توفيق طه- مقدم الحلقة
الملف الأسبوعي

الأزمة السودانية، خارطة اليمن السياسية

تناقش الحلقة الفوارق الثقافية بين أنقرة وأوروبا، تفاقم الأزمة السودانية، تعقيدات خارطة اليمن السياسية، انتخابات هونغ كونغ البرلمانية، هيمنة الهاجس الأمني على قمة بروكسل.

– الفوارق الثقافية بين أنقرة وأوروبا
– تفاقم الأزمة السودانية

– محمد عبد العزيز.. شخصية الأسبوع

– تعقيدات خارطة اليمن السياسية

– انتخابات هونغ كونغ البرلمانية

– هيمنة الهاجس الأمني على قمة بروكسل

– التوتر المناخي على كوكب الأرض


undefinedتوفيق طه: أهلا بكم إلى جولة جديدة في الملف الأسبوعي، في هذه الجولة أردوغان يتحدى أوروبا ويصر على تقديم قانون حظر الزنا إلى البرلمان التركي، انهيار محادثات السلام السودانية في أبوجا بينما تُصعد الحكومة من حملتها ضد المؤتمر الشعبي، واليمن مازال يعيش تداعيات ما بعد تصفية الحوثي والحكومة اليمنية تصعد من تحديها للمتطرفين.

الفوارق الثقافية بين أنقرة وأوروبا

بون شاسع ذلك الذي يفصل تركيا عن القارة الأوروبية وإن اقتربت المسافة جغرافيا فالخلافات الثقافية بين الكيانين تجعل محاولة الأتراك القفز فوق منظومة القيم الدينية والثقافية لصالح الفوائد من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أمرا غير مأمون النتائج أما إذا كان الأتراك يعولون على الضغط الأميركي على أوروبا كي تقبل بتركيا المسلمة فإن عليهم أن يتريثوا قليلا ويفكروا في العواقب فواشنطن لن تستطيع إجبار أوروبا على قبول ما تكره خاصة أن أوروبا مازالت تشتكي من سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان ومن عوامل أخرى اجتماعية واقتصادية.

[تقرير مسجل]

يوسف الشريف: الكوكرتش تكاد تكون الأكلة الشعبية المفضلة لدى الأتراك ولهم في فن إعدادها عادات وتقاليد لكن هذه اللذة تصطدم بحواجز الاتحاد الأوروبي الذي يشترط على تركيا ضمن شروط انضمامها إلى عضويته حظر هذه الوجبة المكونة بشكل رئيسي من أحشاء الدجاج والطيور وذلك بحجة عدم صحيتها مما يعني على الأتراك أن يضحوا بعدد من عاداتهم وثقافاتهم التي لا تتواءم مع الاتحاد الأوروبي وليس كما يظن البعض بأن الأمر متعلق فقط بإصلاحات سياسية تُسن على الورق ويبدو أن حكومة العدالة والتنمية ذات الجذور الإسلامية لا تتخيل هي أيضا تركيا وقد أبيح فيها الزنا حتى لو دخلت الاتحاد الأوروبي.

"
تركيا أدت ما عليها من واجبات سياسية ناحية الاتحاد الأوروبي، ومسألة الثقافة والقيم الأخلاقية والدينية مسألة داخلية على الاتحاد عدم التدخل فيها
"
        تقرير مسجل

يعتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا قد أدت ما عليها من واجبات سياسية ناحية الاتحاد الأوروبي وأن مسألة الثقافة والقيم الأخلاقية والدينية مسألة داخلية طلب من الاتحاد عدم التدخل فيها إذ لا ينسى أردوغان أن أوروبا تخلت عن محجبات تركيا ورفضت محكمتها لحقوق الإنسان قبول دعاوى المحجبات على اعتبار أن قانون حظر الحجاب أمر داخلي فما بال أوروبا تتدخل اليوم إذا لمنع تجريم الزنا، كما أن الحكومة ترى في الموضوع فرصة لتلبي لقاعدتها الإسلامية واحدا على الأقل من مطالبها بعد أن عجزت سابقا عن حل ملفي الحجاب ومدارس الأئمة والخطباء اللذان اضطرت للتراجع عن الخوض فيهما أمام ضغوط العسكر إذا هي محاولة لإنقاذ ماء الوجه ونفي صورة التردد والضعف عن الحكومة خصوصا وأن الجيش قد التزم الصمت هذه المرة إلا أن ما تريده الحكومة لإرضاء قاعدتها الإسلامية لا يتفق مع أهواء شريحة اجتماعية كبيرة في تركيا ترفض دخول الدولة إلى غرف النوم وترى في القانون المقترح محاولة للعودة بتركيا إلى عهد الحكم الإسلامي في وقت لا تزال تُسمع فيه دعوات البعض لترك الاتحاد الأوروبي والالتفات إلى ترقية مكانة تركيا داخل العالم الإسلام وتشير البيانات الأولية إلى وجود بون واسع بين تركيا والاتحاد الأوروبي في قضايا ثقافية جوهرية لا يلتفت الأتراك إليها ومنها أن معدل صرف الأتراك على شراء الكتب لا يتجاوز الدولارين بينما يبلغ في أوروبا خمسمائة دولار وما يُصرف على الطالب في تركيا سنويا يبلغ أربعمائة وخمسين دولار في مقابل عشرة أضعاف هذا الرقم أوروبيا كما أن 40% من سكان تركيا يعملون بالزراعة بينما لا تزيد هذه النسبة في أوروبا عن 2% فقط بالإضافة إلى أن 80% من مباني تركيا تعتبر عشوائيات لابد من إزالتها ناهيك عن كون غالبية سكان تركيا مسلمين وهذا كله يبدو كافيا لتشكيل شريحة اجتماعية يصعب عليها التأقلم مع ثقافة الاتحاد الأوروبي وحرياته التي قد تصطدم بتقاليد وثقافة هذا المجتمع مهما أجرى من إصلاحات سياسية لم تمارس بعد على الأرض وتكاد الصورة تتضح أكثر إذا ما انتقلنا إلى الأناضول وابتعدنا عن المدن حيث لا تزال السينما التركية تتندر بحكايا الأغوات الذين يمتلكون ويستعبدون الفلاحين في القرى والريف ولا يبدو الاتحاد الأوروبي بما يجلبه من حريات مناسبا لنظام حياتهم الذي لا تمسه إصلاحات ومعايير كوبنهاغن السياسية من قريب أو بعيد على الرغم من جميع الإصلاحات السياسية التي أقرتها أنقرة إلا أنها تبدو غير مدركة بعد لحقيقة أن الاتحاد الأوروبي مشروع ثقافي اجتماعي قبل أن يكون مشروعا سياسيا ولذا كان من الطبيعي أن تصطدم مواقف أنقرة التي تسعى لحماية الأسرة مع فلسفة الاتحاد الأوروبي القائمة على ضمان الحريات الشخصية للفرد يوسف الشريف لبرنامج الملف الأسبوعي أنقرة.

