من اليمين / عبد الحق صداح – جيفارا البديري – تيسير علوني – غسان بن جدو - محمد خير البوريني - يوسف الشولي - عمرو الكحكي – ماجد عبد الهادي
حوار مفتوح

دور المراسلين العرب في الحرب على العراق

دلالات حادث استشهاد الصحفي طارق أيوب، المراسلون العرب في الحرب على العراق بين الخداع والانخداع، ضغوط النظام العراقي أثناء الحرب على المراسلين العرب، تقييم حيادية المراسلين العرب أثناء الحرب على العراق.

مقدم الحلقة:

غسان بن جدو

ضيوف الحلقة:


تيسير علوني: مراسل الجزيرة في بغداد سابقاً
يوسف الشولي: مراسل الجزيرة في بغداد سابقاً
ماجد عبد الهادي: مراسل الجزيرة في بغداد سابقاً
ديار العمري: مراسل الجزيرة في بغداد
وآخرون من مراسلي الجزيرة

تاريخ الحلقة:

10/05/2003

– دلالات حادث استشهاد الصحفي طارق أيوب
– المراسلون العرب في الحرب على العراق بين الخداع والانخداع

– ضغوط النظام العراقي أثناء الحرب على المراسلين العرب

– تقييم حيادية المراسلين العرب أثناء الحرب على العراق


undefinedغسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم، مرحباً بكم في حلقة جديدة من (حوار مفتوح)، هذه الليلة حوار مفتوح جداً، على أمل أن ألقاكم أسبوعياً كل سبت بإذن الله.

أيها السادة، إذا سألت أيًّا منكم التالي: ما هي كلمة السر العالمية التي شدت انتباهكم وانتباه الملايين على مدى الأسابيع الثلاثة من الحرب الأميركية على العراق؟

أظن أنها بالإجماع "علوج"، إنه المصطلح الذي نبشه وزير الإعلام في النظام العراقي المتبخر محمد سعيد الصحَّاف، نبشه من دفاتر بعض كتب التراث.

العلوج.. كان لدى كثيرين نكتة تلامس المسخرة، ولدى كثيرين ربما كثيرين جداً.. جداً نكتة لطيفة تروِّح عن النفس، وتشحذ من أراد من همته ولو وهماً، وتشفي بعضاً من الغليل من الغازي الأميركي.

العلوج.. علوج الأميركان والبريطانيين بتعبير الصحاف، لكن العلوج هؤلاء دخلوا بغداد، وذاب صاحب العلوج ومن معه، وماذا؟ ومن بقي من ذلك المشهد؟ بقي الإعلام الذي كان ينقل العلوج وخطاب العلوج، وبقي طبعاً من كانوا ينقلون العلوج وأصحاب العلوج وضحايا العلوج، لكنهم قطعاً لم يكونوا لا علوجاً ولا مؤمنين بثقافة العلوج، إنهم المراسلون الصحفيون ولاسيما منهم العرب، هؤلاء كانوا بالفعل طاقة متحركة، ضحوا بالنفس والنفيس بالفعل، حاولوا نقل ما استطاعوا مما رأوه وسمعوه، واجتهدوا.. واجتهدوا أحياناً، ولأنهم بشر، فقد أصابوا كثيراً قطعاً وأخطئوا حيناً طبيعي.

المهم المراسلون العرب أثبتوا وجودهم، وثبتوا الإعلام العربي كرقم صعب حقيقة في المشهد الإعلامي العالمي، لكن أسئلة متراكمة لاحقتهم ولا تزال، بعضها بديهي، ماذا؟ وكيف عملوا؟ هل من أسرار باتت غير ممنوعة من الصرف العالمي؟ وبعضها مشكِّك حين رأى ما آلت إليه الأمور، هل خُدع المراسلون، أم خدعونا؟

هذا ما سوف نراجعه في حوارنا المفتوح التكريمي في عمقه لهذه الأمسية، وسعداء نحن باستضافة الزملاء الأساتذة على الهواء مباشرة من بغداد، الأخ وضاح خنفر (مدير مكتب قناة (الجزيرة) الجديد في بغداد) الأستاذ جابر عبيد (المذيع والمراسل في قناة أبو ظبي)، وجبار حاتمي (مدير مراسلي قناة العالم الإيرانية)، ومحمد قباني (مراسل الـLBC الحياة في بغداد)، ومعنا في الأستوديو الزملاء الأساتذة تيسير علوني (مراسل الجزيرة في بغداد)، محمد خير البوريني (مراسل الجزيرة في الموصل)، عبد الحق صداح (مراسل الجزيرة في البصرة)، يوسف الشولي (مراسل الجزيرة في العراق)، عمرو الكحكي (مراسل الجزيرة في أم القصر والناصرية)، وأخيراً وأولاً: أخونا ماجد عبد الهادي (مراسل الجزيرة في بغداد).

أود أن أشير أيها السادة إلى ملاحظات سريعة هنا.

الأولى: أننا نتحدث هنا تحديداً عن مراسلي القنوات التليفزيونية، وليس مراسلي الإذاعات والصحف والوكالات، فهؤلاء أيضاً عملوا وقدَّموا، ومنا لهم كل التقدير.

ثانياً: أننا أردنا استضافة زملاء من قنوات أخرى وليس الاقتصار على قناة (الجزيرة) في إشارة رمزية إلى أننا أسرة إعلامية واحدة، لكن طبعاً كان عسيراً علينا أن ندعو الجميع، علماً أننا دعونا الشقيق تليفزيون دولة الكويت لإيفاد من يشارك من دون.. لكن من دون جدوى.

الملاحظة الثالثة: هي أننا نستقبل أسئلتكم عبر الهاتف بعد هذا الموجز، لكن اسمحوا لي أيها السادة أن أبدأ من عمَّان، ومعنا على الهواء مباشرة السيدة أم فاطمة ديما طهبوب زوجة الأخ الزميل الشهيد طارق أيوب، مرحباً بكِ سيدتي الفاضلة.

دلالات حادث استشهاد الصحفي طارق أيوب

ديما طهبوب: مرحباً بكم، السلام عليكم ورحمة الله لكم جميعاً.

غسان بن جدو: ورحم الله من جديد أخانا الشهيد طارق أيوب.

سيدتي الفاضلة، هو سؤال بديهي في البداية، طبعاً نحن سمعناكِ تحدثتِ أكثر من مرة، ولكن هناك سؤال.. سؤال نود أن نطرحه عليكِ باختصار شديد، هل أن الشهيد طارق أيوب -رحمه الله- عندما قرر الذهاب إلى بغداد والعراق.

أولاً: هل تشاور معكم؟

وثانياً: هل أنه ذهب من أجل المهنة فقط، أم من أجل القضية؟

ديما طهبوب: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً، كنت أود لو كنت قدمت زوجي طارق أيوب كما قُدِّم بقية زملاء أو مراسلي قناة (الجزيرة)، ولكنه القدر، ونحمد الله عليه أولاً وآخراً.

قدرنا لعلنا كعائلات مراسلين أن نتحول إلى صحفيين بالإكراه وليس بالرغبة، ولكن طارق كانت يعني واقع الحياة لطارق كصحفي متوتر دائماً، متحفز دائماً، عندما جاءنا من بغداد لم يكن هناك مجال للتشاور، كان.. كان كتاب تسهيل المهمة للذهاب لبغداد بيده قبل أن يأتي إلى البيت، فكان الأمر بالنسبة إله محسوم، طارق يعني كلنا حاولنا أن نقول له أن يخفِّف من اندفاعه تجاه الصحافة، لأنه كان يلاقي مضايقات كثيرة حتى في عمله هنا، ليس في بغداد فقط، فكنا يعني نحاول أن نقول له أن يخفِّف من هذا الاندفاع، ولكنه كان يقول لي.. كان يقول لي إن أنا صاحب قضية، كان يقول لي دائماً، ويردد عبارة كانت على لوحة في بيتنا: عندما يصبح العمل عشقاً يصل إلى حد الإتقان، ولكن يبدو أن عشق الحقيقة وعشق الصحافة هو من الحب الفاسد أو العشق الفاسد.

غسان بن جدو: ما هي القضية برأيك التي ذهب من أجلها غير الصحافة الشهيد طارق أيوب؟

ديما طهبوب: هي قضية.. قضية إحياء هذه الأمة، يعني طارق قبل أن يذهب كان عندنا يوم الجمعة، وهو استُشهد يوم الثلاثاء، وصله تليفون من زميل له يعمل مع شبكة الـABC الأميركية، قال له: من المؤكد العراق ستسقط بعد أربعة أيام، فقلنا له: يعني يا طارق ما.. ما الفائدة؟ خلاص وما الطائل يعني إنك تذهب، خلاص ستسقط العراق، قال لي: أريد أن أكون حتى أدافع عن السقوط ألا.. أن يكون.. ألا يكون سقوطاً ذليلاً، وألا ينقلوا الأميركان وأتباعهم من وسائل الإعلام ما يريدونه، على الأقل نستطيع أن نظهر أن هذا الشعب مازال فيه الخير، مازال فيه الصمود، فكان يقول لي: أنا لا أريد أن أكون متلقي للحدث، ولكن أريد أن أكون صانع للحدث.

غسان بن جدو: أنا أود أن أتوجه إلى بغداد، ولتبقَ معي السيدة أم فاطمة، مع الأخ جابر عبيد، طبعاً الأخ جابر عبيد من قناة (أبو ظبي) كان من أوائل الذين رافقوا الشهيد طارق أيوب من مكتب قناة (الجزيرة) إلى سيارة الإسعاف، وجابر عبيد أنا أذكر جيداً، نحن كنا نشاهد إنه بعد قصف مكتب قناة (الجزيرة) انقطعت بنا السبل، وتوجهنا مباشرة إلى أبو ظبي، والحمد لله الاتصال كان على الهواء مباشرة، وكنت أسمع المذيع وقتذاك، وبعد ذلك تحدث جابر.. جابر عبيد، والحقيقة أننا أول ما عملنا بما أصاب الشهيد طارق أيوب كان بصوت جابر عبيد. جابر عبيد، أولاً: أنت في (حوار مفتوح) مباشر مع السيدة أم فاطمة، هل لك أن تقول لها كلمة أو سؤال إذا تفضلت.

جابر عبيد: يعني أخ غسان، بداية مساء الخير.

ثانياً: أنا كل اللي أحب أقوله لأم فاطمة، تسلم لي على فاطمة بداية، لأن أكثر شيء لفت نظري في.. في محفظة طارق -الله يرحمه- صورة فاطمة ذكرتني بابني علي يعني هي، ما كنت أتمنى إني أكون في ها الموقف أبداً، لكن ظرف أنا ما.. ما أعتقد إني راح أتجاوزه، ولا أعتقد هي راح تتجاوزه، ولا أعتقد إن أي شخص فينا راح يتجاوزه، يمكن.. يمكن راح يخفِّف من عزائها أو من.. من.. من حزنها شوي، إن طارق كان بالفعل صدقيني، كان زي الطفل نعم، أنا ما كنت أعرف طارق طبعاً قبل ما أشوفه، ولا.. ولا شفته أبداً، كانت أول مرة أشوفه بحياتي، الله يرحمه.

