نقطة ساخنة - فنزويلا.. ومعركة الفقراء ج1
نقطة ساخنة

فنزويلا.. ومعركة الفقراء

فنزويلا بين التاريخ والجغرافيا، التناقض بين الأغنياء والفقراء وتدهور الوضع الاقتصادي،

مقدم الحلقة:

أسعد طه

تاريخ الحلقة:

26/12/2002

– فنزويلا بين التاريخ والجغرافيا
– التناقض بين الأغنياء والفقراء وتدهور الوضع الاقتصادي

– حقيقة الصراع بين مؤيدي شافيز ومعارضيه

– النفط وحقيقة التدخل الأميركي في فنزويلا


undefinedأسعد طه: دع ما يعدونك فليس إلا غروراً.

لملم كل ما لديك..

كسرة الخبز والرداء

لحمك وعظامك ومن العروق الدماء

ثم انطلق مع جموع التعساء

المظلومين المساكين الفقراء

تعلم فقه التمرد وفن المقاومة

وكيف يضحك الثوار

طهر جسدك بالرصاص..

تمتع بالخلاص

فإذا ما أشرقت الشمس من المغيب..

أدركت الأمر المريب

سقط القناع عن السادة المالكين..

كبار الأمس كانوا من الشياطين..

السلام عليكم. النفط والثورة هل يجتمعان؟ أميركا اللاتينية دهشة وجمال وخيال وبساطة، غزاة أوروبيون وشعوب مُستعبدة وأوطان مُستباحة، ثروة وفقر وقمع، أنظمة ديكتاتورية وانقلابات عسكرية، ثوار في كل مكان (فرانسيسكو دي ميرندا) (سيمون بوليفار) (جيفارا) (كاسترو) وغيرهم، لكن النفط والثورة هل يجتمعان؟

فنزويلا واحدة من بوابات أميركا اللاتينية حباها الله بالطبيعة الرائعة، أنهار وجبال وغابات وشلالات، غنية إلى حد الترف، فقيرة إلى حد العدم أكواخ من صفيح تجاور ناطحات للسحاب مواطنون يموتون جوعاً وآخرون مُصابون بالتخمة، لكن النفط والثورة هل يجتمعان؟

في فنزويلا رجل يريد أن يعيد بلاده إلى زمن الثورات والتغيرات الجذرية وكأنه جمال عبد الناصر بنفس أدواته الثورية، الإصلاح الزراعي والتأميم ومناطحة الاستعمار يقول عنه أنصاره: إنه مسيح بلادهم ويقول أعداؤه: إنه يجيد استغلال حاجات شعبه لمصالحه الشخصية، لكن النفط والثورة هل يجتمعان؟

نعم. إذا ما اقترنا الاثنان بالوعي، إذا ما بات ثلاثتهم هدفاً لعدو خارجي إذا ما كانت هناك معركة للفقراء فنزويلا مثالاً.


فنزويلا بين التاريخ والجغرافيا

قبلنا بحوالي خمسة قرون، تحديداً في الثاني عشر من أكتوبر عام 1492 وصل (كريستوفر كولمبس) إلى جزيرة (سان سلفادور) وهي إحدى جزر البهاما ليعلن اكتشاف ما عرف حينذاك باسم العالم الجديد، ولاحقاً باسم أميركا اللاتينية، وأثناء عودته كتب تقريراً وصف فيه ما رآه فقال: أراضٍ غنية بالتوابل والذهب وسكانها طيبون، يمكن تحويلهم بسهولة إلى المسيحية حديث كولمبس عن الذهب أغرى الأسبان والبرتغال بالتوجه إلى القارة واستيطانها بدءاً من أواخر القرن الخامس عشر، ليجد سكان القارة أنفسهم في مواجهة استعمار مارس ضدهم كل أشكال العنف وجلب إلى بلادهم الزنوج من غربي إفريقيا لاستخدامهم كأيدٍ عاملة في مشاريعهم الرامية إلى استغلال ثروات البلاد، وعرفت القارة بذلك تجارة العبيد.

أمام المكاسب والثروات الهائلة التي جمعتها إسبانيا والبرتغال بدأت بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا تولي اهتمامها بهذا العالم الجديد، فاتجهت إليه استيطاناً واستعماراً، ولكن مع أوائل القرن التاسع عشر بدأ نفوذ الاستعمار الغربي في الانكماش أمام موجات التحرر التي سادت القارة والتي كان الفنزويلي (فرانسيسكو دي ميراندا) بمثابة الأب الروحي لها.

أميركا اللاتينية قارة تبلغ مساحتها حوالي عشرين مليون كيلو متر مربع أي ما يعادل حوالي سدس مساحة اليابسة، ويبلغ عدد سكانها اليوم حوالي 500 مليون نسمة أي 8.5% من إجمالي سكان العالم.

وتنقسم أميركا اللاتينية إلى:

أميركا الوسطى وتشمل الدول التالية: جزر البهاما، بنما، وكوبا، جامايكا، الدومينيك، هندرواس، نيكاراغوا، غوينتمالا، السلفادور، كوستاريكا.

وأميركا الجنوبية وتشمل الدول التالية:

ترينيداد وتوباكو، فنزويلا، كولومبيا، إكوادور، سورينام، غوايانا، البرازيل، براغواي، بوليفيا، بيرو، الأرجنتين، أورغواي، تشيلي.

وكما هي الحال عندنا، فإن معظم الحدود القائمة بين دول أميركا اللاتينية رُسمت أيام الاستعمار الأوروبي، وكما هي الحال عندنا أيضاً، فإن القارة اللاتينية تعاني نزاعات حدودية بين دولها.

اخترنا فنزويلا لتكون بوابتنا نحو أميركا اللاتينية، وقد شعرنا منذ اللحظة الأولى لوصولنا هنا أننا نكرر تجربة العم (كولمبس) وأننا نكتشف عالماً جديداً علينا معشر العرب، سندرك لاحقاً أنه عالم يحبنا تجمعنا به عوامل متعددة، على المستوى الإنساني بساطة الناس ودفء العلاقات الاجتماعية بينهم، وعلى المستوى السياسي للاستعمار الديكتاتورية العسكر وكذلك النفط.. النفط الثروة والعمل، والحقيقة أنك أينما ذهبت في أميركا اللاتينية ستجد الصورة متشابهة حيث الفقر بأشكاله المختلفة يسيطر على الملامح الداخلية للدول، جنباً إلى جنب مع تجارة المخدرات والأسلحة والدعارة، وكذلك الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والانتخابات غير النزيهة، غير أن شيئاً آخر تجده هنا لا أظن أن بوسعك أن تجده في هذا الزمان في مكان آخر من العالم وهو عبق الثورة، الثورة التي لم يهزم النظام الدولي الجديد روحها المتوثبة على الأقل حتى الآن.

أشعرتني هذه الملصقات والشعارات الثورية المنتشرة هنا وهناك بأنني لست في مكان آخرٍ غير موطني وحسب وإنما أيضاً في زمن آخر، هو زمن الثورات المتأججة والزعماء المناضلين وملاحم الكفاح الشعبي.

