حوار مفتوح

الظاهرة الاستشهادية

أهداف العمليات الاستشهادية ودوافعها، قناعات الاستشهادي وأهله في اندفاعه للشهادة، أسباب انتقاد العمليات الاستشهادية، موقف معارضي العمليات الاستشهادية بعد خطاب بوش، الجدوى السياسية للعمليات الاستشهادية.

مقدم الحلقة:

غسان بن جدو

ضيوف الحلقة:

خالد مشعل: رئيس المكتب السياسي لحركة حماس
أم نضال: والدة الشهيد محمد فرحات
سري نسيبة: مسؤول ملف القدس في السلطة الفلسطينية

تاريخ الحلقة:

29/06/2002

– أهداف العمليات الاستشهادية ودوافعها
– قناعات الاستشهادي وأهله في اندفاعه للشهادة

– أسباب انتقادات العمليات الاستشهادية

– موقف معارضي العمليات الاستشهادية بعد خطاب بوش

– الجدوى السياسية للعمليات الاستشهادية


undefinedغسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين، سلام الله عليكم.

أحياناً يحسن أن يقتلع المرء ذاته من مشهد الرأي والتقويم والوصف، ويكتفي بالتساؤل أو الاستفهام، والأفضل أن يترك المعنيين أنفسهم يتحدثون، وفي حالنا هذا ننقل حديث المعنيين الذين رحلوا وحديث المعنيين الفخورين بأولئك المعنيين، وحديث المعنيين المنتقدين عمليات المعنيين وقادة المعنيين وهم وسط ساح المعنيين وحديث المعنيين من خارج ساح المعنيين في الأقاليم والعالم والرافضين المعنيين وفكرهم وعملياتهم، وحديث المعنيين الحاملين على كل المعنيين والرافسين بأقدامهم العسكرية والسياسية والقانونية المغشوشة والإعلامية المزورة، من أتى بالمعنيين، وأملهم أن يطاولوا حتى خالق هؤلاء المعنيين لو كانوا يقدرون، لكن ألسنا كلنا معنيين؟ نعم، كلنا معنيون بالفعل أحببنا أم كرهنا.

لنوضح أكثر: أول المعنيين ممن قصدنا هم منفذو العمليات الفدائية المعروفة بالاستشهادية، والتي يصر البعض على وصفها بالانتحارية.

وثاني المعنيين: هم أهل وقادة المنفذين الذين يتباهون بالاستشهاديين.

وثالث المعنيين: هم الفلسطينيون وبعض أنصارهم العرب الذين ينتقدون العمليات الفدائية ويحملونها مسؤولية ويلات الاجتياحات والجرائم الإسرائيلية.

ورابع المعنيين: هم بعض العرب وكل المجتمع الدولي تقريباً الذين يرفضون العمليات ويضعونها في خانة الإرهاب.

وخامس المعنيين: هم الإسرائيليون طبعاً، وكلنا معنيون أحببنا أم كرهنا.

للظاهرة الاستشهادية وجهان، وجه إنساني وفكري وعقائدي وآخر سياسي.

أما عن الأول فكم من التساؤلات العناوين، ما سر الاستعداد للموت هذا؟ هل الدين وحده هو المحرك، بما أن معظم الاستشهاديين هم إسلاميون، أم ثمة دوافع أخرى سيما وأن من الاستشهاديين يساريين وربما علمانيين أيضاً؟

ما هي مفردات ثقافة الاستشهاد هذه؟ وأية قناعة تدفع أماً إلى الدعاء لابنها بالشهادة، وأخرى تمتلك من مقومات استثنائية في هذا الزمن لتودع ابنها قبل أن يذهب لينفذ العملية ويستشهد؟ انظروا معنا إلى هذه المشاهد بالعين المجردة وعلى الهواء مباشرةً.

أما عن الوجه السياسي لهذه الظاهرة فثمة سؤال عنوانه -لعله يؤطر النقاش كله- هل من جدوى للاستمرار في خيار هذه العمليات، أم أنها تحتاج مراجعة نقدية وجذرية؟ نعم كلنا معنيون أحببنا أم كرهنا، ولأننا معنيون أحببنا أم أحببنا فيسعدنا أن نراجع موضوعة الظاهرة الاستشهادية هذه بزاويتيها الإنسانية والسياسية مع (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) السيد خالد مشعل، وسينضم إلينا في الجزء الثاني من البرنامج الأستاذ سري نسيبة (مسؤول ملف القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية)، وقد يكون معنا على الهواء مباشرة أيضاً من غزة-إذا سمحت الأمور التقنية وربما غير التقنية- للاتصال مباشرة بالسيدة أم نضال فرحات.

مرحباً بك يا أستاذ خالد مشعل.

خالد مشعل: حياكم الله، أهلاً وسهلاً.

غسان بن جدو: وطبعاً كالعادة يسعدنا أيضاً أن نتشرف بحضور جمهور من بعض المحللين والكتاب وحتى من.. صحفية أجنبية من ألمانيا معنا، وأيضاً جمهور هنا من.. نحن في مكان ما من لبنان، مرحباً بك أستاذ خالد مشعل.

خالد مشعل: أهلاً بك.

غسان بن جدو: سؤالي الأول يا سيدي الفاضل يعني خاصة في الزاوية الإنسانية والفكرية والعقائدية، هناك سؤال محوري، هناك من يتهمكم بأنكم تمارسون الديماغوجية.. ديماغوجيا وغسل الدماغ لهؤلاء الذين يذهبون ليفجروا أنفسهم ويموتون، ما الذي تفعلونه بالتحديد؟


أهداف العمليات الاستشهادية ودوافعها

خالد مشعل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.

أعتقد أن الغالبية العظمى في الشارع الفلسطيني والعربي تدرك أن الاستشهاديين إنما هم الذين يقبلون على المقاومة، هم الذين يتبرعون بأنفسهم، هم الذين يعرضون جهودهم على الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، بل لقد سمعتم قبل شهور أن في بعض المناطق أصبح هناك إقبالاً.. أصبح هناك إقبال كبير لدرجة وصل إلى سن مبكرة من الأطفال، مما دفع الأجنحة العسكرية إلى توجيه هؤلاء إلى التروي حتى يُعدوا إعداداً جيداً ومن ثم يشتركون في المعركة، إذن الوضع الفلسطيني..

غسان بن جدو[مقاطعاً]: يعني عفواً، يُعدوا إعداداً جيداً نفسياً، دينياً، عسكرياً، أم ماذا؟

خالد مشعل: طبعاً، أولاً: يتقدم بهم السن قليلاً، ينضجوا أكثر، يُعدوا فكرياً ودينياً ونفسياً، يُدربوا عسكرياً حتى تكون مشاركتهم مجدية ونافعة ومؤثرة في العدو الصهيوني، باختصار -أخي غسان- الاستشهاديون هم إنتاج هذا الشعب، وليس تأثيراً جانبياً وراء ستار من الأجنحة العسكرية بحيث يضللون هؤلاء، لو نظرت في وصايا الشهداء -وهي كثيرة- لوجدت أن فكرة الاستشهاد وُجدت عندهم بدوافع متعددة وهم الذين في غالبيتهم عرضوا أنفسهم على الأجنحة العسكرية، بل لقد كانت بعض الفتيات تذهب من فصيل إلى فصيل تعرض نفسها، إذن الدافع ذاتي عند الاستشهاديين وليس تضليلاً من أحد لا من فصيل هذا أو ذاك هذه حقيقة الظاهرة….

غسان بن جدو[مقاطعاً]: لكن هم نعم، ربما هم تقدموا إليكم لطلب هذه العمليات، ولكنهم لم يبادروا بالأساس بمفردهم، يعني هناك قرار من قبلكم بتنفيذ هكذا عمليات، كيف تم هذا القرار؟ ما هي دوافعه؟ ما هي مفرداته؟

[فاصل إعلاني]

غسان بن جدو: سيد خالد مشعل كنت سألتك إن الذين يبادرون أو يقدمون.. يعرضون أنفسهم للقيام بهكذا عمليات، بالأساس كان هناك قرار من قبلكم، باللجوء إلى هذه العمليات أي.. يعني أي قاعدة فكرية، أي قاعدة عقائدية تدفع.. تدفعكم إلى تنفيذ هذه العمليات أو الإقرار هكذا عمليات؟

خالد مشعل: ابتداءً حركات المقاومة في فلسطين ومنها طبعاً حركة حماس، هذه الحركات اختارت طريق المقاومة لقناعتها أن هذا الطريق هو الوحيد الذي يُوصل إلى تحرير الأرض، والتخلص من الاحتلال، وخاصة هذه الأيام بعد أن ثبت فشل التسوية وبعد أن بالغ أو قام العدو بعدوان شرس على شعبنا وبصور غير متكافئة إذن هذا قرار موجوداً أصلاً، هذا خيار استراتيجي بالنسبة لقوى المقاومة وللشعب الفلسطيني، وأعتقد جماهير الأمة مع هذا الخيار هذا ابتداءً.

