هاشم صفي الدين - رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله - برنامج حوار مفتوح 22/5/2010
حوار مفتوح

ذكرى تحرير جنوب لبنان

تتناول الحلقة موضوع الحرب والمقاومة في ذكرى تحرير جنوب لبنان، فبمناسبة الذكرى العاشرة للتحرير تروي الحلقة اللحظات الأخيرة للتحرير وبعض كواليسها المتاحة.

– جولة في حضن المقاومين: مليتا
– قصة التحرير وكواليس الانسحاب الإسرائيلي

– دلالات المناورات الإسرائيلية واحتمالات الحرب

– الموقف من أميركا والقضية الفلسطينية

غسان بن جدو
غسان بن جدو
علي ضاهر
علي ضاهر
هاشم صفي الدين

[شريط مسجل]

جولة في حضن المقاومين: مليتا

علي ضاهر/ مسؤول وحدة الأنشطة في حزب الله: مليتا هي عبارة عن حضن للمجاهدين، مليتا هي 15 سنة من مقاومة الاحتلال، مليتا هي الشهداء، مليتا هي الجرحى، مليتا هي الأسرى، مليتا هي ذاكرة المقاومة، تعتبر مليتا هي خط متقدم للمقاومة إبان الاحتلال وهي كانت نقطة جدية وكان المجاهدون موجودين فيها طوال الوقت، ولها خصوصية أنه هي مواجهة لمواقع الاحتلال الإسرائيلي سواء كان سجد أو بئر كلاّب أو مجموعة من مواقع الاحتلال، بشكل أساسي هو جانب سياحي ولكن بلغة عسكرية وبثقافة عسكرية وبمضمون عسكري وبمضمون جهادي بنفس الوقت.


غسان بن جدو: بمعنى؟

علي ضاهر: بمعنى أن هذا المكان رح يقدر يجي أي إنسان عليه يتعرف أكثر عن قرب على المقاومة، عن حياتها وعن يومياتها، فالآن نحن نشرف على كامل المشروع، نحن على ارتفاع 1050 متر عن سطح البحر ولأنها أعلى مكان في مليتا تم اختيار رمزية للشهيد والشهداء ووضعناه في وسط الساحة لأن شعار المشروع هو "حكاية الأرض للسماء" فأعلى مكان بمليتا اللي هو على هذا الارتفاع رمزنا للشهيد، الشهيد الذي ارتفع حتى يحكي حكاية الأرض للسماء حكاية الشعب حكاية المقاومة حكاية المجاهدين حكاية الكرامة حكاية العزة، واخترنا أوطى مكان بمليتا هذه الحفرة اللي مبينة، اخترناها كترميز لموضوع دفن الآلة الإسرائيلية وبنفس الوقت الإرادة الإسرائيلية بحيث أنه جمعنا مجموعة من الغنائم وتم وضعها في هذا المكان وقدم بمشهد فني سينوغرافي متكامل. مساحة المشروع حوالي 65 ألف متر ربع من الغابات الحرشية والأشجار والمساحات الخضراء، وعندنا بحدود الخمسة آلاف متر مربع مساحات مبنية، اللي أنشأ المشروع هو حزب الله، المقاومة الإسلامية.


غسان بن جدو: كله؟

علي ضاهر: كله طبعا. هذا أيضا مشهد جديد في معلم مليتا اللي سميناه الهاوية وهي حفرة ضخمة جدا وضعنا فيها عينات من السلاح الإسرائيلي أو اللحدي ووضعت.. هذه كتابة عبرية وهذه المعنى كلمة الهاوية باللغة العبرية، ويتوسط هذه الحفرة كلمة تسحال أي جيش الدفاع الإسرائيلي باللغة العبرية، هذا يعني عمل فني تشكيلي يجسد خيوط العنكبوت كترميز للعبارة التي أطلقها الأمين العام في بنت جبيل أيام التحرير أن إسرائيل هي أوهن من بيت العنكبوت. تم اختيار هذا النوع من الصخر وهو صخر بركاني اللي بنشوفه هون وبنشوفه هناك هذا الصخر هو صخر بركاني هو صخر قاس جدا، الترميز له لأنه أول شيء صلب وقاس وترميز لحجارة من سجيل، حجارة من سجيل يعني موضوع القوة موضوع البأس موضوع العون الإلهي والعناية الإلهية.


غسان بن جدو: يعني ونحن الآن في موقع عسكري حقيقي.

علي ضاهر: نحن في موقع عسكري حقيقي سابق ولكن نحن كل اللي عملنا فيه أنه نظمناه ورتبناه وأهلناه بحيث أن يكون جاهزا لاستقبال الزوار واستقبال السائحين، أول شيء يعني لازم يكون واضحا أن هذا المسار طوله حوالي 650 متر بمكان جدا وعر مكان جدا قاس وعاشت فيه المقاومة أصعب الظروف وأصعب اللحظات، هذه الدشمة هي دشمة السيد عباس يعني سميناها دشمة السيد عباس كما هو مشار لها على اللوحة.


غسان بن جدو: الأمين العام السابق.

علي ضاهر: الأمين العام السابق لحزب الله، طالما كان يأتي إلى هنا ويكون عايش مع المجاهدين ويشد من أزرهم وتكاد تقول إنه لا يوجد عملية نوعية إلا وكان فيها السيد عباس في هذا المكان يودع المجاهدين ويسلم عليهم أو يصلي فيهم. نشاهد على اليمين عينات من الآلات والأدوات اللي كانوا يستعملونها المقاومون يعني سواء كان بالإنشاءات أو بالتأسيس أو بالآليات اللي كانوا يستخدمونها المجاهدون أثناء تأسيس هذه النقطة أو هذا المسار، أيضا في أماكن ثانية عم نشوف نماذج من الأسلحة اللي كانوا يستعملوها المجاهدون وكل الطريق فيه مشاهد تعرف بالمقاومة وباختصاصاتها وبنوعيات الأجهزة اللي كانوا يستعملونها، هذه راجمة صواريخ كاتيوشا، هذا المكان استشهد فيه أحد الشهداء رمزنا له بهذا العمل البسيط، هو نفذ على مراحل بس ولكن بحدود السنة، حوالي سنة أو سنة وشوية.


غسان بن جدو: عام كامل.