وإذا كنا قد اخترنا فنزويلا لتكون المحطة الأولى لنا في أميركا اللاتينية فإن هذا يعني أن (سيمون بوليفار) سيطل علينا من كل ركن ومن كل ناحية يمكن أن نذهب إليها في طول البلاد وعرضها.. سيمون بوليفار أو المحرر –كما هو معروف هنا- هو أحد أهم الأبطال لا في فنزويلا وحدها وإنما على امتداد أميركا اللاتينية التي كان يحلم بها الرجل قارة مُحررة وموحدة، فراح يركض من كولمبيا إلى الإكوادور إلى البيرو إلى بوليفيا محارباً الاستعمار الإسباني لعشرين عاماً متصلة ضحى خلالها بثروته وشبابه دفاعاً عن قيم الحرية والعدالة.

بوليفار قاد حروب الاستقلال في بلاده فنزويلا التي اعترفت بالجميل، فكان اسمها الرسمي جمهورية فنزويلا البوليفارية، وأطلقت اسمه على عملتها الرسمية وعلى أهم الشوارع والميادين والجامعات والمدارس والصروح الثقافية والعلمية بمدنها المختلفة، كما نُصِّبت تماثيله في كل مكان، حقبة الاستعمار الإسباني التي بدأت عام 1520 أنهتها ثورة سيمون بوليفار عام 1821 التي أعلنت قيام كولمبيا الكبرى المكونة من كولمبيا والإكوادور، قبل أن تعلن فنزويلا قيامها كدولة مستقلة عام 1830 على مساحة من الأرض تبلغ حوالي المليون كيلو متر مربع، تقع على الساحل الشمالي لأميركا الجنوبية، حيث تلتقي القارة الأميركية بالبحر الكاريبي.

فنزويلا تتمتع بتنوع جغرافي فريد فهي عبارة عن خليط من الشطآن والسهول والجبال والصحارى والغابات وإلى جانب طبيعتها الخلابة تختزن فنزويلا ثروة نفطية جعلت منها رابع دولة مصدرة للنفط على مستوى العالم، أهل فنزويلا الذين يتحدثون لغة مستعمرهم القديم الإسبانية أناس طيبون يشعرونك بالمودة منذ الوهلة الأولى للقائك بهم، وهم أمة فتية يبلغ تعدادهم 24 مليون نسمة، أعمار أكثر من نصفهم تحت سن الـ18 عاماً، فيما متوسط الأعمار يصل إلى 73 عاماً، أما الوجوه فإنها تحمل ملامح متباينة تنتمي لكل السلالات البشرية المعروفة تقريباً، في التفسير أن التنوع البشري خاصية تنفرد بها أميركا اللاتينية نتيجة العرقيات المختلفة التي وفدت إليها استيطاناً واستعماراً، وكذلك ازدهاراً لتجارة العبيد على يد الاستعمار الأوروبي غير أنهم على اختلاف أشكالهم قوم نشطون، ولذلك فقد ارتفع عدد سكان العاصمة (كراكاس) خلال الخمسين سنة الأخيرة من 400 ألف نسمة إلى 5 ملايين، حتى باتت مركز البلاد السياسي والعلمي والثقافي والفكري وهي المدينة التي اكتشفها (دييجو دي لوسادا) عام 1567، وترتفع 3 آلاف قدم عن سطح البحر في شكل وادٍ طويل ممتد من الشرق إلى الغرب، وقد شهدت كراكاس خلال السبعينيات -ومع ظهور النفط -ازدهاراً متسارعاً فإذا بالعديد من المباني الاستعمارية القديمة يتحول ناطحات سحاب حديثة ومتطورة، لكننا في حي (الهاتيلو) السياحي، سنجد أن البنايات مازالت تحمل الطابع المعماري لحقبة الاحتلال الإسباني.

المشهد العام للناس هنا وخصوصاً النساء منهم، أنهم قوم متحررون، أقصد متحررون من ملابسهم ولذلك كان مصورنا مجد في عمله هذه المرة، لكنهم في الواقع قوم متدينون بمعنى الالتزام العاطفي والسطحي للدين وهم في غالبيتهم العظمى من الكاثوليك، واللافت أن ليس لديهم حساسيات الغرب ضد العالم الإسلامي وقضاياه بل إننا بهويتنا العربية الإسلامية كنا محل ترحيبهم واحترامهم أينما ذهبنا ولكم وجدنا على الجدران من شعارات مثل تلك: شارون قاتل، إسرائيل تذبح الفلسطينيين، ويبدو أن هنا حرباً من نوع خاص، هي حرب الشعارات المنقوشة على الجدران، نقرأ هنا: شكراً لله وللناس وللعسكر الذين أنقذوا الدستور، تشافز قتال ضد المعارضة حتى النهاية، وفي المقابل كتب بعضهم: تشافز مجرم، نرفض الانصياع لأوامر الحكومة.

[فاصل إعلاني]


التناقض بين الأغنياء والفقراء وتدهور الوضع الاقتصادي

أسعد طه: الحال في العاصمة هو ذاته على صعيد الوطن كله، خطوط متعرجة تفصل أحياء الأغنياء عن أحياء الفقراء، في مشهد يبدو فيه التناقض الصارخ وكأنه شعار هذا البلد النفطي الذي يمتلك مقدرات سخية ويعيش أوضاعاً متردية.

إذا تفحصت كراكاس من علٍ وجدت في المشهد مفارقة ساخرة، الفقراء غزو الجبال والمرتفعات المطلة على العاصمة وكأنهم يناطحون الأغنياء في أبراجهم العالية، لكن المسألة ببساطة أن جموع الفقراء لم تجد لها متسعاً بين بنايات المدينة، فلجأت إلى الجبال والمرتفعات في حركة عشوائية لتبني بإمكاناتها البالغة التواضع ما يمكن أن يأويها ويستر عوراتها، المفارقة ليست في المشهد فحسب، بل في الحال بأكمله، فأكثر من 80% من سكان هذا البلد النفطي فقراء يعيش نصفهم تحت خط الفقر، أما الطبقة المتوسطة فإنها تمثل 10% من السكان ومثلها الطبقة الثرية المترفة القابضة على شؤون البلاد الاقتصادية والمحتكرة لعوائدها النفطية ولثرواتها المتعددة.

الإحصاءات والتقديرات الرسمية والدولية تترجم هذه الأوضاع التعيسة فتذكر أن نسبة التضخم في هذا البلد قد بلغت 22% وانخفضت العملة الرسمية البوليفار حوالي 46% من قيمتها أمام الدولار، فيما بلغ معدل البطالة 25% وارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية 30% ويقدر الحد الأدنى للأجور بـ130 دولاراً في حين أن الحد الأدنى اللازم لإعالة أسرة من 5 أشخاص هو 190 دولاراً.

للوهلة الأولى لم نكن نعرف إن كان هذا غناءً أم نواحاً لكننا التمسنا العذر للطفل المغني وعائلته التي لم تجد سبيلاً لزيادة دخلها سوى ذلك، فيما لجأ آخرون إلى وسائل متعددة يضحكون بها الناس ويستدرون عطفهم، ولأن الناس هنا فقدت الأمل في أن تسد فرص العمل المتاحة حاجاتها، فإنها راحت تبحث عن أي وسيلة يمكن أن تحقق لها مكسباً سريعاً وسهلاً، فزاد الاعتقاد في المقامرات على اختلاف أنواعها، وبموازاة ذلك انتشرت الأمراض الاجتماعية كالدعارة وتضاعف معدل الجريمة تضاعفاً مخيفاً في أنحاء البلاد المختلفة وخصوصاً في العاصمة كراكاس.