الأمر الثاني: الجهاد والمقاومة من الناحية الدينية هو خيار الأمة الله -سبحانه وتعالى- شرع لنا الجهاد (أُذِن للذين يُقاتلون بأنهم ظُلموا)، وشرعه لنا من أجل أن ندافع عن أعراضنا وعن ديارنا ومقدساتنا وأموالنا، واليوم الشعب الفلسطيني يخوض الجهاد والمقاومة دفاعاً عن أرض فلسطين المباركة، أرض الإسراء والمعراج وبالنيابة عن أمة الإسلام والعروبة.

والأمر الآخر العمليات الاستشهادية هي شكل من أشكال المقاومة بل هي من أعلى هذه الأشكال وأعظمها وأكثرها تأثيراً، وغالبية علماء الأمة أفتوا بجوازها بل اعتبروها من.. من خير أعمال الجهاد والمقاومة ولديَّ العديد من هذه الفتاوى من علماء الأمة في أقطار عدة، سواء في السعودية، في مصر، في الخليج، في غيرها من الأقطار حتى عندي فتوى لعلماء في أستراليا، علماء مسلمين، فإذن المقاومة والجهاد هي خيار من الناحية الدينية والشرعية، من الناحية الوطنية، من الناحية السياسية، من حيث الواقع، ضرورة التخلص من الاحتلال هذا في صف المقاومة، إذن فصائل المقاومة اختارت هذا الطريق من هذه الدوافع كلها.

أما الذين يعرضون أنفسهم ليُجندوا في طريق المقاومة، وبالذات العمليات الاستشهادية فمن خلال التجوال في قصص هؤلاء وسير تاريخهم ووصاياهم التي تركوها خلفهم بعد استشهادهم.. خلفهم بعد استشهادهم هذه المجموعة من الأبطال ومن الشباب والشابات لاحظت أن دوافعهم تندرج في 3 عناوين: العنوان الأول: هو العنوان الديني، هذا شاب أو شابة تريد أن تؤدي واجبها الديني، تريد أن تظفر بالجنة، برضا الله -سبحانه وتعالى- وخاصة وهم يقرأون كتاب الله عن أجر الشهيد (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً..) ويعلمون أن.. أن الشهادة مقام عظيم مع النبيين والصديقين والصالحين وأن.. أنها اختيار واصطفاء من الله -سبحانه وتعالى- ففيه دافع ديني إضافة لأجر الشهيد وكرامة الشهيد.

الدافع الثاني: هو الدافع الوطني، فهم يشعرون أن فلسطين أرض.. أن فلسطين هي أرضهم وأنهم لابد أن يحرروها وأن يخلصوها من الاحتلال البغيض، كل إنسان تعز عليه أرضه، تعز عليه مقدساته، يعز عليه هذا الوطن الذي نشأ فيه ونبت منه وهو ينتمي إليه، والحر هو الذي ينطلق من أجل تحرير أرضه..

غسان بن جدو: والدافع الثالث؟

خالد مشعل: والدافع الثالث هو الدافع الإنساني، إذا لاحظت قصص هؤلاء الشهداء تجدهم أنهم تأثروا بمواكب الاستشهاديين من قبلهم، تأثروا لجرائم العدو، هؤلاء يرون تدمير البيوت على أصحابها، يرون قتل الأطفال، محمد الدرة وغيره من الشهداء الصغار من الأطفال يرون ماذا حصل في مخيم جنين..

غسان بن جدو[مقاطعاً]: لكن مع احترام..

خالد مشعل[مستأنفاً]: ماذا حصل في نابلس، كل هذا يخلق دافعاً للاستشهاد عند هؤلاء، ويتمنى هذا الشاب أو الشابة أن يستعجل في اليوم الذي يضحي في سبيل الله، دفاعاً عن هذه الأرض وثأراً وانتقاماً من هؤلاء المجرمين الصهاينة.

غسان بن جدو: لكن.. لكن مع احترامي لكل هؤلاء طبعاً لأنه نحن لسنا في مقام تقويمهم لا إيجابياً ولا سلبياً، هناك من.. حتى من كتب وحتى في عالمنا العربي قال إن معظم هؤلاء إن كان -إن لم يكونوا كل هؤلاء- قد قاموا بهذه العمليات بدافع اليأس، بدافع الإحباط، حتى هناك من كتب قال هؤلاء هم معظمهم من المهمشين في القاع الفلسطيني.

خالد مشعل: يعني أنا أرد عليها من خلال بيانات وإحصاءات..

غسان بن جدو: يعني هل هناك من مثقف -عفواً يعني- هل هناك من مثقف ما، هل هناك من صاحب شهادة جامعية ما من كل هؤلاء؟

خالد مشعل: نعم.. نعم.. نعم، أولاً بالإحصاءات الاستشهاديين تقريباً عددهم 120، يعني يقترب هذا أو يزيد هذا العدد، نصفهم يحملون شهادة جامعية، نصفهم، 35% يحملون شهادات ثانوية والباقي من شهادات الابتدائية، إذن غالبيتهم العظمى مثقفون وخريجون جامعات، قلة من هؤلاء الاستشهاديين من طبقة غنية وقلة منهم من طبقة معدمة، الأكثرية من الطبقة المتوسطة، أي أن حالهم -بشكل عام- معقول، مرتاح، يعني ماراحوش للاستشهاد هروباً من الحياة، بالعكس هؤلاء يحبون الحياة، آخر الاستشهاديين أو لعله من آخرهم الشهيد البطل محمد هزاع الغول، هذا طالب ماجستير كلية الشريعة في جامعة نابلس.. جامعة النجاح، يحفظ كتاب الله -سبحانه وتعالى- وهذا الاستشهادي ماذا يقول في وصيته؟ يقول: "ما أجمل أكون الرد على جرائم العدو! تكون عظامي شظايا تفجر الأعداء، ليس حباً في القتل، ولكن لنحيا كما يحيا الناس، فنحن لا.. لا نغني أغنية الموت بل نتلو أناشيد الحياة، نموت لتحيا الأجيال من بعدنا"، إذن رسالة الاستشهادي وإن كانت عبر الموت، لكن رسالته هي إلى الحياة، ولذلك الله -سبحانه وتعالى- سمى.. سمى الجهاد هو الحياة، لأنه بدون أن يموت المجاهدون في سبيل الله ستبقى الشعوب من خلفهم تعيش حياة هي أقرب إلى الموت، حياة الذل، انظر إلى مثلاً الشهيد فارس عودة المعروف، الذي كان يلاحق صباح مساء..

غسان بن جدو: الدبابة.

خالد مشعل: الدبابة الإسرائيلية، انظر ماذا يقول والده؟ والده كان مشفقاً عليه لصغر سنه يقول: "حرمت ابني من مصروف ذلك اليوم، لأضغط عليه حتى لا يذهب فلم يكترث لمصروف اليوم، وذهب"، إذن لو كان دافعه اقتصادي لما ذهب إلى الاستشهاد.

خذ مثلاً آخر، أحد الدكاترة في غزة اسمه فضل أبو هين عمل دراسة، ماذا يقول، لقد أُجريت الدراسة على تسعة من الاستشهاديين، يقول: إنهم كانوا الأكثر ذكاءً بين أفراد عائلاتهم والأكثر طموحاً وحباً في الحياة وكانوا أكثر التزاماً بالمبادئ والمثل والقيم.

حتى بعض الكتاب الأجنبيين -أنا قرأت مقالاتهم- قالوا: لقد كنا حائرين في تفسير هذه الظاهرة، اكتشفنا إنه ليس الدافع الاقتصادي هو وراء ما فعلوه، وليس بسبب معاناة وإنما هو الدافع الوطني، أو اللي بيسموه مشاعر قومية، إذن الشعب الفلسطيني يدفع أطفاله ويدفع أبناءه، يدفع كل فئاته وشرائحه للقتال والاستشهاد دفاعاً عن الأرض وعن العرض وعن المقدسات..

غسان بن جدو: لكن.. لكن لا تنس الوجه الآخر أستاذ خالد مشعل أن هؤلاء الذين يقومون بهكذا عمليات، في نهاية المطاف هم يذهبون ليفجروا أنفسهم، لكن ليقتلوا بشراً من.. من طينة أخرى، من نوع آخر في مكان آخر، انظر أنا يعني لا أود أن يعني أجعلك أو أضعك في مقام المجادل مع وزير الدفاع الإسرائيلي، ولكن يعني ينبغي أن أيضاً أن نفهم الآخر كيف يفكر من هذا الأمر، (بن أليعازر) عندما التقى قبل أيام بالشاب والشابة اللذين اكتُشفا أمرهما قبل أن ينفذا العملية يقول في الحديث مع الاثنين: أدركت سهولة تجنيد فلسطينيين لمهام انتحارية، لا يوجد قاسم مشترك بين الانتحاريين ثمة جو مساعد للبحث عن الانتقام، وأضاف بكت (عرين) هذه الفتاة أثناء الحديث لكن (ستيته) كان مثل الحجر لم يبد أي مشاعر، فقلت لنفسي إنني أشهد شيئاً شيطانياً، يعني في نهاية المطاف يعني ينبغي أيضاً أن تضع نفسك أن هؤلاء يفجرون أنفسهم، تقول إنهم يستشهدون لكن يقتلون بشراً من.. من نوع آخر في مكان آخر.