غسان بن جدو: أنا معلش أنا أيضاً أتوجه إلى تيسير علوني، تيسير هو بيننا الآن، وكان أيضاً رافق الشهيد طارق أيوب، كان معه في المكتب. تيسير، لا أود أن تروي لنا ما الذي حصل، فقد سمعناه، ولكن هل من كلمة للسيدة أم فاطمة، أو سؤال ما، أو أي ملاحظة إذا سمحت، باسم جميع الزملاء هنا.

تيسير علوني: أنا الحقيقة ما يعني اللسان يعجز والقلب أيضاً يعجز عن.. عن.. عن وصف ما حصل، لكن على كل حال يعني هي يعني رسالة يعني تلقيناها نحن، تلقتها الصحافة والصحافة العربية بشكل خاص رسالة من الأميركيين، وكانت واضحة، ودفع ثمنها زميلنا الشهيد طارق أيوب، نسأل الله -عز وجل- أن يتقبله في الشهداء والصالحين.

غسان بن جدو: أنا أود سؤال أخير إلى السيدة أم فاطمة إذا سمحتي: أنتِ برأيك أنا أعلم أنتِ لستِ فقط زوجة الشهيد طارق أيوب، ولكن أعلم أنكِ شخصية مثقفة ومسيَّسة، وتحمل فهماً خاصاً.

سيدتي، عفواً هل تعتبرين بأن الإعلام خاصة المراسل الصحفي الذي ينبغي أن يقوم بمهمته.. يقوم بمهمته في الميدان ينبغي أن يكون محايداً جاف القلب تماماً، أم تعتبرين أنه.. أن له رسالة ما؟

ديما طهبوب: كان طارق يقول لي دائماً: إذا أكملت دراسة الدكتوراه في الصحافة، سأنشئ مدرسة صحفية خاصة بي تقول: إذا كانت الانحياد أن تكون منحازاً لقضايا أمتك، فأنا أريد أن أكون منحازاً، ولا أريد أن أكون محايداً، إذا كانت العاطفية أن تتألم بعذابات شعبك وأمتك، فأنا أريد أن أكون عاطفياً، إن ما أذكره لطارق في آخر تقرير بثته (الجزيرة) له، قال: إن عاصمة الرشيد يلفها الحزن، ولكنه لم يكسر من عزيمة شعبها، وإن هذه المأساة الأصل ألا تكسر فينا ولا تكسر عزيمتنا كشعوب وكأمة، إن الأمة عندما التقت على طارق لم تلتقِ على صفته كإنسان فحسب، وإن كان هذا يكرمنا، يعني وأشكر الجميع لما قدموه ولم تلتقِ عليه كصحفي في مراسل.. كمراسل (للجزيرة)، ولكن التقت.. التقت على ما مثله طارق من قول للحقيقة، وحبه للشهادة وإن الأمة التي مازالت بالرغم مما تواجهه تلتقي على هذه المعاني لهي أمة حية بإذن الله، وتوجهي أو رسالة بسيطة قد لا أظهر على وسائل الإعلام مرة أخرى وإنما رسالتي للإعلام، نريد الإعلام الذي يبني في أنفسنا ولا يهدم، نريد الإعلام الذي يجمعنا كأمة عربية لها رسالة من الشرق والغرب، أمة خالدة كما كانت حضارة العراق خالدة، نريد إعلام يجمعنا، يرفع في نفسيتنا ولا يهدمها، أنا أستغرب إحنا.. عندما أتابع وسائل الإعلام، وأنا سأربي ابنتي فاطمة، وسيربي الأمهات والآباء جميعاً، ماذا سأقول لها وأنا أربيها على حب فلسطين وهي القضية الخالدة؟ ماذا سأقول لها عندما أجد وسائل الإعلام بدل أن تظهر خريطة فلسطين تظهر خريطة إسرائيل؟

ماذا سأقول وأنا أربيها أن أبوها شهيد، وأن تحب معاني الشهادة، وأن تتعلق بالشهداء، وأنا أرى بعض وسائل الإعلام تنعت الاستشهاديين بالانتحاريين؟

ماذا أقول لها، وهي الأصل أن تحس أن الأمة العربية والإسلامية امتدادها جميعاً الأمل، وأرى الإعلام دائماً يحاول أن يفرِّقنا، ويظهر لنا كم العرب متفرقون وكم هم منهزمون، إن الإعلام رسالة كبيرة، ونحن نتقن.. ونحن ندرك أنكم كإعلاميين بشر، ولكم حدودكم، ولكن.. ولكن ما نريده أن يكون الإعلام على الأقل صادق وحر، ما يخضع لسياسات وتوجهات أيًّا كانت سواء الأميركية أو توجهات من الداخل، إن ضريبة يعني أدركت فعلاً أن ضريبة قول الحقيقة هي ضريبة كبيرة جداً، وأنتم منا، وندرك أنكم بشر، وندرك بشريتكم وقصور البشرية أحياناً، ولكن الله -سبحانه وتعالى- جعلكم أكثر (…) في قلب الحقيقة، أدركت هذه الضريبة، أدركت ارتفاع تكاليف الحقيقة عندما استقرت تلك الشظية في قلب زوجي.

غسان بن جدو: سيدة أم فاطمة، لديَّ ملاحظة إذا سمحتي، أنا لم أود أن.. أن أعلِّق على ما تفضلتي به في البداية، أنا أذكر جيداً عندما استُشهد طارق الشهيد طارق أيوب إن في أول تقرير عرضته قناة (الجزيرة) تحدثتِ وقلت: إن قد ينساه العالم، قد تنساه قناة (الجزيرة)، وأجبتك بعد أيام قليلة في برنامج (ما وراء الأحداث) سيدة أم فاطمة ثقي بأن جميع مراسلي قناة (الجزيرة)، وأحسب أن جميع مراسلي العرب لن ينسوا إطلاقاً الشهيد طارق أيوب، أود أيضاً أن أقدِّم معتذراً أقدِّم الزميلة الفاضلة الأستاذة جيفارا البديري، هي معنا الآن في أستوديو الدوحة، طبعاً لم تكن تغطي الحرب في العراق، ولكن أردنا أن نستفيد من وجودها خاصة وهي فلسطينية، وهي كافحت، وخاصة أنها برزت بشكل كبير العام الماضي.

جيفارا، مرحباً بك زميلتي الفاضلة.

جيفارا البديري: مرحباً.

غسان بن جدو: السيدة أم فاطمة، هناك أنتم فلسطين، في الأردن تحدثت عن الانتحاريين والاستشهاديين، هل من كلمة في هذه القضية من فضلك؟
جيفارا البديري: أول شيء: أريد أن أقول لديما، يعني اسمحي لي أقول لكِ ديما مباشرة، أنا قابلتك، وأنت تقبلين زوجك في التابوت، قلت: لا.. لا.. أنا أريد أن تصلوا عن طارق في المسجد الأقصى المبارك، فقط أريد أن أقول لكِ أنكِ وأن طارق في ذلك اليوم في يوم الثامن من نيسان، في ذلك اليوم فقط أدرك الصحفيون الفلسطينيون الذي يغطون أحداث الحرب هناك أنهم في خطر، في ذلك اليوم فقط شعروا أنهم لم يكونوا في نزهة، بل كانوا بالفعل في جبهة حرب، ولكن كما أنتِ قلتِ، نقول لك أن المراسل الصحفي عندما يكون في الميدان لا يفكر في لحظة الموت لا يفكر في الخوف، لا يفكر إلا بقول الحقيقة، نقل الحدث، أحياناً يُتهم بأنه غير موضوعي، أحياناً يُتَّهم أنه منحاز، ولكن دائماً يرى أن قضية أمته العربية هي قبل أي شيء، وكما ذكر.. كما قال غسان، فنحن لن ننسى طارق، طارق سيبقى دائماً لنا النبراس الذي سنسير على خطاه، وأيضاً الزميل الشهيد نزيه دروز، الذي استُشهد في مدينة نابلس، أيضاً كان هو.. أيضاً كان لنا مثالاً نحتذي به، وزوجة نزيه هي أيضاً كانت على.. بنفس الخط الذي تمشين أنتِ عليه، ونفس المطالب التي طلبتيها.

غسان بن جدو: شكراً جيفارا، شكراً لكِ سيدة أم فاطمة، وثقي من جديد أن جميع إخوانك لن ينسوا الشهيد طارق أيوب، ولن ينسوكِ، ولن ينسوا فاطمة حماكِ وحمى فاطمة الله.

[فاصل إعلاني]

المراسلون العرب في الحرب على العراق بين الخداع والانخداع

غسان بن جدو: ماجد عبد الهادي، أنت معنا، طبعاً أنت من الأوائل الذين ذهبوا إلى بغداد، وغطى ما قبل الحرب، وأثناء الحرب إلى التاسع من نيسان، سؤال أعلم أن الوقت يداهمك، ولن تستطيع الإجابة عليه، هل خُدعتم، أم خدَعتم، أم قدمتم صورة كان مآلها ما حصل؟ يعني في نهاية المطاف لم تُخدعوا ولم تخدعوا، ولكن العالم كله خُدع؟

ماجد عبد الهادي: نعم، هذا.. هذا الجواب، هذا السؤال يمكن الإجابة عليه من زاويتين، من شقين، لا يمكن الحديث عن خديعة فيما حدث، فيما يتعلق بوضعنا كصحفيين داخل العاصمة العراقية بغداد نحن أُتيح لنا أن نشهد جزءاً من صورة هذه الحرب، مثلما أُتيح للصحفيين المرافقين أيضاً للقوات الغازية أن تتيح، أن ترى جزءاً بسيطاً من هذه الحرب، فيما يتعلق بالجزء الذي شاهدناه من هذه الحرب، الجزء المتعلق بقصف المدنيين، بضرب المدنيين في بغداد، نحن نقلنا ما حدث بالمعنى الإخباري البحت مثلما شاهدناه، مثلما تلقينا من المصادر العراقية وهي المصادر المتاحة.