الأحياء الفقيرة هنا تعرف باسم (رانشوس) أي مدن الصفيح، وهي ظاهرة منتشرة في كل المدن الفنزويلية وكأنها تحصر البلاد في جبهتين متحاربتين واحدة للأغنياء وأخرى للفقراء، غير أن الأخيرة -كما ترون- تستعصي طريقة بنائها العشوائية على فهم أي مهندس كيف تبنى وكيف تصمم وكيف يتحرك الناس خلالها وكيف يقضون حاجاتهم.

أما الحديث عن الصحة والتعليم فهو ترف لا يتحمله واقع الحال، وإذا كان من أمر طريف يمكن ملاحظته خلال زيارة هذه الأحياء فهو اهتمام الناس بمظهرهم الخارجي مهما تدنى مستوى دخلهم، في بلد اشتُهر بفوزه المتكرر في مسابقات الجمال، وسوى ذلك فإنك إذا سرت في أزقة وحواري هذه الأحياء ستشعر وكأنك تسير في واحدة من الأحياء الفقيرة في بلداننا العربية، نفس بساطة الناس وحبهم للغير وتبرمهم مما يعانونه من شقاء، شقاء جاء كنتيجة حتمية لفساد الأنظمة الحاكمة المتداولة على السلطة وما أفرزته من بطانة تحتكر ثروات البلاد وتوالي قوى خارجية.

نغادر إلى (فلنسيا) التي كانت عاصمة البلاد قبل أن تسلبها كراكاس اللقب لكنها على كل حال تعد العاصمة الصناعية باعتبار أنها مقر لحوالي ألف شركة تزود فنزويلا بربع إنتاجها الصناعي غير أن الناس هنا تقول: إن كثيراً من الشركات والمصانع تغلق أبوابها نتيجة الأزمة السياسية الراهنة التي انعكست سلباً على القطاع الصناعي وتفيد بعض التقديرات أن مستويات الإنتاج وصلت عام 2002 إلى أدنى نسبة لها.

جميل سليمان (مدير المصنع): تعاني القطاعات الصناعية من مشاكل اقتصادية جمة ليس فقط نتيجة السياسات المتبعة من قبل الحكومات المتوالية، وإنما أيضاً نتيجة المواجهة القائمة بين كافة الأطراف، على سبيل المثال: كان لدينا تمويلاً مصرفياً دفع بصناعة الدهانات لأن تكون أكبر وأفضل تقنية وتكنولوجية في فنزويلا، ولكن لظروف انعدام الثقة الحالية فإن الاستثمارات انخفضت.

أسعد طه: عندما تنتقل بين هنا وهناك وتسمع لهذه الأطراف ولتلك تدرك أن البلاد تعيش معركة حقيقية وأن الأجواء العامة تنذر بمواجهة سوف تطول ويصعب التكهن بنتائجها، لكن من المؤكد أن طبقة الأغنياء والمترفين قد أصابها مرض يؤرق حياتها ويهدد مستقبلها.. مرض اسمه (هوجو تشافز).

أدرك الإعياء الفقراء، أدرك الفقراء الحقيقة، وعود الحكام تصب في الحسابات المصرفية للقلة الغنية ولا تمنح الغالبية الفقيرة إلا مزيداً من المعاناة، حان إذن وقت الثورة ثورة يتزعمها رجل يناصر طبقة المحرومين المعدومين ويعادي طبقة تحتكر الثروات وتتكئ على قوى خارجية تضمن أمنها واستمرار تسلطها على مقدرات الوطن، فهل قامت الثورة، وهل نجح الرجل؟!

[موجز الأخبار]


حقيقة الصراع بين مؤيدي تشافز ومعارضيه

أسعد طه: يقول الرجل عن نفسه إنه تلميذ لسيمون بوليفار، لكن البعض يعتقد أنه يتقمص شخصية جمال عبد الناصر، فيما يظن آخرون أنه يقلد تجربة كاسترو، مهما كان الأمر، فإن طبقة المحرومين المعدومين غير معنية لا بالخطب النارية للقائد ولا بالحملات الإعلامية للمعارضة قدر ما هي تتطلع إلى لحظة الخلاص من الظلم الذي أثقل كاهلها وهو ظلم ممتد لسنوات طويلة.

صور الثائر العالمي جيفارا شاهدناها منقوشة على الجدران هنا وهناك وسمعنا الناس تردد أغاني (علي برميرا) كما كان الناس عندنا يرددون أغاني الشيخ إمام في السبعينيات حتى انتابنا نفس الشعور الذي وجدناه سائداً في مناطق الفقراء، ذلك أن البلاد تعيش الثورة، ثورة أتت كرد فعل طبيعي لظلم ذوي القربى الذي أخذ يكبر بعد رحيل المستعمر وإعلان فنزويلا دولة مستقلة عام 1830، فمنذ ذلك الحين والبلاد تعيش دوامة من الحروب الأهلية وتسلط الحكومات العسكرية، استمرت حتى عام 1958 حين جرت أول انتخابات ديمقراطية، لكن على مدى أربعين عاماً لاحقة كان الفساد وتغييب الحريات ونهب ثروات البلاد عناوين هذه الفترة مما أدى إلى انتفاضات شعبية وحركات احتجاجية كان القمع دوماً كفيلاً بإجهاضها إلا أن حل الرابع من شباط/ فبراير عام 1992 حين خرج رجل يُدعى (هوجو تشافز) على الملأ وأعلن فشل محاولة انقلابية شارك فيها مع رفاق له من العسكر محاولة أراد بها تصحيح الأوضاع في بلاده ودخل الرجل السجن ليخرج منه بعد حوالي ثلاث سنوات زعيماً يتمتع بشعبية عارمة تدفع به عبر انتخابات عام 98 إلى سدة الحكم رئيساً للبلاد.

خوسي فيسنتي (نائب رئيس الجمهورية): أعتقد أنه أكثر من كونه زعيماً سياسياً أنه رجل يتميز بحسه الاجتماعي العميق، وبسبب ذلك احتل موقعه في رئاسة الجمهورية، لأن الشعب الفنزويلي فهم أنه أفضل من يترجم تطلعاته إنه ليس في منصبه لأنه كان عسكرياً أو لأنه أسس حزباً سياسياً ولكن لأن البسطاء والفقراء من الناس في هذا البلد -وهم الأغلبية- فهموا بأنه خير من يعبر عن حاجاتهم وقلقهم.

أسعد طه: في اليوم المحدد وبعد ساعات طويلة من الانتظار استقبلنا الرئيس بعد منتصف الليل في الغرفة المخصصة للحلاقة بقصره الرئاسي، وفيما كانت السيدة تمارس مهامها في أعلى قمة بالبلد كنا نحن نحاول أن نتحرر من تأثير الرجل الذي انطلق في حماس شديد يتحدث عن بلده وعن ثورته.