توفيق طه: ومعنا من باريس ماجد نعمه رئيس تحرير مجلة آسيا وأفريقيا سيد ماجد ما الذي يحول دون انضمام تركيا إلى أوروبا أكثر من غيره الإصلاحات السياسية والاقتصادية مطلوبة أم الفوارق الثقافية بين تركيا وأوروبا؟

ماجد نعمه: في الحقيقة التقرير الذي تفضل به مراسلكم في أنقرة كان ممتازا ورائعا وشاملا أحاط بكل المشكلة من جميع نواحيها سواء السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية المشكلة عندما قررت تركيا إزالة الخلافة في بداية القرن وتوجهت نحو أوروبا قال أحد المفكرين آنذاك كان الأتراك كانوا أول المسلمين فأصبحوا آخر الأوروبيين ويبدو أن التطور الذي سلكته تركيا في القرن الماضي لم يسمح لها باللحاق بأوروبا كما كانت كما كان يشتهي أتاترك والنخبة السياسية التي كانت تحيط به صحيح أنه فرض العلمانية في حين أن العديد من الدول وهنا الأوروبية حتى الآن ليست هي علمانية يعني الدول العلمانية في أوروبا هي قليلة جدا يعني باستثناء فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهي قليلة هناك الكثير من الدول التي تعتمد الدين أساسيا في.. من المواد الأساسية في دستورها خاصة في شمال أوروبا وحتى في بريطانيا حيث أن الملكة هي رئيسة الكنيسة طبعا هناك تركيا هي أكثر من تركيا هناك تركيا الأناضولية هناك تركيا الريفية هناك تركيا المتغربة والتي تريد بأي ثمن اللحاق بأوروبا والمشكلة أن أوروبا هي ناد يجب أن تتوفر في الذين يريدون الدخول إليه بعض الشروط شروط اقتصادية وشروط سياسية وشروط استراتيجية وشروط اجتماعية تركيا مازالت حتى الآن بعيدة جدا عن الالتزام بكل هذه الشروط فهي مثلا تحتل بلدا أوروبيا آخر مثل قبرص شمال قبرص هي بالنسبة للأقليات مازال عليها أن تقوم بالكثير من الخطوات لكي تلحق بالقوانين والأعراف المتوافرة في البلدان الأوروبية وصحيح أن بعض الناس يقولون أن الدين الإسلامي قد يكون عائقا أمام دخول تركيا ولكن في أوروبا حاليا أكثر من عشرين مليون مسلم يتمتعون بحرياتهم.. بحريتهم وبحقوقهم ويؤرثون وعليهم واجبات لا أعتقد.. وهناك دولة مثل ألبانيا أغلبية سكانها من المسلمين..

توفيق طه: نعم هنا سيد ماجد يعني البعض يقول إن الأوروبيين ينظرون إلى أنفسهم وإلى اتحادهم كناد للمسيحيين فقط وإن على أصحاب الثقافات الأخرى أن يبقوا خارج الأبواب.

ماجد نعمه: لا أعتقد هذا هذه نظرة خاطئة وعلينا أن ننظر مثلا إلى مشروع الدستور الأخير فقد رُفض الإشارة بأي شكل من الأشكال إلى المسيحية كدين يُعتبر من تراث أوروبا وإنما قالوا بقيم الروحية القيم الروحية التي تشمل المسيحية والإسلام واليهودية وأيضا الذين لا يؤمنون وهم الأغلبية في أوروبا هناك الكثير من الذين يعتبرون أنفسهم علمانيين ولا ينتمون إلى أية ديانة لذلك فقد رفض واضعو هذا الدستور الإشارة بأي شكل من الأشكال إلى المسيحية كأساس للمشروع الأوروبي المشروع الأوروبي هو في الأساس اقتصادي اجتماعي سياسي وعلى أي طرف يود الدخول إليه أن يلتزم بهذه الشروط وذلك ينطبق على تركيا كما ينطبق على بقية الدول التي هي أغلبيتها من المسيحيين لأن هناك الكثير من الدول الأوروبية التي لم..