خالد مشعل: أخي غسان أولاً يبدو حرارة الأستوديو ربما متناسبة مع حرارة العمليات الاستشهادية، لكننا من أجل الاستشهاديين والشهداء نتحمل، أولاً ينبغي أن ننظر إلى الواقع في فلسطين نعود إلى الجذر وإلى الأصل، هؤلاء المجاهدون والاستشهاديون هم يفعلون ذلك رد فعل على الاحتلال، هو لم.. الشعب الفلسطيني لم يكن يعيش في حرية وبعيداً عن الاحتلال وهو ذهب يعتدي على شعوب أخرى، الشعب كان آمناً في أرضه وبين أبناء شعبه، فجاء الغزاة الصهاينة المحتلون احتلوا أرضه ودنسوا مقدساته وطردوا نصف شعبه إلى الخارج، لذا..

غسان بن جدو: لا نقاش في ذلك.

خالد مشعل: لا دا هو حتى تقول إنه إذن..

غسان بن جدو: نحن نتحدث الآن..

خالد مشعل: أن الاستشهادي -عفواً- ما ذهب يقتل لمجرد القتل، هو ذهب بدافع الرد على العدوان، الرد على الاحتلال وبدافع أنه يدافع عن ذاته.. عن نفسه، وعن أمه، وعن أبوه، وعن إخوانه، وعن أطفاله، هذه أول قضية، ولذلك بعضهم زي الشيخ الحبيشي عمره 54 سنة، يعني كبار في السن ليسوا مجرد أطفال، الأمر الثاني (بن أليعازر) نفسه هذا…

غسان بن جدو [مقاطعاً]: طيب لكن هادول يقتلوا بشراً آخرين.

خالد مشعل [مستأنفاً]: هذا البشر الذي يقتل هذا جاء غازياً محتلاً، هو لا يقتل إنساناً غير مقاتل، هو جاء الاستشهادي يقتل من أخذ أرضه، من هدم بيته، من شرده وألجأه إلى المخيمات سواء في الضفة والقطاع أو إلى الخارج.

ثم هذا (بن أليعازر) هو نفسه بعد أن قابل هذين الاستشهاديين اعترف بنفسه أن عمليات الاحتلال هي التي صنعت هؤلاء الاستشهاديين، هو بنفسه اعترف، زوجة (توني بلير) نفس الشيء أيضاً تفهمت الدوافع الحقيقية للاستشهاديين، عندما تقرأ في مواقف عديدة تجد أن هناك إحساس، أن هناك إحساساً حقيقياً بأن هؤلاء الاستشهاديين لم يأتوا هكذا اعتباطاً، إنما ظروف الاحتلال هي التي صنعتهم وأوجدتهم، أما الشعب الفلسطيني لا يعقل أن يلام.. تلام الضحية لِمَ تفعل؟ لِمَ ندافع عن نفسها؟ الذي يلام هن الجاني، هو المعتدي، هو الذي بدأ العدوان، وفي كل الشرائع من حق الشعوب المحتلة أن تدافع عن نفسها، والعمليات الاستشهادية هي صورة من صور الدفاع عن النفس.

غسان بن جدو: على كل. على كل حال عن جدوى القيام أو الاستمرار في هكذا عمليات، عن جدوى قتل مدنيين في الجانب الآخر، عن الجدوى السياسية، عن قضايا أخرى سنكمل النقاش فيها في الجزء الثاني من البرنامج، ربما سيلتحق بنا السيد سري نسيبة، وأيضاً في بداية الجزء الثاني سنسمح لبعض الإخوة من الجمهور أن.. أن يتدخلوا.

[موجز الأخبار]

غسان بن جدو: أولاً: ينضم إلينا السيد سري نسيبة (مسؤول ملف القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية) مباشرة على الهواء من القدس، مساء الخير أستاذ سري، وشكراً على تفضلك بالمشاركة في هذا البرنامج.

وثانياً: ستنضم إلينا السيدة أم نضال، محمد فرحات، ولكن عبر الهاتف، لأن الأمور التقنية لا تسمح لنا بالاتصال بها مباشرةً عبر الأقمار الصناعية.

وقبل هذا وذاك اسمحوا لي أن أسرد عليكم بعض الأرقام هي نتائج استطلاع رأي أجرته الهيئة العامة للاستعلامات وهي هيئة في الحقيقة حكومية هناك في فلسطين عن العمليات الفدائية بين 11 و13 يونيو الحالي، ماذا تقول نتائج هذا الاستطلاع.

أولاً: حول العمليات الفدائية التي تستهدف مدنيين إسرائيليين داخل المدن الإسرائيلية، 60.2% مؤيد، 29.4% معارض، 10.4% لا تعليق.

ثانياً: حول العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال والمستوطنين في الأراضي الفلسطينية، أي في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية، 86% مؤيد، 8.8% معارض، 5.2% لا رأي.

ثالثاً: حول أهداف العمليات الفدائية في داخل المدن الإسرائيلية 69.9% يقولون: متابعة ضرب الاحتلال، أي أنهم يعتقدون بأن هدف هذه العمليات هي متابعة ضرب الاحتلال، 13.4% يعتقدون إحباط عملية السلام، أي أن هدف العمليات الفدائية هي إحباط وإفشال عملية السلام، و11.3% إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية.

رابعاً: حول أثر هذه العمليات على الشعب الفلسطيني: 61.3% يعتقدون أن هذه العمليات لا تلحق ضرراً بالشعب الفلسطيني. 30% تلحق ضرراً 8.7% لا رأي.

خامساً: حول أسباب وصف السلطة.. السلطة الوطنية الفلسطينية طبعاً هذه العمليات بأنها إرهابية: 52% يعتقدون بأن هذا السبب خاضع لضغوط دولية، 23.2% التهديدات الإسرائيلية، 14.8% لاعتبارات المصلحة الوطنية الفلسطينية.

ومعنا من غزة عبر الهاتف السيدة أم نضال، هي أم المعروفة بأم نضال، وهي أم الشهيد محمد فرحات، سيدتي، أولاً: مساء الخير.

أم نضال: مساء النور.


قناعات الاستشهادي وأهله في اندفاعه للشهادة

غسان بن جدو: ولست أدري هل.. هل أعزيك أو أهنيك كما طالبتينا بفقدان ولدك، ولكن هو سؤالي في الحقيقة ليس سؤالي الشخصي يا سيدتي الكريمة، ولكن هو سؤال لكل من تابعك على شاشة التليفزيون، أنا في الحقيقة أب، و أعتقد أمثالي ملايين في العالم العربي، وأمثالي أكثر أمهات في العالم العربي، لا.. لا أرى نفسي مثلاً على سبيل المثال أنني يمكن أن.. يعني أدفع ابني في يوم من الأيام إلى أن يقوم بهكذا عملية، أنا لست جباناً، ولكن هذا وضعي، ولا أعتقد حتى زوجتي ستسمح لابنها بأن يذهب ويقوم بهذه العلمية، ولا أعتقد أن واحداً أو ربما عدد من هؤلاء في الجمهور وعدد من العالم العربي سيقومون بهذه العمل، أما أنت يا سيدتي فإنك كنت تعلمين بأن ابنك سيذهب لتنفيذ عملية.

وثانياً: ودعته، وثالثاً: كنت تعلمين بأن في الوقت الذي سيقوم بهذه العملية، ورابعاً عندما استشهد يعني أقمت الزغاريد و الاحتفالات، يعني فسري لنا هذا الأمر يا سيدتي الفاضلة إذا سمحت.

أم نضال: السلام عليكم.

غسان بن جدو: وعليكم السلام.

أم نضال: أولاً: بداية أحيي ضيفك.. أحييك، وأحيي ضيفك الكريم الأخ خالد مشعل بارك الله فيه، وأشد.. وأشد على يديه و على يد كل مجاهد سواءً في الداخل أو في الخارج، بارك الله فيكم جميعاً.

يا سيدي، إن أغلى من أرواحنا هم أولادنا، ولكن نحن نتصور هم أغلى شيء في حياتنا، إن الله -سبحانه وتعالى- هو أغلى منهم، لماذا تغيب عنا هذه الحقيقة؟ ربنا سبحانه وتعالى هو أغلى من كل غالي سواء في الدنيا أو في الآخرة، فهو يعني إذا لم تكن حياتنا لله –عز وجل- فما قيمتها يا أخي؟ يعني إن هنا.. يعني ابني أغلى من نفسي، ولكني أقدم له الخير، وأنا أضحي به، علم أن الخير في.. كل الخير في هذه التضحية، قدمته وهو غالٍ علىَّ، ولكن لأجل الأغلى لأجل الهدف الأسمى، إن هناك أرضاً محتلة، هناك أعداء، هناك همجية.. للعالم الغربي، هناك الكفر يطغى اليوم على الإسلام ويريد أن يدمر الإسلام، ونحن ساكتون متخاذلون ماذا ننتظر يا أخي؟ ماذا ننتظر؟ ليس ابني أغلى من الإسلام، إني أقدمه هدية وقرباناً لله عز وجل ولدينه القويم ليحمي هذا الدين ولترتفع راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله" على ربوع فلسطين وكل ربوع العالم، وإذا لم نجاهد يا أخي فسيطغى الكفر على العالم، من لهذا الدين إذا أنا بخلت بابني وغيره بخلت بابنها وغيري، فمن يدافع عن هذا الدين؟ ومن يدافع عن هذا الوطن؟ ونحن ظلمنا ومورست علينا كل أنواع الظلم في هذا الوطن الغالي، فيكف نسكت ونتخاذل؟ هل نبيع أوطاننا كما باعوها الآخرون، لا والله، نحن لا.. لا نرضى بذلك…

غسان بن جدو: سيدة.. سيدة نضال، إذا كنت تسمعيني أرجوك، ست أم نضال، يعني أنا.. ست أم نضال إذا سمحت.