هوغو تشافز (رئيس الجمهورية): فنزويلا بلد يملك ثروة هائلة، فنزويلا بلد لديه آفاق كبيرة، فنزويلا إضافة إلى كل ذلك لديها ميزة تكسبها طابعاً خاصاً، قد تكون ميزة رمزية، لكنها تنم عن قوة حقيقية كبرى، ألا وهي أن فنزويلا هي مهد محرر أميركا.

أسعد طه: هوجو تشافز يمثل جيلاً جديداً من الثوريين في أميركا اللاتينية، وقد ساعدته على كسب ما يتمتع به من شعبية واسعة قدرته غير العادية على استقطاب الجماهير وحشدها عبر خطاباته الحماسية وحركاته الاستعراضية.

وأسهم حبه للتاريخ في إثراء رؤيته النضالية في وقت مبكر من حياته، فأسس سراً تنظيم الحركة الثورية البوليفارية، وأكسبت سنوات الجيش والسجن هذه الرؤية أبعاداً عميقة بعد أن استلهم ملامحها الرئيسة من سيرة معلمه سيمون بوليفار.

غريغوري ويلبرت (محلل سياسي): لقد حاول تفعيل بعض السياسات لصالح الفقراء، فدعم ميزانية التعليم حتى تتوفر فرص تعليمية لهم في المدارس والجامعات، وعمل على مد الغطاء الصحي لهم، ولطالما كانت الطبقات الفقيرة مستثناه من الرعاية الصحية، كما أوجد برامج لتحريك الاقتصاد موفراً أنظمة القروض الصغيرة، مستهدفاً الفقراء وخاصة النساء منهم، وأوجد للفقراء إمكانات أوسع للمشاركة في العملية السياسية.

أسعد طه: يقول أنصار تشافز إنه يقود ثورة لا مثيل لها، فهي ليست اشتراكية ولا شيوعية، لأنها متشكلة في إطار الرأسمالية، ومع ذلك فهي جذرية في حضتها(..) على تغيرات أساسية في البنية الاقتصادية.

هوغو تشافز: لقد طرحت في الأيام القليلة الماضية مسألة ضرورة إسراع الإيقاع الاقتصادي وإقامة نظام إنتاجي لتوزيع متكافئ للثروة القومية ونظام اجتماعي جديد يشمل الجميع وينهي الاستعباد والتهميش والفقر، وفي هذا المجال قمنا بأشياء عظيمة، ولكن مقارنة مع حجم الهدف قد تبدو هذه الأشياء صغيرة، لكنها في الحقيقة كبيرة.

أسعد طه: من هذه الإنجازات الكبيرة في نظر تشافز إصدار دستور جديد للبلاد أقر وفقه حزمة من المبادئ أسهمت في التخلص من فساد النظام الذي كان قائماً في البلاد، وكسرت سيطرة الأحزاب المتهمة بتبديد الثروة النفطية، وأعادت الحقوق للقوى المهمشة للمجتمع، وأنشأت نظاماً قضائياً جديداً، وهو ما يفسر حرص أنصار تشافز على رفع الدستور في تجمعاتهم كمكسب رئيسي لهم.

هوغو تشافز: أعتبر أن المعركة الرئيسية بالنسبة لي هي تطبيق هذا الدستور على أرض الواقع، وهو مشروع لا يكاد يبلغ من العمر ثلاث سنوات، فقد عرفت فنزويلا دساتير كثيرة في تاريخها، لكن لم يطبق أي منها على أرض الواقع ولا حتى بنسبة 50%.

أسعد طه: مدينة بارينس تبعد سبع ساعات عن العاصمة كراكاس، وهي مسقط رأس الرئيس الذي يشغل والده الآن منصب حاكم الولاية، في الطريق يذكرنا حسن المشهد بما يحمله تشافز من رؤية رومانسية عن الريف وضرورة إعادة الاعتبار له، والعودة إليه عبر تبني سياسة لا مركزية تدفع الناس للهجرة المعاكسة من المدينة للريف من خلال توفير الشروط الأساسية والمغرية، وهو يهدف بذلك أيضاً إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وذلك في سياق أن الرجل يؤمن بالحل الذاتي والاعتماد على النفس بدلاً من الاعتماد على قوى العولمة.

ريمون قبشي (مستشار رئيس الجمهورية): لقد سن قانون للإصلاح الزراعي عام 1960، وبعد 40 سنة على مرور هذا القانون، 2% من الفنزويليين يملكون 85% من الأراضي الزراعية، فجاء القانون الجديد يعيد النصاب إلى مكانه، لأول مرة تُعطى الأرض إلى زارعها، ويؤمن له أيضاً كل.. أو يوفر له كل الأسباب التي تسمح له بأن يعيش في.. في بيت محترم وأن يحصل على كل الأدوات اللازمة للزراعة.

أسعد طه: قوانين الإصلاح الزراعي التي أصدرها تشافز تنص على توزيع الأراضي غير المستغلة لصالح المعدمين من الفلاحين، ليقوموا بزراعتها والاستفادة منها، سواء كانت هذه الأراضي مملوكة للحكومة أو لأفراد، وهو الأمر الذي أغضب ملاك الأراضي المتضررين، فلجئوا إلى كل الوسائل لإجهاض هذا المشروع بما فيها العنف.

أنطونيو ألبران (مدير المعهد الوطني للأراضي): منذ عام 2001 وحتى الآن قُتل في هذه المنطقة تسعة فلاحين، لا تحضرني أسماؤهم و الآن، ومؤخراً قتل اثنان في منطقة جنوب البحيرة، لأنه كان يشتبه في أنهما اشتكوا من وجود أراضٍ غير مستغلة في المحافظة.

دوساريوبارا (مزارعة): لقد نُهبنا من أصحاب الأراضي من خلال جلبهم لأناس من كولومبيا بدون أوراق ثبوتية، لقد نهبنا تحت تأثير إطلاق الرصاص، نقلنا الجرحى إلى مستشفى (سانتا بربرا دي سايا)، إننا خائفون جداً، إننا مرعبون لأنهم يقتلوننا، بكل بساطة يقتلوننا.

أسعد طه: من الإصلاح الزراعي إلى مجانية التعليم حيث عمل تشافز إلى تأسيس ما يُسمى بالمدارس البوليفارية كمدارس خاصة تعتمد مناهج تهدف إلى تنشئة جيل جديد وفق المفاهيم التي تروِّج لها الثورة، وقد فتحت هذه المدارس أبوابها أمام طبقة لم تكن تحلم يوماً بأن يلتحق أطفالها بالمدارس العادية، فإذا بنظام تشافز يستوعب ما يزيد عن مليون طفل.

بيدرو كولومبر (مدرس): إن المدرسة البوليفارية كمشروع تربوي لها قاعدتها التي نطلق عليها اسم التربية المتكاملة، وهي فرصة نمنحها للأطفال بهدف اكتشاف قدراتهم من خلال الفنون البلاستيكية والتعاليم الموسيقية والحاسوب والمسرح والرقص إضافة إلى المساعدات النفسية والتربوية للأطفال، عدا المواد الأكاديمية بالطبع، وقد صُمم هذا المشروع خصيصاً لمصلحة الطبقات المحتاجة.

