حوار مفتوح

أهداف قمة شرم الشيخ

ما أهداف الأطراف المشتركة في قمة شرم الشيخ؟ وهل يمكن أن تحقق ما قامت من أجله؟ هل تعود القمة بالفائدة فعلا على الشعب الفلسطيني؟ وهل تحدد قمة شرم الشيخ مسبقا نتائج القمة العربية القادمة؟

مقدم الحلقة

غسان بن جدو

ضيوف الحلقة

– د. رمضان عبد الله، أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين
– جار الله عمر، وزير الثقافة السابق في اليمن ومساعد الأمين العام للحزب الاشتراكي
– حافظ الشيخ، كاتب سياسي بحريني

تاريخ الحلقة

16/10/2000
undefined
undefined
undefined
undefined

غسان بن جدو:

مشاهدينا المحترمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كفى يوم واحد نحو 180 عربياً من العلماء وقادة أحزاب قومية وحركات إسلامية وناشطين سياسيين وثقافيين ليجتمعوا في (بيروت) في لقاء مشترك ودورة طارئة للمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي. هدف المؤتمر كان مناقشة آخر التطورات على الساحة الفلسطينية وامتداداتها وتأثيراتها العربية، ودراسة –وربما الاتفاق على- سبل عملية لدعم الانتفاضة، عنينا انتفاضة الأقصى.

طبعاً ظلال القمة العربية المرتقبة كانت حاضرة، ولذا رأى المجتمعون –الذين وصفوا مؤتمرهم بالقمة الشعبية– بأن يوجهوا ملاحظاتهم للقادة العرب، بعضهم منتقداً وحاملاً بعنف ومحملاً إياهم مسؤولية أي مواجهة مع الجماهير، وبعضهم طالب من له علاقة دبلوماسية أو سياسية أو تجارية مع (تل أبيب) بقطعها نهائياً وغير ذلك من التوصيات.

لكن حوارنا المفتوح اليوم في حلقة النقاش هذه يجري ليس فقط عشية القمة العربية المرتقبة في (القاهرة) وبعد القمة الشعبية في (بيروت) بل أيضاً -وربما أساساً- ومنتجع (شرم الشيخ) في مصر يحتضن قمة من نوع آخر.

في حوارنا المفتوح يسعدنا أن نستضيف أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور (رمضان عبد الله) والسيد (جار الله عمر) وزير الثقافة السابق في اليمن ومساعد الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، والأستاذ الكاتب السياسي المعروف الأستاذ(حافظ الشيخ) من البحرين.

أود أن ألفت عناية المشاهدين المحترمين، كنا قد أعلنا بأن لقاء المفتوح هذا –حوارنا المفتوح- سيكون في مخيم (صبرا وشاتيلا) والحقيقة أننا كنا هيأنا هذا الأمر، وكنا نود أن يكون حوارنا المفتوح في الهواء الطلق، وكنا نهيئه حتى أن يكون من بين جمهور فلسطيني، لكننا أُبلِغنا بعد ظهر هذا اليوم بأن الوضع الأمني ليس مناسباً، وأنه ينبغي لذلك أن نتخذ إجراءات أمنية تجعل من حوارنا المفتوح ليس في الهواء الطلق، ولكن في غرفة مغلقة. طبعاً نحن في مخيم، في مخيم فلسطيني ولكن اسمحوا لي أن أقول لكم أين نحن .. في أي مخيم فلسطيني في نهاية هذه الحلقة.

دكتور رمضان عبد الله، كنا نتحدث عن أن عقدتم أمس -باعتبار أن ثلاثتكم أعضاء في المؤتمر القومي العربي والإسلامي– عقدتم لقاءكم، ولكن أود أن نبدأ من قمة شرم الشيخ لماذا؟ ما هو هدفها؟ وما هو موقفكم بالتحديد؟

[فاصل إعلاني]

غسان بن جدو:

دكتور رمضان عبد الله كنت أتحدث عن قمة شرم الشيخ، الآن هذه القمة لا تزال مستمرة، وربما تستمر إلى يوم غد -كما سمعنا من الأخبار- باختصار شديد، برأيك ما هو هدف هذه القمة؟ وإلى أي مدى يمكن أن تصل هذه القمة؟

رمضان عبد الله شلَّح:

بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أتوجه بالتحية إلى جماهير شعبنا الفلسطيني، وأحيي شهداءه الأبرار، وهذه المرة أتقدم بالتعزية إلى أهالي الشهداء، لأننا نعزي أنفسنا ونعزي شبعنا في شهدائه. عندما تُبدَّد دماء الشهداء، وعندما تقدم على طبق من ذهب أو فضة لقاتل هؤلاء الشهداء.

موقفنا من قمة شرم الشيخ هو موقف الشارع الفلسطيني والشارع العربي والإسلامي الذي أعلن مستنكراً ومندداً بهذه القمة، واليوم كان على مذبح هذه القمة شهيدان للشعب الفلسطيني وأكثر من 50 جريح، لماذا عقدت هذه القمة؟ بكل وضوح أن القمة على أجندتها –أو على طاولتها- هدف واحد وهو وقف الانتفاضة الفلسطينية المباركة وإجهاضها، هذا مطلب إسرائيلي- أمريكي، وما عدا ذلك من شروط أو تفاصيل فهي مجرد ذر للرماد في العيون توزع على هذا الفريق أو ذاك.

نحن نعتبر أن هذه القمة –وقلنا ذلك ونعيده مجدداً– هي براءة لباراك من دم الشهداء، بل استهتار واستخفاف بدماء الشعب الفلسطيني، ورأينا فيها أيضاً محاولة للالتفاف على ما سُمِّى بالقمة العربية، ومحاولة لتحديد سقف مسبق لهذه القمة، وتحديد توجهاتها ومصادرة أية نتائج لها.

غسان بن جدو:

وكأنك تخلط هناك -دكتور رمضان- بين ربما أهداف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وأهداف الجانب العربي، وكأن أهداف الجانبين: الأمريكي والإسرائيلي من جهة، والجانب العربي الفلسطيني من جهة، وكأنه هدف واحد، بينما ربما الجانب العربي هدفه وقف سفك دماء الفلسطينيين، وهدفه إخراج القوات الإسرائيلية من الأراضي التي عاودت احتلالها من جديد هناك.

رمضان عبد الله شلَّح:

الحقيقة أنا قلت هذه المطالب الفلسطينية، وهناك لائحة تُسمَّى بالمطالب الإسرائيلية وهناك مطلب أمريكي، هذا التفصيل –برأينا- هو من باب الذرائع التي تُوزَّع على الأطراف أو جماهير الأطراف، القمة بالنسبة -إذا أردنا التفصيل- بالنسبة لكل الأطراف، هدفها الأول والرئيس هو وقف هذه الانتفاضة التي تسمى بالمصطلح الأمريكي وقف العنف، ومن ثَمَّ محاولة إيجاد آلية جديدة لاستئناف التفاوض والتنسيق الأمني، أو إخراج عملية السلام من المأزق الذي وصلت إليه في ظل الانتفاضة.

فالجميع يلتقي في محاولة إنقاذ ما يُسمَّى بعملية التسوية من المأزق الذي وضعته فيه الانتفاضة، المظلة التي أرادتها أمريكا لهذه الأهداف هي مجرد اللقاء، حتى إن البيت الأبيض قال: بمجرد أو أن مجرد أن يلتقوا وجهاً لوجه على طاولة واحدة في هذه المرحلة فهذا إنجاز كبير. لماذا هو إنجاز كبير؟! لأنهم يصدرون إلى الشعب الفلسطيني جرعة جديدة من الإحباط والصدمة فيمن يسمون بقيادة رسمية للشعب الفلسطيني.

ليست هي المرة الأولى التي يصدم الشعب، عندما تبلغ التضحية إلى ذروتها تحدث دائماً نقطة انقلاب في مسيرة هذه القيادة.

غسان بن جدو:

مع ذلك -أستاذ جار الله عمر- ألا تعتقد أنه ربما لدى البعض تحفظات على قمة شرم الشيخ، ولكن لهذه القمة إيجابيات لفائدة الشعب الفلسطيني، لا شك إن للولايات المتحدة الأمريكية مصالح، وإسرائيل لها مصالح، ولكن ألا تعتقد بأن هذه القمة أيضاً ربما تعود بالفائدة على الشعب الفلسطيني؟

جار الله عمر:

لا يمكن الجزم منذ الآن عن مدى الفائدة التي سيجنيها الشعب الفلسطيني من وراء هذه القمة، ولكني أريد أن أقول بأنه قمة شرم الشيخ هي جزء من الصراع في رأيي، هي امتداد لقمة (باريس) و(كامب ديفيد) ولكنها –في نظري- جزء من الصراع العام في المنطقة، وأحسب أن الأهداف ليست موحدة، يعني الأطراف المختلفة لها دوافع وأهداف مختلفة تتقاطع في نقاط معينة، ولكنها تفترق في نقاط أخرى.

فبينما يريد الرئيس (كلينتون) أن ينهي ولايته بشيء من النجاح أو بعدم الفشل الواضح حتى يفتح الباب أمام إعادة انتخاب (آل جور) وأيضاً إعطاء باراك فرصة لممارسة دوره -كرئيس للوزراء- مرحلة أخرى أو فترة أخرى قادمة، بأعتقد أن الأطراف العربية التي ضغطت على السيد ياسر عرفات لحضور مؤتمر شرم الشيخ لديها أجندة مختلفة، لديها دوافع مختلفة…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

يعني الأطراف العربية ماذا دوافعها بالتحديد؟

جار الله عمر:

أنا بأتصور إنه طبعاً بالدرجة الأولى كان عليه أن يراعي دور مصر ورأيها، ولكن مصر ليست لوحدها، هذا لا شك أن هذه القمة ما كان لها أن تنعقد لو لم يكون هناك تشاور واسع بين عديد من الدول العربية الرئيسية بالذات، وبطبيعة الحال…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

عفواً، هل تقصد المملكة العربية السعودية وسوريا؟

جار الله عمر:

أنا أعتقد إنه تم التشاور مع المملكة العربية السعودية، تم التشاور مع دول أخرى، لا يمكن لمصر أن تفعل هذا بمفردها، وأبو عمار لا يمكن أن يقف في مواجهة الكل في رأيي .. في مواجهة الدول العربية، وفي مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية. الدول العربية لماذا تريد عقد هذه القمة؟

طبعاً التوقيت سيئ، وكنا نتمنى ألا تنعقد لأنها سوف تحدد -نتائج هذه القمة- سوف تحدد مصير القمة العربية –في رأيي- مصير القمة العربية. وكان من الأفضل ألا تنعقد الآن، لكن علينا أن نعلم بأنه .. أنا في رأيي أن الدول العربية لها أهداف مختلفة، أولاً: أنها لا تريد تشكيل حكومة طوارئ في إسرائيل، لكنها أيضاً تخشى الشارع العربي، أن تخرج المظاهرات والاحتجاجات عن نطاقها، ولابد من السيطرة على هذا الموقف، لكنني لا أغفل بأنهم يريدون فك الحصار على الفلسطينيين وتحجيم الآلة العسكرية الإسرائيلية التي تقتل الشعب الفلسطيني بدون حساب.

