ياسر الزعاترة – علي الظفيري
ما وراء الخبر

تصريحات جديدة لأسامة بن لادن

نحاول في هذه الحلقة التعرف على ما وراء التصريحات الأخيرة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والتي شخَّص فيها ما يجري في العالم على أنها حرب صليبية قائمة.

– الحرب الصليبية الصهيونية
– صراع الحضارات


undefinedعلي الظفيري: أهلا بكم، نحاول في حلقة اليوم التعرف على ما وراء التصريحات الأخيرة والمنسوبة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، تلك التصريحات التي شخَّص فيها ما يجري في العالم على أنه حرب صليبية قائمة، نطرح في حلقتنا تساؤلين اثنين، ما هي الرؤية التي قدمها أسامة بن لادن في شريطه الجديد للقضايا الساخنة التي يشهدها العالم الإسلامي اليوم؟ وإلى أي حد أصاب زعيم القاعدة في اتخاذه صراع الحضارات منطلقا رئيسيا لتفسير ما يجري في العالم؟ أهلا بكم.

تطرق بن لادن لمظاهر ثقافية وإعلامية اعتبرها دليلا على الغزو الثقافي الذي يوجهه الغرب صوب العرب والمسلمين، بن لادن ركَّز على ظواهر الانحلال الأخلاقي والسعي إلى تغيير المناهج التعليمية ولذلك كمقدمة لتطويع الشعوب الإسلامية للسياسات الغربية على حد ما جاء في قوله.

[شريط مسجل]

أسامة بن لادن- زعيم تنظيم القاعدة: ماذا يعني مواصلة الغزو الثقافي الإعلامي الخبيث بإنشاء محطات متلفزة وأخرى إذاعية موجهة إضافة لصوت أميركا ولندن وغيرها لمواصلة الغزو الفكري ضد أمتنا ومحاربة عقيدتها وتغيير قيمها ونشر الخنا والرذيلة، بل وصل بهم الأمر إلى التدخل في المناهج الدراسية وتغييرها وخاصة الدينية، إنها حرب صليبية صهيونية وبماذا يمكن أن نفسر موقف فرنسا من الحجاب ومنعه في المدارس وقسوتها المفرطة في معاملة الجاليات المسلمة ثم عزمها على إنشاء محطة تلفزة في المغرب العربي لتحارب الصحوة الإسلامية هناك؟ إنها حرب صليبية صهيونية.

علي الظفيري: ومعي في هذه الحلقة من لندن عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي ومن عمَّان ياسر الزعاتره الباحث في قضايا الجماعات الإسلامية وعلى الهاتف من دنفر في ولاية كولارادو الدكتور شاكر النابلسي رئيس رابطة الجامعيين هناك ومن جنيف على الهاتف أيضا دكتور أحمد التويجري عضو مجلس الشورى السعودي سابقا ورئيس منظمة محامون عالميون من أجل العدالة، مرحبا بكم جميعا أبدأ مع السيد ياسر الزعاتره في عمَّان هل في تشخيص بن لادن لمسألة الغزو الثقافي هي في إطار الخطاب الإسلامي التقليدي الذي يتخذ عادةً موقف دفاعي من الخارج أم أنه تملَّك هذه المرة ربما على أدوات خاصة في تشخيص وقراءة المسألة؟

الحرب الصليبية الصهيونية

ياسر الزعاترة- باحث في قضايا الجماعات الإسلامية – عمَّان: بسم الله الرحمن الرحيم، أنا أعتقد أن الرسالة تأتي في سياق ذكي وبالغ الذكاء، هي تأتي لتتحدث عن.. أو هي أشبه بمحاضرة طويلة في العلاقة بين المسلمين والغرب في هذه المرحلة، العلاقة بين العالم الغربي والعالم الإسلامي والعالم العربي بشكل أكثر تحديدا في هذه المرحلة والحقيقة أنه لم يحدث منذ مدة طويلة منذ عقود أن توحد الغرب على هذا النحو غير المسبوق ضد العالم العربي والإسلامي، لأول مرة خلال حتى سنوات قريبة كنا نشهد بعض التنوع في المواقف السياسية الغربية تجاه بعض الصراعات التي تجري في منطقتنا كما كان الحال في الصراع في جنوب لبنان بما يتعلق بالموقف الفرنسي والموقف الروسي وبيننا، الآن لأول مرة وعلى نحو غير مسبوق يتوحد الغرب ضدنا بشكل واضح في العراق بشكل أساسي وفي فلسطين بشكل أساسي لكن الآن هناك محاولة في السودان..