أسعد طه: الذاكرة الفنزويلية تحفظ لسيمون بوليفار أربعة محاور رئيسية اتسمت بها سياسته ورؤيته الثورية، هي مشاريع الإصلاح الزراعي، والتعليم، و وحدة أميركا اللاتينية، وإلغاء تجارة العبيد، الذين جلبتهم أوروبا من إفريقيا لزراعة الأرض، هوجو تشافز تتبع خطوات معلمه، واستبدل تجارة العبيد التي انتهت بإعادة الحقوق للسكان الأصليين.

ريمون قبشي: لأول مرة في تاريخ القارة الأميركية دستور من دساتير بلدانها ينص بشكل واضح على حقوق الهنود أصحاب البلاد الأصليين، وهم يشاركون اليوم في الحكم، وكانت هناك وزيرة من أصل هندي، واليوم الرجل الثالث أو الشخص الثالث في مجلس النواب الفنزويلي هي من أصل هندي أعطاهم الحقوق التي لم يعطها أي دستور آخر أو أي قانون آخر في أي بلد من كندا إلى تشيلي.

أسعد طه: لقد تضمن الدستور فصلاً كاملاً حول حقوق السكان الأصليين، واعترف بوجودهم كجزء من الأمة الفنزويلية، وأقر بحقهم في أراضيهم التي سكنها أجدادهم ليضيف ذلك الكثير إلى رصيد تشافز لدى السواد الأعظم من الناس، الذين هم فقراء.

مواطنة مؤيدة لتشافز: إننا سعداء بالرئيس لأنه رئيس الفقراء، إنه منشغل بالقضاء على الفقر، لم ينشغل أحد قبله بالفقراء، لكنه فعل ذلك منذ توليه الرئاسة.

مواطنة 2: لم يهتم أحد بنا منذ 40 عاماً، وما يجري الآن هو أن وسائل الإعلام تعمل ضده وتلحق به الضرر دائماً.

مواطنة 3: هو ليس كالرؤساء السابقين الذين كانوا ينحون بنا جانباً، إنه مع الشعب مع الجميع، رغم أنهم لا يعترفون له بذلك، لأنه مد يد العون للناس، وهم أعطوه ظهورهم، ولكنني لن أعطيه ظهري.

مواطن: إن عدداً من قطاعات المعارضة له مصالح تأسست منذ 40 عاماً على السرقة والنهب والقتل وانتهاك حقوق الإنسان، نحن أنصار الحكومة، ولذلك نحن ملاحقون من كبار رجال الأعمال الذين لا يريدون تقدم هذه البلاد، ولا يريدون أن يتحصل الشعب على احتياجاته.

أسعد طه: إذا جلست إلى إحدى الأحياء الفقيرة وتتبعت هؤلاء الرجال، واستمعت إلى حديثهم ستدرك أن أهم ما فازت به الطبقة الدنيا من المجتمع هو الوعي، قبل عدة سنوات لم يكن بوسع هؤلاء الحديث عن مطالبهم المشروعة في ثروات البلاد النفطية وغير النفطية، ولا عن حقوقهم في المشاركة في السلطة، لكنهم اليوم يفعلون ذلك، هذا الوعي تم ترجمته جزئياً إلى تكوين ما يسمى بالدوائر البوليفارية التي هي مجموعات صغيرة من الأهالي تم تشكيلها في الأحياء المختلفة، وعُهد إليها بالدفاع عن الثورة وحماية مكاسبها حتى لو اقتضى الأمر استخدام القوة، وهي تباشر الآن الإشراف على المشاريع التي تبنتها الحكومة والهادفة إلى رفع مستوى الخدمات في هذه الأحياء على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية، ولأن هذه الدوائر البوليفارية مسلحة، ولأن لديها قدرة تنظيمية عالية فهي قادرة على التأثير على الرأي العام وحشد الجماهير خلال وقت قصير وإدارة الأزمة لصالحها، هذا الشعور العام يُوحي لك بالحال التي كانت عليها مصر ومن ثم العالم العربي خصوصاً في الستينات، عندما كان المشهد يفيد أن جمال عبد الناصر هو الرجل الوحيد القادرة على مناوئة الاستعمار وكبح جماح طبقة الإقطاعيين والرأسماليين.

ريمون قبشي: أرى كثيراً من ملامح جمال عبد الناصر عنده هذا الشعور الاجتماعي الممالئ للكادحين للطبقة الفقيرة، أجد فيه هذه الروح التي تنادي بحرية القرار في السياسة الخارجية، أرى فيه الإنسان الوطني، تشافز وعبد الناصر قد يلتقيان على مبادئ قومية ومبادئ وطنية، عبد الناصر نادى بالوحدة العربية، تشافز ينادي بنوع من أنواع الوحدة لأميركا اللاتينية إلى جانب عمله في سبيل استقلالية فنزويلا كما فعل عبد الناصر في.. في مصر.

أسعد طه: حديقة عامة يتوسطها سيمون بوليفار يقف شامخاً صنماً من حجر تعتليه الطيور، في إحدى الزوايا نُصِّبت جرائد الحائط ورُفعت صور الزعماء الثوريين، وعلى مقربة من ذلك متحمسون، وقد انبروا في جمع التوقيعات المؤيدة للرئيس، الوجوه والأعمار مختلفة، لكن الملابس لها ثمة واحدة تدل على أن رواد هذه الحديقة هم من طبقة المجتمع الدنيا، فكل شيء هنا يتم تصنيفه، هذا للأغنياء، وهذا للفقراء، وربما تكون هذه هي إحدى دوافع معركة الفقراء، هؤلاء الذين أدركوا أنهم قد فازوا بالجولة الأولى بعد أن حازوا على الوعي والديمقراطية.

اعترف تشافز علانية بأنه معني بالفقراء باعتبار أن الأغنياء يملكون من أسباب القوة ما يمكنهم من تحقيق مصالحهم، وهو الاعتراف الذي ألَّب عليه الطبقة العليا من المجتمع التي رأت أن الرجل ينزع عنها ما لها من امتيازات، كما أغضب الطبقة المتوسطة التي رأت أن مصالحا تضيع في هذه المعركة بين تشافز والأغنياء، ومن ثم تكون تيار من المعارضة تيار قوي، لكنه لا يمثل الأغلبية.

الصورة هنا في شرق العاصمة تختلف كثيراً، وحدات سكنية راقية، أسلاك وحراسة مشددة، ورجال أمن و سيارات فاخرة، ومتنزهات خاصة، وعند السؤال تأتيك الإجابة الغريبة: هنا مركز المعارضة، والمعارضة في فنزويلا حالة فريدة، فهي لا تنتمي إلى مدارس سياسية أو اتجاهات فكرية معروفة أو حتى غير معروفة، وإنما هي مجموعات متنافرة لا يربط بينها سوى الانتماء لطبقة الأغنياء والمترفين، ويتولى قيادتها رجال الأعمال وجنرالات النفط الذين يعمل تشافز على إنهاء عهدهم الاحتكاري لثروات البلاد.

كارلوس فرنانديز (رئيس اتحاد الغرف التجارية): إن الحكومة ورئيس الجمهورية يلعبان ويرغبان في تفجير المجتمع المدني في فنزويلا، إنه يسعى لإقامة دولة خاصة لكي يستطيع من خلالها عرض النظام السياسي الذي يريده، ويمكن القول بأنها ثورة يفهمها هو فقط، لأن جميع ما نافقوه خلال السنوات الأخيرة قد تخلوا عنه، لأنه خدعهم كما يخدع كل يوم أولئك الفقراء الذين يقول لهم بأن المواجهة ستكون بين الأغنياء والفقراء، وأن ما عند الأغنياء سيؤول إليهم.