غسان بن جدو:

أستاذ حافظ الشيخ، هل توافق الأستاذ جار الله في القول أن نتائج قمة شرم الشيخ –أياً كانت- ستحدد مسبقاً نتائج القمة العربية؟

حافظ الشيخ:

والله أنا أعتقد أن قمة شرم الشيخ يعني أحد الأهداف الرئيسية التي عقدت من أجلها بالرعاية الأمريكية والرعاية المصرية –وربما جزئياً الرعاية الخليجية– هي احتواء القمة العربية، وبسط بساط جاهز تمشي عليه القمة العربية إلى هدف محدد وهو إخراج النظام العربي الرسمي من الإحراجات المفاجئة التي وقع فيها مع قيام الانتفاضة في فلسطين، ومع قيام المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات في الوطن العربي من مغربه إلى مشرقه.

وفي أمكنة أعرفها –ومنها بلدي (البحرين)- في أمكنة لم تخرج فيها مسيرات منذ 30 سنة، فلا شك أن النظام العربي الرسمي محرج، والراعي الأمريكي محرج، وهذه محاولة من محاولات عديدة ليست بالضرورة ناجحة، ويجب ألا نتشاءم بأنها سوف تنجح، ولكن لا بأس أن يجرب النظام العربي -ومن وراءه الراعي الأمريكي- أن يجرب هذه القمة -الأولى الآن- قمة شرم الشيخ، ثم يجرب القمة العربية لتفشل هذه وتفشل تلك، ويزداد السخط في الشارع العربي، لأن الشارع العربي الآن بلغ أقاصيه من بعد هزيمة 1967م.

لأول مرة نشعر أننا نستيقظ، وأننا نقوم على أمشاط أرجلنا، وهذا الشعور -الحقيقة- موجود من (المغرب) إلى (عدن) إلى (البحرين) إلى مشارق الوطن العربي ومغاربه.

غسان بن جدو:

لكن برأيك ما هي الأولوية؟ هل أن تنجح القمم؟ أم أن يكون الشعب العربي ساخطاً؟

حافظ الشيخ:

والله أنا أعتقد الأولوية أن يبقى الشعب العربي ساخطاً، والقمم ما أدري يا أخ غسان ماذا تقصد بنجاحه؟! أنا أعتقد نجاح القمم هذه هي أنها تُثوِّر الشارع العربي أكثر، وتؤدي…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

تقصد فشله؟

حافظ الشيخ:

أي هذا؟ إيه.

غسان بن جدو:

تقصد فشل القمة هي تُثوِّر الشارع العربي؟

حافظ الشيخ:

يعني فشل القمم العربية هو نجاح للشارع العربي، لأن في النهاية الباقي هو الشعب العربي والجمهور العربي، وأما النظام العربي الرسمي فقد استنفذ أغراضه وبلغ نهاياته القصوى لتجربته المريرة التي بدأت منذ ما بعد نكبة 1967م، وأعتقد أنه وصل إلى أقاصي المسيرة، ولن يستطيع في السنوات الثلاثة أو الأربعة التالية أن يواصل إلا بأن يتصالح مع الجمهور، ويفتح الأبواب للدمقرطة، ويؤسس من جديد حقوق الإنسان العربي المنتهكة من المشرق إلى المغرب.

غسان بن جدو:

على كل حال، نحن سنتناول في اللاحق من اللقاء أسباب هذه الهَبَّة -لو صح التعبير- الموجودة في الخليج، وما هو دور النخب في تعاطيها مع الشارع العربي. ولكن سؤالي الأخير للدكتور رمضان عبد الله قبل أن ننتقل إلى الدوحة في موجز الأنباء، يعني بمعزل عن صراعكم أو خلافكم –عفواً- خلافكم مع السلطة الوطنية الفلسطينية والسيد ياسر عرفات، وبموضوعية –دكتور رمضان عبد الله- ألا تعتقد بأن السيد ياسر عرفات كان مضطراً، له مبرراته للذهاب إلى قمة شرم الشيخ؟ ووضعه داخل الأرض المحتلة يشهد حصار مرير، وربما سيستمر أكثر، وثَمَّة ضغوط عربية وأمريكية كما تفضل الإخوان.

رمضان عبد الله:

أنا سأجيبك بصراحة، أنت سألت يعني وطلبت الإجابة بصراحة. إذا سمعت المسؤولين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة، باراك أعطى إشارة خضراء لشخصيات مركزية في حكومته -مثل (بن عامي) و(بن عازر)- أن يقولوا بأن السيد ياسر عرفات لم يعد شريكاً في عملية السلام، ربما هم حددوا هذا النفي بالحديث في هذه المرحلة، أو ربما أنه لم يعد شريكاً.

نحن نقول أن إسرائيل لا تريد شريك لا في السلم ولا في الحرب، هذه تسمية كاذبة أو مخادعة، هذه تسمية غير حقيقية للوظيفة الرسمية التي تمنتها إسرائيل في شخص السيد ياسر عرفات. إسرائيل أرادت باتفاق (أوسلو) أن تجعل من عرفات موظفاً لديها يحرس أمنها، ومصطلح (الشراكة) مصطلح مضلل يخفي عن أعين الشعب وعن ياسر عرفات وعن من حوله الوظيفة الحقيقة.

فهم عندما ينفون عنهم الشراكة هم في حقيقة الأمر يقصدون أنه لم يعد موظفاً لدينا، لا يريد أن يستمر في الدور الموكل له حسب اتفاق أوسلو أن يكون موظف لدينا، وليس هناك شيء اسمه الشراكة، لأن الشراكة تعني أن يراعي الشركاء حاجات كل منهم الآخر. منذ بدء عملية التسوية لم تراع إسرائيل أي حاجة فلسطينية، ولا أي مصلحة فلسطينية.

نحن –بعيداً عن الخلافات، وقد رأيت موقفنا وقدرتنا على التجاوز، وأداءنا في الانتفاضة– نقول للسيد ياسر عرفات الأخوة في السلطة كلمة واحدة…

[موجز الأنباء]

غسان بن جدو:

دكتور رمضان عبد الله، كنت تتحدث عن بعض الإشارات السلبية لأداء السلطة الوطنية الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق بذهابه إلى قمة شرم الشيخ، ولكن سؤالي بالتحديد يعني كل ما ذُكِر عن صمود السيد ياسر عرفات في كامب ديفيد، صموده أيضاً في (باريس) والآن هو يذهب إلى قمة شرم الشيخ متسلحاً بانتفاضة عارمة، يعني ألا يجعل هذا بأن السلطة الوطنية الفلسطينية في الوقت الحاضر هي ليست فقط شريك، ربما أكثر من هذا في مفاوضات التسوية؟ يعني لَمْ تذهب إلى قمة شرم الشيخ .. يعني لا يبدو أنها ذهبت ضعيفة.

رمضان عبد الله:

يعني أنت قطعت –الحقيقة- السياق، لكن دعني أجيب بشكل مباشر على السؤال. رئيس السلطة لم يكن بحاجة إلى الذهاب إلى شرم الشيخ، وطالما أنه يملك ورقة اسمها الانتفاضة، الذي عنده هذا الشعب لا يرضخ لباراك وتهديداته، بل هو الذي يجب أن يهدد باراك ويوجه له الإنذارات، والعالم كله يعرف أن تهديد باراك بعودة اجتياح الإسرائيليين للفضة الغربية وقطاع (غزة) هذه مستحيلة، ولا يمكن أن تتم بأي حال من الأحوال إلا إذا قررت إسرائيل أن تضع المنطقة كلها على حافة حرب شاملة، وهذا غير ممكن في هذا الظرف .. هذه نقطة.

فيما يتعلق بالشراكة، نحن نقول الإسرائيليون يتحدثون عن الشراكة، وحقيقة الاتفاقات تتحدث عن دوره كموظف لدى الإسرائيليين، لكن الشعب الفلسطيني ما يتمناه على السلطة الفلسطينية وقيادتها أن يتعامل رئيس السلطة ليس شريكاً ولا موظفاً مع الإسرائيليين ولديهم، بل نداً لهم. الذي يملك هذه القوة، ويقف خلفه هذا الشعب، الآن الشعب الفلسطيني كله موحد.

نحن استطعنا أن نتجاوز كل مساوئ أوسلو وكل سيئات أوسلو، وكل جراحات أوسلو التي أثخنت الجسد الفلسطيني، ونقف في خندق واحد اسمه المواجهة مع إسرائيل، لماذا نبدد هذه الورقة؟! الشهداء ماذا نفعل بهم؟ هؤلاء الذين قتلوا ولاد ناس، يعني خلينا نحكي بالعامية، هؤلاء لم يكونوا لعب أطفال ودُمَى نلعب فيها في الشارع، هؤلاء ولاد ناس ودماء أكثر من 100 شهيد، أكثر من 3000 جريح، المسؤول في السلطة ربما لمَّا يسخن ابنه بيعالجه في أوروبا وأمريكا.

هذا الشعب الفلسطيني دمه لا يمكن أن يصلح أن يكون مادة لزجة لتسهيل عملية السلام إذا أصيبت بمأزق هنا أو مأزق هناك. نحن –للأسف- نرى أن ذهاب رئيس السلطة إلى قمة شرم الشيخ له معنى واحد: أن الفريق الإسرائيلي هو الذي انتصر في السلطة الفلسطينية، وهو الذي دفع برئيسها لحضور مثل هذه القمة.

غسان بن جدو:

لكن ألا تعتقد -أستاذ جار الله- بأن أي عمل .. أي عمل سياسي، فما بالك إذا كان عمل ميداني هو -في نهاية المطاف- بحاجة إلى استثمار سياسي؟ والسلطة الوطنية الفلسطينية لها رؤيتها السياسية. ألا تعتقد أن هذا مبرر كافي لتعقد قمة شرم الشيخ؟

جار الله عمر:

يعني لا شك في ذلك، ولكن أنا قلت من قبل إنني أعتقد أن السلطة الفلسطينية لم تكن مقتنعة بالذهاب إلى قمة شرم الشيخ، ولكنها لم ترد أن تقف في مواجهة أوروبا والولايات المتحدة، وبعضها من القيادات العربية التي كانت تخشى أن تخرج الأمور عن السيطرة في كافة [الأنحاء] وأنا -حتى الآن- بأعتقد أنه فرص النجاح لهذه القمة ضئيلة جداً. أعتقد إن السلطة الفلسطينية تعلموا من إخفاقات أوسلو ومن نواقصها، وبأعتقد أن أدائهم كان جيداً في كامب ديفيد وفي باريس، وأنهم وضعوا الآن خطوط حمراء لا أتصور أنهم يتجاوزوها.

غسان بن جدو:

أليس كذلك؟ ألم يكن أداؤهم جيداً في قمة كامب ديفيد وباريس؟

رمضان عبد الله شَلَّح:

هناك معايير لجودة الأداء ورداءته الحقيقة، وإذا كان لهذا الأداء من حسنة، أو ما سُمِّي بالصمود في كامب ديفيد أنه أسس لتحرك الشارع الفلسطيني بعد إحساسه بخيبة الأمل، وأنه -مثل هذه القمم- لا يمكن أن تعود على الشعب الفلسطيني بأي شيء.

