضحاها أن نسمي الدين الملقى على عاتقنا فلن نستطيع دفعه.

[تعليق صوتي]

الزحف الأوروبي على كندا

"
تعتبر كندا ثاني دول العالم مساحةً ومن أغنى بلدانه مائيا، ويبلغ عدد سكانها خمسة وثلاثين مليون نسمة، ويمثل السكان الأصليون في كندا حوالي 4% من السكان
"
         تقرير مسجل

كندا هو ثاني بلدان العالم مساحةً ومن أغنى بلدانه مائيا، طبيعته الخلابة تحتفظ بفتنتها خلال الصيف القصير وطوال الشتاء الممتد ورغم الرحابة والثراء فإن عدد سكان كندا بمقاطعاتها العشرة لا يتجاوز خمسة وثلاثين مليون ويمثل السكان الأصليون في كندا حوالي 4% من عدد سكانها ويعيشون في 2234 محمية متناثرة على امتداد كندا وفي أعقاب اجتياح الأوروبيين العالم الجديد أخذت أعداد الأميركيين الأصليين في التقلص.

مشارك أول: قبل مجيء الأوروبيين كنا أربعين مليون نسمة والآن تقلص عددنا إلى مليون ونصف المليون.

مشاركة ثانية: يمكنني القول إن مجيء الرجل الأبيض إلى أرضنا كان مأساويا لأنه أتى بأسلوبه في الحياة وبطريقة تفكيره وكأنه جاء لينزع منا كل ما نملكه.

مشارك أول: إنها حكومات استعمارية متتالية كان هدفها النهائي تهميش السكان الأصليين في كندا أي في بلدهم الأم، حاولوا تهميشنا ليقوموا بإنشاء المستعمرات وتطوير كل المجالات لنكون نحن آخر المستفيدين من هذا التطور.

[تعليق صوتي]

أظن أننا كنا في السابق أكثر تحضرا، كنا نعرف كيف نكلم الأشجار والنبات والكائنات الحية، كنا نعرف أيضا كيف نتواصل فيما بيننا حتى نكون جسدا واحدا وروحا واحدة وكنا نتعارف مع الآخرين ونحترم الشعوب الأخرى، إن هذا هو ما أسميه التحضر، ابتعدنا عنه شيئا فشيئا لنصبح في الحال التي نحن عليها اليوم، نشعر بالضياع في هذا المجتمع المتدني، بيلي رجل النهرين أحد أفراد قبيلة الموهاك الكبرى قدم لنا تفسيره لما كان.

بيلي – من قبيلة الموهاك: حينما نتكلم عن طريقتنا في الحياة فهي بأسرها مبنية على مفاهيم المجتمع، كيف نتعامل مع بعضنا كأفراد ونحدد المسؤوليات داخل المجتمع بعدالة ولكن الاختلاف يكمن في أن تلك العدالة تتضمن مسؤوليات متعددة، أي أن مسؤولية المرأة تختلف عن مسؤولية الرجل رغم تساويهما، المفهوم الأوروبي كما نعرفه يقسم المهام، أي أن الملك والملكة هما في قمة الهرم بينما يقبع الباقون في الدرك الأسفل منه.

[تعليق صوتي]

يتفق أهل كندا الأصليين على اختلاف شعوبهم على الأيمان بالتكافؤ المطلق بين النساء والرجال رغم اختلاف الأدوار، إلين غبريل تفسر الخلل الحالي.

إلين غبريل – من السكان الأصليين: جرد الأوروبيون منذ مجيئهم المرأة الأصلية من قيمتها، تم سن القوانين في كندا لسلب قوة المرأة الأصلية وسلطتها وهذا ما أعطى الرجل سلطة أكبر.

مشارك ثاني: المرأة هي الحارسة على الأرض في مجتمعنا وبما أن بعضا منهن قد تزوجن بالرجال الأوروبيين فقد طُرحت مشكلة الأرض فالمرأة عندنا هي المسؤولة عن الأرض ولكن الأوروبي يقول إن الأرض ملكي، إنها العقلية الإقطاعية.

مشاركة ثانية: إنهم لا يفهمون حياتنا ولا كيف كنا نعيش قبل مجيئهم.