أسعد طه: ولأن المعارضة هنا حالة فريدة، فهي لا تتألف من أحزاب تقليدية، حيث تفيد الخريطة السياسية أن قوى المعارضة الرئيسية تشمل نقابة اتحاد العمال واتحاد الغرف التجارية والكنيسة، وجميعها لها وجهة نظر فيما فعله ويفعله تشافز، وهي لا ترى فيه إلا رجلاً استعراضياً لا يزيد عن أن يكون ديكتاتورياً في طور التكوين، مسؤولاً عما وصلت إليه البلاد من ركود اقتصادي نتيجة سياساته التي تحاول في نظر المعارضة إقامة نظام شيوعي على الطريقة الكوبية.

الأسقف بالتزار بوراس (ممثل الكنيسة الكاثوليكية): إن من أولويات ما تعتقده الكنيسة أنه لا يمكن بناء ديمقراطية مع الإكراه والإقصاء، وعدم احترام دولة المؤسسات، وكأنما يراد عملياً هو محو المؤسسات من خريطة البلاد، نحن نأسف لوجود سياسة اقتصادية خاطئة للغاية، فبالرغم من ارتفاع أسعار النفط وما حققه من عائدات نفطية ضخمة إلا أن الفقر يتضاعف، وبرزت الصراعات الطبقية التي لم تكن موجودة في المجتمع الفنزويلي.

أسعد طه: الكنيسة في فنزويلا تلعب دوراً سياسياً فعَّالاً خصوصاً مع أجواء الديمقراطية السائدة التي تحول دون اتهام رجال الكنيسة بخلط الدين بالسياسة وإيداعهم السجون كما هو لحال في بلاد غير بلادنا والحمد لله، غير أن الكنيسة أصابها ما أصاب المجتمع، فهي منقسمة على نفسها، ولذلك تجد أصحاب المناصب العليا وكنائس المناطق الغنية في صفوف المعارضة، فيما صغار الرهبان وكنائس المناطق الفقيرة مع الحكومة مع بعض الاستثناءات بالطبع.

ألبرتو فيدير كورافيل (مدير قناة غلولوفيزيون): لا يكمن الخطر في سياسات تشافز فحسب، وإنما في عدم وجود مؤسسات قادرة على تصحيح عمل الرئيس، إن مدعي عام الجمهورية كان نائباً للرئيس، إنه رجل ثقة، نحن نطالب الرئيس بأن يحكم جميع الفنزويليين، ولا يقتصر في حكمه على فئة معينة منهم، أن يهتم بالاقتصاد، وأن يجلس في مكتبه ويتوقف عن الإدلاء بالتصريحات التي تستغرق ما بين 8 إلى 9 ساعات يومياً.

أسعد طه: جولوبوفيجن قناة تليفزيونية خاصة تمتلك إمكانات مالية هائلة، والحقيقة أن وسائل الإعلام تقع في غالبيتها العظمى بيد المعارضة باعتبار أنها تملك المال القادر على إدارة هذه المؤسسات التي تمارس عملها دون مصادرة أو رقابة حكومية أو مطاردات أمنية لصحفييها، عندما دخلنا إلى مقرها وجدنا قوات أمن خاصة تتولى حراستها، وذلك بسبب تعرضها والعاملين فيها لاعتداءات متكررة من أنصار تشافز، والسبب أن وسائل الإعلام هنا الخاضعة للمعارضة تمارس الكذب بما تعنيه هذه الكلمة من معان مهنية وأخلاقية عبر نشر أخبار غير صحيحة أو المغالطة في استخدام التقارير التليفزيونية بنسبتها إلى أماكن أو أحداث غير حقيقية، ورغم ذلك فلم تغلق الحكومة أيًّا من هذه المؤسسات أو تخضعها لعقوبات ما.

روميرو (محلل سياسي): أولاً: لقد ركز تشافز الكثير من السلطات في يديه.

ثانياً: قام بتفكيك القوات المسلحة التقليدية.

ثالثاً: طوى على الأقل -جزئياً- السلطتين القضائية والتشريعية.

رابعاً: ضغط وبشكل حاد جداً على وسائل الإعلام.

خامساً: حول فنزويلا إلى مجتمع فقير، بينما الحرفيون من الطبقة المتوسطة بدءوا بالهجرة.

أسعد طه: سرعان ما تكتشف أن المعارضة هنا لا مشروع لها، إنها لا تمتلك رؤية بديلة عما يطرحه تشافيز، بل إن ما يجمع بين فصائلها المختلفة ليس سوى الرغبة في التخلص من هذا الرجل وإسقاطه، وقد حددت مطلبها الوحيد في تنحية الرئيس وإبعاده عن السلطة، لكنها لم تجتمع على بديل له، ولم تقدم طرحاً واحداً لما يمكن أن تقدمه للبلاد في اليوم التالي للإطاحة به.

هوغو تشافز: تصور بأن هؤلاء السادة حكموا فنزويلا 40 عاماً، كم من الضرر ألحقوا بهذه البلاد؟ لقد مزقوها، لقد شتتوها إرباً، لهذا تخلَّى عنهم الشعب، تخلى عنهم إلى الأبد، وكما يقول ويغني شعبنا في الشارع: لن يعودوا، فهم كانوا هنا في هذا المبنى بالذات كانوا يبرمون صفقات تجارية ضخمة يخونون أمل الشعب الذي أيدهم حينئذٍ، ولهذا فإن واحدة من أكبر القوى التي تؤيد هذه الثورة تكمن في الشعب الواعد، والشعب المنظم والمفعم بالحركة.

أسعد طه: التظاهرات الدورية والتصاعدية هي في الأغلب ما تجتمع عليه المعارضة، تظاهرات تواجه في أحيان كثيرة بقمع السلطات رغم ما يمثله ذلك من تناقض مع المادة 350 من الدستور الذي يفتخر تشافز بصناعته.

هوغو تشافز: لكي أختصر لك الأمر بشكل تقريبي فإن المسألة عبارة عن اثنين ضد اثنين، هم لديهم القوة الاقتصادية ولديهم قوة إعلامية كبرى، ونحن لدينا الشعب والقوات المسلحة، ومع أننا عملنا على تطوير عوامل اقتصادية وعوامل قوة إعلامية، ولكن لنقل بأننا لم نتجاوز حتى الآن الأمور الأساسية.

أسعد طه: المشهد العام في فنزويلا يضم أحياناً مفردات غريبة، على الأقل بالنسبة لنا، فضمن فاعليات المعارضة أُعلن عن إضراب عام لقوات الأمن، غرابة الأمر في وجهين، أحدهما: أن الذين عُهد إليهم بحفظ أمن البلاد وحماية شعبها يعلنون نكوصهم مؤقتاً عن هذه المهمة، وكأنهم يمنحون الخارجين من القانون فرصة ذهبية لارتكاب جرائمهم، أما الوجه الآخر فهو تعدد الأجهزة والمؤسسات الأمنية، والتي تخضع في أغلبها للمعارضة لتستخدمها متى حانت اللحظة المواتية.