هذا يمكن أن يدفعنا أيضاً أن نتفاءل بهذه القمة، يعني إذا أنت سألت في البداية عن فوائد القمة، أنا أقول القمة لها فائدة واحدة أنها تؤسس لانتفاضة جديدة، إذا أردنا أن نتحدث في أسباب الانتفاضة الاحتلال أولاً، وسلوك إسرائيل في زمن الحرب وفي زمن السلم ثانياً، ثم الإخفاقات المتكررة لكل محاولات السلطة الفلسطينية أن تعود بأي شيء، أو أي نفع على الشعب الفلسطيني ولا شيء.

هذه القمة –أنا أقول لك بصراحة وفي برنامجك يا أخ غسان– تستطيع أن تنعى قمة شرم الشيخ، هذا النعي يؤسس لنعي حقيقي لعملية السلام إن أجلاً أو عاجلاً. الشعب الفلسطيني –الذي يتسابق على الشهادة، والذي شكل شرارة استنهاض لجماهير الأمة كلها– لا يمكن أن تعيش معه عملية تسوية بالمواصفات الإسرائيلية والأمريكية.

هذه العميلة شعارها (أغلقوا البوابة) كما صاحت (أولبرايت) على ياسر عرفات، الجماهير العربية والإسلامية تقول: (افتحوا البوابة) .. افتحوا البوابة للشعوب، افتحوا البوابة لياسر عرفات، افتحوا البوابة للشعب الفلسطيني حتى تأخذ الأمة حريتها بيدها، أما سياسة أغلقوا البوابة التي تريدها أولبرايت لا مكان ولا مستقبل لها في الأمة.

غسان بن جدو:

أستاذ حافظ الشيخ، الآن دكتور رمضان عبد الله يتحدث على إنه المطلوب هو افتحوا الأبواب للجماهير، افتحوا الأبواب حتى تتوجه إلى فلسطين، هل تعتقد بأن أولاً هذه المطالبة -ونحن نتحدث بكل صراحة وبكل موضوعية- هل تعتقد بأن هذه المطالبة التي علت بصوت مرتفع في الشارع العربية هي مطالبة ليست انفعالية ولكن لديها إمكانات حقيقية لكي تنفذ؟ وثانياً: هل هناك واقع موضوعي –سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي- الذي يمكن أن يؤدي بنا – نحن الشعوب العربية- إلى هذا الشعار الكبير الذي اسمه الجهاد؟

حافظ الشيخ:

أخي غسان، عندي أولاً ملاحظة على تعقيب أستاذنا جار الله، هو ذكر أكثر من مرة قضية السلطة أو ما يسمى بالسلطة الفلسطينية. ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية، مقتنعة أو غير مقتنعة، أيضاً الأنظمة العربية مقتنعة أو غير مقتنعة بالذهاب إلى شرم الشيخ. في حقيقة الحال أن الإنسان كما يقعد مع كثير من المسؤولين العرب يشعر أنهم غير مقتنعين، ولكن هذا لا يبرر ولا يسوغ تورطهم في العملية الأمريكية الصهيونية، ولا يمنع من إدانتهم .. لا يمنع من إدانة عرفات، ولا يمنع من إدانة الأنظمة العربية الأخرى القائدة الآن لعملية التورط والتغلغل في العملية .. عملية السلام الأمريكية.

أما رجوعاً إلى سؤالك، فأعتقد أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تكلم عن مسألة، القتال، وقال: لو كانت لنا حدود مع فلسطين المحتلة لفتحنا هذه الحدود، ثم رد عليه رئيس مهاتر –رئيس عربي مهاتر- رد عليه بالقول أن هذا كلام بلاغي ولا أساس له من الصحة، ورد أيضاً رد آخر قال دعوا قناة الجزيرة تقاتل بالنيابة عن الأمة العربية.

هذا –الحقيقة- مسقط من مساقط المهاترة في أردأ أشكالها. الحقيقة لا أحد يدعو اليوم، ولا أحد يتخيل أن الجماهير سوف تزحف لتحرير فلسطين اليوم. إحنا نقول: قد يصح هذا الكلام بعد 40 سنة، بعد 50 سنة، لكن الرئيس المهاتر وزعماء الأنظمة العربية الراهنة لا يريدون أن نبدأ هذه الخطوة من الآن، لا يريدون تعبئة الأمة، لا يريدون تعبئة الشعب، هم الآن يستسلمون للإملاءات الأمريكية بتغيير المناهج، تغيير الإعلام، حماقة بناء أجيال عربية جديدة لا علاقة لها بالإسلام ولا علاقة لها بالتاريخ العربي والإسلامي، ومنقطعة ومنفصمة عن الذاكرة العربية القومية الإسلامية.

إحنا الآن لا ندعو إلى قتال الآن، الجماهير العربية ليس مطلوب منها أن تقاتل اليوم، لكن المطلوب من الأنظمة العربية أن تعتق رقاب الجماهير العربية من العبودية، أن تعطيها الديمقراطية، أن تتصالح مع شعوبها، أن تتيح لهذه الشعوب تأسيس المؤسسات الديمقراطية الحقيقية المعبرة عن إرادة الأمة، ثم أن تتيح لهذه لشعوب أن تربي نفسها كما تريد، أن تربي أجيالها كما تريد في مواجهة الغزو المعاصر.

نحن في كل التاريخ مرينا بموجات من الغزو…

[فاصل إعلاني]

غسان بن جدو:

في الحقيقة كنا نود أن نكمل معك -أستاذ حافظ الشيخ- ولكن لأن الاتصالات بدأت منذ الآن بشكل مكثف، فاسمحوا لي أن نبدأ باستقبال مكالماتهم، المكالمة الأولى من السيد(كامل عبد الرحمن) من الأردن .. تفضل سيد كامل.

كامل عبد الرحمن:

السلام عليكم ورحمة الله.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام ورحمة الله.

كامل عبد الرحمن:

نشكركم على البرنامج الجميل وعلى القناة الطيبة وعلى الحوار المفتوح.

غسان بن جدو:

شكراً.

كامل عبد الرحمن:

وبأعزي نفسي وإخواني الفلسطينيين والأمة الإسلامية والأمة العربية بدماء الشهداء التي تسقط في سبيل الله، في سبيل المسجد الأقصى، وسؤالي إلى حضرة الأخ الشيخ دكتور رمضان عبد الله، إلى متى سيبقى ينزف دماء الشهداء؟ إلى متى سيبقى هذا العمل؟ ومتى سيُحرَّر المسجد الأقصى؟ ما من يوم يطلع فجره إلا والمسجد الأقصى يشكو جبن المسلمين إلى الله.

إلى متى يا أحبة الإسلام؟! إلى متى يا أمة لا إله إلا الله؟! إلى متى يا أمة الجهاد؟! إلى متى يا أشرف أمة؟! (لقد كان لكن في رسول الله أسوة حسنة) .. إلى متى وثالث الحرمين –ثالث الحرمين المسجد الأقصى– إلى متى هذا المسجد يدمر؟!

غسان بن جدو:

شكراً.

كامل عبد الرحمن:

حياكم الله.

غسان بن جدو:

شكراً يا سيد كامل فكرتك واضحة جداً، السيد [عبد الناصر] من مصر، تفضل يا سيد عبد الناصر.

عبد الناصر حامد:

السلام عليكم.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام.

عبد الناصر حامد:

دلوقتي أنا نفسي أسأل سؤال للأخوة الموجودين كلهم، وبالذات الأخ اللي عايز الشعب الفلسطيني يستنى لمدة 40 سنة لحد ما الشعوب العربية تتحرر من قياداتها عشان تروح تحرر فلسطين، هل هيبقى فاضل في الشعب الفلسطيني من اللي إحنا بنشوفه يومياً كل يوم 100 دول، لحد ما يبقوا 40 سنة؟ بدل ما نقول 40 سنة وبدل ما نقول 50 سنة ونتلزق في الدين الإسلامي كلنا اللي هو لو الدين الإسلامي راجل هينطق يتبرأ منا، نقف ونقول: يا أخوانا اللي بتعلموه ده كله ضد الشعب، ضد الشعوب، ضد الناس.

إذا كان النهاردة كلنا بنهاجم وبنهاتر وبنقول: الرئيس المصري أو الرئيس الثاني اللي اجتمع أو .. أو .. إنتو كنا عايزين كلنا نقف نتفرج و(نابلس) متحاصرة والناس مش لاقية تشرب وناس مش لاقية .. بتموت، واللي قاعد في لبنان، واللي قاعد في (بيروت) واللي قاعدين في آخر الدنيا، واللي بيعالج ولاده أو.. ونسيب دول يموتوا؟!

يا أخوانا عايزين كلمة واحدة، إذا كانت القمة دلوقتي إنتو بتقولوا ما لهاش أي نتيجة، أنا مواطن عادي خالص في مصر ما ليش أي ميول سياسية، إنما حاجة واحدة بأعرفها بأقول: يا أخوانا تعالوا، يا عالم كله آدي أمريكا، وآدي كلبتها الصغيرة اللي سايباها في الشرق الأوسط ماحناش قادرين نقول: يا عرب القمة جت، وإحنا جبنا أمريكا وكلبتها هنا، اجتمعوا من دلوقتي واعرفوا إنها رافضة، تقدروا توقفوا البترول؟ تقدروا –يا جزيرة أنتم- تبطلوا الإعلانات بتاعتكم اللي بتعلن المنتجات الأمريكية؟ نقدر نعمل كده؟ لما نقدر نعمل كده يا جماعة ابقوا تعالوا حاسبوا الشعوب .. فاقد الشيء لا يعطيه. السلام عليكم.

غسان بن جدو:

شكراً جزيلاً يا سيد عبد الناصر. أبدأ معك -دكتور رمضان عبد الله- لأنه السؤال الثاني موجه بوضوح للأستاذ حافظ الشيخ .. إلى متى يبقى الأقصى؟ طبعاً هذا سؤال عام، ولكن اسمح لي أن أفسره أكثر، أنتم في حركة (الجهاد الإسلامي) الآن قامت انتفاضة، وأنتم تعلنون المقاومة بشكل واضح، لِمَ خلال هذه الفترة يعني افتقدنا عمليات مسلحة داخل مناطق ال 1948م، أو ضد الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر في أي منطقة؟

رمضان عبد الله:

أولاً: دعني أبدأ بالجانب العام في السؤال. الحديث عن المسجد الأقصى ومتى يتحرر والدماء اللي تنزف فيه، نقول: هذا ليس جديداً، سبق للمسجد الأقصى أن بقي تحت الاحتلال الصليبي ما يقرب من 90 عام، بل وصل فيه أن الدماء –دماء المسلمين- غاص فيها الصليبيون حتى الركب، لكن جاء من استنهض الأمة وحرر المسجد الأقصى، ودحر الصليبيين الذين بقوا في هذه المنطقة أكثر من 200 سنة، هذا هو موضوع الحوار وموضوع التدافع الحاصل في الأمة من مختلف قواها وتياراتها.

هذا موضوع حديثنا الآن، أننا نبحث عن الطريقة التي يمكن أن يتحرر بها المسجد الأقصى. في التفاصيل أخونا العزيز الأستاذ حافظ تحدث عن استنهاض الأمة، وأنه مشروع كبير ربما يحتاج إلى سنوات، وذكر 40…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

وعقود.