علي ضاهر: عام ونيف يعني بظروف صعبة جدا بمناخ صعب بشتاء بثلج ببرد، بحمل ونقل كل هذه الأتربة إلى أماكن بعيدة حتى لا تكتشف. هذه المغارة طولها بحدود المائتي متر. رح نشوف هلق مجموعة من الغرف اللي هي كانت موجودة من الثمانينيات يعني من 1985 وما بعد وهي مقسمة إلى عدة أجزاء أو عدة أقسام، هلق منشوف على اليمين المطبخ اللي كان عادة يحطون فيه المواد الغذائية والأطعمة وكانوا يطبخون فيه الشباب، كمان عم نشوف خزانة اللي بيحطوا فيها عادة الأدوات والأغراض، كانوا يخزنون فيها الطعام، الغرفة الثانية هي غرفة المعيشة بحيث كانوا يرتاحون فيها ينامون فيها وكانوا يأكلون فيها، الغرفة الثالثة هي غرفة الاستراحة والعبادة اللي كانوا يصلون فيها ويرتاحون فيها الشباب، بعد منها منشوف غرفة العمليات والقيادة واللي من خلالها كانت تتنظم المجموعات وتتحضر العمليات للمنطقة هذه.


غسان بن جدو: يعني القائد العسكري كان يجلس هنا.

علي ضاهر: كان يجلس هنا على هذا الكرسي وكانت قدامه الخريطة ومثل ما عم نشوف كمان الخريطة على يساره، بحيث إنه بتتم كل التحضيرات للعملية من هذا المركز، ومنشوف أيضا بعض الخزائن اللي حاطين فيها نماذج من سلاح المقاومة والأعتدة اللي كانوا يستعملونها، نحن هلق كمان بس خلصنا من المغارة بنفوت بالنفق، هو عبارة عن نفق اضطراري للخروج من المغارة بحال صار في هجوم على المغارة من المدخل، فهو نفق أيضا طوله بحدود الـ 80 متر تقريبا، نشاهد فيه صعوبة العمل بهذا النفق من خلال حفر الصخر، هلق هون منشوب حفرة هي أشبه ما يمكن بقبر حفره أحد المجاهدين اللي كانوا متواجدين في تلة المليتا بفترة الثمانينيات بداية التسعينيات، فهذه الحفرة هي أشبه ما يمكن بقبر كان يأتي إليها الأخ المجاهد كل ليلة جمعة حتى يقرأ دعاء.. كان يقضي الليل في هذه الحفرة ويتوسل ويدعو لله سبحانه وتعالى، هذا الأخ لا زال حي وموجود أيضا معروف. نحن هلق بداخل دشمة سجد، هذه الدشمة كان يستخدمها المجاهدون لعمليات الرصد والحراسة وهي مقابل موقع سجد بالكامل وهي بقيت على ما كانت عليه أيام وجود المقاومة في هذه النقطة. قسم ضد الدروع، رح نشاهد هلق نماذج من الأسلحة ضد الدروع والتي تعرض أول مرة أمام الناس، فهذا سلاح تاو، عندنا كمان سلاح الكورنيت ونماذج أخرى من سلاح ضد الدروع.


غسان بن جدو: يعني كورنيت والتاو اللي كانوا المفاجأة الكبرى في حرب تموز عام..

علي ضاهر: اللي كانوا المفاجأة الكبرى واللي هي غيرت المعادلة، معادلة الحرب يعني خاصة بالأيام الأخيرة للمعارك. بما أن هذا الميدان هو ميدان التحرير وثمرة صبر الناس وجهاد المقاومة فوضعنا عليه رسالة سماحة  الأمين السيد حسن التي وجهها للناس أثناء حرب تموز، يعني مقتطفات من كلمة السيد..


غسان بن جدو: هي كانت على ما أعتقد في 9 تموز، 29 تموز، في آخر شهر تموز 2006.

[نهاية الشريط المسجل]

غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم. كانت هذه وتلك أرضا محتلة، باتت هذه وتلك أرضا محررة، كانت هناك فوق التلال محطات عسكرية للاحتلال، كانت هنا بين الجبال والوديان نقاط عسكرية لمقاومة العدوان، كان هناك وما بعد هناك وما بعد بعد هناك جنود الاحتلال وآلياتهم وتابعوهم من عناصر محلية، كان هنا وما قبل هنا وما قبل قبل هنا عناصر المقاومة وبيئتهم العائلية والاجتماعية والوطنية الحاضنة أي سلاح المواجهة الجوهر. كان في تلك المساحات ومحيطها وما هو أبعد قواعد وتحصينات منها انطلقت قذائف ونيران تحت غطاء الطائرات الحربية الإسرائيلية وصواريخها وقنابلها الحارقة والعنقودية، كان في هذه المساحة ومحيطها وما هو أقرب دشم وأنفاق بين الصخور والحفر ومقاتلون تلحفوا الأغصان ولم يوفروا قوات الاحتلال هم أيضا نيرانهم وصواريخهم بما ملكوا ناصية الإرادة والتكنولوجيا والاحتراف، كان هناك لبنان غير لبناني، كان هنا لبنان اللبنان، كان هناك قبل عشر سنوات احتلال، بات هنا وهناك منذ عشر سنوات تحرير، كيف تم التحرير؟ حكاية عقود لا يمكن أن تختصر في دقائق معدودة، مع ذلك يهمنا أن نعرف ولو لمما حكاية اللحظات الأخيرة للتحرير وبعض كواليسها المتاحة، كيف قادت المقاومة عملية التحرير عسكريا وكيف أدارتها سياسيا ونفسيا؟ من أبرز من يمكنه التحدث في هذا الملف هو السيد هاشم صفي الدين عضو أعلى سلطة قرار في حزب الله وكان مواكبا للحيثيات التفصيلية لتلك المرحلة عن كثب، عن كثب جدا، لكن ونحن في الذكرى العاشرة للتحرير كأن المشهد باديا غير مختلف عما كان عليه قبل التحرير مع الفارق النوعي واللوجستي طبعا، فالتهديدات الإسرائيلية مستمرة ومناوراتها لا تتوقف كحال هذه الأحد مع مناورات "نقطة التحول أربعة" يقابلها حزب الله باستنفار عسكري جدي وربما ما هو أكبر من استنفار، سنتحدث، مرحبا بكم سيد هاشم.


هاشم صفي الدين: أهلا وسهلا بكم.