هكذا إذاً تبدو ساحة المواجهة في فنزويلا طبقتان تتواجهان، طبقة فقيرة تمثل السواد الأعظم من الشعب، تؤيد الرئيس المنحاز إليها، والمعتقد أن لديه الشعب والجيش، وطبقة غنية أفقدتها ثورة تشافز شيئاً من الامتيازات التي حصلتها على مدى أربعة عقود احتكاراً لثروات البلاد، وهي طبقة تملك المال والإعلام ولا يجب الاستهانة بقوتها، الخطر يكمن في أن الطبقتين تتسلحان الفقراء خلال ما تم تكوينه من الدوائر البوليفارية، والأغنياء خلال الأجهزة الأمنية الخاصة المسموح لها بالعمل جنباً إلى جنب مع الشرطة الرسمية، فهل يمكن أن تقع حرب أهلية؟

غريغوري ويلبرت: بالطبع الاحتمال قائم، ولكن من الصعب التنبؤ، فالمجتمع الفنزويلي حقيقة كثيف التسلُّح، وتشير التقديرات إلى أنه من بين كل عشرين شخصاً هناك اثنا عشر مسلحاً، وهذا يعني أكثر من نصف المجتمع مسلح بطريقة أو بأخرى، ولا ننسى التوتر الشديد، وأعتقد إن إزاحة تشافز بالقوة قد تؤدي إلى نوع من الصراع المسلح.

أسعد طه: عند هذا الجسر سقط بحسب التقديرات المتداولة حوالي 15 قتيلاً في غضون ما عُرف بانقلاب الحادي عشر من أبريل لعام 2002، ففي هذا اليوم سيَّرت المعارضة تظاهراتها المعتادة التي ووجهت برصاص قال المعارضون إنهم من رجال الأمن التابعين لتشافز، وقال المناصرون لتشافز إنه من قناصة أرادوا إحداث فوضى تمكنهم من تحقيق مآربهم، في كل الأحوال كان ذلك بالفعل سبباً في قيام بدرو كرمونا (زعيم اتحاد الغرف التجارية) بانقلاب أخرج به تشافز من المقر الرئاسي واقتاده إلى السجن قبل أن ينزل الفقراء من الجبال في مسيرة مليونية ويحاصروا المقر الرئاسي ويسقطوا الانقلاب، ويعيدوا تشافز إلى سدة الحكم بعد أقل من 72 ساعة من الانقلاب عليه.

هوغو تشافز: أسأل الله أن هذه الكلمات لن تذهب أدراج الرياح، اليوم أريد أن أدعو للحقيقة،و لوحدة فنزويلا، وللوحدة التي تحترم الاختلافات فيما بيننا، أنا أدعو للتسامح كما أدعو للتفاهم، أنا أدعو الكنيسة الكاثوليكية والباباوية والرومانية والإنجيلية وكل الأديان، أنا أدعو هؤلاء الذين ينتمون للقطاع الخاص، وأدعو كل الأحزاب السياسية كلهم، ولقادة اتحاد العمال أنا أدعو رجال الأعمال أكثر من أي شيء، وبهذا الصليب المقدس أنا أدعو أصحاب دور النشر والوسائل الإعلامية بحق الله عليكم خذوا وقتكم للتأمل مرة وللأبد، إن هذا البلد لكم أنتم أيضاً.

أسعد طه: مهما كان التفسير والتحليل فإن للحدث دلالات عدة، فهو يقر أولاً بأن الحرب الأهلية ليست احتمالاً مستبعداً، ويؤكد ثانياً على أن الشعوب كفيلة بحماية حكامها المخلصين لها، ويشير ثالثاً إلى تورط قوى خارجية في العبث بمجريات الأمور داخلياً سعياً لتحقيق مصالحها، وفي ذلك حديث آخر قد حان وقته.


النفط وحقيقة التدخل الأميركي في فنزويلا

في السياسة قاعدة ذهبية: على المرء أن يدور مع مصالحه وليس مع مبادئه، وهي قاعدة رجعية لأنها تنزع عن المرء قيمه الحضارة، غير أنها في كل الأحوال قاعدة معمول بها تفيد أنه إذا لم يكن بالإمكان الجمع بين قيم الديمقراطية والمساواة والعدل وبين النفط فليكن النفط.

النفط والبحر والدور الأميركي، ماذا تبقى لنتذكر الوطن؟ تهيج الذاكرة، وتسافر إلى هناك، لكننا في الحقيقة مازلنا هنا حيث بحيرة مراكيبو المتصلة بالبحر الكاريبي والتي تعد أكبر بحيرة في أميركا اللاتينية، وهي كذلك أغنى بحيرة باعتبار كميات النفط الهائلة الراقدة تحت قاعها.

نصل قلب مدينة مراكيبو عابرين أطول جسر في القارة، مراكيبو هي ثاني المدن الفنزويلية من حيث الكثافة السكانية، وتعد العاصمة النفطية للبلاد، وتوصف بأنها أغنى ولاية في فنزويلا، ولذلك هي معقل المعارضة التي لا تكترث لأكواخ وعلب من صفيح بُنيت على البحر وتعيش بها شريحة من المجتمع توصف حياتها بأنها تحت خط الفقر لبلد يعد النفط سلعته الرئيسية.

علي رودريغز (رئيس شركة النفط): إن فنزويلا تعتمد اعتماداً رئيسياً على الإيراد النفطي، فعلى سبيل الموازنة فإن الدخل النفطي يمثل تقريباً 50% من الدخل، وعلى صعيد العملات يمثل 90% من العملات التي بها يستطيع البلد إجراء التبادلات التجارية في العالم، لذلك فإنه يلعب دوراً في غاية الأهمية، وسيظل كذلك في المستقبل القريب.

أسعد طه: بترحيب وكرم يأخذنا رجال شركة (بيفي ديسا) كما ينطقها أهل البلاد في جولة بحرية نستطلع فيها حقول النفط مدركين أننا في قبضة أكبر شركة نفط في العالم، وثالث أكبر شركة تصدر النفط للولايات المتحدة، وهي التي كانت تقع تحت قبضة مجموعة من الموظفين الكبار تولوا على مدى سنوات طويلة وضع القوانين ورسم السياسات التي تنعكس إيجاباً على أرصدتهم البنكية، ولذلك ما إن وصل تشافز إلى الحكم حتى بدأ محاولاته لفرض السيطرة الوطنية على الشركة، وأطلق سياسة الإصلاح النفطي التي اعتمدت بالأساس على وقف بيع هذه الشركة للقطاع الخاص، وتخصيص النصيب الأكبر من إيرادات الشركة للحكومة ومشاريعها التنموية، وتقوية الأوبك الذي ترأسه فنزويلا، وتحسين سعر النفط.

هوغو تشافز: بفضل إنقاذ سعر النفط تمكنا من زيادة ميزانية التعليم، وبنفس الطريقة ضاعفنا ميزانية القطاع الصحي، كما تمكنا من زيادة نسبة التسجيل في المدارس بأكثر من 25%، كما سرنا قدماً في مشروع المدارس البوليفارية المزودة بقاعات طعام مدرسية، بمعنى أن النفط ساعدنا في ضخ برامج ومشاريع وموارد من أجل فئات الشعب الأكثر فقراً.