علي الظفيري [مقاطعاً]: أستاذ ياسر في مسألة الغزو الثقافي تحديدا هل قدَّم يعني شيئا جديدا في هذه المسألة أسامة بن لادن؟

أسامة الزعاترة [متابعاً]: هو أسامة بن لادن في هذه الرسالة لم يركز على مسألة الغزو الثقافي، كانت جزءا من قراءته للمشهد بشكل عام، هو ركز على أن هناك هجمة صليبية صهيونية غربية تستهدف الأمة لإعادة تفكيكها وتركيبها من جديد لمحاربة الصحوة الإسلامية والحراك السياسي الواسع في أوساط الأمة وبالتالي تُستهدف كل أشكال الممانعة والمقاومة في الأمة وهو يضرب على ذلك جملة طويلة من الأمثلة التي تؤكد وعلى نحو غير مسبوق أن هناك هجمة غربية شرسة تجاه الأمة في محاور كثيرة كما ذكر العراق والسودان وكما ذكر فلسطين..

علي الظفيري: طيب اسمح لي أستاذ ياسر، أتحول للدكتور شاكر النابلسي إلى أين يريد أن يأخذنا أسامة بن لادن في تخصيصه جزءا من خطابه حول هذه المسألة موضوع الغزو وفسَّر فيها الجانب الإعلامي الجانب التعليمي وجوانب أخرى؟ دكتور شاكر النابلسي.

"
هناك أوهام يسوقها بن لادن بين وقت وآخر وهناك هواجس حملة صليبية وسرقة النفط والدفاع عن الإسلام
"
       شاكر النابلسي

شاكر النابلسي- رئيس رابطة الجامعيين- دنفر- كولارادو: في الواقع فيما يتعلق في المناهج الدينية الغرب ليس له علاقة مباشرة في تغيير المناهج الدينية فمن المعروف أن مصر بعد عام 1973.. بعد حرب أكتوبر 1973 بدأت بتغيير المناهج الدينية بدون أي ضغط من الغرب وبدون أي.. يعني محاولات.. يعني كثيرة من الغرب لكي تغير هذه المناهج، كذلك هناك يعني الكثير من المثقفين العرب والمفكرين العرب الذين نادوا بتغيير المناهج الدراسية بعيدا عن الضغوط الغربية وخاصة الضغوط الأميركية، فيما يتعلق بالرؤية التي قدمها أسامة بن لادن أنا أعتقد بأن هناك لا رؤية لأسامة بن لادن في حاضر العرب ولو كانت هناك رؤية لكان خطاب بن لادن مختلفا كل الاختلاف عما كان عليه اليوم أو عما كان عليه بالأمس، هناك أوهام يعني يسوقها بن لادن بين وقت وآخر وفي كل خطاب، من هذه الأوهام أن هناك هاجس يعني حملة صليبية وأن هناك هاجس لسرقة النفط وأن هناك هاجس للدفاع عن الإسلام ويعني وأن هناك هاجس لاصطدام الحضارات والواقع أن لا صدام حضارات حقيقي ولكن هذا في مخيلة بعض المفكرين في الغرب الذين يعني يكنون يعني بعض التحفظات فيما يتعلق..