مشارك ثاني: إن فلسفة شعبنا هي التعايش والمشاركة والاحترام.

[تعليق صوتي]

سنت كندا ما سُمي بقانون الهنود الحُمر عام 1867 وهو عام تأسيس الاتحاد الكندي وشرعت الحكومة في انتهاج سياسية الإدماج الإجباري لأطفال القبائل في المجتمع المتحضر فأنشأت العشرات من المدارس الداخلية التي كان يُزج بالصغار الهنود فيها بعد أخذهم عنوة من أهلهم.

مشارك أول: فترة المدارس الداخلية كانت بلا شك المرحلة السوداء في تاريخ السكان الأصليين في كندا.

مشارك رابع: إن المدارس الداخلية هي من أسوأ سياسات الإدماج.

مشارك خامس: لقد أُجبرت وأنا في سن الخامسة مع مجموعة من أفراد مجتمعي من منطقة لاموس على مغادرة أسرنا، كنا نسمع دائما أنهم يريدون تحويلنا من متوحشين إلى شباب متحضر، لم ينجحوا إلا في إذلالنا واحتقارنا حتى فقدنا ثقافتنا، لغتنا وثقتنا في أنفسنا.

مشاركة ثانية: منذ ذلك الوقت أخذت الأمور تتعلق بالنسبة لنا لأنني لم أعش طفولة عادية تدفع بي نحو حياة أفضل.

[تعليق صوتي]

التقينا في مقر جمعية الشفاء لضحايا المدارس الداخلية في أوتاوا بالسيد جارنيت أنجيكونيب وهو واحد من مائتي ألف ضحية مازالوا رغم مر السنين بحاجة للمساعدة.

جارنيت أنجيكونيب – من ضحايا المدارس الداخلية: أهم ما أثَّر فيّ هو أنني أُخذت بالقوة من عائلتي، لم يُسمح لي بالعيش معهم، لم يُسمح لي أن أعيش في مجتمعي، لقد عانيت كثيرا، لطالما شعرت بوحدة قاتلة لأنهم حرموني من أن أكون فردا في أسرة، هذا الشعور الذي يتمتع به الكندي العادي كل يوم وهذا أغضبني كثيرا وخلق عندي شعور الكراهية لأن الذي يؤخذ منك هكذا لا يمكنك استعادته.

مشارك رابع: هذا يعني عمليا أن الطفل ينشأ دون أن يعرف أصله ودون أي إحساس بالانتماء، يكبرون دون عاطفة البنوة لأنهم محرومون من الأهل.

مشارك أول: لقد كان تصرفا حقيرا من المستعمر لم يشهد مثله قط السكان الأصليين.

[تعليق صوتي]

ولم تنته تلك المعاناة إلا في النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين.

مشارك سادس: كانت تلك المؤسسات حافلة بكل أنواع التجاوزات، العقاب الجسدي، التحرش الجنسي وحظر علينا التكلم بلغتنا لأن الشيء الذي أرادوا مهاجمته حقا هو اللغة، كان بعض العاملين في تلك المؤسسات يتحرشون جنسيا بالأطفال وهذا شيء مؤلم، هذا من أفظع الجرائم التي يمكن أن تُرتكب في حق أطفال أبرياء، كانت هناك أيضا تجاوزات دينية لأن الأطفال الذين أُجبروا على الذهاب إلى تلك المدارس لم يكن لهم الحق في ممارسة تقاليدهم الدينية لإحياء علاقتهم بالخالق بل أُجبروا على اتباع الكنائس والطريقة المسيحية وهذا ما خلق نوعا من الغموض الروحي عند الطفل.

[تعليق صوتي]

أديان مختلفة وجوهر واحد

التبشير بالصليب هداية للوثنيين، ارتفعت أبراج الكنائس في كل مكان وتولى القساوسة رسم سياسات التعامل مع الهنود لدمجهم في الدين والدولة.