رمضان عبد الله[مستأنفاً]:

وعقود، استفز أحد الأخوان ما عجبه هذا الكلام. بالنسبة لنا هذا السؤال يجب أن يوجه إلى السلطة الفلسطينية وليس إلى حركة الجهاد الإسلامي، لأننا في حركة الجهاد الإسلامي نحن حركة مقاومة انبثقت من الشعب الفلسطيني، أخذت على نفسها أن تدافع عن هذا الشعب، وأن تناضل من أجل تحرير أرضه واسترداد حقوقه، لكن جاء من الشعب الفلسطيني -باتفاق مع هذا العدو- من ارتضى لنفسه وظيفة قمع حركة الجهاد الإسلامي، وسحق مناضليها ومجاهديها والزج بهم بالسجون لفترات طويلة، حتى من أُطلِق سراحه أو من حرروا أنفسهم وأهلهم حرروهم في اليومين، رغم الأضواء والفلاشات اللي أعطيت مجاناً للسلطة أعيد اعتقالهم هذا اليوم من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس. لذلك…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

لكن .. عفواً يمكن هذه الفترة الماضية، ولكن خلال الانتفاضة الآن أسابيع الانتفاضة…

رمضان عبد الله[مقاطعاً]:

خلال الانتفاضة…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

وكان فيه تلاقي كامل بين السلطة وبين الشعب وبين الحركات…

رمضان عبد الله[مقاطعاً]:

نعم أولاً: هناك العمل المقاوم له قوانين -أخ غسان- والمشاهد الكريم والجميع يعرف ماذا نقصد بالقوانين، أولاً: عندما يكون الشعب الفلسطيني منتفضاً في الشارع، أنت لا تملك أن تحوِّل وجهة هذا النضال، وأن تفرض أداة قررها تنظيم معين حتى يخرج بالمسيرة عن إمكاناتها وعن مداها الطبيعي. لابد للشعب الفلسطيني أن يأخذ مداه النضالي في هذه الانتفاضة، وقد سبق أن كان هناك انتفاضة 7 سنوات، وكان الحَجَر -الفترة طويلة– هو الأداة، هذه واحدة.

الأمر الثاني: نحن في حركة الجهاد الإسلامي مجاهدينا ليسوا موظفين في مكاتب مريحة مثل مكاتب السلطة، إنه اليوم يشتغل سجان للشعب الفلسطيني، وثاني يوم يطلعوا في الشارع ميليشيا يقاتل إسرائيل، أو يعلن أنه يريد أن يقاتل إسرائيل، البُنَى التي تم تدميرها في حركة الجهاد أو في حركة حماس، التصفيات التي تعرضت لها القيادات العسكرية، كل الإمكانات التي تم تكسيرها في الشعب الفلسطيني لصالح مشروع أسلو لا يمكن أن تعيد بناءها أو تضغط على زر وتستنفرها في ساعات. الآن الشعب الفلسطيني يجب أن يسأل السلطة: لماذا دمرتم الإمكانات العسكرية والنضالية للشعب الفلسطيني؟

عندما تم تصفية كوادر، صُفِّي لنا أناس وهم صائمون في رمضان على مائدة الإفطار، والذي قتلهم أناس من السلطة، ولا نريد أن نفتح هذه الملفات السوداء، وقلنا: في وقت الانتفاضة نحن على استعداد لطي هذه الصفحة ووضعها جانباً لنفتح صفحة جديدة عنوانها: اصطفاف الشعب الفلسطيني كله عن بكرة أبيه لمقاتلة إسرائيل، ولا مانع لدينا أن تكون حركة [فتح] في الطليعة .. يتفضلوا يقاتلوا إسرائيل وسنكون معهم في خندق واحد.

إجابة على سؤالك أقول لك: اطمئن، وليطمئن العرب والمسلمين جميعاً، نحن في حركة الجهاد الإسلامي نذرنا أنفسنا لمقاتلة إسرائيل، هذا هو مشروعنا وهذا هو خيارنا الاستراتيجي وهذا هو مبرر وجودنا…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

يعني الآن هل ستتوجهون من أجل القيام بعمليات عسكرية مباشرة ضد إسرائيل بشكل واضح أم لا؟

رمضان عبد الله:

لو كان هناك شك في ذلك بنسكِّر [نغلق] وبنروح.

غسان بن جدو:

لا، أنا ما عم بحكي عموميات –دكتور- ولا عم بأحكي هوية حركة الجهاد الإسلامي، أنا عم بأحكي -عملياً- هل أن حركة الجهاد الإسلامي –في هذه الظروف وهذه المعطيات وكل هذه الحيثيات- ستتجه إلى معاودة العمليات المسلحة؟ استمرار للانتفاضة أو كجزء منها.

رمضان عبد الله:

بالتأكيد، أستطيع أن أقول لك –وبكل تأكيد- أننا في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب سنُرِي هذا العدو كيف سيدفع ثمناً باهظاً لكل قطرة دم سالت في هذه الانتفاضة، وكفى.

غسان بن جدو:

أستاذ حافظ الشيخ، يعني كانت ملاحظة الثأر واضحة بالنسبة لك، أنت كنت تتحدث إذا الآن لسنا مستعدين للقتال هذا كله أمر قد يعود بعد 40 سنة أو 50 سنة، ولكن على الأنظمة أن تسمح لنا بالتحرر، وكأنني، وكأنني .. وكأن السائل أيضاً أراد أن يقول شيئاً آخر، ولكنه لم يعبِّر عنه، أليس في كلامك بعض التناقض؟ من جهة أنت تنتقد الأنظمة على أنها الآن لا تشرع هذا الأمر، ولكن في الوقت نفسه تقول أن ربما لسنا، لسنا في مجال القتال الآن، ألا يعني هذا بالأنظمة وهي تحكم، هؤلاء القادة هم مسؤولون، يعني يتحملون مسؤولية، وهم واعون بمفردات شعوبهم، وبالتالي هم اتخذوا القرار السليم ربما في هذه المرحلة بالذات.

حافظ الشيخ:

يا سيدي نحن لا ننتسب إلى شريعة فرعون، فرعون يقول (أنا ربكم الأعلى) وفرعون يعلم والناس لا يعلمون. نحن نعتقد إن الحكام يعرفون والشعوب أيضاً تعرف، ونحن لا ننتسب إلى شريعة (لا أريكم إلا ما أرى). الأنظمة الآن إذا عندها استعداد أن تقاتل فلتقاتل الآن، بس أقول إذا ما عندها استعداد أن تقاتل فلتهيئ الأمة كي تتيح الفرص كاملة لجمهور الأمة العربية والجماهير الإسلامية أن يربي الأجيال الجديدة على تحرير فلسطين وتحرير الوطن العربي أيضاً من الإمبريالية الأمريكية، لأن الواجبان متوازيين.

قد هذا يحدث بعد 40 سنة، 50 سنة، ربما غيري يقول قبل 20 سنة، قبل 25 سنة وهذا كله في علم الله سبحانه وتعالى.

غسان بن جدو:

فيه غيرك بيقول بعد 40 يوم.

حافظ الشيخ:

وبعد ال 40 يوم يقول…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

مش مشكلة.

حافظ الشيخ[مستأنفاً]:

لكن أخونا الذي تكلم من مصر العزيزة، مصر القائدة التي هي ليست مركز في الوطن العربي وإنما نعتبرها هي مركز الوطن العربي، مصر .. (حسن البنا) -رحمة الله عليه- حسن البنا مجدد الإسلام في القرون الأربعة الأخيرة، مصر لا يليق بها أن تلبس هذه العباءة القصيرة، ومصر لا يليق بها أن تصالح بين العرب وأعدائهم، وأن تتوسط بين القاتل والقتيل، مصر دورها أكبر من هذا الدور الصغير الحقير الهزيل.

فأخونا الذي تحدث من مصر العزيزة أعتقد يستطيع أن يناضل في الشارع المصري حتى ولو كان فرداً، ليمنع -على الأقل- القمع الجاري ضد الحركة الوحيدة من حركات الوطن العربي التي قاتلت في فلسطين سنة 1948م، ثم اغتيل مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا في نفس السياق الذي فرضت فيه الهدنة الظالمة على العرب، وقسمت فيها فلسطين.

أخونا يستطيع أن يناضل داخل مصر ضد القمع الذي يمارس ضد القوى العروبية والقوى الإسلامية، وضد الهيمنة الأمريكية الثقافية والاقتصادية والإعلامية التي -مع الأسف– يلعب…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

على كل حال أستاذ حافظ، هو الحقيقة حتى لا نعود للتاريخ لأن هذا ليس موضوعنا، لا حديث عن أي طرف من الأطراف، ولكن لا يبدو أن مصر -على الأقل- في الوقت الحاضر -قد تتفق أو تختلف معي- لا تبدو وسيطة بين إسرائيل والفلسطينيين، يبدو أنها منحازة بالكامل للقيادة الفلسطينية، ولكن تقوم بدور ما انطلاقاً…

حافظ الشيخ[مقاطعا]:

لكن ما هي القيادة الفلسطينية لما تقول لي منحازة للقيادة الفلسطينية؟ مَنْ قال أن القيادة الفلسطينية الحالية هي القيادة الشرعية الممثلة عن ضمير الشعب الفلسطيني؟ من قال بأنها ناطقة باسم الشعب الفلسطيني؟ يعني مصر و الأنظمة العربية الأخرى تدعم سلطة تسمى سلطة وطنية ولكنها غير شرعية، فقدت شرعيتها.

غسان بن جدو:

ألا تعتقد .. شو رأيك في هذا الكلام؟

جار الله عمر:

أنا أريد أن أتكلم بشكل مختلف لكن ليس في مقابل حديث الأستاذ حافظ، يعني أعتقد أولاً إنه النظام العربي الرسمي هو غير جاهز، هو غير مؤهل الآن للقيام بدور لقيادة مجابهة واسعة مع الدولة الصهيونية، ولكن أنا بأعتقد إن الجماهير العربية -كما أثبتت الانتفاضة- وضعها الآن يعني مختلف عما كان عليه، نحن في رأيي الآن في عصر الانتفاضة الثانية، نعيش وهذا العصر لا شك أنه يختلف عما قبله، يعني الانتفاضة أعطتنا -على قصرها- دروس كبيرة جداً.

غسان بن جدو:

دروس للقادة ودروس للزعماء ليس فقط للأنظمة، ولكن حتى لقادة الحركات…

جار الله عمر[مقاطعاً]:

دروس للقادة، لقادة الحركات نعم، يعني هي بتتقدم، سنأتي إليها لكننا نعود إلى موضوع…

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

هل تسمح لي باستقبال مكالمات أرجوك لأنه تأخر كثيراً.

جار الله عمر:

تفضل.

غسان بن جدو:

سيد (إسحاق إبراهيم) من (الدانمارك) .. تفضل وعذراً على التأخير.

إسحاق إبراهيم:

السلام عليكم.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام ورحمة الله.

إسحاق إبراهيم:

والله أخي أنا بدي بالنسبة للكلام اللي تفضل فيه الأستاذ حافظ، اسمح لي إني أخالفه.

غسان بن جدو:

تفضل.

إسحاق إبراهيم:

لو جلت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذ يحسب الحسابات ما تقدم الإسلام خارج (مكة المكرمة) متراً واحداً، السؤال: هل هنالك فرق جوهري بين مؤتمر شرم الشيخ ومؤتمر القمة العربي المنتظر؟ السؤال جوهري وليس شكلي، اللغة وما إلى ذلك، السؤال الثاني لو سمحت لي.