علي الظفيري: طيب دكتور النابلسي قبل ذلك سنأتي على ذكر هذه النقطة، عبد الباري عطوان في لندن هل فعلا ما جاء به بن لادن هو مجرد أوهام ولا رؤية وأنه يحاول أن ينتقي ما يمكن أن يؤجج به المشاعر فقط؟

عبد الباري عطوان- رئيس تحرير صحيفة القدس العربي – لندن: يا سيدي لماذا نقول أوهام؟ سواء قال هذا الكلام الشيخ أسامة بن لادن أو قاله الشيخ القرضاوي أو شخص آخر، نعم هناك صام حضارات بمعنى هناك حضارة معتدية وهناك حضارة معتَدَى عليها اللي هي الحضارة الإسلامية أيضا ما يجري على الأرض يؤكد ذلك مثلا الحرب التي تجري في العراق هل هذه تجري في ألاسكا الحرب التي تجري حاليا في أفغانستان أليست أفغانستان دولة إسلامية..

علي الظفيري: طيب قبل ذلك أستاذ عبد الباري..

عبد الباري عطوان: لحظة بس..

علي الظفيري: التركيز على موضوع الغزو الثقافي هو جزء من أدبيات الخطاب الإسلامي الذي يجد عادة قبول، تركيز بن لادن هذه المرة على هذه المسألة بشيء من التفصيل؟

عبد الباري عطوان: نعم، يا سيدي هناك غزو ثقافي يعني لماذا الولايات المتحدة الأميركية تمول محطة مثل الحرة وترصد مثلا اثنين مليار دولار لتمويل مشاريع إعلامية في المنطقة وخاصة في العراق وغيرها هذه المشاريع التي فجأة تصدر ومحملة بمئات الملايين من الدولارات؟ أيضا هذا الغزو الثقافي هذا التسطيح لثقافتنا من خلال القنوات الخلاعية يعني التي فاق عددها حتى الآن ثلاثين محطة كل هدفها هو الترويج لكل ما هو خلاعة ورقص موسيقى بعيدة كل البُعد عن عادتنا وتقاليدنا، أيضا عملية المقالات وكلها تصب في مسألة تعديل المناهج، نحن نريد تعديل المناهج ولكن من حيث جعل هذه المناهج أكثر عملية وأكثر علمية وليس من أجل طمس هُويَّتنا طمس ثقافتنا طمس حضارتنا، يعني ما يحدث حاليا هو حذف كل ما يشير إلى الجهاد كل ما يشير إلى المقاومة كل ما يشير إلى طبع عزة النفس إلى الكرامة العربية، هذه يجب أن لا تُعدَّل في هذا الإطار..

علي الظفيري: أستاذ عبد الباري اسمح لي الدكتور أحمد التويجري موضوع المناهج والتعديلات والتغيرات، موضوع الغزو الثقافي موضوع جدلي في الساحة العربية الإسلامية بشكل عام في السعودية تحديدا، هل يريد ابن لادن أن يؤجج ما هو مؤجَّج أصلا أو يستثمر مثل هذا الجدل وهل يجد ما يقدمه قبولا لدى الشارع الإسلامي بشكل عام ولدى الفئات التي تتجادل في هذه المسألة تحديدا؟

أحمد التويجري– رئيس منظمة محامون عالميون من أجل العدالة – جنيف: اسمح لي أولا أن أحدد المشكلة بشكل أفضل مما حصل إلى الآن في حديث الأخوة الكرام، أعتقد إن القول بأن هناك حرب غربية أو صدام حضارات أو حتى حرب صليبية على الأمة الإسلامية هذا تعميم لا يليق ولا يُقبل، هناك عصابة من اليمين المتطرف المُتصهين في أميركا متحالفة مع إسرائيل تشن حربا على الأمة الإسلامية، هذا هو الوصف الدقيق لما يجري، أما الغرب فليس بيننا وبينه صدام والمسيحية ليس بيننا وبينها صدام..