غسان بن جدو: طب هل كان.. هل كان صعب عليكم أن.. أن تتحركوا تناوروا عن المصادر الرسمية العراقية؟

ماجد عبد الهادي: نحن نعرف أن.. أن عدد الصواريخ التي كانت تسقط على بغداد مثلاً يزيد عن ألف صاروخ في اليوم، وأن بغداد شهدت خلال العشرين يوماً نحو 27 ألف غارة، ما أتيح لنا مشاهدته، ما كان ممكناً مشاهدته من كل هذا الكم الكبير في القصف، هو ذلك الذي تتعرض له الأحياء المدنية في بغداد، كنا نعرف مثلاً أن هناك.. أن أكثرية هذه الصواريخ، أكثرية هذه الطلعات الجوية تستهدف مواقع عسكرية في مناطق مختلفة، في مناطق واسعة داخل وحول بغداد…

غسان بن جدو: وكنتم تقولون هذا الكلام

ماجد عبد الهادي: لكن لم يكن متاح لنا أن..

غسان بن جدو: أن تتأكدوا..

ماجد عبد الهادي: أن.. أن نرى، أن نشاهد، أن ننقل ما يحدث في المواقع العسكرية، ما يحدث..

غسان بن جدو: أنا لدي ملف كامل عن بعض الانتقادات التي ربما ستشاهدونها بعد قليل.

[موجز الأخبار]

غسان بن جدو: أود أن أتوجه إلى بغداد حيث الزميل حاتمي مدير مراسلي قناة العالم الإيرانية الفضائية وهو موجود الآن في بغداد.

أولاً: مرحباً يا سيدي الفاضل، طبعاً سمعت سؤالي إلى الزميل ماجد عبد الهادي وبعض الهواجس والشكوك التي كانت تحوم حول دور الفضائيات، نحن فضائيات عربية، أنتم فضائية إيرانية بلسان عربي، ومعلوم بأن إيران والعراق كان ما بينهما من حرب وإلى آخره، ولكن ما فوجئنا به بأن أداء قناة (العالم) وقت ذاك، بدت وكأنها في هذه المنطقة وليست تلك القناة التي تمثل دولة كانت في حرب، هذا ليس كلامي بالمناسبة يا أخ جبار، أنت تعلم جيداً، أنت تتابع لاشك كثير من المقالات التي كتبت وأنتقدتكم، وأنا فقط يعني هناك لدي مجموعة كبيرة من المقالات سواءً عن (أبو ظبي) عن (الجزيرة) إلى آخره، كلها في سايتات من المعارضة العراقية، أقول لك شيئاً، هناك من يصفكم بأنكم قناة (العالم) البعثية العفلقية المأجورة التي تناصر طواغيت العراق الكفرة على حساب شعبنا العراق، هذا مقال بعنوان قناة (العالم) والمنار وعبد الباري دولار، كتبه داود الحسيني، هناك مقال آخر التحليل وأبواق النظام العراقي، كيف توضح هذه النقطة سيدي؟

جبار حاتمي: بسم الله الرحمن الرحيم، بالنسبة لهذه النقطة التي ذكرتها غسان، موضوع أنه ما قِيل بأن قناة (العالم) انحازت إلى حد ما إلى نظام صدام حسين، هذا الموضوع قد يكون سببه أو السبب في ذلك أنه الموقف من الاحتلال الأميركي، أو الموقف من الحرب الأميركية البريطانية ضد العراق، موقف القناة، قناة (العالم) كان واضحاً من هذه الحرب بأنها حرب غير شرعية، حرب لا تتمتع بأي شرعية دولية، حتى يعني ليس فقط شرعية الأمم المتحدة يعني ناهيك عن أنه واشنطن ولندن لم تستطع أن تستحصل على قرار دولي بشن هذه الحرب ضد العراق، حتى على نطاق أوروبا، حتى على نطاق المنطقة، كانت هناك معارضة واسعة لهذه الحرب، ونحن أيضاً انطلقنا من هذا المنطلق معارضة لهذه الحرب على الشعب العراقي وليس على النظام العراقي، قد يكون الذي استنبط هذا الموضوع يعني انحياز القناة إلى النظام العراقي قد يكون من هذا المنشأ، وإلا فقناتنا هي أقرب لكل.. للمعارضة العراقية من كل القنوات.

غسان بن جدو: شكراً أخي حاتمي، أتوجه إلى عمّان من جديد حيث مراسل (الجزيرة) في بغداد ديار العمري الموجود هناك في عمان، مساء الخير ديار وحمداً لله على سلامتك.

سيدي لعلك استمعت إلى الدكتور أحمد جلبي (رئيس المؤتمر الوطني العراقي) الذي سحب أخيراً رزمة من الأوراق يقول إنها جزء من 25 طن سحبها من المخابرات العراقية، وأعتقد هذا الكلام تحدث به على إحدى القنوات على ما أعتقد على قناة (أبو ظبي) حسب ما أذكر نعم على قناة (أبو ظبي) وذكرك بالاسم، قال إن ديار العمري هو من العناصر التي كانت تتعامل مع المخابرات العراقية، وكان خاضعاً لكل هذه المسائل، هل أنت.. يعني كيف توضح هذه النقطة تتعاطون مع الأجهزة الأمنية في العراق؟ هل كان مضغوطاً عليك بشكل كبير ويُفرض عليكم التعاطي مع المخابرات العراقية سيما وأن الدكتور أحمد الجلبي ذكر اسمين بالتحديد ديار العمري وشاكر حامد مراسل قناة (أبو ظبي)؟

ديار العمري: أخ غسان يعني أنت تعرف في العراق هناك عندما يتقدم شخص بوظيفة ما إلى قناة عربية أو أي شركة أجنبية ليست لها علاقة بالصحافة يتم ذلك عن طريق طلب معلومات من قِبل الأجهزة الأمنية وهي متعددة كانت في العراق، هذه الأجهزة الأمنية تقوم بعملية تحري وتدقيق عن هذا الشخص الذي يريد أن يعمل في تلك القناة أو تلك الشركة، وهناك ملف لكل شخص يعمل في أي قناة ملف موجود في الأمن والمخابرات وهذا معمول فيه أيضاً في سوريا وربما في مصر وفي بعض الدول الأخرى العربية، لذلك ليس هناك غرابة، المهم عليك أن تتصور عندما يدخل عليك وزير الإعلام العراقي وهو يحمل مدفعه الرشاش ويقوم بضربك، وهناك تهديدات دائماً ومستمرة بأن يتم أخذي إلى مكان ما مكان مظلم وهذا ما حدث أمام الجميع أعضاء مكتب (الجزيرة) في بغداد أثناء الحرب عندما يتهدد مسؤول عراقي كبير يتهددك شخصياً ويقول لك: عليك أن تأخذ حذرك وإلا وإلا وإلا وسيل من التهديدات، وسيل من الاتهامات، عليك الآن أن تضع عائلتك بطرف والمهنية أيضاً بطرف آخر، وعليك أن تكون حذر، المصطلحات أيضاً، هناك تدخل كان في جميع مرافق العمل الصحفي وربما الأخ والزميل ماجد عبد الهادي كان أحد الذين أيضاً تضرروا من نتيجة هذا التهديد المستمر عندما يقول له وزير الإعلام بإنه سيقوم بكسر يديه و.. وما شابه من هذه التهديدات، لذلك يعني كان علينا أن نأخذ حذرنا بشكل كافي، كان علينا أيضاً أن نقوم بمحاولة نقل الصورة إلى أقصى درجات الموضوعية وإلى أقصى درجات الحقيقة بغرض أن تكون مقنعاً أمام المشاهدين، مقنعاً أمام المشاهدين وأن.. أن تحاول في نفس الوقت أن تكون أو تحمي نفسك وتحمي عملك في هذا الوقت، لذلك كان من الصعوبة جداً الصعوبة جداً العمل في بغداد في ظل هذه الظروف وربما في ظروف أخرى، أنا توقفت وتم إيقافي عن العمل مرتين أو ثلاث مرات من قِبل وزارة الإعلام العراقية، والسبب هو الموضوعية التي -كما أعتقد أنها موضوعية ربما هناك آراء أخرى ترى أنها ليست موضوعية و.. وهذا رأي الآخرين- فبذلك يعني كنت دائماً أحاول أن.. أن

غسان بن جدو [مقاطعاً]: بالمناسبة ديار أنا أعلم.. بالمناسبة ديار أنا أعلم أن السيد محمد سعيد الصحاف عندما كان في إحدى المرات كان يهددك فوجئ بأنك عراقي.

شكراً لك ديار العمري على هذه المشاركة المختصرة، ولكن الوقت يداهمنا كثيراً، أعود إلى بغداد مع الزميل جابر عبيد، جابر هناك مسألة أساسية الآن مطروحة كما قلت قناة (أبو ظبي) من القنوات التي تميزت في تغطيتها لهذه الحرب هذا بشهادة الجميع، وهذا طبعاً فخر لكل الإعلام العربي لقناة (أبو ظبي)، قناة (الجزيرة)، كل القنوات الأخرى قناة (المنار) بدون استثناء لا أود أن أذكر، ولكن ربما الصوت الآن لا يسمعني جابر، ولكن أود أن أتوجه إلى محمد خير البوريني، محمد أنت من الذين أيضاً كانوا في بغداد قبل بداية الحرب وغطيت جزءاً من.. مما حصل في بغداد ثم ذهبت إلى الموصل، ولكن أنا أذكر جيداً أنك في الأيام الأولى عندما كنت في الموصل أكثر من مرة سمعتك تنتقد بشدة السلطات المحلية في الموصل، وتنتقدها على الهواء مباشرة وتقول إن هذه السلطات لا تقدم لنا هذه.. كل.. أي.. أي تسهيل، ما الذي حصل لكم وقتذاك بالتحديد؟

ضغوط النظام العراقي أثناء الحرب على المراسلين العرب

محمد خير البوريني: يعني العملية ليست عملية أي تسهيل، العملية عملية عدم تعاون هذه السلطات، عندما ذهبنا إلى الموصل كأي بلد نذهب إليه، كأي منطقة نذهب إليها في العالم نراجع الجهات المختصة في.. في.. في المحافظة المعنية أو في البلد المعني، قمنا بمراجعة محافظة الموصل، هناك مكتب إعلامي تابع للسلطات العراقية في.. في حينه، طلبنا منهم ربما أن تزويدنا بمعلومات عن مجريات الحرب في أول يوم من أيام الحرب، معلومات أولية حتى نستطيع أن.. أن..

غسان بن جدو: لماذا لم يتعاونوا معكم؟

محمد خير البوريني: هذا.. هذا ما لا.. ما لم أفهمه حتى نهاية الحرب، أنا شكوت من خلال شاشة (الجزيرة) 5 مرات متتالية، حاولت إيصال صوتي ربما إلى الجهات التي لا تسمعني، الجهات المسؤولة عن هؤلاء الأشخاص المعنيين في محافظة الموصل، حاولت من خلال شاشة (الجزيرة) أن أوصل هذه الشكوى وأن أوضح للعالم أن ما نحصل عليه من معلومات كان بمثابة جهود شخصية وذاتية من فريق (الجزيرة) العامل في الموصل من خلال البحث والتقصي الشخصي الذاتي وليس..