غسان بن جدو:

نعم .. تفضل.

إسحاق إبراهيم:

أليست الكعبة المشرفة هي أقدس مقدسات المسلمين، وأقدس من الأقصى والقدس؟ ومع ذلك نظر إليها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- واستعظمها وقال: ما أعظمك! ولكن إراقة دم إنسان مسلم أعظم عند الله من الكعبة، أو من هدم أستار الكعبة. أو ليست الدماء الفلسطينية المسلمة التي تُسفَك ليل نهار أقدس من أقدس مقدساتنا؟! أو نكون مسلمين مؤمنين حقاً إذا ما هببنا أو قمنا قومة رجل واحد كما تفضل الأخ رمضان؟

غسان بن جدو:

نعم، شكراً جزيلاً.

إسحاق إبراهيم:

تعليق أخير لو سمحت لي يا أخي .. الله -سبحانه وتعالى- يقول (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم) .. يستغرب البعض أن أمريكا أو أوروبا تقف إلى جانب اليهود، أتصور -حسب فهمي والمدة التي قضيتها في هذا البلد- أنهم ينظرون إلى اليهود كشعب لا يوجد بينهم إنسان واحد لاجئ في دول أوروبا أو غيرها، ولكن العالم الإسلامي كله تجد من شرقه إلى غربه من هو لاجئ في أوروبا.

غسان بن جدو:

نعم، شكراً جزيلاً.

إسحاق إبراهيم:

ولذلك الخلل والله -كما أتصور- الخلل فينا، وجزاكم الله خير.

غسان بن جدو:

شكراً جزيلاً يا سيدي، شكراً فكرتك واضحة، السيد (أسعد) من (الأردن) وعذراً على التأخير سيدي الكريم.

أسعد العزوني:

يا سيدي الله يعطيكم العافية.

غسان بن جدو:

شكراً.

أسعد العزوني:

وشكراً على الحوار المفتوح، لكن أود في البداية أن أقول إن إدانة البداية الرئيس أبو عمار في هذه المرحلة تحديداً، -وأضع تحديداً بين هلالين كبيرين- هي تعبير عن العجز المطلق وهي مرفوضة، لأن اللحظة الراهنة تحتاج موقفاً غير ذلك، الدكتور رمضان، اسمح لي أن أكون قاسٍ عليك بحجم قساوة المرحلة، كفى مهاترة، فكلام الفنادق غير كلام الخنادق، اذهب يا أخي وتسلل وشارك شعبك في انتفاضته الباسلة .. نريد دماً صهيونياً يسفك كما يسفك الدم الفلسطيني، أما كما تدعي أن أبو عمار منوط به حراسة إسرائيل فاسأل مضيفيك، ليس الجزيرة طبعاً: هذه المهمة منوطة لمن؟ مَن الذي أوصل الفلسطينيين وأبو عمار إلى هذه المرحلة؟

كفى يا أخي، دعوكم من نضال الفنادق والبيانات، في كامب ديفيد2 أبو عمار مكث أسبوعين تحت الألف مطرقة ومطرقة ولم يفرِّط، والآن هو مجبر على حضور كامب ديفيد وأنت تعرف ما الذي جبره، تعرف مَنْ هم السماسرة الذين أخذوه إلى شرم الشيخ، تعرف مَنْ هم المزاودون، تعرف مَنْ هي الأطراف التي تريد أن تأخذ موقفاً مغايراً، وتعرف وتعرف الكثير لكنك –على ما يبدو- استحليت الجلوس بالفنادق، واستمرأت زيارات (طهران) و(بيروت) و(دمشق) وهنا وهناك، نعترف بأن الوضع حزين، نعترف بأن أوسلو كارثة.

لكن كيف نتعامل معها؟ ونحن وأصحاب الخبرة، ونحن أصحاب الإرادة، هل نتعامل معها من خلال الفنادق والبيانات والفضائيات بأنها كذا وكذا؟ نريد عملاً. السؤال الآن –والذي لا أطرحه أنا فقط بل الشارع الإسلامي بأسره – أين أنتم يا سيدي؟ أين حركة الجهاد وحماس؟ في الفترة الأخيرة كنتم تقولون: أن عرفات يمنعنا من القتال…

د. رمضان عبد الله شلح[مقاطعاً]:

في سجون أبو عمار يا أخي العزيز.

غسان بن جدو:

معلهش معلهش.

أسعد العزوني:

دعني أكمل.

رمضان عبد الله شلح:

حماس والجهاد في سجون عرفات يا أخي.

أسعد العزوني:

دعني أكمل.

غسان بن جدو:

تفضل. تفضل.

أسعد العزوني:

إذا كنتم بضع عشرات في سجون عرفات فالأفضل أن تصمتوا، الشارع الفلسطيني كله مع القرآن، لكنكم مقصرون.

غسان بن جدو:

طيب، شكراً جزيلاً أستاذ أسعد، فكرتك واضحة جداً، شكراً جزيلاً.

أنا أتمنى .. يعني كان السيد إسحاق إبراهيم من الدانمارك تحدث وأشار بسلبية إلى بعض كلام الأستاذ حافظ الشيخ، ولكن اسمح لي أن أعود إليك بعض هذه الملاحظات لأنها تستحق رداً واضحاً. هو يعتقد بشكل صريح إدانة السيد ياسر عرفات في هذه المرحلة لا تجوز، وثانياً: أين أنتم الجهاد وحماس؟ أنتم في الفنادق وفي إيران…

د. رمضان عبد الله شلح:

يا أخي أولاً هذا الأخ العزيز يبدو أنه لم يسمعني، ويبدو أن خطبة جاهزة لديه، إذا صعد على الجزيرة اليوم واحد معارض أو ينتقد أو يخالف السلطة الرأي فلابد أن تُتلَى هذه الخطبة. أنا لم أقل أن ياسر عرفات يعمل حارس لأمن إسرائيل الآن، أنا قلت: اتفاق أوسلو حدد له هذه الوظيفة، وإسرائيل تطالب أن يكون شريك، ونحن والشعب الفلسطيني يريده أن يكون ند، يبدو أن الأخ لم يسمع كلامي.

حديثي عن السجون والمعتقلات وعن البنى التي تم ضربها وتفكيكها بالتنسيق الأمني الإسرائيلي، هذا ليس افتراء على السلطة وعلى رئيس السلطة .. هذه واقع، وإذا كان هو يقول شخص أو عشرات أو مئات، ما هو مبرر وجودهم من الأساس؟

يعني عندما تعترف أن الخمر مسكر وحرام، ما الفرق بين أن تشرب برميل من الخمر أو قطرة واحدة؟ الحرام حرام، ولذلك لا يحق ولا يجوز لهذه السلطة أن تعتقل أبناء الشعب الفلسطيني نيابة عن إسرائيل. أما الفنادق هذا كلام طبعاً تافه، وأنا ما هأرد عليه، لأنه أنا لا أتكلم من الفنادق .. أنا أعيش في ظروف كل الناس يعرفها، أنا لاجئ فلسطيني الذي حكم عليَّ أن أجلس في هذا المكان هو اتفاق أوسلو وفريق شرم الشيخ، وإلا فليتفضل هذا الأخ أن يدخل رمضان وكل الشعب الفلسطيني ويسمح لهم بالعودة.

أنا هنا أعيش لاجئ ومنفي عن وطني، لو كنت أملك أقطع يدي هذي وأرسلها برقية الآن على الفاكس للشعب الفلسطيني حتى ترجم حجراً أو تطلق رصاصة أنا لن أتأخر، لكن هذه المزايدات نحن لا نعرف هذه اللغة، وليس لدينا تقليد الحقيقة بالدخول بين لغة الفنادق والخنادق والصياح والسلاح، هذه مصطلحات نحن نترفع عن الدخول فيها.

غسان بن جدو:

نعم، أستاذ حافظ الشيخ، يعني واضح هذا الكلام لك، يعني يبدو أن الجملة التي قلتها: أنه الشعب العربي قد لا يكون مهيأ الآن، ولكن ربما يكون بعد سنوات وعقود. هذه ليس فقط استفزت، ولكن أثارت معظم المشاهدين. باختصار شديد هل من توضيح أخير لهذه القضية حتى لا يعاودها…

حافظ الشيخ[مقاطعاً]:

لا والله يا أخي، الأمور لها سنن، إحنا الآن .. نبدأ من الآن، إحنا نطالب الأنظمة العربية بأن تحررنا من سطواتها، ونؤسس من الآن للتحرير، التحرير هذا عند الله –سبحانه وتعالى- متى نتحرر من الاستعمار الأمريكي؟ ومتى نتحرر من المشروع الصهيوني؟ هذا كله عند علم الله –سبحانه وتعالى- المشروع الصهيوني صار له الآن 100 سنة، بدأ في نهاية القرن التاسع عشر والآن اكتمل، وهذا الطور يمكن قد يكون الطور الأخير له، إحنا لماذا نستعجل؟ الآن صار لنا خمسين سنة، لا نستعجل التحرير، لكن نستعجل بدء التحرير والتعبئة والبناء والتثقيف وإطلاق حرية الحركات الإسلامية والقومية في التعبئة وفي العمل هذا الذي نقصده.

غسان بن جدو:

نعم، فيه فاكس من الأخت سميرة حسن من مخيم صبرا وشاتيلا تقول إلى أمين عام حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح: كنت أتمنى أن يكون الحوار المفتوح في مخيم شاتيلا. ونحن كنا نتمنى ذلك، صدقيني يا أختاه، ولكن أنت تعلمين جيداً الآن الوضع، وخاصة بعد أسر الضابط الإسرائيلي الجديد، هذا العقيد الجديد، فنحن كنا مضطرين جداً لأخذ بعض الحيطة لأن أمن السادة الضيوف أهم من أمني، فأنا أعدكم، أعدكم بالفعل كشخص إلى أن أعود إلى مخيم صبرا ومخيم شاتيلا، سواء أن أعد حلقة هناك، أو أن أعد تقريراً لأنني شاهدت بأم عيني المأساة غير الطبيعية التي يعيش فيها اللاجئين الفلسطينيون في مخيم صبرا وشاتيلا.

تقول لك يا سيدي دكتور رمضان عبد الله: ما يحدث في فلسطين منذ أكثر من نصف شهر هي ثورة شعبية وليست انتفاضة، وسؤالي: لماذا لم تقم حركة الجهاد وحماس بعمليات عسكرية لغاية اليوم علماً بأنكم أطلقتم العديد من التهديدات؟ أرجو أن تحملوا مسؤولياتكم الوطنية مثل الأخوة في حزب الله وإلا فلن يرحمكم لا شعبكم ولا التاريخ. أعتقد أننا أجبنا على هذه القضية، ولكن معلهش كلمة مختصرة إلى هذه الأخت.

د. رمضان عبد الله شلح:

نحن أجبنا، وكلمة مختصرة: أنا أشكرها وأحيي مشاعرها، وأنا –أيضاً- كنت أتمنى أن أكون موجود اليوم في شاتيلا، لكن أنت تعرف الظروف، والأمر ليس بيدي أنا، الأخت نحن نعدها أننا لن نرحم أنفسنا، وإذا أرادت أن تتطوع معنا –أيضاً- في العمل الجهادي والاستشهادي، نحن ندعوها ونفتح باب التطوع لها ولغيرها تتفضل، تتصل بحركة الجهاد الإسلامي، ونحن جاهزين أن نشيعها إلى فلسطين أو أي معركة مع هذا العدو.