"
لا يوجد لدينا ما يماثل المفهوم الغربي للدين وإنما لدينا ما نسميه بالروحانيات التي تجمع بين الثقافة واللغة والأرض وتشكل مرجعيتنا وطريقتنا في الحياة
"
           مشارك

مشارك ثان: حينما نتحدث في إشكالية الدين ينبغي أن يكون واضحا منذ البداية أنه لا يوجد لدينا ما يماثل المفهوم الغربي للدين وإنما لدينا ما نسميه الروحانيات التي هي متداخلة في المجتمع وتجمع بين الثقافة واللغة والأرض وهذه كلها تشكل مرجعيتنا وطريقتنا في الحياة بعيدا عن مفهوم الدين الأوروبي الذي يختلف تماما عن مفهومنا.

[تعليق صوتي]

الدين لدى شعوب السكان الأصليين المختلفة قد يتنوع في مظاهره وطقوسه ولكنه واحد في جوهره القائم على فكرة الاحترام العميق للحياة بكل أشكالها وللطبيعة بتجلياتها الوفيرة المتنوعة.

مشاركة ثانية: الآن نعود تدريجيا إلى منبعنا الديني وقيمنا الروحية فنحن نبحث عن هويَّاتنا وعما تركه لنا أسلافنا من قيم ومعتقدات وطقوس وأظن أننا بفضل هذا يمكن أن نستعيد قوتنا كشعب.

مشارك سابع: أظن أنه من الضروري الاحتفاظ بتقاليدنا الدينية لأنها مرتبطة بالأرض.

مشارك ثاني: الأرض هي أساس وجودنا، تطعمنا وتكسونا وتمنحنا المأوى ونمشي عليها.

[تعليق صوتي]

تقول صلاتهم، علينا ألا ننسى أن كل فجر جديد مقدس وأن ضوء الشمس مقدس وأن كل الناس الذين يعيشون فوق الأرض لهم حرمتهم المقدسة، من خلال السلام مع محيطنا نصل للسلام مع أنفسنا وحين ذاك نرى الخالق العظيم ونعرفه، بعد قرون من التجاهل والإقصاء سمحت الدولة الكندية للسكان الأصليين بإنشاء مدارسهم الخاصة التي مثلت الرد العملي على المدارس الداخلية، الآن صار بإمكان صغار الجيل الجديد من السكان الأصليين أن يتعلموا لغتهم الأم تعليما نظاميا وأن يتعرفوا من مدرسيهم على تاريخ أمتهم وقبيلتهم، هذا بالطبع إلى جانب التعليم الحكومي العام المكفول مجانا لكل الكنديين إلى ما قبل الجامعة.

مشارك ثامن: في مدرستنا هذه نحن نقرر ما ندرِّسه للأطفال كما يجري في المدارس الأخرى، نعلمهم عن الكون والطبيعة وكذلك كيف يحافظون على لغتهم داخل البيت ومع أهلهم ونحاول أن لا نهمل شيئا.

مشاركة ثانية: لغتنا الأصلية مهمة جدا، إنها المكون الأساسي لحياتنا، يجب الاحتفاظ بها كمكون أساسي لهُوية شعبنا.

مشارك ثامن: بالنسبة لي اللغة تعتبر رمز وجودنا في هذا الكون فأينما ذهبنا تُعرف بنا وبمعتقداتنا.

مشاركة ثالثة: أريد أن أتعلم لغتي لكي أتعرف على جذوري وعلى أجدادي.

مشاركة رابعة: أشعر بسعادة كبيرة حينما أتكلم لغتي، إنها تعبر عن هُويتي ووجودي.

[تعليق صوتي]

يقول الدستور الكندي إن كندا بلد يشجع التنوع الثقافي واللغوي بين أهله ويعتبر حفاظهم على هُويتهم الثقافية والحضارية أداءً لواجبهم تجاه وطنهم والأغنية التي ينشدونها هي أغنية الحرية.. الحرية للجميع.

[مقطوعة غنائية]

أوبيدجوان أرضي.. أوبيدجوان أرضي لأنني ولدت فيها، أحب الورد والأنهار ومجاري المياه، أغني في قاربي وهو يطوف بي وأنظر إلى السماء التي يسكن فيها خالقي.