غسان بن جدو: هل وصلت شكواك أم لا؟

محمد خير البوريني: لا (…)، بالتأكيد وصلت، الجميع يشاهد قناة (الجزيرة)، ولكن رغم ذلك حتى نهاية الحرب لم نتلق مساعدة لمرة واحدة أو معلومة لمرة واحدة من جهة رسمية عراقية في محافظة الموصل ولم أعلم لماذا؟

غسان بن جدو: طيب محمد هل تعتقد بأنه كان موقف من قناة (الجزيرة)، أم.. أم لأنهم كانوا، حتى المسؤولين هناك في الموصل كانوا مثل الجنود الذين اكتشفناهم في نهاية المطاف أنهم كانوا يرتدون بزَّات عسكرية ولكن لم يكن لهم أي رغبة في القتال؟

محمد خير البوريني: هذا لا أستطيع أن أجزم به حقيقة، لكن كان يعني ربما أنا شخصياً أستطيع أن أفسر بأنه ربما كان إهمالاً، يعني أستطيع أن أقول أنه كان هناك إهمالاً حاولت أن أشكو هذا الإهمال، حاولت أن يسمعني المسؤولون العراقيون، المسؤولون عن هؤلاء الأشخاص، لكن للأسف الشديد لم أتلق أي تجاوب ولم أتلق أي معلومة من.. من هذا الطرف وهو المكتب الإعلامي في محافظة الموصل حتى تاريخ مغادرتي للموصل.

غسان بن جدو: أنا أود أن أقول لك شيء محمد خير البوريني، أنت أعتقد في اليوم الثاني أو الثالث من وجودك في الموصل أرسلت تقريراً وكان أحد ضيوفك شخص من مقاتلي فدائي صدام، وقال لك في.. الشخص.. هذا الشخص من مقاتلي فدائي صدام: نحن موجودون هنا لنقاتل الأميركان ونقتل من لا يقتل الأميركان، هذه الجملة أثارت حفيظة الكثيرين المتعاطفون مع العراق أو مع النظام العراقي وقتذاك اتهموك بأنك كنت تريد تشويه سمعة النظام والمقاتلين العراقيين، والمعارضون لذلك النظام قالوا: هه وشهد شاهد من أهلها، ها أن مراسل (الجزيرة) فضح ما كان حصل، فإذا عملت بمهنية انتقدت، وإذا.. انتقدت أيضاً، ولكن عمرو الكحكي كانت له تجربة أخرى مميزة تماماً، عمرو الكحكي رافق القوات البريطانية، على ما أعتقد، بالتالي هو كان في.. في مناخ آخر، عمرو هل أنت استطعت أن تنقل ما رأيته وما سمعته بدقة؟ طبعاً أنت سمعت بعض الانتقادات هناك من اعتبرك بأنك بوق من أبواق القوات البريطانية، هل عملت بمهنية؟ هل.. هناك أيضاً كانت ضغوط حولك أم ماذا بالتحديد؟ أم لا؟

عمرو الكحكي: لكي أكون موجزاً ومختصراً، يعني رافقت القوات البريطانية والقوات الأميركية ولكن نقطة في العمل أمامك مصدران فقط للمعلومات، المصدر الأول هو عيناك ما تراه، ولكن دعنا نضع هذا في حجمه، في الصورة الكبيرة هذه زاوية واحدة من الزوايا الكثيرة المنتشرة على جبهات القتال في العراق، فلا.. لا ترى إلا زاوية واحدة، جانباً واحداً لا يمكنك أن تنقل سوى هذا الجانب، هذا ما تراه بعينيك، الجانب الآخر هو استقاء المعلومات في المناطق التي لا تستطيع التحرك إليها، خاصة وأنك لا تتحرك إلا برفقة القوات الأميركية في السيارة معهم، قائد السيارة يكون ضابطاً، مرافق آخر، حتى في أثناء النوم كان ينام ضابط و.. وجندي حولي أنا والمصور، إذن..

غسان بن جدو: هذا لك فقط أو للجميع، للجميع أم لك؟

عمرو الكحكي: نحن في.. في الوحدة التي كنت فيها مع القيادة نحن كنا الوحيدين مع قيادة الوحدة، ولكن هناك مجموعات أخرى كانت مع أفرع أصغر، يعني لوسائل إعلام غربية، وأعتقد أن المعاملة كانت مغايرة قليلاً، لأنه طبعاً كعرب ينظر إلينا على أننا متعاطفون طبعاً مع قضية الشعب العراقي ومع ما.. وضد ما يجري بشكل واضح من واقع عاطفي طبعاً وبواقع انتمائنا العربي، ولكن في النهاية أنت لا تستطيع أن تنقل إلا ما تراه، فأيَّا كانت هذه الانتقادات، أضيف إليها أمنيات الناس، رغبات الناس في الشعب العربي التي كانت تريد أن ينتصر العراقيون على الأميركيين وأن يدحروهم وأن.. هذه أمنية طبعاً مشروعة تماماً أمام غزو، ومحاولة احتلال، ولكن في النهاية هذه الأمنيات وهذه الرغبات وهذه التطلعات كانت تغلب على.. يعني لا يريدون سماع ما يجري فعلياً في منطقة أخرى فيما يجري، وقد عانينا من هذا كثيراً غسان في حروب سابقة انتكسنا فيها انتكاسات كبيرة، كنا نقول: أسقطنا وقتلنا وذبحنا و.. ولم يكن يحدث من هذا القبيل، وكانت تكون الصدمة دائماً أكبر.

[فاصل إعلاني]

غسان بن جدو: تيسير أنت من الذين كانوا في بغداد، وكنت تسمع يومياً العلوج، خطاب العلوج وثقافة العلوج، باختصار تيسير أنت من الذين يتميزون كمراسل بأنك كنت دائماً تتحدث على سجيتك سواء في أفغانستان أو في العراق، وأعتقد أنه في المستقبل هكذا، تيسير هل أنت بصراحة أنت ومن معك من الزملاء هل غلبتم العاطفة على المهنية؟ هل غلبتم الوطن والأيديولوجيا على نقل المعلومة كما هي للناس أم لا بصراحة؟

تيسير علوني: الحقيقة بالنسبة لنقل المعلومة يعني كانت معضلة كبيرة، يعني إحنا خرجنا من إطار العاطفة والأيديولوجيا والكلام هذا، وكنا نريد ننقل على الأقل الصور التي كنا نراها نحن عندي أمثلة كثيرة وكثيرة جداً عن صور لم يكن يسمح لنا بنقلها، لم يكن يسمح للكاميرا بالتقاط هذه الصور يعني مثلاً كل أهالي بغداد الآن قد يشاهدوننا يعني نحن نعرف حين قُصِفَ معرض بغداد الدولي مثلاً، قُصِفَت نقابة الأطباء، كان مقابلها تأثر مبنى الهلال الأحمر العراقي، إذا أدرنا الكاميرا باتجاه اليسار نلتقط مشهد دمار رهيب، خلفه كان طبعاً.. خلف معرض بغداد كان الاستخبارات العسكرية، لكن كان المركز التجاري السوري، كان نقابة الأطباء هاي كانت فيها دمار رهيب، لم يكن يسمح لنا إلا بإدارة الكاميرا إلى اليمين والتقاط ما يعني مشهد الهلال الأحمر الذي تأثر يعني وتكسر زجاجه وبعض السيارات المحطمة.

غسان بن جدو: طب هل كنتم تستطيعون قول هذا الأمر؟ إننا لا نستطيع إلا أن نُرِي هذا المشهد؟

تيسير علوني: كيف نستطيع قول هذا الأمر كما قال ديار يعني الصحاف يعني.. يعني يهدد بالكلاشينكوف؟

غسان بن جدو: ماجد أنت هددك الصحاف بخلع كتفك أليس كذلك؟ متى وكيف؟ مرة واحدة أو أكثر؟

ماجد عبد الهادي: لا هي كانت لمرة واحدة، هو..

غسان بن جدو: والحمد لله.

ماجد عبد الهادي: لمرة واحدة لي شخصياً ولكنها كانت المرة الثالثة أو الرابعة فيما يتعلق بكل الزملاء، فيما يتعلق بمكتب (الجزيرة) في بغداد، ولكن غسان أنا أود هنا أن أعلق بقليل من الكلمات على مسألة الانتقادات التي وُجِّهت لأداء الفضائيات العربية في بغداد، حقيقة ما حدث من وجهة نظر عموم الشارع العربي، ما حدث جلل، إنه سقوط بغداد كما تعلم، ومن الطبيعي أن يكون هناك انتقادات.. أن يكون هناك تحميل مسؤوليات إلقاء بالمسؤوليات من عاهل إلى عاهل، هذا منطقي، هذا طبيعي أن يلقي الناس بالمسؤوليات، فما حدث كبير، ولكن في المقابل هناك بعض الجهات التي استغلت هذه الأجواء، هناك بعض الأشخاص، بعض الكتَّاب والصحفيين في صحف تصدر في الغرب على وجه التحديد، استغلوا هذه الأجواء، وهم في الأصل من المؤيدين للحرب، هم في الأصل من المؤيدين لهذه الحرب على العراق.

غسان بن جدو: صحف عربية أو غربية؟

ماجد عبد الهادي: لا.. لا، أقصد صحف عربية، صحف عربية تصدر في الغرب، هم أساساً من المؤيدين لشن الحرب على العراق، اعتبروا أن ما حصل قد جاء ليثبت صحة وجهة نظرهم، اعتبروا أن سقوط بغداد أو سقوط النظام العراقي بهذا الشكل، يشكل دليلاً على صحة ما كانوا يقولونه من تأييد لهذه الحرب، فئة من هؤلاء، بعض هؤلاء الكتاب استغلوا ما حدث ليوجهوا السهام، باعتبار أن الحياد أو حتى موقف رفض الحرب الذي تبناه الكثيرون، كان موقفاً خاطئاً.

ما أريد قوله هنا هو أن الانتصار الأميركي في هذه الحرب هو أن سقوط بغداد لا يعني أن الحرب كانت خياراً صحيحاً دون أن يعني ذلك أننا مع أو ضد النظام العراقي مع.. مع سقوط النظام العراقي أو ضده، ربما نحن نعمل بحياد وموضوعية، ربما يكون لكل منا موقفه الوطني القومي الإسلامي الذي نحاول تحييده إلى.. إلى حد ما، وربما مسألة الحياد مسألة نسبية، مسألة الموضوعية مسألة نسبية، وربما يلمس المشاهد يلمس بعض.. بعض الموقف في نبرة صوت المراسل، في نبرة صوت المذيع في حديثه، كان هناك ربما موقف كثيرين منا، موقف معظم المراسلين العرب، موقف ضد الحرب على العراق، موقف ضد شن هذه الحرب وهذا يجب أن لا يفسر بأننا كنا مع نظام صدام حسين، كنا ضد الشعب العراقي.