قصة التحرير وكواليس الانسحاب الإسرائيلي


غسان بن جدو: سماحة السيد ربما الذين زاروكم هنا في مليتا التي قدمنا لها بهذا التقرير كلهم أشاروا إليكم مبروك في الذكرى العاشرة للتحرير، ولكن في تلك المرحلة كثر منا من الإعلاميين كانوا قد واكبوها، ولكن سؤال مباشر وصريح، سماحة السيد لماذا تسمون ما حصل بأنه تحرير والحال أن الإسرائيليين هم الذين أعلنوا انسحابهم من الأراضي التي كانوا بالفعل يحتلونها؟


هاشم صفي الدين: بسم الله الرحمن الرحيم. أنا بدوري أبارك لكم ومن خلالكم لكل أبناء أمتنا الإسلامية والعربية هذه المناسبة مناسبة عيد المقاومة والتحرير. وجواب مباشر على سؤالكم، التحرير حصل بفعل المقاومة وبفعل تراكم العمليات وتتالي الضربات، الإسرائيلي خرج من لبنان في سنة 2000 صاغرا ذليلا وحينما اتخذ القرار السياسي والعسكري في الجانب الإسرائيلي بالانسحاب كان تحت وطأة العمليات وتحت الضغط المباشر لعمليات المقاومة والإسرائيلي لم يتمكن أن يحصد أي مكسب من خلال انسحابه من لبنان، لو كان الانسحاب بفعل إرادة سياسة خاصة به لكان  في الحد الأدنى حصل على ثمن على نتيجة على ثمرة، هو لم يحصل على شيء، وما حصل بعد تحرير 2000 هو أكبر دليل على أن الإسرائيلي وقع في حفرة ما زال يتخبط فيها إلى الآن، نحن نعتقد أن ما حصل هو تحرير حقيقي شهده كل العالم تحت وقع العمليات تحت وقع ضربات المقاومة وهذا ما شهده كل العالم ولذا نحن نعتبر هذا تحريرا كريما عزيزا مباركا وصل إليه لبنان بفعل شبابه ومقاوته وجهادهم وعطاءاتهم.


غسان بن جدو: للتاريخ سماحة السيد، إيهود باراك عندما كان رئيسا للوزراء في تلك الآونة بعد أن انتخب قال أنا سأنسحب بعد عام وكان يفترض أن ينسحب في الأول من تموز 2000 أو 31 حزيران 2000، ولكنه انسحب قبل ذلك، سؤال هو للتاريخ، في تلك المرحلة ألم يتصل بكم الإسرائيليون ولو بشكل غير مباشر، ألم يطلبوا شيئا؟ هل انسحبوا من دون شروط، هل تراجعوا من دون شروط على الإطلاق، ما تم في الكواليس ولا وساطة ولا حدا اتصل بكم على الإطلاق؟ للتاريخ.


هاشم صفي الدين: بالموضوع السياسي على الإطلاق، الكل يعرف على كل حال أن الطريق بيننا وبين إسرائيل موصدة، ربما يحاول بعض من هو قريب من الإسرائيلي أن يوصل سائل أو كلمات في أوقات مختلفة ومتفاوتة، أما حينما حصل التحرير سنة 2000 أبدا لم يحصل أي اتصال، لم نترك الباب مفتوحا لأي نوع من هذه الاتصالات ونحن كنا نتعاطى مع الوضع على أنه ميداني وأن الميدان هو الذي يحسم، وفي الحقيقة عندما وعد باراك آنذاك وكان رئيسا للحكومة الإسرائيلية وتحدث عن الانسحاب إنما تحدث عن الانسحاب بعد دراسات معمقة للخسائر التي مني بها الإسرائيلي والإسرائيلي حينما كان مقررا للانسحاب تحت وقع الضربات وهو يخسر فلماذا يفتح له الباب السياسي؟ أبدا. نحن كنا جادين، كنا واضحين..


غسان بن جدو (مقاطعا): لا، أنتم لم تفتحوا، ولكن هو لم يتواصل بشكل غير مباشر؟


هاشم صفي الدين: أبدا، لم يحصل أي شيء.


غسان بن جدو: على الإطلاق؟


هاشم صفي الدين: أبدا.


غسان بن جدو: طيب كانت قوات اليونيفيل لم تتواصل معكم، هناك انسحاب، ألا يمكن أن يكون هناك ترتيب على الأرض؟


هاشم صفي الدين: حتى اليونيفيل كانت متواجدة في تلك المناطق وكانت تتحسب لانسحاب ما وتراقب وتتابع أما من هو وراء قوات اليونيفيل من جهات سياسية وقيادات في هذا العالم كانت سعت سعيا جاهدا لتغطي الانسحاب الإسرائيلي هذا حصل، حصل من طرف واحد، هذه الجهات السياسية حاولت أن تحافظ على ماء وجه الإسرائيلي، حينما وجدت أن الإسرائيلي أصبح منتهيا وأصبح غير قادر على الصمود بوجه المقاومة حاولوا أن يعملوا له تغطية، من جملة ما استخدم في هذا المجال الـ 425، وأشيع أن الإسرائيلي جاهز لتنفيذ الـ 425 وبالمناسبة إلى الآن لم ينفذ الـ 425 بالمعنى الدقيق لمضمون الـ 425 وإلا كيف تبقى مزارع شبعا محتلة إلى الآن؟ حاولوا أن يغطوه بالـ 425 حاولوا أن يغطوه بمحاولة الوصول إلى مكاسب سياسية معينة، ضمانات أو ما شاكل ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل. طبعا بالشكل المباشر لم يحصل معنا هذه المحاولات أما بالمعنى السياسي نعم السياسي كانت كل تصريحاتهم وكل كلام الأميركيين والغربيين هي محاولات للتغطية السياسية ليحافظوا على أقل نسبة خسائر للإسرائيليين ونحن كنا ملتفتين إلى هذا الموضوع منذ البداية لذا أوصدنا الباب وقلنا لا مجال للتحدث لا عن سياسة ولا عن ضمانات، هذا عدو محتل يجب أن يخرج دون أي قيد أو شرط ودون أن يحصل على أي مكسب وهذا الشعار الذي رفعناه في تلك المرحلة أن الإسرائيلي يجب أن يخرج دون أي مكسب وهذا ما حصل.


غسان بن جدو: طالما أشرت إلى هذه النقطة ذكرت تقريبا مرتين سماحة السيد بأن كان من بين أهدافكم أن تخرجوا القوات الإسرائيلية تحت النيران، طيب حدثنا باعتبارك كنت من القيادة الأساسية وربما التاريخ سيكشف أكثر دوركم في تلك المرحلة، حدثنا عن أنتم كقيادة ما الذي حددتموه وما الذي وضعتموه من أهداف وكيف قدتم عملية التحرير أو عملية إدارة انسحاب القوات الإسرائيلية بشكل ميداني وسياسي؟


هاشم صفي الدين: في الأشهر الأخيرة قبل الانسحاب حينما اتضح المشهد بالنسبة إلينا أن القيادة العسكرية أصبحت عاجزة وهي بصدد أن تنسحب بدأت قيادة المقاومة بوضع خطط لملاقاة الحدث الآتي وهذه الخطط كان هدفها تحقيق عدة أمور الأمر الأول هو التأكيد على ضرورة التحرير الكامل الناجز بفعل المقاومة وبفعل العمليات، الأمر الثاني هو عدم فسح المجال لأي مكسب سياسي كما تحدثت قبل قليل، الأمر الثالث هو أن يبقى هذا التحرير ناصعا في المشهد في الدلالات في الأبعاد بمعنى ألا يخدش، ونحن نعرف بين هلالين أن بعض من كان يكن أو يضمر النية السيئة للمقاومة حتى إذا ما وصلت إلى تحقيق الانتصار يريد أن يخدش هذا المشهد.