غسان بن جدو:

نعم، شكراً جزيلاً، سيد جار الله الحقيقة الدكتور رمضان قبل هذا الحديث تحدث على أنه لا يعتقد بأن المنطقة مقبلة على حرب شاملة، وأنت تعلم جيداً بأن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح طالب علناً، وحتى تمنى بأن لو كان اليمن مجاوراً لفلسطين، فهل تعتقد من زاويتك بأن الحرب هي مستبعدة تماماً أياً كانت الظروف؟

جار الله عمر:

ليست مستبعدة بالمطلق، ولكن أرجح أنها لن تكون.

غسان بن جدو:

لماذا؟

جار الله عمر:

يعني الأرجح أنها لن تكون.

غسان بن جدو:

هل بخيار إسرائيلي أم أمريكي أم ماذا؟

جار الله عمر:

فيه أسباب مختلفة، أولاً كما قلت: النظام العربي الرسمي ليس جاهزاً لأي نوع من أنواع المجابهة، وليس موحداً، ثم أن هناك اتفاقيات سياسية كبلت العديد من الدول العربية، ولكن.. ثم أنا لا أرى أن الحل سيأتي عن طريق حرب نظامية شاملة، أنا أعتقد بأن هذه القضية سوف تحل عن طريق الكفاح الشعبي، المقاومة الشعبية المتعددة، متعددة الوسائل والمتنوعة ولمدى زمني قد يطول بعض الشيء، وأعتقد أن هذا هو الطريق، والطريق الذي سلكه حزب الله في لبنان، وسلكته الانتفاضة أو كما أسمتها (سميرة) الثورة الشعبية الثانية أو الانتفاضة الثانية، أعتقد بأن الجمع بين هاتين الوسيلتين بالإضافة إلى السند الواسع سوف يؤدي إلى التحرير في نهاية المطاف.

غسان بن جدو:

نعم، ما استهدف المدمرة الأمريكية في خليج عدن هل تعتبره جزء من هذه المقاومة أم أنك ترفض هذا الأسلوب؟

جار الله عمر:

هذا الموضوع مختلف بطبيعة الحال، أنا كسياسي لا أستطيع أن أعلق على موضوع المدمرة لأنني لا أعلم حقيقة ما جرى، في الواقع مازال التحقيق جاري، وحينما تتضح المعلومات بدقة يمكنني أن أعلق على هذا الموضوع، ولكن أنا لا أعتقد..

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

بشكل عام.

جار الله عمر[مستأنفاً]:

أنا لا أعتقد أن هذه الوسيلة سوف تؤدي إلى تحرير فلسطين، أو هذه السبل، أنا في رأيي أنه ينبغي علينا أن نركز على عدو واحد، صحيح إن الأمريكيين هم مساندون لإسرائيل ويؤيدونها في كل الأحوال، ولكن جهودنا ينبغي أن تنصب في مجابهة العدو الإسرائيلي، وممارسة الضغوط على السياسة الأمريكية بطريقة لا تؤدي إلى خلق عدوات بيننا وبين الشعب الأمريكي، أنا في رأيي أننا ينبغي أن نكسب الشعب الأمريكي، ينبغي أن نمارس ضغوط سياسية و اقتصادية، والشارع العربي في رأيي عندما تحرك في كل مكان لاحظنا أن الإرادة الأمريكية تخشى هذه المظاهرات أكثر مما تخشى قنبلة هنا أو تفجير هناك، أنا أراهن على موقف الشعب الأمريكي إذا مارسنا عليه الكثير من الضغوط، واستخدمنا الأوراق التي بأيدينا مثلما فعل الفيتناميون حينما استطاعوا أن يستقطبوا تأييد الشارع الأمريكي لهم بكفاحهم، ومعارضته لسياسة الحكومة الأمريكية، هذا هو العامل الذي تضافر مع الجهد الفيتنامي ومع الكفاح الفيتنامي وأدى إلى التحرير، فأنا في رأيي هو التركيز على إسرائيل و مقاتلة إسرائيل وعدم الدخول في أي عمل مسلح مع أي دولة أخرى بما فيها أمريكا، يعني يعتقد أنه واضح.

غسان بن جدو:

سيد حافظ الشيخ يبدو أنك لا تتفق مع هذا الرأي، يعني باختصار شديد حتى نفسح المجال للمشاهدين…

حافظ الشيخ:

يا سيدي البلد العزيز الذي نحن فيه –لبنان- الآن كانت فيه تجربة سابقة أنه لولا العمل البطولي الفدائي الذي قام به حزب الله لما خرج الأمريكان من هذه البلد.

غسان بن جدو:

في ضرب المارينز، نعم، السيد.. نعم.

جار الله عمر:

هذا وضع مختلف، لأنه كان الجيش الأمريكي موجود هنا.

غسان بن جدو:

السيد عبد الوهاب من فرنسا. تفضل سيد عبد الوهاب.

عبد الوهاب صابر:

السلام عليكم.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الوهاب صابر:

لو سمحت يا أخي، نصغي للكثير للقنوات العربية ومنها الشبكة العربية للأخبار يقول لك: الغرب زرع إسرائيل، ولكن لماذا لم يقولوش الغرب زرع حكام العرب قبل ما يعطي الاستقلال، وعلى رأسهم الجزائر يعني بلادي، يعني حكامنا كلهم تلاميذ الاستعمار ومنهم ياسر عرفات، يوم من الأيام[…]في السجون ياسر عرفات قتلوا خمس شباب من الفلسطينيين تحت التعذيب يا أخي..

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

لا.. أرجوك، أرجوك يا سيدي، أرجوك. أرجوك سيدي العزيز، أنت تتفضل وتتحدث كما تشاء، تريد أن تنتقد السيد ياسر عرفات أو غيره من الحكام ليست مشكلة، ولكن التجريح والإهانة ليست مقبولة، عذراً على المقاطعة سيدي الفاضل.

عبد الوهاب صابر:

يعني على كل حال.

غسان بن جدو:

تفضل، تفضل.

عبد الوهاب صابر:

مشكلة الأمة المحمدية، هم الحكام يا أخي، ليش إسرائيل ذلت الأمة المحمدية، حكامنا، زد بزيادة لماذا الناس مثلاً، أنا عبد ضعيف عشت سنين طويلة في الجيش الجزائري، واليوم أنا مطرود من بلادي وبلاد أجدادي، لماذا ما يفتحوا لناش الباب؟ إحنا متشوقين للفردوس، ما إحناش راضيين بالحياة الذل، ورضوا بالحياة الدنيا عن الآخرة، لماذا يا أخي؟ اطلبوا مننا الأموال، ويسمحوا لنا في البلاد، حتى القبر يعني مكان القبر مسامح فيه، ولكن لماذا ما يسمحوا لناش باب الجهاد؟ بأقسم لك بالله يا أخي لو عرضوا على بس نكون ملك على الكرة الأرضية لرفضت، يعني لو يقولوا هل تكون ملك على الكرة الأرضية أو تروح تموت شهيد في القدس؟ والله العلي العظيم لرفضت الدنيا ورضيت نموت شهيد في سبيل الله، الملايين من المسلمين، من العرب ومن المسلمين لماذا ما يفتحوا لناش باب الجهاد؟

غسان بن جدود:

شكراً جزيلاً ورزقك الله الشهادة إذا كنت تطلبها، السيد طلال الرمحي تفضل.

طلال الرمحي:

السلام عليكم.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام ورحمة الله.

طلال الرمحي:

بسم الله الرحمن الرحيم (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً) صدق الله العظيم.

إن الشعب العربي الفلسطيني ومن ورائه الأمة العربية والإسلامية لم يقدم هذه القوافل المتلاحقة من الشهداء عبر خمسة وخمسين عاما ليصل إلى هذه النتيجة، نتيجة الجلوس حول مائدة مستديرة مع الصهاينة والأمريكان ليساومهم على حقه الطبيعي والقانوني في أرضه ووطنه، أو ليقبل بالتالي ما يدعى سلطة وطنية على أي جزء من فلسطين يجلو عنه العدو الصهيوني، لأن هذه السلطة الوطنية المزعومة لن تقام إلا بعد أن تجرد من كل عناصر القدرة على الصمود والتحرير.

ولا ندري كيف يمكن لمؤتمر كهذا يعقد في شرم الشيخ أن يرضى بأقل من الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل وما احتلته وما سلبته من وطننا. أيها الإخوة، إنها معادلة السماح لبعض الفلسطينيين بإقامة كيان هزيل، سيكون –إن أقيم- سخرية العالم ولعنة الأجيال.

إن الأوطان أمانة مقدسة يتسلمها جيل من جيل..

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

شكراً، شكراً.

طلال الرمحي[مستأنفاً]:

وليس من حق جيل أن يفرط بهذه الأمانة، غسان، دقيقة من فضلك.

غسان بن جدو:

تفضل. تفضل أرجوك بس..

طلال الرمحي:

إنها دليل على العجز وفقدان الكفاءة، والعاجز غير الكفء ليس من حقه أن يتصرف، بل من الواجب أن يحجر عليه، وشكراً لكم.

غسان بن جدو:

شكراً جزيلاً شكراً، دكتور رمضان، فيه فاكس نفس الشيء لك، هذا من السيد على الحسين من ألمانيا يقول: تجمع تبرعات بملايين الدولارات عبر مؤسسات خيرية وعبر بعض القنوات الفضائية أيضاً، وسؤالي للدكتور: هل يتم إيصال شيء من هذه التبرعات للحركات الجهادية لاستمرار الانتفاضة أم يقتصر على القضايا الإنسانية أم أن السلطة الفلسطينية هي التي تتسلم هذه التبرعات عبر.. إلى آخر، ولتحقيق مآرب شخصية وإلى آخره؟

د. رمضان عبد الله شلح:

ما رأيناه على الفضائيات –للأسف- في الأيام الأخيرة نحن في حركة الجهاد الإسلامي لم يصلنا أي شيء ولم يصل للجمهور الفلسطيني الموجود في تيارنا أي شك، وأشك –أيضاً- أن تكون مجمل الحركات النضالية المناوئة أو المناهضة لعملية التسوية على علم بهذه الأموال أو وصلها أي شيء.

غسان بن جدو:

دكتور رمضان، لنعد إلى .. ونتحدث عن المؤتمر الذي احتضنته بيروت، المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي، وأنتم ثلاثتكم أعضاء في هذا المؤتمر، هذا المؤتمر عقد ليوم واحد.

د. رمضان عبد الله شلح:

نعم.

غسان بن جدو:

بوضوح هل تعتقد بأن مثل هذه المؤتمرات مفيدة ومهمة خاصة فيما يتعلق بالانتفاضة أم هو مجرد تجمع.. لقاء لقيادين، لناشطين لا أكثر ولا أقل؟

د. رمضان عبد الله شلح:

أنا قبل سؤال المؤتمر إذا سمحت لي..

غسان بن جدو:

تفضل.

د. رمضان عبد الله شلح:

كان فيه عندي وجهة نظر في الإجابة أو هي ليست..

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

حول المصالح الأمريكية.

د. رمضان عبد الله شلح[مستأنفاً]:

حول موضوع الحرب في المنطقة لأني أثرت هذه النقطة وأنت منها بدأت في سؤال الأستاذ عمر، ثم موضوع أمريكا.