علي الظفيري: طيب دكتور اسمح لي قضايا كثيرة طرحها أسامة بن لادن في شريطه، نحن نناقش الآن هذه الجزئية المتعلقة بتعديل المناهج موضوع وسائل الإعلام موضوع الغزو الثقافي محاولة خلق ثقافة جديدة لدى الشباب ولدى فئات أخرى، هل يجد مثل هذا الحديث الذي قدمه ابن لادن صدىً لدى فئات تتجادل وتتناقش وتختلف حول هذه المسألة؟

أحمد التويجري: بن لادن الحقيقة الورقة القوية في يده الوحيدة التي يستخدمها دائما هي المظالم الواقعة على الأمة الإسلامية وهو يضرب على هذا الوتر في كل خطاب أو رسالة يوجهها، لكن اسمح لي مرة أخرى أن أقول إن ما يجري ليس حربا بين الغرب والإسلام أو الأمة الإسلامية وليس حربا صليبية على الأمة الإسلامية، كما قلت ما يجري يجب أن يُحصر في إطاره الصحيح وهو أنه صدام بين فئة متطرفة عصابة موجودة في اليمين المتطرف الأميركي متحالفة مع إسرائيل لا تريد لهذه الأمة الخير..

علي الظفيري: طيب دكتور سنناقش هذه المسألة..

أحمد التويجري: أما الغرب، أنا أحيلكم إلى ما حدث اليوم عندما نقلت مسألة..

علي الظفيري: دكتور سنناقش هذه المسألة ونشير لموضوع الحرب الصليبية وصدام الحضارات، أسامة بن لادن تحدث أيضا عن دور الأمم المتحدة معتبرا أنه بات يمثل غطاءً لتمرير الاعتداءات الغربية التي تستهدف العالمين العربي والإسلامي.

[شريط مسجل]

أسامة بن لادن: إني أقول توضيحا لسيطرتهم على مجلس الأمن إن الصليبية العالمية مع البوذية الوثنية هم أصحاب المقاعد الخمسة الدائمة وهم أصحاب ما يسمى بامتياز حق الفيتو فيما يسمى بمجلس الأمن وأما العالم الإسلامي المتمثل بسبعة وخمسين دولة ويُشكِّلون خُمس أهل الأرض وهم أكثر من ربع دول الأمم المتحدة ومع ذلك فلا مقعد لهم في مجلس الأمن وأنا هنا لا أطالب بذلك فذلك ظلم وإنما أصف واقع الحال فتلك هيئة كفرية يكفر من رضي بقوانينها وهي أداة لتنفيذ القرارات الصليبية الصهيونية ومنها قرارات الحروب ضدنا وتقسيم واحتلال أرضنا، إنها حرب صليبية صهيونية ضد المسلمين.

علي الظفيري: سيد ياسر الزعاتره في عمَّان ضرب الشرعية الدولية والتأكيد عليها وهو ربما مسألة يكررها دائما أسامة بن لادن وأنه لا يمكن أن يعوِّل على مثل هذه المسألة ويدفعها باتجاه الحرب الصليبية والصدام بين العالمين الإسلامي والعالم الآخر؟

ياسر الزعاترة: يعني الحقيقة هو الشيخ أسامة في هذا التسجيل لم يتطرق إلى نقطة بعينها، هو أراد استثمار مسألة ما جرى بخصوص الرسوم المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام والموقف الغربي منها في إطار الهجمة الشرسة الواسعة النطاق التي تتم ضمن محاور عديدة على العالم العربي والإسلامي وهو أراد أن يوصِّف هذه الحالة ويؤكد أن هناك ليس صدام حضارات هو قال هناك عدوان من حضارة على أخرى، هناك عدوان من الغرب الصليبي على الأمة، أميركا هي التي تتصدر هذا العنوان لكن هي ليست.. العدوان ليس محصورا بها، في المرحلة الأخيرة هناك تماهٍ غربي في المواقف الأميركية صحيح أن عصابة اليمين الصهيوني المتطرف في الولايات المتحدة هي التي تتصدر الحرب علينا لكن هناك تماهٍ غربي في المواقف الأميركية وهذا يتجلى في مواقف في مجلس الأمن ويتجلى في الموقف من العراق ويتجلى في موضوع حماس كما أشار إليه في موضوع وقف الدعم عن فلسطين في موضوع المواقف المتشنجة من فوز حماس في موضوع العراق والتماهي مع الموقف الأميركي في كل المسائل، موضوع الحجاب في فرنسا وكل القضايا الأساسية، الغرب الآن هناك ما يشبه التوحد لا نقول إن هناك موقف واحد ما بين الولايات المتحدة والغرب فيما يخص قضايا العالم الإسلامي والعالم العربي لكن هناك تراجع غربي، التمايز الذي كنا نشهده خلال السنوات الماضية في الموقف الأوروبي.. ما بين الموقف الأوروبي والموقف الأميركي الآن يتلاشى إلى حد كبير وبالتالي يستغل أسامة بن لادن استغلالا ذكيا هذا الوضع ويؤكد أن هذا جزء من الحرب على الأمة وهو رد طبيعي.. رد من قِبل قوة إمبريالية تريد السيطرة والهيمنة على هذا الحراك السياسي في الأمة والصحوة في الأمة التي تتجلى في المقاومة في العراق المقاومة في فلسطين في الشيشان في كشمير في هذه الصحوة العالمية التي شهدتها الشوارع العربية والإسلامية ردا على الرسوم المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام.