[تعليق صوتي]

كان من الضروري أن نذهب إلى السكان الأصليين في بيئتهم الطبيعية، اخترنا أن نذهب على أوبيدجوان رغم طول الطريق المؤدي إليها ووعورته، تبعد هذه المنطقة أربع ساعات عن أقرب المدن إليها مما يُصعِّب إمداد أهلها باحتياجاتهم اليومية خاصة إذا ما ساءت الأحوال الجوية، مثلت أوبيدغوان مكانا مثاليا لإقامة محمية لا تتوفر بها أي بنية أساسية إنتاجية مما يجعل سكانها تحت رحمة الحكومة المركزية على الدوام ولا يتجاوز عدد سكان المنطقة برمتها ألفين ومائة فرد، احتفظ الكثيرون من سكان أوبيدغوان بأسلوبهم التقليدي في الحياة ومازالوا متشبثين بالعادات والتقاليد التي ورثوها عن أجدادهم، رغم مظاهر الحياة الحديثة في بيوتهم إلا أن كل ركن من أركانها يحفل برمز مرتبط بالمعتقدات العميقة الجذور لتلك الأمة.

[موجز الأنباء]

ممنوع على السكان الأصليين

مشاركة خامسة: إننا نحاول أن نعلم أبناءنا تقاليد ومبادئ أجدادنا، نعلمهم الصيد وتحضير الطعام، إن هذه التقاليد والمعتقدات هي التي حفظتنا من الزوال فاستطعنا الصمود لأننا نؤمن بالخالق وبالأرض الأم.

[تعليق صوتي]

رغم البرد القارس وقسوة الطبيعة يستطيعون تدبر أمورهم ويتأقلمون تماما كما كان يفعل أجدادهم الذين أقاموا خلال ألفي سنة، نظام حضاري واضح الملامح، الكنيسة يضعها المعمار الحكومي في صدارة كل محمية، لا يسمح القانون لغير السكان الأصليين بالسكن في هذه المحميات، لابد أن يكون المواطن مسجلا لدى وزارة شؤون السكان الأصليين وأن يحمل هُوية الأمة الأولى أو أن تربطه علاقة الزواج الرسمي بمن يحمل تلك الهُوية، حينما التقينا صدفة بعزوز العربي المغربي المتزوج من أليس الكندية الأصلية أدركنا للوهلة الأولى أن بيننا الكثير من أوجه التقارب والتشابه.

عزوز – عربي يعيش في كندا: منذ وصولي إلى هنا إلى أوبيدغوان وجدت الاستقبال جيدا فيما يخص على المستوى العائلي وعلى المستوى (كلمة بلغة أجنبية) كما نسميه بالفرنسية، الناس يقاسموننا نفس العادات ونفس التقاليد فيما يخص التقاليد الدينية وفيما يخص التقاليد اليومية التي نقوم بها في المغرب.

زوجة عزوز – كندية الأصل: هناك عدة تشابهات وجدتها عندما زرت المغرب فقدت وجدت الناس هناك طيبين ومضيافين ولديهم روح التعاون، لاحظت ذلك خاصة عندما حضرت عيد الأضحى.

"
هناك تشابه بين العرب والسكان الأصليين وذلك بسبب الاستعمار الأوروبي للمنطقتين، ولكن الفارق إننا ما زلنا مستعمَرين ولم نتحرر
"
              مشارك

مشارك سادس: أظن أن هناك تشابه بين العرب والسكان الأصليين لأن الأوروبيين استعمروا المنطقتين والفارق هو أنكم استطعتم أن تُخرجوا المستعمر وتتحكموا في بلادكم ولكننا نحن لم نتحرر وما زلنا مستعمَرين من طرف أبناء المستعمر.

[تعليق صوتي]

داخل حدود المحميات حُرموا من التجوال والصيد فانقطعت صلتهم الشافية بالطبيعة وحولتهم فكرة وجودهم في محمية إلى محض مستهلكين لا يعملون ولا ينتجون وأخذ الشباب وهم أغلبية بينهم يتساءلون سؤال الهُوية، من أنا؟

مشارك سابع: إنني أتعاطى كل أنواع المخدرات هروبا من واقع مرير، لقد قتلوا فيّ مشاعري وإحساسي، لم أعد لديّ مناعة روحية تحميني وأشعر كأنني جسد بلا روح، حاولت الانتحار وفشلت فكرت في هذا الخيار لأنه لم يعد لديّ هدف للبقاء حيا فما من حياة عائلية ولا حياة اجتماعية مناسبة، لقد أصبحنا تحت رحمة حضارتهم التي دمرتني ودمرت آبائي وأجدادي.