غسان بن جدو: كيف يمكن أن يخدش؟ بماذا مثلا؟


هاشم صفي الدين: بالتشويه بحرف المسار عن وضعه الطبيعي أن المقاومة لم تحقق التحرير بسلاحها أو بشبابها أو بمجاهديها، أو محاولة إيجاد فتنة داخلية وهذا هو الأمر الرابع الذي كانت تريد أن تحقق المقاومة هو الحذر والالتفات والانتباه الشديد كي لا تحصل أي مشكلة داخلية لبنانية لبنانية وكنا نحن قد امتلكنا معلومات في تلك الآونة أن الإسرائيلي بعد أن أصبح عاجزا يريد أن ينسحب من الأرض اللبنانية وأن يبقي بعض مجموعات لحد يعني ما يصطلح عليه باللبناني الجنوبي..


غسان بن جدو: جيش لبنان الجنوبي.


هاشم صفي الدين: عملاء لحد، أن يبقيهم لكي يشتبكوا مع المقاومة وبالتالي يقول إن المشكل لبناني لبناني أو بين طائفة وطائفة أو بين جهة وجهة وهو يخرج من اللعبة بشكل كامل ولهذا السبب إذا لاحظت في تلك الأوقات جماعة لحد تفاجؤوا بالانسحاب، لم يضعهم الإسرائيلي بالأجواء وشاهدناهم على المعابر وعلى الشريط الفاصل كيف كانوا يصرخون ويولولون أن هذا الإسرائيلي خدعنا وغدر بنا ولم يضعنا في الأجواء، ما هو السبب؟ السبب أن الإسرائيلي كان يحضر لمشكلة، هؤلاء يبقون في بعض المواقع والقرى والمقاومة تدخل  إلى القرى مع أهلها وشعبها فتشتبك مع هؤلاء فيصبح المشكل لبنانيا لبنانيا، على كل حال هذه الأهداف وضعت في إستراتيجية عمل المقاومة في تلك المرحلة وكنا نعتبر أن الانسحاب ربما يحصل في أواخر حزيران، تموز، على ما يبدو شدة الضربات وأذكر تماما عمليات البياضة في تلك الأوقات وعمليات أخرى كانت شديدة وعنيفة لم يتمكن الإسرائيلي من تحمل آثارها ونتائجها مما جعله يسارع في عملية الانسحاب الذي كان ربما مفاجئا بمعنى أيام وأسابيع وإلا هو بعد شهرين سينسحب، حينما..


غسان بن جدو (مقاطعا): لكن ألم تكونوا تخشون من أن الإسرائيلي قد يؤجل انسحابه لأنه قبل أشهر كان قد انسحب من جزين وفي جزين انسحب تحت النيران، والصحافة الإسرائيلية انتقدت ما حصل بأنه كيف يمكن للإسرائيلي أن يخرج تحت ذلك الذل، لأن هذا ما حصل في جزين، ألم يكن عندكم خشية أنه..


هاشم صفي الدين: أستاذ غسان، سأعود بك إلى تلك المرحلة قليلا ببعض مصطلحاتها، كانت المشكلة كان هناك مشكلة عند الإسرائيلي اسمها زمام المبادرة، دائما كان حتى حينما كان باراك قائدا للأركان على ما أذكر في التسعينيات كان دائما يتحدث عن زمام المبادرة، طوال كل السنوات ما قبل الانسحاب زمام المبادرة لم يكن بيد الإسرائيلي وأصبح بيد المقاومة، حتى إذا حصلت هجومات الـ 1993 وعدوان 1996 واكتشف الإسرائيلي عن أنه عاجز عن مسك زمام المبادرة، الانسحاب من جزين بالنسبة إلينا كانت دلالته واضحة، أما انسحاب يدل على انهيار تام في القيادة والسيطرة، الإسرائيلي أصبح غير قادر على السيطرة على الميدان بل كانت هناك معطيات تأتينا بشكل دائم ونحن كنا نحصل عليها بوسائلنا وباستطلاعاتنا الخاصة وبمعطياتنا ومعلوماتنا أن الفرق والأفواج والكتائب والمجموعات أصبحت منهارة ومتهاوية، في الحقيقة هو لم يصل إلى الانسحاب من جزين لأنه فكر أن ينسحب من جزين، لأنه لم يعد قادرا على البقاء في جزين باختصار شديد، وهكذا في بقية المناطق وإلا كيف تفسر لي هذا الانسحاب السريع المفاجئ المتتالي خلال أيام، الحد الأدنى كان ينتظر باراك إلى تموز، تهاوي الجبهة وهناك أمر واضح حينما تقول قيادة لضباطها ولعناصرها في الميدان إنني سأنسحب يعني تقول لهم إنني سأقاتل بكم خلال الشهرين أو الثلاثة الأشهر الباقية بلا جدوى، بلا جدوى والضابط الجندي من حقه أن يفكر أنني الآن لماذا موجود في الأرض اللبنانية ولماذا أحمل البندقية وأقف في وجه المقاومة وحزب الله طالما أنني سأنسحب بعد شهرين أو ثلاثة؟ سوف ينكفئ إلى حفظ نفسه، وهذا بحد ذاته هو الانهيار من الداخل الانهيار المعنوي الذي أصاب الإسرائيلي، الجيش الإسرائيلي بين الكلام السياسي المتعثر لباراك وبين الإدارة القيادية العسكرية السيئة وبين الضربات المتتالية للمقاومة ضاع فأربك فاضطر للانسحاب بعد عملية البياضة بحوالي أيام وتتالت عمليات الانسحابات من كل قرية على حدة.


غسان بن جدو: طبعا أنا خلفي توقيع الحاج رضوان الراحل عماد مغنية وأنتم تصفون عماد مغنية بأنه كان قائد الانتصار يعني على كل حال الانتصار نتحدث بالأساس عن التحرير، هنا سماحة السيد هل يمكن أن تحدثنا عن الكواليس العسكرية خصوصا في اللحظات الأخيرة في الساعات الأخيرة في الأيام الأخيرة ودور عماد مغنية بالتحديد، وفهمي بأنكم كنتم على تماس مباشر فيما بينكم.