غسان بن جدو: عبد الحق أنت طبعاً كنت في منطقة أخرى، أنت ذهبت إلى الجنوب، ذهبت إلى البصرة، واقع مختلف تماماً، أنا أصدقك القول عشية الحرب كنت هناك في بغداد، وكان يفترض أنه الأخ محمد عبد الله هو الذي سيذهب، وذهب بالفعل الزميل محمد عبد الله الذي نوجه له تحية من بُعْدَ، ويذكر ربما ماجد أعتقد محمد خير البوريني أنني قلت له أنا أواسيك لأنك ستذهب وتبقى يوماً واحداً وتعود، لكن مفاجأة كانت كبرى بقيت منكم مدة طويلة جداً أي.. أهم نقطة تستطيع أن تلخص لنا بها تجربتك هناك في البصرة؟

عبد الحق صداح: الحقيقة تجربة تغطية الحرب في البصرة أضافت في تقديري بُعداً جديداً لمفهوم الخطر الذي يترتب عن وظيفة المراسل الحربي، قديما كان المراسل الحربي الخطر أقصى خطر يتهدده هو شظية ضلت الطريق أو ربما رصاصة طائشة، لكن الذي حصل في حرب أفغانستان وحرب العراق، أن المراسل الحربي بعض القنوات وتحديداً قناة (الجزيرة) صار هدفاً وطرفاً في هذه.. في هذا الصراع رغم أنفه، بالنسبة للبصرة تحديداً الحقيقة العمل في أيامه الأولى كان سلساً ويجب الاعتراف بهذا الأمر، يعني كنا نتلقى معلومات يومية سواءً من السلطات المحلية أو من المواطنين يدلوننا على مواقع القصف، لكن هنا أريد أن أفتح قوس لأنبه إلى أمر مهم جداً وهو أنه في جميع الحروب لا يفترض بالدول الداخلة في الصراع أن تقود الصحفيين ليصوروا الأضرار التي لحقت بها أو خسائرها، حتى الذين كانوا مع الأميركان لم يتمكنوا من تصوير الخسائر الأميركية، هذا شيء منطقي جداً، لكن في تقديري بالنسبة للإعلام الذي ينشد الموضوعية الذي هو الموضوعية هي همه الأول والأخير، ينبغي أن يرضي نفسه لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وفي النهاية إذا دخل في لعبة الموازنات بين إرضاء هذا الطرف وهذا الطرف على تناقضهما فبالتأكيد يدخل في متاهات لا تحمد عقباها.

غسان بن جدو: عبد الحق لماذا في الأخير تركت.. تركت البصرة؟ يعني في نهاية المطاف أنا سمعت إنك تركت البصرة على عجل أنت ومحمد عبد الله، وحتى فهمت بأن السيدة والدتك لم تكن راضية عن مغادرتك البصرة، هل هذا صحيح؟

عبد الحق صداح: لأ.. هي في الحقيقة الصورة ليست بهذا الشكل أو بالنسبة للشق الأول من سؤالك المتعلق بخروجنا، خرجنا لسببين اثنين، واحد ذاتي والثاني موضوعي، الذاتي وهو أنه كنا نشعر فعلاً بالخطر لأن مدينة البصرة عمت فيها فوضى عارمة أعتقد أنها أخطر وأوسع من الفوضى التي عمت المدن العراقية الأخرى، واستمرت لمدة أسبوعين متتاليين لم تتوقف أعمال النهب إلا بعد ما نفدت كل الأشياء التي يمكن نهبها في البصرة يعني،

غسان بن جدو: والثاني؟

عبد الحق صداح: السبب الثاني يتعلق بتعطل الأجهزة، أجهزة العمل فكان وجودنا تقريباً ليس له داعي.

غسان بن جدو: وماذا عن السيدة الوالدة؟

عبد الحق صداح: أما بالنسبة للسيدة الوالدة هي بالفعل يوم استشهد طارق أيوب -الله يرحمه- فعلاً شعرت بالحزن وخافت كثيراً، لكن لما طلعت من البصرة كانت تقول لي بودي لو أنك ظلِّت شويه يعني..

غسان بن جدو: ليش.. ليش؟

عبد الحق صداح: لأنه فعلاً تعتقد بأنها رسالة يعني..

غسان بن جدو: هل لديك أشقاء شهداء؟

عبد الحق صداح: لا إحنا في الثورة التحريرية من عائلتنا فيه 7 شهداء، من بينهم والد الأم يعني.

غسان بن جدو: طيب أنا لدي مفاجأة لك يا عبد الحق، أن والدتك الآن معنا على الهاتف، السيدة أم عبد الحق مساء الخير (..)

سكينة صداح (والدة عبد الحق صداح-الجزائر): (..) الحمد لله

غسان بن جدو: إن شاء الله لا بأس.

سكينة صداح: رضا والحمد لله.

غسان بن جدو: طيب يا سيدتي عبد الحق معك على الهواء مباشرة أيش تقول له يا حاجة؟

سكينة صداح: نقول.. نتمنى له يعيش -إن شاء الله- وليدي، يا رب يحميه يا ربي وجميع المؤمنين إن شاء الله.

غسان بن جدو: يعني هل أنت فخورة بابنك؟

سكينة صداح: أنا مليح فخورة بيه، كل ما أشوفه في التليفزيون أقعد الدنيا ما هزتني من الفرحة، وليدي العزيز.

غسان بن جدو: نعم، زميله محمد العبد الله هو طبعاً سوري من تدمر، وأنا علمت عندما ذهبت أخيراً إلى سوريا بأن بيت محمد العبد الله كان محجة، كل الناس كانوا يذهبون ويهنئون والد محمد العبد الله، ووالد محمد العبد الله كان يشعر بفخر كبير أنتِ نفس الشيء حصل معك في الجزائر أم لا؟

سكينة صداح: أنا (…) .. أنا شو فرحت بيه والله كلنا كان نفرحنا بيه وليدي.

غسان بن جدو: أحكي مع والدتك يا عبد الحق.

عبد الحق صداح: حاجة شو أخبارك..

سكينة صداح: أحكي مساء الخير وليدي.

عبد الحق صداح: الحمد لله.

سكينة صداح: أنا توحشت كلام عزيزي.

عبد الحق صداح: قريب نيجي وتكرهني مني

أم عبد الحق: إن شاء الله (…) وما أكرهك يا وليدي.

غسان بن جدو: شكراً يا حاجة.. شكراً يا حاجة هو هذا فقط هي رسالة رمزية لا أكثر ولا أقل، أعتقد أن والدات جميع الزملاء بدون استثناء كن يشعرن بالشيء نفسه، طبعاً آباء جميع الزملاء هم أيضاً يشعرون بالشيء نفسه، لا نستطيع أن نأتي بالجميع ولكن فقط هي إشارة رمزية لعبد الحق الذي علمت بأنكِ كنت مستاءة بعض الشيء، وكنت تتمنين أن.. أن يبقى في البصرة، ولكن الحمد لله هو بيننا الآن في.. في الدوحة، أتوجه مباشرة إلى بغداد معي جابر عبيد هناك أعود إليك جابر، جابر أنت طبعاً يعني غطيت الحرب كمذيع ثم في قلب الحرب ذهبت إلى بغداد، والآن أنت ما تزال هناك، جابر لن أحدثك كثيراً عن ما فعلتموه بطبيعة الحال، لأن هذا يحتاج وقتاً طويلاً، ولكن من ضمن المقالات العديدة التي انتقدت (الجزيرة) و(أبو ظبي) من قبل الأصدقاء والإخوان في المعارضة العراقية وخاصة في مواقعهم هذه.. مثل هذه الموجودة على سبيل المثال، أذكر لك شيء جابر، وهناك مقال من السيدة وداد فاخر من فيينا، مقاله كله ذلك. يعني جابر عبيد، وحتى فيه بعض الإشارات السلبية لا أود أن أذكرها، ولكن تقول هذا السؤال.. لنا أن نتساءل ما الذي جرى كي تزاحم قناة (أبو ظبي) الفضائية فضائية (الجزيرة) القطرية على موقعها الأثير عند النظام العفلقي؟

هل أنتم في نهاية المطاف أصبحت كانت لديكم حظوة عند النظام العفلقي مع محمد سعيد الصحاف وغيره؟

جابر عبيد: يعني أنا.. أنا أحب أن أتوجه بالسؤال أيضاً إلى الأخت وداد، متى.. متى علا صوت الأخت وداد؟ جميع يعني أفراد المعارضة العراقية لم يعلُ صوتهم إلا عندما كانوا في الخارج، عندما كانوا في الداخل كان الوضع مختلفاً، نحن نعلم بأن هناك أحزاب عانت وناس عانوا من النظام العراقي، ومن النظام البعثي -إن صح التعبير- على الأقل من أساء تطبيق فكر.. إن كان هناك أصلاً من فكر.. من أساء تطبيق النظرية، ولكن السؤال دائماً وأبداً يتكرر: من كان يعلو صوته وهو داخل العراق؟ نحن عندما دخلنا العراق دخلنا بهدف التغطية، لم ندخل بهدف تأييد طرف، وإبداء وجهة نظرنا فيما يدور، أعتقد إن كانت الأخت وداد تتمتع بموضوعية قليلة، فلعلها لاحظت، حتى قبل ما -يعني قبل ما يبدأ في تغطية الحرب من داخل العراق- كانت تغطية قناة (أبو ظبي) حيادية إلى درجة.. إلى درجة وموضوعية إلى درجة كبيرة وبعيدة، هذا على الأقل مثلاً لمسناه من خلال اتصالنا بالناس، من خلال تلقينا الاتصالات من خلال ما شاهدناه في الشارع، نحن يعني أنا شخصياً قمت بزيارة أغلب المحافظات العراقية، ووجدت ترحيباً كاملاً، يعني وتاماً بقناة (أبو ظبي) وبقنوات فضائية أخرى، الحقيقة التي يجب أن تُدرك أخ غسان، وهي.. نحن واجهنا ظروفاً صعبة لا يعلم من هم في الخارج، كيف كانت تلك الظروف، ومع هذا.. ومع هذا كانت.. كانت يعني.. كانت النية صادقة وكانت الرغبة موجودة، وكانت على الأقل مشاهدة من خلال الشاشة حاولنا أن ننقل الصورة بأقصى حد ممكن من الحقيقة، وأعتقد بأننا نجحنا سواء كنا قناة (أبو ظبي) أو (الجزيرة) أو (العالم) أو الـ(LBC) أو أي قناة أخرى.