أم نضال: أنا لا أقول إني.. لا أقول لك إن ابني رخيص عليَّ.

غسان بن جدو: هل تسمعيني ست نضال.

أم نضال: إن ابني ليس رخيص علي، أخي.

غسان بن جدو: يعني كل هذا الكلام على الرأس والعين، أنا.. أنا سؤالي هو أنت كأم، يعني نحن نريد أن نفهم أنت كأم، كل أمهات العالم العربي والإسلامي يردن أن.. يفهمن كأمهات كيف أنت كأم تعلمين بكل ما حصل، وتودعين ابنك من أجل أن يقوم بهذه العملية، و أنت تعلمين بأنه سيموت أي سيتشهد، كأم حديثا أرجوك.

أم نضال: والله يا أخي يعني أنا لما ودعته وعارفة بالعملية وعارفة بكل شيء، يعني مش جهل مني هذا بحقيقة الحياة والموت، إحنا مش هدفنا إنه نعيش، إحنا هدفنا نرضي الله عز وجل، هي غايتنا الأولى والأخيرة في هذه الحياة، ودعته هو غالي علي كأشد ما يكون ما يتصوروش الناس إنه ابني كان رخيص علي لها الدرجة هذه، أنا بأبكي عليه ليل نهار ابني، لكن الحمد لله لا ندمانة ولا جزعانة، ولا.. الحمد لله يعني فاقدة أي نوع من الأمل إني يعني إنه يكون ابني مثلاً هلك أو مات أو إشي، لا أنا أتمنيت لابني الحياة الأفضل، إحنا اللي يقولوا الكلام هذا يعني يجهلون بالدين الإسلامي بحقيقة الإيمان، هذه حقيقة الإيمان يا أخي تدعونا إلى ذلك، هي دعونا إلى التضحية في سبيل الله، لأن هي الحياة والسعادة الحقيقية لنا في الدنيا والآخرة، والله ليست لنا حياة سعيدة بغير جهاد، الجهاد هو حياتنا، وإذا لم تكن هناك حياة جهادية في أنفسنا وفي أرواحنا فوالله لا نكون أحياءً، نحن أموات إذاً، نحن أموات بالدرجة الأولى، فأي حياة لنا ودين الله ينتهك وحرماتنا تنتهك ليل نهار، وأرضنا محتلة، والظلم يمارس علينا بكل أنواعه؟ هل هي هذه حياة؟ ليست هذه حياة.

أنا يعني دفعت ابني للتضحية في سبيل الله، وهو الثاني يعني كان مندفع بشكل جنوني للتضحية في سبيل الله، وكل أبناء فلسطين، والله لو ترى يا أخي أشبال فلسطين وشباب فلسطين يبكون تحرقا وشوقا للجهاد في سبيل الله وللعمليات الاستشهادية ليس يأساً من الحياة كما يقولون، ولكنهم ينتظرون حياةً أحسن من حياتهم، ويدفعون بحياتهم لأجل حياة الآخرين، فنحن في موت أبنائنا حياة للآخرين وحياة للإسلام وعزة للإسلام، نحن.. نحن لا نضحي..

غسان بن جدو: شكراً لك ست أم نضال، شكراً لك ست أم نضال، وأرجو أن نسمع تعليقاً من السيد خالد مشعل وأيضاً من السيد سري نسيبة في القدس، تفضل سيدي.

خالد مشعل: أولاً: أحيي الأخت الكريمة أم نضال وأمهات الشهداء جميعاً والاستشهاديين بشكل خاص، وخاصة اللواتي ودعن أولادهن، وعلمن عن ذلك قبيل استشهاد هؤلاء الأبطال، أم محمود العابد، وأم محمد حِلِّس وكثيرات هؤلاء الأخوات، اللي فعلاً بيقدموا نماذج، هن خنساوات هذا العصر، أعتقد إنه أم نضال نموذج حي تعكس الروح الفلسطينية، روح الإيمان روح الوطنية، روح الإنسانية، روح الفداء والتضحية، وشعب فيه أم نضال وأمثالها سوف ينتصر، كما أنها تعكس حقيقة الموقف السياسي، وأين ينحاز شعبنا وليس المواقف الأخرى المهزومة التي ربما نحدث عنها لاحقاً.

غسان بن جدو: طيب لنسمع رأي السيد سري نسيبة من.. من القدس، سيدي، بمعزل عن القضايا السياسية لهذا النقاش الذي سنتناوله بعد حين، بعد ما سمعت لهذا الكلام هل من تعليق وأنت في داخل الأراضي الفلسطينية هناك؟ تفضل سيدي.

سري نسيبة: يعني ما يتبادر إلى ذهني وأنا أستمع للأخت أم نضال هي الآية الكريمة بأن "الجنة تحت أقدام الأمهات"، فكل الاحترام لهذه الأم، ولكل أم فلسطينية ولكل مناضلة ومجاهدة فلسطينية على هذه الأرض، هذا أولاً، ولا أريد حقيقة أن أخلط بين كلامي السياسي وخطابي السياسي وتحليلي السياسي من جهة ومن جهة أخرى بين الاحترام الذي يكنه كل فلسطيني لكل مقاوم ولكل مجاهد ولكل من يعتقد فعلاً بأنه لا حياة تحت الاحتلال، لا حياة إلا بالاستقلال وبالكرامة.

غسان بن جدو: شكراً لك سيد سري نسيبة، أنا أرجو أن نفتح المجال الآن للسادة الجمهور، تفضل سيدي.

لقمان سليم: كما سمعنا.

غسان بن جدو: السيد لقمان سليم هو (محلل سياسي وكاتب في جريدة "النهار") تفضل سيدي.

لقمان سليم: ما سمعنا لقد رتب الأستاذ خالد مشعل الدوافع الذاتية للانتحاريين على ثلاثة أبواب الدافع الديني والدافع الوطني والدافع الإنساني، وأظن بصدق بأن هناك خلط بين هذه الدوافع الثلاث، أولاً: على مستوى الدافع الديني أود أن أسأل السيد مشعل: ما رأيكم بمن لا يشاطرونكم هذه المفردات والذي يعيشون حالة الصراع والعداوة مع إسرائيل خارج من مفردات من مثل الجهاد والاستشهاد، وأولوية تحرير الأقصى، إلى آخره؟ ثم هل يحق لفئة متدينة بدين معين ومؤمنة بعقيدة معينة أن تفرض رأيها على كامل الشعب الفلسطيني الذي نعرف جيداً أنه رغم تقليدية إسلامية لا يشارك بالضرورة، لا يشارككم بالضرورة الإسلام الحركي.

أما على المستوى الوطني وهنا المشكلة الأكبر، تتحدثون يا سيدي عن الاحتلال وعن إزالة الاحتلال، ولكنكم قلما تحددون أين يبدأ هذا الاحتلال وأين ينتهي، فمن هنا السؤال: ألا تصادرون ما تحقق للقضية الفلسطينية لا أقول منذ أوسلو، ولكن منذ بداية النضال الفلسطيني بأن تفرضوا عليه وجهة النظر الدينية هذه؟

الأمر الثالث لكي أحاول أن اختصر، هو ما أسميتموه الدافع الإنساني، وهنا في الحقيقة لا أفهم شيئاً، لا أفهم الدافع الإنساني، و لا أود أن أستشهد بما قاله الإسرائيليون يوم وجه بعضهم نصائح إلى من يرسلون الانتحاريين قائلين لهم: سددوا ضرباتكم في المرة المقبلة لأنكم في مقهى (مومنت) قتلتم من دعاة السلام، وفي مكان آخر قتلتم مواطنين كانوا يتظاهرون ضد سياسة شارون، ومن هنا أتساءل: أليس إجمال الإسرائيليين جميعاً واليهود جميعاً تحت خانة العدو الصهيوني هو قيد إضافي يضاف إلى معصم العقل العربي، لا سيما أن الخروج على إجماع الشهادة وأولوية الأقصى وإلى آخره وقد أصبح باباً من أبواب القمع الشبيه بشعارات سبق أن سمعناها وسبق أن أهينت بسببها شعوب هذه المنطقة من المحيط ولربما أبعد من الخليج.

غسان بن جدو: شكراً لك سيد سليم، أعتقد يعني هناك نقطة جوهرية، هل هناك من ملاحظة أخرى، تفضلي يا آنستي إذا سمحتِ.