علي الظفيري: طيب، اسمح لي سيد ياسر، أسأل الدكتور نابلسي من هذا المنطلق ضرب أسامة بن لادن للشرعية الدولية وحديثه المستمر عنها ألا يجد في الواقع الذي يشهده العالم اليوم ما يُدعِّم مثل هذه الفكرة؟

شاكر النابلسي: هذه الفكرة أيضا هي وهم من الأوهام، إذا كان هناك شك بمصداقية الأمم المتحدة وأنها هي صنيعة الغرب وأن هناك شك بمصداقية مجلس الأمن وأنه يعني صناعة الغرب ولجان حقوق الإنسان أيضا وآليات الديمقراطية كل هذا من.. يعني من صناعة الغرب، إذاً ماذا بقِي في العالم لكي لا يكون يعني من صنيعة الغرب لكي نتبعه؟ هذا التشكيك وهذا الوهم هو السلاح الوحيد الذي يستخدمه بن لادن منذ 1996 إلى الآن، الحروب الصليبية، التشكيك بنوايا الغرب، يعني التشكيك بقرارات الأمم المتحدة إلى آخره يعني إحنا إذا كان رفضنا كل هذا ولم نحاور كل هذا ولم نجلس على مائدة حوار لكي نفهم ماذا يجري في العالم، إذاً لن نصل إلى نتيجة، يعني خطابات بن لادن من أفغانستان أو من الحدود الباكستانية على هذا النحو لن تحل مشكلة في العالم العربي على الإطلاق بل بالعكس العالم العربي يتأزم أكثر فأكثر كلما خطب بن لادن وكلما قدَّم شريط بن لادن على هذا النحو يتأزم أكثر يعني فأكثر والأمور تتعقد أكثر فأكثر يعني هذا ليس حلا على الإطلاق والحل هو الحوار.. الحوار..

علي الظفيري: وضحت الفكرة دكتور نابلسي، السيد عبد الباري عطوان لا يقدم أسامة بن لادن بديلا لما يجري الآن وهو يشكك في كل شيء ويستثمر المشاعر الغاضبة في أكثر من موقع عربي وإسلامي وينطلق بتنظير دون تقديم رؤية واضحة للعالم أو لِما يجب أن يكون عليه العالم؟