غسان بن جدو: طب مراسل الـ LBC الزميل محمد القباني، هو إلى جانبك طبعاً أخ محمد أنت كنت قبل الحرب أيضاً كنت تراسل في بغداد، لأنك عراقي كنت تراسل في بغداد، لأنك عراقي كنت تراسل -على ما أعتقد- بقناة أخرى، ثم التحقت بالـ(LBC) (الحياة) أنت ما هي تجربتك؟ يعني وربما الانتقادات لم تطاولكم بشكل كبير ونحن هنا لسنا في مجال الحديث عن الانتقادات أو التمجيد أو المدح، ولكن نريد أن نُظهر صورة، أنتم كمراسلين كيف تعملون؟ ما الذي يمكن أن تقدموه؟ أوضح لنا يعني عملك، خاصة وأنك كنت أيضاً موجود في بغداد هل كنتم أيضاً تتعرضون إلى هذه الضغوط أم لا؟

محمد القباني: في الحقيقة الضغوط موجودة سواء كانت أثناء الحرب أو قبل الحرب تعاملنا.. أنا -شخصياً- تعاملت مع ظرف الحرب، لا أقول بحيادية، لأني عراقي كانت في بعض الأحيان تطغى العاطفة على المنطق وعلى العلمية، كما تعلم. هذا بلدي وهذا شعبي، يتعرض إلى هجوم وإلى غارات وإلى قتل، بالتأكيد حتى وإن كانوا عسكر، حتى وإن كانوا الجنود فهم إخواني وهم.. وهم من أبناء شعبي، فكنت أحزن. وكان هذا الحزن يبدو بعض الأحيان في.. عندما أعمل التقارير أو عندما يكون هناك بث مباشر وحي، تعاملنا أيضاً كان ضمن.. ضمن الإطار المسموح به لنا، يعني كانت هناك ضغوط، كانت هناك تقييدات كان دائماً يرافقنا مرافقون صحفيون، هم أساساً يعملون لجهات أمنية محدودون بحركتنا، الكاميرا محدودة أيضاً، ربما الخط الذي انتهجته قناة الـLBC بالرغم من إنها كانت قناة قبل الحرب كانت قناة برامجية، وربما ترفيهية ولكنها أثناء الحرب تحولت إلى قناة إخبارية تامة، كنا نبث على مدار الساعة واجهنا الأخطار بكافة أنواعها يعني، من أخطار سواء خارجية أو داخلية، أقصد بالخارجية أنه خطر الحرب والقصف إلى آخره والداخلية هو داخل المجتمع الصحفي الذي كان يتعرض له من ضغوط أخرى، الصورة كانت يعني تقريباً واضحة أمام الجميع، ولكن نقل الصورة كان هو الأمر الصعب.

غسان بن جدو: قبل أن أتوجه إلى وضاح الذي عاش تجربة مغايرة تماماً، كان هناك في شمال العراق في كردستان العراق، قبل ذلك هناك بعض المكالمات الهاتفية، أنا أعتذر كثيراً، لأننا لن نستطيع كما وعدتكم أن نستقبل مكالمات، عندنا الوقت حقيقة يداهمنا، ولكن معنا أولاً جابر عبد الكريم من لندن. مرحباً بك سيدي تفضل.

جابر عبد الكريم: السلام عليكم

غسان بن جدو: وعليكم السلام. أهلين.

جابر عبد الكريم: أحب.. أحب أن أقول أن مراسلي (الجزيرة) بصراحة و(أبو ظبي) في العراق خلال الحرب لم يكونوا واقعيين أو منصفين وكانوا انتقائيين ومزاجيين وكانوا يحاولون دائماً تصوير الجوانب السلبية للحملة العسكرية الأميركية، أقول إن الحالة العراقية حالة خاصة، ويشهد بذلك المقابر الجماعية، فلقد كلفتنا جمهورية (..)

غسان بن جدو [مقاطعاً]: طب أخ جابر.. أخ جابر.. أخ جابر.. من فضلك، حتى.. حتى يكون نقاشنا مُجدي أكثر وأنت تكون لديك فسحة بالتوضيح، أنت انتقدت بالتحديد قناة (الجزيرة) و(أبو ظبي) الآن قناة (الجزيرة) هناك عدة مراسلين هنا، أرجو أن توضح نقطتك إلى أحد هؤلاء، حتى يوضح لك ما.. ولدينا جابر عبيد موجود في أبو ظبي، إن كان لديك ملاحظة مباشرة أبو ظبي فهو سيرد عليها. فوجه ملاحظة إلى (الجزيرة) وثم وجه ملاحظة لأبو ظبي، وأحد الزملاء سيرد عليك، تفضل.

جابر عبد الكريم: يعني والله يا أخ غسان إن يعني مراسليكم كثيرون، والآن أنت لو تلاحظ ماذا يحدث في البصرة، بدأ الناس يضايقون مراسلي (الجزيرة) ما هو السبب؟ السبب واضح..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: طب ما فيه مشكلة، تعرف أنت -جابر- ضايقونا حتى في نيويورك، ضايقونا في واشنطن ضايقونا في لوس أنجلوس..

جابر عبد الكريم: سامحني.. اسمح لي.. اسمح لي..

غسان بن جدو: يعني ليست مشكلة في هذه القضية، لكن نحن نعتقد بأن أتمنى أنه العراقيون سيكتشفون بعد ذلك بأن..

جابر عبد الكريم: تسمح لي أنت.. اسمح لي يا أخ غسان..

غسان بن جدو: هؤلاء كانوا يقومون بدورهم، هل لديك ملاحظة لقناة أبو ظبي؟

جابر عبد الكريم: نفس.. نفس الشيء..

غسان بن جدو: جابر موجود في بغداد وربما يوضح لك.

جابر عبد الكريم: نفس الشيء و.. نفس الشيء، توأمين.. توأمين، نفس الشيء، المشكلة إنه أنتم يعني لم تأخذوا جانب الشعب، أخذتم جانب النظام، هذا بصراحة. وأنت تقول المعارضة، ليست المعارضة كل الشعب العراقي ضد (الجزيرة) وضد (أبو ظبي) وأنا واحد من المتألمين من أداء مراسلي (الجزيرة) مليونين عراقي شيعي وكردي قُتلوا على يد النظام، أين مراسليكم من هذا؟..

غسان بن جدو [مقاطعا]: معلش جابر خليك معايا من فضلك..

جابر عبد الكريم: أنا أقول أن هذا سوف ينعكس سلباً على مستقبل (الجزيرة) في العراق..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: اسمع ملاحظة من محمد خير البوريني، ملاحظة من جابر عبيد، اتفضل محمد.

تقييم حيادية المراسلين العرب أثناء الحرب على العراق

محمد خير البوريني: يعني في.. في.. يعني أنا أستغرب من الأخ الكريم، ونحن نحترم جميع وجهات النظر، هذه محطة وجهة النظر ووجهة النظر الأخرى، أنا أستغرب ما تفضل به الأخ أن جميع العراقيين ضد قناة (الجزيرة) نحن كنا نُحمل على الأكتاف من قبل المواطنين العراقيين، ولا أقول النظام العراقي كنا نُحمل على الأكف، جميع من كنا نشاهدهم في.. في شوارع بغداد وفي شوارع المدن العراقية المختلفة كنا نشعر بتقدير كبير لقناة (الجزيرة) وعمل قناة (الجزيرة) يعني أنا أستغرب..

غسان بن جدو[مقاطعاً]: لكن هذا لا يعني أن هناك من ينتقد قناة (الجزيرة) وهذا من حقه، لكن يوسف الشولي أنا أود أن.. يعني يوسف الشولي بطبيعة الحال. أهلاً بك أولاً، أنت طبعاً منتج هنا (Producer) في قناة (الجزيرة) رئيس تحرير نشرات، ومارست عملك، أولاً كمسؤول عن هذه النشرات ثم مارستها كمراسل هناك، بمعنى مارستها أثناء الحرب، ثم ذهبت إلى هناك، هل بالفعل بأن العراقيين حقيقة لديهم هذه الملاحظات الانتقادية؟ الشعب العراقي بأجمله بكله الآن ضد (أبو ظبي) و(الجزيرة)؟

يوسف الشولي: هذا كلام مش مضبوط على الإطلاق حقيقة، على سبيل المثال، أنا جلت مختلف المحافظات العراقية، وفي هذه المحافظات كنت أجد الترحيب الكامل جداً من سواء كان في الجنوب أو في الشمال أو في الوسط، إلى درجة أن ملابسي كانت تغسل من قبل النساء في تلك المحافظات، بدون أي شيء بدون أي معرفة، فكانوا.. فعلاً كانوا كل الناس يؤيدون (الجزيرة) أو يحبذوا (الجزيرة) وعندما إذا كانت لهم ملاحظة تكون ملاحظة آنية على خبر آني كمان هناك نقطة معينة أخرى على سبيل المثال، عندما نشر الخلاف بين السيستاني والصدر في النجف قيل أن..

غسان بن جدو: السيدين السيستاني والصدر..

يوسف الشولي: أيوه السيد بن، قيل أن (الجزيرة) هي التي بثت خبر مقتل أحدهما، وتبين أن (الجزيرة) لم تنقل ها الخبر، ولكن كان معظم الناس في النجف يقولون أن (الجزيرة) هي التي بثت الخبر، وهي التي قالت الخبر، وعندما تأكدنا من مصادر المراجع العليا في النجف، قالوا لأ.. (الجزيرة) لم تبث الخبر وإنما بثته محطة أخرى، بمعنى آخر الناس يلبِّسون (الجزيرة) شيئاً لم تقله، يقولونها شيئاً لم تقله، وهنا تصدر الاحتجاج، لكن عندما توضح لهم هذه الأمور، يتم تناسيها بالكامل.

غسان بن جدو: معلش أنا.. الجميع لديه ملاحظات، وقبل أن أذهب إلى بغداد مع جابر عبيد، أيضاً لدينا مكالمة من حسين.. حسام أبو سليم من الأردن تفضل..

حسام أبو سليم: مساء الخير يا أخ غسان.

غسان بن جدو: مساء النور يا سيدي أهلين.. إذا انقطع الاتصال.. معلش إذا انقطع الاتصال، جيفارا رغم أنك خارج هذا المشهد، ولكن لديه.. لديك ملاحظة حول هذه المسألة، ربما الشيء نفسه لديكم في فلسطين وإسرائيل أم لا؟

جيفارا البديري: يعني الانتقادات التي توجه غسان إلى.. إلى قناة (الجزيرة) هي كثيرة جداً، ولكن بالنسبة لموضوع العراق لم نكن بعيدين، كنا نتلقى يومياً عشرات الاتصالات من الأهالي الفلسطينيين الموجودين في فلسطين للاطمئنان عن أبنائهم الموجودين في العراق، كانوا يقولون لنا المراسلون في العراق هم من سينقذونا.. هم من سيأتونا بالخبر اليقين، كان.. كان نفس الشيء الذي كنا نجده أيام.. في ظل الانتفاضة الفلسطينية، أن المواطن البسيط وجد في قناة (الجزيرة) أو (أبو ظبي) أو القنوات الفضائية، وجد في المراسلين.. مراسلي الحرب هم الذين ينقلون لهم الأخبار، هم من ينطق باسمهم، هم.. هو المراسل الصحفي هو من.. من يدافع عن حقهم، ليس بالمعنى العاطفي ولكن بالمعنى المهني، نفس الشيء كان بالنسبة للفلسطينيين أو حتى للعرب بشكل عام أكيد.. بالتأكيد كنا نعرف أن حتى في مقر المحطة كان نفس الشيء الاتصال دائماً، نريد من المراسلين أن يعطونا أخبار أكثر وبالتالي لم يكن هناك انتقاد. بالعكس.