هاشم صفي الدين: صحيح، القائد الحاج عماد رضوان الله تعالى عليه في تلك الفترة كان هو القائد العسكري وقائد العمليات في المقاومة الإسلامية وهو من أشرف وجهز هذه الخطط التي ستواجه مرحلة قبيل الانسحاب وخلال الانسحاب وما بعد الانسحاب باعتباره هو المسؤول الأول في هذا المجال، وكانت قد جهزت الخطط العسكرية لتحقيق الأهداف التي ذكرتها قبل قليل وأن تكون هناك سرعة ومباغتة، حينما نشعر أن الإسرائيلي بدأ بالتفكك والانهيار يفترض أن يباغت وألا نعطيه نفسا بأن يحقق أيا من مآربه الخبيثة السياسية داخل لبنان أو السياسية بشكل عام، وكان قد جهز الخطط على قاعدة الدخول السريع إلى تلك المناطق، ما حصل في القنطرة بعد الاحتفال يوم الأحد واجتمع الناس ليدخلوا إلى بلدتهم بعد الانسحاب الجزئي والأول في 20 أيار يوم الأحد، ما حدث أن الناس حينما رأت أن الإسرائيلي قد انسحب من بعض المواقع المتاخمة لبلدة القنطرة وعلمان ودير سريان اتصل بعض من هؤلاء الناس اتصلوا بالمقاومة أنه هل يمكننا أن ندخل؟ المقاومة هي سهلت لهم الطريق أولا على مستوى المعلومات والمعطيات أفادتهم أنه يمكنكم أن تدخلوا وليس هناك إسرائيليين أو جنود صهاينة على الطريق، هذه معلومات لا يحصل عليها إلا المقاوم، والأمر الثاني سهلت لهم على مستوى يعني فتح الطرقات طريقا بعد طريق طبعا بتنسيق كامل مع الناس الذين كانوا قد اجتمعوا في بلدة الغندورية في تلك الآونة، ثم بدأ الخطة الكاملة لما وجدت قيادة المقاومة أن الانسحاب بات فعليا وأصبح يتحقق ساعة بعد ساعة سارعت إلى تنفيذ الخطط التي كانت موضوعة وبشكل سريع، طبعا الذي سارع بتنفيذ هذه الخطط وبوضعها موضع الفعل والإجراء هو الشهيد القائد الحاج عماد.


غسان بن جدو: أين كان في بيروت أو في الجنوب؟


هاشم صفي الدين: في المرحلة الأولى هو كان في بيروت حسبما أذكر كان في بيروت، وحينما بدأت حادثة الأحد بعدها مباشرة كان هناك تداع لقيادة المقاومة طبعا تحت رعاية سماحة الأمين العام وتم القرار أن يذهب مباشرة الحاج القائد عماد مغنية إلى الجنوب ليتابع الخطوات التنفيذية والإجرائية وليقوم بعملية الإشراف الكامل والتام ميدانيا على ملاحقة الإسرائيلي الفار وعلى إجباره أن يخرج من لبنان تحت النيران وهذا ما حصل من خلال المواقع التي فجرت من خلال الاقتحام الذي استمر بشكل دائم ومن خلال حماية الناس فشكلت كل هذ الخطوات عناصر مفيدة وضرورية لكي تدخل الناس قرية بعد قرية.


غسان بن جدو: يعني عماد مغنية يوم الأحد 20 مايو كان في الجنوب وهو الذي قاد بنفسه..


هاشم صفي الدين (مقاطعا): الأحد مساء إن لم أكن مخطئا، الأحد مساء كان في الجنوب وواكب إلى يوم التحرير.


غسان بن جدو: سماحة السيد ذكرت نقطة في غاية الأهمية تتعلق بهدفكم الرابع وهو هدف إستراتيجي، ضرورة عدم إحداث أي فتنة داخلية تقصد طائفية بطبيعة الحال خصوصا بينكم وبين عناصر من جيش لبنان الجنوبي. كان لافتا آنذاك أنه بعد التحرير لم تتعرضوا مباشرة للعناصر اللحدية أو لمن كانوا من بيئتهم ولكن مع ذلك قبل أشهر إذا عدنا بالذاكرة قبل أشهر كان هناك تقديرات بأن الأمر سيكون معاكسا لا سيما وأنه كان في كلام السيد نصر الله شخصيا كانت تحذيرات وتهديدات وحتى هناك من هدد بأنه سيلاحقهم في مخادعهم، هذا ماذا كان تفسيره كجزء من حرب نفسية أو أنكم بالفعل بكل صراحة كنتم تخططون لملاحقة عناصر لحد ولكن خشيتكم من فتنة داخلية خصوصا وأن هناك أصوات -عفوا على الكلمة- يعني أصوات مسيحية وحتى رسمية هنا كانت تحذر من هذه المسألة هي التي جعلتكم تتراجعون؟


هاشم صفي الدين: الخطاب الحاد والشديد قبل الانسحاب كان يهدف أولا إلى التحذير الجدي، بالنتيجة هؤلاء عملاء وعملاء ويحملون سلاح ويوجهون السلاح على أهلنا من الطبيعي ألا تكون في قلوبنا رحمة عليهم.


غسان بن جدو: طبعا أنتم طالبتموهم بالاستسلام أليس كذلك؟


هاشم صفي الدين: طبعا. وثانيا هذا الخطاب الشديد أحد أهدافه هو أن نجعل اللحدي في ذلك الوقت أن يترك سلاحه، هذا خطاب يخدم الفكرة التي تحدثت عنها وهي ألا تكون هناك مشكلة لبنانية لبنانية، الخطاب الشديد والمباشر لهؤلاء يجعلهم يخافون وقد أعطى نتائجه وثماره والبعض ربما من خوفه أو نتيجة هلع ترك سلاحه كما حصل في محاولة الدخول إلى معتقل الخيام، لو لم يكن الخطاب شديدا وواضحا إلى هذا الحد بأن كل عميل يبقى حاملا للسلاح سوف يقتل وسوف نلاحقه في مخدعه وفي بيته وفي حقله وفي أي مكان لما أصيبوا بهذه الحالة من الرعب والهلع التي هي جزء أساسي وموضوعي للتحرير، لأنه دون خوف جماعة لحد ودون خوف الجنود الإسرائيليين ودون خوف كل القوى المقاولة لا يمكن أن تفتح الطريق، وثالثا هذا يوفر الكثير من الدماء، حينما تتمكن من القضاء على عدوك بالتهديد هذا جيد وهذا ما حصل وهذا سهل لنا طريقة الدخول إلى كل تلك القرى، نعم نحن كنا أمام واقع وبما أنك أشرت إلى هذا الموضوع من المهم أن أعيد التذكير فيه لأنه موضوع مهم جدا جدا، ونحن ندعي الآن بكل تواضع وبكل اعتزاز أنه ليس هناك مقاومة حررت بنفس المستوى الأخلاقي الذي حررت فيه المقاومة جنوب لبنان والمناطق المحتلة من لبنان، على المستوى الأخلاقي كنا حريصين جدا ألا يكون هناك أي خطأ في الوقت الذي يمكن أن تكون هناك مبررات إذا استهدف أحد العملاء أحد القتلة أحد السجانين أحد من عذب ونكل بأهلنا على الحواجز وعلى المعابر وفي القرى، قد تكون هناك مبررات مع هذا كله تمكنت هذه المقاومة الإسلامية المظلومة والتي ما زالت تظلم إلى الآن تمكنت أن تقدم نموذجا رائعا لا أعتقد أن في التاريخ له مثيل على مستوى الصبر والتحمل وتقديم الأولويات الوطنية في حفظ أبناء الوطن، وهذا يفترض أن يكون واضحا.