مشاركة ثانية: هناك مشاكل عديدة داخل مجتمعنا هنا مثل مشكلة الخمر والمخدرات والانشقاقات التي حدثت بين الجماعات بسبب السلطة؟

مشارك أول: الفكرة السائدة هي أن السكان الأصليين في كندا يعامَلون جيدا بكل شيء له مجال التعليم والسكن والرعاية الصحية ويدفعون ضرائب كباقي الكنديين ولكن الذي لا يُنظر إليه هي الأوضاع في مناطق السكان الأصليين الذين هم في السنوات الأخيرة الأوضاع في الشمال ومنطقة لاباردور حيث الأطفال يستنشقون البنزين، أطفال يرغبون في الموت، الأوضاع سيئة حيث تعيش بعض المناطق بالماء الملوث الغير صالح للشرب، أوضاع مجتمعات تفتقر إلى الخدمات كمنطقة الكوكيين والتي تبعد أربع ساعات عن العاصمة أوتاوا وليس بها ماء ولا كهرباء.

مشاركة أولى: هناك مطالب كثيرة منها تقرير مصيرنا وإنشاء علاقات جديدة ليست مبينة على مليارات الدولارات.

مشارك ثالث: يقول فليكس لوكلير وهو شاعر كندي، أعطِ أجرا للذي لا يشتغل وسوف تقتله وهذا ما يحدث عند السكان الأصليين، إنهم في طريقهم إلى الموت لأنهم جُردوا من هويتهم، إنهم لا يمارسون تقاليدهم ولا يمارسون الصيد لأن أغلب مياههم قد لُوثت.

[تعليق صوتي]

حقق السكان الأصليون أرقاما قياسية من الإصابة بالفشل الكبدي وسرطان الرئة، الحكومة توفر لهم الكفيير مجانا وفي المقابل يصعب جدا على الواحد منهم الحصول على عمل لائق فلجأ الكثيرون منهم إلى بيع الدخان وهي التجارة التي صارت عمادا لاقتصاد أغلب محمياتهم.

مشاركة سابعة: الكثيرون يغادرون مناطقهم لأنه لا يوجد فيها عمل لهم وهناك مَن يهاجر بسبب المشاكل العائلية والضغوط داخل الأسرة أو بسبب خمر أو عنف داخل الأسرة وهذه الأسباب هي عموما ما يدفع الشباب إلى الهجرة والاستقرار داخل المدينة.

[تعليق صوتي]

مونتريال هي المدينة التي يسميها أهلها الجوهرة، تأسست على أنقاض قرى السكان الأصليين المحروقة وعانت من صراع استعماري ضارٍ بين الفرنسيين والإنجليز ثم تحولت إلى ملاذ للهاربين من الصراعات في أوطانهم، كان نفوذ الكنيسة البورتستانتية هو السائد في مونتريال حتى الستينيات حينما قام أهلها بثورة هادئة منحت المدينة وجهها العلماني وسط المدينة الثري حيث واجهات المحال الفخمة لا يستطيع أن يخفي الوجوه البشرية البائسة التي تطالعك عند الأركان، إن أوضاعهم صعبة للغاية بسبب عائق اللغة وبسبب الصدام الثقافي فهؤلاء الناس يأتون من مجتمعات صغيرة خاصة من الشمال من منطقة بحيرة تغيمز أو شيموكونو مثلا يذهبون إلى المدينة وهم ليسوا معتادين على ضجيجها وسرعتها وزحام سكانها، اليوم يسقط الثلج وهذا صعب بالنسبة للذين يجدون أنفسهم في الخارج.

مشاركة أولى: إنها حياة صعبة لأن السكان الأصليين حينما يهاجرون إلى المدينة لا يجدون فيها ما يتعرفون عليه ولا ما يحترمهم ويعترف بثقافاتهم كسكان أصليين.