غسان بن جدو: على كل حال إذا كانت هناك من أخطاء، نحن بشر، ونقوم بمراجعة نقدية وطبيعية هنا، إذا كانت هناك من انتقادات أيضاً من السادة المشاهدين نحن ينبغي أن نتقبلها بصدر رحب، حتى نستفيد منها، أذهب إلى بغداد مع.. مع وضاح خنفر، وضاح أولاً تهانينا لك باستلامك مكتب (الجزيرة) هناك في بغداد، وضاح أنت كنت قبل الحرب وأثناء الحرب في شمال العراق في كردستان العراق، هناك تجربة أخرى مختلفة تماماً، أهم النقاط التي تستطيع بها أن تلخص لنا تجربتك في كردستان العراق؟

وضاح خنفر: نعم، نحن عشنا لحظات منفعلة، نحن كأمة لابد أننا أمة عاطفية ومنفعلة، الحرب لها انفعالاتها لها همومها، ولها مشكلاتها، نحن واجهنا أيضاً نفس هذه المشكلات في شمال العراق عندما كان كثير من الأكراد يتهمون محطة (الجزيرة) والمحطات العربية الأخرى بأنها تقف خلف النظام البعثي هنا في العراق، إذن كانت هناك هذه الانفعالات، حاولنا قدر الإمكان، أن نبين لهم بأن هذه المحطات هي محاولة حوارية لفهم وجهات النظر المختلفة، لكن لاشك بأن هذه الحرب بالذات كانت مغرقة في انفعالاتها، مغرقة في عاطفيتها، وكان الناس جميعاً يريدون من هذه المحطات أن تلعب ليس فقط دور الإعلام الوسيط، بل حتى دور الجيوش المحاربة، ربما أن الهزيمة ربما تلقى على أكتاف المراسلين، تلقى على أكتاف المراسلين أيضاً أنهم لم ينقلوا أمراً واقعاً، ونسينا أن واقعنا العربي، هذا الواقع المشبع بالهموم وبالشجون، هذا الواقع الذي يمنع الصحفي من أن يخرج أن يصور.. أن يدير كاميرته نحو هذه الزاوية أو تلك، هو الذي كان خلف كل هذه الانفعالات التي أدت فيما بعد إلى حالة من الإحباط والشعور بالهزيمة، إذن أقول نحن أيضاً كمراسلين علينا دور حقيقي أنا استمعت لزملائي الكرام، وأرجو فعلاً أن يكون في المستقبل نقاش حقيقي وهادف حول ميثاق شرف مهني صحفي للقنوات الفضائية العربية، حتى نُحمى في المستقبل من أمثال الصحاف الذين قد يخرجوا لنا في دول كثيرة، كيف سيثق بنا المشاهد بعد الآن إذا قلنا في أننا سنغطي حرباً قادمة لا سمح الله؟

وبدأنا نطلب هذه الصور، ألا يمكن أن يكون هناك صحاف آخر في دولة أخرى، يحتم علينا أن تستدير الكاميرا نحو هذا المشهد وأن تخفي ذلك المشهد؟ لابد أن نحمي أنفسنا كصحفيين، وأن نتحد بغض النظر عن قنواتنا الفضائية، بغض النظر عن كمية الصور الخاصة التي نريد أن نجنيها لهذه القناة أو تلك، أو الشعار الذي يبدو في هذا المؤتمر الصحفي أو ذاك، كثيراً ما نركز على الشكل دون المضمون، كثيراً ما نركز على هذه المحطة وتلك دون أن نركز على مهنة الصحفي الملتزم رائد القوم ورائد القوم لا يكذب أهله، هذه مهمة تلقى على عواتقنا نحن كصحفيين أكثر مما تلقى على المدراء التنفيذيين لمحطات فضائية، تريد في كثير من الأحيان أن تبرز اسمها وحضورها في هذه التغطية أو تلك.

غسان بن جدو: طبعاً أنت وضاح أشرت إلى نقطة مهمة سميتها وصفتها بميثاق الشرف بين الفضائيات، حقيقة هذه، هذا مدخل لي لأوجه ملاحظة بكل أخوّة بطبيعة الحال وبكل محبة نحن كفضائيات، نحن كقنوات تليفزيونية نتنافس وهذا شيء طبيعي وطبيعي جداً، لكن الاحتراب والصراع مرفوض، ما أبرزته هذه الحرب على الأقل كان حدث استشهاد الشهيد طارق أيوب فرصة لتؤكد هذه الفضائيات، هؤلاء المراسلون كم أنهم إخوة، كيف أن الدم هو الذي عمَّد هذه الزمالة وهذه الأخوَّة، وأعتقد بأنني سمعت يعني يومها سمعت جابر عبيد كيف يتحدث، سمعت بعض المراسلين الآخرين من قناة (أبو ظبي)، سمعت ماهر عبد الله، سمعت تيسير عندما كان يعلق وكيف أنه كان يشكر بشكل واضح قناة (أبو ظبي) لكن الملاحظة أن القنوات الفضائية تصلها انتقادات لا بأس، ليست مشكلة مطلقاً من السادة المشاهدين حتى من بعض الصحف، هناك صحف محترمة لديها أوراق لانتقاد هذه كجريدة "السفير" مثلاً أو غيرها التي كانت تنتقد بشكل موضوعي، لكن أن تصل بعض الفضائيات إلى أن كل يوم.. كل ساعة، وأنا لدي تسجيلات خاصة عن هذه المسألة وتنتقد الفضائيات بالاسم وتهدد وتتوعد وكأنها الصحاف في تلك.. في تلك البلاد، أعتقد هذه ثقافة صدَّامية هي ثقافة الصحاف الموجودة سواءً كانت في بغداد أو في مناطق أخرى نتمنى حقيقة أن لا تعود هذه الثقافة، لأنها ثقافة مذمومة جداً، جابر عبيد أبقى معاك هناك في.. في بغداد سمعت إلى سؤال الذي تفضل به أحد المشاهدين عندما قال: إنكم تعاطيتم بمزاجية، وأن الشعب العراقي يرفضكم ويلفظكم بطبيعة الحال، تفضل وضح هذه النقطة، هل أن بالفعل الشعب العراقي هكذا معكم مع الفضائيات الأخرى بطبيعة الحال أيضاً؟

جابر عبيد: يعني أنا.. أنا أدعو الأخ جابر هو حالياً مقيم في لندن بإذن الله يتمكن من العودة إلى بلده العراق، من الصعب جداً أن.. أن يعني تصدر الأحكام وأنت موجود على بُعد آلاف الكيلو مترات من العاصمة العراقية بغداد، إذا كان هذا الشعور لدى الأخ جابر فهو شعور شخصي ووجهة نظر شخصية نحترمها ونجلها، ولكن واقع الأمر يقول غير ذلك، أنا أدعوه إلى العودة إلى العراق وأتمنى بإذن الله أن يرى بعينه ما هو الحال هنا، نحن -كما أشار العديد من الزملاء هنا- لا نشعر بما يقوله الأخ جابر، نعم، هناك من يختلف معنا في.. في.. فيما قلناه، وهناك من يتفق معنا فيما قلناه، ولكن الأغلب الأعم ولا يملك أحدنا لا في قناة (أبو ظبي) ولا في (الجزيرة) ولا في أي قناة فضائية أخرى أرقاماً محددة حول ما إذا كان الشعب العراقي عموم أفراد الشعب العراقي هم يرحبون أو هم يلفظون ويريدون أن يرجموا هذه القنوات الفضائية، ولكن على الأقل ما لم نسمعه نحن، الأخ يوسف -كما قال لك- كنا في النجف، كنا في كربلاء، كان الأخ وضاح في الشمال، كان الإخوان جميعهم في بغداد لم نلمس ما قاله الأخ جابر، ولعله يكون مفيداً أنه لو أتى إلى العراق ولمس ذلك بنفسه وعسى وعلَّ أن تتغير وجهة نظره.

غسان بن جدو: طيب حاتمي أنا أود أن أتوجه إلى حاتمي بصراحة أخ حاتمي أنت تعلم بأن الانتقادات.. الانتقادات التي وجهت إلى قناة (العالم) لم.. لم تطاولكم فقط من بعض المشاهدين العرب، طاولتكم أيضاً من بعض المثقفين والسياسيين في إيران، هل هذا.. أولاً أنت تؤكد لنا هذا الأمر لأنني كنت أقرأ وأتابع هذه المسألة و.. ما هو السبب بالتحديد؟ هل أن يعني قناة (العالم) الفضائية كانت مغايرة تماماً للمزاج الشعبي والسياسي الرسمي في إيران؟ أم كانت بمعنى جزيرة مستقلة بحالها أم ماذا بالتحديد؟

جبار حاتمي: نعم، قبل أن أجيبك على هذا السؤال غسان عن أن.. السؤال الأول الذي لم أكمله مع الأسف أنه موضوع رفض الحرب وكيف يستنبط البعض من مواقف الفضائيات عموماً وقناة العالم بشكل خاص من رفض الحرب وكأنه تأييد لنظام صدام حسين، قناة (العالم) أستطيع أن أقول وبكل جراءة القناة الأولى -إن صح التعبير- في اتصالها بالمعارضة العراقية، نحن قبل الحرب وأثناء الحرب كانت ندواتنا ولقاءاتنا مع أطراف عديدة في المعارضة العراقية أكثر من بقية القنوات، يعني مسألة أنه موقف القنوات هو داعم أو مؤيد لنظام صدام حسين موقف مرفوض وما يُستنبط من قِبل البعض، والبعض هنا أقصد القلة، أنا أيضاً لاحظت في بغداد أنه ليست هناك مثل هذه الفكرة بأن القناة كانت مواقفها مؤيدة لنظام صدام حسين، بل كانت رافضة للحرب، وأيضاً كانت قناتنا القناة التي لها اتصالات أكبر بالمعارضة العراقية وهذا ما ينفي أنه قناة (العالم) لها مواقف مؤيدة لنظام صدام حسين المخلوع، هذا بالنسبة لموقف القناة بالنسبة للسؤال الأول، أما ما تفضلت به أنه الموقف الرسمي الإيراني نحن في البداية، في لقاءات مع فضائيات أنا شخصياً أيضاً أكدت أن قناة العالم هي قناة مستقلة، ونحن لا نرتبط بموضوع يعني الإطار العام السياسة الإيرانية لا نبلغ لها، وأيضاً في بعض الأحوال لا نلتزم بها، نحن قناة مستقلة ومواقفنا أيضاً مستقلة، وقد يكون هذا مدعاة أنه في بعض الجهات في إيران أيضاً تنتقد موقف قناة (العالم) وهذه.. هذا الموضوع في إيران موضوع عادي وعادي جداً، يعني الصحف الإيرانية، الجهات الإيرانية، الأحزاب المختلفة الإيرانية لا.. ليس فقط تنتقد قناة (العالم) ضوع وإنما موضوع الانتقاد يصل إلى أبعد المديات في إيران، وأنت عشت في إيران وتلاحظ هذه النقطة يعني الصحف الأحزاب.. تنتقد…