كاتيا ناصر: كاتيا ناصر، أعمل في المجال الصحفي في شركة (…) للإنتاج الفني، أولاً تحية لكل الاستشهاديين في فلسطين، ولكل الشهداء الأحياء على أرض فلسطين، أنا أيضاً أريد الاستشهاد بشهادة لصحفية إسرائيلية، نحن الذين نؤيد العمليات الاستشهادية ربما تكون شهاداتنا مجروحة ولكن..

غسان بن جدو [مقاطعاً]: يعني أنتِ تؤيدين العمليات.. هذه العمليات.

كاتيا ناصر: نعم، أنا أؤيد العمليات من.. من مختلف يعني دوافعها، وبالحديث عن الذهنية للاستشهادي أنا أقول إنه فيه صحفية إسرائيلية قالت: أنه هذه اللغز يحل فقط إذا فهمنا إنه هؤلاء الاستشهاديين يذهبون أملاً في الحياة للأجيال التي تأتي من بعدهم، وليس حباً بالموت، وهذا يكفي، يعني تحل بالنسبة لإلهم لأن نصف المعادلة إذا فهموا هذا الأمر بالنسبة للاستشهادي.

ومن هؤلاء مثلاً كانت آيات الأخرس التي كانت متفوقة في دراستها وكانت مخطوبة واتفقت مع خطيبها على أسماء أطفالهما يعني، فهذا خير.. خير دليل على نفسية الاستشهادي وثاني شيء أود أن أطلب من زملائي الصحفيين الموجودين هنا والعاملين في كل وسائل الإعلام، كانت مكتوبة أو مرئية أو مسموعة إلى آخره، إذا كانوا لا يحترمون البعد الديني أو لا يفهمونه لهؤلاء الاستشهاديين، فأطلب منهم على الأقل احترموا البعد الوطني ويسموهم فدائيين وليس انتحاريين، شكراً.

غسان بن جدو: على كل حال، هذه آراء ليست مشكلة يا أختي العزيزة، تفضل أستاذ خالد مشعل، يعني هناك 3 نقاط أساسية طرحها الأستاذ لقمان سليم واحدة بواحدة، أولاً يعني هل يحق.. ما رأيكم في من لا يؤمن بمفرداتكم الدينية كالجهاد وكل هذه المسائل، ولماذا تريدون أنتم كفئة متدينة، ربما تريد أن تكون أقلية، أو شيء من هذا القبيل أن تفرضوا رأيكم على كل الشعب الفلسطيني.

خالد مشعل: أولاً عندما تحدث عن الدوافع، أنا ذكرت الأبعاد الثلاثة، وهذه تمتزج عند كل استشهادي بنسب متفاوتة، البعض.. البعد الديني بيكون طاغي عنده، البعد الآخر البعد الوطني، البعد الإنساني وهكذا، وبالتالي أنا لا أحرم أحداً من دوافعه الذاتية، نحن نحترم كل مجاهد، كل مقاتل، حتى ولو اختلفنا معه فكرياً، هذه واحدة.

المسألة الثانية شعبنا الفلسطيني شعب مسلم، في أغلبيته العظمى مسلم، وبالتالي نحن لا نستحي عندما نقول إنه الدافع الديني دافع مؤثر عند شعبنا بشكل عام في حياته اليومية وحياته الاجتماعية وحياته الثقافية، وبالتالي أيضاً في حياته النضالية، يعني لماذا يحرم الشعب الفلسطيني من هذا الحق، ليش إحنا كنا نحترم الشعوب الفيتناميين لما كانوا بيقاتلوا، أهل كوبا لما كانوا بيقاتلوا، ونحترم خصوصيتهم الثقافية ولا نحترم هنا الخصوصية لشعب مسلم شعب عربي ينتمي لثقافته العربية، وحتى المسيحي في فلسطين هو منتمي بالضرورة لحضارته العربية الإسلامية، ثم يا أخي…

غسان بن جدو [مقاطعاً]: بالمناسبة حتى المسيحيين يصفون أمواتهم بالشهداء بالمناسبة.

خالد مشعل: ثم أقول للأخ لقمان وأنا أحترم رأيه طبعاً حقه أن يتكلم بما يريد، وجيد أن يكون هناك آراء متعددة، أنا أقول هل يعلم إنه حتى غير.. اللي تدينهم خفيف عندما يقتربون من لحظة الموت.. الاستشهاد كانوا يقتربون أكثر إلى الله سبحانه وتعالى، اللي ما كان يصلي كان يذهب ويصلي، والدليل أنتم عندما ترون الذين يظهرون على شاشات التليفزيون، لم يعد الخطاب الإسلامي قصراً على حماس أو الجهاد، حتى ابن فتح يتكلم بخطاب إسلامي، حتى الذي يستشهد من أبناء الجبهة الشعبية عند لحظة الموت، لأنه يشعر أنه ذهب إلى الحياة الآخرة، إلى الله سبحانه وتعالى، فأصبحت الحقيقة ماثلة بين.. أمام ناظريه، ولذلك هذه مسألة، ثم ما قاله الأخ لقمان حول قصة الأغلبية ومش أغلبية، يعني من العجيب إنه نقول إنه حماس تفرض نفسها على الآخرين، وكأن حماس أقلية، أولاً نحن لا نفرض نفسنا على أحد، لكن حماس أو التيار الإسلامي في فلسطين، ليس تياراً أقلية، والتيار الذي يؤمن بالعمليات الاستشهادية وبالمقاومة ليس كذلك والدليل والإحصاءات اللي ذكرتها، وأنا عندي إحصاءات عديدة منها إحصاء (للجزيرة)، عملت استطلاع للرأي فكانت النسبة 90% من المستطلع رأيهم أن وقف العمليات الاستشهادية لن يؤدي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية، عفواً، "يديعوت أحرونوت" أيضاً استطلاع 78% يرون أن العمليات الاستشهادية تساعد الفلسطينيين، يعني هنا إحنا دائماً كنا نحارب بقصة الأقلية والأغلبية، أنا.. نحن في حركة حماس، وكل قوى المقاومة نحترم استطلاعاً دقيقاً وموضوعياً وحيادياً للرأي في الساحة الفلسطينية وفي الساحة العربية، لنعلم أين الأغلبية وأين الأقلية.


أسباب انتقاد العمليات الاستشهادية

غسان بن جدو: طيب دعني من أوجه هذه النقطة إلى السيد سري نسيبة، سيدي الفاضل أنتم وجهتم نداءً.. النداء الـ 55 وقلتم الآن يبدو أن التحق بكم مئات آخرون وقلتم في هذا البيان انتقدتم العمليات الفدائية وأيضاً طالبتم من يقفون وراء هذه العمليات الفدائية بالتوقف عن هذه المسألة وعدم توريط الشعب الفلسطيني، بعد كل ما سمعت، تفضل سيدي وأرجو أن توضح لنا رأيكم بشكل دقيق.

سري نسيبة: شكراً أخ غسان، سوف أحاول ذلك، أولاً أعتقد أن هنالك كان.. كان هنالك نوع من.. قد يكون الخلط في الكلام الذي سمعت بين ساحة وإطار تتضمن الكلام عن الدوافع الذاتية للذين يقومون بهذه الأعمال من جهة ومن جهة أخرى الإطار الآخر والذي نحن نخاطبه وهو الموضوع الذي يتعلق بالفائدة أو المنفعة السياسية، أنا لا أريد حقيقة أن أخوض في المواضيع التي تتعلق بالدوافع الذاتية لشخص.. شخص من الأشخاص الذين يقومون بهذه الأعمال، وإنما نريد أن نخاطب تحديداً الإطار الذي يتعلق بالمنفعة السياسية لماذا، لأننا نعتقد أن كل عمل.. كل عمل يتعلق في المقاومة كل عمل في المقاومة يجب أن يخضع لمقاييس وأحكام، وهذه المقاييس والأحكام يجب أن تكون عائدة على ما إذا كان هذا العمل ينتج فائدة أم أن يحقق ضرراً، أريد أن أقول أخي غسان أيضاً أنه هنالك أيضاً حاجة لأن نتفق جميعاً وأعتقد أننا جميعاً متفقون، على أننا كلنا بطبيعة الحال مع المقاومة ومع مقاومة الاحتلال بشكل محدد، وأن لا حياة تحت الاحتلال، وأن الشعب الفلسطيني في غالبيته لديه درجة عالية واستعدادية عالية للتضحية بالذات من اجل نيل الحرية والاستقلال واسترداد كرامته، وهذا متفق عليه، أما الآن فمن المقاومة هنالك أنواع، فهنالك المقاومة المسلحة، وهنالك المقاومة غير المسلحة، وهي أيضاً مقاومة مشروعة، وقد تكون مقاومة شعبية جماهيرية، وقد خاضها الشعب الفلسطيني عبر سنوات طويلة من الاحتلال، وثم من المقاومة المسلحة هنالك المقاومة المسلحة العادية والتي قد يكون فيها هجوم ودفاع، وقد يكون هنالك الاستشهاد، وهذا نوع والاستشهاد منه دفاعي كالأبطال الذين استشهدوا دفاعاً عن أرضهم ووطنهم، في مخيم جنين على سبيل المثال وهذا استشهاد دفاعي أو كالمستشهد.. الاستشهادي الذي أو المستشهد فارس عودة.. البطل فارس عودة الذي سقط ضحية جنود الاحتلال، هذا من جهة.