توفيق طه: لعل السؤال الأهم هنا السيد ماجد لماذا يصر الأتراك على الدخول إلى نادي الأوروبي لماذا يتكالبون يعني بكل هذا القدر على الاتحاد الأوروبي؟

ماجد نعمه: لأنهم يعتقدون على الأقل هذا ما تعتقد به النخبة الحاكمة في تركيا أن الدخول إلى أوروبا يسمح لهم بالمزيد من التطور وباللحاق بالعالم المتطور المتقدم ويصبح لهم وزنا أكثر مما هو عليه ويسمح لهم بالخروج من السيطرة الهيمنة الأميركية التي هي عمليا هي التي تتحكم بالسياسة الاستراتيجية التركية.

توفيق طه: لكن يعني حتى أكثر المتحمسين لدخول تركيا إلى أوروبا الفنلنديون يعني لا ينظرون إليهم على أنهم أكثر من أيدي عاملة رخيصة لتجديد شباب القارة العجوز.

ماجد نعمه: بكل تأكيد يعني أن إذا كان هناك سبب لإدخال تركيا إلى أوروبا فلأن أوروبا بحاجة إلى كثافة سكانية جديدة إلى يد عاملة رخيصة وإلى سوق كبيرة لمنتجاتها ولتوسعها وبكل تأكيد يعني ولا أعتقد أن الديانة ستكون عائقا أمام ذلك لأن الرأسمالية والاقتصاد العالمي في زمن العولمة هذا لا يلتفت لا إلى الديانات ولا إلى الثقافات بل يلتفت إلى المصالح وإلى الأسواق وإلى علاقات التبادل التجاري بين هذه الدول.

توفيق طه: نعم الآن الأميركيون يبذلون ضغوطا على أوروبا من أجل بدأ مفاوضات مع تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إلى أي مدى في رأيكم ممكن أن ينجحوا في ذلك؟

ماجد نعمه: لا أعتقد أن الضغط الأميركي على تركيا على أوروبا لإدخال تركيا إلى أوروبا سيزيد من صعوبة الترشيح التركي إلى أوروبا لأن أوروبا حتى الآن مع الأسف لم تتوصل بعد إلى سياسة استراتيجية وخارجية ودبلوماسية مستقلة وأي تدخل أميركي في هذه الأمور لن يقبل خاصة وأننا نذكر تماما الملاسنة العنيفة التي جرت بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس بولونيا عندما ساندت بولونيا الحرب الأميركية على العراق وقال آنذاك أن أول قرار اتخذته بولونيا عندما دخلت إلى الاتحاد الأوروبي كان الالتحاق بالسياسة الأميركية وهذا ما لا يريده بعض الأطراف داخل الاتحاد الأوروبي ومنها بالتأكيد فرنسا وبلجيكا وألمانيا.

تفاقم الأزمة السودانية

توفيق طه: شكرا ماجد نعمة رئيس تحرير مجلة آسيا وإفريقيا في باريس. أما في السودان فقد أعلنت الحكومة عن اكتشاف مؤامرة تخريبية من تدبير المؤتمر الشعبي الذي يقوده الدكتور حسن الترابي وفي الوقت الذي انهارت فيه مفاوضات السلام التي تُجرى في العاصمة النيجيرية أبوجا بين الحكومة وحركتي التمرد في إقليم دارفور بينما تحاول الأسرة الدولية إيقاف المأساة الإنسانية في دارفور هناك عجز سوداني شبه كامل عن تشكيل رأي عام سوداني أو جبهة وطنية تضم أحزاب المعارضة بالإضافة إلى الحكومة وأكثر ما أثار الدهشة هو اتهام إريتريا بدعم هذه المحاولة التخريبية وهو ما قد يفتح على الحكومة جبهة في شرقي البلاد هي في أشد الغنى عنها.

[تقرير مسجل]

"
معطيات لا تظهر للعيان في أزمة السودان: الصين واستثماراتها في النفط السوداني ورغبة الشركات الأميركية في نيل حصتها من حقول النفط
"
       تقرير مسجل