غسان بن جدو: نعم. ربما يكون هناك مجال أكثر للحديث عن الكواليس ولكن بعد الفاصل سماحة السيد سوف نتحدث عن التهديدات الإسرائيلية الآن، عن قضية صواريخ سكود عن مناورات نقطة تحول أربعة وربما نتحدث أيضا هل فعلا بحزب الله أصبح هناك معتدلون ومتشددون أميركيا، مشاهدينا الكرام أرجو أن تتفضلوا بالبقاء معنا، وقفة قصيرة نعود بعدها لاستكمال حوارنا المفتوح من مليتا.

[فاصل إعلاني]

دلالات المناورات الإسرائيلية واحتمالات الحرب


غسان بن جدو: أهلا بكم مشاهدينا الكرام، سماحة السيد غدا الأحد تبدأ القوات الإسرائيلية مناورات نقطة تحول أربعة، هل تنظرون إليها بجدية؟ وإذا قلت بأنكم تنظرون إليها بجدية كيف على الأرض تحديدا؟


هاشم صفي الدين: المقصود من الجدية أن الإسرائيلي جاد في تحقيق جهوزية لمواجهة أي احتمال في المستقبل، هذا هو معنى الجدية، ليس معنى الجدية أننا نعتبر أن هناك حربا قادمة من خلال هذه المناورات، نعم هو يقوم بمناورات نتيجة حاجته لهذه المناورات نتيجة إحساسه بالضعف والعجز والنقص، وهو يتحدث -الإسرائيلي- عن هذه الأمور يقول إن ما أفرزته حرب تموز 2006 هو نقاط ضعف كثيرة لم يتمكن إلى الآن من ترميمها، وبين هلالين أقول لك الاحتياج الإسرائيلي إلى تحول أربعة وهو اسم المناورة هو دليل أنه لم يتمكن في المناورات السابقة أن يسد النقص الموجود عنده، نقاط الضعف لم يتمكن من تقويتها ومن جبر الضعف الذي كان موجودا وإلا لماذا يحتاج الآن إلى تحول أربعة؟ بهذا المعنى نحن نعتبر أن الإسرائيلي جاد في محاولة ترميم قواته ليس أكثر من ذلك ونحن..


غسان بن جدو (مقاطعا): أنتم ألا تتعاطون معه بجدية على الأرض؟


هاشم صفي الدين: ونحن نتعاطى بجدية فائقة.


غسان بن جدو: كيف؟


هاشم صفي الدين: في أن نكون دائما جاهزين وهذا هو العنوان الذي نحافظ عليه طوال كل هذه المرحلة في الأشهر الماضية وفي السنوات الماضية والآن، أن نبقى في حالة جهوزية دائمة لأي خطر داهم لأن هذا عدو لا يؤتمن له ويمكن أن يفكر بأي لحظة وبأي وقت بغدر أو بهجوم لمصلحة أو مؤامرة بالنتيجة هو عدو يهدد أرضنا ويهدد سيادتنا ويهدد استقلالنا ويهدد شعبنا ومقاومتنا، بهذا المعنى نعم يجب أن نبقى جادين والجدية هنا تعني الجهوزية الدائمة والاستعداد الدائم لمواجهة الإسرائيلي في أي هجوم يمكن أن يقوم به لكن لكي تتضح الفكرة وتكتمل لكن نحن لا نعتقد الآن أن المناخات والظروف والمعطيات ولا نعتقد أن الإسرائيلي بوارد أن يقوم بعمل جاد على مستوى الهجوم على لبنان في هذه المرحلة في هذه الآونة.


غسان بن جدو: إذا أردنا أن نترجمها عسكريا ما الذي يعني أن تكونوا في جهوزية غدا الأحد والقوات الإسرائيلية تبدأ مناوراتها؟ هل يعني هذا بأنكم في حالة استنفار قصوى في حالة تأهب قصوى أنكم متأهبون إلى أي طارئ عسكريا كمقاتلين؟


هاشم صفي الدين: نحن جاهزون ومتأهبون لأي طارئ، الأحد قبل الأحد وبعد الأحد أما الاستنفار بأقصى الدرجات لسنا مضطرين للتحدث عن هذا الموضوع.


غسان بن جدو: لكن الشيخ نبيل قاووق يتحدث عن آلاف الذين الآن منتشرين وأنهم بدؤوا التدريب وأنهم لن يصوتوا حتى يوم الأحد في الانتخابات البلدية لأنهم جاهزون..


هاشم صفي الدين (مقاطعا): ما بأعتقد هو قال لن نصوت، ما بأعتقد أنه قال إنهم لن يصوتوا.


غسان بن جدو: قال لن يصوتوا في الانتخابات.


هاشم صفي الدين: على كل حال..


غسان بن جدو: قال لن يصوتوا في الانتخابات.


هاشم صفي الدين: على كل حال العدد ليس هو العبرة، التأهب والجهوزية موجودة بشكل دائم لخطر جدي، ولم نكن نتحدث نحن فيما سبق عن جهوزية وعن تأهب لخطر غير جدي، نحن دائما كنا نعتبر أن هناك خطرا جديا، نعم مستوى الخطر الجدي الذي يحتاج إلى مستوى أعلى من التأهب والجهوزية حينما يستنفر الإسرائيلي كل قواه وكل طاقاته، يفترض أن نكون بمستوى يماثل هذا المستوى الإسرائيلي.


غسان بن جدو: السيد حسن نصر الله يوم أمس عند افتتاح هذا المشروع تساءل لماذا يزور لبنان في الآونة الأخيرة كثير من الوفود الدولية والأجنبية والعربية، أسألك سماحة السيد لماذا يزور لبنان؟ في قراءتكم بطبيعة الحال.


هاشم صفي الدين: هو لم يسألني أنا كي أجيب.


غسان بن جدو: أنا أسألك الآن، هو تساءل ولم يجب، وأنا أسألك الآن، كقراءتكم أنتم في حزب الله.