وهنالك الاستشهادي الهجومي، وثم في الاستشهادي الهجومي أعتقد يمكن أيضاً التمييز بين ذلك الاستشهادي الهجومي الذي يستهدف أهدافاً عسكرية وذلك الذي يستهدف أهدافاً مدنية، ونحن هنا تحديداً في خطابنا وجهنا أنفسنا إلى هذا النوع من الاستشهاد، هذا النوع من العمليات المسلحة التفجيرية، وقلنا الآتي.. وقد خاطبنا وأريد أن أشدد على أننا لم نستنكر ولم ندن ولم نلجأ إلى خطاب عاطفي، وإنما توجهنا بشكل أخوي لكي نخلق هذا الحوار.. لكي يكون هنالك فعلاً تقييم يشارك فيه جميع المفكرين والمعنيين وكما حددتم أنتم أخ غسان في بداية حلقتكم فالكثير.. الجميع معنيون في هذا الموضوع من أجل دراسة النفع.. المنفعة والمضرة من هذا العمل ضد المدنيين داخل إسرائيل، ونحن نعتقد أنه من الناحية السياسية..

غسان بن جدو: ربما أستاذ سري نسيبة، سيدي سنغوص أكثر، إذا سمحت، ربما سنغوص أكثر في بعض تفاصيل ندائكم ووجهة نظركم.

[فاصل إعلاني]

غسان بن جدو: أعود إلى السيد سري نسيبة في القدس، مع أن في الجمهور هناك من يريد أن يتدخل، ويعلق على كلام السيد سري نسيبة، لعلك سيد نسيبة اطلعت بلا شك على ما قاله رئيس الأركان الإسرائيلي (شاؤول موفاز) أخيراً أمام (واشنطن انستيتيوت) في الولايات المتحدة الأميركية عندما كشف بأن القوات الإسرائيلية، وإسرائيل بشكل عام وهي كانت في..، هي لم تكن في عهد شارون، كانت تخطط منذ العام 98 لاجتياحات كبرى إلى الضفة وقطاع غزة، والحقيقة أن عملية السلام وقتذاك يعني كانت يعني تدور بشكل طبيعي، هل تعتقد بأن الإسرائيليين وجدوا في العمليات الفدائية حججاً وذرائع من أجل تنفيذ جرائمهم كما ربما أشرتم إلى هذا الأمر في ندائكم.

سري نسيبة: يعني نعم أنا أعتقد، لا أريد أن أستعمل كلمة استعمال هذه العمليات كمبرر، ولكن أقول قد يمكن استعمال المصطلح الغطاء، الذي تستطيع إسرائيل واستطاعت إسرائيل أن تتستر به، وتحتمي به في أثناء تنفيذها لخطتها الهجومية، وأنا أعتبر أننا نحن الشعب الفلسطيني اليوم نتعرض حقيقة لحرب هجومية.. لحرب عدوانية، لديها أهداف سياسية، هي قد لا تريد هذا يعني، قد لا تحتاج إلى مبرر، ولكنه ستار تتستر به وتحمي نفسها به من أي تنديد أو أي اعتراض قد يطرح عليها من قبل المجتمع الدولي، وبالتأكيد هو أيضاً غطاء تتستر به وتحتمي به من أجل تجنيد كافة أبناء الشعب الإسرائيلي من وراء هذه السياسة العدوانية، أنا أقول أننا يجب دائماً عندما ننظر إلى أي عمل مسلح أن نقيم هذا المسلح.. العمل المسلح قياساً بالمنفعة التي يمكن أن تحققه، ولأننا نحن نريد أن نحقق منفعة واضحة بالنسبة لنا، وهذه المنفعة هي الدفاع عن الأرض.. إنهاء الاحتلال.. التمكن من إقامة مشروعنا الوطني، وبالتأكيد ليس من أهدافنا أن تحطم السلطة الوطنية، أن تحطم البنية التحتية، وأن نكون نعيش في هذه الأوضاع التي نعيشها اليوم، ونحن نصور في العالم أجمع وكأننا نحن الإرهابيون، بينما نحن الضحية، نحن ضحية الإرهاب، ولذلك أنا أعتقد أننا علينا أن نحكم العقل في الوسائل لكي تكون كل وسيلة نستعملها هي وسيلة مفيدة وملائمة لكل غرض نريد أن نحققه.

غسان بن جدو: أرجو -سيد سري نسيبة- أن تسمع رأياً هنا بين الجمهور، تفضلي.

سها ياسين: بسم الله الرحمن الرحيم، سهى ياسين، ليسانس حقوق، ناشطة في مجال العمل الدعوي والاجتماعي في مخيم برج البراجنة، سيدي أنا أم لثلاثة أطفال من إناث وذكور، أنمي حب الاستشهاد في قلوب أطفالي، الكبير فيهم عمره 10 سنوات، والصغيرة فتاة عمرها 3 سنوات اصطحبهم في جميع المسيرات والاعتصامات التي نقوم بها ليعيشوا قضيتهم الوطنية والدينية، أفرض عليهم في بعض الأحيان حضور الأخبار وبعض المشاهد.. مشاهد المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني، ليشاهدوا ما يفعله هذا العدو الغاصب بأهلنا في فلسطين، لكي يكون الرد على قدر هذا الاغتصاب الذي يستعملونه ضدنا، بالنسبة.. بالنسبة..

غسان بن جدو: لأ، هأقول له، هل هناك يعني تعليق على كلام السيد سري نسيبة إذا سمحتي سيدتي.

سها ياسين: لا أنا أود أن أعلق بالنسبة لمن يتهم بعض إخواني الاستشهاديين أو الاستشهاديات بأنهم فاشلين أو يائسين من الحياة، أقول نموذج آيات الأخرس حين قامت بعمليتها الاستشهادية، كانت.. كانت على أهبة الاستعداد للقيام بعمليتها الاستشهادية ولكنها رأت امرأة عربية تقف على باب المتجر، فما كان منها إلا أن أوقفت عمليتها وأخذت هذه الامرأة العربية إلى مكان آمن، هذا يفسره علماء النفس قمة الوعي والإدراك الحسي لدى الاستشهادي، أما المنتحر أخي فإنه إنسان فاشل يائس يجر وراءه أكبر عدد ممن يحبهم، لأنه يعتبر.. يعتبر بذلك أنه ينقذهم من هذه الحياة اليائسة.

غسان بن جدو: نعم شكراً تفضلي، تفضل، كلمة لأحدكم إذا سمحتم.

محمد الأسعد: محمد الأسعد، مهندس وأعمل في مجال حقوق الإنسان، أود بداية أن أسأل هل العمليات الاستشهادية التي تقوم بها الحركات الإسلامية والوطنية في فلسطين، هل هي السبب الوحيد أو الدافع الوحيد أو هل هناك أي بدائل أمام هذه الحركات في فلسطين، أنا أقول أن الشعب الفلسطيني كله أمام حصار عالمي تقوم به إسرائيل وكل الدول العالمية تقوم بمساعدة إسرائيل على هذه العمليات ضد الشعب الأعزل، ونحن نقول أن هناك شعب أعزل، فما هي الدوافع أو ما هي الإمكانيات أمام هذا الشعب لكي يدافع عن نفسه، السبب الثاني أن العمليات الاستشهادية لم تقوم بها الحركات الوطنية والإسلامية في فلسطين بداية، أي أنها لم تكن الخيار الوحيد، بل قامت بعمليات تفجير وبعمليات وضع عبوات ناسفة وبعمليات أخرى…

غسان بن جدو [مقاطعاً]: من فضلكم حتى لا نعود إلى الماضي، حتى نكون مواكبين لهذا الأمر، نحن الآن في.. في وقت نتحدث فيه، هل أن هذه العمليات الفدائية لها جدوى سياسية أم لا، من فضلكم إذا كان هناك من يعلق حول هذه القضية بالتحديد فقط من دون العودة إلى القضايا، اتفضل أستاذ سليم، من فضلك إذا سمحت.

علي ضو: السلام عليكم، علي ضو، مهتم بالقضايا الفلسطينية، أولاً أنا أقول أن العدو الإسرائيلي هو عدو غاضب، وليس بحاجة إلى مبرر لكي يرتكب جرائمه، فلا نأخذ العمليات الاستشهادية مبرراً لارتكاب العدو الإسرائيلي لجرائمه.

غسان بن جدو: نعم.

علي ضو: ما كان.. هل كان للعدو الإسرائيلية مبرراً لارتكاب جرائمه في صبرا وشاتيلا أو دير ياسين أو في قانا في لبنان؟ لا، العدو الإسرائيلي هو عدو غاصب تعود على الإجرام، تعود على القتل، ليس لديه أي.. لا يريد أي مبرر لكي يقوم بجرائمه، والذي أريد أن أوضحه أن الشعب الفلسطيني شعب قد سلبت أرضه وانتهكت مقدساته.