"
الوضع العربي والإسلامي في مرحلة الحضيض حتى تقدم رؤية  تزيل ما هو قائم أو تصلحه على أفضل وجه
"
    عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان: لا المسألة ليست بحاجة إلى رؤية يعني الوضع العربي والوضع الإسلامي في مرحلة الحضيض يعني حتى تقدم رؤية أو حتى تصلح يجب أن تزيل ما هو قائم أو تصلحه على أفضل وجه، لكن ما يحدث حاليا هو حالة انهيار كاملة يعني عدوان في العراق عدوان قادم على إيران عدوان على دارفور عدوان في أفغانستان أنظمة عربية فاسدة أموال تُنهب وتُسرق عملية حصار لكل ما هو عربي وإسلامي انتخابات إذا انتخب يتعرضوا للتجويع إذا انتخبوا في الجزائر يتعرضوا لحرب أهلية إذا اختاروا في مصر فهناك البلطجة وكل أشكالها، يعني هذه هي المصيبة الحقيقية يعني وضع يعني يجب أن نجسد الخلل في هذه المنطقة حتى نستطيع أن نصف العلاج أو أن نقدم رؤية، يعني الشيخ أسامة بن لادن ليس من مسؤوليته تقديم رؤية من مكان مختفٍ فيه ومطارَد من قِبل أكثر من عشرين أو خمسين مخابرات عالمية، نحن علينا أن نقدم هذه الرؤية نحن علينا كصحفيين كمفكرين ككتاب كصناع رأي أن نقدم هذه الرؤية، نريد رؤية ديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية مزورة مثلما يحدث حاليا في أكثر من منطقة عربية، الرؤية نحن المسؤولين عنها يعني عملية.. علينا أن لا ننتظر من شخص يتنقل من مكان إلى مكان أن يقدم لنا الرؤية، هذه عملية يعني في تقديري تبسيط شديد للوضع الذي نعيشه حاليا، نحن في حالة انهيار كامل..

علي الظفيري: طيب سيد عبد الباري اسمح لي، دكتور أحمد تويجري قلتَ إن تيار يميني متطرف في الولايات المتحدة هو مَن يأخذ الأمور إلى هذه الوجهة لكن ما يقدمه بن لادن وما يستشهد به من تحديد لقضايا في دارفور وفي فلسطين وفي العراق وفي أماكن كثيرة هو يحاول أن يدعِّم الفكرة أنها المسألة ليست مسألة تيار، هي مسألة أن هناك فصل بين الغرب تحديدا بين الصليبيين كما وصفهم وبين الحضارة الإسلامية مما يأخذنا إلى صدام كبير جدا تنتظره أو أنه واقع الآن؟

صراع الحضارات

أحمد التويجري: لا الحقيقة يعني كل هذه القضايا إذا تأملنا بعمق سنجد أن هذا اليمين المتطرف هو وراءها، ما يحدث في فلسطين والسياسات الأميركية الخرقاء في فلسطين الذي يقف وراءها هو اليمين المتطرف في أميركا مع أعوان الصهاينة، الحرب على العراق الذي شجع له ودفعه هذا اليمين المتطرف، في أفغانستان الشيء نفسه في دارفور الشيء نفسه، أنا أريد أن ألفت نظر إخواني..

علي الظفيري [مقاطعاً]: ماذا عن الأوروبيين يا دكتور؟

أحمد التويجري [متابعاً]: إلى أن الغرب معقد وأكبر من أن نضعه في سلة واحدة الغرب فيه..

علي الظفيري: دكتور ماذا عن المواقف الأخرى، بن لادن لا يتحدث عن الولايات المتحدة يتحدث عن الغرب يا دكتور؟

أحمد التويجري [متابعاً]: حلفاء لنا وفيه أصدقاء لنا وهناك كثير بل الغالبية.. عفوا أنا أقول إن الغالبية في الغرب من الشعوب ومن العقلاء والحكماء هم في صفنا أكثر مما هم في صف حكوماتهم والمظاهرات التي تخرج في الغرب تدين الحروب على بلادنا أكثر من المظاهرات التي تقوم في بلادنا فيجب أن ننصف ونعدل في هذا، المسؤولية في نظري تقع على المجرمين في أميركا في الدرجة الأولى ثم على عجزنا علينا نحن من خلال عجزنا وعدم تصدينا لقضايانا وعدم وحدتنا وعدم تكوين ردة الفعل المناسبة لهذه الاعتداءات، مثل ما قال مالك بن نبي القابلية لهذا الغزو والقابلية لهذا الاستعمار الجديد والقابلية لهذه الهجمة هي التي شجعت هؤلاء علينا.

علي الظفيري: طيب دكتور اسمح لي.. اسمح لي أتوقف..

أحمد التويجري: أنا أعتقد من الواجب على عقلاء الأمة..

علي الظفيري: يا دكتور أرجو أن تكون تسمعني يا دكتور..