حسن إبراهيم: هل هي مصادفة غير سعيدة أم قصة أخرى تضاف إلى المآسي السودانية المتفاقمة الظاهر منها أقل كثيرا مما يحاك خلف الكواليس كما يقول مراقبو الشأن السوداني ومن يحاول تتبع المسار فقد يصاب بالحيرة والإحباط الظاهر من المأساة بدأ بأحداث دارفور الدامية وصرخات الأسرة الدولية المتلاحقة لتلافي مجزرة من العيار الرواندي ثم إلقاء اللوم على عاتق الحكومة التي ظنت أن توقعيها اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في نيفاشا نهاية المأساة وبداية عهد من اقتسام السلطة مع الدكتور جون قرنق ومن تصطفيهم من السياسيين الشماليين الذين لا يشكلون خطرا عليها إلا أن تفاقم أحداث دارفور ووصول الضغط الأميركي خاصة والغربي عامة إلى تهديد بالغزو ثم بالعقوبات الدولية ثم بداية المهلة من مجلس الأمن الدولي التي انتهت دون أن يُنزع سلاح الجنجويد ودون أن يحدث تقدم يذكر في مجال إغاثة مئات الآلاف لاجئي دارفور وهاهي واشنطن تهدد مرة أخرى بإشعال الموقف هناك كثير من المعطيات الأخرى لا تظهر للعيان بصورة واضحة منها ما هو دولي مثل الصين واستثماراتها في النفط السوداني ورغبة الشركات الأميركية في نيل حصتها في حقول النفط ومنها المحلي مثل الدكتور حسن الترابي عراب النظام السابق وزعيم المؤتمر الشعبي المعارض فالرجل رغم أنه يتنقل ما بين الاعتقال التحفظي والسجن منذ أمد طويل ويبقى محروما من لقاء أي فرد خارج أوساطه المباشرة ويكال له الاتهام بأنه العقل المدبر وراء تمرد دارفور وأن حركتي التمرد هناك تتبعان له هاهو الآن يُتهم بتدبير ما سمته الحكومة السودانية المحاولة الانقلابية أو التخريبية الأخيرة ويعتقد بعض العارفين ببواطن الأمور في العاصمة السودانية أن هناك بعض قيادات المؤتمر الوطني الحاكم ميالة إلى عقد مصالحة مع المؤتمر الشعبي إلا أن الدكتور الترابي يتمسك بإقصاء بعض الشخصيات التي يرى أنها قد أفرطت في إيذاء كوادر المؤتمر الشعبي ويعتقد هؤلاء أن إعلان المحاولة التخريبية ما هو إلا محاولة لقطع الطريق على هذه المصالحة وهناك كثير من مراقبي الشأن السوداني من يتشككون في صحة هذه المحاولة ويعزون الإعلان عنها إلى الحرج الذي تُحس به الحكومة جراء الضغوط الدولية المتزايدة وقد أبدي كثيرون استغرابهم لتوجيه الاتهام المباشر إلى حكومة إريتريا بدعم المؤتمر الشعبي وهو ما بدا للمراقبين استعداء مجانيا لدولة تعادي النظام القائم في السودان من الأساس وما يقترب من محاولة توسيع دائرة الأعداء في أسوأ الأوقات للحكومة السودانية إذا فالمأساة السودانية مازالت حبلى بفصول لم تكتب بعد ولا يبدو في الأفق شبح تسوية سياسية بعد انهيار معظم الآمال في الانفراج وهو ما قد يعيد البلاد إلى خانة الحكم المباشر.

محمد عبد العزيز.. شخصية الأسبوع

توفيق طه: أتى اعتراف جنوب إفريقيا بدولة البوليساريو صدمة للدبلوماسية المغربية وكان من المتوقع في ظل تحسن العلاقات المغربية الإسبانية والتعاون اللصيق بين المغرب والدول الكبرى في هذا الشأن أن يتم التوصل إلى حل وسط فالاستفتاء الذي أتت به خطة بيكر واجهته عقبات كثيرة وربما تكون أجراس الإنذار قد دقت عندما فشلت محاولات المغرب الأخيرة في تقريب الشقة بينه وبين الجزائر والتي صدتها الجزائر بعنف رآه المراقبون غير مبرر ويخشى المراقبون للشؤون المغربية أن تنسحب المملكة المغربية من الاتحاد الإفريقي ردا على الاعتراف بالبوليساريو كما فعلت في الماضي حينما اعترفت بالبوليساريو منظمة الوحدة الإفريقية وزعيم الجبهة التي صمدت كل هذه السنين رغم المعوقات محمد عبد العزيز هو شخصية الأسبوع في الملف الأسبوعي.

[تقرير مسجل]

"
محمد عبد العزيز أحد المؤسسين لجبهة البوليساريو عام 1976 أصبح أمينا عاما للجبهة ورئيسا للجمهورية الصحراوية
"
         تقرير مسجل