أسعد طه: الولايات المتحدة رأت أن تشافز يهدف إلى تأسيس نظام يشاكس العولمة الليبرالية الجديدة في ما هي تعتمد أي أسلوب يكفل لها حفظ مصالحها في القارة اللاتينية التي تعتبرها ساحتها الخلفية وسوقاً لصادراتها ومصدراً للمقترضين بملايين الدولارات من مؤسساتها المالية سواء كان المقترضون حكومات أو أفراداً، كما أن المنطقة مصدر رئيسي للمواد الخام، وسوق في طور التوسع بالنسبة للمشاريع الأميركية.

غريغوري ويلبرت: أحد الدوافع الأساسية للسياسة الأميركية في هذا الموضوع هو البترول وقضية الشرق الأوسط في ظل تداعيات أزمة الحرب مع العراق، خصوصاً وأن هناك قلقاً من مدى إمكانية الاعتماد على المملكة العربية السعودية، وبالتالي ترغب الولايات المتحدة الأميركية في وجود حكومة هنا تضمن ثبات التوريدات النفطية في حال احتقان الموقف في الشرق الأوسط.

طارق صعب (نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني): إن ناقلة النفط الفنزويلية تصل إلى السواحل الأميركية في غضون أربعة أيام، بينما الناقلة السعودية تحتاج إلى أكثر من 40 يوماً، وهنا يتبين الفرق الكبير، رغم أن السعودية تعتبر المزود النفطي الرئيس للولايات المتحدة.

أسعد طه: وفقاً لقاعدة "مَنْ ليس معنا فهو ضدنا" فإن للولايات المتحدة أسبابها التي تضع بها تشافز في موقع العدو، علاقات قوية يحتفظ بها الرجل مع كاسترو وصدام والقذافي، وزيارات متعددة لهذه الدول، وانتقاد للهجوم الأميركي على أفغانستان، واتهام الولايات المتحدة بأنها تحارب الإرهاب بالإرهاب، وتعاطف مع ثوار كولومبيا، ومحاولات دءوبة لتغيير اتفاقات موقعة مع الشركات الأجنبية والأميركية منذ عقود طويلة وفيها إجحاف بالاقتصاد الفنزويلي وطموح لأميركا لاتينية موحدة ومتحررة من أعباء الاستعمار الأميركي الجديد بأدواته من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

الولايات المتحدة الأميركية الباحثة عن قيادات تحفظ لها مصالحها في المنطقة وجدت ذلك في زعماء المعارضة، وبالتالي كان طبيعياً توجيه أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأميركية بدعم الحركة الانقلابية الفاشلة في أبريل عام 2002.

هوغو تشافز: أما عن وجود أشخاص أو أفراد أو جماعات من الولايات المتحدة قدموا دعمهم للانقلاب في فنزويلا فأنا متأكد من أن ذلك قد حدث فعلاً، ومن بينهم بعض الفنزويليين الذين يعيشون هناك، بعض تجار البنوك الفارين الذين نهبوا الكثير من هنا.. الكثير من الأموال، هناك يعيش فاسدون كانوا رؤساء الجمهورية، وهم فارون من القانون الفنزويلي، إنهم يعيشون هناك، وقد تآمروا مع شركائهم هنا، واجتمعوا معهم في محاولة للمضي في مخططهم الانقلابي.

غريغوري ويلبرت: لقد تم توثيق مساندة الولايات المتحدة الأميركية للمعارضة، حيث ساندت و موَّلت بوضوح بعض قطاعات المعارضة من خلال المعونة الدولية لتشجيع الديمقراطية، فمثلاً منحوا اتحاد العمال مليون دولار، كما وفرت الولايات المتحدة الأميركية أنواعاً أخرى من الدعم لفئات أخرى من المعارضة.

طارق صعب: إن مجلس الشيوخ الأميركي أنفق ملايين الدولارات لمساندة المنظمات غير الحكومية وجمعيات أخرى باستطاعتي تصنيفها كلها كجمعيات معادية لحكومة الرئيس تشافز، كنقابة العمال التي كان عليها أن تجاهد من أجل مطالب العمال وتحولت إلى تجمُّع معادٍ للحكومة.

أسعد طه: التدخل الأميركي في أميركا اللاتينية ليس أمراً جديداً، فقد عرفت القارة صوراً متعددة لهذا التدخل عبر دعم الانقلابات ضد الحكومات القائمة مثلما حدث في جواتيمالا وتشيلي وبوليفيا، أو التدخل العسكري المباشر كما حدث في كوبا والدومينيكان وبنما، ونيكارجوا وجرينادا.

صور تشافز المعلَّقة في كل مكان تكاد تطرح سؤالاً: لمَ لا يكون الرجل مثل زعماء آخرين دغدغوا مشاعر الفقراء واستحوذوا على دعمهم، وكانوا في النهاية مخلصين لطموحاتهم الشخصية لا للمطالب الوطنية؟ قد يكون ذلك، لكن المهم أن جماهير الفقراء باتت واعية إلى الحد الذي قد تغفر فيه لزعيم يدَّعي وطنيته، لكنها لن تغفر لحفنة من الرجال تعمل لمصالحها الخاصة وتتعاون مع قوى أجنبية على حساب المصلحة الوطنية.

في أحد الأحياء المترفة نشاهد رياضة شعبية تقليدية هي أشبه بلعبة مصارعة الثيران الإسبانية مع إضافات محلية، حيث يتبارى أربعة متسابقين للتغلب على الثور وطرحه أرضاً، فيما أطراف تقف خارج الحلبة تدفع بالمتسابقين إلى توجيه ضربتهم القاضية، المسابقة مثيرة، لكنها عنيفة، في النهاية قد يسقط الثور، لكن وحشية الفائزين تجبرك على التعاطف مع الثور.

قبل أن نغادر أردنا أن نلقي النظرة الأخيرة على المشهد المحتقن، تظاهرات للمعارضة تعكس فكرها وثقافتها وانتماءها، أغنياء ومترفون، راقصات وراقصون، ثم تظاهرة لأنصار تشافز، مئات الآلاف من المتظاهرين وحماس يبشر بأن أصحابه قادرون على خوض المعركة حتى النهاية ويحذر من مواجهة تتعدى الأساليب الديمقراطية.

فنزويلا..

كم أنت رائعة كم أنت ثرية

تماماً كبلادنا المتخمة بالثروات المنهوبة..

آه..

ليت قومي يعلمون أن المعركة واحدة

ضد الجهل والفقر والظلم

أما أنتم أيها الفقراء المعدمون الطيبون..

يا سكان الأزقة والشقوق والجحور..

يا محرومين من أشجار الليمون وآبار البترول

هذا زمانكم آتٍ

تقدموا..

لا تخيفنكم حصونهم المزركشة بالعولمة.

هي تماماً كبيوت العنكبوت..

أوهن البيوت

انتهى عهدها، صحيح، إذا ما كانت الثورة بياناً وعلماً ومظاهرة، الصمت مؤامرة، الرفض مقاومة، المبادرة ولو كانت امتعاض رصاصة، القوة ليست دبابة.

القوة إرادة.

السلام عليكم.