غسان بن جدو: لا نقاش في هذا أرجوك، معلهش.

علي ضو: فمن حقه أن يستعمل أي وسيلة أنا أود أن أرد على الذين يقولون أن هذه العمليات تضر بالشعب الفلسطيني، هل هناك أكثر من محو مخيم بأكمله كمخيم جنين؟ ليست هناك أكثر من هذا الشيء، فإذن من حق الشعب الفلسطيني وحق أي شعب مقهور أن يستعمل أي وسيلة يمكن لهذه الوسيلة أن تحقق له النصر وأن تحقق له التحرير وأن تحقق له الكرامة والعزة، شكراً.


موقف معارضي العمليات الاستشهادية بعد خطاب بوش

غسان بن جدو: شكراً.. شكراً جزيلاً لك، نعود إلى السيد سري نسيبة إلى آخر نقطة إذا سمحت سيد سري، لعلك سمعت إلى خطاب بوش، هي ترى من أفق سياسي بعد خطاب بوش؟

سري نسيبة: أريد إذا سمحت لي يا أخ غسان أن أعود إلى بعض النقاط التي استمعت لها من ضيوفك الكرام، وتحديداً أريد أن أقول للمتحدث الكريم الأخير الذي طرح قضية الحق، أريد أن أقول بطبيعة الحال قد يكون لديه الحق لا لدي الحق لأن استعمل وسائل مختلفة، وليس هذا هو موضع السؤال أنا باعتقادي، بل موضوع السؤال أنه أن اختار من بين تلك الوسائل التي قد يكون لي الحق أن أستعملها أن أختار تلك الوسيلة المناسبة وأريد أن أقول أيضاً بالنسبة للأخت سها أيضاً أعتقد ياسمين، أنا أعتقد التغذية الوطنية في أبنائنا هي قضية أساسية، وأعتقد أنها قضية مستحسنة، بل وهي قضية واجبة، على الآباء أن يغذوا أبناءهم بهذه التغذية الوطنية الشريفة، وذلك لكي لا ينسوا أن لهم حقاً اغتصب وأن لديهم هدفاً وطنياً يجب أن يسعوا إلى تحقيقه، ولكن إلى جانب التغذية الروحية والتي هي ضرورية هنالك أيضاً الحاجة إلى التغذية العقلية، أي أن نحكم العقل أيضاً في كل ما نحن نباشر في استعماله.

أما بالنسبة لسؤالك أخ غسان بالنسبة لخطاب بوش، يعني أنا أعتقد أن الوضع السياسي بالتأكيد وضع صعب جداً، نحن قد تعرضنا كما قلت سابقاً لحرب عدوانية، أنا شخصياً قراءتي لها أنها حرب استهدفت تحطيم ما يمكن تحطيمه من إنجازات السلطة الوطنية خلال السبع أعوام الأخيرة، وهذه كانت إنجازات أنا باعتقادي كإنسان عاش الاحتلال منذ البدء، أنا باعتقادي كانت إنجازات ممتازة وجيدة من خلال وضع أساس وترسيه قواعد لبناء أمل كنا نسعى إلى تحقيقه وهو الحرية في دولتنا المستقلة، فقد استهدفت هذه الحرب العدوانية التي شنها شارون عليها، والتي استعمل غطاءً وتستراً بعض الأفعال التي قد نقوم بها هذه الحرب العدوانية أو صلتنا إلى وضع سيئ جداً، وقد أتانا بوش في خطابه و الذي بشكل واضح يقول فيه أن الولايات المتحدة لن تكون هنالك من قبلها ضغطاً أو عاملاً ضاغطاً من أجل إنهاء الاحتلال كما كنا أو كان يتوقع الجميع أو يتأهل الجميع أن يحصل.

غسان بن جدو: سيد.. سيد نسيبة، عفواً سيد نسيبة وقت.. سيد نسيبة أرجوك وقت الأقمار الصناعية ضاغط علينا، أرجوك باختصار وبكلمة واحدة، اليوم سمعنا في واشنطن أن هناك من يدفع بشدة بالتوجيه بأن السيد سري نسيبه قد يكون خلفيه مرجحاً للسيد ياسر عرفات في وقت من الأوقات، هل أنت ترى نفسك معنياً بهذا الأمر من فضلك؟

سري نسيبة: أنا سيدي الكريم أولاً إنسان تربوي، وثانياً أنا إنسان أؤمن في قيادة الأخ ياسر عرفات، الذي باعتقادي واعتقاد غالبية الشعب الفلسطيني هو الرمز الفلسطيني المناضل والمكافح الذي لن تقوم الدولة إلا به ومعه إن شاء الله.


الجدوى السياسية للعمليات الاستشهادية

غسان بن جدو: شكراً لك سيد سري نسيبة، شكراً لك على مشاركتك.

أعود إليك سيد خالد مشعل، استمعت إلى كل هذا الكلام، ولكن هناك عدة نقاط لعلك سجلتها، باختصار شديد، هل أن الاستمرار في هذه العمليات الفدائية هو سلاح أصبح لا يزال ذا جدوى أم لا؟ معاك كل هذه النقاط تفضل.. تفضل، المجال مفتوح أمامك الآن، نعم.

خالد مشعل: لكن.. اسمح لي يا أخي غسان، بارك الله فيك. أنا طبعاً احترمت رغبتكم في أن يكون هناك وصوت آخر من الداخل يعبر عن رأيهم وإن كان معزولاً.

غسان بن جدو: نعم.

خالد مشعل: ولكن لم أشأ أن أرد عليهم.

غسان بن جدو: هناك رأي موجود في الساحة الفلسطينية.

خالد مشعل: لا.. لا..لأ حقيقي مفهوم.. مفهوم يا أخي غسان، ولكن ينبغي هنا أن.. أن نقول شيئاً، هناك بعض الشخصيات، ولعل المتحدث من القدس واحد منهم يبدو أن رسالتهم تحطيم القيم والأهداف الفلسطينية، ولا أقول هذا جزافاً، بدأوا بقصة حق العودة، فشككوا فيه وهاجموه، وأرادوا أن يعفوا العدو الصهيوني من مسؤولية حق العودة، ثم لجأوا إلى قضية القدس، وهو الذي معني بملف القدس، ومع ذلك يدافع عن حق الصهاينة في البلدة القديمة في الأماكن المقدسة، ثم جاء الملف الثالث وهو الانتفاضة، أصبحوا يسيؤون إلى الانتفاضة أنها أصبحت عبء على الشعب الفلسطيني.

واليوم يتحدثون عن العمليات الاستشهادية ليحطموا هذه القيمة العظيمة، أي كأنما يجلدون الشهداء، ويسيؤون إلى دم الشهداء والاستشهاديين، وإلى أباء وأمهات من قدموا أبناءهم فداءً لفلسطين في وسبيل، الحقيقة هذا.. هذه المجموعة من الناس.. نعم هناك صوت في الشارع الفلسطيني ولكنه صوت معزول، وأعتقد ما نسمعه من الأمهات ومن استطلاعات الرأي يعكس أن يقف الشعب الفلسطيني اليوم.

غسان بن جدو: لكن حتى السلطة الفلسطينية تقريباً تذهب إلى هذا الاتجاه لترفض هذه العمليات.

خالد مشعل: لتذهب.. ومع ذلك أنا قلت استطلاعات الرأي أخي غسان غالبيتها.. الشعب الفلسطيني غالبيته مع العمليات الاستشهادية، حتى في استطلاعات الرأي التي قامت بها مؤسسات محسوبة على السلطة كالنموذج الذي ذكرته، فإذن هنا ينبغي.. نعم هناك أقلية ضد العمليات الاستشهادية، لكن الأكثرية بعكس ذلك.

غسان بن جدو: طيب بمعزل عن منطق الأقلية والأكثرية لنرد سياسياً على ما هو..

غسان بن جدو: هل هناك من جدوى الآن سياسية.

خالد مشعل: طبعاً.

غسان بن جدو: وفي الاستمرار في هذه العملية، خاصة والمجتمع الدولي كله ضدكم؟

خالد مشعل: نعم.. شوف.. شوف يا أخي الكريم، أولاً حتى.. يعني قصة إنه المجتمع الدولي والرأي الدولي سأبدأ بها، يعني أولاً هناك أصوت تخرج بين الحين والآخر تتفهم دوافع الشعب الفلسطيني للعمليات الاستشهادية، حتى الصهاينة وأنفسهم (أمنون شحاك) نفسه رئيس الأركان السابق يقول.. يتحدث هنا في كلام حديث له، يقول إنه.. يفسر لماذا ينتحر الفلسطينيون بتعبيره؟ ويقول إنه "إذلال الاحتلال لهم يومياً هو الذي يخلق هذه الحالة" و هو يستغرب إنه.. طبعاً يسيء للعرب، يقول.. يستغرب إنه العرب ينتحرون، لأنه هو بيقول حسب تجربته في حرب الجيوش مع العرب أن العربي يخلع حذاءه ويهرب، إذن جاء الاستشهاديون ليعيدوا الاعتبار للأمة التي فشلت في المواجهات الرسمية، فجاء المجاهدون والاستشهاديون ليعطوها الاعتبار.