جيان اليعقوبي: عادت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة اختصارً بالبوليساريو لتتصدر الأجندة الدبلوماسية للحكومة المغربية بعد الاعتراف المفاجئ لجنوب إفريقيا بالجمهورية الصحراوية التي يرأسها محمد عبد العزيز ، ومحمد عبد العزيز هو أحد المؤسسين لجبهة البوليساريو وانضم مثل مئات غيره من الشبان المنحدرين من الصحراء إلى الحركات اليسارية التي كان يموج بها المغرب أوائل السبعينات حيث شكلوا في الرباط تجمعا مدعوما من المعارضة المغربية اليسارية لإنهاء الاحتلال الإسباني للأقاليم الصحراوية ولكن رياح السياسة والحسابات المغربية والإقليمية لم تنطبق على مقاسات هؤلاء الشبان المتحمسين الذين ما إن رأوا الوجود أن الإسباني في الصحراء قد استُبدل عام 1975 بالوجود الرسمي للحكومة المغربية حتى هُرعوا لطلب العون من دول الجوار وهي الجزائر وموريتانيا وليبيا وهذه الدول الثلاث لعبت دورا في الملف الصحراوي تراوح بين تزويد البوليساريو بالسلاح والعتاد إلى الدعم الدبلوماسي والإعلامي إلى توفير معسكرات للاجئين الصحراويين الذين فر الآلاف منهم إلى مدينة تندوف الجزائرية التي أصبحت فيما بعد ولا تزال معقلا لجبهة البوليساريو وأصبح عبد العزيز عام 1976 أمينا عاما لجبهة البوليساريو ورئيسا للجمهورية الصحراوية وظل انتخابه يعاد مرة تلو الأخرى في هذا المنصب منذ ذلك التاريخ وشهدت الجبهة في عقد السبعينات قمة مجدها عندما اعترفت بها أكثر من سبعين دولة ولكن هذا لم يدم طويلا إذ ما لبث المغرب أن شن هجومه الدبلوماسي المضاد وبدأت العديد من الدول الإفريقية واللاتينية تسحب اعترافها بهذه الجمهورية الوهمية كما يسميها المسؤولون المغاربة وجاءت نهاية الحرب الباردة وزوال النفوذ السوفيتي والكوبي في إفريقيا ليلقي بظلاله على هذا الصراع الذي اعتقد الكثيرون أنه في طريقه إلى الحل وكثرت المبادرات الدبلوماسية ودخل الأميركيون على الخط وأرسلوا كبيرهم جيمس بيكر الذي اصطدم مثل كثيرين غيره بجدار العناد وعدم استعداد أي طرف للتنازل عن موقفه رغم كل الخيارات التي طرحها هذا الدبلوماسي المخضرم الذي نفذ صبره وطوى ملفاته وقفل عائدا إلى مزرعته في تكساس وفشلت كل جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل بسبب النزاع الخفي بين الرباط والجزائر واهتمام الأطراف الإقليمية والدولية بهذا الإقليم المتميز بموقعه الاستراتيجي وبثرواته الطبيعية والمغرب الذي يملك الصحراء عسكريا وسياسيا ربما عليه أن يملك قلوب الصحراويين أيضا حتى لا تتحول قضية الصحراء مثل غيرها من القضايا العربية إلى مشكلة مزمنة لا حل لها.

توفيق طه: ومن قناة الجزيرة في قطر نواصل وإياكم هذه الجولة في الملف الأسبوعي وفيها أيضا بعد الفاصل غضب الطبيعة ليس بعيدا عن الانحباس الحراري فمتى يتوقف التلوث؟

[فاصل إعلاني]

تعقيدات خارطة اليمن السياسية

توفيق طه: أهلا بكم من جديد، الخارطة السياسية اليمنية شديدة التعقيد يتداخل فيها الانتماء القبلي والإثني مع ضعف التنمية ليفرز ضغائن وسخطا من كثير من الفئات الاجتماعية لكن عندما يضاف التطرف الديني إلى المعادلة آنفة الذكر يصبح الوضع كبرميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة فمن طود سني طابع بين جيش عدن وأبين الإسلامي الذي قاده أبو الحسن المحدار إلى تمرد قاده حسين بدر الدين الحوثي البرلماني السابق من الطائفة الشيعية الزيدية واختلطت مرة أخرى في دعوة الحوثي الأمور المطلبية بالمعارضة السياسية ورغم جاذبية دعوة مثل تلك إلا أن مقتل الحوثي لم يستفز الكثيرين مثلما توقع البعض مراسلنا في صنعاء يستعرض جانبا من هذا الوضع شديد التعقيد وتداعياته بعد مضي أكثر من أسبوع على مقتل الحوثي.

[تقرير مسجل]

مراد هاشم: دماء ودموعا غزيرة سالت على هذه الجبال الوعرة قبل أن يتبدد دخان المعارك ويسود الهدوء الحذر إثر إعلان السلطات اليمنية عن إنهاء ما وصفته بالتمرد لمقتل حسين بدر الدين الحوثي رافع شعار الموت لأميركا الموت لإسرائيل وباستثناء رفض مساعد الحوثي عبد الله الرزامي ونحو مائتين من أتباعه تسليم أنفسهم للسلطات سلم الكثيرون بنتيجة الحرب التي دامت شهرين وخلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة وأضافت تعقيدات سياسية وحزبية وأثارت حساسيات دينية ومذهبية وهي نتائج لا تخفى على أحد على الرغم من نجاح السلطات في التعتيم على كثير من فصول الحرب بمنع الإعلام من الوصول إلى أرض المعركة.

مواطن يمني: إذا الخطاب الإعلامي الرسمي وبعض الخطاب المعارض انزلق إلى تفسيرات مذهبية ووقع للأسف الشديد في دائرة نقول التحريض المذهبي وأحيانا المناطقي وهذا طبعا أضر كثيرا بالنسيج الاجتماعي.

مراد هاشم: المظاهر الاحتفالية في وسائل الإعلام الرسمية التي أعقبت ما تصفه السلطات بالنصر على المتمردين وُجهت كما يرى البعض لامتصاص غضب عشرات الأسر التي فقدت أبنائها في القتال ضد الحوثي لكنها بدت مستفزة لبعض الأوساط التي رأت فيها نوعا من التشفي بالخصوم في وقت الأولوية فيه حسب رأيها هي لمداواة جراح الحرب.

مواطن يمني ثان: كانت هناك مبالغة بالاحتفالات مع أنه الكلام كان يحدث عن متمرد الأصل بمقتله التمرد انتهى التمرد تماما ويبدأ الآن بإصلاح الأوضاع.