غسان بن جدو [مقاطعاً]: شكراً أخ حاتمي تيسير أنا.. فيه.. فيه.. فيه نقطة هنا الذي نود أن نوضحها نستوضحها منكم باعتباركم عشتم كل هذه التجارب، لك رسالتك لكم جميعكم رسالتكم المهنية تنقلون ما تشاهدون وتسمعون إلى آخره، ولكن هل تستطيع أنت كمراسل صحفي بشر أن تكون محايداً عندما ترى القتل والدم والدمار أم ماذا؟ يعني هل هو غريب أن يكون المراسل الصحفي العربي يعبر في بعض الأحيان بعاطفة عما يشاهده من دم وقتل ودمار أم لا؟

تيسير علوني: لأ أنا أعتقد إنه يعني لا يوجد صحفي يستطيع أن يكون محايداً، يعني هناك أمور يعني رأيناها بأم أعيننا بعد دخول الأميركيين إلى بغداد مثلاً، يعني تجربة تكررت معي أنا، يعني عندما أرى الخوف والهلع في.. في.. في عيون الناس، في عيون النساء والأطفال والرجال عندما انتشر السلاح بين أيدي العراقيين، عندما انعدم الأمن في بغداد، عندما بدأ السلب والنهب، عندما نهب كل شيء وبعد النهب أحرقت الأبنية، هذا.. يعني هاي ثروة قومية مال قومي يا أخي سرقتم ما شي الحال، من الذي كان يحرق تحت أنظار الأميركيين؟ من الذي فتح أكثر المخازن أمام السلب والنهب؟

غسان بن جدو: لكن اتهمتم أيضاً بأنكم بالغتم في تصوير هذه المسائل، وهناك بعض الإخوان العراقيين في الخارج الذين قالوا: إن هذه الفضائيات ما تزال مُصرة على إهانة الشعب العراقي.

تيسير علوني: أنا أظن إننا قصرنا في.. في.. لكن الحقيقة الموضوع.. قصرنا في.. في نقل يعني المآسي التي حصلت في بغداد، لكن قصرنا أيضاً في نقل إبراز صورة العراقي الحقيقية، الشباب الذين خرجوا إلى الشوارع في.. إلى شوارع بغداد وبدءوا ينتزعون المسروقات، وينتزعون السيارات المسروقة بقوة السلاح ويغامرون.. ويغامرون بأنفسهم، يذهبون بها إلى المساجد يعملون بها قوائم جرد حتى.. يعني أنا قالوا لي: يوماً ما ستعود إلى أصحابها، هناك الصور المشرقة للأطباء العراقيين والطواقم الطبية بشكل خاص الذين واصلوا عملهم ضمن ظروف صعبة جداً كانوا.. يعني أقل الظروف صعوبة إنهم كانوا لا يتلقون رواتب، وفي رقبتهم عوائل، تحضرني صورة مهندسة بقيت، أنا قال لي أحد الأطباء أن هذه المهندسة مهندسة عراقية بقيت تنام وتأكل وتشرب في إحدى المستشفيات جنب (الجنريتر) تقول يعني الناس ترجوها إنه اذهبي إلى البيت اغتسلي، كُلي، استريحي، قالت: لأ، هناك مرضى على البنتليتر إذا وقف الجنريتر سيموتون.

غسان بن جدو: عبد الحق هل ستعاود التجربة مرة أخرى؟

عبد الحق صداح: والله هي بصورة عامة غسان تغطية الحرب أمر مغري جداً، لا أعتقد أن هناك صحفي..

غسان بن جدو: تغري ماذا؟ حتى تستشهد يعني؟

عبد الحق صداح: لأ هي.. هي فالتجربة في حد ذاتها مغرية، لا أعتقد أن هناك صحفي يدعي المهنية حقاً لا يغريه أمر تغطية الحروب.

غسان بن جدو: طيب جيفارا أنت في.. في فلسطين، أنتم كل يوم تقريباً لديكم هذه المسألة، ولكن أنت استمعت الآن إلى كل هذا النقاش، كأن عنوانه هناك تضليل إعلامي، هناك خداع إعلامي، هل أنتم أيضاً تعيشون وعشتم هذه المسألة، أم.. أم الأمر مختلف تماماً؟

جيفارا البديري: اليوم غسان هو ذكرى مرور عام على انتهاء.. على صفقة حصار كنيسة المهد وخروج المحاصرين من داخل كنيسة المهد، اليوم أستذكر عندما يتكلم الزملاء عن التضليل أتذكر التضليل الذي عشناه في اجتياح (نيسان)، ولكن تجاوزناه بسرعة عندما وجدنا أنه لا يمكن الاعتماد على المصادر الرسمية أو حتى على المصادر الداخلية التي كانت تتمنى فكرة التمني أن لا يحدث أو يحدث ذلك ولكن بالنهاية فكرة -كما قال عبد الحق- فكرة العمل في ظل الحرب مغرية جداً، هناك خوف، هناك..

غسان بن جدو: ولكن…؟

جيفارا البديري: ولكن هناك واجب مهني هو أسمى من كل شيء.

غسان بن جدو: طيب عمرو الكحكي أنت هل عشت هذا الخوف؟ يعني الجماعة كانوا في بغداد أو في البصرة أو في الشمال يعني هل أنت عشت هذا الخوف أم لا؟

عمروالكحكي: بكل تأكيد والسبب الأول في هذا الخوف لم يكن القصف، بل كان الدخول مع قوات غزو تعتبر بشكل شرعي أنت متسلل إلى الأراضي، لم تدخل تحت سلطة الحكومة، هذا شعب عربي وأنت عربي وهذا كان مصدر الخوف.

غسان بن جدو: ماجد عبد الهادي أنت عشت فترة طويلة تقريباً أكثر شخص عاش في.. في بغداد، يعني بكلمة واحدة ما هي الخلاصة العامة لما حصل؟

ماجد عبد الهادي: أنا أعتقد أن ما يسميه البعض تضليل في نتائج هذه الحرب أو ما يلقي البعض مسؤوليته على شاشات.. على القنوات الفضائية العربية هو في الحقيقة أوهام ناجمة عن تعطش الشارع العربي إلى نصر، الشارع العربي عاش قرناً من الهزائم المتتالية منذ بداية هذه القرن والعرب يُهزمون الهزيمة تلو الهزيمة، وأعتقد أنهم أرادوا أن يصدقوا الصحاف، أرادوا أن يصدقوا الإعلام الرسمي.. الرسمي العراقي.

غسان بن جدو: طيب دعني أتوجه إلى.. إلى جابر عبيد، لأنه هو التقاه يعني تقريباً آخر الصحفيين الذين التقى الصحاف، جابر عبيد هل أنت وشاكر ومن معك كانوا.. كنتوا.. كنتوا تريدون تصديق الصحاف؟

جابر عبيد: هي المسألة – غسان – عندما توجهنا إلى الصحاف لم نتوجه بغرض تصديقه أو تكذيبه، توجهنا فقط لسبب واحد، كانت هناك أنباء صحفية تتحدث عن احتلال محيط مبنى وزارة الإعلام، كنا نحن الوحيدون.. الوحيدين الموجودين في.. في منطقة الكرخ وتوجهنا بالتالي لمحاولة معرفة ما إذا كان هو بالفعل هذا المبنى قد تم احتلاله أم لأ، وبالصورة وبالصوت نقلنا ما تم نقله حين ذاك.

غسان بن جدو: وضاح خنفر أتوجه إليك في الأخير، وضاح أنت الآن ستخوض تجربة جديدة هناك في بغداد، ما هي الأولويات برأيك التي ستركزون عليها كقناة (جزيرة) وبرأيك ينبغي على بقية الفضائيات أن تركز عليها في.. في بغداد وفي العراق في المرحلة المقبلة؟

وضاح خنفر: الفهم التحليلي للواقع العراقي، هذه مسألة مهمة، الابتعاد عن الانفعالية والعاطفية في كثير من الأحيان، وإن كنا نعتقد بأننا بشر جزء من هذه الأمة همومها هي همومنا، لكن نريد أن نقدم تصوراً حقيقياً واقعياً لهذا البلد ولمستقبله على ألا نغفل أن هذا البلد يعيش تحت احتلال حقيقي، إذن المسألة ألا نغرق في التفاصيل وننسى الاستراتيجيات والكليات التي تنقذ العقل العربي من حالة الإحباط ربما والسطحية في كثير من الأحيان واللجوء إلى نظرية المؤامرة إلى فهم عميق ودقيق للواقع هنا.

غسان بن جدو: يوسف هل.. هل هذا ممكن؟

يوسف الشولي: أنا غسان التحليل الآن للوضع العراقي بات يختلف عما كان عليه في السابق

غسان بن جدو: وهذا ممكن؟

يوسف الشولي: ممكن على اعتبار أن الآن الشعب العراقي متعطش للحرية ومتعطش للديمقراطية، يجب بعد فترة قصيرة من الزمن عندما يستوعب أو سيصبح توازن بين الواقع و.. والمطلوب يصبح هذا ممكناً، وهم يتقبلون ذلك، وأعتقد أنه المشاهد العربي يتقبل ذلك، هناك نقطة بسيطة جداً عن العاطفة العربية الصحفي العربي المراسل العربي لأ في الزعفرانية على سبيل المثال عندما كان القصف الأميركي للمستودعات كانت صحفيات أجنبيات يبكين وكذلك صحفيين أجانب يبكون، ونحن العرب كنا لا نبكِ.

غسان بن جدو: شكراً لك يوسف الشولي وإلى.. إلى جميع الزملاء شكراً لكم، شكراً لجميع الزملاء في بغداد بدون استثناء، شكراً لكم مشاهدينا المحترمين على حُسن المتابعة، مع شكر خاص للمخرج بخيت الحمد وإسلام حجازي، مع تقديري لكم غسان بن جدو، في أمان الله.