موضوع أمريكا أنا أقول كلمة باختصار شديد، رغم أننا نؤكد أن معركتنا الأساسية هي في فلسطين مع العدو الصهيوني، لكن أمريكا يجب أن تعرف أن سياساتها الداخلية في أمريكا ذاتها إذا كان فيها ما يزعج بعض فئات الشعب الأمريكي تنتج انفجار مثل أوكلاهوما، انفجار أوكلاهوما الذي فعلته جماعات أمريكية، بكل ما تقوم به أمريكا من انحياز ومن عدوان ومن دعم لإسرائيل، هي أم إسرائيل، وهي ربة إسرائيل في هذا العصر، ولا تتوقع من مليار وربع المليار مسلم أن يخرج منهم من يفكرون بنفس الطريقة التي تفكر بها جماعات من الشعب الأمريكي نفسه؟! ليس إحنا من كوكب آخر مش بس ما عندناش أحاسيس ولحم ودم، أمريكا إذا أرادت أن تطبق المعايير تدخلت في تيمور الشرقية، وتدخلت في كوسوفو، هذا الدم الفلسطيني شو جاي من كوكب آخر؟!

على أمريكا أن تعرف أن هذه الأمة يمكن أن يخرج منها الكثير مما يزعج أمريكا، فيما يتعلق بالحرب أنا أؤكد أن إمكانية الحرب الشاملة في المنطقة مستبعدة جداً، ليس لأسباب تتعلق بالعرب أو الضعف العربي والنظام العربي كما تفضل الأستاذ عمر، بل بأسباب تتعلق بإسرائيل ذاتها، هناك فزاعة في الأمة اسمها القوة الإسرائيلية، وفجور هذه القوة يكاد يتحول إلى خرافة في الأمة، هنا أنا أسأل، والمشاهد العربي يتتبع بالذاكرة الحية معي: دلونا على معركة واحدة بعد 1973م انتصرت فيها إسرائيل بالقوة، أي صراع خاضته معانا من 1973م وحسم لصالحها بالقوة؟

1982م لم تحسم المعركة كاملاً لصالحها بالقوة. الانتفاضة لم تحسم بالقوة، وحصل التفاف عليها بأوسلو. عملية المقاومة في لبنان انتهت بالانتصار.

غسان بن جدو:

نعم.

د. رمضان عبد الله شلح:

لذلك إسرائيل كيان ضعيف، إسرائيل عندها هاجس أمني، لو الشعب الفلسطيني كله وقع الثمانية مليون كل واحد كتب ورقة مثل هذه الشهادة أنا فلان الفلاني أقر إني مالي حق في فلسطين، إسرائيل ستقول لك: الصراع لم ينته هناك العرب ولو وقع الـ 300 مليون عربي ستقول لك: هناك المسلمين.

سيبقى هاجس الأمن هو الشرارة التي تطلق بها إسرائيل فزاعة القوة، لكنها تخاف من العرب والمسلمين ولن تخوض حرب.

[موجز الأخبار]

غسان بن جدو:

اسمحوا لي مشاهدينا المحترمين وللسادة أن نقرأ سوياً بعض الفاكسات، فيه فاكس باختصار شديد الشيخ صبحي من باريس فيما يقول: إذا كان الحكام غير مستعدين للحرب، فإن الشعوب رغم أنف حكامهم سيحاربون بإذن الله، ولابد من انتفاضة الشعوب العربية والإسلامية أن تستمر، يعني هو يعتبر أن ما يحصل في الشارع العربي هو انتفاضة، أن تستمر حتى تضغط على شعوبها، وأن تساند الانتفاضة في فلسطين، هذه رسالة طويلة من السيد غازي القاسم من فلسطين، ولكن يسمح لي الأخ غازي أن أقرأ آخر ما فيها، ولعله أطرف ما فيها، وأكثر تعبيراً يقول: فقراءتنا للمجاملة العربية، وليس للقمة العربية ما يلي أولاً: يعني هاي نتيجة القمة العربية هو كذا عدم القتل والذبح الجماعي في فلسطين إلا على أيدينا العرب مسموح للإسرائيليين فقط التنكيل، والقتل، والذبح فقط لحماية البيئة، عدم التدخل في الزفت الخليجي غير العربي لتبقى وجوههم بيضاء، عدم التدخل في الهجرة الطوعية لأموال العرب في البنوك الغربية، تمكين الويلات المتحدة وإسرائيل عن طريق سفرائهم..

جار الله عمر[مقاطعاً]:

الولايات.

غسان بن جدو:

لا، لا، هو يقول: الويلات.

جار الله عمر:

الويلات، نعم.

غسان بن جدو:

نعم وليس الولايات، تمكين الويلات المتحدة وإسرائيل عن طريق سفرائهم لرصد تحركاتنا وهمسات شعوبنا، تحييد وإبعاد كل دولة تدعي أنها كوبا العربية،العدو الحقيقي لهذه الأمة العربية هو من الشرق وليس من الغرب، المطالبة بالقرارات التي تعيق الحقوق لأصحابها.

فيه أيضاً فاكس من أبو أيمن من السويد يقول: هذا الشعب، لماذا –يسأل- لماذا لا يتنحى ياسر عرفات عن منصبه بعد أن ثبت فشله في قيادة هذا الشعب؟ ولماذا لا يطلب عرفات من باراك أن يسجن المتطرفين اليهود كما هو يفعل في فلسطين؟ هذا سؤال لعله أجيب.

السيد أحمد العرضي أو العربي من مدينة الكاف بتونس يقول ما، أو يتساءل ما الجدوى من انعقاد القمة العربية القادمة ولكنا نعلم أن كل قائد عربي يدخل إليها كسفير وبتوصيات محددة من أسياده الغربيين الذين وضعوه على ذلك الكرسي، ثم يقول ماذا تنتظرون من القمة العربية المقبلة ومن قادة على شاكلة الذي في.. –يقصد في بلده، في تونس- الذي يمنع شعبه حتى من الخروج بحرية إلى الشارع، والتعبير عن مساندته إلى إخوته في فلسطين وذلك خوفاً مما يعتبره النظام خطر.. إلى آخره، فيه كلام آخر. السيد أخوكم –أعتقد- ماجد بدوي أو شيء من هذا القبيل، هذا يعزي، أو يقول الله يرحم، رحم الله جمال عبد الناصر عندما قال قبل وفاته: أنا لست قادراً على أن أحارب من إسرائيل.. الحقيقة الكلام مش واضح كثير، على كل حال، أنا سألتك يا دكتور رمضان عبد الله عن المؤتمر القومي العربي والإسلامي، ولكن معلهش لأنه تحدثنا في قضية أخرى، اسمح لي أن أوجه السؤال للسيد جار الله عمر، يعني باختصار شديد الوقت ضيق.. إذن ما هي أهمية هذا الموضوع؟

جار الله عمر:

أنا في رأيي إنه المؤتمر القومي الإسلامي الذي انعقد في بيروت كان في مستوى الانتفاضة الثانية، كان سريعاً، وكانت الخطب فيه قليلة كان فيه مقترحات عملية..

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

يعني هل فيه نتائج عملية يمكن غير الخطط وغير الكلام والبيانات؟

جار الله عمر:

يعني أنا في رأيي إنه إمكان الخروج بمصطلحات وأهمها في رأيي هو إرسال رسالة للقمة العربية تضمنت جملة من المقترحات العملية وأنا بأعتقد إن هذا إنجاز، والأهم من ذلك هو اجتماع النخبة العربية من كل مكان واتفاقها على دعم الانتفاضة، ودعوة القمة العربية إلى أن تخصص مبالغ مالية لدعم الشهداء، ولدعم الانتفاضة، وأن تضع استراتيجية بعيدة المدى، وأن تنظر إلى الشعب الفلسطيني بكامله، يعني 48 وما بعدها، وإلى ما هناك من التوصيات أنا بأعتقد إن هذه الرسالة على قدر من الواقعية، ومن الدقة والمسؤولية، ولذلك أنا بأعتقد إن هذا المؤتمر لم يكن مجرد خطابات معتادة كما كان الحال عليه من قبل.

غسان بن جدو:

طيب الوجه الآخر لهذا المؤتمر الذي وصفه البعض بالقمة الشعبية أمثال حافظ الشيخ، صحيح أنتم انتقدتم الأنظمة في الوقت الحاضر ولكن ما حصل في الانتفاضة أو هبة أو تحركات الشارع العربي، ألم يكشف لك أنت كمراقب وحتى كناشط، ألم يكشف لك تجربة ما بين النخب العربية وبين الجماهير؟ يعني في الحقيقة ليست النخب هي اللي قادت الجماهير أو الشارع، وليس القادة هم الذين أكثروا الجماهير من أجل الخروج، الجماهير تحركت وانتقضت، وبعد ذلك جاء هؤلاء يعني زعماء الحركات القومية وإلى آخره يعني مختلف الأحزاب.

جار الله عمر:

أنا ما، مش..

حافظ الشيخ:

تفضل.

غسان بن جدو:

لا ماعلش تفضل، تفضل، بعدين.

جار الله عمر:

أنا بعدين بعدك أنا متفق مع غسان في هذا.

حافظ الشيخ:

أحب أقول كلمة واحدة بس يعني دقيقة عن المؤتمر الذي انعقد في بيروت يوم الأحد الحقيقة دلالة هذا المؤتمر إنه مهم ويثمن، فيه كان طبعاً طرف بلاغي شوية، كان فيه خدمات بلاغية لا بأس بها، إنما أن ينعقد في هذه الظروف فهو يدل إنه ينعقد في هذه الظروف في شكل طارئ يدل على أن الأمة على مشارف طور جديد، والشيء الثاني ذو الدلالة الجميلة والبهيجة جداً أن يجتمع الإسلاميين والقوميين لأول مرة في مؤتمر واحد، يجتمع المؤتمرين مع بعض ويدفنوا -إن شاء الله- خلافاتهم السخيفة السابقة ويعودوا إلى الحقبة الكلاسيكية، نهاية القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين عندما لم يكن هناك أي صراع حقيقي بين العروبيين وبين الإسلاميين، أما بالنسبة لما سألتني عنه، عن النخب والجماهير فأعتقد أنه فيه تدرجات في النخب، يعني كثير من الشوارع العربية أعتقد خرجت بشكل عفوي، ولكن لابد من نوع من التنظيم، قد لا يكون المنظمون من وجهاء النخبة ولكن المستويات الثانوية، المستوى الثالث في النخبة يعني لابد من نشطاء يتقدمون الصف ويحركون الناس.

غسان بن جدو:

ماعلش أنا بأعرف إن عندك ملاحظة يا أستاذ جار الله ولكن اسمح لي بهذه المكالمة إذا سمحت لي، لأن اتأخرنا عليه كثيراً الأخ، الأخ أسامة من الأردن تفضل يا سيد أسامة وعذراً عن التأخير.

د. أسامة أبو قورة:

السلام عليكم، أخوكم الدكتور أسامة أبو قورة.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام،تفضل يا أخ أسامة.