هاشم صفي الدين: هو في الحقيقة هو يشير إلى الأهمية الإستراتيجية التي يحظى بها لبنان على مستوى المنطقة، وهناك جهات غربية ودول يهمها كثيرا أن تحقق الراحة والطمأنينة لإسرائيل، الإسرائيلي يزداد قلقا ويزداد اضطرابا ويزداد هلعا يوما بعد يوم وقضية بعد قضية وهو على كل حال اختصاص الإسرائيلي في دب الرعب في قلوب الصهاينة داخل فلسطين المحتلة داخل الكيان الصهيوني نتيجة إثارته لمواضيع الصواريخ لمواضيع حزب الله وقضايا حزب الله دائما هو يثير القضايا ويزداد خوفا وهلعا، الدول الغربية وبعض الدول من وظائفها ربما أو أخذت على عاتقها أن تؤمن للإسرائيلي الطمأنينة والحماية، هي تحتاج أن تستمع إلى كلمة إلى همسة إلى ما يجعلها تطمئن وتطمئن الإسرائيلي ربما يكون هذا هدفها أو ربما يكون هناك..


غسان بن جدو (مقاطعا): يعني عفوا هذه حابين أن نفهمها أكثر، ما الذي يعنيه عمليا؟ يعني هذه الوفود الأجنبية تأتي إلى هنا وأتت إلى هنا وأرادت أن تسمع منكم بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر بأنكم لا تنوون شيئا ضد إسرائيل أو ماذا؟ أو هي تنقل لكم رسائل أن إسرائيل قد تكون جادة  قد تكون تهدد حتى تجعلكم تتراجعون؟


هاشم صفي الدين: لم تنقل إلينا رسائل ولم أقصد هذا الكلام، أنا أتحدث عما يطلبه هؤلاء أو ما يمكن أن يطلبه هؤلاء، في الحقيقة نحن ليس بالضرورة أن نعرف كل ما يتحدثون به لكن هذا الاهتمام يدل على أن هناك قضية عند هذه الدول وعند هذه الجهات السياسية، هذه القضية ليست دائما مرتبطة بمصلحة لبنان، كيف يصلون إلى تحقيقها أو تحقيق أهداف فيها؟ طبعا منا لن يسمعوا كلمة مطمئنة للإسرائيلي ولا أعتقد أنهم سيسمعون كلمة مطمئنة من غيرنا، على كل حال من غيرنا لا أعرف، النتيجة ما يهمنا هو منا نحن، منا نحن لن يسمعوا كلمة مطمئنة للإسرائيلي لأننا نعتبر أن واجبنا ووظيفتنا هو أن يبقى الإسرائيلي قلقا وخائفا ومضطربا من المقاومة وسلاحها وجهوزيتها، ما يفكر به هؤلاء على المستوى السياسي وما يرتبونه للمنطقة هذا شأنهم، هذا شأنهم ولا يعنينا نحن كجهة مقاومة ندافع عن أرضنا وعن حقوقنا.


غسان بن جدو: كل الوفود التي زارت سواء أجنبية وعربية لا أحد منكم على الإطلاق نقل رسالة ما إلى أن إسرائيل قد تكون جادة؟


هاشم صفي الدين: الآن لا، لكن قبل مدة نقل.


غسان بن جدو: قبل مدة متى عفوا؟


هاشم صفي الدين: يعني حوالي الشهرين نقل هذا الكلام؟


غسان بن جدو: نقل عن طريق من؟


هاشم صفي الدين: نقل عن طريق جهات سياسية لا داعي الآن لذكرها ولا..


غسان بن جدو: دبلوماسية خارجية؟


هاشم صفي الدين: ذكر لنا أن بعض الجهات الخارجية تحدثت بكلام أن التهديد الإسرائيلي هو تهديد جدي وأن إسرائيل بصدد أن تشن هجوما على لبنان في تلك المرحلة، نحن لم نعط اهتماما لهذا الكلام واعتبرناه تهويلا في تهويل وأثبتت الأيام أنه تهويل في تهويل، وأخذناه على أنه تهويل.


غسان بن جدو: هذه الأوساط أجنبية أو أيضا عربية التي نقلت هذا الكلام؟


هاشم صفي الدين: هلق أوساط ليس هناك ضرورة لأن نقول، هناك أوساط أجنبية وأوساط غير أجنبية يعني من كل الجنسيات.


غسان بن جدو: يعني أوساط أجنبية وأوساط عربية نقلت إليكم أن التهديدات الإسرائيلية هي تهديدات جدية.


هاشم صفي الدين: ليس الآن حتى ما نغلط.


غسان بن جدو: قبل شهرين.


هاشم صفي الدين: قبل شهرين أو أكثر من شهرين حينما تحدث الإسرائيلي عن توتر في المنطقة وتذكرون تماما وقتها كان الجواب هو حديث سماحة الأمين العام قائد المقاومة بالمعادلة الحاسمة الراسخة الثابتة مما جعلت الإسرائيلي يتراجع فيعلن بعدها باراك، نتنياهو، بيريز أنهم ليسوا بصدد حرب على لبنان. على كل حال نحن..


غسان بن جدو (مقاطعا): يعني هذا المهم إذاً.


هاشم صفي الدين: لم نكلف أنفسنا عناء الإجابة أو التجاوب مع هذه التهديدات، إنما تحدثنا عن مقاومتنا وواقعنا في مواجهة أي اعتداء، مما جعل الإسرائيلي يتراجع ولذا أنا أعتقد الآن أن الإسرائيلي ليس بوارد أن يشن هجوما في هذه المرحلة أو حتى أتحدث بشكل واضح في هذه الآونة.


غسان بن جدو: إذاً للتأريخ نقول لقد نقلت إليكم هذه الرسائل، وكلام السيد نصر الله آنذاك الذي قال إذا قصفتم مطار الشهيد رفيق الحريري سنقصف مطار بن غوريون ومطار بمطار وبناية ببناية ومصفاة بمصفاة. كان هو الرد على التحذيرات والتهديدات التي نقلتها إليكم أوساط أجنبية وعربية، هذا هو الكلام؟


هاشم صفي الدين: كان ردا على كل ما يثار في تلك المرحلة.

الموقف من أميركا والقضية الفلسطينية


غسان بن جدو: طيب في كلام أخير أميركي -طبعا أنتم دائما تعتبرون أميركا بأنها شريك إسرائيل شريك لإسرائيل وحتى تصفون أميركا بأنها عدو- في كلام أخير لجون بريمن مستشار الرئيس الأميركي أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب يتحدث فيه عن معتدلين ومتشددين في حزب الله، طبعا بعدئذ صدر بيان توضيح من السفارة الأميركية يقولون فيه إن هذا كلام مجتزأ ولكن الرسالة وصلت، كان لأول مرة الإدارة الأميركية تتحدث عن وجود معتدلين ومتشددين داخل حزب الله، كيف قرأتم هذه الرسالة؟ هي رسالة.