مراد هاشم: الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حمل بشدة بعد ساعات من مقتل الحوثي على أحزاب المعارضة وتوعد بمقاضاتها بسبب مواقف سابقة اعتبر أنها مؤيدة للتمرد وللخروج على الشرعية الدستورية لكنه استثنى من هجومه تجمع الإصلاح الإسلامي المعارض على الرغم من اتخاذ الأخير مواقف مشتركة مع بقية الأحزاب.

علي عبد الله صالح: هذا اللي اللقاء المشترك كان مؤازرين ومؤيدين ومشجعين ومتآمرين كمان هذا أقول عليها خيانة وأحذر مرة أخرى سأضطر أتعامل معهم طبقا للدستور والقانون.

مراد هاشم: أحزاب المعارضة الرئيسية لزمت الصمت إزاء التداعيات الأخيرة في صعدة وكذلك إزاء هجوم الرئيس عليها على الرغم من أنها استماتت أثناء الأزمة في الدفاع عن مواقفها بل وشاركت رغم خلافها مع السلطات في لجنة وساطة رسمية مع الحوثي هذا الصمت فتح المجال للتفسيرات وتحليلات عديدة.

مواطن يمني ثالث: قد كشفت التحقيقات أن بعض الأحزاب وبعض الشخصيات وبعض الجمعيات قد تلقت دعم خارجي لتنفيذ مخطط تخريبي استهدف اليمن وسوف تقدم مثل هذه المعلومات للعدالة ليأخذ القانون مجراه.

المواطن اليمني الثاني: أنا لا أعتقد في الفترة القادمة أنه المعارضة قادرة على التصعيد بأي شكل من الأشكال خاصة بعد تحييد حزب الإصلاح.

مراد هاشم: بعض الأوساط هنا دعت الجميع إلى التمعن فيما جرى واستخلاص الدروس والعبر منه سواء في ذلك السلطة التي دعمت الحوثي وساندته لكنها بعد ما أصبح يشكل تهديدا سارعت بالقضاء عليه أو المعارضة التي وجدت نفسها معزولة في محيط محلي وإقليمي ودولي رافض للتمرد أو على الأقل متفهم لموقف دولة لا تزال بحاجة إلى ترسيخ وجودها الأوضاع لا تحتمل في رأي البعض توظيف نتائج الحرب لتصفية حسابات سياسية ومسببات الأزمة لا تزال قائمة وقد تشعل فتيل أزمات مماثلة في بلد يحفل ماضيه القريب والبعيد بالكثير من الصراع والاحتراق مراد هاشم لبرنامج الملف الأسبوعي الجزيرة-صنعاء.

انتخابات هونغ كونغ البرلمانية

توفيق طه: أصيبت الحركة الديمقراطية في هونغ كونغ بنكسة كبيرة عندما فازت الأحزاب الموالية لبكين بأربعة وثلاثين من أصل مقاعد البرلمان الستين وأحزاب هونغ كونغ الليبرالية ترفض أي تسويف في تطبيق بنود الاتفاق الذي بموجبه أعادت بريطانيا هونغ كونغ إلى السيادة الصينية عام 1997 فبريطانيا اتفقت مع حكومة بكين على أن يبقى لهونغ كونغ وضعها الخاص كجزيرة تُحكم بواسطة برلمان تعددي منتخب وأن تحافظ على طابعها الرأسمالي دون أن تسري عليها القوانين الصارمة التي تطبق في سائر أنحاء الصين.

[تقرير مسجل]

ديمة الخطيب: إقبال الناخبين القياسي على التصويت في انتخابات المجلس التشريعي في هونغ كونغ لم يغير الكثير في تركيبته الأحزاب الموالية للحكومة حافظت على أغلبيتها التقليدية ولم تسمح للأحزاب الديمقراطية المعارضة بقلب الموازين لكن المسألة أكثر تعقيدا مما تبدو فنصف مقاعد المجلس الستين فقط تنتخب بشكل مباشر.

مواطن من هونغ كونغ: المعسكر الديمقراطي حصل على أكثر من 60% من أصوات الناخبين هذا فوز ساحق في أي دولة ديمقراطية لكن ليس هنا.

ديمة الخطيب: السر يكمن في فوز الأحزاب الموالية للحكومة ككل مرة بأغلبية النصف الآخر من المقاعد التي يختارها حوالي مائتي ألف شخص من ممثلي مختلف المهن عبر دوائر انتخابية مصغرة المعارضة فوجئت هي نفسها بحصولها هذه المرة على سبعة من هذه المقاعد

مواطن ثان من هونغ كونغ: هذا يثبت عدم صحة الانتقادات التي تقول إن هذه المقاعد مدبرة ومضمونة لمؤيدي الحكومة ثم إن الديمقراطيات الناجحة في العالم قائمة على انتخابات غير مباشرة حتى في أميركا وبريطانيا.

ديمة الخطيب: ألسن تدرس الهندسة المعمارية أصيبت بخيبة أمل عقب الانتخابات لأنها تؤيد المعارضة التي تطالب بانتخابات مباشرة لكافة أعضاء المجلس التشريعي رغم تأجيل بكين لذلك حاليا.

ألسن: أعتقد أن أغلب المراهقين والشباب في هونغ كونغ يؤيدون الأحزاب الديمقراطية لكنني ناقشت ذلك مع والدتي وهي لا تحبذ الانتخابات المباشرة.

ديمة الخطيب: شريحة كبيرة من السكان خاصة من الأجيال الأكبر سنا لا يشعرون بضرورة الإسراع في العملية الديمقراطية ربما تفاديا لجدل ومواجهة مع السلطات المركزية درك رجل أعمال من الطبقة الوسطى وهو راض عن نتيجة الانتخابات.