[تعليق صوتي]

تقدم جمعية الصداقة بمونتريال خدماتها للآلاف من السكان الأصليين الذين يتدفقون على المدينة هربا فيما يبدو من كآبة معازلهم والمدينة الكبيرة المزدهرة توفر بالفعل عملا ليليا لآلاف الهنديات اللواتي يعشن فيها هربا من الفقر والعنف الأسري وتقول إحصائيات رسمية أن نحو خمسة آلاف امرأة أصلية على الأقل يتاجرن بأجسادهن في مونتريال، الإحصائيات تشير كذلك إلى أنه لم يبق في المحميات غير 30% فحسب من النساء الشابات.

فتاه هندية: لم أر الطريق لكي أجد نفسي لأن الطرق كانت مليئة بالمطبات ولم يكن سهلا كذلك التعارف مع أصدقاء جدد أو إيجاد فرصة عمل لأبدأ حياتي من جديد.

مشاركة ثامنة: إنهم يعانون قبل أن يأتوا هنا ولكي يهربوا من هذه الحالة أدمنوا الخمر وتعاطوا المخدرات والدعارة بالنسبة لهم هي طرق لإيقاف الألم ولكن ما يقومون به هو تدمير أنفسهم ولكنهم لا يشعرون.

[تعليق صوتي]

دفاعا عن ملعب الغولف

في ربيع عام 1990 قررت بلدية مدينة أوكا المجاورة لمحمية كانيساتاكي إضافة تسع حفر جديدة لملعب الغولف على حساب غابة صغيرة تابعة للمحمية وحينما همت الجرافات لاجتياح الأشجار فوجئ الجميع بأن السكان الأصليين قرروا بعد خمسة قرون من الاستلاب الدفاع عن ممتلكاتهم فاحتشد مائتان من رجال قبيلة الموهاك بعضهم يحمل السلاح وفي مواجهتهم حشدت الحكومة الاتحادية أربعة آلاف جندي حاصروا المقاومين ثمانية وسبعين يوما حتى اضطرت الحكومة تحت الضغط الدولي وخوفا من حدوث مذبحة تسيء لصورة كندا عالميا اضطرت على مضض للاستغناء عن حفر الجولف التسع الجديدة وانتصر الموهاك.

مشارك سابع: السبب الرئيسي في أزمة أوكا هي الأرض والأرض هي أهم الأسباب التي تدفع شعبنا للمقاومة وهذه كلها أرضنا.

مشارك أول: من ناحية المبدأ ما قام به الموهاك يعد مهما من ناحية رد الفعل نفسه وليس متعلقا بطبيعة الأرض المتنازَع عليها لأن شعب الموهاك أراد أن يظهر في ذلك الوقت أن الطريقة الوحيدة للحفاظ على الأرض هي اللجوء للسلاح.

مشاركة أولى: إن هذه الأزمة منحت شعبنا شجاعة كبيرة لكي يقف متحديا الاضطهاد وأن يفخر بنضالهم في سبيل حقوقهم.

[تعليق صوتي]

حكاية أوكا التي أطلقت شرارة المقاومة لدى السكان الأصليين أدت كذلك إلى تعالي الأصوات المضادة لمَن هم بحسبها هنود وحمر الذين وُصفوا بأنهم عالة على كندا وأنهم بؤرة الانحراف والجريمة في المجتمع الكندي.

مشاركة أولى: في بعض الأحيان لا يعتبر الناس هنا أنفسهم عنصريين بل يبررون ذلك بأنهم يدافعون عن القيم الأخلاقية لكندا.

مشارك سابع: العنصرية ضد شعبنا كانت دائما تحت السطح وكلما وقعت أحداث كهذه فإنها تطفو على السطح.

مشارك أول: كلما صمدنا كلما كثر الكلام عنا وكلما طالبنا بحقوقنا خاصة إذا ما كانت الأمور تتعلق بالأرض عندها يتعاظم التخوف من شعبنا.

مشارك ثامن: أقول بهدوء إن مجتمعنا لا يبالي بعنصرية البيض، إننا نقف صامدين في سبيل حقنا، نطرح المشاكل ونتخذ إجراءات ميدانية إذا تطلب الأمر.