هاشم صفي الدين: قرأناها أنه مزيد من الحماقة.


غسان بن جدو: يا ساتر! لماذا؟ هذا أليس مد يد هذا؟ ألا تعبرونه مد يد؟


هاشم صفي الدين: مد يد لمن؟! الأميركي يمد يده لحزب الله؟


غسان بن جدو: يعني ألا تعتبرون أن هذا الأمر ربما فيه إمكانية لحوار ما؟


هاشم صفي الدين: لا مجال للحوار مع الأميركي حول أي من هذه المواضيع المطروحة الآن المرتبطة بسيادة لبنان واستقلال لبنان والمرتبطة بقضايانا الأساسية في موضوع فلسطين في كل هذه القضايا، الأميركي هو في الجانب الإسرائيلي وأي كلام سواء صدر هذا الكلام أو لم يصدر سواء صححوا أو لم يصححوا سواء أرادوا إعطاء إشارة أو لم يريدوا، في نهاية المطاف بالنسبة إلينا الموقف واضح، أميركا أيام أوباما وأيام بوش ما زالت هي أميركا الداعم الأول للصهاينة والداعم الأول لهذا الكيان الإسرائيلي وأميركا دائما دائما تفتش عن مصلحة الإسرائيلي، انظر إلى ما يجري الآن في موضوع المفاوضات المزعومة، انظر إلى كل زيارات ميتشل الفارغة والتي لا تحمل أي مضمون وأي معنى وأي قيمة سوى دفع الأمور للأمام يعني تضييع الوقت وإعطاء الفرصة لنتنياهو لمزيد من تهويد القدس ولهدم المساجد ولإرساء قواعد الاستيطان وتوسعة الاستيطان، هذه هي السياسة الأميركية ولذا نحن لا نعتني بكل هذه الأمور، حتى لو سلمت معك أنه يريد أن يعطي إشارة، بالنسبة إلينا الإشارة لا نلتقطها ولا نريد أن نلتقطها إن كانت كذلك.


غسان بن جدو: هل تعتقد بأن، الآن أنت تجزم سماحة السيد بأنكم تعتقدون ألا مجال لحرب في هذه الآونة على الأقل ولكن هنا لا أريد أن أتحدث عن حرب ولا أريد أن أستبق حرب، ولكن بوضوح إذا حصل هذا الأمر هل سيكون حزب الله بمفرده أم نحن نتحدث عن جبهة مفتوحة شاملة؟


هاشم صفي الدين: هلق ماذا يحصل في تلك المرحلة فيما لو حصلت الحرب لا سمح الله؟ لا أعرف هل ستكون حربا محدودة أو حربا شاملة، ولكن أنا أحيلك إلى الإسرائيلي نفسه الذي تحدث عن حرب فيها سوريا وفيها إيران وفيها حماس والجهاد والفلسطينية والفصائل المقاومة، الإسرائيلي هو يتحدث عن حرب شاملة، نحن لا نعرف كيف ستكون تلك الحرب فيما لو حصلت ونسأل الله تعالى ألا تحصل، لكن..


غسان بن جدو (مقاطعا): لكن أنتم وجهتم الرسالة يعني ذلك المشهد الثلاثي الذي شاهدناه في دمشق، الرئيس السوري بشار الأسد، الرئيس أحمدي نجاد، السيد حسن نصر الله، كان رسالة واضحة.


هاشم صفي الدين: هذا المشهد يدل على تماسك قوى المقاومة في المنطقة عن تماسك هذه الدول على تضامنها على وقوفها مع بعضها البعض وهذا ليس سرا، نعم رسالة دمشق هي رسالة قوية بهذا المعنى، رسالة قوية بهذا المعنى.


غسان بن جدو: هناك جملة شهيرة للسيد حسن نصر "إن إسرائيل هي أوهن من بيت العنكبوت" وعندما راجعت ذلك الخطاب في بنت جبيل وجدت أن تلك الإشارة كان قد وجهها للفلسطينيين، يعني هو لم يكن يتحدث في المطلق هكذا فقط ولكن قال أيها الفلسطينيون إن إسرائيل، والله إن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، أما زلتم أنتم أما تزال بوصلتكم باتجاه فلسطين بشكل إستراتيجي وجدي وبوضوح؟


هاشم صفي الدين: نحن كفريق مقاوم في هذا الوطن العربي والإسلامي من الطبيعي جدا أن نكون إلى جانب القضية الفلسطينية من الطبيعي أن تكون أحلامنا وطموحاتنا هي أن تتحرر القدس وأن تتحرر كل فلسطين من النهر إلى البحر أن تتحرر كل هذه الأراضي العربية التي احتلت من قبل العود الصهيوني، هذا موقعنا الطبيعي ونحن نعتقد أن بوصلة فلسطين كقضية مركزية للعالم الإسلامي والعربي هي التي تحقق الاستقامة والسلامة في خط الجهاد والمقاومة في الخط السياسي في خط بناء الأوطان، ولا مجال على الإطلاق لأي وطن عربي أن ينعم بالقوة ولا مجال لأي سياسة في عالمنا العربي أن تصل إلى تحقيق أهدافها ما لم تأخذ القضية الفلسطينية بوصلة لها، هذه قضيتنا المركزية هذه كانت وبقيت وما زالت وستبقى إلى أن يأذن الله عز وجل بتحرير كامل التراب الفلسطيني وأن تعود فلسطين لأهلها.


غسان بن جدو: بوضوح سماحة السيد هل أنتم في حزب الله تعتبرن أنفسكم شريكا للمقاومة الفلسطينية؟


هاشم صفي الدين: بمعنى من المعاني نحن شريك.


غسان بن جدو: بمعنى ماذا؟ كيف؟


هاشم صفي الدين: نحن جهات مقاومة نحمل قضية واحدة في وجه هذا العدو الإسرائيلي، عدونا واحد، نعتمد على الجهاد نعتمد على المقاومة نعتمد على أنفسنا، نحن قوى نتعاون فيما بيننا ويعضد بعضنا بعضنا في مواجهة عدو مشترك، بهذا المعنى طبعا نحن شركاء.


غسان بن جدو: سماحة هاشم صفي الدين شكرا لكم على هذا اللقاء. شكرا لكل من ساهم في إنجاز هذه الحلقة، أود أن أشكر فريق السيد هاشم صفي الدين وبشكل أساسي السيد إبراهيم  الموسوي ومدير هذا المشروع الشيخ علي ضاهر، طبعا شكر للفريق التقني بكامل أعضائه مع طوني عون وغازي ماضي وجهاد نخلة والجميع مع رامي صفا أيضا وأحمد نجفي والفريق في الدوحة مع تقديري لكم، في أمان الله.