أحمد التويجري: أرجو أن يحللوا القضية التحليل الصحيح وأن نحدد أعداءنا بدقة ثم أن نقوم بما يجب علينا تجاههم.

علي الظفيري: أسامة بن لادن وجد أيضاً في الأمثلة التي تطرقنا لها بالنقاش دليلاً قديماً جديداً على أن ما يحدِّق في رجوع العالم الإسلامي أو ما يحدِق من تدخل غربي ما هو في تقديره سوى مظهر لصراع الحضارات كنتيجة حتمية للسياسات الأميركية والدول التابعة لها في المنطقة.

[شريط مسجل]

أسامة بن لادن: إنها حرب صليبية صهيونية وإن من الاستخفاف بالناس والازدراء بهم أن يُهزأ بمقدساتهم ثم تظهر تضامنك مع المستهزئ ثم بعد ذلك تدعو للحوار والتهدئة والواقع يكذبهم، فساسة الغرب لا يرغبون في حوار إلا من أجل الحوار لاستغفالنا وتخديرنا لكسب الوقت ولا يريدون هدنة إلا من طرفنا نحن فقط.

علي الظفيري: إذاً دكتور شاكر نابلسي في دنفر، بن لادن قدَّم أكثر من مرة موضوع أو تناول موضوع الهدنة والحوار وما إلى ذلك، اليوم وكأنه خلاص يعني يعلن قطيعة لهذه المسألة وصراعا لحضارات والحرب قائمة أصلاً وهي نتيجة لكل هذه السياسات الأميركية والدول التابعة لها، هل يمكن يعني أن نتفق مع جزء مما قاله بن لادن في هذه المسألة؟ دكتور شاكر أرجو أن تكون تسمعني.

شاكر النابلسي: أنا أسمعك نعم، يعني صراع الحضارات يعني كما قلنا في السابق هو صراع جهالات وليس صراع حضارات، لا يوجد شيء اسمه صراع حضارات الآن، يعني الحضارات يعني تحاول بشتى الطرق أن تتحاور وأن تتفق من أجل خير الإنسانية كإنسانية ككل، إنما هذا الصراع الموجود في بعض أذهان المثقفين الغربيين والموجود الآن في الفكر الديني المتشدد اليميني في العالم العربي والعالم الإسلامي غير موجود على أرض الواقع، هو ربما موجود في الورق موجود في الأذهان موجود في العقول موجود في المُخيلات موجود يعني في أي مكان آخر غير الواقع يعني الحاصل الآن في العالم، إذا كان هناك يعني صراع حضارات يمثَّل فيما يحصل في العراق وما يحصل في فلسطين وما يحصل في الشيشان وما يحصل في الصومال وأماكن أخرى من لعالم فهذا هو عبارة عن صراع بين فرقاء معينين ولا يمكن أن يعد بأي حال من الأحوال صراع حضارات، كلمة صراع حضارات..

علي الظفيري: طيب دكتور اسمح لي أتحول إلى السيد ياسر الزعاترة، ما يقوله بن لادن في هذه الجهة وما يقال في الجهة الأخرى.. يعني ما رُدد في الغرب من صراع الحضارات ومن موضوع الخطر الإسلامي إلى أين تأخذنا هذه الأمور مجتمعة؟ هل يمكن أن تدفعنا إلى الالتقاء مع هذه النقطة التي أشار لها أسامة بن لادن أو قد تجد لها رواجا ممن يتابعون مثل هذا الحديث؟

