الاتجاه المعاكس

واقع الحريات الإعلامية في مصر بعد الانقلاب

ألا يستهدف الصحفيون بشكل مقصود في مصر بعد الانقلاب؟ ألم يقتل ويعتقل العشرات منهم لطمس الحقيقة، أم أن الحريات الصحفية بمصر في أحسن أحوالها؟ ألا يمارس الإعلاميون عملهم بشكل طبيعي؟

حول الوضع الذي وصلت إليه حرية الصحافة والإعلام في مصر منذ انقلاب 3 يوليو/تموز الماضي، دارت حلقة الثلاثاء (15/4/2014) من برنامج "الاتجاه المعاكس" التي حاولت توصيف الواقع الإعلامي وانحسار سقف الحريات الصحفية.

واستضاف البرنامج للحديث عن هذا الموضوع الكاتب الصحفي محمد القدوسي، والكاتب الصحفي عادل درويش، وطرحت عدة تساؤلات بعد أن تحولت حرية الصحافة في عهد الانقلاب إلى مرادف للجريمة التي يعاقب عليها الصحفيون بالقتل والسجن والمصادرة والمنع من الكتابة أو الظهور على شاشات الفضائيات.

لكن في المقابل، تساءلت الحلقة عن مدى أحقية الدولة في أن تحافظ على أمنها بالطريقة التي تراها مناسبة للتصدي لمن تصفهم بصانعي الفتن، كما أن حريات الصحافة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي تعرضت أيضا للانتهاك.

وأظهرت نتيجة استطلاع الرأي الذي طرحه البرنامج عبر صفحته على موقع الجزيرة نت، أن أكثر من 92% من المشاركين يرون أن حرية الصحافة في مصر في أسوأ أحوالها، بينما رأى نحو 7% عكس ذلك.

محمد القدوسي:
ما يتعرض له الصحفيون في مصر سياسة منهجية وهو ما ذكرته هيئات ومنظمات دولية معنية بحرية الصحافة، معتبرة أن النظام والسلطات المصرية الحالية تسعى لإخافة كل الصحفيين وعرقلة نشر الأخبار بشكل مستقل.

مقارنة
حول هذه التساؤلات وغيرها يقول محمد القدوسي إنه خلال حكم مرسي لم تكن الصحافة في أوج حريتها، لكنها كانت تتجه نحو الديمقراطية، في مقابل الاتجاه الآن نحو مزيد من الدكتاتورية، بحسب قوله.

وأوضح أنه منذ الانقلاب الذي نفذه الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي قتل 11 صحفيا واعتقل نحو 80 آخرين، بينما أصيب أكثر من مائة صحفي وأغلقت 12 قناة فضائية، وعدد من المراكز الإعلامية والصحفية، ومُنع صحفيون من العمل، ومنع آخرون من كتابة مقالاتهم ومن بينهم من صنعوا وشاركوا فيما يسمى حراك 30 يونيو/حزيران الماضي.

واعتبر القدوسي أن ما تتعرض له الصحافة والصحفيون في مصر "سياسة منهجية"، وهو التوصيف الذي ذكرته عدد من الهيئات والمنظمات المعنية بحرية الصحافة والحريات في العالم، معتبرة أن النظام والسلطات المصرية الحالية تسعى لإخافة كل الصحفيين وعرقلة نشر الأخبار بشكل مستقل.

واستشهد ببيان لمنظمة العفو الدولية قالت فيه إن مصر تشهد انتكاسة كبرى لحرية الصحافة، ووصفت الصحفيين بأنهم "سجناء رأي".

كما أورد تصريحات جاءت على لسان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ انتقد فيها تدهور حرية الصحافة في مصر، وقال إن حرية وسائل الإعلام التي كانت محدودة تدهورت أكثر بعد 3 يوليو/تموز الماضي.

وقارن القدوسي بين حجم الاعتداءات التي وقعت على الصحافة والصحفيين ووسائل الإعلام بشكل عام إبان حكم مرسي، وبين تلك التي وقعت منذ الانقلاب عليه، مؤكدا الفجوة الكبرى بين الفترتين والتي جاءت المقارنة فيها لصالح العام الذي قضاه مرسي في السلطة.

عادل درويش:
من الخطأ المقارنة بين الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون خلال فترتي حكم مرسي وما بعده، ولا توجد مبررات للانتهاكات، لكن مصر تمر بظروف غير عادية، ولا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا يحدث

ليست ممنهجة
في المقابل، اعتبر عادل درويش أن قضية حرية الصحافة بشكل عام اقتصادية وليست سياسية، رافضا في الوقت نفسه التعقيب على ما ورد على لسان القدوسي، معللا ذلك بأنه لا يمتلك أدلة ولا معلومات بهذا الشأن، حيث ترك العمل كمراسل صحفي بالقاهرة منذ زمن طويل.

واعتبر درويش أن ما حدث في مصر يوم 30 يونيو/حزيران و3 يوليو/تموز لم يكن انقلابا، لأن هناك مظاهرات حاشدة دفعت الجيش لإزاحة مرسي من السلطة، بحسب قوله.

ورفض وصف ما تواجهه الصحافة في مصر بأنه سياسة ممنهجة، وقال إن طبيعة أي رجل سياسي أو أي حاكم تدفعه لأن يحول الصحافة إلى وسيلة للعلاقات العامة والدعاية له ولحكمه.

ورغم رفضه التعقيب على أي من القضايا التي يتهم فيها صحفيون بمصر بسبب ممارستهم لمهنة الصحافة، فإنه شدد على رفضه اعتقال أي صحفي، وكذلك رفض الرقابة على أي من وسائل الإعلام.

كما رفض درويش المقارنة بين الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون خلال فترتي حكم مرسي وما بعده، مؤكدا أنه لا توجد مبررات لانتهاكات حقوق الصحافة والصحفيين، لكنه قال إن مصر تمر بظروف غير عادية، ولا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا يحدث.