آخرهم (لويس فرقان) صحيح أنه مسلم، ولكنه أيضاً قادم من أميركا، هذا عندما سُئل في هذا الموضوع يقول "أولى من إدانة الاستشهاديين أن ندين الظروف التي قادتهم إلى هذا الفعل وهي ظروف الاحتلال وما يعانون". الآن دعني أتحدث عن الجدوى السياسية للعمليات الاستشهادية.

غسان بن جدو: الجدوى السياسية.

خالد مشعل: أول قضية أخي المقاومة فلسفتها تكبيد العدو خسائر لا يحتملها، تراكم الخسائر للاحتلال بحيث تصبح أعلى من أن يحتمل مما يجبر على.. على الانسحاب، هذه فلسفة المقاومة. الذين يريدون إسقاط العمليات الاستشهادية من المقاومة يريدون أن نناضل ونقاتل الاحتلال قتالاً يستوعبه.. يحتمله.

البعض طبعاً الذي يتكلم بحسن نوايا عن هذه القضية يتصور أن العمليات الاستشهادية تشكل نسبة محدودة من المقاومة.. أنا أقول العمليات الاستشهادية في فلسطين ليست كسلاح الكاتيوشا الذي كانت معادلته عن حزب الله.

غسان بن جدو: نعم.

خالد مشعل: ربما الكاتيوشا كان يمثل 20% من خيارات المقاومة لحزب الله، ولكن العمليات الاستشهادية تمثل نسبة كبيرة تزيد عن 60، 70%، وبالتالي الذين يريدون حرمان المقاومة الفلسطينية من العمليات الاستشهادية كأنما يريدون أن يمنعوها من أن تنجز أهدافها في دحر الاحتلال، هذه مسألة مهمة جداً. معظم التأثيرات التي نرصدها اليوم.. معظم التأثيرات التي نرصدها اليوم على المجتمع الصهيوني، البطالة التي زادت إلى 14%، الذين يفكرون بالهجرة 40% استطلاع رأي يفكر بالهجرة، تأثير على الاقتصاد، شركة المواصلات اللي مش لاقية حراس يحموا الباصات والأماكن العامة، رغم إنه دفعت لهم زيادة لأنه يخافون من الموت، هذا الاضطراب في المجتمع الإسرائيلي..

غسان بن جدو: لكن إصرار القيادة الإسرائيلية على مزيد البطش بكم لا تزال مستمرة، لا تزال قائمة.

خالد مشعل: طبعاً لأنه يدافع عن جداره الأخير طبعاً هذا احتلال، يريد أن يظفر بالأرض وبالأمن وبكل شيء، ولكن المجتمع الصهيوني الذي وصل إلى حافة الانهيار، ولهذا السبب تدخل بوش لإنقاذه وللضغط على العرب كي يمنعوا العلميات الاستشهادية.

عفواً أخي غسان، النقطة الأساسية هنا إنه هذه التأثيرات المهمة على المجتمع الإسرائيلية ليس سببها فقط رمي الحجارة والعمليات التقليدية العمليات الاستشهادية بتأثيرها على الأمن، على الاقتصاد، على المعنويات، على تفاصيل الحياة، أهمية العمليات الاستشهادية أنها تصيب كل نواحي المجتمع الإسرائيلي، وليس فقط تصيب.. العمليات العسكرية التقليدية تصيب الجيش، إنما العمليات الاستشهادية تدخل في خلايا ونسيج المجتمع الإسرائيلية، كل إسرائيلي يصبح مضطرب، وبالمناسبة هذه الحالة هي التي دفعت الصهاينة للانسحاب من جنوب لبنان، إذن هذه نقطة مهمة ينبغي أن نستحضرها في الحديث عن جدوى العمليات الاستشهادية. النقطة..

غسان بن جدو: طيب دعني أسمع رأي من المجتمع الدولي، معنا صحيفة ألمانية مونيكا إذا سمحت.

مونيكا: […………………………………]

غسان بن جدو: مع الشكر مونيكا، مونيكا ماذا عفواً؟

مونيكا: مونيكا باكمان.

غسان بن جدو: أهلاً.. ومرحباً بك سيدتي، يعني تقول السيدة مونيكا بأنه هي ضد العمليات.. العمليات الفدائية لاعتبارات إنسانية، وحتى سياسية، لا تعتقد بأنها ذات جدوى، الوضع أصبح أكثر خطورة، وهي تقول بأنها طبعاً هي ضد كل ما حصل في جنين وغير جنين من اجتياحات إسرائيلية وبطش إسرائيل بلا شك، ولكن على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني أن يقوما بجهد، هي مع دولتين فلسطينية وإسرائيلية، وكل طرف يعيش.. مع أن يعني على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي أن يعيشا بدون حقد، هذه.. هذه رأي أوروبا والمجتمع الدولي.

أما سؤالي الأخير لأن الوقت داهمنا، وأعلم أن لديك كلام، بعد بوش.. بوش.

خالد مشعل: لكن قبل بوش إذا سمحت لي يا أخ غسان تعليقاً على كلام الأخت الكريمة، وأيضاً لتوضيح حقيقة مهمة، العمليات الاستشهادية واحدة من تأثيرها البالغ على العدو إنه ليس لها مضاد، العدو لا يجد مضاد للعمليات الاستشهادية بينما يجد مضاد لبقية أشكال المقاومة. الآن الحديث عن المجتمع الدولي وإنه.. طيب السلطة الفلسطينية منذ عشر سنوات وهي تقريباً سلمت بكافة شروط المجتمع الدولي، هل المجتمع الدولي حقق الحرية للشعب الفلسطيني؟ هل أنصفه؟ هل أزاح عنه الاحتلال؟ هل عطاه دوله؟ الوفود العربية التي ذهبت إلى أميركا وتكلمت بلغة دبلوماسية بعيده عن العنف والدموية والعمليات الاستشهادية هل أثرت في خطاب بوش؟ هل انتزعت من بوش اعترافاً بدولة فلسطينية حقيقية؟ وبأمر للاحتلال أن يرحل عن أرضنا؟

أخي غسان، العمليات الاستشهادية نحن دُفعنا إليها دفعاً للشعب الفلسطيني، المعركة غير متكافئة، لو كان عند الشعب الفلسطيني سلاح موازي للسلاح الصهيوني أو قريب منه لقاتل بالطرق التقليدية، ولكننا ندافع عن أنفسنا ثم هدفنا دحر الاحتلال، لو المجتمع الدولي انصفنا، ودحر عنا الاحتلال لما احتجنا إلى هذه العمليات الاستشهادية.

غسان بن جدو: سؤال.. نعم.

خالد مشعل: إذن هذه مسألة ينبغي أن تكون واضحة في كل خطاب، العالم، ولا يطالب من الشعب الفلسطيني أن يتوقف عن المقاومة والعمليات الاستشهادية بينما هو لا يزال يرزح تحت الاحتلال.

غسان بن جدو: سيد خالد مشعل شكراً لك. شكراً جزيلاً لك على هذه المشاركة، ولكن سؤال معانا الأخوان ويعني رشقوا طبلة أذني هنا، باختصار شديد هل ستشاركون كحركة حماس في الانتخابات المقبلة؟ الانتخابات التشريعية في فلسطين؟ باختصار شديد لو سمحت.

خالد مشعل: هذا موضوع لا يزال تحت الدراسة، ونحن في حركة حماس وفق مصلحة الشعب الفلسطيني سنتحرك، وخياراتنا بأيدينا، ولكن العبرة لدينا بتغيير النهج السياسي في الساحة الفلسطينية، نحو ندعو.. وبهذه المناسبة كل فصائل المقاومة الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية خاصة بعد أن سدت أبواب واشنطن أمام المراهنين عليها أن يعودوا لرسم برنامج سياسي يقوم على المقاومة، وعلى التمسك بالحقوق الفلسطينية، وعلى توحيد الجهد الفلسطيني والوحدة الوطنية الفلسطينية على هذا الطريق، في ضوء هذا الشعب الفلسطيني ممكن يقود حياته اليومية، ويصوغ ديمقراطي الداخلية، وبالتالي هو قادر على إنجاز أهدافه بإذن الله تعالى.

غسان بن جدو: أستاذ خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) شكراً جزيلاً لك.

خالد مشعل: شكراً.

غسان بن جدو: أيضاً أود أن أشكر الأستاذ سري نسيبة من القدس، والسيدة أم نضال فرحات من.. من غزة، شكراً لكم سادتي الجمهور، شكراً لكل من شارك في اعدد هذه الحلقة في مكان ما لبنان، وربما لاحظتم كل هذه الأجواء غير الطبيعية، شكراً للمخرج حمد البخيت في الدوحة والمنسق العام محمد الصوفي، و شكراً لكل فريق قناة (الجزيرة) هنا في بيروت، شكراً لكم مشاهدينا المحترمين على حسن المتابعة، وإلى لقاء وحوار مفتوح آخر بإذن الله. مع تقديري لكم غسان بن جدو، في أمان الله.