ياسر الزعاتره: الرسالة واضحة لا تتحدث.. لا تركز على مصطلح صدام الحضارات وإنما تتحدث عن عناصر هجمة أميركية على الأمة تتم بتواطؤ غربي، هذا هو جوهر الرسالة ومسألة أن يكون هناك صدام أو غير صدام المسلمون لم يعتدوا على الغرب ولا على أميركا.. أميركا هي التي تعتدي على الأمة في جملة من الجبهات، هذا ما توضحه الرسالة وبالمقابل تقول إن هناك عناصر الرد على ذلك قد تختلف على بعض عناصر الرد التي أوردها الشيخ أسامة في الرسالة لكنك لابد أن تلتقي مع مسألة المقاومة هو يركز على قطب الرحى في العراق هناك مقاومة في العراق هناك مقاومة في أفغانستان الأمة ليست مستسلمة على الإطلاق لهذا الهجوم ولا لهذا العدوان، الحراك السياسي الذي شهده الشارع في الرد على الرسوم المسيئة، المقاومة الباسلة في العراق، المقاومة في فلسطين وفي غير منطقة تؤكد أن هذه الحيوية في الأمة هي التي تؤكد حالة الاعتداء عليها وليس العكس ليس هناك هزيمة في الأمة ليس هناك قابلية للاستعمار بالعكس دمها نازف في أكثر من مكان ولولا هذا التحدي وهذه القدرة على العطاء والمقاومة فيها لما ازدادت شراسة الهجمة عليها..

علي الظفيري: طيب أستاذ ياسر اسمح لي وقتي شارف على الانتهاء، السيد عبد الباري عطوان في ظل معطيات الواقع وفي ظل ما تحدث به أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، إلى أين تأخذنا الأمور وإلى أين يأخذنا هذا الحديث؟

عبد الباري عطوان: يا سيدي ما يجري على الأرض في تقديري يصب في خدمة تنظيم القاعدة وفي خدمة الجماعات الإسلامية المتطرفة الأخرى، الأمة تتعرض لعملية إذلال، يعني لم يبق للولايات المتحدة الأميركية إلا أن تغير الشعوب العربية وتأتي بشعوب أخرى على مقاسها، هذه هي المشكلة الحقيقية.. المشكلة الحقيقية نحن نمر في عملية إهانة وإذلال وهذا الشيخ أسامة بن لادن يتابع جيداً مثل هذه الأمور ولذلك يصدر هذا الشريط من أجل أن يحرِّض ومن أجل أن يعبئ الناس في المسلك الذي يسلكه تنظيم القاعدة، هذه هي الخطورة يعني ما يجري في فلسطين من تجويع للشعب الفلسطيني ما يجري في العراق من حرب أهلية ما يجري في دارفور الآن من حرب أهلية قادمة وفصل وتفكيك للسودان مثلما فككوا العراق ما يجري حالياً من استعداد لضرب إيران بحجة امتلاكها أسلحة نووية، كل هذا يصب في فكر تنظيم القاعدة والشيخ أسامة بن لادن يعلم جيداً ويتابع جيداً..

علي الظفيري: طيب سيد عبد الباري هل تلحظ..

عبد الباري عطوان: ويحاول أن يستغل هذا فالخلل في أميركا وسياساتها وليست في تنظيم القاعدة.

علي الظفيري: باختصار شديد جداً بكلمتين، هل تلحظ تغيرا في الدور الذي يريد أن يقوم به أسامة بن لادن؟ باختصار شديد لو سمحت.

عبد الباري عطوان: أنا في تقديري الرجل يقول أعطيتكم هدنة، قدَّمت لكم غصن الزيتون، قلت لكم انسحبوا من العراق توقفوا عن دعم الأنظمة الدكتاتورية حلُّوا المشاكل حلولاً إنسانية، كفوا دعمكم للعدوان الإسرائيلي لم تفعلوا فإذا ضربت المرة القادمة فأنا غير مُلام على الإطلاق.

علي الظفيري: سيد عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي من لندن ومن عمَّان ياسر الزعاترة الباحث في قضايا الجماعات الإسلامية وكذلك الدكتور شاكر النابلسي رئيس رابطة الجامعيين في ولاية كولارادو والدكتور أحمد التويجري عضو مجلس الشورى سابقاً من جنيف شكراً لكم جميعاً، انتهت حلقة اليوم من برنامج ما وراء الخبر بإشراف نزار ضو النعيم، بإمكانكم المساهمة في اختيار مواضيع حلقاتنا القادمة بإرسالها على البريد الإلكتروني indepth@aljazeera.net، غداً إن شاء الله قراءة جديدة فيما وراء خبر جديد، شكراً لكم وإلى اللقاء.