درك: سكان هونغ كونغ بدؤوا يدركون بأن الاستقرار والتناغم في المجتمع هو شيء جيد لهم.

ديمة الخطيب: الديمقراطيون ينظمون مظاهرات دورية ويتهمون بكين بمضايقتهم.

مواطن هونغ كونغ ثان: أعتقد أنه من غير المنصف قول ذلك لأن هونغ كونغ مجتمعا منفتح لا توجد أي تهديدات أما دعم بكين لمؤيديها فهذا ينطبق على كل الحكومات.

مواطن هونغ كونغ: كيف سنواجه أطفالنا هل نقول لهم والدكم ناضل من أجل الديمقراطية إلى أن قالت بكين لا ثم استسلمنا.

ديمة الخطيب: آدي ضائع في متاهة السياسة فقط صوت لصالح الحكومة لكنه يؤيد مطالب المعارضة مثال حي على نقص الوعي بحقيقة المسألة، ما يؤمل من نتيجة الانتخابات هو أن تلطف الأجواء المتوترة بين المعارضة الديمقراطية وكلا من الحكومة المحلية والمركزية بعد أن أثبت سكان هونغ كونغ أنهم متمسكون بالديمقراطية لكن ليس على حساب استقرار مدينتهم الاقتصادي والسياسي. ديمة الخطيب الجزيرة لبرنامج الملف الأسبوعي-هونغ كونغ.

هيمنة الهاجس الأمني على قمة بروكسل

توفيق طه: ربما كما كان التسامح الديني ومكافحة العنصرية أبرز ما نوقش في قمة الدول الأوروبية التي عقدت في بروكسل لكن الحاضر الغائب كان الهاجس الأمني والخوف الذي أضحى ما يميز العلاقات الدولية في الآونة الأخيرة فعندما يتحدث كثير من سياسيّ أوروبا عن الإسلام فهم يبطنون في أغلب الأحيان هواجس ومخاوف عدم الاندماج والخوف من العنف والإرهاب وقد ساد جو التوجس هذا كثيرا من الفعاليات والندوات خاصة أنها أتت في ظل تصاعد ظاهرة العنف المنسوب للتيارات الإسلامية المتشددة وفي ظل تصاعد القمع الإسرائيلي للشعب الفلسطيني وفي ظل الوجود العسكري الغربي في العراق؟

[تقرير مسجل]

"
قمة بروكسل لبحث العواقب الأمنية جراء تصاعد حجة العنصرية وتأكيد ضرورة تبني سياسات جذرية للتعامل مع القضايا والتركيز على أن المواقف المسبقة لبعض المجتمعات تنبع في الأصل من السياسات التي تنتهجها الحكومات
"
         تقرير مسجل

سمير خضر: لا أحد يتصور أن يعيش كافة سكان كوكبنا في سلام ووئام طيلة الوقت فالطبيعة البشرية تفرض على البشر صراعات لأسباب سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية ولهذا السبب وُجدت منظمات للحفاظ على الأمن والسلام في العالم وتنظيمات تعنى بحقوق الإنسان منظمة الأمن والتعاون في أوروبا انبثقت من مؤتمر هلسنكي الذي عقد في مطلع السبعينات لتخفيف حدة التوتر في أوروبا بين المعسكرين الغربي والشرقي وعندما سقط جدار برلين وتلاقى نصفا القارة الأوروبية بدأت هذه المنظمة تركز على جوانب أخرى من مصادر التوتر وعلى رأسها العنصرية التي يُعرفها البعض بأنها عدم القدرة على تقبل الآخر بسبب عِرقه أو دينه أو نمط حياته أعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التقوا في بروكسل لبحث العواقب الأمنية من جراء تصاعد حجة العنصرية عواقب تترك أثارها على كافة جوانب الحياة المشاركون في هذا الملتقى أكدوا على ضرورة تبني سياسات جذرية للتعامل مع قضايا باتت تؤرق الكثير من الحكومات بعض المشاركين في الاجتماع ركزوا على أن الموقف المسبقة لبعض المجتمعات تنبع في الأصل من السياسات التي تنتهجها الحكومات وقد دلل ممثل الاتحاد الأوروبي على ذلك بالأسلوب الأمني الذي تتعامل به الحكومة الروسية مع الأزمة الشيشانية ومساهمته في تشكيل رأي عام روسي معادل للشعب الشيشاني برمته كما أن ما يسمى بالحرب على الإرهاب بدأت تأخذ في أذهان الكثيرين مَنحاً دينيا وطائفيا فبعض الدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تؤوي جاليات مسلمة كبيرة وأصبحت قضية اندماج المسلمين في هذه المجتمعات تثير حساسيات ليس فقط من طرف الحكومات بل أيضا من قبل أبناء البلاد الأصليين وبدأت تجمعات المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا تشعر بأنها مستهدفة وإن بدرجات متفاوتة رغم تأكيد المسؤولين في هذه الدول بأن المستهدف هو التطرف والتشدد وليس الإسلام لكن بعض السياسات تؤدي أحيانا إلى سوء فهما واضح كقضية منع ارتداء الرموز الدينية في المدارس الفرنسية والتي شعر المسلمون أنهم مستهدفون به أكثر من غيرهم خاصة في الوقت الذي تروج فيه دولة كإسرائيل لما تسميه تنمي العداء للسامية في القارة الأوروبية وتستغل بعض الحوادث المتفرقة لدعوة يهود أوروبا للهجرة إلى إسرائيل ومثل هذه التطورات استدعت بعض قادة أوروبا للتساؤل إن كانت بعض جوانب العنصرية أو على الأقل عدم التسامح ليس سوى مبررات يتم استغلالها لدوافع سياسية مبيتة.