د. أسامة أبو قورة:

تحية إلى الأستاذ غسان والضيوف الكرام وتحية خاصة إلى الأخ المجاهد الدكتور رمضان شلح وأستغرب من إلقاء اللوم من قبل البعض على الإسلاميين المجاهدين من حماس والجهاد الإسلامي بعد أن قمعوا وحوصروا وسجنوا، في الواقع أنا عندي مداخلة بسيطة وسؤال مختصرين، في الوقت اللي بتنهار فيه حكومة باراك ويعربد ويلوح ويهدد بتشكيل حكومة ما يسمى بوحدة وطنية، أو حكومة حرب إلى آخره، لدي تساؤل، أو بالأحرى اقتراح لسيادة الرئيس ياسر عرفات بصفتي مواطن عربي إن لم أقل: أنني ابن فلان من المجاهدين أو من القادة إلى آخره، اقترح عليه تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشكلة من كافة القوى والفصائل وعلى رأسها الإسلاميين من حماس والجهاد الإسلامي، وكذلك إعلان الدولة وعاصمتها القدس حالاً ليتم الاعتراف بها من قبل مؤتمر القمة العربية، ولوضع الضغوط الضرورية على المجتمع العالمي لذلك؟ هذا أقل ما يطلب، أقل ما يجب عمله لأن قمة شرم الشيخ كما تبدو لي بنظري أنها فشلت فهي لم تستجب حتى إلى أضعف وأقل المطلوب وهو تطبيق قرارات الشرعية الدولية 242، 194 ولكن.. إلى آخره.

غسان بن جدو:

شكراً جزيلاً يا سيدي الفاضل، أنا أعتذر عن المقاطعة أخي العزيز لأنه بالفعل الوقت موجز جداً، السيد عبد الله من فلسطين، تفضل يا سيد عبد الله.

عبد الله سعد:

السلام عليكم.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام، تفضل.

عبد الله سعد:

يا ريت تعطيني فرصة نتكلم وناخد الوقت المستقطع اللي مر علينا، طبعاً قال الرئيس المصري موجهاً خطابه للرئيس اليمني: تفضل وخد حتة أرض وجيب جيشك وحارب ووريني شطارتك، قرار الحرب يتطلب طبعاً دراسة جيدة لأنه صعب جداً ولا يستطيع أي زعيم بمفرده إعلان الحرب، ولابد أن يرجع إلى شعبه، السؤال لماذا لم نر هذا الموقف الذي يسميه مبارك بالتعقل والحكمة (المداوية) حين سعى لتغطية وجود الأمريكان في الخليج؟ ثانياً ومحاربة العراق طبعاً، وفي تمكينه من أغنى آبار البترول في العالم؟ لماذا لم يرجع لأهل مصر في أخذه قرار إرسال أبنائها إلى قتال المسلمين في الخليج مع حرمة التقاء المسلمين بسيفهما؟ أين كانت ويلات الحرب والقتال للجنود المسلمين من مصر يوجهون سلاحهم إلى صدور إخوانهم في الخليج؟ طبعاً سفير مصر في الكيان اليهودي محمد بسيوني صرح مصر مستعدة لسحب سفيرها من إسرائيل إذا كان ذلك مطلباً للقمة العربية، أي سياسة هذه التي لا تستطيع حتى أن تسحب سفيراً إلا بقمة عربية؟

غسان بن جدو:

شكراً جزيلاً أخي الفاضل، شكراً، شكراً أنا أعلم أخي العزيز، سيد عبد الله أعلم أنك من فلسطين، وفلسطين تحتاج منا كل الصبر، ولكن أعذرني وقتنا قصير، وقصير جداً، أرجو ألا تغضب مني، السيد جمال حسن تفضل.

د.جمال حسن:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

غسان بن جدو:

وعليكم السلام ورحمة الله.

د.جمال حسن:

تحية للدكتور رمضان وللأخ حافظ جزاهم الله خير، الحقيقة الملاحظات تتلخص في التالي وهي أن كما قال أحد الإخوة أن حرمة الدم المسلم أعظم عند الله -عز وجل- من حرمة الكعبة، وأن هذا الدم المسلم المراق الآن في فلسطين لم يُرق الآن فقط، ولكن أريق الدم المسلم قبل ذلك في بلادنا وأهينا في بلادنا، أريق الدم المسلم في سوريا في حماة، عندما ضربت حماة بالقنابل وبالطائرات وبالمدافع وعندما قتل أطفال العراق في حلبشة، أطفال الأكراد بالغازات السامة وسكت الناس جميعاً ولم يتكلم أحد فلا عجب أن يفعل اليهود الآن نفس الفعل، وأهين الإنسان المسلم في بلاده قبل ذلك إهانات كثيرة، وحدث ذلك لعلماء المسلمين عندما سجنوا في بلادهم، وسجنوا في بلاد الكفار، ووضع الشباب المسلم في السجون والمتعقلات وأهينت النساء المحجبات والمنتقبات وانتهكت أعراضهم في بيوتهم وفي السجون ولم يتكلم أحد، إذاً لا عجب.

غسان بن جدو:

شكراً، شكراً..

د.جمال حسن:

أستاذ غسان دقيقة واحدة، لا عجب أن يفعل بنا اليهود ذلك.

غسان بن جدو:

أتمنى أن نفسح.

د.جمال حسن:

نعم.

غسان بن جدو:

أتمنى أن نفسح لك في المجال في حوار مفتوح آخر وتتحدث كما تشاء عن المحجبات وعن المعتقلين والمعتقلات إلى آخره، وأنا أتفهم وضعك جيداً لأنك يبدو أنك تتحدث من النمسا، دكتور رمضان عبد الله في سؤال واضح أو في مقترح تحدث عن مطالبة السيد ياسر عرفات بتشكيل حكومة وطنية يشارك فيها الجميع، ويعلن الدولة المستقلة حالاً، كيف ترى هذا الأمر؟ ما هو موقفكم؟

د. رمضان عبد الله:

أتريد مني الموقف على اقتراح من الشارع؟

غسان بن جدو:

كيف ترى هذه الأمور؟

د. رمضان عبد الله:

عندما يصبح هذا الاقتراح الذي يعني أنا أحترم وجهة نظر الأخ الدكتور اللي اقترحه عندما يتحول إلى سياسة متبناة من قبل السلطة نعلن موقفنا أما الآن أنا لا أستطيع ومثل موقف من هذا النوع بحاجة إلى قرار في الجهاز الإسلامي كقيادة مش مني كفرد يعني.

غسان بن جدو:

طيب أنت دكتور رمضان عبد الله الآن الانتفاضة لا تزال مستمرة بشكل ما، يعني كيف ترى أفق هذه الانتفاضة؟

د. رمضان عبد الله:

أولاً إن سمحت لي كلمات صغيرة في موضوع القمة، لأني ما اتكلمت في القمة الشعبية، أنا الحقيقة كنوع من ممارسة النقد الذاتي، ورغم موافقتي على ما تفضل به الإخوة أيضاً أوافق على ما جاء في سؤال حضرتك من سبق الجماهير للنخب هذه الدورة التي دعا إليها ليس قيادة المؤتمر القومي الإسلامي، ولا قيادة المؤتمر القومي، بل الشهيد محمد الدرة، وهذا يعني أن الجماهير دائماً هي التي تسبق، ولأن الشهيد محمد الدرة هو الذي دعا إلى هذه الدورة، حزب الله بأمينه العام اختار أن يجعل من هذه الدورة منبراً، بل حولها إلى خندق جهادي أعلن منها بيان عملية حزب الله النوعية باختطاف الضابط الإسرائيلي، نحن لا نريد للنخب العربية أن تقتنع بما تفرضه لها الحكومات، هذا المؤتمر للأسف لا يستطيع أن يجد لنفسه مكاناً ينعقد فيه في أي عاصمة غير بيروت، لماذا نقنع إلى هذا الحد ونخنع كما تخنع الشعوب التي نقول: هي مقموعة ومسحوقة، يجب أن تقلع بعض..

غسان بن جدو[مقاطعاً]:

طبعاً كنت تشير إلى أسر الضابط وليس اختطافه، أليس كذلك؟

د. رمضان عبد الله:

أسر الضابط، نعم، نعم.

غسان بن جدو:

كنت تشير بسلبية لهذا المؤتمر، المؤتمر الذي لا يجد مكان له إلا في بيروت.

د. رمضان عبد الله:

نعم، نحن يجب ألا يكون دورنا فقط مجرد اللحاق بمسيرة الشعب، يجب أن نحدد للناس البوصلة أين تسير، وللأسف هناك بعض النخب في الأمة تقنع بدور هامان إلى جانب الحكام ويجب أن نقلع عن هذا، أما بالنسبة للانتفاضة أنا أعتقد أن الانتفاضة لها أفق كبير، فالشعب الفلسطيني عندما انتفض لم يأخذ قراره من أي من أطراف قمة شرم الشيخ، هناك أسباب لهذه الانتفاضة ما زالت ماثلة وتجدد الفرصة دوماً لاندلاعها من جديد، الحد الأدنى لمطالب هذه الانتفاضة اليوم، أن يوجه في اتجاه تفكيك مستوطنات الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، لماذا يقبل الشعب الفلسطيني وتقبل الأمة وتقبل السلطة بأن يستأثر حوالي خمس إلى ست آلاف مستوطن يهودي بثلث مساحة قطاع غزة، والباقي لأكثر مليون فلسطيني، الانتفاضة يجب ألا تتوقف، والنضال والجهاد من قبل كل الشعب كله بما فيه، من هم في فتح والسلطة والشرطة في خندق واحد مع الحركة الإسلامية حماس وجهاد وبقية القوى في مواجهة الاحتلال حتى نفكك مستوطناته لماذا يكون هناك (نتساريم)؟ لماذا يكون هناك (ميراج)؟ هذه مستوطنات احتل بها الأرض، جعلها مسمار جحا يجب أن تفكك، ويجب ألا يقف هذا النضال، هو يهددنا باجتياح قطاع غزة، ويا أخي قطاع غزة كم هو طوله؟ قطاع غزة أربعين كيلو متر، يعني أربعين ألف متر، الشعب الذي قدم الاستشهاديين يستطيع أن يضع في كل متر مجاهد، مناضل، مسلح، استشهادي، نستطيع أن نحزم قطاع غزة بأربعين ألف شاب منذ الصباح من فتح ومن حماس ومن الجهاد ومن الشعبية ومن كل القوى وليتفضل باراك ليجتاح قطاع غزة، ويجد حزام من الاستشهاديين في انتظاره، لكن نريد مصداقية من هذه السلطة.

غسان بن جدو:

شكراً جزيلاً لكم، أرجو أن أقدم اعتذاري من السيد أبو رشاد من الولايات المتحدة الأمريكية، من فاكس السيد محمد عبد الغني من عدن، السيد وجيه ياغي من غزة فلسطين، المهندس عاطف محمد، أعتذر عن عدم استطاعة قراءة الفاكسات لضيق الوقت، شكراً لكم سيادة الضيوف دكتور رمضان عبد الله أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، السيد جار الله عمر وزير الثقافة الأسبق والأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني، الأستاذ حافظ الشيخ الكاتب السياسي البحريني والخليجي المعروف، شكراً لكم على تشريفكم لنا في هذه الحلقة، شكراً لكم مشاهدينا المحترمين على حسن المتابعة، وأقول لكم نحن الآن في محيط مخيم برج البراجم في بيروت، شكراً لكم على حسن المتابعة، وإلى لقاء آخر، وحوار مفتوح آخر بإذن الله، في أمان الله.