[تعليق صوتي]

ظهرت عناوين صحفية أثناء أزمة أوكا تحذر من مؤامرة الهنود الحمر لإعادة كندا نصف ألفية إلى الوراء وعادت مفردات كمتوحش وهمجي بل ووثني إلى الألسنة ولكن المشهد الإعلامي الكندي يتضمن كذلك وجوها كألن بيكار الصحفي بتلفزيون راديو كندا الذي كرَّس جانبا كبيرا من حياته المهنية لتلمس حقيقة السكان الأصليين فآمن بهم ودافع عنهم.

مشارك ثالث: الكنديون ولا أقول كلهم بل أقلية منهم لا يحبون السكان الأصليين لأسباب عديدة أولها الجهل فهم لا يعرفون تاريخ بلدهم ولا يعرفون المراحل التاريخية التي أثرت في العلاقة بين البيض والهنود الحمر وكذلك بسبب الإعلام الذي لا يتكلم عنهم إلا حينما تكون هناك أحداث مأساوية.

مشاركة أولى: تتطلب إثارة قضايانا إعلاميا هنا وقتا أطول، إعلامنا موجه ليغذي الصور السلبية للإنسان المتوحش صاحب الريشة غريب الأطوار.

مشاركة سابعة: عندما يقع حدث ما فمن مسؤولية الصحافي أن يغطيه فإذا كان الحدث سلبيا فهو يغطيه بسرعة ولكن إذا كان إيجابيا فعلينا أن نبذل مجهودا لندفع بهذا النوع من الأخبار حتى يتسنى للمشاهد أن يكتشف إيجابيات الوجه الآخر لثقافة السكان الأصليين.

مشاركة أولى: إنهم لا يغطون المواضيع الجيدة والإيجابية بشأن مجتمعنا وهذا خطأ لأنه يغذي مشاعر العنصرية في المجتمع الكبكي.

[تعليق صوتي]

دفعهم ما عانوه من تشويه الإعلام لهم إلى إنشاء محطات للإذاعة ناطقة بلغات السكان الأصليين وهي محطات توصف بأنها قليلة التمويل عميقة التأثير.

مشارك ثالث: عندما وقعت هذه الأحداث التي تُعرف بأحداث أوكا حاولت بصفتي صحفيا أن أغطي بعض التجمعات عند الموهاك بجنواجي ولكن لأنني لم أكن موهاك لم ُيسمح لي بالدخول إلى أماكن تجمعاتهم وحينما سألتهم لماذا؟ أجابوني، أنت لست موهاك، أي لست من قبيلتنا.

مشارك سابع: هناك انعدام للثقة بيننا وبين البيض بسبب ما حدث لنا تاريخيا، لم ينفذوا المعاهدات ولم يحترموا الاتفاقيات، لقد حاولوا تحطيم ثقافتنا ولغتنا وحاولوا دمجنا بالقوة.

[تعليق صوتي]

تعهدت الحكومة الاتحادية بتخصيص مبلغ يتجاوز خمسة مليارات دولار خلال خمس سنوات للقضاء على الفقر بين السكان الأصليين وهو مشروع طموح ولكن المشكلة الأشد تعقيدا أمام الأجيال الجديدة من السكان الأصليين لا يمكن لأحد غيرهم هم أنفسهم حلها، إنها مشكلة الهُوية بين الماضي الموغل في العراك والحاضر المسرف في التغريب.

مشاركة أولى: أنا مواطنة من أمة الموهاك والهنود الحمر ولا أعتبر نفسي كندية، لا أقبل الهُوية الكندية التي فُرضت عليّ، لا أنتمي على كيبك ولا أشعر بأي انتماء لهذه الثقافة لأنها اضطهدت شعبها لوقت طويل.

مشارك أول: لم يكن أمام شعبنا خيار آخر كما حدث في المدارس الداخلية، لم يطلبوا منا رأينا، كل ما قالوه لنا كوسيلة من المستعمر لغسل أدمغتنا هو أننا كنديون وكلما طال بنا الزمن كلما طُرحت مشكلة الهُوية بين كيبك وكندا.

مشارك ثاني: كانياجاهوجا وبالإنجليزية يسموننا موهاك، هذا هو موطني وكانواغي هو مجتمعي.

مشارك سابع: أنا موهاك والموهاك موجودون هنا قبل كندا ومن حقنا أن نكون موهاك وسنظل دائما موهاك وسوف نموت ونحن موهاك.