التوتر المناخي على كوكب الأرض

توفيق طه: وأخيرا نأتي إلى تواتر الكوارث الطبيعية التي تهدد كوكبنا بين الفينة والأخرى ورغم أنه لا قدرة لنا على منع الأعاصير أو إيقاف الزلازل أو البراكين إلا أن كثيرا من العلماء يرجعون التوتر المناخي الذي يشهده كوكب الأرض إلى ظاهرة الانحباس الحراري الذي رفع من حرارة كوكب الأرض وأدي إلى تزايد الاختلال البيئي وشئنا أم أبينا فإن الانحباس الحراري من صنع أيدينا وقد يسميه البعض ضريبة التطور الصناعي لكن يتضافر كثير من الجهود الآن للتقليل من هذه الظاهرة عبر وسائل التصنيع الخضراء أي الأقل تلويثا للبيئة.

[تقرير مسجل]

مكي هلال: ما بال غضب الطبيعة يضرب بقوة هذه الأيام؟ سؤال لم يعد يطرح في مراكز البحث في وحدات الأرصاد الجوية فحسب وقد اتخذ الغضب أوجها عدة عواصف وعصير ورياح عاتية باتت تأتي في غير موعدها حتى لم يعد للفصول فواصل واضحة أو للطقس تقلباته المعهودة المختصون يُرجعون فوض الفصول والمتغيرة السريعة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري الناتجة عن تضاعف انبعاث الغازات والإفرازات الملوثة للجو بسبب ازدياد عدد السكان والمصانع ومصادر التلوث في العالم، وترى الكثير من الجهات الرسمية والعلمية أنه إذا لم تتخذ إجراءات حاسمة للحد من انبعاث الغازات الضارة بالبيئة فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم الظاهرة إذ تشير تقديرات عليمة حديثة إلى أن درجات الحرارة في جهات مختلفة من الأرض سترتفع بمقدار الضعف وأن مستوى انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون قد يقود إلى اندثار الغابات والارتفاع الكبير لمستوى مياه البحار بسبب انهيار جبال الثلوج القطبية وبالتالي غرق مناطق ساحلية ذات كثافة سكانية عالية بالإضافة إلى ضُعف خصوبة التربة وتدني الإنتاج وما يمكن أن يترتب عنه من مشاكل اقتصادية وتنموية وغذائية وصحية الأرقام التي تقدمها جماعات الدفاع عن البيئة تفيد أن نسبة انبعاث الغازات المسببة للظاهرة تضاعفت ستة مرات منذ الثورة الصناعية وأن نسبة مساهمة الولايات المتحدة لوحدها في انبعاث الغاز تزيد على 24% في حين أن عدد سكانها لا يزيد على 4% من مجموع سكان العالم إذا بمعادلة بسيطة هل تبني الولايات المتحدة نهضتها الصناعية وقوة اقتصادها على حساب كوكب بأكمله فهي تستوعب العدد الأكبر من نسبة التصنيع في العالم وهي الأكثر إحراقا للغاز الطبيعي والنفط والفحم وقد تراجع الرئيس بوش عن اتفاقية كيوتو للحفاظ على البيئة التي وقعت سنة 1997 بداعي أنها تلحق ضرر بصناعات بلاده لكن عددا من العلماء لا يرون في اتفاقية كيوتو نفسها منطلقا صلبا يمكن البناء عليه وأنه يفترض أن يبلغ مستوى خفض انبعاث الغازات خلال خمسين سنة 60% كي تبقى التغيرات المناخية ضمن حدود السيطرة وهم يؤكدون أن ما تشهده أميركا والعالم الآن من موجات فيضانات ليس إلا نذيرا مبكرا أما العواقب الوخيمة لانبعاث ثاني أكسيد الكربون فيتطلب بضعة عقود حتى تتضح قدرته التدميرية وأمام هذه الأرقام والتحليلات المفزعة يبدو أن رجال السياسة انتبهوا أخيرا إلى ألا مناص من قرار سياسي لمواجهة مخاطر الاحتباس الحراري وما لم تقتنع الولايات المتحدة بذلك وما لم تستمع لنواقيس الخطر التي دقها مؤخرا إعصار إيفان وما سيتلوه يظل السؤال لمن تقرع هذه الأجراس؟

توفيق طه: بهذا نختتم جولتنا في الملف الأسبوعي ونُذكر حضارتكم بأن بإمكانكم الوصول إلى مضمون هذه الحلقة بالنص والصورة والصوت في موقع الجزيرة نت في الشبكة المعلوماتية أو الكتابة إلى عنوان البرنامج الإلكتروني وسنعود في مثل هذا الموعد بعد سبعة أيام لنفتح ملفا جديدا لأهم أحداث الأسبوع القادم من قناة الجزيرة في قطر تحية لكم من فريق البرنامج وهذا توفيق طه يستودعكم الله إلى اللقاء.